قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر والأخير

نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر والأخير

نوفيلا صوتها الوردي للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر والأخير

هتفت السيدة جميلة في غضب: - أخبرتك ان معرفتك بتلك الفتاة عواقبها وخيمة، ولم تصدق
حدسى..
-امى، لا علاقة لرحاب بالأمر، قال مازن في هدوء وثقة..
-وبسبب من اذن، دفعت سهى، والدها، والذى يمتلك اكبر اسهم في توكيلات الأجهزة الطبية الكبرى، ليقف لك متحديا، عند عقد صفقاتك..!؟.
هيا أخبرنى، ألم يكن بسببها..!؟.
-حتى ولو كان كلامك يحمل جزء من الحقيقة، ما دخل رحاب بأمر كهذا، ولما تحملينها تبعاته..!؟.

-لانها السبب، صرخت جميلة، منذ عرفتها، وانت تتصرف بطيش، وتنفق نقودك، مبعثرا إياها..
لصالح الدار التي تعمل بها، فقط لتنل رضاها..
حقا، لقد اصابك الجنون..
-انت محقة أمى، وما أروعه من جنون!، قالها مبتسما، في وداعة، لا يشغل باله، تلك الصفقات التي يخسرها واحدة تلو الاخرى، بسبب سهى وأبيها ونفوذه الممتد شرقا وغربا في مجال عمله..

ان زواجه من سهى، كان هو الصفقة الرابحة التي كانت تنتظرها أمه، والذى كان هو شخصيا يخطط لها، فأبوها قادر على نقل شركته الصغيرة
لتصبح في غضون أشهر قليلة، في مصاف الشركات الكبرى في مجالها..
لكن، للقلب رأى أخر، وتصاريف القدر، هي التي
تُسيِّر خطواتنا، لنكون، حيث يجب ان نكون..
وَيَا له من قدر!؟، يوم ألتقاها..
يوم فتحت له، أفاق رحبة من البراءة والطهر..
ودلته، على طريق، الطمأنينة، والسلام النفسى..

وكشفت له الحجب، عن روح نقية، وقلب طاهر..
فأسرت عقله، وملكت قلبه، وسبت روحه..
-أنت تستفزني، مازن، أليس كذلك..!؟، قالت جميلة، وهي تشتعل غضبا..
-أمى، رجاءً، فلننحى رحاب جانباً، في نقاشاتنا..
-لا، انا لن افعل، لانها سبب البلاء، انت تضيع نفسك، وشقاء سنوات تعبتها، لتصبح شركتك جديرة بالمنافسة، من أجل فتاة صماء، لا تليق بك.

-أمى، هدر غاضباً، أنا لن اسمح باستعمال مرضها، للتقليل منها، او انتقاصها، مهما كانت الأسباب، أرجوكِ..
تجاهلت رجاءه، وهي تستطرد في حنق، : - انا لم أعارضك يوماً، واعتقدت انى لن افعل، لكن هاقد جاءت اللحظة، التي أعارضك فيها وبقوة..
أعارضك، خوفا عليك، ورغبة في الخير، من أجلك، فهل يمكنك، ان تخبرنى، من أين ستستطيع، تعويض تلك الخسائر..!؟.
-الرزق بيد الله أمى، ليس بيد سهى أو أبيها..

-تغيرت كثيرا مازن، أكاد لا أعرفك، هتفت امه مشدوهة، من هذا الورع الذي يتكلم..!
-تغيرت للأفضل، بالتأكيد.، لا تقلقى أمى، فكل شئ سيكون على ما يرام..
-لا أعتقد، قالت امه في يأس، فهذا الرجل، والد سهى، انا اعرفه جيدا، لن يتورع عّن فعل اى شئ، من اجل أرضاء وحيدته المدللة..

ابتسم مازن، وهو يقول لامه في هدوء: - الان تعترفين انها، مدللة،!؟، حقا، انا لا أعلم أين كان عقلى، عندما فكرت، مجرد تفكير في الارتباط بها، وان اختارها، لتكون أماً لأطفالى!؟.
-وهل تلك التي، لن تسمع حتى صوت بكاء أطفالك
يناديها، هي من ترتضيها لتكون أماً لهم..!؟.
انتفض في غضب مزلزل، لأتيانها على ذكر ما تعانيه رحاب، وأخذ يأتى ويجى بطول الغرفة وعرضها، محاولا تهدئة غضبه، وأخيرا توقف.

امام أمه قائلا في محاولة أخيرة للتعقل، حتى لا ينفلت غضبه من عقاله، : -نعم، أرتضيها، أرتضيها وبشدة، لتكون أماً لأولادى، وليتها هي تقبل، ببائس مثلى، ليكون أباً لأبنائها، أرتضيها..
واتمنى رؤية اليوم، الذي أراها فيه، وهي تنشأ أطفالنا، على معانى الرحمة والمحبة، وتغمرهم
بحنانها، وتدثرهم بتفهمها..
نعم أرتضيها، أمى، ولكن، ليتها هي ترضى..

خرجت من الدار، هو يراها الان، تأخذ طريقها المعتاد، كان في سيارته، ينتظر خروجها، ليتابعها، كما كان يفعل في الايام الماضية، والتى لم يكن قادرًا فيها على دخول الدار ولقاءها، وخاصة بعد اكتشافه موضوع ضعف سمعها، هو لا ينكر انه فؤجى بالموضوع، لكن عندما سأل نفسه، هل سيشكل، هذا اى فارق في مشاعره تجاهها ورغبته في الاقتران بها، كان الرد.

المباشر والصريح، لا، ولم ولن يؤثر، انه بحق يحبها، وكان رده الوحيد، ليثبت لها ذلك، هو الاندفاع لبيتها، طالبا يدها، وبعد رفض ابيها، او لنقل، تعليقه البت في الموضوع، حتى يثبت جدارته، ورغبته الحقيقية في الارتباط بها، عاد، يتابعها بسيارته، في ميعاد خروجها، دون ان تدرك هي ذلك، واليوم ليس استثناءا، خرج قبلها.

بعد ساعات قضاها مع الاطفال بالدار، وانتظر بسيارته في مكان لا يسهل عليها ملاحظته فيه، وها هو يتبعها، حتى يطمئن انها
وصلت بأمان الله، لبيتها، فيعود ادراجه..
انه لم يستطع اليوم ان يقاوم تلك الرغبة في الدخول للدار، ورؤيتها، كان يموت شوقا للقاء عينيها.

، انه بحق يعشقها، وقد انقطع الثلاثة ايام الماضية، فقط، ليحدد ويفكر، كيف يمكنه، ان يثبت، لأبيها انه جدريا بها كزوج، وانه سيصونها ويحميها، لانها جوهرته الغالية، التي اخيراً، عثر عليها، بعد عناء وانتظار..
ها هي تخرج الان، من الدار، لتنحرف يميناً..
فبدأ بالتحرك خلفها، وفجأة..

من هذا..!؟، تساءل في دهشة، ونظرات يعتريها الغضب، تجاه الغريب الذي اعترض طريقها، صف سيارته على عجالة، وترجل مسرعاً، مندفعا اليها، والى ذاك الاحمق الذي بدأ يحاصرها..
وصل لعندهما، فهتف في صوت أجش، حانق..
-هل هناك مشكلة أنسة رحاب،!؟، سأل وهو ينظر لذاك الغريب، شذراً..

-لا، ليس هناك من مشكلة، فأنا خطيبها، هتف ذاك الغريب الاحمق، وهو لا يعرف مع من يتحدث، وما سمع مازن، كلماته، حتى هتف في غضب هادر، : - انت ماذا..!؟، ولم يكتفى مازن بالغضب، بل ان يديه استطالت لتقبض على سترة الرجل في وحشية، وهو يهتف من بين اسنانه: - انا اعرف امثالك، واليوم، هو يوم شؤمك لتسقط بين يدىّ..
صرخ الرجل في رعب: - رحاب، أخبريه من اكون!..

كانت تقف مشدوهة، لا تستطيع ان تنبس بكلمة واحدة، وهي ترى مازن يتحول بهذا الشكل، من ذاك الذي يقابلها بابتسامة لا تفارقه، الى هذا الوحش الذي يهدر غضبا..
-لا تناديها باسمها مجردا، أفهمت،!؟، صرخ مازن وهو يرج الرجل رجاً، يكاد يخنقه، وهو يمسك بتلابيه، وهنا تدخلت رحاب، حينما استعادت صوتها أخيرا..
وهو تهتف: - اتركه سيد مازن، انه مدحت خطيبى، أقصد، خطيبى السابق..
تراخت قبضة مازن قليلا، عن عنق الرجل..

وهو ينظر لرحاب حانقا، لنطقها اسم الرجل، بلا ايه ألقاب، وباريحية، جعلته يضغط بغيظ على اسنانه، ثم يعاود النظر، لمدحت، وهو يقول ساخرا: - اذن، فهو انت.!؟، ، مرحبا بك، كنت أتمنى لقاءك بالفعل..
انزل مازن يديه، بعيدا عن عنق الرجل، وتراجع خطوة للخلف، وهو يقول متحفزاً: - أى خدمة سيد مدحت..!؟.

-كلامى ليس معك، انا كلامى موجه ل، وقطع كلامه خوفا، عندما نظر له مازن نظرات حارقة، محذراً، قبل ان ينطق اسمها مجردا، فأكمل، كلامى مع الانسة رحاب..
ووجه نظره اليها، وهو يهتف في سرعة، يقذف كلمات حفظها، : - انا لازلت أحبك، ومازلت أريدك
اندفع مازن ليسحقه، لكن رحاب للمرة الاولى تتدخل
في قوة باشارة من يدها وهي تقول في ثبات: - لكن، على حد علمى، انت متزوج بالفعل..

-لا، لقد انفصلنا منذ عدة أشهر، قالها مدحت في رثاء للنفس، لعله يستدر عطفها، واستدرك..
انا ايقنت انى لم احب احد بعدك، ولازلت أحبك..
-هذا كثييير، صرخ مازن حانقا، وهو يمسك بتلابيب الرجل مرة أخرى رغم اعتراض، رحاب
-انا خطيبها أيها الاحمق، خطيبها، ثم دفع به بعيدا، وهو يصرخ، وإياك، ان تظهر في طريقها من جديد..

جذب مازن، رحاب من يدها، والتى شهقت، عندما وجدت كفها قابعاً في احضان كفه، يتمسك به في قوة، ألمتها، مندفعا لسيارته على الجانب الاخر من الطريق، وفتح بابها أمراً: - أركبى..
-لا، قالت في تحدى، لن اركب معك، هذا لا يجوز..
-وما الذي يجوز..!؟، تكلم من بين اسنانه، ان يتعرض لك ذاك الاحمق، ان كنتِ راغبة في ارتكابى جريمة ما، فلا تركبى، ودعيه يتعرض لكِ من جديد..
-لكن، اعترضت في وهن..

-ليس هناك لكن، سأوصلك، على الاقل، بالقرب من بيتك، حتى أطمئن انك وصلتى هناك بسلام..
أزعنت أخيرا، لأوامره، وفرحة عجيبة، تشملها
لا تعرف لها سبباً، لكنها، تمس أعماقها، فتنشر
هناك مهرجانات من البهجة، التي لا تستطع الإفصاح عنها، لكنها تعرب عن نفسها، عنوة..
على شكل ابتسامات لا أرادية، تقفز على شفتيها..

ركبت السيارة، وعندما ركب هو بدوره، ملء محياه الفراغ الضيق، أمام المقود، ليشملها حضوره الطاغى، ورائحة عطره الرجولية، تنتشر فتفقدها توازنها..
فانكمشت على نفسها، لا تأتى بأى حركة..
اما هو، فكان لايزل على غضبه، لولا وجودها..
لكان فتك بذلك الاحمق، كما كان يتمنى من قبل..
لكن وجودها حال دون ذلك، فليحاول ان يتعرض
لها من جديد، وسيكون ذلك اليوم بالتأكيد، يوم
شؤم عليه، سيمحو ذكراها من مخيلته..

ولن يجرؤ على تذكر اسمها، والذى لفظه مجرداً
في صفاقه، أثارت جنونه، انه هو، حتى الان..
لم ينطق باسمها مجرداً، الا بينه، وبين نفسه..
وتذكر، كيف كان ينطقه عندما ترتسم صورتها بمخيلته، عندما يكون وحيداً، فينغم
اسمها، كمعزوفة موسيقية، ويعيده على مسامعه
مراراً، وتكراراً، في لذة، ولم يع الا وهو ينطقه
في نبرة تحمل كل الشوق والحنين اليها، : - رحاب
-نعم، أنتفضت من شرودها مجيبة، وقد لاحظت.

كيف نطق اسمها، وكيف جرده من أية ألقاب تسبقه، نطقه مجرداً، محبباً، حميمياً..
مما أثار بقلبها، كرنفالاً من الفرحة..
فأبتسم في حبور، وهو يقول متيماً: - لا شئ، فقط أناديكِ، لأطرب لسماع صوتك الوردي..
أطرقت رأسها خجلاً، ولم تستطع الرد بحرف واحد، على كلماته التي تأخذ بمجامع قلبها وعقلها.

، على الرغم من ثورته على ذاك الاحمق، خطيبها السابق، لكنه، على أية حال، مدين له، لجلوسها الان بجواره، وكم كان هذا، مصدر سعادة لا توصف، مد يده يفتح مشغل الاغانى، في حبور تام يناقض تماما، حالته التي كان عليها منذ بضع دقائق، لتصدح احدى الاغانى..
منتشرة بنعومة، بين تلك الشرارت، التي تملاء
السيارة، سعادة، وفرحاً..
. أحبينى بلا عقد، وضيعى في خطوط يدى..
. أحبيني بطهري أو بأخطائى.

وغطيني ايا سقفا من الأزهار، يا غابات حنائى
أنا رجلا بلا قدرا، فكوني أنتي لي قدري
أحبيني أحبيني..
أحبيني ولا تتساءلي، كيف
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
كوني البحر والميناء، كوني الأرض والمنفى
كوني الصحوة والإعصار، كوني اللين و العنف
تململت في جلستها، وهي تستمع لهذه الاغنية..
وتجده، يردد بعض ابياتها، في فرح..
وهو يغمرها بفيض نظراته..
وابتسامته، عادت، ليشرق بها وجهه، من جديد.

ان قلبها الان مخطوف حرفيا، تشعر انه ما عاد
ينبض في صدرها، بل ان قلبها لديه، هانئ
لا يريد العودة، لجنباتها من جديد..
أخذت تتطلع من نافذتها، تحاول ان تنتشل نفسها
من أتون مشاعرها، تجاه ذاك القابع بمقربه منها
، واخيرا وصلا، فتوقف
لتنزل مسرعة، تتلفت حولها، ثم تندفع لدخول شارعها، حتى انها، لم تلق عليه التحية مودعة
، ظل منتظرا، حتى رأها تعبر مدخل بيتهم..
ولكن، ما ان هم بالرحيل..

، مهلا، ان هذا الاحمق، المدعو مدحت، يلحق بها، انه يراه، ويميزه الان، يدخل بيتها خلفها، حسنا، انت أردت ذلك..!؟، هتف في غضب..
وهو يستدير بسيارته عائداً..
دخلت رحاب البيت، وكأنها تطير على سحاب..
لم يكن باستطاعتها مداراة تلك الفرحة التي تثب
من عينيها، وترتسم على ملامحها..
وقد ألتقط ابيها، هذه الإشارات، ليسأل في ترقب
مرح. : - يبدو ان، بن جميلة، ظهر في الصورة من جديد..

لم تجب، ولكن ابتسامتها التي انارت محياها، كانت اجابة كافية، بالنسبة له، ليهتف في فرحة
-ذاك المتيم، لم يستطع الابتعاد اكثر من ٣ ايام..
هنيئاً له، قلب صغيرتى الرائع..
وما كاد يطوقها بذراعيه، حتى سمعوا، طرقاً على باب شقتهم، فاندفعت للداخل، بينما ذهب والدها..
ليفتح الباب، ويقف للحظات مشدوهاً، امام هذا الضيف، الغير متوقع..
اسرع مازن الخطى، صاعداً درج بيت رحاب.

في عجلة، وهو يطرق على الباب في ثورة، فتح السيد شاكر والد رحاب، ليدخل مازن، كالثور الهائج، ليصل لمدحت، الجالس في غرفة الصالون، وما ان طالع محياه: - حتى اندفع اليه صارخا في عنف: - ما الذي أتى بك الى هنا..!؟، الم أحذرك الا تدعنى أرى وجهك، مرة أخرى!؟.
-عمى شاكر، خلصنى من يد هذا الهمجي، صرخ مدحت، وهو يكاد يموت اختناقا تحت يدى مازن القابضتين على مقدمة سترته..

-أهدأ يا مازن، يا ولدى، ربت شاكر على كتف مازن في ود، جعله يترك مدحت من فوره..
جلس ثلاثتهم..
ليتابع شاكر حديثه الذي قطعه مع مدحت، بقدوم مازن قائلا في هدوء: - لقد اخبرتنى انك طلقت زوجتك، واكتشفت انك لاتزل تحب رحاب ابنتى وتريد الزواج منها..
هنا قفز مازن صارخا: - على جثتى، لن اتركها لهذا العابث، لن تعود اليه..
ليبتسم شاكر في استمتاع: - القرار ليس بيدى..

ان هذا من شأن رحاب، هي من تقرر، رحاب، هتف ابوها مناديا إياها..
لتظهر على عتبة باب الصالون في ثوان: - نعم أبى، لقد سمعت كل ما يدور..
-وما رأيك..!؟، ، سأل أبوها، وهو يعرف الإجابة مسبقا..
-رأيي، ان الله أراد أن يرد لى حق قلبى، وكرامتى، وكبريائى، ليجعل من تركنى، لأجل أمر لا حيلة لى فيه، برغبة أهله، يأتى من جديد..
لنفس الطلب، لأقول له، وأنا في قمة سعادتى..
أسفة، فلم يعد قلبى ملكى، لأمنحه لك، أو لغيرك..

هنا وقف مدحت صارخاً في غطرسة، شاعرا بإهانة ما كان يتوقعها، كان معتقدا انهم سيقابلوه بالورود محمولا على الأعناق من فرط سعادتهم، : - فليهنأ ذاك الاحمق، بكِ وبقلبك، فما انت الا إمرأة
لا ترقى، على أية حال، لتكون امرأة كاملة..
هنا، اندفع مازن، ليسدد لوجهه قبضة تحمل كل الغضب والثورة، ، و الذي سقط على أثرها متأوها..
وكان مازن في سبيله لإعادة الكرة من جديد..
الا ان مدحت اندفع خارج البيت مذعوراً.

، ومازن في أعقابه، يحاول اللحاق به..
لكنه، لم يستطع، فعاد أدراجه للداخل..
، ليجد رحاب تبكى في احضان ابيها، وما ان رأته، حتى اندفعت تجرى خارج الغرفة، الا انه وقف معترضا طريقها في ثبات، وهو يتطلع لأبيها قائلا بثقة: - سأذهب لأحضار المأذون، لنكتب كتابنا الليلة عمى، فهل من أعتراض..!؟.

انفرجت أسارير الاب: - بالطبع لا، ولو لم تعلن رغبتك هذه الان، لكنت أعلنتها أنا، وقهقه ضاحكا نظر مازن لرحاب التي لا يبعدها عنه، سوى سنتيمترات قليلة، وهي مطأطأة الرأس، لا تقوى على رفع رأسها، لتقابل عينيه..
رغبته قاتلة، ليجذبها اليه، ليحميها بين ذراعيه، ويبعد عنها ذاك الحزن الذي يغلفها تلك اللحظة..
همس لها: - بعد قليل، ستكونين لى، وستعلمين ساعتها، كم أحبك، يا وردية الصوت..

واندفع خارجا، باحثا عن مأذون، يجمعه بها للأبد
دخلت هي حجرتها لا تصدق ما يجرى، تشعر انها تهزى، لا، لابد انه حلم لم تستفيق منه بعد..
احقا، كان مدحت هنا، رأته بعد كل تلك السنوات
، تعجبت كيف كانت في يوم ما تحب ذاك الرجل..
وكانت في سبيلها للأقتران به، ..

ان ما رأته منه اليوم، جعلها تحمد الله ألف، الف مرة، انه استمع لنصيحه اهله، ولم يتزوجها، يا لها من محظوظة، حقا محظوظة، وخاصة بعد ان قابلت مازن، لا تعلم كيف تسلل اليها، وأذاب جدران حصون قلبها الجليدية، ليقبع هناك، على عرش فؤادها، ويحتل بهواه روحها..
انها تحبه، بل تعشقه، ولم تهوى سواه، انه حبيبها، وسيصبح بعد قليل، زوجها، ارتعشت عندما تذكرت تلك الحقيقة..
ماذا قال لها هامسا قبل ان يرحل، ستكونين لى..

وستعلمين ساعتها، كم أحبك، يا وردية الصوت.
أه، انها ترتجف الان من رأسها حتى أخمص قدميها، وهي تتذكر كلماته، وتهمس في وله..
، بل انت من سيدرك، كم أهواك..

انتهت مراسم كتب الكتاب، ورحل الجميع، وعاد للبيت هدؤه المعتاد من جديد، وهي لا تصدق، انها اصبحت بالفعل زوجته، وان عرسهما، في خلال اسبوع من الأن، أسبوع واحد فقط..
يا آلهى، ان قلبها يكاد يقفز خارج صدرها، في سعادة، لم تتذوقها من قبل، وفجأة، سمعت طرقات على الباب..

-أدخل، انه أبوها بالتأكيد، ابتسمت مرحبة، لتختفى الابتسامة، عندما طالعها مازن، عند الباب، متكئ في كسل، على مدخله، وعيونه تحمل قدر لا يستهان به، من المشاكسة..
-مرحبا زوجتى الحبيبة، لا تعتادى منى على طرق الباب، فقط لانها المرة الاولى، خلاف ذلك، فأنا احتل المكان كالإعصار، ودون استئذان..
-أرجوك، همست بصوت غير مسموع، وهي تشعر بدوار يغلفها، وهي تراه يتقدم، مغلقا الباب خلفه..

-أرجوك ماذا،!؟، سأل وقد أصبح قبالتها الان..
وهي تطأطأ رأسها، تدارى نظراتها الخجلى، حتى لا تصطدم بنظراته، التي لا قبل لها بها..
مد كفه، محتضنا ذقنها، رافعا رأسها، لتقابل نظراته، عيونها المذعورة، المرتبكة..
-أحبك، ولم أعرف ماذا يعنى الحب، حتى قابلتك..
أنت متفردة، انت استثنائية، أنت هداية..
وأنا، أخيرا، عرفت كم كان الله رحيما بى
، حين أرسلك ذات يوم، لتدلينى على ذاتى..
وتغيرى قدرى، وبوصلة حياتى..

بدأت دموعها في الهطول، كأمطار شتوية، كانت تأسرها السحب، وأطلقت سراحها أخيرا، لتنهمر على خديها محملة بحرارة عشق، وشوق، لا حد له..
لثم نهرى الدموع، على خديها، وهو يتابع بشغف، ونبرات صوته، تغزو قلبها، وتحتل عقلها، وتتردد أصداءه، بجنبات روحها..
أنا أحبك، ولا يعنينى، أى شئ، الا ان تكونى بقربى، بين ذراعىّ، قريبة لنبضى، مزروعة بأحضانى، لا تفارقينى، ولو لحظات، انتِ
، ألا تدرين، من أنتِ!؟.

اه، لو تدركين قدركِ بقلبى..!؟، يا ملاكى
روحى ترتاح لقربكِ، وتهنأ لسعادتك..
اشعر ان وجودكِ بحياتى، هبة ربانية، كم كنت
محظوظا، ان الله، اصطفانى بها..
صمت أخيرا، لتهمس و هي مشدوهة: - أنا كل هذا
، كل هذا، لأجلى..

-نعم، لأجلك وحدك، ابتسم بسعادة عاشق، وهو يخرج علبة من المخمل، يفتحها، ليخرج منها خاتم، قمة في الروعة، ليمسك كفها المرتعش بين يديه، ويضعه في بنصرها، وهو يهمس بصوت متحشرج، يغلبه التأثر، : - مبارك، تبادلت النظرات بين الخاتم، وبين عينيه..
وبدأت دموعها، تهطل من جديد..
مد كفه، يجفف دمعها، معاتبا. : - لما الدموع
دموعك تلك، تراتيل دعاء، أقدس من مئات الابتهالات، دموع قلب، هو الاقرب لله..

ابتسمت، فأشرق وجهها من جديد..
مد كفه، ليحل رباط حجابها، لتشهق في خجل..
وهو يخلل كفه، بين خصلات شعرها..
وانتفضت، بارتعاشة ذعر، مبتعدة خطوة للخلف، عندما اصطدمت كفه..
بسماعتها الطبية، وهو يزيح احدى الخصلات..
بعيدا عن وجهها، فأبتسم في تفهم..
وجذبها لصدره من جديد، وهو ينحنى مقبلا، تلك الإذن، التي تحمل السماعة، لتعود لتستكين مرة.

أخرى، بين ذراعيه، ليهمس في شقاوة، مشاغباً: -ألا يحق لى، قليلا من الأخضر، وبعض من الاحمر..
-ماذا تقصد..!؟، سألت بصوت متحشرج..
همس في اذنيها، وهو يغمرها برفق بين ذراعيه، هذا هو اللون الأخضر، ذاك اللون الذي أرقنى لليالى طويلة، وانا أحلم ببعض منه، لى وحدى، بعض من حنانه، ودفئه..
كان يبتسم في استمتاع، وهو يسمع شهقاتها المكتومة بين ذراعيه، كانت تنتفض كعصفور..
وكان هو منتشى، وكأنه يضم الدنيا كلها، بين.

جنبات روحه..
قبل قمة رأسها، التي تستكين الان، تحت ذقنه
وأخفض رأسه، ليقابل مسامعها، هامسا: - أما بالنسبة للون الأحمر، رفع رأسها، وهو يكمل
فانه، تلك الشفاه الجورية، التي خلبت لبى، وهي
تتباطئ في نطق حرف النُّون للأطفال، وأنا أذوب خلف نظاراتى، متمنيا فاكهة محرمة، ممنوع قطافها، او حتى الدنو منها، لكن الان..
، أخذ يقترب، ويقترب..
وفجأة، هتف والدها من خلف الباب: -، العشاء جاهز، يا مازن..

هتف في حنق، فجر ضحكاتها، وهو يبعدها عنه قليلا: - ابوك يغار، ويود لو يقذف بى خارجاً..
حسنا، انا لست جائعا بالمناسبة، وكيف اشعر بالجوع، وبين يدىّ، كل ما اشتهيه..!؟.
نظراته العابثة، المليئة بالفرحة، والشوق، جعلتها تخفض نظراتها خجلا، فأمسك كفها، خارجا من الغرفة متذمراً، وهو يهمس لها عابثا: - صبراً، هي سبعة أيام، وسأختبر ألوان الطيف كلها، بلا مقاطعة..

لتنفجر هي غارقة في ضحكاتها، يكلل الخجل محياها، وهو يحتضن كفها بتملك، معلناً..
انها اصبحت، زوجته، وحبيبته..
فرحته التي تمناها، وسعادته التي طال انتظارها
وهدايته بعد ليال طويلة من التيه، والضلال..
هو لا يحتضن كفها، الان..
بل يحتضن قلبها، الذي وهبته إياه، وهي راضية
مطمئنة، انه بين يد أمينة..
ابتسم لها، وهو جالس قبالتها على المائدة..
وما ان نهض والدها، متذكرًا شئ ما، حتى انتهز.

الفرصة، ليرفع كفه، بعلامته المحببة..
ويهمس في شوق: - أحبكِ..
، لتقرأ هي شفتيه، فتطأطأ رأسها خجلاً، لثوان، ثم تعاود رفعها..
لتهمس بها: - أحبك، بدورها، وتبادله، إشارة الحب، بكف يرتعش..
انها المرة الاولى التي تعترف بها له، اعترفت بها مئات المرات، بينها، وبين نفسها الجريحة..
اما الان، فلا تستطع ان لا تبادله إياها..
، تصنع الإغماء، صدمة، لسماعها منها للمرة الاولى، لتنفجر تقهقه من جديد..

وكاد ان يندفع اليها، ليحتفل باعترافها، على طريقته الخاصة، لكن حضورابيها، لجمه..
ليلتصق بكرسيه، وهو يبادلها وعداً، قرأته
حرفاً، حرفاً، بعينيه..
أحبكِ، أنتظركِ، وأذوب عشقاً وشوقاً إليكِ..
لكن أعلمى، ما أن تأسرك احضانى، فذاك سيكون الأسر الأبدى، ولن تكون، سوى البداية.


الخاتمة
تململت بين ذراعيه، في وداعة، وهو يحاول ان يسحب ذراعه من تحت رأسها، فذلك الصوت الحاد
الذي يصل لمسامعه من الحجرة المجاورة، يحثه على الإسراع، وأخيرا، حرر ذراعه، دون ان يوقظها، ليتسلل في هدوء، خارج الغرفة.
. حيث، النداء الصارخ، والذى لم يصل لأذانها، لانها تخلع سماعتها عند النوم، هكذا نصحها الطبيب، كما انه، يتعمد أطفاء جهاز الاهتزازات
الذي تضعه تحت وسادتها، كل ليلة..

وصل، لمهد ابنته الصغيرة، منة، هذه الملاك
والتى تمثل نسخة مصغرة من أمها، والتى تتململ في ضيق، وتضرب بذراعيها، مهللة عندما، اصبح في مجال رؤيتها..
يا لروعتها، كم هو محظوظ بها، انها يشتاق لها كثيرا، وخاصة هذه الايام، بعد ان من الله عليه بافتتاح فرع شركته الثانى، وهو لا يجد الوقت الكافى، ليهنأ بالقرب منها، والاستمتاع برؤيتها وهي تكبر لحظة بلحظة، الا في تلك الأوقات، التي توقظه فيها ليلا.

ليندفع اليها، في لهفة، وها هي تنظر اليه
بتلك النظرات البريئة، لتستحثه على حملها..
ليستجيب في ثوان، ضاما إياها بين ذراعيه في
محبة، وحنان، يمسد على ظهرها، وهي تستكين فوق كتفه، ويبدأ في الغناء بهمس لها..
لتبدأ جفونها في التثاقل، وتستجيب للنعاس من جديد، وهو يتمايل بها، يميناً، ويسارا...
وأخيرا، يضعها في مهدها، ليجد رحاب على باب غرفة الصغيرة، تنظر اليه في عشق..
أقتربت منه في محبة، هامسة: - لما لم توقظنى.!؟

، وتتعمد، كل ليلة، أطفاء جهاز الاهتزازات الذي ينبهنى لبكاءها..
-لم أرغب في إيقاظكِ، وخاصة، وانت تهمهمين بين أحضانى، بكل هذا الاغراء، كتمت ضحكاتها، وهو يجذبها لأحضانه..
ويهمس في وله: - أحبكِ..
تصنعت الصمم، وهي تسأله في تخابث: - هاا، ماذا تقول..!؟.
انتبه انها تضع سماعتها، وتتخابث عليه، فقهقه
وهو يدفعها خارج غرفة الصغيرة حتى لا يوقظاها.

-الأن تتصنعين عدم سماعى يا مخادعة، ولكن، حسنا، رفع صوته بتهور، أحبكِ، وأحبكِ
وسأظل أحبكِ ما حييت..
-صوتك ليس عالياً كفاية، أنا لا أسمعك، قهقهت
وهي تتهرب من ذراعيه، لكنه لحق بها، ليعيدها
لأسر أحضانه مرة أخرى، ويهمس في نبرة تحمل الكثير من المشاكسة: - تعااااالى، فهناك لون جديد، أرغب في تجربته بشدة..
انفجرت ضاحكة: - لقد جربت كل الألوان التي خلقها الله، هل تم اختراع ألوان جديدة،!؟.

-طبعاااا، همس بجدية، واستطرد بعشق، انه اللون السرمدي، الم تسمعى به..!؟.
-مطلقاً، اجابت من بين شهقات ضحكاتها..
ليستطرد هو في هيام: -
-انه لون الابدية..
، لون الحياة..
بين ذراعيكِ
، يا وردية الصوت.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة