قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا سر و علن للكاتبة زينب محمد الفصل الختامي

نوفيلا سر و علن للكاتبة زينب محمد الفصل الختامي

نوفيلا سر و علن للكاتبة زينب محمد الفصل الختامي

مصيرك منذ البداية شعرت أنه مربوط بي بوثاق قوي، أدركت بعد مرور الأيام أن طريقنا واحد، شمس طريقك قد بدأت في السطوع وها أنا أخطو معاكِ أولى خطواتنا، عهدت نفسي ألا أتخلى عنكِ مهما حدث، قصتنا غريبة وأنا نفسي لم أتوقع أن أتزوج بفتاة لقبتها في بادئ الأمر بالبربرية المجنونة، وها أنا أصبح مجنون مِثلك متهور وكأنكِ عدوى، وفي نهاية الأمر أُحب أن أُخبركِ بشيء قد يكون مجنون أخفيه بقلبي، شامتك إن نظرت لها تجعلني تائه في بحر غرامك، فما هذا السحر الذي أصابني عند رؤيتك!

بعد مرور ثلاث أشهر..

استيقظت نور من نومها بكسل، مازال عقلها لم يستوعب أمر وجودها في مصر، لقد وصلت البارحة مع يوسف، واليوم هي بأحد الفنادق المطلة مباشرةً على النيل، رغم مخططاته لتحضير مفاجأة لأخته بشأن حضوره، ورغم علمها بها عندما أقنعها بضرورة ذهابهم لمصر وموافقتها بعد محاولاته في إقناعها، إلا أنها أفسدت كل شيء عندما اصطنعت مرضها المفاجئ، طلبت منه حينها تأجيل لقائهم بأخته وقلبها يدق بعنفوان خوفًا من رفضه مازالت تهيب تلك اللحظة التى ستقابلها بها وخاصةً أنه أصر على عدم معرفة أخته بزواجهما، لاشك انها شعرت بالغضب والخوف، غضبت لقراره ذلك الذي لم يُقدم أي مبررات حتى لها عن اصراره في عدم اخبرها، و خافت بسبب تلك التخيلات التى هاجمتها عن شخصية ريم تلك، تفاجأت حينما وافق على تأجيل لقائهم بها وأبدى اهتمامه بصحتها اولاً، ظهر القلق جليًا على ملامحه، يوسف..

يوسف من أي نوع رجال أنت، تزوجته من ثلاث أشهر تذكرت حينما كانت تضع توقيعها بخوف بوثيقة الزواج، وكأن تلك الورقة تحولت إلى طريق أمامها جهلت ملامحه، حينها سألت نفسها سؤال هل سيكون لديها القدرة على تحمل عواقب طريق قد اختارته بمحض إرادتها، تذكرت نظراته لها، قرأت بهم الأمان والحب، هي لا تحتاج أكثر من ذلك، وقعت ولم تمنع ابتسامتها في الظهور، حتى لحظة وقوفها أمام باب الشقة في تلك الليلة التي أصبحت بها زوجته لم تغب عنها أبدًا، تضاربت بها الأفكار والذكريات معًا، تعجبت لتغير الزمن وتغير حالها من حال إلى حال بسرعة، الأمس مستأجرة والحاضر متزوجة..

ياله من قدر، توقفت عند تلك النقطة مجددا لم تعد تعرف ماذا تسميه هي مازالت على مشارف الطريق، تركت القوس مفتوح وبداخلها رعب غريب، تقلبت بالفراش وبدأت ذكرياتها مع يوسف تتدفق وابتسامتها لم تفارقها وخاصةً أن ملامح اليوم التي أصبحت فيها زوجته مازالت متعلقه بذهنها، تذكرت حينما اكتشفت أولى صفاته، حنون، شهم، ذكي، صفات عديدة تكتشفها به يَومِيًا، ورغم اعتيادها عليه إلا أن أصابتها رعشة قوية حينما حاول احتضانها، دقيقة والأخرى وبدأ في أغداقها بكلماته الحنونة، كلمات هي ممتنة لها، لقد زال الرعب بداخلها بكلمات كانت كالبلسم فوق مخاوفها..

أهدي يا نور، أنا مش هاعمل حاجة...
قالها يوسف وهو يحتضنها برفق، هزت رأسها عدة مرات تهتف بتلعثم:
أنا مش خايفة، أنا كويسة.
ابتعد قليلًا عنها، ليقول بحنو:
وفيها إيه لما تقولي إنك خايفة مني ده طبيعي، أنا معاكي وأنا هاخدها معاكي خطوة بخطوة..

عادت من شرودها وهي تدفن وجهها بالوسادة مبتسمة بسعادة، حينما تذكرت قبلته الشغوفة فوق شامتها، معبرًا لها عن مدى حبه لها، وأن تلك الشامة الصغيرة هي من جعلته وقع بغرامها، وصدق بالفعل حينما قال لها سيخطو طريقهما بهدوء، كان متفهمًا لتقلباتها وخوفها، لم يغصبها على شيء قط سوي أمر واحد ألا وهو عملها، رفضه بتاتًا وخاصةً مع اتصالات حسام المستمرة وأسئلته عليها، ضحكت بقوة على شجارهم بعد أسبوع من زواجهم، متذكرة خطته الخبيثة في رفضه لعملها...

لا بقى يا يوسف هشتغل يعني هشتغل، انا جاية دبي علشان ابني كياني ومستقبلي..
قالتها بعصبية شديدة وهي تبحث عن السكين، فأشار لها بعينيه هاتفًا:
السكينه أهي..
أكمل حديثه ساخرًا:
بذمتك دي منظر واحدة عاوزة تبني مستقبل ومش عارفة سكاكين بيتها فين، يا شيخة اتنيلي..
زفرت بحنق وهي تدبدب بقدمها أرضًا بغيظ:
يوووه، بطل تستقل مني بقى، مش كل شوية تقعد تحبطني بكلامك، أنا هاشتغل يعني هاشتغل..

وماله، لو مضحكتيش بعد اللي هعمله، أنا هاخليكي تشتغلي.
اقترب منها وداعب خصرها بلطف، تمايلت هي بضحك قائلة وهي تحاول الفرار منه:
كده ظلم، ظلم، ابعد بقى..
ابتعد عنها وهو يرفع يده لأعلى:
اهو أنا عملت اللي عليااا وانتي اللي فشلتي، تحبي نجرب تاني اللعبه دي معنديش مانع، بس الليفل التاني بمدة أطول.
ضحكت بصوت مرتفع كالبلهاء، نهضت واعتدلت بفراشها وهي تقول لنفسها:
اطلع من دماغي بقى يا يوسف..

واطلع ليه فيها ايه لما أفضل فيها قاعد واخد مكاني ومركزي..
رفعت بصرها بصدمه وخجل قائلة:
انت هنا..
اغلق الباب خلفه بقدمه، واتجه صوب الفراش يرتمي بجسده فوقه فأصبح مقابلًا لها:
طبعا هنا، هو أنا اقدر اروح مكان من غيرك..
ضيقت عيناها بتفكير لتقول:
اممم، أكيد عاوز حاجه علشان كده بتثبتني..
ضربها بخفه فوق رأسها مبتسمًا:
مش محتاج على فكرة تثبيت، بتحبي تجيبي لنفسك التهزيق ليه...

ابعدت يده بغيظ وهي تقترب منه أكثر تشاكسه:
أمال عينك فيها كلام كتير ليه..
هز رأسه نافيًا، ولم يبعد بصره عنها فقال:
لا هو مش كلام كتير، هما كلمتين وعاوزك تقدريهم وتفهميهم، اختى وحشتني وانا كنت محتاج أشوفها..
وعند ذكر اسم أخته، توترت وابتعدت بوجهها عنه، تحاول إخفاء نظراتها المرتبكة من لقاء أخته، فأمسك بها وهو يحاول إعادة الموضوع مواجهًا له:.

في ايه يا حبيبي مالك انتي خايفة من ريم، دي طيبة اوي والله وهاتفرح بيكي، على فكرة انا قابلتها انهارده الصبح...
اتسعت عيناها تقول بدهشة:
ايه روحتلها من غير ما تعرفني، طب هي قالت ايه، رفضتني..
فركت يدها بتوتر بالغ قائلة:
رفضتني صح، طب هاعمل ايه..
اعتدل يوسف بجلسته هاتفًا بتعجب:.

تعملي ايه في ايه، انتي مراتي هاتروحي فين يعني، ريم لازم تتقبلك علشاني أنا، هي عمرها ما هتضايقني ولا هتضايقك هي اه زعلت مني علشان اتجوزت من غير ما أعرفها بس بردو أنا عرفت اراضيها كويس والموضوع عدى، ريم أهم حاجه عندها سعادتي وبس، المهم عندي اوعي تزعليها..
لا انا مش هزعلها والله، هزعلها ليه أصلاً.
أوضح لها حالة ريم بحزن:
ريم بتزعل من اقل حاجه الفترة دي وخصوصًا أنها تعبانه..

صمت لبرهه يأخذ نفس طويل ثم قال:
عندها كانسر وتعبانه..
شهقت بصدمة قائلة:
وليه متقوليش!..
نهض مقتربًا من احدى النوافذ ينظر للفراغ:
محبتش اضايقك، مرضها وجعني وكسرني هي لسه في بداياته بس حاسس كأنه فيا أنا وخصوصًا لما شوفتها النهارده وازاي اتغيرت، اتوجعت اوي يا نور..
احتضنته من خلفه بقوه تقول بحزن وخوف: بعد الشر عليك، ان شاء الله هتكون كويسة، يوسف متبينش ضعفك ليها، بالعكس المفروض تكون مصدر قوتهااا..

التفت لها يقول بنبرة اوضحت مدى خوفه على أخته:
بحاول، هي اللي بقيالي وعندي استعداد ادفع نص عمري وتعيش وتكمل حياتها، انا حتى اصريت عليكي تيجي معايا وتشوفك علشان هي نفسها اتجوز اوي..
ابتسمت بحنو وهى تمسد فوق يده: هنروحلها وهخليها تحبني غصب..
قبل جبينها بحب وهو يحتضنها:
حبيبي ربنا يخليكي ليا، تعرفي ان ريم هي بردو كانت السبب في لقائنا..
رفعت بصرها دون ان تبتعد عنه قائلة بدهشة: ازاي بقى؟!

لولا مرضها وان ببعتلها فلوس كل شهر تقريبًا، أثرت معايا في ميزانيتي، فاضطريت ان أجر غرفه في الشقة، وحصل اللي حصل..
ضحكت بخفه قائلة:
غريبة الصدفة، بس تعرف ان دي احلى صدفة حصلتلي، بس ثواني ليه فضلنا فيهااا..

رفع وجهها بطرف أصابعه قائلًا بحب:
ما علشان على وشك القمر ده، انا اترقيت ومرتبي بقى أعلي..
التمعت عيناها ببريق الحب:
يوسف انت ازاي قمر كده..
خرجت ضحكاته مرتفعة ولم تفشل أبداً نور في إخراجه دومًا من حزنه، نظر لها بعبث وهو يقول بمشاكسة:
أعملك ايه، نصيبك وقع مع حد قمر زي..
ضربته بدلال فوق صدره قائلة:
ما بلاش غرورك ده، علشان معاك قمر بردو..
رفع اصابعه وتحسس شامتها بحب هاتفًا بهمس:.

هو انا صبحت على القمر بتاعي..
هتفت بغنج:
لأ، مسلمتش، ينفع كده، هأوقع عليك غرامه..

لثم ثغرها بحنو هاتفًا من بين قبلاته:
أحب انا الغرامات دي أبقى وقعيها كل شوية..
ارتفعت ضحكتها للعلن، ولأول مرة ينصهر سرها وعلنها معًا، لأول مرة يتحدا منذ أعوام طويلة، لأول مرة يتفقا على شيء، ألا وهو سعادتها معه، سعادة لم تذق طعمها إلا عندما قابلته.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة