رواية أباطرة العشق الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الرابع عشر
قال أحدهم في وصف أمه: كانت ترتب كل شيءٍ للمستقبل، تفكر دائمًا في القادم، وأكاد أجزم أنها لو عرفت بموعد موتها، ستجهز المنزل للعزاء قبل أن تذهب.
ربنا يحفظ امهاتنا جميعا...
عانقته بخفه قاصده ان تملا عيونه بابتسامتها الجميله
- طول ماانا شيفاك قدامى لازم احلو ..
لم يجيبها تلك المره بالكلام بل لجا الى الفعل فهو خير ردا لاطفاء براكين شوقه .. طبع بعض قبلاته على معالم وجهها ليزهرها حبا .. كانت تذوب بقربه شيئا فشئيا وتقربه منها اكثر الا ان صدر صوت رنين هاتفه .. فابتعد عنها سليم قائلا
- وبعدين ! دول مستقصدينى والله !
ضحكت بصوت عال قائله: طيب شوف مين وهو انا هطير يعني .
نهض سليم ليخرج هاتفه من ملابسه قائلا
- المشكله مش فيكى خالص .. المشكله فى الخبر اللي جاي مع المكالمه .. استر يارب .
خرج سليم هاتفه ثم سقط كارت ياسر ارضا مما ثار فضول سليم ان ينحنى ويقرأه بتمعن مردفا
- ياسر فؤاد فتح الله !
شرد سليم طويلا فى الاسم يتذكر اين سمعه من قبل .. عاود ليقرأه مره اخرى حتى توقف صوت رنين الهاتف مما اثار فضول وجد التى اعتدلت من جلستها وتحركت ببطء لتقف امامه قائله باستغراب
- سليم .. فى حاجه ياحبيبي ..!
فاق سليم من شروده ليرتسم ابتسامه هادئه: لا ياحبيبي مافيش بس ...
نظرت لهاتفه الذي رن مره اخري قائله
- ده النقيب حمزه .. شوفه عاوز ايه ..
وضع سليم الكاجت الشتوى والكارت فوق التسريحه ثم رد على اتصال حمزه قائلا
- اجدع ظابط فى الداخليه والله .. حقيقي مش عارف اودى جمايلك فين .
دنت وجد سليم لتداعب شفتيه باناملها فرمقها بنظره تحذيريه مردفا
- هااا .. لا ياباشا معاك خير .. سامعك
ابتسمت له وجد ونظرت له بعيون ضيقه فاقترب منه لتطبع عدة قبلات متتاليه على صدره العارى وهى تكتم صوت ضحكها اثر نظرات سليم لها معاودا الرد عليه قائلا
- مش فاهم ! قصدك ايه ياحمزه !
النقيب حمزه: اى اللي مش فاهمه ! انت مش معايا ولا ايه ..
لم تكف وجد عن تصرفاتها الجنونيه وهى تداعب صدره باناملها برفق مما اثار جنونه فرد قائلا
- حمزه بص الصبح هكلمك اخلع دلوقت !
- طيب ياسليم .. بس ضروري هااا !
القى سليم الهاتف من يده وهو يقترب منها بعدما ركضت امامه كطفله متدلله .. فاردف قائلا
- بتجرى ليييه .. دانت مخلتنيش افهم الراجل بيقول ايه ..
وقفت فوق الكرسي قائله بمزاح
- فاكر رخامه الغدا عند عفاف كنت بردها بس عشان تعرف انى مابسبش حقى !
دنى منها سليم وهو ينظر لها لاعلى بعيون ضيقه كانه يتنوى لها على فعل شيء
- مممممم بقي كده ! طيب هتنزلى ولا اتصرف انا ..
ضحكت بصوت طفولى واضعه ذراعيها على خصرها بتحد
- لا الوقفه عجبانى هنا ..
عض سليم على شفته السفليه بتوعد .. فسرعان ما انقض على ركبتيها وثناهما فاختل توازنها لتسقط بين ذراعيه صارخه بصوت عال .. حملها وعلى ثغره ابتسامه انتصار واسعه ليدور بجسده ويضعها فوق الاريكه الكبيره ويجلس بجوارها منحنى بجزئه العلوى فوقها قائلا
- مش هنبطل حركات العيال دى !
تعمدت ان تتدلل امامه قائله بصوت هادى
- وانا عملت حاجه يعنى ياسلومى ..
رفع حاجبه باستغراب: اي سلومى دى ! مش عجبانى غيريها ..
وضعت سبابتها فوق ثغرها متظاهره بالتفكير
- ممممم اقولك ايه طيب ..
انحنى سليم ليضع قبله خفيفه على اناملها واخرى على انفها وظفر كلتا عينياها بشهد شفتيه .. حتى وجنتيها انشق منهما ورد اثر قبلاته العطره عليه .. ابتعد عنها قليلا
- هاا نغير سلومى دى .. مفهوم !
زمت شفتيها لتصدر صوتا نافيا متدللا
- تؤؤؤ .. انا اقول اللي انا عاوزاه على فكره ..
رفع حاجبه مستنكرا: ياقلبك الجامد ! انت بتقولى كده وانت تحت رحمتى ..
وضعت ساق فوق الاخرى وهى تأخذ شهيقا عميقا مردفه بتحد
- ولا هتقدر تعمل ايه حاجه ..
التفت لينظر الي قدمها التى اصبحت قرب وجهه ملطخه بالون الوردى فلم يمنع نفسه من طبع قبله شوق جعلتها تنفجر ضاحكه فسرعان ما بعدتها عنها قائله
- ياعم انت بغير الله !
غمز لها بطرف عينيه قبل ما ينقض على همس شفتيها الاتى لم يكفيا عن الضحك
- بتغيرى ؟!
شرع سليم فى تقبيلها باشهى انواع العشق .. فطوقت عنقه بحب ذائبه فى سحر قربه .. غارقا هو فى بحر عشقها .. ابتعد عنها قليلا وهو يرجع خصيلات شعرها خلف اذنها فابتسمت له ضاحكه ناظره له بعيون لامعه بشغف الحب .. عاد سليم ليواصل عمله ويوزع همسات حبه فوق اراضيها وكل ما بها يخدر وينتشي لحبه .. حتى تسلل ذراعه لساقيها والاخر وضع فى منتصف ظهرها ليحملها بين يده وهو يتروى بكل ما بها ويمتلىء منها حتى فاض شوقه ووجدانه ..
ثريا بذهول اثر جملة ابنتها المفاجئه وهى تشيعها بنظرات ناريه .. فدلفت ماجده خطوتين مكرره جملتها
- اااه يامحمد انا اللي اجهضت يسر .. وده عشان سبت نفسي لشيطانى وغيرت منها .. كلكم مبسوطين الا انا .. كتير بحلم يكونلى طفل من سليم بس ربنا مش كاتبلى .. معرفتش ارضا معرفتش اشوف حد فرحان بالفرحه اللي نفسى فيها وبتمناها ..
ثم ذرفت دمعه من طرف عينيها: انا اسفه يامحمد .. انا انسانه انانيه مابتحبش غير نفسها موتت ابن اختها بايدها .. انا اللي زيي ماينفعش يكون اخت ولا خاله ولا يعيش اصلا .. اانا مستعده لاي عقاب يامحمد حتى ولو هتطردنى من البيت .. انا حبيت اريح ضميري قدام ربنا يمكن حاجه تغفر لى ..
نظر محمد لعماد بصدمه بلغت ذروتها .. تراجعت ثريا خطوتين للخلف محاوله استيعاب اكذوبة ابنتها .. دنت نورا من ماجده تنهرها بقوة
- انت عملت كده فعلا ! قتلتى ابن اختك ؟!
انفجرت ماجده فى البكاء خافضه انظارها بعيدا عن نظراتهم التى لا تحمل الا لهيب
- انا قولت اللي عندي .. بعد اذنكم ..
نادى عليها محمد بصوت قوى ارتعدت له الجدران قائلا
- استنى هنا ! انت واعيه لكلامك ! انت عارفه انت جايه تعتذرى عن ايه .. عن ابنى اللي انت حرمتيه من الحياه ولا من اختك المرميه فى المستشفى !
اجهشت بالبكاء وهى تتراجع للخلف بعدما رمقت امها بنظره ساخطه
- مكنش قصدى .. مكنتش اعرف ان كل دا هيحصل ولا حد هيعرف انى اجهضتها .. سامحنى يامحمد ..
قبض محمد على كفه بقوة وهو يشيعها بنظرات حاره تحرق كل مابيها محاولا تمالك غضبه فاردف جملة اخيره قبل ذهابه
- انت اللي زيك الكلام خساره فيها ... وانا مش مسامح على اللي عملتيه ياماجده .. مش مسامح ..
ركضت ماجده الي اعلى سريعا وهى تنحر باكيه ويعلو صوت بكاؤها شيئا فشيئا .. التفت عماد الي نورا قائلا
- يلا يانورا نروح بيتنا ..
نظرت له نورا بعدم فهم فكرر عماد جملته بنبره اقوى ودخان الغضب ينبعث من فمه
- نورا قولت يلا على بيتنا ..
ركضت عفاف صوب عماد متشبثه بكفه
- اهدى ياولدى .. اهدى .. مافيش حاجه مستاهله ده قدر ربنا ..
زمجرت رياح غضب عماد هاتفا
- واحد راحت تثبت التهمه على اخويا وهتحبسه والتانيه قتلت ابن اخونا .. داحنا لو يهود هنرحم بعض اكتر من كده .. يلاااااا يانورا ..
اردف عماد جملته الاخيره وهو يغادر مجلسهم فركضت نورا خلفه وهو ترتعد .. اما عن صفوة فركضت سريعا على غرفتها لتختبئ خلف جدرانها من حراره انظارهم ... التفت عفاف لثريا التى لم تتفوه بكلمه .. فهتفت بلوم
- مبسوطه دلوق ! فرحانه وبناتك عيهدوا البيت فوق روسنا ! نار شرك هديت ! بناتك عملوا اللي انت عاوزاه .. روحى ياثريا منك لله انت وبناتك .. حسبي الله ونعم الوكيل فيك ذرعتى فيهم الشر لحد ما ملكهم ...
- طيب ياعماد اهدى والنبى .. مابحبش اشوفك فى الحاله دي ..
يجوب عماد فى صاله شقته ذهابا وايابا وهو يهتف بكلمات غير مفهومه .. فزفر باختناق وهو يجلس على المقعد مرددفا
- انا مش عارف اعمل ايه ! وايه المصايب دى القاها منين ولا منين بس ..
نورا بهدوء: طيب عصبيتك دى مش هتحل اي حاجه .. اهدى ونفكر بعقل طيب .
جهر عماد باختناق: عقل ايه يانورا واحنا بقينا ناكل فى بعض .. القتل والسجن عندنا بقي سهل .. من يوم ما الهوارى مات وكل واحد ماشي بدماغه وكيفه لحد ماهيودونا فى داهيه .. محدش بقا له كبير .. كل واحد كبير نفسه وماشي براسه لحد ماهيغرقنا كلنا ...
نهضت نورا من مجلسها لتقترب منه وتجلس على فخذه بلطف .. فلمست خده بكفها وهى تردف بحكمه
- انا فاهمه والله وعارفه ان الحمل تقيل عليك .. بس انا قولتلك مابحبش اشوفك كده مش المفروض تسمع الكلام ولا انا كمان مابقاش ليا كلمه فى البيت ده ..
تراجع عماد برأسه للخلف وهو ياخذ نفسا عميقا بعيون منغلقه كأنه يفضل الظلمه عن العتمة التى تقع عليها عيونه .. ظلت نورا تتأمله طويلا فشيء ما يدعى بالشوق جذبها من ياقتها بلطف نحو شفتيه تحديدا ولاول مره تتجاوز قلبها وتسير وراء هواها .. شرعت نورا فى تقبيل ثغره بلطف ما انساه كل اوجاعه .. كانت دوما جروحه تطيب بقربها .. فتح عماد عينيه بتثاقل كأنه يرفض عبث العالم مفضلا عالم اخر وهو الظلام وهى فقط .. سقطت عيناه على جزيره عينيها التى تشبه قرص الشمس اللامع ويحدها من الطرفين شطى نجاته .. فظل يرمقها بذهول كالاعمى الذي عاد اليه بصره للتو .. لاحظت نورا تجمد اعضائه فاطرقت بخجل وهى تبتعد عنه
- كنت عاوزاك تهدي بس مش اكتر ..
جذبها عماد بقوة اليه كى لا تهرب منه مجددا .. فارتمت بداخل حضنه اثر انجذابه لها هامسا بشغف
- اتطورنا كتير على فكره !
حاولت التخلص من قبضته بعدما احمر وجهها بدماء الخجل فاكمل عماد حديثه
- وكده احلى حاجه ..
نظرت له طويلا وهى تبلل حلقها وتقاوم ركض قلبها الذي يود ان يستكين عنده واليه كأن بين ذراعيه هدفها وغايتها الوحيده .. ابتسم عماد بحب على ارتجاف ملامحها بنسيم الخجل فاردف
- ما احنا كنا حلوين ..
اطرقت نورا بخجل وهى تبعد عيناها عنه مردفه
- كنت واحشنى جدا على فكره
حاوط عماد خصرها بشوق وباليد الاخري يفك رابطه عنقه وهو يلتهمها بعيناه شوقا
- ما انت كمان وحشتينى جدا .. ووووو
لم يكمل عماد جملته ولكنه حملها بين ذراعيه كأب يحمل طفلته قائلا بغمز
- المواضيع دى ماتتحلش هنا ..
رفعت حاجبها مستنكره وهى تطوق عنقه بذراعها .. فاردف عماد سريعا
- هقولك جوه مستعجليش ...
- ثريا عاوز اقابلك ...
تلك الرساله النصيبه التى اضاءت لها شاشه هاتف ثريا فجعلتها تنهض من فراشها .. فعاودت الاتصال به
- حيدر .. فى جديد حصل ؟!
اتكئ حيدر على فراشه بمكر تعالب: وحشتينى ياقلب حيدر .. اي مالك خايفه ليه ؟!
تردد ثريا فاردفت: مش هينفع البيت هنا مش مظبوط وكله بيشك فيا .. بلاش نتقابل والنبى .
زمجرت رياح صوته قائلا: بكره تيجى فى البيت ايااه ياثريا والا هجيلك انا وما حد هيقدر يوقفنى ..
بد الخوف بصوتها يتراكض .. فاجابت بتردد
- بس اشمعنا البيت ده ! هو احنا مش كنا بطلنا نروح لهناك ..
قهقهه حيدر بتوعد: وحشتنى شقاوة البيت قولنا نرجع الزمان ولا ايه ياسووسو..
زفرت ثريا بخوف وقلق بد يتأرجح على حِدق عينيها: هحاول ياحيدر .. هحاول ...
حيدر بصيغه امره: اسمها هتيجى ياثريا .. اسمها هتيجي ..
ثم قفل انهى المكالمه معها بدون مقدمات مما اثار خوفها اكثر .. فعنده امسك بسلاحه ونيران الشر تلتهب وتحترق قائلا بتوعد
- نهايتك قربت ياثريا ولازماً سرنا يدفن معاكى ...
- ماجده ممكن تردى طيب !
رساله ادهم ال 12 التى تتجاهلها ماجده فى كل مره وهى تنزف الما من عيناها ناظره للسماء
-يارب خليك معايا لحد ما اظهر الحق يارب واعرف ابويا فين !
عاود ادهم الاتصال بماجده كثيرا وفى كل مره تنهى الاتصال بدون رد الا ان نفذ صبرها فردت اخيرا متأففه
- افندم .. هو انا مش قولت مش عاوزه اعرفك تانى ؟!
ادهم متلهفا: ماجده استنى اسمعينى وافهمينى للاخر .. انا محتاجلك قووى .. ماجده متسبينيش ...
زفرت باختناق وهى تجوب الغرفه: يابنى ادم افهم انا مش عاوزه اعرفك تانى .. كان يوم اسود يوم مااعرفتك ...
ادهم برجاء: ياماجده اسمعينى بس وبعدين قولى اللي عاوزاه ..
- اخلص ...
- ماجده انا شكلى حبيتك ! انا مش عارف انساكى .. ماجده انا بحبك ..
زفرت باختناق وانفاسها المتصاعده بصعوبه
- انا غلطانه انى رديت على واحد زيك ..
- ماجده ... انت تعرفى امك متجوزه مين !
صعق قلبها سؤاله فجعلها تتجمد مكانها فجاه قائله
- اييه !
رجع ادهم بظهره للخلف قائلا
- امك متجوزه عمى حيدر ..
لثوان عادت ماجده بالذاكره للخلف وصوت موظف الاستقبال تحديدا دى مراة حيدر بيه .. فاقت ماجده من شرودها على صوت ادهم الذي يتكئ بظهره للخلف داخل سيارته
- ماجده انت معايا ! عمى حيدر ناوى على الشر وكل بعقل امك الحلاوة وعاوز يخرب عليكم كلكم وياخد كل املاك الهوارى ويبقي هو كبير البلد .. ماجده احنا بيتلعب بينا لعبه كبيره قووى لازم نفوقلها ونكشف الاعيبهم القذره .. ماجده انت هتساعدينى مش كده ؟!
صدمت ماجده اثر حده كلماته فجحظت عيناها بعدم تصديق حتى سقط الهاتف من قبضه يداها قائله بذهول
- اكيد لا .. فى حاجه غلط .. امى مستحيل تعمل كده ؟!
- خليك متجاهله رسايلى براحتك يادكتورة صفوة .. بس احب اقولك ان كلها ساعات ومش هتكونى غير فى حضن ياسر حبيبك .. اللي محبتيش غيره ..
جملة من عدة احرف كانت كافيه ان ترعب كل اعضائها حتى اصبحت تهذي كمن فقد عقله .. مسكت هاتفها وفتحت اسم مجدى واوشكت ان تضغط على زر الاتصال ولكنها سرعان مافاقت من سطو اشتياقها وهى تلقى الهاتف بعيدا .. لتركض صوب النوافذ وتقفلها جيدا وهى ترتعد وركضت ايضا صوب الباب لتتأكد من انغلاقه واضعه كفها فوق صدرها وانفاسها المتصاعده برعب لتجثو على ركبتيها خلف الباب ببكاء مكتوم
- انت فين بس يامجدى .. غبى غبى انا مكنتش عاوزاه يسيبنى ويطلقنى .. كنت عاوزاه يضربنى يموتنى ويقول لى ماتقوليش كده تانى .. انا عاوزاه جمبى مش عاوزاه بعيد .. يارب انا مسمحاه على كل حاجه .. يارب يرجعلى تانى انا بحبه .. معرفش امتى وازاى بس انا محتاجاه جمبى .. انا اول مره احس انى خايفه كده ..
يلملم مجدى باقى اغراضه واوراقه من غرفة المكتب ويجري بعض الاتصالات باحثا عن ياسر.. قفل حقيبته الشخصيه ثم مسكها وباليد الاخر مستندا على عكازه .. فخرج من المكتب ناظرا لاعلى يتذكر بعض المواقف بينه وبين صفوة ..
- ياباشا انت القهوة اللى تلمس شفايفك بتدخل في غيبوبة اصلا .. اعذريها بقي ..
شقت ذاكرته صورتها وهى ضاحكه ثم صورة اخري لها وهى تقف خلف النافذة تراقبه اثناء مغادرته .. ومقف اخر بينهم
- حاسه بايه معايا !
تنحنحت بخفوت وهى تبلل حلقها عدة مرات ثم اردفت بعد طويلا من الوقت قائله
- مطمنة ...
- طيب حلو علي الاقل سلكت طريق واحد لقلبك .. عقبال الباقى ..
قادته ساقيه الي غرفتها بأمر من قلبه .. فدخلها وظل يتأمل ملابسها .. كتبها .. ادوات التجميل لديها .. وصوت حوارهم الاخير يتردد فى اذانه فيداعب قلبه بمنتهى الاجرام
- انت لسه مأمن ان في حب !
- طول ما الحياة مستمرة الحب موجود ...
- اشمعنا انا يامجدى ..
اخذ نفسا عميقا وهو يمد انامله ليلمس خيوط شعرها المنسدله قائلا بحب
- عيونك السبب، عيونك مجرمين اول مابصيتِ لى وقعت على جدور رقبتى يابت الهواري ...
وقف مجدى فى منتصف الغرفه حتى وجد ورقه بيضاء مطويه وملقاه ارضا .. انحنى بصعوبه ليتناولها ولكنه اتاه صوت نداء مدير اعماله قائلا بصوت عال
- مجدى بيه .. يابيشمهندس ...
وضع مجدى الورقه فى سترته سريعا ثم خرج له قائلا
- خير يافتحى ..
نظر له فتحى لاعلى: احنا عرفنا ياسر فتح الله فين
صباحا
استيقظت وجد قبل سليم فانتهت من اخذ حمامها الدافء واجرت مكالمه للاستقبال تطلب منهم فطار معين وتورته صغيره .. فعيد ميلاد سليم بعد يومين ارادت ان تحتفل معه قبلها .. ثم عادت للمرحاض مره اخرى وهى تزفر باختناق
- اووووف يعني ماقدرتش اقوله نشترى لبس ياسليم ..
ثم ربطت حرام منامتها القطنيه القصيره التى تصل لفوق ركبتيها وخرجت من باب المرحاض لتقف مستنده على الحائط تتأمل ملامحه وهو غائصا فى سباته .. عقدت ذراعيها وهى تتبسم
- انا كنت متأكده ان اخرة الصبر دا حضنك ونور عينيك .. كنت دايما تقول لى ربنا محطش الحب دا كله فى قلوبنا علشان نسمح للناس مخلوقه زينا تدمره .. دا نبينا محمد بيفرح لما يلاقى اتنين بيحبوا بعض متجوزين
ثم اخذت نفسا طويلا قائله: الف حمد وشكر ليك يارب .. انا طلبت منك ليله واحده معاه فى حلالك جمبه .. كرمتنى اكتر ماتمنيت .. ربنا يحفظك ليا ياحبيبي زي ماجمعنا ..
استيقظ سليم من نومه وهو ينظر لها بعيون ضيق حتى جحظت تدريجا عندما سقطت على ساقيها الذي فشلت قطعت القماش التى ترتديها فى سترها قائلا
- ياصباح العسل .. واقفه بعيد ليه ؟!
ابتسمت بحب وهى تتدلل امامه: بتفرج عليك .. اي فى مانع ؟!
- مممم طيب اى طالع حلو ؟
- انت فى كل الاوقات قمر ..
نهض سليم من فراشه كأنه اخذ قدرا كافيا من قهوته وهى كلامها المحرك له اولا واخيرا .. ظل يتأملها بعيون لامعه ببحور الحب قائلا
- نمتى كويس ؟!
- انا منمتش كويس غير فى حضنك ياسليم ؟! انا اكتشفت انى كل اللي فات من عمرى فى بعدك مكنش نوم دا كان هدنه كده بينى وبين الحياة عشان اصالح قلبى عليها .. احم وخلاص صالحتها ..
ارتشف بعض المياه ثم وضع الكاس مكانه وهو ينظر لها باعجاب وهو يقترب ناحيتها
- ما احنا قولنا ياصباح العسل ..
داعبت كلماته ثغرها فشقت بسمه واسعه .. فازاحت وجد شعرها المنسدل جنبا لتتمايل قليلا فى وقفتها قائله
- صباح كل يوم ماشوفش فيه غير عيونك ياروح قلبي ..
قرب سليم منها ليسرق قبلة سريعه من ثغرها قائلا بسعاده بالغه
- مزاجك باين عليه حلو ..
اومأت ايجابا فاطرقت قائله
- مممم هو حلو جدا .. مزاج بنكهه وجودك جمبى وفى حضنى ..
قهقهه سليم بضحكه عاليه تزيح كل ستائر الحزن مردفا
- يابت متاخدنيش فى دوكه كده .. استنى افوقلك طيب ..
ثم نصب عوده امامها يداعب ذقنها بانامله: هتفضلى تبصيلى كده كتير !
سندت كفيها على صدره بخفه قائله:
- عاوزه اقولك حاجه !
رفع حاجبه باهتمام منتظرا ما ستقوله مع اصداره انينا مكتوما .. فواصلت وجد حديثها.
- عاوزه اقولك انك كنت فى حياتى زي نجوم السما بعيده بس منوره حياتى كلها .. كنت كل يوم افقد الامل فى انك تكون ليا .. تعرف ماكانش يعدى يوم غير لما امسك قلبي وانادى بكل وجعى للسما باسمك واقول ياربنا انا مش عاوزه غيره ليا يارب معجزه تكون نهايتها حضنه وعينيه .. كان قلبي بينزف غياب كل ليله وحصلت المعجزه وبقي يطرح ورد كل ليله .. عارف ياسليم انا كنت بسال نفسي من شويه ياترى لو اتجوزت حد غيرك كنت هعمل ايه .. ولا قلبى هقنعه بكده ازاى .. هو انا ازاي كنت هتسحمل نفس راجل غيرك معايا .. هو انا كنت هعمل ايه لو مكنتش انت معايا .. هو انا كان ممكن اعيش لذة الحب اللي مطيرانى دي مع حد غيرك .. انا محتاجه عمر فوق عمرى عشان اشكر ربنا انه استجاب .. اشكره انه محرمش قلبى من لذة قربك ..
كان يستمع لها باهتمام بالغ وهو يداعب وجنتها بلطف .. فحرك يديه ليفك حزام منامتها وهو يقول
- انت فى قلبى عامله زى الدبوس المغروس اللى مش عارف امد ايدي فأى جزء بالظبط عشان اخرجه .. حبك اتغرس لحد ما بقي جزء منى مايتصالحش غير بحضنك ..
انتهى سليم من فك رباط خصرها .. فتح ثوبها ولف الرباط حول خصره وهو يربطه خلف ظهره .. ظلت تراقبه بذهول
- انت بتعمل ايه ..!
غمز لها بطرف عينه ثم انتهى من عقد الحزام حولهما وهو يرجع شعرها للخلف قائلا
- الكلام الحلو ده لازم يترد عليه بطريقتى ..
نظرت لها بذهول مع بسمه لم تفارق ثغرها فرجعت للخلف تلتصق بالحائط ولم تعلم ان بعدها عنه يزيده اقترابا .. فوضع مقدمة قدميها فوقه قدميها هاتفا بتحد
- مافيش مفر ...
عانقته بحب وهى ترتل: ومين قالك انى عاوز افر .. انا خلاص لقيت مكانى ومش هسيبه ..
شرع بارتوائه منها حد التشبع وما هى الي بحيره عذبه يرتوى منها التائه فى قلب الصحراء اكثر من ثلاثين عاما .. فماذا سيكون اللقاء الا غوصا فى الاعماق حد التشبع .. استكان اليها وبها وزرع من جفاف الانتظار بساتين ورد حتى اصبحت مخموره به وبقربه لا تريد سواه .. فهى به تحيا وبه تزهر وبه تكون .. وهو لم يجد ملاذا لشوقه غير فى مشاتلها التى تحتويه بكل مااوتيت من عطور الشوق ..
تقف ثريا امام منزل كلاسيكى ترمقه بنظرات متارجحه خائفه .. شريط سنيمائى من الذكريات يمر امام عينيها حتى انتهى بصوت رصاصه ارعدتها وجعلت تفيق من شرودها .. تقدمت خطوة الى الامام لتخطو قدمها عتبة المنزل حتى طرقت الباب الخشبي وبعد قليل فتح لها حيدر وبيده كأس الخمر ليردف وهو يتمايل
- كنت متأكد انك هتيجى .. وده عشان انت بتحبينى ياثريا وماتقدريش تستغنى عنى !
رمقته ثريا بنظرات خائفه على هيئته المرعبه قائلا
- انت مالك .. انت تقلت فى الشرب ياحيدر !
جذبها وهو يهذي بكلمات غير مفهومه قائلا وهو يتمايل
- عاوز اتكلم معاك ..
- خلصنى وقول في ايه .. واعتبرها اخر مره هشوفك فيها ؟!
قهقهه حيدر وهو يخرج من جيبه ساعه فضيه ويتمايل ويهذي بكلام غير مفهوم
- طول ما دى معايا مافيش مفر ياثريا ...
اتسعت حدقة عينيها بذهول وهى تحاول ان تخطف الساعه من يده ولكنه سريعا ما ابتعد عنها وهو يقول
- اتعصبتى ! ساعة ناصر .. ناصر جوزك ياثريا اللي قتلتيه بيدك ! فاكره قتلتيه كيف !
اعتدل ادهم وحسن الجالسان خلف شاشه الحاسوب يشاهدون حيدر وثريا الذي اشتد حوارهم .. فنظر حسن بفخر لادهم قائلا
- مش قولتلك عمك ده وراه حوار كبير .. اسمع اسمع ...
طرق النادل غرفة سليم .. ففتح واخذ منه الطعام وفوجئ بوجود قطعه مستديره من الحلوى تورته تتوسط الاطباق .. فرفع حاجبه لوجد الجالسه فى منتصف مخدعها تترقب دخله قائلا
- ممم وانا اقول مزاجك حلو ليييه ..
وثبت قائمه لتعانقه: كل سنه وانت حبيبي ياسليم ..
ضمها اليه بحب قائلا: هو مش لسه باقى يومين بردو ؟!
- عادى حبيت احتفل بيه واحنا هنا .. فيها حاجه دي ..
- لا دي احلى حاجه فى كل حاجه !
جذبته من يديه ليقفا امام الطاوله قائله
- هشغل انا الشمع وانت تتمنى امنيه عاوزها تتحقق السنه دى ؟!
شرع سليم بتنفذ ما امرته به وجد حتى انتهى من تمنى امنيته فقربها اليه اكثر وانحنى ليطفىء الشمع .. فاستدارت اليه قائله
- اتمنيت ايييه ..
نظر اليها بعيون ضيقه ثم اردف قائلا: اتمنيت امنيتين ..
- ايوووه اي هما بقي ؟!
- ممممممم انت تكونى معايا العمر كله وبنوته شبهك تخطف قلبى زي ما امها عملت ..
حضنته بحب وهى تهمس له: ربنا يديمك فى حياتى نعمه ياسليم .. وينور حياتنا بولاد شبههك ويغلبونى زيك ..
قطع صفواهم صوت رنين هاتف سليم فابتعد عنها قائلا
- هرد وارجعلك ...
وقف سليم امام النافذه يتحدث فى الهاتف
- ايوه ياحمزه .. خيرر قلقتينى ..
حمزه باهتمام وبصيغه امره: سليم لازم تتنازل عن المحضر اللي قدمته فى حيدر عم مرتك ..
رمق وجد بنظره خاطفه ثم رد عليه قائلا
- لييه ياحمزه .. حصل ايه ..
- سليم .. عشان نوقع حيدر لازم نديله حريته يتحرك براحته وخصوصا بعد ما ادهم جيه وبلغ عنه ووقف مع وجد الدنيا اتقلبت ومابقتش فى مصلحتنا .. واحنا مش هنستفيد حاجه بسجنه ياسليم ...
زفر سليم بعدم فهم فاردف باهتمام: حمزه ساعه وهقابلك عشان مش فاهم حاجه واى اللي قلب ادهم على عمه دول كانوا روح واحده !
يقف امام المراه يشاهد صورها بكل شر .. ويكبرها ويطبع بعض القبلات الحاره على شاشه الهاتف التى تخفى خلفها صور صفوة .. فرفع نظر ياسر الي المراه قائلا بتوعد
- الليله ياصفوة هصلح غلطه خمس سنين .. الليل مش هتمشي من هنا غير وانت معااايا ...