قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا سيدرا للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر والأخير

نوفيلا سيدرا للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر والأخير

نوفيلا سيدرا للكاتبة منال سالم الفصل الحادي عشر والأخير

تلقى سليم اتصالاً هاتفياً من أحد معارفه يبلغه فيها بإنتحار والدته، فتملكه الحزن وسيطر عليه الغضب كثيراً، فهو لم يتخيل أن تفعل السيدة كوثر هذا، ثم جلس يبكي على مقعده بمرارة، فرغم كل ما فعلت هي مازالت والدته التي يكن لها الحب والاحترام، ثم مسح دموعه، وقام بجمع جزءاً من متعلقاته الشخصية، وتوجه إلى والده في المشفى الخاص الذي يستأنف فيه باقي علاجه ليخبره بمسألة وفاة والدته، فتأسف السيد خالد على حالها كثيراً، وترحم عليها، وأوصى ابنه بالعودة إلى هناك حتى ينتهي من إجراءات دفنها وتلقي واجب العزاء فيها..

لم يترك سليم والده بمفرده، بل عيّن له ممرضة خاصة تتابع حالته الصحية على مدار اليوم، بالإضافة إلى طاقم التمريض الخاص به بالمشفى...
ثم توجه هو عائداً إلى قصره الفخم والذي خيم الحزن عليه بدرجة واضحة..

كان في استقباله زوج والدته الأسبق، وكذلك مدبرة المنزل وبعض الخدم، وقلة قليلة من رفاقها الذين ظلوا إلى جوارها حتى أخر وقت، لم يتخيل هو أن والدته ستفعل هذا بنفسها، ولم يتوقع أن يكون حالها قد ساء كثيراً خلال فترة غيابه..

طلب زوج السيدة كوثر من سليم أن يرافقه إلى مكتب المحامي الخاص به من أجل فتح وصية أمه الراحلة، ولكنه أثر التأجيل لعدة أيام ريثما يتقبل فكرة رحيلها ويعتاد على غيابها، بالإضافة إلى توفيق أوضاعها المادية ؛ خاصة وأن قد علم بأمر ديونها المتراكمة..

عاد السيد خالد من الخارج بعد رحلة طويلة من العلاج، واستقر في قصره بعد أن قام بسداد الدين الخاص به حتى لا يُباع في المزاد العلني..
سعدت المربية سوسن بتحسن حالته كثيراً، وتملكتها الفرحة حينما رأته يستعيد عافيته، ويتجاوب مع الجميع..
ثم طلب منها السيد خالد أن تلقاه في غرفة المكتب ليتحدث معها في أمر هام..

كانت تخشى في البداية أن تلتقي به حتى لا تثير الشكوك حولهما، ولكنها الآن لم تعد تهتم، فوجودها بقربه هو الأهم بالنسبة لها..
دلفت المربية سوسن إلى داخل غرفة المكتب بعد أن طرقت على الباب أولاً، ثم أسندت الصينية التي تحملها في يدها على سطح المكتب، ومن ثم أمسكت بفنجان القهوة، ومدت به يدها نحو السيد خالد الذي نظر لها في امتنان، و...
-خالد بصوت رخيم: اجلسي سوسن
-سوسن بخفوت، ونظرات مجفلة: هذا لا يصح.

-خالد بنبرة شبه آمرة: سوسن! أنتِ زوجتي ولستِ خادمتي، فرجاءاً اجلسي كي نتحدث سوياً
اضطرت المربية سوسن أن تجلس على المقعد المقابل له، ونظرت إليه بنظرات مليئة بالحنو و...
-سوسن بنبرة هادئة: ماذا تريد سيدي؟
-خالد بخفوت: أنا لستُ سيدك، أنا زوجك، حبيبتي
-سوسن بتوجس: ولكن آآ..
-خالد مقاطعاً بجدية: أريد أن أصحح الوضع الآن، فلم يعد بإمكاني أن أخفي الأمر أكثر من هذا.

-سوسن بنبرة متوترة: ولكن هذا سيتسبب في مشاكل جمة، وسليم لن يتقبل الأمر بسهولة، أرجوك تغاضى عن هذا الأمر
-خالد بنبرة صارمة وهو يشير بيده: لقد حسمت أمري، وحينما يعود سليم من الخارج سأبلغه بأمر زواجنا
-سوسن بنبرة أكثر توتراً: أرجوك، ليس الآن، ربما، ربما هذا سيجعله يبغضني وآآ...
-خالد مقاطعاً بنبرة حازمة: سوسن أنتِ زوجتي لسنوات، لستُ عشيقتي أو عاهرة ما، ولابد للكل أن يعرف هويتك.

ألحت المربية سوسن على السيد خالد كثيراً لكي يتراجع عما ينتوي فعله، ولكنه رفض الإصغاء إليها، وأمرها بألا تدخل فقد قضي الأمر...

صف سليم سيارته في الجراج الملحق بالقصر، ثم ترجل منها، وسار بخطوات بطيئة نحو ردهته، ثم أكمل سيره ناحية الدرابزون ليصعد عليه، ولكنه توقف عن الحركة حينما سمع صوت والده يأتيه من الخلف ب...
-خالد بنبرة عالية: سليم، تعالى، أريدك في أمر هام
استدار هو بجسده في اتجاه والده المرابط على باب غرفة المكتب، ثم عاود أدراجه ناحيته، ودلف إلى داخل الغرفة..

جلس سليم على الأريكة العريضة الموجودة في أحد أركان الغرفة، وجلس إلى جواره والده الذي وضع يده على فخذه ليربت عليه في حنو أبوي، ثم..
-خالد بنبرة عميقة: كيف حال العمل معك بني؟
-سليم وهو يتنهد في ارهاق: على ما يرام أبي
-خالد بنبرة شبه متلعثمة: كنت، كنت أريد الحديث معك في مسألة هامة
-سليم باستغراب وهو قاطب لجبينه: ما الأمر أبي؟ هل هناك شيء ما يؤلمك؟
-خالد بنبرة هادئة: أنا بخير بُني، لا تقلق، ولكني آآ...

-سليم بنبرة مهتمة: ما الأمر إذن يا أبي؟
أخذ السيد خالد نفساً عميقاً، ثم زفره على مهل، ونظر إلى ابنه بنظرات ثابتة و..
-خالد بنبرة جادة: بني، لقد أخفيتُ عنك أمر ما، ولكن آن الآوان لكي تعرف عنه
-سليم بنظرات مترقبة، ونبرة متوجسة: ماذا هناك؟
-خالد بهدوء حذر: لقد، لقد تزوجت منذ عدة سنوات، و، ورفضت الافصاح عن ذلك الأمر حتى لا تحزن.

أطرق سليم رأسه في ضيق، ولكنه لم ينفعل، بل ظلت ملامح وجهه إلى حد ما جامدة وخالية من التعبيرات، في حين لم يكف خالد عن متابعة ابنه عن كثب و..
-خالد متسائلاً بتوجس: لماذا لا أرى منك أي اعتراض أو آآ..
-سليم مقاطعاً بنبرة حزينة: كنت أتوقع هذا أبي، ولكني كنت أتعجب من صمتك الطويل عن تلك المسألة
-خالد بنبرة نادمة: كنت أخشى عليك بني، كنت أخاف أن تغضب حينما تعلم أني قد تزوجت مجدداً وتبتعد عني.

-سليم بنبرة متهكمة: وهل غضبت حينما تزوجت أمي؟ وهل حتى تركتها؟ بل على العكس لقد كنت دائم الصلة بها
أطرق خالد هو الأخر رأسه في ندم، وظل ينظر إلى أصابع يده الموضوعة على حجره، في حين رفع سليم رأسه للأعلى وتابع والده و..
-سليم متسائلاً بخفوت: ومن هي زوجتك
-خالد بنبرة متلعثمة وهو مطرق لرأسه: آ، انها، انها سوسن
ضيق سليم عينيه، وعقد حاجبيه للأعلى، وارتسمت علامات الدهشة على وجهه و...

-سليم بنبرة مصدومة: أتقصد مربيتي سوسن؟
-خالد وهو يوميء برأسه بتوجس: بلى
مط سليم شفتيه في صدمة، ثم وضع يده على رأسه ليحكها، و..
-سليم مبتسماً في استخفاف: لم يأتْ ببالي قط أن تكون سوسن هي زوجتك
-خالد متسائلاً بحذر، وبنظرات زائغة: هل، هل أنت غاضب؟
-سليم بإقتضاب: لا، فهذه هي حياتك، وأنت حر في اختياراتك.

حاول السيد خالد أن يبرر لابنه سبب زيجته من المربية سوسن، وأنه وجد فيها الزوجة الوفية المخلصة على مدار السنون حينما كان يعاني الأمرين مع زوجته الأولى السيدة كوثر والتي لم تدخر وسعها في تلقينه آقسى ألوان العذاب والمعاناة بعلاقاتها المتعددة وكذبها المستمر، كما أشار أيضاً إلى كون المربية سوسن زوجة صبورة تحملت ما لا يمكن أن يتحمله أي أحد في سبيل اسعاد زوجها وابنه الوحيد، وأثرت أن تكون خفية لا وجود لها حتى لا تتسبب في المزيد من الأحزان والآلام لغيرها..

تأثر سليم كثيراً بما قاله والده، فقد غفل عن الكثير من الحقائق، وتحامل عليه كثيراً، وظل لسنوات طويلة يلقي باللوم عليه، ويتهمه بأنه من تسبب في هدم كيان الأسرة، ولكن للأسف كان كل هذا مجرد أوهام كاذبة، فالمذنب الأول والأخير هو والدته..

ثم نهض عن الأريكة، وتوجه إلى خارج غرفة المكتب، فوجد المربية سوسن تقف بجوار مدبرة المنزل يتحدثان بخفوت عن أمر ما، فأشار للمدبرة بعينيه لكي تنصرف، ثم توجه ناحية المربية التي كانت تبتلع ريقها في ترقب، و..
-سليم بنبرة شبه منزعجة: لماذا لم تخبريني بأمر زواجك من أبي
-سوسن بنبرة خائفة ومرتبكة وهي مجفلة لعينيها: لقد، لقد كنت، آآ.

-سليم مبتسماً في هدوء: أظن أنه من الأفضل أن يعرف الجميع بهذا الأمر لكي نصحح ذلك الوضع الخاطيء
فغرت المربية سوسن شفتيها في صدمة، وحدقت فيه بأعين متسعة و...
-سوسن بنبرة مشدوهة: م، ماذا؟
-سليم بنفس الثبات الانفعالي: لقد أخبرني أبي بزواجكما، وأنا أظن أنه قد أحسن الاختيار بجعلك زوجته
-سوسن بنبرة مصدومة: هل أخبرك؟
مد سليم يده لكي يصافحها، ثم رمقها بنظرات ممتنة و...

-سليم بهدوء: شكراً لك على كل ما فعلتِ من أجلي ومن أجل أبي، شكراً لكِ زوجة أبي الغالية
ثم رفع كف يدها ناحية فمه ليقبله في إطراء، ومن ثم تركه وانصرف مبتعداً عنها..
تسمرت هي في مكانها غير مصدقة ما سمعته تواً، والتفتت بعينيها في اتجاه غرفة المكتب لتجد السيد خالد واقفاً أمام الباب يرمقها بنظرات رومانسية وهو يهز رأسه لها..

لأول مرة منذ سنوات تتنهد المربية سوسن في ارتياح، فقد أزيح ثقلاً كبيراً عن صدرها، وها قد بات سليم يعرف حقيقة زواجها من أبيه، ولم يعد هناك ما تخشاه...

قبيل إمتحانات نهاية العام الدراسي، طلبت سيدرا من الأستاذ رائف أن يعطيها أجازة من أعمال المكتب حتى تتمكن من استذكار محاضرتها بتركيز، فوافق هو على طلبها، بل إنه أمرها بالذهاب إلى مكتبه وأخذ ما تحتاج إليه من الكتب القانونية والمراجع من أجل تسهيل المهمة عليها، فسعدت هي كثيراً بإقتراحه، وقررت قبل أن تغادر عملها أن تتوجه إلى مكتبه، وتستعير بعض الكتب الهامة بالنسبة إليها..

بعد إلحاح من زوج السيدة كوثر، وافق سليم على الذهاب معه إلى مكتب المحامي من أجل فتح وصيتها والإطلاع على ما فيها، خاصة وأنه قد مر عدة أشهر دون أن يهتم هو بما أوصت به والدته...
وبالفعل توجه كلاهما إلى مكتبه بعد أن تم تحديد موعد للمقابلة..

في نفس التوقيت كانت سيدرا متواجدة بداخل مكتب الأستاذ رائف، وواقفة على مقعد خشبي، ومستندة بذراعها على أحد الأرفف الخاصة بمكتبته القانونية الضخمة، وممسكة في يدها الأخرى بورقة بيضاء مدون عليها أسماء بعض الكتب الهامة..

أثرت سيدرا أن ترتدي في هذا اليوم فستاناً كلاسيكياً بسيطاً في نقشاته من اللون الرمادي، يصل إلى ما بعد ركبتيها بقليل، صدره مغلق، ولكنه يبرز عنقها بالكامل، أما أكتافه فهي تصل إلى منتصف عضدها، وكان خصره إلى حد ما ضيق يبرز تفاصيل جسدها الممشوق، وكما كان حول خصرها حزام جلدي أسود عريض، وضعت هي قرطين في أذنيها من اللون الفضي، وعقصت شعرها كحكة للخلف بمشبك بلاستيكي من نفس لون القرطين، فبدت أكثر جدية ورزانة..

كانت سيدرا تقوم بجمع الكتب المطلوبة على رف قريب، ثم تعاود رصهم فوق بعضهم البعض ككومة واحدة بعدما تنتقي المناسب والأفضل منهم بالنسبة لها..
ثم سمعت صوت السكرتيرة من الخارج يرحب ببعض العملاء وتدعوهم للدخول إلى المكتب والانتظار فيه ريثما يأتي السيد رائف، فحاولت هي أن تنجز عملها قبل أن يدلف الجميع للداخل، ولكن كانت المفاجأة بالنسبة لها حينما سمعت ذلك الصوت العميق الذي تألفه..

انتبهت كافة حواسها إليه، وشعرت بخفقان قلبها بقوة، وبصدرها يعلو ويهبط من تلاحق أنفاسها المضطربة..
-سيدرا لنفسها بنبرة مصدومة: غير معقول، لا يمكن أن يكون هو...!

فُتح باب المكتب، ودلف سليم إلى الداخل بعد أن أشارت له السكرتيرة بمكان جلوسه، ثم تبعه زوج والدته الراحل، ولكنه استأذن من أجل الذهاب إلى المرحاض، وتركه بمفرده..
اختبأت سيدرا خلف المكتبة، وحبست أنفاسها حتى لا ينتبه هو إليها..

جاب سليم بطرف عينه أنحاء غرفة المكتب، وظل يتأمل محتوياتها وهو يخبط بأطراف أصابعه على سطح المكتب الزجاجي، ثم لفت انتباهه باب المكتبة – والتي كانت توجد في أحد أركان الغرفة البعيدة - حيث وجد ذلك الباب مفتوحاً ويهتز بحركة لا إرادية محدثاً صريراً مزعجاً إلى حد ما، فقرر أن ينهض من على المقعد الجلدي، ويتوجه ناحية المكتبة ليوصد بابها هذا..

شعرت سيدرا بوقع خطوات ثابتة تزداد حدتها تدريجياً، فأيقنت أن هناك من يقترب من المكتبة، فحاولت أن تخفي جسدها قدر الإمكان حتى لا يلمحه أي أحد – وخاصة سليم – إن اقترب من المكتبة ونظر بعينيه ناحية جانبها، فهو سيجدها لا محالة إن دقق النظر..
ازداد اضطراب أنفاسها، وتعالت دقات قلبها أكثر خاصة حينما شعرت باقتراب سليم منها..

توقف هو أمام باب المكتبة، وكان على وشك إغلاقه، ولكن لفت نظره بعض الكتب المتراصة بطريقة غريبة، فأمسك بأحدهم وبدأ في قراءة عنوانه بخفوت، ثم أولى ظهره للمكتبة، وبدأ يسير مبتعداً عنها..
كانت سيدرا قادرة على رؤية ظل سليم، وحاولت أن تنكمش على نفسها حتى لا يراها إن تراجع خطوتين للخلف..
ولكن ما لم تضعه في الحسبان أن تتسرب إلى جسدها برودة مفاجأة مما جعل أنفها قاب قوسين أو أدنى من العطس..

حاولت جاهدة أن تقاوم رغبتها تلك، ولكنها عجزت، ورغم أنها عطست بخفوت، إلا أن هذا الصوت الضعيف قد أيقظ حواس سليم وجعله يلتفت للخلف باحثاً عن مصدر الصوت...
سار سليم بضعة خطوات للخلف في اتجاه المكتبة بعد أن كان قد ابتعد، ثم لمح خيال ما يتحرك من الجانب، فضيق عينيه أكثر، وقرر أن يرى ما الذي يوجد هناك..

كانت المفاجأة الشديدة بالنسبة له حينما وجد من أحبها بجنون تقف منكمشة ومستندة على جانب المكتبة محاولة الاختباء منه..
رمش سليم لعدة مرات ليتأكد من أنه لا يتوهم ما تراه عينيه، ثم لفظ اسمها بعذوبة ساحرة و...
-سليم بنبرة رخيمة وآسرة: سيدرا...!
بينما كانت هي مغمضة لعينيها، وكاتمة لأنفاسها محاولة مقاومة صوته الآخاذ، ولكنها فتحتهما فجأة حينما وجدت أطراف أصابع تتحسس وجنتها...

رأت سيدرا سليم محدقاً بها، وينظر إليها بنظرات عاشقة ممزوجة بالعتاب، فطرفت بعينيها لأكثر من مرة، وابتلعت ريقها الذي جف في ارتباك شديد، ثم حاولت أن تستجمع شجاعتها الهاربة منها، وتفر من أمامه، ولكنها لم تستطع، فقد اقترب هو منها بدرجة كبيرة، ومد كلا ذراعيه ليحاصرها بينهما و...
-سليم بخفوت ساحر، ونظرات مشتاقة: إلى أين؟
-سيدرا بتلعثم وهي ترمش بغزارة: آآ، ابتعد عني.

هز سليم رأسه نافياً، ثم انحنى برأسه عليها أكثر و...
-سليم بنبرة أقرب للهمس وهو مسبل عينيه: كيف ابتعد عن زوجتي
حاولت هي أن تبتعد برأسها بعيداً عنه، ثم أغمضت عينيها، و...
-سيدرا بنبرة مرتبكة وصدرها يعلو ويهبط: لم أعد زوجتك، فقد انتهى عقد زواجنا منذ مدة، أم أنك تدعي النسيان
ثم وضعت كلتا يديها على صدره لتدفعه للخلف، ولكنه أمسك بهما بقبضتي يده، وثبت جسدها على جدار المكتبة الجانبي و...

-سليم بصوت رخيم، ونظرات متفحصة: لم أنساكِ يوماً حبيبتي، ولم أنهي عقد زواجنا أبداً، فأنتِ مازلتِ زوجتي
-سيدرا بنظرات مصدومة، ونبرة متفاجئة: م، ماذا تقول؟
-سليم بنبرة واثقة، ونظرات أكثر تفحصاً: أقول أنكِ مازلتِ زوجتي، ولن أدعك تهربي مني
-سيدرا بنبرة غاضبة، ونظرات مشتعلة: هذا كذب، فأنا تزوجتك لمدة محددة، وقد انتهت تلك المدة منذ فترة طويلة.

-سليم مبتسماً في هدوء مستفز: هذا غير صحيح حلوتي، ألم تعلمي أن زواج المتعة حرام شرعاً وقانوناً؟
-سيدرا فاغرة شفتيها في ذهول: م، ماذا؟
-سليم متابعاً بنبرة مغترة: لقد خدعتك حبيبتي، وأوهمتك أني تزوجتك بشروط، ولكني لم أكن لأفعل هذا أبداً، فأنا اعلم جيداً ماذا أريد، وأنتِ من أريدها..
-سيدرا بنبرة معاندة، ونظرات حانقة: ابتعد عني، أنا لا أريدك
-سليم بنظرات لئيمة، ونبرة عميقة: انتِ تكذبين.

تلوت هي أمامه محاولة تحرير نفسها، ولكنها فشلت، فقد كان محكماً قبضته عليها، ولم يترك لها المجال لكي تتحرك
-سيدرا وهي تبتلع ريقها في صعوبة: آآ، ماذا تقول؟
انحنى هو أكثر عليها برأسه ليقلص المسافة بينهما و...
-سليم بنبرة أعمق وهو ينظر لها بعشق: أعلم أنكِ تحبيني مهما قاومتي فعينيكِ الزرقاوتين تفضحكِ حلوتي
-سيدرا بنبرة متلعثمة: لا شأن لك بهما، دعني، فأنا لن أظل آآ...

لم يترك سليم الفرصة لسيدرا لكي تكمل جملتها، حيث مال أكثر برأسه عليها، ثم أطبق على شفتيها بشفتيه ليقبلها برغبة، في البداية حاولت هي أن تنسل من بين أحضانه، ولكنها عجزت عن فعل ذلك، فقد انساقت وراء مشاعرها، ولم يعد هناك مجالاً للمقاومة، فظل هو يقبلها بشغف للحظات مطولة، وذاب كلاهما في الأخر، وارتشفا الحب من على الشفاه إلى أن أدركا أن كلاهما لا يستطيع الاستغناء عن الأخر، ثم أبعد سليم رأسه للخلف، لينظر إليها بنظرات مشتاقة ومعاتبة وهو محاوط إياها من خصرها بكلا ذراعيه و...

-سليم بنبرة هادئة: لماذا تركتيني وحدي سيدرا، لماذا هربتي؟
-سيدرا بخفوت: لأنك ذبحتني ببرود
-سليم بنبرة خافتة وهو يبتلع غصة في حلقه: لقد كنت حقير وأحمق، الغضب يعميني، فلم أدرك ما أفعله، أنا أسف عما ارتكبت في حقك، لم أهنىء يوماً في بعدك
-سيدرا بنبرة متلعثمة وهي مجفلة لعينيها: دعني، أنا أستطيع الآن أن، آآ..
-سليم مقاطعاً بنبرة شبه آمرة: سيدرا لا ترددي هذا الكلام المزعج، أم أنك تريدين أن أقبلك مجدداً؟

توترت كل ذرة في كيانها، وحاولت أن تحرر نفسها من بين ذراعيه، ولكنه أطبق عليها أكثر و...
-سيدرا بارتباك وقد توردت وجنتيها: م، ماذا
-سليم بنظرات متفحصة، وبنبرة لئيمة: أريد أن أنهل الشهد من على شفتيكِ زوجتي، فأنا لم أشبع بعد منهما...!
-سيدرا بإرتباك أشد، وبنظرات حائرة: اتركني، فحياتي أفضل بدونك، وآآ..
-سليم مقاطعاً بنبرة مترثية: سنتعاتب لاحقاً، ولكن هيا بنا إلى بيتك.

رمقته سيدرا بنظرات ضيقة، وقد عبست ملامح وجهها و...
-سيدرا بحدة: لا، لن أذهب معك، فأنا آآ...
انحنى سليم مجدداً على شفتيها، وقبلها بحرارة أكبر مما جعلها تحلق عالياً في سماء العشق، وتنسى ما حولها، وتتجاوب معه وتبادله القبلات المشتاقة..
ثم دلف في تلك اللحظة الأستاذ رائف ومعه السكرتيرة ليتفاجئ كلاهما بسليم وفي أحضانه سيدرا، فينظرا إليهما بنظرات مذهولة، وكأن صاعقة ما قد ضربت رأسيهما للتو..

شعرت سيدرا بالحرج الشديد وحاولت أن تنسل من احضان زوجها، ولكنه لم يدعها، بل ظل ضاماً إياها إلى صدره و...
-رائف بنبرة منزعجة: ما الذي يحدث هنا سيدرا؟
-سليم بهدوء، ونظرات ثابتة: لا شيء أستاذي الفاضل، فسيدرا هي زوجتي، وكنت أقبلها لأني أشتاقها بشدة
-رائف بصدمة أكبر، ونظرات جاحظة: م، ماذا؟
أرخى سليم ذراعيه عن سيدرا، ووقف إلى جوارها مشدوداً بجسده و...

-سليم متابعاً بنفس الهدوء: كما أخبرتك، سيدرا هي زوجتي، وأنا زوجها
استدار رائف برأسه ناحية سيدرا، ورمقها بنظرات جادة و...
-رائف متسائلاً بجدية وهو يشير بإصبعه: هل ما يقوله صحيح؟
أطرقت سيدرا رأسها في حرج، بينما اعتلت ابتسامة واثقة زاوية فم سليم و...
-سليم بنبرة جدية: كما أخبرتك، سيدرا هي زوجتي، وبإمكانك أن تتأكد من عقد الزواج، فأنا دائماً أحمله في حافظة نقودي.

ثم وضع سليم يده في جيب بنطاله الخلفي، وأخرج منه حافظة جلدية سوداء، وعبث بمحتوياته لثوانِ قليلة قبل أن يخرج ورقة مطوية، ثم مد يده بها وأعطاها للأستاذ رائف الذي تناولها منه وبدأ يقرأ ما كتب بها و...
-رائف بنظرات مصدومة، ونبرة شبه متعجبة: هذا صحيح، ولكن، ولكن لماذا لم تخبريني يا سيدرا بهذا؟
-سليم بنبرة جادة: لوجود خلافات سابقة بيننا.

-رائف وهو يمط شفتيه: ممم، لي عتاب مع السيدة ابتسام، فهي قد أغفلت تلك الجزئية عني
ضيق سليم عينيه، والتفت إلى سيدرا، ورمقها بنظرات حائرة و..
-سليم متسائلاً باهتمام: من هي السيدة ابتسام؟
-سيدرا بخفوت: إنها، انها والدة صديقك هيثم
اتسعت عيني سليم في ذهول، وارتفع حاجبيه في اندهاش و..
-سليم بنبرة مصدومة: هيثم..!
أومأت سيدرا برأسها في خجل، و...

-سليم بهدوء حذر: هذا معناه أنكِ كنتِ باقية عند والدته، وهو لم يخبرني بهذا
-سيدرا بخفوت وهي تهز رأسها: بلى، أنا من طلب منه هذا
-سليم وهو يعض على فمه: سأعاتبه لاحقاً على ما فعله بي، ولكن الآن أنا أشهد الناس كلها أنكِ مازلتِ زوجتي، وأني لم أطلقك أبداً كما كنت أزعم من قبل، وأعدكِ أني سأعوضك عما فات..
ابتسم الأستاذ رائف، ثم..

-رائف بجدية: يمكنك أن تترك العتاب لما بعد، وهيا بنا لنرى ما الذي كتب في وصية المرحومة والدتك
-سليم بنبرة هادئة وهو يرمق سيدرا بنظرات راغبة: ليس الآن، فأنا أريد أن أظل لأطول فترة مع زوجتي
-رائف بنبرة ممتعضة: ماذا؟ ولكن آآ...
-سليم مقاطعاً بجدية وهو يشير بيده: أعتذر عن إزعاجك سيد رائف، ولكن زوجتي سيدرا هي كل ما يهمني الآن، أراك لاحقاً!

ثم أمسك هو بكف يد زوجته، وسحبها خلفه وهو يسير بخطوات راكضة إلى خارج المكتب تاركاً المحامي وسكرتيرته في حالة ذهول شديدة..
حاولت سيدرا أن تلحق في خطواتها بخطواته الراكضة، و...
-سيدرا بنبرة لاهثة: تمهل سليم، فأنا، فأنا لا أستطيع مجاراتك
-سليم بنبرة متحمسة، ونظرات مشتاقة: وأنا أحبك حباً لا حدود له.

ثم توقف سليم عن الركض، وأحاط زوجته بذراعه من ظهرها، ثم وضع ذراعه الأخر أسفل ركبتيها بعد أن انحنى بجذعه للأسفل، وحمل زوجته بخفة بين ذراعيه، بينما لفت هي ذراعيها حول عنقه، وسار بها ناحية سيارته المصطفة بالخارج و...
-سليم بنبرة متلهفة، ونظرات عاشقة: لن أتركك للحظة، فأنتِ دنيتي، ومعكِ سأبدأ من جديد
-سيدرا متسائلة بحيرة: إلى أين سنذهب؟
-سليم بحماس: إلى حيث بدأ كل شيء، إلى ضيعتنا.

فغرت سيدرا شفتيها في تعجب، وعقدت جبينها في استغراب، في حين أطرق هو ب...
-سليم متابعاً بنفس الحماسة: سأطلبك من عائلتك مجدداً، وأقيم لكِ حفل زفاف لم تشهده أي عروس من قبل، وسأسافر بكِ إلى كل الدنيا لأقضي معك أحلى شهر عسل
-سيدرا معترضة: ولكن أنا لدي امتحانات نهاية العام، ولستُ آآ..
-سليم مقاطعاً باستغراب: هل أنتِ تدرسين؟
-سيدرا وهي توميء برأسها، وبنبرة خافتة: بلى، فبعد عدة سنوات سأصبح محامية شهيرة.

زم سليم شفتيه في إعجاب، ثم أنزل زوجته على الأرض لتقف على ساقيها، وفتح لها باب سيارته الأمامي لتركبها، و...
-سليم بنبرة واثقة: وأنا سأساعدك لتصبحي أفضل مني في هذا المجال، ولنبدأ بمراجعة أول شيء
ركبت هي داخل السيارة، ثم وضع هو لها حزام الأمان، وركب هو خلف المقود، ونظر إليها بنظرات حب، ثم مد يده ليعدل خصلتها ويضعها خلف أذنها و..
-سيدرا وهي تضيق عينيها، وبنبرة متعجبة: ماذا تقصد؟

-سليم مبتسماً في لؤم: توثيق العقود
هزت سيدرا رأسها في عدم فهم، ونظرت إليه في حيرة و..
-سليم بنبرة عميقة: أي أني سأوثق عقد زواجنا ليصبح فعلياً، فأنا قد مللت الانتظار، وأشتاق إليكِ زوجتي كثيراً..
ثم أدار محرك سيارته لينطلق بها عبر الطرقات بسرعة فائقة، ويتجه إلى الضيعة التي بدأ منها كل شيء..

وهناك تفاجئ أفراد عائلة سيدرا بعودتها، ورحبوا بها كثيراً وانهالوا عليها بالقبلات الحارة والأحضان الدافئة، ولم يتركوها للحظة، وحاولوا أن يفهموا منها سر اختفائها، فأخبرتهم أنها كانت تدرس وتعذر عليها الاتصال بهم، فعاتبوها، ولكنهم لم يغضبوا منها، فقد كانت هي روحهم النقية التي عادت مجدداً إليهم.

لم تردْ سيدرا أن تخبر عائلتها بما مرت به حتى لا تعكر صفو الجو، وتعهد سليم في نفسه بعد أن سمع منها ما قالت بألا يكف يوماً عن حبها وتعويضها عما فعل بها..

اتصل سليم برفيقه المقرب هيثم، وطلب أن يلتقي به في الضيعة لأمر هام، ورغم أن الأخير حاول أن يعتذر له إلا أن سليم لم تقبل عذره، وأصر على مجيئه..
وبالفعل حضر إليه هيثم، ولكنه تفاجيء بسليم يمسك به من ياقته ويجره جراً إلى داخل البيت الكبير، ثم...
-سليم بنبرة ممتعضة، ونظرات محتقنة: أأنت من فعل بي هذا؟
حاول هيثم أن يتحرر من قبضتي سليم الممسكة به، و..
-هيثم بنبرة منزعجة: ماذا فعلت؟ اتركني سليم.

-سليم بنبرة حادة: لن أتركك إلا بعد أن أذيقك ألوان العذاب
-هيثم متسائلاً بضيق: لماذا كل هذا
-سليم بنبرة مغتاظة: لقد كنت تعلم بحالتي السيئة بعد هروب سيدرا، ورغم هذا ظللت صامتاً، ولم تخبرني عن مكانها
-هيثم بنبرة متلعثمة: آآ، عن أي شيء تتحدث؟
-سليم بنبرة محذرة: لا تتحاذق معي هيثم، فأنا أعلم كل شيء، سيدرا كانت ماكثة مع أمك، وأنت كنت تعلم هذا ولم تخبرني.

-هيثم هو يبتلع ريقه في توتر: آآ، لقد، لقد طلبت مني هذا، وأنت، وانت كنت ستؤذيها انت علمت بمكانها
-سليم بنبرة هادرة وعنيفة: هل أنت مجنون؟ كيف يمكنني أن أؤذي زوجتي!
أزاح هيثم يدي سليم بعيداً عنه، ثم أولاه ظهره و...
-هيثم بضيق: لقد فعلتها من قبل، فكيف أضمن ألا تكرر هذا الأمر مجدداً
زم سليم شفتيه في تبرم، فقد أصاب رفيقه فيما قاله، فهو قد تعرض لها من قبل، فكيف يمكن أن يثق به من جديد...

ثم دار حول رفيقه حتى وقف قبالته و...
-سليم بنبرة معاتبة: ولكن كان عليك أن تخبرني، ألم ترى حالتي البائسة
-هيثم بنبرة ممتعضة: كنت أود كثيراً أن أبلغك بهذا، ولكن سيدرا أخذت عليّ العهد ألا أبلغ أي أحد عن مكانها
-سليم وهو يزفر في انزعاج: وأنت قد وفيت بوعدك لها
-هيثم بإيجاز: بلى..
ثم صمت هيثم للحظات قبل أن يردف ب...
-هيثم متابعاً بجدية: ولكن أظنها أخبرتك بما فعلته من أجلها.

-سليم بهدوء حذر: بلى، وأنا شاكر لك على أفعالك رغم انزعاجي منك
-هيثم بنبرة شبه هادئة: تجاوز عن هذا سليم، واستعد للأفضل
-سليم بنبرة حازمة: وهذا ما سأفعله، لن أقف عند الماضي كثيراً، وسأبدأ حياتي من جديد مع سيدرا حبيبتي
-هيثم بنبرة محذرة: إياك أنت تأذيها سليم
-سليم بنبرة جادة: أقسم لك هيثم أني لن أجعلها تعاني أبداً، فهي غاليتي، وحبيبتي قبل أن تكون زوجتي، وسأعوضها عما فات...

وبالفعل طوال الأيام اللاحقة تذوقت سيدرا طعم الحب النقي من زوجها وحبيبها سليم الذي كان فارس أحلامها بحق، وأنساها كل ما مرت به من أحزان وآلام، لقد أوفى هو بوعوده لها، و أقام حفل زفاف كبير لها في وسط الضيعة، وحضر إليه جميع أهلها، بالإضافة إلى والده السيد خالد ومربيته سوسن، وكذلك السيدة ابتسام ورفيقه هيثم..

كانت ليلة مميزة بحق، استمتع فيها الجميع بأجواء الحفل المبهجة إلى أن حانت لحظة عودة سليم مع زوجته إلى بيتهما..
انتفضت سيدرا فزعاً بفستانها الأبيض وهي تقترب من ذلك البيت، فإلى الآن لم يمحْ من عقلها الذكرى الآليمة الخاصة بإغتصابها..
بدأ قلبها يخفق بشدة وهي تصعد الدرجات، ثم وضعت يدها على صدرها محاولة تهدئة نفسها، فوضع سليم يده على كتفها و..
-سليم بخفوت: اهدئي حبيبتي، فكل شيء سيصبح على ما يرام.

أمسك سليم بكف يد زوجته، ثم رفعه إلى فمه وقبله بحنو، وسار بها ناحية الردهة..
توقف هو عن الحركة، واستدار بجسده ناحيتها ليقف قبالتها، ثم وضع كلتا يديه على وجهها، وأحاط به، و...
-سليم بخفوت وهو ينظر إليها بنظرات آسفة: أعتذر لكِ حبيبتي، فمن هنا بدأ كل شيء، ولكني أعدك أني سأمحي تلك الذكرى للأبد
ثم جثى سليم على ركبته، وأمسك مجدداً بكف زوجته، ورفع بصره ناحيتها و...

-سليم بنبرة هادئة ورخيمة: سيدرا، هلا غفرتِ لي خطيئتي؟
أطرقت سيدرا رأسها، واجفلت بصرها، وحاولت أن تقاوم توترها الممزوج بخوفها و...
-سيدرا بنبرة مرتبكة: أنا...
-سليم مقاطعاً بنبرة نادمة: أنا أسف حبيبتي، اعلم أني كنت حقير، مجرم، ولكني أعشقك، أنا أحبك سيدرا، هل تسامحيني؟ أقسم لكِ أني لن أقترب منكِ أو ألمسك ما لم تغفري لي جُرمي.

ارتعش جسد سيدرا عقب عباراته الأخيرة، فقد شعرت بصدق كلماته، وبنيته الصادقة في تنفيذ وعوده مهما كلفه الأمر، لذا أخذت هي نفساً مطولاً لتهديء من روعها، و...
-سيدرا بنبرة متوترة: آآ، حسناَ
-سليم بنظرات ثابتة، ونبرة متلهفة: هل هذا معناه أنكِ سامحتيني؟
-سيدرا بنبرة هامسة وهي توميء برأسها: أها
هنا نهض سليم من على الأرض، ووقف أمام زوجته وعلى وجهه علامات الفرحة جلية، ثم انحنى على جبينها ليقبلها منه، و...

-سليم بنبرة هامسة متلهفة: أحبك بكل جوارحي غاليتي
ثم وضع كلا ذراعيه أسفل خصرها ليحاوطها منه، وحملها للأعلى قليلاً، ودار بها حول الغرفة عدة مرات والفرحة لا تسعه، بينما ارتسمت ابتسامة خجلة على وجهها، واستندت هي بكفي يدها على كتفه، وأغمضت عينيها في سعادة وهي تدور معه في الغرفة...

أنزلها سليم بهدوء، ثم سار بها بخطوات متمهلة وهو ينظر إليها بحب نحو غرفتهما حيث السعادة الأبدية التي كانت في انتظارهما بعد أشهر من الآسى و المعاناة..
-سيدرا متسائلة بنبرة عذبة: هل تذكر أول لقاء بيننا سليم؟
-سليم مبتسماً في هدوء: بلى، وهل يمكنني أن أفعل غير هذا؟
-سيدرا بنبرة رقيقة: لقد كنت فظاً للغاية معي
-سليم مبتسماً في ثقة: بل كنت لا أرى سواكِ، أنتِ وفستانك الأرجواني.

-سيدرا متسائلة وهي تعقد حاجبيها في استغراب، وبنبرة مذهولة: أنت مازلت تذكره؟
-سليم وهو يوميء برأسه، وبنبرة رخيمة: بلى، أذكره جيداً، فهو ذلك الفستان الذي جئت به أيضاً يوم تزوجتك
فغرت سيدرا شفتيها في اندهاش أكبر، ونظرت إليه بعينيها الزرقاوتين، في حين تابع هو ب..
-سليم بنبرة خافتة، ونظرات ساحرة: أنا لم أغفل عن أي شيء يخصك للحظة زوجتي، فأنتِ جنتي المنشودة، فحبك سيدرا، هو حب سرمدي...!

ثم انحنى سليم برأسه مجدداً على رأسها، ليقترب من شفتيها، ويقبلهما بحرارة أكبر عن ذي قبل، في حين انساقت هي وراء تيار مشاعرها الجارف، وأغدقت عليه بحبها الذي اشتعلت جذوته بوجودها في أحضانه...
أبعد سليم رأسه عنها، ثم مد يده ليمسك بكفها الرقيق، ورفعه إلى فمه، وقبله بحنان شديد، وهو ينظر إليها بعينيه العاشقتين..
فالحب في عينيه كان، سيدرا...

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة