قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا نيران في خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس والأخير

نوفيلا نيران في خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس والأخير

نوفيلا نيران في خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس والأخير

أجتمع الأزواج الثلاثة حول الطاولة يضحكون بمرح على يحيى الصغير فتى عيد الميلاد وهو يكاد يلقي برأسه داخل الكعكه المزينة بأسمه، وعلق يزيد بسخرية:
-انتوا مش بتأكلوا الواد ده ولا ايه!
-يا ابني بطل استخفاف دمك انت مش بتتعب من اللي ظافر بيعمله فيك!
قال مروان وهو يسند بذراعه على كتف زوجته الملتصقة بجواره والسعادة تشع من وجهها وعينيها فضحكت سلمى لتجيب:
-معلش أصل القط ما يحبش إلا خناقة!

رمقها يزيد نظرة استنكار وقال بحنق طفولي:
-ومالك فرحانه وسعيدة وانتي بتقوليها كده!
حركت كتفيها بعدم اهتمام وتهكم وجذبت طبق ملئ بالحلوى الشهية فقرر مضايقتها و مال لأذنها هامسًا:
-طيب براحة على نفسك عشان الدايت!
قذفته نظرة نارية لتهمس بحدة:
-قصدك تقول إني تخينه؟
ابتعد للخلف ورفع يداه للأعلى بأبتسامة مراوغة ليقول:.

-انا مالي؟ انا مش بقول حاجه انتي اللي بتفضلي واقفه قدام المرايه بالساعات وبتقعدي تشتكي انك تخنتي بسبب ابني ولازم تخسي فقولت افكرك عشان متبدأيش حصة الشفقة على الذات لما نروح!

مالت نحوه بغيظ لتهمس بتهديد:
-وانا اقتنعت بكلامك اني كام كيلو مش هيأثروا علي جنالي مش ده كلامك و انت شكلك عايز الدور يبقي عليك المرة دي، انا ممكن اخد المفتاح واقعد في شقة شروق وابقى قابلني لو عرفت تشوفني أنا أو ابني!
حمحم بتوتر عندما لمح الجدية من نبرتها ليردف متراجعًا:
-يا ساتر عليكي هو الواحد ميعرفش ينكشك شوية من نفسه!

ابتسمت بأصفرار ردًا على ضحكته السخيفة الأكثر إصفراراً والتفت لأكمال طعامها فتوجة يزيد نحو مروان وظافر قائلاً:
- بقولك ايه انت تتشقلب كده وتبيع الشقة اللي فوق دي عشان هتعملنا مصايب!
ضحك ظافر وهو يقرص وجنته قائلاً:
-تصدق وتأمن بالله أنا هسيبها مخصوص عشان ازولك في حياتك يا بارد!
لم يحاول مروان كبح ضحكاته الساخرة ليستكمل حديث ظافر بقوله:.

-لا وممكن نساعد على الموضوع لما تعرف ان كل العملاء الستات بيحبوا وقال ايه بيرتاحوا في التعاملات معاه، تيجي تشوف الراحة اللي بيوفرها للناس دي مصدرها ايه!
عقد يزيد ذراعيه وهو يتنقل بأنظاره بين أصدقائه ليخبرهم بغرور:
-خليكوا منفسنين مني كده طول العمر!
امسك ظافر وجنته مرة أخرى وهو يشاكسه بقوله:
-بنموت من جمالك، خاف مننا بقى!

دفع يزيد اصابعه بغضب عن وجهه وتوجه بصمت إلى الأطفال متمتمًا ببعض الكلمات الغير مسموعه...

بعد حلول منتصف الليل ونوم جميع الأطفال ووضعهم بغرفة فريدة ويوسف، اجتمع الأزواج الثلاثة مع بعضهم لتتساءل منار بلهفة:
-هاه خلصنا تنضيف والعيال نامت، هنعمل ايه دلوقتي؟
هز مروان كتفه بعدم معرفة ونظر إلى ظافر ولكن قبل أن ينطق كان يزيد يهب مقترحًا ببراءه:
-تعالوا نتفرج علي فيلم...
التفت نحوه مروان وظافر بحدة وعيون متوعدة ليقول ظافر من بين أسنانه:.

-أنت تاني؟، لا أنا شايف حلو أوي السهرة كده اتعشت من الأخر وكله يروح بيته ينام!
لكزته شروق بحرج ووجه أحمر لأنعدام أخلاقة ولكن مروان وقف سريعًا مصطنع التثاءب ليقول:
-اه فعلًا انا شايف ننام ونرتاح بقى!
مد يده يجذب منار التي عكست ملامحها خيبة الأمل فأرسل لها غمزة تحمل الكثير من الوعود المشاكسة أخرس بها أعتراضها، فعكست تثاؤبه بعد ثوان وقالت:
-ايوة صح نعوضها يوم تاني!

وقفت سلمى بتعب هي الأخرى وطالبت يزيد:
-شيل انت تيم معلش الا ضهري مموتني!
وقفت شروق تحادثهم بحرج وانزعاج من حديث زوجها الذي فرقهم:
-في ايه يا جماعة لسة بدري ده ظافر كان بيهزر!
اسرع مروان بالإجابة:
-لا بجد احنا بس اللي تعبنا وزي ما منار قالت نخليها وقت تاني!
وبالفعل خرج مروان ومنار اولًا بعد إلقاء التحية على الجميع واتبعهم سلمى و يزيد.

دلفت منار اولًا وبدأت في خلع ملابسها بكل وقاحة ما أن أغلق الباب فطالعها مروان بأبتسامة منذهلة من جرائتها وهي تداعبة بعيونها وابتسامتها الشقية فقرر إحباطها ومشاكستها بقوله:
-ايه يا حبيبتي بتقلعي لية، انتي حرانة؟
رمشت عدة مرات قبل ان تتعلق انظارها بوجهه في صمت، تحاول ان تحلل جدية كلماته ولكنه اكمل بتنهيده متعبة:
-على العموم تصبحي على خير الا أنا جسمي مفرفت!

كاد يقبل جبينها فأبتعدت بغيظ واستنكار:
-مروان متستعبطتش!

ظهرت ابتسامة على وجهه رغمًا عنه تهدد بفشل خطته فقال بقصد:
-انا يا بنتي!، لا حول ولا قوة إلا بالله هو عشان انا على قد سني وصحتي مش مساعدة اسهر ابقى بستعبط!
وضعت يداها على خصرها غير مبالية بردائها المفتوح حتى المنتصف لأنظاره وقالت بلهجة مستهجنه:
-بطل تقطمني كل يوم، مش عشان كلمة قولتها ومقصدتهاش هتقعد تذلني العمر كله.
-هي مره ولا اتنين يا حبيبتي ده...
قاطعته وهي تقفز مكانها بأعتراض وغيظ قائلة:.

-بطل تضايقني بقى يا مستفز انت عارف إنك في عز شبابك فمتعش الدور!
علت ضحكاته واوقف قفزاتها بضمها نحوه ليقول:
-يعني أنتي شايفة كده!
ضمته إليها بقوة لتقول بوقاحة وهي تعض طرف شفتيها:
-وأكتر من كده كمان يا سيد الرجالة والناس دي كلها.
-بعشق لسانك العسل ده لما يسرح بيا.
تابع ضحكتها المريبة المنذرة بهجوم شرطة الأداب في أي لحظة بعدها ثم أضافت بمراوغة:
-وانت لسة شوفت حاجة يا قلبي أنت يا مسكر!

ضاقت عيناه ثم حاول قضم أنفها بمرح قائلاً:
-هتندمي!
قبلته بشغف وهي تقف على أطرافها بلهفه لقربه ثم أبتعدت لتقول:
-أي حاجة وأنا بين إيدك أنا راضية بيها!
تبدلت ملامح التسلية بملامح تسودها فيها حرارة عاطفته ثم مال يحملها بين ذراعيه قائلاً:
-أخرتي هتبقى على إيدك. يا منار..
وضعت رأسها علي صدره و اجابته بأبتسامه واسعة:
-بعد الشر عليك يا عمو المسكر!
رمقها بنصف عين وهربت من صدره ضحكة غامضه ليقول:.

-وماله يا صغننه!

وكعادة كل يوم انتهى بلقاء قلوبهم قبل أنفاسهم و انغماس كلًا منهم في فك تعاويذ غرام الأخر...

ضحكت سلمى التي كانت تتدثر بفراشها بعد أن بدلت ثيابها عندما دلف يزيد إلى غرفتهم بعد أن تكفل بمهمة تغطية ابنهم في فراشه الصغير، وما ان توجه لغرفتهم حتى بدأ في القيام بحركات راقصة مضحكه دليل على الانتصار غير مصدق نوم الصغير في مثل هذا الوقت فقالت وسط ضحكاتها:
-انا عايزة أفهم انت طالع لمين؟ امك سوري يعني مش مرحه إطلاقًا وباباك الله يرحمه سمعت إنه كان شديد، انت بقى طالع مسخرة لمين؟

رمى أخر قطعة من ملابسه الخارجية ووقف يحذرها بمرح وهو يقرب منها:
-لا مسمحلكيش انا زي بابا بالظبط في الشدة شديد و القوة قوي أوي أوي!
قال جملته الاخيرة وهو يقفز على الفراش جوار زوجته التي انقطعت انفاسها من الضحك، وضع رأسه على صدرها وضمها نحوه بشوق ولوعه قائلًا:
-يالهوي على الضحكه الجنان!
مررت أصابعها بحنان بين خصلاته الناعمة وقالت بسعادة:
-ربنا يخلي اللي مخلي الضحكة مش بتفارقني!

-ايوة بقى، الكلام الحلو اللي بيشجع ده يا اخونا، كتري من الكلام ده لو سمحتي!
أنهى جملته وهو يرفع رأسه لتقبيلها فقابلته بمنتصف الطريق في قبلة خاطفة وابعدت رأسها سريعًا، أختفت الابتسامة من على وجهه وقال في غيظ:
-يا مساء الرخامة!
-من ذوقك والله يا حبيبي!
أجابته من بين شفتيها المزمومة بمرح، فأرتفع ذراعه الأيسر ليقبض على عنقها من الخلف وبالاخر يجذب جسدها للأسفل لتصبح في مستوى وجهه، فضحكت سلمى قائلة:.

-فين زمن الدعابة الجميل!
-بقولك أيه تتحرق الدعابة أكتر ماهي محروقة، هتنجزي ولا هتستني ابنك يصحى؟
حركت اصبعها على ذقنها ببطء وتفكير ولكنه لم يترك لها فرصة وهو يميل نحوها متجاهلاً ابتسامتها حاسمًا موقفها بقبلة طويلة سلبت أنفاسهم يبث بها عشقه وغرامه لها...

*****.

جلست شروق بين أحضان زوجها مستمتعة بقبلاته الخفيفة خلف رقبتها، تثاءبت بعنف فباغتها بقبله مسروقة خاطفة ليقول:
-تعبانة؟
هزت رأسها بموافقة فربت علي خصلاتها القصيرة ثم وضع كفه أعلى بطنها بحنان بالغ هامسًا:
-يلا ننام؟
نظرت له بحرج وهزت رأسها بنعم، ضحك ليداعبها بقوله:
-ايه ده انا نسيت انك بتتكسفي؟
ضربته في صدره بخفه لتجيب:
-أنا طول عمري بتكسف يا ظافر بيه!
-على يدي بأماره ما...

وضعت كفها سريعًا علي فمه وقد احمر وجهها لتنهره:
-ظافر!
قبل باطن كفها وضمها نحوه واضعًا رأسه فوق رأسها ثم قال بجديه وصدق:
-والله بتتكسفي مش بتتكسفي أنا بحبك في كل حالاتك!

ارتسمت ابتسامة واسعة على كل وجهها واغمضت عيونها المتعبة وهي تستند على جسده مرة أخرى، ظل ظافر يربت على خصلاتها حتي شعر بأنفاسها تنتظم تدريجيًا، رفع يده ووضعهت على معدتها مرة أخرى وكأنه يربت صغيرته بداخلها والتي ستسرق المتبقي من عقله، يكفي إنها جزء من الملاك النائم في أحضانه وذلك التفكير وحده ينذره بأن تلك الشقية الصغيرة ستأكل عقله أكلًا تمامًا كوالدتها، ابتسم حين شعر بها تخبط والدتها تحت كفه وكأنها تبادله المحبة، وهمس لأبنته حين تحركت شروق بعدم راحة:.

-يا بت بطلي لماضة و شقاوة وسيبي ماما تنام شوية من نفسها!

ابتسم ثم عدل زوجته مقررًا الخلود للنوم هو الأخر، وتعجب من هذا الشعور الفائق بالسعادة الذي يتوغل في قلبه، وشكر الله على نعمة السعادة الأسرية التي منحها له بعد مشقة وعذاب في الحياة، وعلى منحه زوجة اسوء ما فيها هو حماقتها المحببة لقلبه، يكفي أنه برغم تلك المسرحيات في حياتهم والمشاجرات الدائمة بينهم إلا إن راحة بال كلاهما دائمًا ما تكون بين أحضان الأخر...

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة