قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا نجمة الباشا للكاتبة دينا ابراهيم و رحمة سيد الفصل السابع والأخير

نوفيلا نجمة الباشا للكاتبة دينا ابراهيم و رحمة سيد الفصل السابع والأخير

نوفيلا نجمة الباشا للكاتبة دينا ابراهيم و رحمة سيد الفصل السابع والأخير

تنهد سليم بقوة، بعد إرهاق دام أكثر من شهران، شهران، يستنزفه ذلك التردد الذي لم يُعرف عنه ابدًا، شهران، وكل تفكيره مُنصب عليها فقط، على نجمته التي أرقت منامه وأشعلت فتيل عشقها بين ضلوعه التي كلما حاول تجاهله أحس بذلك الصهد يحرق روحه حرقًا.

شهران، ولعنة التفكير تلاحقه، فبعد أن تخلص من جلد الذات وزالت مخاوفه من نظرتها فيه أنه أصبح مُستغلًا لسلطته بعد ما فعله معها ومع أهلها، بعثت له لعنته قلقًا جديدًا يحيره بأنه ان اتخذ خطوة الآن ستكون موافقتها نابعة من رد الجميل بعد وقوفه معها في محنتها.

تلك النجمة أتت إلى حياته كشهاب لاهب سقط على محور أرضه ليُذيبها مخلفًا خلفه شخصيته القديمة التي لم تكن تنتمي لتلك الشخصية الجديدة التي جعلته عليها أبدًا..
فقد كان يُكرس حياته لعمله فقط، يكدح فيه ويخرج كل جهوده من أجل الارتقاء في وظيفته ورسم الفخر على وجوة أسرته، لكنه الآن اصبح هدف ثانوي لم يعد يؤديه على أكمل وجه كما كان.

وقد أصبحت نجمته، نجمة الباشا أكثر أهمية من نجوم الشرطة التي كان يسعى لزيادتها على كتفه...!
-سليم أنت لسه معايا؟
قطع أفكاره صوتها الهادئ الذي يحمل في طياته القلق، فكسر سليم مخاوفه أخيرًا وأطلق سراح الحروف من بين شفتاه في حزم:
-نجمة أنا بحبك، بحبك وحبك سيطر عليا خلاص، اتجوزيني يا نجمة؟!

لحظات من السكون التام وكأن تلك النبضات العالية الصاخبة صْمت أذناها عن كل شيء حولها إلا من تلك الكلمات، تلك الكلمات التي لم تتوقع أن تثور لها انفاسها في حرارة أنستها أنها في الشتاء القارص.
ولكن أتاها صوته المتلاعب المخلوط بتوتر يحاول اخفاءه في مكر وهو يتابع:
-السكوت علامة الرضا؟
ضحكت نجمه في رقة وقد أكدت بتلك الضحكة ما يسعى له قلبه جاهدًا، وسمعها تغرد في ميوعتها المعتادة:.

-رغم ان الصيغة آمر أكتر منها طلب، بس أنا موافقة.
تأهب كل إنش بجسد سليم وهو يشعر أنه أخيرًا وبعد مُعاناة أقترب، أقترب كثيرًا من خط البداية للسعادة الأبدية، الخط الذي كان كلما أقترب منه حتى شعر به يبتعد وكأنه كان يسعى خلف سراب.
تمالك سليم سعادته ثم استطرد بصوت هادئ يلقي بأخر مخاوفه من طيات روحه:
-بس أنا مش عايزك توافقي كرد جميل يا نجمة،.

صدقيني والله العظيم لو مش بتحبيني وسمعتها منك دلوقتي أنا هقفل ومش هتشوفي وشي أو أضايقك تاني.
حينها هتفت دون سلطة على لسانها الذي انطلق يتابع بكل تلقائية واندفاع:
-لأ طبعًا، أنت عايز تخلع ولا إيه!
عضت على شفتاها في خجل حين وصلها صوت ضحكته لتدرك ما تفوه به لسانها، فأستطرد سليم في نبرة مرحة تتجلى في صوته:
-أبوكي عندك؟
-اه، اشمعنى؟
-لا أبدًا، خمس دقايق وقومي أفتحيلي الباب يا عروسة، أنا طالع.

تداخلت خلايا عقل نجمه وهي تحاول استيعاب ما يقول، لتغمغم ببلاهة:
-باب إيه؟!
اتسعت ابتسامة سليم وهو يلحظ توترها قائلًا في مشاكسة:
-باب بيتكم، أنا قدام الباب يلا مش هفضل مستني كتير ولا عايزاني أجبلك شبهه!
انتفضت نجمة في هلع تلتفت حول غرفتها دون سبب مقنع هامسة في ذهول:
-نعم! أنت قدام بيتنا بجد؟
سليم أنت بتهزر صح؟!
-إيه ده وأنا ههزر معاكي ليه؟

هو عشان قربنا من بعض كام شهر واتبهدلت وانا بجري وراكي عشر شهور، هنبقى صحاب خلاص؟!
صدح صوت جرس الباب فرمت نجمه الهاتف وهي تنهض كالملسوعة تضحك وتركض حول نفسها بحثًا عن ملابسها دون أي فكرة عن ما سيبرر به سليم حضوره.
بينما في الخارج رن سليم الباب من جديد حتى فتح له والد نجمه الباب، ظهرت الدهشة على وجهه بمجرد أن رآه ولكنه سرعان ما أبدلها بابتسامة مرحبة:
-اهلا يا سليم باشا اتفضل اتفضل.

دخل سليم في خطوات ثابته مهذبة، سائلًا إياه بمودة:
-ازي حضرتك يا أستاذ شاهين عامل إيه؟
-الحمدلله بخير، أنت عامل إيه؟
-كويس الحمدلله.

ظهرت نجمة في تلك اللحظة وعيناها تلقائيًا قابلت عينـا سليم الذي حدق فيها في شغف لثواني قبل أن يغض بصره أمام والدها، فقابلت هي انظار والدها الذي حدجها بنظرة موبخه يستنكر خروجها، فدخلت نجمة إلى غرفتها بعد أن لاحظت نظراته الحادة لكن قلبها المجنون أراد رؤية سليم والتأكد من وجوده فعليًا.
أما في الخارج ظهرت والدة نجمه التي رسمت ابتسامة مرحبة في هدوء وهي تلقي التحية على سليم:
-السلام عليكم ازي حضرتك.

-انا بخير الحمدلله، انتم بخير؟
-الحمدلله.
أتبعها سليم يفتح أي موضوع:
-في مشاكل حصلت تاني؟ الواد إياه ظهر تاني؟
فهزت الاخرى رأسها بامتنان:
-لا الحمدلله يابني تسلم ربنا يحميك لشبابك.
ساد الصمت لثواني قبل أن يتنحنح سليم مقررًا الدخول في الموضوع مباشرةً، فخرج صوته خشن ثابتًا:
-طبعًا حضرتك مستغرب أنا هنا ليه، فـ أنا هدخل في الموضوع على طول.
اومأ شاهين برأسه في هدوء:
-اتفضل يابني خير ان شاء الله.

تنهد سليم بعمق قبل أن يزيح صخرة التردد عن كاهله ويتشدق قائلًا:
-أنا طالب إيد نجمه بنت حضرتك على سنة الله ورسوله،
وجيت الأول اشوف رأي حضرتك عشان بأذن الله لو في نصيب أجيب أهلي ونيجي لكم زيارة.
صمت شاهين لدقائق يوزن الموضوع بعقله وقد فاجئه فعليًا، ثم انتبه سليم لصوت شاهين وهو يخبره برزانة وهدوء:
-أنت حد محترم وشهم يا سليم وطبعًا أنا مش ناسي وقفتك معايا أبدًا،.

لكن طبعًا هشوف رأي نجمه الاول واللي فيه الخير يقدمه ربنا.
حرك سليم رأسه بابتسامة واسعة وقد تهللت أساريره متأكدًا من موافقة نجمة، وأخيرًا، وأخيرًا سينال حقه في نجمته:
-طبعًا ده حقها ان شاء الله خير،
هستنى رد من حضرتك ولو موافقة نحدد الميعاد اللي نيجي فيه أنا وأهلي.

حرك شاهين رأسه في ابتسامة هادئة، بينما في الداخل كانت نجمه تستمع لكل حرف بقلب يقرع الطبول، حتى رأت والدتها تنهض متوجهه نحو المطبخ كي تقدم له مشروب فابتعدت تختفي داخل غرفتها سريعًا.
بعد قليل وبعد مغادرة سليم...
تقدمت نجمة من والدها ووالدتها بأقدام كالهلام تهتز لأنها تدرك جيدًا ما سيقوله والدها الذي ناداها منذ قليل، جلست جوارهم، ليتنحنح والدها قائلًا في صوت هادئ:.

-سليم كان هنا من شوية زي ما انتي عارفه.
هزت رأسها فأكمل والدها وعيناه مُسلطتان عليها يستشف رد فعلها:
-طلب إيدك مني وأنا قولتله هنفكر، إيه رأيك يا نجمه؟
فركت نجمه أصابعها بتوتر وقد بدأ ذلك الاحمرار الخجول يغزو وجنتاها، ليخرج صوتها مبحوحًا في خجل:
-هو شخص كويس، ومحترم وعمل معانا موقف رجولة...
قاطعها والدها في حزم أبوي:
-لأ، يبقى انسي خالص طالما فكرتي في موقف الجدعنة اللي عمله معايا يبقى هرفضه،.

لأن ده مش دين عليكي هتردي لي يا نجمه.
حركت نجمه يدها أمامها نافية اقواله، هاتفة:
-لا لا أنا موافقة بجد مش رد جمايل.
ارتفع حاجبي والدها بشك متسائلًا:
-هو أيه الحكاية بالظبط، هو في حاجة بينكم أنا مش عارفها؟
-بينا لا طبعا يا بابا، أنت بتقول أيه!
ردت نجمة المرتبكة سريعًا وهي تنظر لوالدتها تطلب المساعدة فتدخلت الأخيرة لإنقاذها:
-يعني انتي موافقة؟
أطرقت نجمه رأسها أرضًا ومن ثم تمتمت:.

-اللي بابا يشوفه طبعًا.
اتسعت ابتسامة والدها المغموسة بالحنان باعدًا ظنونه التي تراوده، سعيد باقتراب الفرحة الكبرى لابنته غير منتبه لعيون طفلته الغارقة في نشوة السعادة.

يوم عقد القران...
جلس سليم بين أسرته وأسرة نجمة الصغيرة يتابع في لهفة نجمة المنغمسة مع شقيقته واصدقاءها في التقاط الصور، حرك رأسه في يأس من صلاح حال جنونهم بالتصوير، التفت لنبيل الجالس بينه وبين خالته مربتًا على فخده متسائلًا في خبث:
-عامل أيه يا نبيل دلوقتي، أمك راضية عنك ولا لسه؟
أنهى جملته وهو يرمق خالته المبتسمة في فخر قبل أن يسرق انتباهه نبيل المغتاظ بقوله:
-الحمدلله، بحاول اراضيها!

-جدع انبيل، جدع يا حبيبي!
اخبره سليم وهو يخبط على كتفه بشيء من القوة قبل أن يغمز خالته المرسلة له قبله هوائية سعيدة بانصلاح حال ابنها المتذمر.
تابع سليم والد نجمة وهو يسحب خلفه كبار السن من العائلة متجهين للجلوس بعيدًا عن شغب الشباب واتسعت ابتسامته في مشاكسة وهو يلكز ابن خالته قائلًا:
-ايه يا نبيل قاعد ليه، ورا أمك!
-أنت مش سامع بيقولوا...
-يا نبيل ورا أمك مش عايزين نخسر بعض!

أخبره سليم بابتسامه محذرة مخلوطة بالمشاغبة فزفر نبيل قبل أن يستقيم متجهًا نحو هؤلاء الجالسين في الشرفة الخارجية.
التفت سليم في لهفة نحو مجموعة الفتيات مقررًا التدخل لسرقة زوجته:
-بعد اذنكم سيبونا لوحدنا عشر دقايق قبل ما أمشي.

عدل سترته يحافظ على هيبة مظهره يحاول قتل أي رفض قد ينبع منهن بعيونه الحادة، نظرن الفتيات لبعضهن ورغم اعتراض نجمة إلا أن الجميع هرب عدا شقيقته المزعجة التي تصر على تصوير نجمة واتباع ارشادات زوجته المصون الصائحة:
-صوريني بالبوزيشن ده يا توتا بس استني أعدل شعري.
حينها جذبها سليم من ذراعها ليغمغم بنبرة ماكرة بينما يرمق نجمة بنظراته الحارقة:.

-لا كفاية عليكي كده انتي تعبتي يا قلب اخوكي اطلعي انتي وانا هظبطها حتة بوزيشن هتحلف بيه العمر كله.
ابتلعت نجمة ريقها في توتر وقد وصلتها تلك الحرارة المنبعثة من حروفه، فيما صاحت توتا بخبث شبيه لأخيها وهو يدفعها نحو الخارج:
-استنى بس ياعم، طب هساعدك طيب.
صاح سليم في صفاقة متعمدًا دفعها للخارج:
-شكرًا لامك.

أغلق الباب من خلفها وهو يتنهد بارتياح فيما يستمعان كلاهما لضحكاتها على نفاذ صبر شقيقها، ثم التفت نحو نجمة التي كانت تغمغم في تذمر طفولي:
-كنت سيبتها تصورني البوزيشن ده بس يا سليم!
كانت نظراته مثبتة عليها، تحكي لها عن شوق لاهب جعل قلبه بين ضلوعه يغلي يناشد حقه في شفتاها الثرثارة التي لطالما تمنى إسكاتها بأكثر الطرق، وقاحة!
بدأ يقترب من نجمة التي أخذت في التراجع للخلف وهي تهمس بحروف منزوعة الثبات:.

-إيه؟!
لعق سليم شفتيه ثم غمزها بعينه وهو يشير بأصابعه قائلًا والشقاوة تقفز من أم عينيه:
-ده أنا هصورك حتة بوزيشن إنما إيه، ليڤل الوحش!
بلغ توترها أقصاه فوضعت يدها أمامها حتى لا يلتصق بها بعد أن يئست من إيقاف تقدمه نحوها، ثم تمتمت في بلاهه وتلقائية جعلت الابتسامة تزحف لشفتا سليم:
-بوزيشن! يعني إيه بوزيشن؟
أنا عايزه ماما، ماما وحشتني أوي يا سليم.

حينها وبحركة مباغتة جذبها سليم بعنف لتصطدم به مستشعرًا نعومة جسدها ضد صلابة جسده الذي كان كالجمر فجعلها ترتعش في عنف ما إن مسته، سار بها خطوتان ليتقابلا مع الحائط خلفها حينها أدركت أن لا مفر لها منه ومن اللهيب في مقلتيه.
اقترب بوجهه من وجهها حتى لفحتها أنفاسه الساخنة التي أخبرتها عن حريق الانتظار الذي اندلع بصدره ولن يطفئه سواها، قبل أن يهمس بصوت خشن من فرط العاطفة:
-وأنتي وحشتيني أوي يا نجمة.

سألته نجمة في نبرة مرتابة مذعورة والخجل يكتنفها:
-سليم أعقل ممكن حد يدخل علينا؟
ولكنه لم يجيب بل أقترب أكثر ورفع يداه ليثبت وجهها الهارب أمام وجهه ودون أن ينتظر لحظة أخرى كانت شفتاه تغطي ثغرها المرتجف في قبلة ملتهبة مفعمة بالمشاعر ينهل من رحيقها وبتلاتها الحمراء ما يرضي به ذاك البدائي المجنون داخله الذي يُطالب بالمزيد..

لم تكن مجرد قبلة بل كانت لقاء حار، لقاء قلبه العطشان بقلبها المتلهف بعد طريق طويل في صحراء جرداء وصل في نهايته إلى جنة العشاق..
ظن أنه سيُسكت جنون مشاعره ولكن تلك القبلة لم تكن سوى فتات يكتشف بها انه لن يشبع شوقه لها ابدًا...
ابتعد سليم سامحًا لكلاهما بألتقاط الهواء ونظر إلى نجمة المحمرة الوجه كقطة مُبللة غرقها طوفان عاطفته الأهوج دون مقدمات.

أحاط سليم جانب وجهها في حنو متحسسًا وجنتها الحمراء الناعمة وهو يتابع في مكر صبياني يزين وجهه:
-بس إيه رأيك في البوزيشن بتاعي؟
أحلى بوزيشن ده ولا إيه ابقي فكريني نعمل في بيتنا كل يوم بوزيشن على الماشي كده.
ضربته نجمة على صدره والخجل يستوطن وجهها، لا تصدق قنبلة الوقاحة التي انفجرت من ذلك الوقح الذي تعشقه...
لكنها لن تنكر حماستها الكبيرة في تذوق طعم الحياة معه وداخل جدران منزله...!

داخل جدران منزله...
طلقني حالًا يا سليم!
-يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم على الصبح، ادخلي يا نجمة واصطبحي وقولي يا صبح!
زمجر سليم بنفاذ صبر أمام باب منزل الزوجية الذي عاصر عام كامل من غرامهم الفريد الذي لا يخلوا من الجنون المتواصل رغم العشق الدفين بينهما، استدار يعدل سلاحه داخل بذلته يستعد للمغادرة، فأوقفته نجمة الغاضبة من جديد قائلة بتحدي:
-طيب انزل يا سليم وان شاء الله هترجع مش هتلاقيني.

عاد سليم نحوها في خطوات غاضبة بسبب جنونها، ووصلها صوته الهادر في أعقاب ركوضها للداخل:
-طيب اعمليها وخلي رجلك تخطي من الباب وانا وديني لأحبسك!
-أيوة طلع الجبروت اللي جواك طلع!
أغلق باب المنزل محاولًا السيطرة على الفضائح وكبح أصواتهم الحالية قبل أن يتشدق قائلًا بذهول من جنونها:
-أنتي مجنونة يا بنتي، هو يا تفتشي في تلفوني يا ابقى جبروت!

وضعت نجمة يدها فوق خصرها وهي تقف امام باب غرفة النوم تحتمي بها متأهبة للهرب واغلاقها في وجهه أي لحظة ان أقترب، متهمة إياه في نبرة درامية:
-ما أنت لو مش بتخوني يا سليم كنت سيبتني أفتش لكن انت خاين وداير على حل شعرك وفاكرني هبلة مش هنخور وراك.
-بقولك أيه متتجنيش عليا، مبقاش أنا موقف الدنيا على رجل وتيجي أنتي عايزة تثبتيني وتستلمي مني الحضور!

أخبرها سليم في انزعاج وغضب واضح أثناء فركه شعر ذقنه النابت، لكنها انهمرت في بكاء مفاجئ مؤكدة:
-أنا عايزة اتطلق حالًا، أنا يستحيل أعيش مع واحد خاين.
أقترب خطوة حازمة لكنه توقف في مكانه وقد استنتج خططتها بالهروب ان اقترب مقررًا إكمال الحوار معها للنهاية، مردفًا من بين اسنانه:
-أنتي على أي أساس بتتهميني بالخيانة، شوفتي أيه مني يشكك فيا؟!
-غيرت الباسورد ومش عايز تدهولي ولا لا؟!

اندفعت صارخه في اتهاماتها مقتربة منه دون شعور فعقد سليم ذراعيه امامه يخبرها في نبرة مستهجنة:
-حصل، خلاص هاتي باسورد تلفونك وهديكي الباسورد بتاعي؟
رفضت نجمة في حدة وشموخ صارخ بينما تعكس حركة ذراعيه أمام صدرها معترفة:
-لا طبعًا، أنا عندي صحابي البنات بيبعتولي صورهم وبيبقى كلامنا براحتنا طول الوقت!
ضحك سليم ضحكة متهكمة لا تمت للمرح بصلة قبل أن يرد في مكر:.

-قصدك بتشتموا فيا أنا وجوازهم براحتكم مش كده؟
-وأفرض يا سيدي، أيه يعني؟
ولا أنت عايز تضايقني وأسكت لحد ما انجلط، عايزني أموت!
أخبرته ببراءة وتلقائية تامة وهي تحرك كتفيها في ارتباك واضح واستعلاء:
-لا ودي تيجي اشتمي عليا براحتك يا نجمة،
لكن مش كل يوم والتاني تفتحي تلفوني وتطلعي بمشكلة من مفيش تنكدي علينا حياتنا بيها وعايزاني أسكت!

صرح سليم في تهكم وسخرية مرسلًا لها ابتسامته الصفراء المزعجة، فهتفت في نبرة مستنكرة:
-أنا بعمل مشكلة من مفيش ولا أنت اللي عينك زايغه ورايح جاي تكلم الستات!
-لا إله إلا الله، قوليلي كنت بكلم ستات مين؟
تساءل سليم في نفاذ صبر والغضب بدأ يتأجج داخله منها، ولكنه تنهد منتظرًا رغم تأخره عن عمله منتظر اجابتها الجهنمية، فأجابته في كل ثقة أذهلته:.

-الست المايعة اللي كانت بتبعتلك رسايل من اسبوع وقال أيه بتسأل عن جوزها!
-بالظبط، انتي اللي قولتي اهوه، بتسأل، على، جوزها، يا مهزأة،
عشان صاحبي في مهمة والشبكة عنده منعدمة ومش بتعرف توصله غير من خلالي والست بتبقى هتتجنن على أي أخبار منه!
اهتزت شفتي نجمة في عناد قبل أن تخبره من بين عبراتها المنسابة فوق وجنتيها:
-أنا مش بحب أي ست تكلمك، قولها تسأل حد غيرك.

زفر سليم مستغفرًا الله في صوت عالي قبل أن يقترب منها مستقرًا امامها مؤكدًا في نبرة خافتة صادقة محاولًا الوصول لمشاعرها المزروعة داخلها تجاهه بعيدًا عن شبح الجنون الذي تلبسها:
-لو ستات الدنيا كلموني أنا عمري ما هخونك يا نجمة،
محدش يقدر يطول مكانتك في سما قلبي ابدًا.
تركته يحتضنها إلى صدره مستنده بجانب وجهها فوق قلبه النابض بعشقها قبل أن تهمس اعترافها في حزن وغيظ دفين:.

-أنا بغير عليك غصب عني، أنت كل ما واحده تشوفك تبقى هتموت عليك!
-ايوة يا حبيبتي أنا لا اقاوم للأسف!
مازحها سليم في نبرته المشاكسة محاولًا تخفيف بكاءها، لكنها أبعدت رأسها عنه في حدة توبخه من بين اسنانها:
-سليم متهرجش!
-بهزر معاكي متبقيش رخمة،
اقولك وادي يا ستي تلفوني وادي الباسورد مبسوطة كده؟

اتسعت ابتسامتها في حماس بينما تمسح بقايا دموعها الشبيهة بدموع التماسيح، تراقب كالصقر أصابعه المتراقصة على شاشة الهاتف متلهفة لمعرفته، كبح سليم ضحكته متابعًا في صمت ابتسامة النصر الطفولية المرتسمة على وجهها قبل أن يمد يده بالهاتف نحوها قائلًا:
-اتجسسي بسرعة عشان اتأخرت على الشغل ولازم انزل.
رفعت نجمة جسدها تطبع قبله طويلة ممتنة فوق ثغره مباشرة أثناء احتضانها للهاتف مؤكدة:
-أنا بحبك أوي يا سليم!

-وأنا بحبك يا نجمة سليم!
تناست الهاتف وعادت تحاوط خصره بقوة مستمتعة بقوة عناقه لها وبهمساته العاشقة لكنها ابتعدت بعد دقائق كي لا تأخره أكثر، ثم مدت يدها بالهاتف نحوه قائلة في تعالي يشوبه بعض الخجل:
-وعشان أثبتلك أني بثق فيك، مش هفتش في التلفون.
خرجت منه ضحكة صغيرة وهو يستلم منها الهاتف مغمغمًا في صوت غير واضح:
-ايوة التفتيش وأنا نايم، صحيح اللي في عادة مش هيبطلها.
-بتقول حاجة يا سليم؟

قالت في سماجة مستمتعة بجو التجاذب المرح بينهما أثناء اتباعها لخطواته نحو الخارج فاردف سليم مع ابتسامه مشاكسة متعمد إخجالها:
-بقولك متناميش انهارده، أنا مروحلك بدري يا ملعلع أنت!
دفعته للخارج بوجه احمر من الخجل وهي تضحك رغمًا عنها على شقاوة زوجها الحبيب، مغلقة الباب في وجهة وقلبها يدق في سعادة وترقب لوصال الحبيب القريب...!

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة