قصص و روايات - ورشة الكتابة الابداعية :

وصف الشخصيات من سلسلة عناصر الرواية

وصف الشخصيات في الرواية

وصف الشخصيات من سلسلة عناصر الرواية

في دراستنا للشخصية نعتمد على رسم الكاتب لها ولأبعادها ولمميزاتها، ونقيم أفعالها وفقا لرؤيته سواء أكانت نتيجة تأثير الوراثة والفطرة، أو تأثير البيئة الاجتماعية والظروف، ولايحق لنا أن نستنتج مالم يرده الكاتب، أما مناقشته في الشخصية إن كانت مقنعة أم لا فهذا حكم نقدي منفصل يمكن أن نقدمه بعد دراستها أو تحليلها.

ومادامت دراسة الشخصية هي تحليل لعناصرها، فيجب أن نعرف كيف بنى الروائي شخصيته من هذه العناصر.

الشخصية في الرواية

قد انعكس هذا الاختلاف على كتاب الرواية الذين يركز بعضهم على البعد الجسمي حيث تحدد استعدادات الإنسان الجسمية والفطرية مسيرة حياته، ويعتقد بعضهم أن البعد النفسي هو الأهم حيث أن سلوك الفرد تحدده عوامل نفسية معقدة قد لا يفهمها ولا يعرفها الفرد نفسه. ويركز هؤلاء على الدوافع واللاشعور. كما يركز آخرون على البعد الاجتماعي والبيئة والتربية مؤكدين أن الإنسان نتاج مجتمعه، حيث يوجهون أصابع الاتهام في السلوكات السيئة التي يقوم بها الأفراد إلى المجتمع، فهو في رأيهم، المسؤول الأول والأخير عن فساد الأفراد.

خلق الشخصية

ترى كيف يخلق الكاتب شخصيته؟ حينما تتولد فكرة الرواية أو المسرحية لدى الكاتب يبدأ بتخيل الشخصيات المناسبة للتعبير عن هذه الفكرة وحبك الأحداث التي تتصل بها. إنه يتخيل أبطاله يحسون ويتكلمون ويتحركون، وتبدأ ملامحهم بالاتضاح له. وكثيرا ما يستعير الكاتب نماذج شخصياته من الواقع، فيأخذ بعض الملامح من الناس الذين يعرفهم حق المعرفة، ويمزجها بملامح أخرى من خياله. واستعمال نماذج من الحياة الواقعية يجعل الشخصية أكثر إقناعا، لذلك كان من أسرار نجاح الكتاب في البداية أن يكتبوا عن موضوع يحسنونه، وأن يختاروا أشخاصا لهم أساس وجذور في الواقع دون أن ينقلوا السمات كما هي بل يجروا عليها بعض التعديلات، فإذا أراد الكاتب تصوير شخصية الأم أو الأب في الرواية أو المسرحية فليس هناك مانع من أن يأخذ بعض ملامح أمه أو أبيه وبعض سجاياهما ثم يكمل الشخصية بملامح من عنده حتى لا يظهر التشابه.

مقومات الشخصية في الرواية

ويهتم الكاتب بإبراز بعض ميزات أو عيوب الشخصية وأبعادها الجسمية والنفسية والاجتماعية ذات العلاقة بالرواية، وهذه أهم العناصر التي يكون الكاتب منها شخصيته:

أ- البعد الجسمي: وهو شكل الإنسان وطوله أو قصره، وحسنه ووسامته أو دمامته، واستدارة وجهه أو استطالته وبروز أنفه أو صغره وطول عنقه أو قصره، وبدانته أو نحافته، ولون بشرته وعينيه وشعره وأسنانه، ونظافته أو قذارته، ورائحته الطيبة أو الكريهة، ونعومة بشرته أو خشونتها، وعذوبة صوته او قبحه ونوع ثيابه وجدتها أو رثاثتها وبين هذا أو ذاك يكون أواسط الناس أجساما.

ب- البعدان النفسي والاجتماعي: ويعني علماء النفس بالبعد النفسي الجانبين العقلي والانفعالي الوجداني، وبالجانب الاجتماعي التربية والبيئة، ولكن هذه الأبعاد متداخلة فيما بينها يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر، والثياب تعبر عن ذوق صاحبها وبيئته ومستواه الاجتماعي في الوقت نفسه.

ويعتمد الكاتب في وصف البعدين النفسي والاجتماعي على إبراز بعض هذه المقومات:

1. البيئة الطبيعية والاجتماعية: فهي تؤثر في طباع الفرد وسلوكه وأخلاقه فالبيئة الصحراوية تختلف عن الجبلية، وبيئة المدن غير بيئة الريف، وبيئة الأسرة المتمسكة بالقيم تتميز عن بيئة الأسرة المنحلة وهكذا.

2. الذكاء: هو المظهر العقلي للإنسان، وهو فطري وراثي ولكن له أثرا كبيرا في نجاح الإنسان.

3. الثقافة: نتاج رقي المجتمع وعصارة حضارته، وخلاصة مثله وقيمه ومحك تقدمه وتخلفه، وحظ الناس منها يختلف من شخص إلى آخر، فهناك المفكر والمثقف والمتعلم ونصف المتعلم والأمي والجاهل.

4. المستوى الاجتماعي: من الفقر والغنى وموقع الشخصية في السلم الاجتماعي والوظيفي والطبقي.

5. الجانب الانفعالي الوجداني: هو الجانب الثاني من المظهر النفسي. (الجانب الأول هو الذكاء) وهو أعقد الجوانب وأكثرها غموضا في شخصية الإنسان إذ يشمل سماته الوراثية الأخرى غير العقلية كخفة الروح أو الظل والمزاج والطباع ومايصدر عنها من عواطف وانفعالات ودوافع.

عناصر أساسية في بناء الشخصية الروائية:

اختلاف الناس في النشأة والتكوين والثقافة والذكاء والأمزجة والطباع يؤدي إلى اختلافهم في الغايات والدوافع والوسائل، وهي مما يجب إبرازه بوضوح في بناء الرواية.

قد يهمل الكاتب الجانب الجسمي فيصفه وصفا مجملا دون تفصيل، وقد لايذكر من مقومات الشخصية إلا المهم والضروري لفهم أحداث المسرحية أو الرواية، ولكنه لايستطيع أن يهمل العناصر الثلاثة التي تحدثنا عنها لأنها تكشف لنا عن طبيعة الشخصيات الأنانية أو الغيريّة وتظهر لنا مبادئهم وقيمهم الخلفية والروحية، أو المادية والانتهازية.

غايات الشخصية

لكل شخصية واقعية أو روائية غاية تسعى إليها، فهناك من يسعى إلى الجاه والثروة وهناك من يسعى إلى المنصب والسلطة، وهناك من يسعى إلى التفوق في العلم أو الصناعة او التجارة أو الأدب أو الفن، وهناك من يسعى إلى كسب لقمة العيش له ولأسرته، وهناك من يسعى إلى إذلال الغير أو استعباده.

وهناك من يعيش كالحيوان لاغاية له إلا انتهاب اللذات الحسية، أي أنه يعيش ليأكل. وميول الإنسان وطباعه وثقافته هي التي تحدد غايته وأهدافه.

دوافع الشخصية

قد تتفق الغايات وتختلف الدوافع فهناك من يسعى إلى السلطة بدافع خدمة بلده ومجتمعه، وهناك من يسعى إليها بدافع الكسب الشخصي واستغلال النفوذ. هناك من يسعى إلى المال للتمتع به ومساعدة غيره، وهناك من يسعى إليه للتحكم في الآخرين أو لمجرد جمعه، ودافع الأول حب المجتمع، ودافع الثاني حب نفسه أو حب المال. وقد تكون الدوافع دنيئة كحب الانتقام أو إيذاء الآخرين بدافع عنصري أو طائفي أو حزبي...إلخ. وحتى الغاية النبيلة كعمل الخير تفقد قيمتها إذا كان الدافع إليها أنانيا كحب الظهور.

وسائل الشخصية

هي ما تقوم به الشخصية الواقعية في الحياة لتحقيق غاياتها، وماتقوم به الشخصية الروائية من أفعال خلال أحداث الرواية للتغلب على العقبات التي تحول دون تحقيق مآربها، وقد يتفق الناس في الغايات ويختلفون في الوسائل، فهناك من يسعى إلى السلطة بوسائل شريفة، ويصل إليها عن طريق الانتخاب النزيه، وهناك من يسعى إليها بوسائل دنيئة ويصل إليها بالغش والتزوير، وهناك من يحصل على المال بالكد والتعب، ومن يحصل عليه بالاختلاس والسرقة وهكذا... فالوسائل قد تكون شريفة وقد تكون دنيئة، وقد تكون واضحة وقد تكون مشبوهة. وإذا كانت الميول والطباع والثقافة تحدد الغايات، فأخلاق الإنسان ومبادئه هي التي تتحكم في دوافعه وتحدد وسائله.

واختلاف غايات الناس ودوافعهم ووسائلهم هي التي تسبب الصدام بينهم في الواقع وفي الرواية. والشخصية البنّاءة في الحياة هي التي تكون غاياتها ودوافعها نبيلة ووسائلها شريفة، لأنها تساهم في بناء المجتمع وإعلاء قيمه، والشخصية الهدّامة هي ما كانت إحدى هذه العناصر أو كلها دنيئة لأنها تساهم في هدم المجتمع.