قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر والأخير

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر والأخير

نوفيلا صاحبة السعادة والسيد حزن للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر والأخير

طرقات على باب الدار جعلت مندهة تنهض في تثاقل باتجاهه لتفتحه فقد أرسلت سعادة لخلف الدار لتحضر بعض من البيض من تحت دجاجتها..
جذبت الباب الخشبي المتهالك معتقدة انه حزن وقد عاد بعد ان غادرهما منذ مطلع الشمس ولم يعد حتى اللحظة..

تسمرت موضعها تتطلع للرجل الذي يقف في هيبة على باب دارها المتواضع والذي لم تكن تحلم يوما ان تجده هذا الموضع، هذا الرجل الذي لم تكن تمر ليلة دون ان تحلم بعودة ولدها ليأخذ بثأرها منه ويطفئ تلك النيران التي ظلت لسنوات مستعرة بصدرها حزنا على زوج فقدته بسببه..
هتف الحاج لطفي عندما طال انتظاره وهي تتطلع اليه دون ان تنبس بحرف او حتى تدعوه للدخول: -ايه يا مندهة!؟، هتسبيني واجف ع الباب كده!؟
مفيش اتفضل!؟.

وهم بالدخول الا انها أوقفته بكامل كفها التي دفعت بصدره لتعيده موضعه هاتفة في حدة: - بيت عايش ميخطيهوش اللي استحل دمه، بيت عايش ارض طاهرة متتنچسش بخطاويك..
توقف لطفي يبتلع كلامها الأشد وجعا من الرصاص ملتمسا لها العذر هاتفا: - يا مندهة ولدك..
قاطعته في حزم: - ولدي رچع وصلب ضهري وهيچيب حج ابوه منيك ومن المراشدة كلهم ولو فيها موته..
تنحنح لطفي هاتفا: - حزن ولدك چاني وسامح ف حج الدم اللي بناتنا..

اتسعت عينى مندهة في صدمة وهتفت في غضب: - انت بتجول ايه!؟، لاااه، محصلش..
اكد لطفي في هدوء: - لاااه حصل وكل المراشدة شاهدين عليه، ولدك طلع كريم يا مندهة، واحنا مش اجل منيه ف الكرم، عشان كده چيت لك بنفسي اجولك للمرة المية، سامحي يا مندهة..
اني ياما چيت لك وياما طلبت السماح وانك تاخدي الدية، موت عايش كان غلط مكنشي مجصود، عمري ما كنت افكر اجتله او احرم ناسه منيه..

لكن انت عمرك ما صدجتي ده ودايما عايزة ولدك ياخد بتاره من المراشدة وعمرك ما جلتيله ان اللي حصل ده جتل خطأ وسط خناجة جوزك كان واجف ف النص يصلح مابينا وما بين الشوادف..
هتفت مندهة في وجع وقد بدأت الدموع تنسكب من عينيها في غزارة: - وأرض عايش..!؟، مكلتش ارضه وحطيت يدك عليها برضك!؟.

هتف لطفي في صدق: - عمر ما ده كان غرضي، ارض عايش ف الحفظ والصون، جبل ما يموت بكام يوم كان راهنهالي، ورجة الرهن اهي لو مش مصدجة..

هتفت مندهة في صدمة: - راهنها!؟، ليه!؟.
وتطلعت للورقة في تيه فلم تكن تحسن القراءة فأعادتها له ليهتف مستطردا: - عايش كان عيان ومكنش جايل لك، كان عايز الفلوس عشان يتعالچ ويعمل عملية كبيرة، ويوم ما رهن الأرض مكنش عايز حد يعرف انه راهنها وامني على كده ووصاني عليكم..
هتفت ولازال الدمع ينسكب في حسرة: - وليه مجلتليش الكلام ده من زمن!؟.

هتف مدافعا عن نفسه: - اجوله كيف وميتا وانت عمرك ما فتحتي لي باب ولا عايزة تسمعيلي كلمة، حتى ولدك جلت يكبر وافهمه، طفش من كتر زنك عليه..

هتفت مندهة في سخرية: - كيف كنت عايز تفهمه وكيف كنت عايز تجتله عشية!؟.

هتف لطفي في صدمة: - اجتله كيف!؟، والله ما حصل، ولا يخطر ف بالي اني اعملها، ما كان اسهل اجعد معاه واتفاهم، وده اللي كان ف نيتي وربنا العالم لما عرفت انه رچع بالسلامة وكمان معاه عروسته بس خفت لتكوني ميلتي راسه، بس اني عارف مين اللي فكر يعملها عشان يوجعنا ف بعضينا، هم الشوادف مفيش غيرهم، ربنا نچاه عشان عارف نيتي ونيته، واديني بجلهالك ولدك طلع كريم ويانا واحنا مش اجل منه..

