رواية أباطرة العشق الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الختامي
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ...
تصدح اصوات تكبيرات عيد الاضحى بالخارج بابهج الاصواات التى تدب بالفؤاد نشوة فرح لا تعلم من اين تسللت بجوفك لتغمرك بريحتها المبهجه ... انتهت وجد من فتح نوافذ الغرفه فى القصر الكبير ثم استدارت بجسدها لتراه يخرج من المرحاض بعد اغتساله قائله بصوت مبهج
- كل سنه وانت طيب ياحبيبي ! عيد مبارك علينا يارب ...
القى المنشفه على طرف السرير وهو يقترب نحوها ويتأملها بتظرات مستشرقه
- كل عيد وانت منوره حيااتى ..
انتهى سليم من جملته وهو يدس رأسها بصدره يقبلها بحب .. فربتت عليه بلطف لتقول
- طيب اايه يلا اجهز بسرعه عشان الصلاه وانا هنزل اجهز الفطار تحت .. عشان نفطر كلنا سوا ..
- استنى بس فطور ايه دلوك ... مافيش خروج الا لما البس ..
تحركت امام عيناه بتلقائيه وهى تردف بمزاح
- بطل حركاتك دي .. جلابيتك ومكويه ياحبيبي البس وبس هعملك ايه انا يعني ..
قطم سليم شفته السفليه بنظرات متوعده ينبعث منها اسهم التنمر
- بااااااس هو الاهتمام مابيطلبش وخلاص كده سنين العسل بتوع الجواز عدوا .. انا اروح اتجوز بقي واحده تتدلعنى ...
عقدت مابين حاجبيها وهى تحمل جلبابه على معصمها لتردف بثقه
- بلاش تقول كلام انت مش قده .. واصطبح يااسليييييييييم ..
شد جسمه بمهاره رياضيه وهو يروضها بنظراته الحاده قائلا
- والله هموت واصطبح جدا ... لولا في عيد بس ...
ضربته بجلبابه وهى تضعه على كتفه باغتياظ مردفه
- طيب كويس انك فااكر .. البس وانزل صلى واخزي الشيطان ..ولم نفسك
ثم رمقته بنظرات حانقه: قال تتجوز قاال !
ضحك سليم بصوت مسموع وهو يهم بارتداء ثوبه قائلا بغمز
- وانا هلاقى بردو فى حلاوتك ولا طعامتك يابطل يامتكلف انت ..
نظرت له شذرا بعدم تصديق وهى تهم بقفل ازرار جلبابه باناملها قائله بدلال
- منا عارفه .. اصلا مافيش واحده هتستحملك غيري .. ولا هتعرف تحس بطعم الدلع غير معايا اصلا
اندلى برأسها ليسرق قبله خفيفه على كفها فتمتم بهيام
- احبك وانت واثقه .. كل عيد وانت متربعه جوه قلب سليم ...
سقطت انظاره على ضحكه واسعه من ثغرها وهى تميل بكتفها لترتمى فى حضنه وتطوق ظهره بذراعها قائله
- وانت طيب وبخير ياحبيبي ..
لم يكد ان يجيبها فالتفت انظارهم نحو الباب الذي فُتح متتاليا لصوت طرق خافت عليه .. فانفجرت ضحكه من جوه وجد قائله
- العفاريت جم اهوووو ..
طفل يتحلى بملامح ابيه التى نسخت على وجهه وهيبته ذو الخمس اعوام وتلحق به فتاه صغيره ذات الثلاث سنوات لديها ملامح ملائكيه تتشكل على نحوٍ يعكس صوره صغيره لامها يتقدمان نحوهم .. فأردف سالم الصغير بنبره طفوليه
- انا عاوز العيديه بتاعتى .. انت اتاخرت ليه.
فاردفت ماجده وهى تضع يديها فى خصرها وترفع مقلتيها التى تشبه عينا امها قائله
- وانا كمان عاوزه العيديه بتاعى ..
انضمت وجد لجيشهم ممازحه وهى تقف مقابل سليم بتحدٍ
- اااه وانا كمان عاوزه العيديه بتاعى ...
رمقهم سليم بنظرات متأرجحه وهو يحك ذقنه بتفكير
- ده عيد لحمه عيديه اى اللي عاوزينها ...
هجمت ماجده على ساق ابيها بعفويه وهى تحضنها وتدفعه للخلف لتجلسه على طرف الفراش لتصرخ بفوضيه
- لا انا عاوزه العيديه بتاعتى دلوقت يلااا ...
غمز سالم بطرف عينه لابيه وهو يعض على شفته عدة مرات ببراءه
- بص يابابا خلاص ادي ماجى العيديه وانا راجل مش عاوز .. -ثم خفض صوته وهو يشير له بمكر - " تحت هتدينى عيديه اكبررر ...
عقدت وجد ذراعيها وهى تستند بظهرها على الخزانه وتراقبهم بعيون لامعه وثغر مبتسما .. فرفع سيلم انظاره اليها قائلا بغيظ
- فرحانه انت باللى بيعملوه فيا دا ..!
- وانا مالى ياعم مش عيالك البس بقي .. اقلها هيطلعوا عليك اللي معرفتش اعمله انا .. يلا هى نوايا ياسلومى ...
ارسل لها نظره متوعده وهو يميل قليلا ليفتح درجه "الكومود" ويخرج حافظه نقوده الجلديه
- عاوزين كااام يعني .. خلصونى الصلاه هتفوتنى !
سالم وهو يطوق عنق ابيه من الخلف
- انا راجل يبقي اخد اكتر من البنت ؟!
اقتضبت ملامح الصغيره بعناد
- لا يابابا انت بتحبنى اكتر ... فهتدنى فلوس اكتر مش كده ..
ضحكت وجد بصوت عال على حيره سليم وشجار صغارها .. فاردفت
- الصلاة يابابا هتفضل تتخانق معاهم مش هتخلص ...
فتح سليم حافظه نقود واخرج بعض الورقات النقديه قائلا
- يلا شالله يتمر اهو .. وفى الاخر تطلعوا بتحبوا امكم اكتر
هلل صغاره فارحين وهما يتناولون النقود من يده .. فلوح سالم بيده وهو يركض بشقاوة
- ياعم هات انت هتذلنا ؟!
وقف سليم متعجبنا وهو يقترب من زوجته قائلا
- الواد بيشوحلى يااوجد .. ياليتك السوده ؟!
- وسودتها ليه بس .. ماهى عيد وزى الفل .. واهو
سند كفه على خزانه الغرفه ليضعها تحت حصاره وبنبره تهديديه بعدما مسح اجزاء جسدها الذي شُكل ملاذا له قائلا
- العيال دول يتعاد تربيتهم !
تغنجت امام عيناه بدلالا وهى تطوقه بذراعيها: ربنا يديك الصحه وربي يابابا وانت روحت فين ..
دنى منها خطوة اخري قائلا بغمز:" لا منا مركز مع البطل الكبير " ..
اطلقت ضحكه عاليه فسرعان ما التهمها بقُبله سريعه ثم همس قائلا
- الباب مفتوح يخربيتك ..
- يلا طيب يابابا عشان تلحق تقعد مع عفاف قبل الصلاه ..
- طب وبعد الصلاه !
- احم .. هتدبحوا ياسليم ! انت نسيت ولا ايه ..
كبح غيظه وهو يضربها على كتفها برفق: لا ياختى مانستش يلا قدامى .. احسن الواحد مايتهورش ...
حضنت ذراعه بحب وهما يواكبان السير للطابق السفلى بمرح وسعاده تحتضن قلوبهم ..
ترتشف كوب النيسكافيه امام النافذة ويداعب ملامحها نسمات الهواء الدافئه.. فاستدرات برأسها لتبتعد عن النافذه وتضع الكوب على المنضده ثم تقترب من مجدي الذي خرج للتو من المرحاض قائله بغزل
- اى الحلاوة دي ؟!
نظر له بعيونه الضيقه وكأنه يكتظ غضبا بجوفه: ايوه ايوه ياختى بتحايلينى .. مش كده ..
دنت منه بانسيابيه لتطوق عنقه فعاقت قُربهم بطنها المنتفخه كالبلون فاردفت بدلال
- خلاص بقي ياميجو .. متحسسنيش بالذنب اكتر من كده ..
هزمته عيناها كعادتها فتلاشى ضجره سريعا: أحنا مش قولنا نبطل قهوه ياهانم !
اتسعت ابتسامتها ولمعت عيناها لتردف بهدوء: معلش بقي اخر مرة والله .. عشان دوشه السفر ودماغى مصدعه .. ومتنساش احنا يعتبر ما نمناش من امبارح ..
- اااه يااختى .. ماهى حبكت رسالتك تتناقش امبارح .. عاجبك الزنقه دي !
- الله ! وانت كنت عاوزنى اسيب رسالتى يعني !
- ما انت كنتى عاوزانى اسيب اهلى ومحضرش العيد معاهم ..
- يوووه .. ما خلاص ياعم .. احنا هنتخانق ولا ايه .. عيد مبارك علينا ياحبيبي ..
ضمها الي صدره بدفء حتى سبحت بين ذراعيه قائلا
- كل سنه وانت معايا .. وبعدين ما انت لازم تكونى رايقه ماانت نايمه فى الطياره طول الطريق ..
اطلقت ضحكه خافته فى حضنه لتردف: اييه ياعم انت كمان هتحسدنى على النوم !
ابتعد عنها بلطف ليتناول جلبابه الابيض قائلا: لا ياستى نوم الهنا .. خدى راحتك ..
تناولت زيه سريعا لتساعده فى ارتدءه قائله بمزاح: هو انا نمت كتير !
شدت مجدي جلبابه بقوة ليردف باغتياظ: اااه ياستى طول الطريق قاعد برغى مع نفسي انا ..
- وانت زعلان عشان سبتك لوحدك !
اقترب من التسريحه ليصفف شعره مردفا: دانا كنت هطق .. بس دا مايمنعش انه كان فى شويه بنات على الطياره صواريخ ..
ارتفعت نبرة صوتها بغضبا ملحوظ: بتقول ايه ياسي مجدي ..
نظر اليها فى المراه وهو يرسل لها قبله سريعه: بقولك محلوه لييه .. صاروخ يخربيتك ..
هدئت شيئا فشئيا: اااه بحسب ..
انتهى مجدي من تصفيف شعره فاقترب منها وانحنى قليلا على بطنها البارزه الذي يعلوها توب قصير ليطبع قبله طويله
- ابن الايه اللى عذبنى هو وامه عامل ايه ..
تسللت اناملها بين خصيلات شعره بلطف: ابنك عاوز العيديه هو ومامته ..
نصب عوده مره اخرى ليردف بغمز: عينيا ليه هو ومامته .. هو ياخد قلبى ومامته هتاخد حاجات اهم بس نخلص صلاه ..
ضحكت بصوت عال: ياابنى اتلم .. ويلا العيد هيخلص ..
- ياريت .. يخلص العيد عشان يبدا عيدي انا ..
- يوووووه يابنى انجزز .. وبطل قلة ادب بقي .
- صفوة انت متاكده ان الجوازه دي مش منظوره .. يعني سوري يعني بس مضطر افضفض معاكى انا واحد متجوز ليا اكتر من5 سنين ومراته كانت واحده ملبوسه شيبتنى عشان نجيب حته العيل ده واحده كل دماغها متبرمجه على المذاكره والرساله يامجدي لالا مش فاضيه .. دانا لو شاقطك من المقطم كنت هتبسط اكتر من كده والله ..
اطلقت ضحكه عاليه وهى تغلق له زر جلبابه: ما خلاص ياعم انت هتذلنى ولا ايه .. ايام وراحت لحالها وانت استحملتنى لحد ما اتعالجت وبقيت احسن وكتر خيرك كمان ... بس ماتنكرش انى بقيت حلوة بعد كده ؟!
بذراع واحد جذبها لتكون فوق اسوار قلبه قائلا: سبحان ما كان مصبرنى عليك .. بس دا مايمنعش انى اقولك انى غرقان فيك يابت الايه وبعشقك .. وكان لازم اضحى عشان افوز بجنتك .. ولا ايه ..
لم تمنع نفسها من ان تطوقه بذراعيها هامسه: الجنه الحقيقيه هى حضنك ووجودك جمبى يامجدى .. انا من حسن حظى انك نصيبي الحلو فى الدنيا والاخرة ..
ربت على ظهرها: لا وحياة عفاف مش وقتك .. بقولك اى نثبت كده لحد مانخلص صلاه ودبيح ونيجى ندبح بمزاج بقي ..
ضمت كفيها بقوه وهى تندس براسها فى عنقه قائله بشوق: مستنيه .. عشان انت كمان وحشتنى جدا ..
انت بتهزر يامحمد .. راجع من المستشفى دلوقت ! دانا فقدت الامل انك تيجى
اردفت يسر جملتها وهى تركض نحو الباب الذي انفتح .. فطل منه محمد ذو الملامح التى نُقش فوقها معالم الجديه وشاربه الكثيف .. فوضع حقيبته بعجل مردفا
- يسر حبيبي هاخد حمام بس فى السريع تكونى جهزتى حاجه اكلها انا ليا يوم واقف على رجليا فى المستشفى ...
ضربت الأرض بقدميها: اووف يامحمد .. انا زهقت دى مابقتش عيشه ..
اغمض عينه بكلل وهو فى طريقه للحمام قائلا
- حبيبي والله دماغى هتتفرتك والصلاه قدامها ربع ساعه الحق ارش شويه ميه على جسمى ...
- روح يامحمد .. لما اشوف اخرتها معاك اى ..
يرش عطر قبلاته على عنقها بوله قائلا
- الحلو بيعمل ايه وسايبنى البس لوحدى .. كل سنة وانت نور حياتى .
قفلت سترته القصيره لتقول بهدوء: بسخن لبن بس عشان انا عارفه طقوس العيله دى مش بيفطروا غير بكبده العجل .. وممكن تجوع .. فحاجه تسندك ياحبيبي ..
استند بذقنه على كتفها قائلا بمزاح:
- نورى .. احنا امبارح مكملناش كلامنا ونيره قطعته وانت قولتيلى هتنيميها وترجعي .. وفضلت مستنى لحد مانمتى جمبها .. انا اعمل فيك ايه دلوقت ؟!
لكزته بكوعه بلطف وهى تطلق ضحكه خافته
- الله ياعماد .. بنتك كانت تعبانه ؟!
- ما انا كمان كنت تعبان والله ...
همست بحذر: عماد نيره فى الحمام ابعد مايصحش تشوفنا كده ...
تسللت انامله لرباط سترتها بشوقٍ: وفكرك بخاف يعنى .. وبعدين هو الواحد بيخلف عشان يتسجن .. انا اول مرة اشوف حد بيجيب جلاده بنفسه ... وبعدين يعنى !
اتاه صوت طفولى من الخلف:
- داد انت بتعمل ايه ..
توقفت انامل عماد عن عبثها ليبتعد سريعا عن مهجه روحه واحتلت معالمه الارتباك قائلا
- روح وعقل وقلب داد .. اى الشياكه دى ؟! ..
دارت امام والدها ببراءة: اى رايك ف الدريس بتاعى .. مامى كانت بتقول لى اكيد انه هيعجبك ..
انحنى قليلا ليحملها بحب ويطبع قبلته العفويه على وجنتها قائلا
- الدريس قمر .. واللى لابسه الدريس قمرين ..
مسحت نيره اثر قبلة وادها:
- داد .. احنا مش اتفقنا تحلق يور بيرد " دقنك " .. انت مابتسمعش كلامنا انا ومامى ليه .. اصلها بتشوك جامد ..
قفلت الموقد وشرعت لتسكب الحليب فنظر اليها عماد بمزاح
- طب استنى نشوف مامى ونسالها .. هى دقنى بتشوكك يانورى ..
اردفت نيرة سريعا:" وماما هتعرف منين .. انت بتبوسنى انا فعشان كده بتشوك .. لكن مامى مش بتبوسها فأكيد يعنى مش هتعرف "
انفجر عماد ضاحكا على عفويه ابنته قائلا
- ممممم لا عندك حق يانونا .. طيب تيجى نجرب ونبوس مامى وناخد رايها .. مع ان الموضوع كان عاجبها اوى قبل كده .. ولا اييه يامامى ؟!
تعمدت نورا ان تضغط على مشط قدمه وتكز له باسنانها قائله بهمس:"عماد .. اتلم " ..
كاد ان يجيبها فمسكته ابنته من لحيته قائله بصيغه امرة
- يلا احلقها دلوقت عشان العيد ..
- ما ينفعش ياحبيبة قلبى عشان الدبيحه ودى سنة عن الرسول .. وعد منى اول ماندبح هحلقها خالص .. وانت وامك اتصرفوا بعد كده ... واخده بالك يامامى بنتك بتتعدى على حقوقك وممتلكاتك ...
لم يكف عماد عن مزاحه ولم توقفه اشارات نورا التحذيريه حتى فاض كليها منه قائله بنفاذ صبر
- اللبن يابابى .. والصلاه هاااا الصلاااه ونلم دورنا .. كده كتييييييييييررر اوى ..
انتهى محمد من تناول السنادوتش الذي اعدته يسر سريعا مردفا
- تسلم ايدك ياحبيبي ...
شرعت ف أن تجيبه متأففه ولكنه قطعهم ابنه قائلا
- يلا يابابا ولاد عمو سليم بينادوا عليا تحت .. كده هنتأخر ..
وضعت يسر ابنتها الرضيعه فوق الاريكه وهى تراقبه بنظرات ناريه .. فاخرج محمد بعض النقود ليعطيها لصغيره قائلا
- ياسين خد عيديتك يلا وانا هحصلك .. اجرى الحق ولاد عمك سليم تحت ...
ركض ياسين مهللا بعدما خطف النقود من يد ابيه .. فاستدار محمد الي يسر قائلا
- كل سنة وانت حبيبي ..
انكمشت ملامحها فاردفت بضجر: روح صلى يامحمد ..
شدها من كفها اليه وطبع قبلة طويله عليه قائلا
- عارف انى مقصر معاك جدا الفترة دى .. بس معلش يومين وارجع احسن من الاول .. عاوز اشوف ضحكتك بقي عشان العيد يبقي عيدين ..
اغرورقت عيناها بالدموع فاردفت
- محمد انت ليك اسبوع مش بشوفك غير عشان تاخد شاور وتخرج تانى .. هو انا مش بوحشك ولا انت بطلت تحبنى !
- طيب نبطل عبط ونشوف الموضوع دا بعد الصلاه .. لانه عاوز قعدة يا أبيض ..
ثم انحنى قليلا ليطبع قُبله بجوار ثغرها مردفا بمرح
- خلى التقيل فى قعدتنا ..
رغم عنها تبسمت ودق جوفها بدماء الحب واللفه فاردفت بحنان وهو تداعب لحيته
- كل سنة وانت حبيبي وابويا وكل دنيتى ..
شرع ان يجيبها ولكن قطعه هتاف عماد المدلف من اسفل قائلا
- جرى اى ياحنين فى صلااه .. طب نقفل الباب بدل ماهو موارب كده واللى مايشترى يجى يتفرج ...
ضغط محمد على فكيه باغتياظ مردفه
- روح ياخى الهى اشوف فيك اسبوع مش يوم ..
تبادلوا الضحكات فهّم الاخوه للذهاب للصلاه .. فتوقف محمد على نداء يسر المفاجئ
- محمد .. انت نسيت تحط برفيوم .. استنى ..
ما هى الا بضع دقائق فكانوا الاخوه مجتمعين بالطابق الاسفل للقصر يتادلون التههنئات والمعايدات .. طبع كل منهم قبلته على راس امهم مهللين والفرحه تتسابق مع نبرات صوتهم حتى اتى صوت وجد من الخلف جاهره وهى تحمل صنيه الحليب
-الصلاه يارجاله .. انتو الكلام اخدكم ولا ايه ..
ف همّ جميعهم مغادرين حتى اردف محمد قائلا
- كل سنه وانت طيبه يأم سالم ..
ابتسمت وجد بامتنان وهى تضع الصنيه قائله
- وانت بخير يادكتور ..
غادروا جميعهم محتشدين خلف بعضهم البعض يتتضاحكون وصغارهم يتسابقون فى الركض .. اجمتعن باقى نساء القصر وهما يتابلون الاحضان والقبلات حتى اردفت نورا قائله
- كل عيد واحنا متجمعين يارب ..
دمعه سريعه فرت من طرف عين يسر التى ارتعش كوب الحليب بيده
- كان نفسي اوى ماما وماجده يكونوا معانا .. مهما فرحنا حاسه ان فرحتنا ناقصه .
حاربا كل من نورا وصفوه شلالات دموعهم حتى اردفت عفاف قائله
- الظلم اخرته وحشه يابتى وامك مسيرها تخف ويرجعلها عقلها وتيجى وسطيكم ..
اردفت نورا بحزن: انا كنت عندها امبارح دي مش فاكره اى حد فينا غير ماجده ... انا بقيت بروحلها اتوجع وارجع تانى ..
انفجرن الفتايات فى بحيرات الدمع التى شوشت الرؤيه امامهم فواصلت عفاف حديثها
- وبعدهالكم عاد .. انتو هتقلبوها نكد على الصبح .. ده عيد يابنات روقوا اكده وصلوا على النبى ..
ترددت اصواتهم:" عليه افضل الصلاة والسلام "
اختطفت صفوة زمام الحديث هاتفه: واللي اسمه حيدر ده عمل ايه ..؟!
جلست وجد بجوارها لتربت على كتفها بحنو قائله بحزن مكبوت
- من ساعة النطق بالحكم عليه فهو هرب ومحدش عارف له طريق .. يلا مسير الظلم له رب عادل هيخلص الناس منه ..
وثبت عفاف قائمه: جرى ليكم ايه اومال ! ده عيد يابت انت وهى يلا افتحوا لينا الاغانى الحلوه اللى تشق الفرحه على القلب ... وانت ياوجد يلا تعالى نحضروا الفطور قبل الجزار ما يوصل ..
هتفت نورا بمزاح: وانا ماليش شغلانه يامراة عمى ولا ايه ! ولا هى وجد كلت الجو مننا ؟!
اجابتها عفاف بامتعاض: لا يالمضه روحى جهزى خلق جوزك عشان الدبيح .. وانت يايسر ادى بتك لصفوة وروحى شوفى البنات جهزوا مكان الدبيح ولا لا ؟!
يسر بمزاح: يعجبنى فيك ياعمتى انك عندك شغل مابيخلصش ..
تغنجت صفوة فى جلستها بفظاظه: ياجماعه انا حماتى بتحبنى والله .. ومافيش بعد كده دلع ... ااه وياريت بسرعه بقى عشان انا واقعه من الجوع .
يسر بسخريه: ده عشان بطنك بس ماتتمرعيش قوى .. فوفا مش بترحم حد ..
توقفت وجد بتساؤل: صحيح ياصافى ولد ولا بنوته ..؟!
نورا وضعت ساعدها على كتف وجد ممازحه: انت متعرفيش .. الهانم طلعت سوسه ..
رمقتها وجد بطرف عينيها لتردف باستغراب
- انتوا مخبيين عليا ايه ؟!
اتت يسر لتستند بكوعها على كتف وجد الاخر قائله
- الهانم تسكت تسكت وتجيب بالجوز .. لا والاتنين صبيان كمان !
انطلقت عفاف مهلله بازهى اصوات المرح والزغاريد لتميل على صفوة وتقبلها
- الف بركه يابتى .. ربنا يقومك بالسلامه ..
ربتت صفوة على كتفها قائله: لا بقولكم اي انا لسه ماقولتش لمجدى ومستنياه بعد الصلاه .. محبتش افاجئه غير فى مصر .. بليز محدش يبوظ لى المفاجئه ..
يسر بمزاح: ااه ياسيدي ياسيدى .. نطلع منها يعني ..
وجد بمزاح وهى تلكز يسر برفق: ماتبقيش رخمه وخفى قر بقي ..
يسر بمرح: دي سوسه ياعم .. تعالى تعالى نحضر الفطار واحكيلك كانت تقول ايه وتعمل ايه
صفوة بنبرة تحذيريه وهى تشير اليها بسبابتها
- بت انت اتلمى .. الله ..
- خليك فى حالك انت .. يلا ياوجد سيبك منها _ ثم توقفت للحظه _ ااه تخلي بالك من بنتى هاا ولو عيطت انت حره بقي متعرفيش ممكن اعمل ايه ؟!
شهقت صفوة بنبرة عاليه: شايفه ياعمتى ؟!
حسمت عفاف الجدل: خبر ايه عااااد ماتقصروا ! خلاص يايسر هشيل انا البت وانت روحى ساعدي وجد يلا .. وانت يانورا روحى اقضي مُصلحه ..
تحركت كل من وجد ويسر نحو المطبخ وتابعت نورا خطاهم الذي انحدر فى نهايه ساحة القصر .. مره حوالى نصف ساعه انتهت فيها صلاه الاضحى وجلسوا رجال العائله فى مجتمعهم السنوي لدى العائله كبار البلد يتبادلون المباركات والضحكات .. فاردف سليم وهو يتناوله كأس الشاى من يد احد الخفر قائلا
- قصدك ايه يا عدنان بيه ! بأن البلد دي يكون لها كبير تتسند عليه ! احنا مش مالين عينكم ؟!
واصل عدنان كبير احد العائلات قائلا
- فهمتنى غلط ياسليم ياولدى .. قصدى يعنى معالى المستشار عماد بيه يترشح لمجلس الشعب .. هو الوحيد اللي يستاهلها ونسل هوارة سيد الرجال ولازما يفضل اسمهم مرفوع طول العمر ..
صمت تام خيم على الاخوة حتى اردف محمد بحماس: دى فكره حلوه قوى ! وانا موافق
عماد مقاطعا: استنى بس يامحمد .. ياعدنان بيه كبارات البلد كتار وكلهم يستهاهلوا المنصب ده ؟!
هتف صوت اخر: على قولتك يابيه .. هما كتار لكن مافيش فى عقلك وحكمتك واصل ؟!انت اللى تستحق المكانه دي .. خاصه هيكونلك درايه بشئون البلد وعاداتها .. ولا ايه يارجاله !
جهر صوت مجموعه من الرجاله مزمجرين
- صُح كلامك يابيه .. عماد باشا هو اللي يستاهلها ..
شرع عماد ان يتحدث فلكزه مجدي بخفيه هامسا: هنشوفوا الموضوع ده فى البيت ..
تبادلوا الاخوات النظرات الاستكشافيه بينهم حتى اتفقوا بنظرة على المغادرة .. فهتف عماد قائلا وهو يهم بالنهوض
- طيب يارجاله هنشوفوا الموضوع دا وارد عليكم .. مع انى مع انكم تفكروا تانى ...
نهض الشيخ عدنان قائلا: ده قرار كبارات البلد يامعالى المستشار .. ومافيش منه رجعه واصل ...
لم تتوقف نظرات الأخوه التى تتبادل كالاسهم حتى واصل الشيخ عدنان قائلا
- يلا يارجاله ... عيدكم مبارك .. كل واحد يروح يشوف دبايحه ولينا كلام المسا ...
ااه والله ياوجد زي مابقولك كده
اردفت يسر جملتها الاخيره وهى تضع ما بيدها فوق الطاولة، فلحقت بها وجد لتردف بنبره ساخره
- بقي صفوة يطلع منها دا كله ؟!
صدح صوت ضحكات يسر العاليه مواصلة حديثها
- وقال اى مجدى دا لو اخر راجل فى الدنيا مش هتجوزه ... ويا جماعه فوقوا بقي جواز اى وجهل ايه اللى انتوا فرحانين بيه دا ...
سحبت صفوة مقعد الطاوله وهى تردف بنبرة حانقه
- ما خلاص ياست يسر ... صدقتى ما لقيتى ؟!
استندت يسر على مقعدها مواصله حديثها
- استنى بس احكى لوجد عشان مكانتش متابعه الحوار من اوله ... وهااا ياستى كانت ليل مع نهار تشتم فى مجدى وتقول هطلع عليه القديم والجديد وهسود عيشته، بنى ادم مغرور وشايف نفسه ... وانا بصراحه معنديش خُلق اتجوز واحد متخلف زى دا واجيب منه عيال متخلفين ؟!
- " الله الله ؟! لا المعلومه دى اول مرة اعرفها ؟"
صدح صوت مجدى الذى اقتحم البيت بمفرده فجذب اذانه حديث يسر الساخر .. التفوا جميعا للخلف فكتمت يسر ضحكاتها قائله
- احممم .. انا شكلى عكيت ولا ايه ..
قهقهه مجدى بمزاح وهو يقترب من مجلسهم
- ياستى مهما حكيتى مش هيجى زى السود اللى شوفته على ايدين اختك .. دانا عديت النجوم فى عز الضهر ...
تعالت صدح اصوات ضحكاتهم الا صفوة التى التفتت اليه بغضب
- بقي كده ! بتشتكى ليهم منى ؟! هما مش هيجوا معانا فوق على فكرة ؟!
انحنى مجدى ليطبع قبله خفيفه على كتفها قائلا
- هو اللى يقول الحق فى البلدى يبقي غلطان ؟!
بمجرد ماانتهى مجدى من جملته دلف باقى الاخوة جاهرين مع اصوات ضحكاتهم ومرح صغارهم .. فانشق ثغر وجد بابتسامه عريضه مردفه
- مش يلا يايسر نجيب باقى الاكل ...
هزت يسر رأسها وسبقتها على المطبخ فلحقت بها وجد، اما عن نورا فدلفت هى الاخرى من باب الحديقه حامله بعض الملابس على يدها .. فرفعت انظارها نحو حديث محمد الذي جهر قائلا
- تعالى يادكتورة شوفى جوزك وعقليه ..
نظرت له بفضول وهى تقترب منه: حصل ايه ؟!
جلس عماد وسليم على الطاوله اما عن محمد فواصل حديثه قائلا
- رافض يخش مجلس الشعب ... والنبى قولى حاجه انت ..
صمتت لبرهه وهى ترمق زوجها بنظرات حائره ثم تنحنحت بخفوت لتردف بمزاح
- شكل سيادة المستشار اخد على قعدة البيت ولا ايه ! ليه كده ياعماد دى فرصه كويسه لينا ولولادنا ؟!
رد عماد قائلا
- ياجماعه دا حوار كبير ومسئوليه ووجع دماغ ملهوش اول من اخر وانا فر غنى عن كل دا ؟!
سحب محمد مقعد الطاول ليجلس بجواره قائلا
- مهما كانت المسئوليه اللى بتتكلم عنها مش هتيجى زى ما كنت مستشار وبكلمه منك هتموت انسان وكلمه تحييه ... ما تقولى حاجه ياعفاف !
- اقولكم ايييه ولدى عاقل وعارف مصلحة نفسه وهو حر ... ويلا كلوا قبل الجزار ما يوصل وسيبكم من حديت الشغل فى البيت ..
ردت صفوه بانبهار: انا شايفه ان معالى المستشار مايفوتش فرصه زى دى ...
فواصل مجدى: هو دا اللى بحاول اقنعه بيه طول الطريق
شرعوا فى تناول الطعام وجلس باقى افراد الاسرة وصغارهم حول المائده يتبادلون الاحاديث الضحكات حتى التفتوا جميعا نحو صوت احدى الخادمات
- ست عفاف الجزار وصل بره والخفر ودوه مكان الدبيح ..
نهض جميعهم مهللين وبعض الحماس يغمر ملامحهم فاردف عماد
- يلا ياارجاله...