رواية أباطرة العشق للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثالث عشر
يجلس مجدى امام شاشة حاسوبه الخاص يتابع شغله بعنايه، محاولا الانشغال عنها والسيطره على قلبه المنجذب لها دوما وهى كالجبال لا تلين ولا تميل حسب ما يهوى هواه، رفع حاجبه بتوعد وهو يقفل شاشة _اللاب توب _ قائلا لنفسه
- اي الخمول دا ! الواحد يروح يشوفله خناقه ولا حاجه ..
ثم اقترب من غرفة صفوة ليطرق الباب بجمود لاكثر من مرة فى كل واحده كانت تتجاهله الا ان ارتفع صوت عناده المزعج على الباب، رفعت رأسها من قلب الاوراق المبعثرة امامها قائله بصوت عالٍ اخترق الباب
- افنندددممم ..
اعتدل مجدى ليرتب ملابسه قائلا بمزاج
- دا انا ...
رفعت حاجبها متأففه
- منا عارفه انه انت .. عاوز ايه ..
- عاوز اكل ..
نهضت صفوه من فوق مكتبها بعصبيه، ثم اقتربت من الباب لتفتحه فجأه قائله
- وسبق وقولت انى مش قافله على الاكل والله ..
اتسعت حدقه عيون مجدى وهو يبتلع ريقه عدة مرات وهو يتفتنها بإعجاب ليري شعرها المنسدل الذي تحرر من _ضفيرته_ للتو تبدو كحُريات الجنة امامه ليفيق على صوتها القوة وهى تلملم شعرها بتلقائيه
- انت بتجر شكل والسلام !
شرد مجدى مردد بهيام
- اي العسل ده ؟!
عقدت صفوة ذراعيها امام صدرها قائله بحدة
- نعممممممم !
فاق مجدى من شروده سريعا ليقول بصوت عال
- يووووه قصدى اي اللي بيحصل ده !
عقدت حاجبيها مستنكرة
- لا والنبي !
- احم .. طب والله عسل ..
شرعت ان تغلق الباب فجاة ولكنه افشل مخططها سريعا باقتحامه لاعتاب غرفتها قائلا بنبره اشبه بالجديه
- ماهو دا مش اسلوب ياهانم ... انا مش متجوزك عشان تقفلى اوضتك وانا اقعد بره زى قرد قطع لوحدى وكل واحد مننا في وادى واسمنا في بيت واحد، ماهو مش جواز دا .. !
رمقته بنظرات ساخرة لتقول بهدوء
- امال اي الجواز اللي حضرتك مستنيه !
التفت اليها متبسمًا ليقول بشرود
- فين الافعال اللي يرفضها العرف والمجتمع !
شهقت بصوت عال ثم لحق مجدي نفسه مرددا بسرعه
- اكل يتحرق ودخان طالع من المطبخ وابقي ضحية ست سجلها المطبخى كله هباب في هباب .. فين الاكشن دا ؟!
اقترب صفوه من المكتب الموجود اقصي جانب الغرفه وهى تشير على بعض المواد الكيميائيه الموجوده فوقه
- انا مفهمش اي حاجه غير في دول،، فأحسنلك بلاش معايا السكه دى مش هتاكل معايا خاف على عمرك انت ..
- ياباشا احنا ناكل الزلط طالما من ايدك ..
تعمدت صفوة ان تتجاهل حديثه لتكمل دراستها ببروده، ظل مجدى يرمقها بنفاذ صبر ليقول لنفسه
- صبرنى يارب عليها عشان مقتلهاش ..
اقترب مجدى من خزانه الملابس ليفتحها فوجد بها كثيرا من الملابس الحريمى الخاصه بالعرسان ظل يتفقدهم بعنايه قائلا
- والله ياما الواحد ما عارف يودى جمايلك فين، بس هو الجميل يحن بس ..
اغلق مجدى باب الخزانه بعنف محاولا اثارة غضبها ولكنها كانت تبدو كجبل من الجليد لا يُذيبها اشعة غضبه، فطرق فوق سطح المكتب قائلا بهدوء
- تحبى اساعدك في حاجه !
رفعت طرف عينيها بشموخ وهى تشير بكفها
- اتفضل اطلع بره ..
ثارت جيوش غضب مجدى قائلا بانفعال
- ايييييه ياما التناكه اللى انت فيها دى،، دانا لولا انى متربي وابن ناس كان زمانك في مكان تانى دلوقتى فووووقي وبصي لنفسك في المرايا الاول ..
اغنضت عينيها بجمود ثم فتحتهم ببطء قائله
- مكان تانى ! فين بقي ؟!
اتسعت ابتسامة مجدى قائلا بتلقائيه
- في حضنى ...
وثب قائمه كالطوفان في وجهه قائله بصراخ
- انت قليل ادب ومتربتش .. واتفضل اطلع برره ..
اقترب منها مجدى بخطوات سلحفيه مما جعلها تراقب ملامحه الجديه بعيون متأرجحه وهى تتراجع للخلف واضعه اناملها فوق شفتيها بتلقائيه معاتبه، زاد مجدى في اقترابه نحوها حتى جلست فوق مقعدها بتوتر وخوف واضح .. انحنى بنصفه العلوى ليضعها بين حصار ذراعيه ويدير مقعدها نحوه قائلا
- ولاد عم علي عينى وعلى راسي، متجوزانى غصب عنك وقولت ماشي نصيبنا كده وهفضل طول الوقت حاميكى حتى من نفسي وهعديها، انما انك تتمردى وتتفرعنى وتنسي انى جوزك حتى ولو علي ورق واحترامى واجب عليك .. دا اللي مش هسمح بيه يابت عمى .. تمام يادكتورة .
تبادلوا النظرات لبرهه من الوقت حتى تنهدت صفوة تنهيده ارتياح بمجرد سماعها صوت جرس الباب وابتعاد مجدى ببطء عنها وهو يرسل لها اخر نظرات التحدى .
مستنده براسها فوق صدر حبيبها الاول الاخير تحتضن ذراعه الذي يحتويها بطيف الحب والامان لتقول بهدوء
- محمد ..
لازال محمد مغمض كلتا عينيه كانه غائصا في نهر الحب لايريد ان يُعكر بالحديث، فاكتفتى بأصدار صوت خافت
- ممممممممممم ..
- انت ساكت ليه ؟!
ابتسم محمد علي سذاجه سؤالها فاكتفي باحتضانها اكثر ليقول
- بروى روحى منك ..
بسطت يسر ذراعها الصغير فوق خصره لتقول
- ازاي يعنى !
اكمل محمد حديثه بهدوء
- لما افتح عينيا بشوف الوان كتير حوليا ممكن تشغلنى عن احساسي بحُبك اللى ساكنى دلوق، اما لما بغمضهم مش بشوف غير سواد وعتمه بتنوريهم عشان انت النور الوحيد في حياتى اللي مش عاوز اشوف ولا احس غيره .
طبعت قُبله خفيفة فوق جسده قائله
- وانت اجمل حاجه حصلتلى في حياتى كلها يا محمد .. اقولك انت اصلا حياتى كلها ..
اكتفى محمد بالاعتدال لينام علي جانبه الاخر ويدفثها داخل احضانه بعد ما طبع قُبلة الحب على ثغرها، صمت تام لاكثر من دقيقه قطعته يسر بسؤالها الساذج
- محمد .. هو انت ممكن تقول لامى على اللي حصل ؟!
نظر لها محمد بعين واحده والاخري لازلت منغلقه محتفظه ببقايا الاحساس بالحب الذي بعثره سؤالها قائلا
- نعم ياختى !
ارتبكت في احضانه قائله بخوف
- يا محمد بلاش الاسلوب دا .. اوعدنى بس انك مش هتقولها حاجه عشان خاطري ..
اعتدل محمد ليستند علي كوعه قائلا باستنكار
- حاجه زي ايه مش فاهم قصدك !
- اووف يوووه يامحمد .. قصدى ماتقولهاش علي اللى حصل مابينا وكده يعنى ..
غمز لها بطرف عينه قائلا بخبث
- وهو ايه اللي حصل ما بينا ؟!
لاحت بكفها بنفاذ صبر
- يووه يامحمد .. انت بتستهبل !
رجع خصيله من شعرها خلف اذانها قائلا بخبث
- لا فهمينى عشان اوعدك اذا كنت هقول ولا لا ..
رفعت صوتها بخجل مردفه
- محمممممممد ..
رد سريعا
- قلب محمد من جوه ..
ابتسمت ابتسامه طفوليه
- مش هتقول لماما على اللي حصل ..
عقد محمد حاجبيه مستنكرا
- وهو اي اللي حصل !
عضت علي شفتها السفليه بتلقائيه ولطخت وجنتيها بالحمره نتيجه اسهم نظراته التى لا تصوب الا نحو قلبها .. ليقول ممازحا وهو يدنو منها اكثر
- طب بصي احنا نكرر اللي حصل بينا من الاول خالص، ولما اوصل للحصل اللي مش عاوزانى اقوله لمراة عمى تقوليلى هو دا .. بيس ياوومن !
اطلقت ضحكه مرتفعه على اسلوبه معها حتى اوشك ان تمتزج انفاسهما سويا ولكن صوت طرق على الباب ارتفع اكثر فأكثر .. نهض محمد متأفف ليقول باغتياظ
- الجوازه دى منظورة وانا عارف مين بصلى فيها وهطلع عينه ..
يسر بخوف: استنى يامحمد لتكون امى ..
محمد معاندا: طب يارب تكون هى عشان ناوي اجلطها قريب ...
اتجه سليم نحو سيارته مسرعا يأكل خطاوى الارض غضبا .. ففتح بابها وصعد بداخلها ليبدأ في التحرك، رجع بظهر سيارته للخلف قليلا مما اصدرت صوت مزعجا ثم تقدم بسرعه فائقه للامام وهو يضرب مقود السيارة بقوة متجهًا نحو مشفى العتامنه ...
جالسه ثريا التى لم تنم منذ ليلة امس بسبب قلقها وذعرها خشية على بناتها التى تتوهم انها القت بهم في فم الاسد مجتمعه بهم جميعا في غرفتها لتقول بحده
- كل واحده فيكم تقول حصل ايه بالظبط معاها ...
اندفعت صفوة قائله بفخر
- انا عن نفسي بنفذ كل كلمه قولتيها بالظبط وزمان سي مجدى دلوقتي بيصوت زي النسوان فوق .
التفتوا إليها جميعا بذهول لتردف يسر قائله
- يخربيتك ! هببتي اى في الواد ..
صفوة بفرحه عارمه
- هو اللي هبب في نفسه .. مش انا ..
ثريا بفخر: جدعه يابت ..
ثم التفت نحو باقى بناتها قائله بجمود
- وانتوا ياهوانم !
شعرت يسر بالارتباك والقلق محاوله السيطرة علي جيوش الذعر التى انقضت عليها .. اما عن نورا اردفت
- عماد بيحب مراته ياما .. اتاكدى انى زي ما دخلت زي ما هطلع ..
ثريا بفرحه
- اصلا جوزك كلمنى وقالى عاوز يردك وانا وافقت ..
انتفضت نورا من مجلسها بقلق
- اييييييه ! مستحيل ارجعله اصلا .. اي الجنان دا ..
- اكتمى يابت .. خُلص الحديت في الموضوع دا ..
ثم التفت نحو ماجده قائله
- وانتِ يااخرة صبري .. نيلتى ايه !
انعقدت ملامح ماجده قائله
- وانا هعمل ايه يعنى وهو طول الليل راقد في السرير .. والنبي ياما سبينى في حالى ..
زفرت ثريا بنفاذ صبر ثم وجهت نظرها نحو يسر التى تجمدت من الخوف قائله
- هاا واخرة العنقود اللي مطلعه حسي !
انتفضت من مرقدها كالملدوغه لتقول بنبره مرتجفه
- انا ! كل اللي قولتى عليه يااما اتنفذ بالحرف .. مأنت عارفه مستحيل اعصي كلامك ابدا .. ولا ايه ...
نظرت لها ثريا بعدم تصديق ثم نهضت لتطوف حولهم بشموخ وهي مُرتديه جلبابها الاسود الفضفاض ويسبح في بحر عينيها حيتان من الشر وكإنها تنتوي لاغراق مدينه باكملها فاردفت يسر بقلق
- خبر ايه اومال ياما، ماالك مجمعنا كده ليه ؟
حدقت النظر في بناتها الاربعه الجالسين في اماكن مُختلفه من الغرفة ثم اردفت بتوعد
-عاوزاكم تسمعوني زين .. ورب العزه لو واحده ماسمعت الكلام لادفنها بالحيا .
قطعتها صفوة بفضول
- هو انا عاوزه اعرف ايه سبب الكراهيه بينك وبين عفاف مراة عمى !
"هجاوبكم بس مش عاوزه مقاطعه فاهمينى "
قالت ثريا جملتها وهي تقترب من النافذه التى يتسلل منها نسمات الهواء البارده الممزوجه برائحه الخُضره وتنظر لهما بكلتا عينيتها الواستعتين قائله
-" طول العمر وانا وعفاف مراة عمكم صحاب وولاد عم ولقمتنا واحده وسرنا واحد .. كانت عتحب منصور اخوي قوي من صُغرها وعتحاول تقرب منه بكل الطرق بس هو كان قلبه مع غيرها .. بقيت تخترع اي حوار عشان تكلمه .. وفي يوم لقيتها واقفه معاه بتحدتوه بصوت واطى مكنتش سامعه اي حاجه بس كنت شايفه ملامح وش اخوي اللي عتتحول ولون وشه اللي عيحمر وعيونه اللي الشرار عيطق منها .. عقلي فضل يودي ويجيب ياتري اي اللي عتقولهوله البت دي ! بعدها بدقايق اتفاجئ باخوي داخل عليّ الاوضه وجايبنى من شعري لحد ما مسح بيّ بلاط الدار كله وانا اصرخ ومش فاهمه حاجه .. اتاريها راحت قالتله علي سري اللى مافيش واحده غيرها تعرفه وانى عحب واحد وريداه وانه لازم يتصرفوا لانهم كانوا فُقرا قوي وقتها وازاي بيت الهواري يتجوزوا من ناس مش لاقيه تاكل ..
كلامها كان صح بس كشفت سري وكانت سبب في بعدي عن الشخص اللي عحبه وكانت فاكرة بكده انها هتكبر في نظر اخوي يقوم يتجوزها .. ووقتها كان جدك راجح عاوزنا لعياله الاتنين جيه طلبنا من اخوه (راضي) ووافقوا واخوي هددنى وقتها لو رفضت هيقتلنى ويقتل معاي الواد اللي عحبه واضطريت اوافق اتجوز ابوكم بالغصب .. وعشت طول عمري مدفونه بالحييا .. لاعرفت احب ابوكم ولا انسي التانى "
ابتلعت غصه احزانها وهي تعقد ساعديها امام صدرها بنتهديه قويه
صفوة بفضول: كملى .. سكتتى ليه .
ماجده مقاطعه: استنى بس .. قصدك ان عمتى عفاف كشفت سرك كحجه عشان تكلم خالى منصور !
اومت ثريا ايجابا ساخره
- وبعدها كانت عاوزه تقوله انها عتحبه واكده .. بالمختصر عشان لسه الحكايه طويله قوى .. عفاف سبب كل المصايب اللي في حياتى وعشان اكده طقطقولى ودانكم.
ماجده مُقاطعه بعدم تصديق بلهجة صعيديه: بس عمتى عفاف مستحيل تعمل اكده ياما لا انا مش مصدقه .
انهالت عليها فجاة بغل وهي تضربها بقوة بعشوائيه
"انت كمان هتكدبينى يابت انت ياقليله الربايه "
نجحت صفوة في ابعاد امها عن اختها بصعوبه بالغه
_اهدي يااما خلاص .. قوليلنا ناويه علي اي واحنا هنسمع كلامك للاخر
ابتعدت عن ماجده بعدما رمقتها بنظره سخط
"فتحولي ودانكم .."
اتسعت حدقه اعينهم جميعا في ذهول .. اقترب ماجدة منها
- قصدك اي ياما !
صمتت لدقيقه ثم اردفت قائله
- كل واحده منكم عريسها مستنيها وشاري، وانا محدش رجعنى هنا غير الورث وحقنا اللي لازم ناخدوه من حبابي عنين التخين، سمعت ان راجح هيوزع تركته قريب، ويدي كل واحد حقه .. والمطلوب منكم تبصموا عيال عفاف علي بياض، عشان يبقي كده تنازل رسمى منهم عن كل ممتلكاتهم، واول ما تنجح خطتنا المشتري جاهز وهناخدوا فلوسنا ونهربوا ونسيبهم للمشتري يولعوا في بعض ... فهمتوا ...
افواه مفتوحه محاوله استيعاب القذائف الناريه الخارجه من فم امهم، يتبادلون الانظار فيما بينهم بذهول وعدم تصديق حتى اكملت ثريا كلماتها بحده .
- والبت اللي متسمعش كلامى انا مش عاوزه اعرفها تانى ... دا حقنا وحق ابوكم اللي صرف علي الاراضي دى دم قلبه لازم نرجعه ..
انحنت ثريا لتناول المصحف الموضوع فوق الطاوله وتقترب من بناتها
- كل واحده تقسملى علي المصحف دا انها هتنفذ ومش هتعصانى وألا هتصرف معاكم تصرف مش هيعجبكم ...
وصل سليم لمبنى المشفى ثم دلف من سيارته سريعا دافعا بابها بقوة قوته مقتحم مبنى المستشفى من بابها الرئيسي .. لمحه احد رجال ادهم فسرعان مالتفت احدهم ليجري هاتفا تليفونيا يخبره بوجود سليم الهواري ..
وصل سليم امام باب الاسانسير ليضغط عليه عدة مرات متتاليه دون جدوى .. فاستدار بجسده ليصعد درجات السلم مشمرا طرف جلبابه الفضفاض حتى وصل الي مكتبها ففتح الباب بقوة ولكنه اصيب بخيبة امل جديده عندما لم يجدها .. زفر بضيق فظل يجوب طوابق المشفي كالتائه الذي يبحث عن طريق الهدايه متوعدا لها في سره ,,
وبعد مرور بعض الوقت وجدها خارجه من غرفة العمليات مرتديه زيها الرسمى وتزيل الكمامه من فوق انفها متنهده وسرعان ما التفت قلبها نحوه بعيون متسعه قائله بصوت هامس
- سليم !
قبض سليم علي ذراعها ودفعها في الغرفه التى توجد خلفها ولحسن حظهم كانت فارغه تماما .. انخلع قلبها من مكانه محاولة استجماع قوتها قائله
- انت ايه اللي جايبك هنا يا عريس !
قفل سليم باب الغرفه عليهما ثم استدار نحوها قائلا
- جايلك ...
رفعت حاجبها ساخره رافعه اسلحة الكبرياء
- والله ! انت لحقت تزهق من العروسه كده بسرعه ! ياحرام ؟
اغمض عينيه لبرهه قائلا
- وجد ... اتعدلى .
ارتفعت نبره صوتها مزمجره بحده وهى تلوح له بكفها
- انت جاي لحد مكان شغلى وقافل علينا باب واحد وتقولى اتعدلى ! انت قاصد تجننى !
انقض عليها بكل قوته ممسكا بخصرها ليرتطم ظهرها بالحائط رافعا كفها لاعلي وهو يتأمل ارجحة عيونها التى لا تنادى الا عليه .. وحركه انفاسها المتصاعده التى ترج عظام صدرها مما اوشكت علي الارتطام باسواره .. حرك سليم ساقه اليمنى قليلا ليضعها فوق مشط قدمها ليشل حركتها ويضمن عدم فرارها من تحت حصاره قائلا بحب:
- وحشتينى ...
تحطمت كل جيوش قوتها امام كلمته ففرت من عينها دمعه خدشت وجنتيها سرعان ما تلقاها سليم بابهامه قائلا بابتسامه واسعه
- ما هو انت لو تبطلى عناد العتامنه ده هتبقي حلوة والله ..
بللت حلقها الجاف من حرارة نظراته وهى تشعر بالهزل والضعف امامه قائله بصوت مهزوز
- سليم روح امشي ..
دنى راسه منها قليلا ليصدر صوتا نافيا
- تؤؤ .. اما اخلص حقى منك ..
دارت براسها بعيدا كى تهرب من حصاره ولكن دون جدوى افسد مخططها عندما سند ذراعه علي الحائط ليسد طريقها قائلا بنبره قويه
- بقي وجد سالم البت اللي متربيه علي القيم والاخلاق تصنع بودره ! هو دا اليمين اللي انت اقسمتيه يا وجد !
لوهله شعرت بيد تسلل داخل قلبها لتعتصره الامًا محاوله استيعاب كلماته
- ايييييييييييييه ! انت بتقول ايه !
ازاح خصيله من شعرها قائلا
- اي كلامى وجعك عشان صح .. معلش هى الحقيقه دايما بتوجع الكدب طعمه احلى !
دفعته بكل قوتها بعيدا عنها لتقول بصوت مرتفع
- اطلع بره ياسليييم .
اجابها بحده
- مش طالع غير لما تقوليلي عملتى كده ليييييييييييييييييييه !
- انت جري لعقلك حاجه ! اي الهبل دا .
- هبل ! واللي انت بتعمليه عادي كل يوم بتموتى آلاف من الزفت دا وانت كده مبسوطه ياوجد !
ذرفت دمعه من عينيها لاتهاماته السخيفه ثم رفعت راسها بشموخ متذكره تهديد ادهم الاخير لها لتقول بتحد
- اااه ياسليم بصنع بودره وانا السبب في غنى العتامنه المفاجئ دا .. واقولك كمان مافيش شحنه طلعت من قنا الا من تحت يدي .. مش بيقولوا الفلوس هى اللي بترفع وتعلى من قيمة الواحد .. اهو كبرنا بالفلوس الحرام .. عاوز ايه تانى .. اتصدمت ! كرهتني ! طب حلو عشان تعرف تنام في حضن مراتك وانت ضميرك مستريح ان وجد ماتستاهلش حبك ... خلصت كلامى يلا اطلع بره ...
اقترب منها سليم واثقا وبثغر متبسم ليقف بالقرب منها مردفا
- وشك حمر .. ورجلك مابطلتش حركه من واول ما بداتى تتكلمى .. وايدك مابطلتش لعب في شعرك .. ونبره صوتك مهزوزه .. وعيونك بتتمرج كانها في سيرك .. مش دى لو صنفناها حسب لغه الجسد تبقي من علامات الكذب يادكتوره !
بللت حلقها بتوتر لتقول بارتباك محاوله تصنع القوه
- وانك جيت وسألت ده لو صنفناه حسب علم النفس يبقي انت مصدق ياهندسة ..
ازاح خصيله من شعرها خلف اذانها قائلا
- والله لو بقيتى زعيمة عصابه ما هحب غيرك بردو ..
ثم مسك كفها وانحنى قليلا ليقبله كأنه يدرك جيدا فن التعامل مع المرأه راقصا علي اوتار قلبها فالكف حينما يقبل يُنحنى اليه لا يعلو للثغره .. اتنفض قلبها حبا قائله:
- انسانى ياسليم !
تبسم بثقه قائلا بخبث
- كأنك بتقولى روح موت ياسليم !
وضعت اناملها فوق ثغره متلهفه
- اتلم .. لو قولت كده تانى هقتلك .
ضحك بصوت عال ناظرا لذراعه
- مش كفايه اللي عمله ادهم الكلب امبارح !
شمرت كمه بلهفه قائله
- ورينى طيب اطمن علي حرجك
وضع كفه فوق ظهرها وهو يدنو منها قائلا بحب
- هو كان واجعني بس لما شافك راق وبقي حلو قوي قوي .
نسيت كل همومه للحظه رافعه ابتسامه خافته ثم شهقت بصوت عال
- سليم روح امشي يالهوووووي انت في المستشفي وزمان رجاله ادهم شافوك تحت .
نظر لها بعيون ضيقه قائلا
- طيب قبل ما امشي مافيش حاجه كده ولا كده !
رفعت حاجبها متبسمه كأنها فهمت مغزي كلماته
- زي اي بقي !
نظر في ساعته الفضيه بيده قائلا
- ليكِ 38 ساعه بالظبط مدخلتيش حضن سليم ودا ف حد ذاته واجع قلبه قوى لحد ما خلاه يسيب عروسته الحلوه ويجيلك علي ملا وشه اكده .. يرضيكي اروح مكسور الخاطر .
احمرت عينيها غضبا لتقول
- كسر رقبتك ياسليم من جدورها ويلا كدا اطلع يابابا روحلها ومتورنيش وشك تانى .
قهقهه بصوت مرتفع وهو يحضنها عنوه عنها قائلا بهدوء وهو يتنهد بين ذراعيها
- فعلا مش هوريكى وشي غير لما اجيبلك راس ادهم بدل ماهو واقف لنا زي اللقمه في الزور اكده .
دفعته لبعيد وهى تقول بغضب
- تقتل ولد عمى وعاوزنى اعيش معاك !
- ما طول ماولد المحروق ده عايش مش هعرف اعيش انا معاكِ ..
- لو قربت منه مش هيحصل خير ! انا بقولك اهو
ثم قال سليم متحديا
- وانا بقولهالك اهو حقى منه هاخده ياوجد وحتى حبي ليك ما هيوقفنى .. يلا سلام
زفرت بضيق مردفه بعناد
- كل حاجه عندك بالدراع والبلطجه يلا مش عاوزه اشوفك تانى اصلا ..
تجاهل كلماتها ثم غادر متبسما وهو يردد
- ما هو بردو ما كانش ينفع احب واحده برج الجوزاء !
" انا مستحيل اعمل كده "
اردفت يسر جملتها بخوف وقلق عندما اقتربت منها امها حامله بين ذراعيها المصحف كى تقسم عليه .. فاحمرت عيون امها غضبا قائله
- وتسيبى تعب وشقي ابوكي لولاد عادل ! عاوزه تفرطى في حقنا ليييه عشان الحب ! حبيبك مستنيكى في مصر يايسر اطلعى بقي من جو البلد والفقر دا وعيشي عيشه عليوى تليق بيك يابتى .
انتفضت ماجده من مكانها قائله
- انتوا عاجبكم الكلام دا ! عاوزين تنصبوا علي ولاد عمكم وزواجكم !
صفوه بشموخ
- انا مع امى جدا .. كل الخير دا من حق ابويا لان القسمه مش هتكون عادله اصلا .. واحنا اي ذنبنا ناخد التلت بس من ثروة جدك بحكم ان ابونا في حكم الميت ! وبالاضافه انهم هيشاركونا فيه كمان يعنى احنا اللي هنطلع ايد ورا ومش هنلاقي ناكل .. وكمان اللي عملته مراة عمك مش سهل قوى واحنا لازم نرجع حقنا وحق امنا ..
اكملت ثريا مسرحيتها بمكر
- شايفين الكلام ! وانت ياست ماجده راضيه بالذل دا وسليم مش بيحبك ياهبله .. كوشي وخدى حقك واقهريه .. هيجيلك راكع عشان يرجع فلوسه وابقي قولى امى قالت ..
اقتربت منها ماجده بتردد
- يعني انا لو عملت كده سليم هيرجعلى !
ثريا بخبث: طبعا ويتمنالك الرضا ترضى .. العبي عليه بالبيضه والحجر زي بت العتامنه .
تناولت ماجده المصحف من والدتها لتقسم عليه قائلا
- وكتاب الله ياما هنفذ كل حرف قولتيه . بس سليم يرجعلى
اعتلى ثغر امها ابتسامه خبيثه ثم التفت نحو نورا ويسر قائله
_ وانتوا ياخرة صبري ..
انتفضت نورا من مجلسها لتقول بصوت باكى
- انا مش عاوزه اي حاجه .. بعد اذنكم ..
نهرتها امها بعنف
- خدى هنا يابت غايره فين ..
انفجرت نورا باكيه
- سبينى في حالى ياما الله يرضي عنك انا مش عاوزه حاجه ,,
ركضت نورا سريعا خارج الغرفه بعيونها الدامعه التى افتقدتها الرؤيه امامها مما جعلها ترتطم بمحمد امام الغرفه قائله بسرعه
- اسفه يامحمد ..
ثم انصرفت من امامه سريعا هاربه من شر امها نحو جنتها الممتلئه بطيف ريحته الذي يكفيها لتكمل الباقي من عمرها متغذيه عليه .. عقد محمد حاجبيه باستغراب قائلا
- مالها دى !
التفت ثريا نحو ابنتها يسر لتقول
- وانت ياغندووره !
التفتوا جميعا نحوه صوت محمد الواقف امام باب الغرفه قائلا
- العندوره هتروح معايا حالا عشان جوزها محتاجلها جدا ..
طوق النجاه بالنسبة ليسر خيم عليها لتتنهد اخيرا بارتياح وهى ترسل له ابتسامه فرحه ,, اردفت ثريا بكره
- عاوز اي من بتى ياولد عفاف ..
اتسعت ابتسامه محمد واثقا
- مرتى يا حماتى .. اما انت عليك اسئله غريبه قوى .!
رمقت ثريا ابنتها بعيون صقريه حاده مما جعلها تنتفض من مكانها .. فاقتحم محمد الغرفه ليقف امامها ويحاوطها بذراعه قائلا
- مالك ياسو في حد زعلك .. قوليلي بس مين هو وانا مستعد اوديه ورا الشمس حتى ولو كانت امك نفسها .
ضغطت يسر علي كفه راجيه ان يلتزم صمته فاردف محمد سريعا بمزاح
- سوري ياحماتى يعنى .. بس اصل يسر غاليه عندى قوى ولما حد يزعلها بنسي ان ارتبيت اصلا ..
نيران اشتعلت في جوف ثريا وهي تري انهيار خطتها امام عينيها .. انحنى محمد قليلا ليحمل زوجته بين ذراعيه قاصدا اثارة غضب ثريا وهو يقول
- هستئذنك بقي ياحماتى .. عريس بقي وكده وهيموت علي مراته وبصراحه يعني مش وقتك خالص .. فوتك بعافيه يامراة عمي ..
حاولت يسر ان تكتم ضحكها هى ومحمد قدر المستطاع الا انهم وصلا الي مقدمه سلم الطابق فانفجرا ضاكحين علي نظرات امها ووقوفها عاجزه امامه وهى تتوعد لابنتها ..
ندبت ثريا حظها حسرة وندما وهى تقول
- البت دي هتنيل الدنيا .. اااااه يااانى علي بختك المنيل ياااااثريا وعلى بناتك اللي ناويين يكسروا ضهركك ..
علي الطريق يقود سليم سيارته سريعا ففوجئي بسياره اخري تعيق خطاه .. حاول تفادى السياره الاخري قدرة المستطاع علي الطريق الزراعى فزاد من سرعة السياره وعلي المقابل زادت السياره الاخري من سرعتها حتى وقفت امام سيارة سيلم مما جعله يفرمل فجاه مدلفا من سيارته بغضب وعلي المقابل دلف ادهم من سيارته قائلا
- هو انا يابنى مش معلم عليك امبارح عشان ترتاح في بيتكم وتكِن بدل ما انت داير اكده علي بنات الناس !
ابتسم سليم ساخرا
- ماهو لامؤاخذه مش رصاصه من عيل بيلعب بالسلاح هترقد سليم الهواري ياعتمانى ..
استند ادهم علي مؤخره سيارته عاقدا ذراعيه
- عاوز ايه يا سليم .
صف سليم امامه مستندا هو الاخر علي سيارته
- اللي بيعوز هو اللي سايب وانا مش سايب حاجه عند حد .. شوف انت عاد عتشمشم وراي ليه ! معقول لحد دلوق مش قادر تنساها !
احمر وجه ادهم غضبا لانه فهم مغزى حديث سليم فاردف قائلا
- ليه وهو كل اللي عيحبوا عيموتوا كده زيك !
اومئ سليم راسه ايجابا مردفا
- اللي عيحب عيموت في حبيبه .. لكن عمر الحب ما بيطلع الشيطان اللعين اللي جوانا !
- ااااه وشيطانك انت كان فين بقي ! كان بيلف علي البت الوحيده اللي حبيتها ؟
ابتسم سليم ساخرا
- ورحمة ابوك ماتوهم نفسك وتربي عداوة من مافيش .. عشان ولد الهواري محبش غير واحده بس وهى بت عمك اللي كلها كام يوم ومش هتنام غير في حضنى .. انما مخدتش بنات من حد البت صحبتك بتاعت الجامعه هي اللي زهقت منك طيب اتعلم كيف تتعامل مع الجنس اللطيف الاول وبعدين ابقي تعالى ارمى بلاك ..
ضغط ادهم علي كفه بغضب واسهم الشر تنبعث من عينيه ليهجم علي ياقة سليم بقوة قائلا
- بتحلمممممممم !
ضحك سليم بصوت عال
- وانت كمان بتحلم لو مفكر تاخدها منى وفاكر بكده انك بتنتقم .. حماااار
رفع ادهم قبضة يده ليهجم علي سليم بلكمه قويه ولكن اوقفه صوت رنين هاتفه .. فابتعد عن سليم متأففا ليخرج هاتفه .. رتب سليم ملابسه وهو يقول بثقه
- ابقي قابلنى في مزاد بكرة ياادهم باشا ..
تنهد ادهم بضجر وهو يرد علي هاتفه فاتحا الميكرفون
- الوووووووو
اتكأت وجد فوق مقعدها وهى ممسكه بالهاتف الارضي لتقول بتأفف
- ايوه ياادهم ... انا موافقه علي طلبك بتاع الصبح ..
تبدل الحال من الجليد للبركان .. تجمدت مشاعر ادهم فرحا وثارت جيوش سليم غضبا لجملتها الاخيره .. فتبادلوا الانظار فيما بينهم وكل منهما يرفع اسلحة حربه ...