ومد كفه لجيب جلبابه هاتفا وهو يضع نصب عينيها ورقة مطوية: - دي حچة الأرض اللي كان عايش سايبها أمانة ف رجبتي، اعتبري دين عايش اترد والأرض رچعت ملك لحزن وولاده ربنا يفرحك بشوفتهم..
تطلعت مندهة للورقة امامها في ذهول غير مصدقة ان ارض عايش قد عادت اليهم من جديد واستطرد لطفي وهو يضع حقيبة صغيرة كانت تحت إبطه مخبأة بعباءته: - ودي دية عايش اللي مرضتيش تاخديها جبل سابج..

هتفت مندهة في صرامة: - ومش هخدها دلوجت برضك، مش هاخد عوض لچوزي..
هتف لطفي في مهادنة: - ده مش عوض، ده حج ربنا وصى بيه، وبعدين حزن دلوجت عريس ومحتاچ كل جرش عشان يشوف روحه، ولا ايه!؟.
هزت رأسها في تفهم ليستأذن هو راحلا لتهتف مندهة في لهجة متصالحة للمرة الاولي: - مخدتش واچبك يا حاچ!؟.

ابتسم الحاج لطفي في سعادة هاتفا: - يوم ما هدخل بيت عايش هشرب شربات ولده ف فرحه بكرة باذن الله، ربنا يتمم له على خير، وكل مصاريف الفرح ولوازمه عندي، ربنا يفرحك بعياله عن جريب..
ابتسمت مندهة للمرة الاولي منذ عقود هاتفة في فرحة: - يااارب..
ألقى التحية وهو يسير تجاه الكارتة تاركا إياها تحلم بدار واسعة يمرح فيها أولاد حزن في شقاوة محببة الى نفسها..

دخلت سعادة من خلف الدار حاملة طبق ملئ بالبيض الطازج هاتفة في فرحة: - الله اكبر ياما، شوفي البيض ماشاء الله، أزيد من امبارح كمان..
ابتسمت مندهة لتتطلع اليها سعادة في تعجب، هذه المرأة التي كان الحزن هو سمة شخصيتها وطابع من طباعها حتى ان قسمات وجهها قد تشربت حزنا الان تبتسم في سعادة طالت نظرات عينيها مؤكدة ان تلك الفرحة قد غمرت روحها..

اتسعت ابتسامة مندهة لما استشعرته من تعجب سعادة واقتربت منها ناظرة الي طبق البيض بين يديها هاتفة: - صدج حزن لما جال عليك وش السعد..
ابتسمت سعادة في براءة وحياء لتستطرد: - اني عمري ما چبت كل الكحريت ده من تحت الفروچ الا لما انت دخلتي الدار..
وربتت على كتفها في مودة: - ربنا يچعل ف يدك اليابسة خضرا يا بتي..

ومدت كفها متناولة الطبق لتضعه جانبا جاذبة سعادة لأحضانها هامسة: - ويرزجك بالذرية الصالحة النافعة اللي يكونوا سند وضهر لحزن..
دمعت عينى سعادة في فرحة مستشعرة حنان هذه المرأة التي كانت لا تصدر لها ولولدها الا الوجه الصارم والصوت الحاد الامر..
أبعدتها مندهة عن أحضانها قليلا هامسة في حنو كان غريب على مسامع سعادة: - حزن طول عمره وحداني، خليك دايما چنبه وفرحيه بجربك شدي ضهره بالعيال وفرحيه بيهم..

ابتسمت سعادة تهز رأسها في طاعة لتهتف مندهة في فرحة: - بكرة ليلتكم الكبيرة، اما دلوجت، فلازما نجهزوا العروسة..
مدت مندهة كفها ساحبة سعادة خلفها للقيام بالازم حتى تصبح العروس في أبهى زينة..

دخل حزن الدار وجال بناظريه باحثا عن سعادة لتطالعه امه متسائلة: - كنت فين طول النهار!؟.
هتف حزن وهو يجلس على الاريكة الأقرب من موضعه: - كنت عند الحاچ لطفي، بصي ياما..
قاطعته مندهة هاتفة: - اني عرفت كل حاچة، كل حاچة ياريتني عرفتها من زمن، كانت وفرت علينا وچع كتير وحزن ياما..
تطلع اليها حزن متعجبا وهتف في قلق: - انت جصدك ايه ياما!؟، حديتك يجلج..

جلست جواره رابتة على كتفه هامسة: - لاه، متجلجش، بس عايزاك تسامحني..
هتف حزن متوترا: - خبر ايه ياما!؟، ايه في!؟
وانتفض مناديا باسم سعادة فقد شعر بالذعر ان يكون الامر يعنيها الا انه امه جذبت كفه ليعاود الجلوس من جديد لتهتف به مؤكدة: - متخافش، سعادة چوه جاعتي، مينفعش تطلع لك دلوجت..
خلاص هانت وليلتكم الكبيرة بكرة، ربنا يچمعكم على خير يا ولدي ويرزجك الذرية الصالحة..

تطلع اليها حزن وقد بدأ يشعر ان الامر الذي تراوغ امه لإخباره إياه امر جلل فهمس مزدردا ريقه في صعوبة: - ايه في ياما!؟، وجفتي جلبي، انطجي الله يخليك..
تنهدت وهمست وهي تخرج له الورقة الخاصة بحجة الأرض وكذلك الحقيبة التي تحوى مال الدية التي أعطاه لها الحاج لطفي..

انتشل حزن منها الورقة يفضها في لهفة وما ان ادرك ماهيتها حتى انتفض واقفا في صدمة، تتبادل نظراته ما بين الورقة وأمه عدة مرات في عدم تصدق وأخيرا تمالك أعصابه وجلس متسائلا: - چت منين حچة ارض ابويا!؟، انت مش جولتيلى يوم ما مات انك دورتي ياما ملجتيهاش..
هزت رأسها إيجابا وهمست بصوت متحشرج: - ابوك كان سايب حچة الأرض مع الحاچ لطفي المراشدي أمانة، ابوك كان راهن له الأرض..

هتف حزن في عدم اقتناع: - وليه مجالش الحديت ده من بدري، كلام ميدخلش العجل..
همست مندهة: - ابوك كان عيان، ورهن الأرض من غير علمنا عشان يتعالچ، لكن ملحجش بعد الرهن بيومين مات..
هتف حزن: - ايوه جتله الحاچ لطفي عشان ياخد الأرض اللي كان طمعان فيها، مش ده كان حديتك وجتها وياما كان نفسك اروح اجتله عشان تشفي غليلك منه..

تلعثمت مندهة هامسة: - لاااه مش دي الحجيجة، ابوك مات صحيح بطبنچة الحاچ لطفي، بس مكنش جصد ولا عشان طمعان ف ارض، كانت عركة كبيرة بين المراشدة والشوادف وانت واعي للعداوات اللي بناتهم وأبوك كان واجف يصلح چت فيه رصاصة بالغلط من سلاح الحاچ لطفي..
كتير كان عايز يراضيني لكن اني كان راسي كيف الحچر الصوان، وكان موت عايش جاهر جلبي وواخدة عجلي..

همس حزن مصدوما: - يعني لما كنت بتحرضيني عشان اخد بتار ابويا كان هيبجى م الراچل عشان حاچة ربنا نفسه ميحاسبوش عليها، وانت كنت رايده تحاسبيه..!؟.
سالت دموعها ولم تنبس بحرف ليرق لها قلب حزن فصمت بدوره عن تأنيبها وحاول تغيير الموضوع مشيرا للحقيبة التي تجاورها متسائلا: - وايه دي كمان!؟.

همست وهي تفتحها مسقطة كل ما فيها بحجر حزن: - دي دية ابوك، حج ربنا، جالي اديهالك عشان تعرف توجف على رچلك وتتچوز وتراعي ارض ابوك..
شهق حزن في اعين مفتوحة اشبه بأطباق فناجيل القهوة وهو يرى كل هذا المال بحوذته، ماله..
تلمس الأوراق التي خاصمته لسنوات من الجدب والجفاف عاش فيها الضنك بالفعل، واليوم بين يديه مبلغا ما حلم يوما في امتلاكه..

ابتسم في فرحة وهمس شاكرا ربه وتطلع لامه هاتفا: - ولسه هنشوف سعد ياما، مش بجولك سعادة دي وش السعد بصحيح..
ابتسمت بدورها هاتفة: - والله صدجت، ربنا يچعلها سكنك ودارك وام عيالك يا رب..
اتسعت ابتسامته في فرحة كانت تغمر روحه المشتاقة للسعادة منذ عصور..

لم يخل الحاج لطفي بوعده فمنذ الصباح الباكر أرسل النساء حاملات الكثير من الصواني و(القفف) تحمل من خيرات الله ما يمكن ان يطعم جيشا جرارا..
استقبلتهن مندهة في فرحة غامرة وقد اطلقت زغرودة رنت في سعادة مصاحبة لدمع ممزوج بسرور طاغ، فهذه المرة الأولى تماما التي يدخل فيها الفرح لعتبة دارهم من بعد مقتل زوجها وحزنها عليه..

ساعة وهل رجال يحملون أسلاك من الانوار الملونة لتعلق على واجهة الدار وكذا نصبوا شاردا بطول الباحة الخارجية وعرضها لاستقبال المهنئين فرشت بالبسط ووضع فيها العديد من المقاعد موزعة على جانبيه..
ظل العمل بداخل الدار وخارجها على قدم وساق حتى هلت المغارب وبدأ صوت الفرحة يعلو على أي صوت اخر مصاحبا للطلقات النارية التي ملأت سماء النجع ابتهاجا..

ارتدى حزن جلبابا جديدا نزل صباحا لشرائه خصيصا لهذه المناسبة وربط عمامة بيضاء ناصعة من عمامات ابيه الراحل زينت هامته ووضع على كتفيه احدى عباءاته التي زادته هيبة ووقارا وهو يقف يستقبل كبار النجع واشرافه..
مدت (الطبالي) ووضع عليها ما لذ وطاب من أصناف الطعام حتى امتلأت البطون..
وظل الفرح يطل على الدار والنسوة يتبارين في إسعاد ام العريس وعروسه بوصلات من الطبل والرقص وإطلاق الزغاريد من كل صوب وحدب..

انتصف الليل واصبح اطلاق النار كسيل لا ينقطع فنهض الحاج لطفي مهنئا العريس لينهض الجميع بدورهم خلفه وبدأ انسحاب المعازيم جماعات بعد التهنئة، ليدخل حزن للدار لتتلقفه النسوة برغاريد منطلقة لتدفعه امه لداخل الحجرة الواسعة التي أعدتها النساء من اجل العروسين والتي كانت تنتظره بها العروس بقلب واجف ونبضات تعالت فأصبحت كقرع الطبول..

اقترب مضطربا بدوره حتى وصل موضعها بذاك الركن البعيد بالغرفة وجلس جوارها هامسا بصوت أبح تأثرا: - مبروك يا سعادة..
همست في اضطراب مماثل: - الله يبارك فيك..
نهض وامسك كفها لتنهض بدورها مطيعة إياه ليجعلها تدور حول نفسها متطلعا الى ثوب زفافها الذي حلم كثيرا برؤيتها ترتديه لاجله..

همس في عشق وهو يتطلع اليها من خلف غلالتها التلية: - احلى بكتير جوي من ما اتخيلتك، انت بتحلى كل حاچة يا سعادة، كفاية انك حليتي حياة حزن بعد ما كان فاكرها هتفضل مرار كده على طول..
همست منكسة الرأس في خجل: - انت تستاهل كل خير يا سي حزن..
مد كفيه رافعا عن وجهها غلالته وتطلع الى ملامحها في هوى فاضح وطوق خصرها بذراعيه يدنو منها في شوق هامسا: - اني اكيد عملت حاچة زينة جوي ف حياتي عشان ربنا يرزجني بيك..

رفعت رأسها متطلعة اليه هامسة في عشق وعينيها تكللها دموع العرفان: - وهو فيه خير اكتر م اللي عملته فيا!؟، حمتني وسترتني ومبخلتش عليا وانت محتاج، وقفت قصاد الدنيا عشاني، رجعت بلدك عشان تحميني وانت عارف انك هنا ممكن تتأذي، لو حد ربنا رزقه بالخير يبقى انا عشان ربنا رزقني بيك ووقفك ف طريقي يوم ما الدنيا ادتني ضهرها ومكنش ليا حد فيها، لكن أنت بقيت كل دنيتي..

شدد من ضمها الى صدره بعد كل تلك الكلمات التي غزت روحه سعادة ونشوة وأخيرا حملها لفراشه ليهمس بالقرب من مسامعها: - سعادة، نسيني طعم الحزن الا معرفتش غيره من سنين.
فأطاعت وهي تضمه لصدرها تبثه اسرار قلبها وخبايا روحها العاشقة، تسير به في درب الهوى مانحة إياه رموز لأبجدية عشق صاف بلون الزهر..

همهمت معترضة لا تريد الاستيقاظ من ذاك الحلم الرائع الذي يدثرها لتخرج منه لعالم الواقع..
لوحت بكفها في ضيق وذاك الشئ يلامس وجهها يحرمها البقاء بدنيا الاحلام..
عاود ذاك الشئ ازعاجها بملامسة خدها من جديد لتضطر آسفة ترك ذاك العالم الوردي وفتح عينيها في تثاقل وما ان ابصرت ما كان يزعجها حتى اتسعت عيناها في صدمة متطلعة لتلك اليد التي تحمل هذا القرط الذهبي الرائع تحركه كبندول للساعة امام ناظريها..

قهقه حزن هامسا: - صباحية مباركة يا عروسة..
رفعت جذعها مستندة على الوسادة خلفها هامسة في خجل: - الله يبارك فيك..
همس مشاكسا إياها: - بجالي ساعة بصحي فيك، نومك تجيل..
همست بحياء: - اصل كنت فاكرة ليلة امبارح دي حلم ومكنتش عايزة اصحي منه..
قهقه مستمرا في مشاكستها وهو يؤرجح القرط امام ناظريها: - ولا تصحي عشان تاخدي ده..!؟
همست متسائلة: - ايه ده!؟.
اقترب هامسا في عشق: - ده هدية لاچمل عروسة ف الدنيا كلها..

امرها في لين وهو يغمز بعينيه: - جربي..
اطاعت ليبدأ في وضع كل قرط موضعه بأذنيها وأخيرا يهمس في مجون بالقرب من مسامعها: - الحلج زادك حلا..
والكحل رباني..
والعود كما الابنوس..
خلاني اجول ياااني..
اما الخدود رمان..
اعطش اجول تاني..
والجلب كله خضار
والضحكة حياني..
بروحي عاشجك اني
وغيرعشجي اني براني..

تنهدت متطلعة الى عمق عينيه هامسة في هيام أذاب فؤاده: - انت مش ممكن تكون حزن، انت الفرحة كلها، فرحة عمري كله..
طوقها بذراعيه لتغيب باحضانه حيث تجد أمنها وأمانها وتعرف ان الدنيا أصبحت باتساع صدره ودفء احضانه..

خاتمة

أشار احد الرجلين لذاك البيت القابع بين أحضان الغيطان هاتفا: - بيت مين ده يا واد!؟.
هتف الاخر: - ده بيت حزن ابن عايش الضنك..
كان بيت بالطين دلوجت اديك واعي بناه بالمسلح دورين وأرضه اللي على مدد الشوف لحد الچبل اللي جصادك ده..
هتف الأول: - سبحانه العاطي الوهاب، طب وعياله على كده اللي هناك دول..!؟.
اكد الاخر: - ايوه، فرحات وبهچة وسرور..
قهقه الأول هاتفا: - ده ايه الانبساط ده كله!؟.

اكد الأول: - اومال لو عرفت ان مرته اسمها سعادة!؟.
قهقه الرجل من جديد: - لااااه كده زاطت ع الاخر، حصلنا الانشراح..
قهقه الاخر بدوره وسارا سويا مبتعدين عن ذاك البيت الذي خرج صاحبه ينادي أولاده في محبة ليندفعوا جميعهم بأحضانه ليحملهم، فرحات على ذراع وسرور على الاخر اما بهجة فتشبثت في قوة مطوقة عنق ابيها ليدخل بهم الى الدار..
طالعتهم سعادة في فرحة هاتفة بهم: - كله ع الحمام يغسل ايده عشان ناكل..

هتف سرور محتجا: - انا يدي نضيفة..
أصرت سعادة: - لا هتغسلها برضو، اجري ياللاه مع أخواتك والا ملكش قصب النهاردة..
كان يعشق القصب حتى انه كان اشبه بعود من عيدانه برفعه الملحوظ ذاك فهتف في حنق: - طيب أديني رايح، والله لازرع اوضتي كلها جصب ومحدش هيجدر يحوشه عني..
قهقهت سعادة لخيال طفلها المتزمر ونظرت لحزن الذي كان يتابع الموقف في استمتاع حقيقي مستطردة: - شايف ابنك..!؟.

هتف حزن في مشاكسة: - اني مش شايف الا الچمر اللي واجف جصادي خايلني ده..
هتفت تشاكسه بدورها: - وده من امتى بقى!؟.
شهقت معترضة وهو يطرق خصرها بذراعيه فقد يظهر الأولاد في ايه لحظة لكنه جذبها لداخل حجرتهما لتسقط بأحضانه هامسا في عشق: - من ساعة ما حزن جابل سعادة..

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة