قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا حبهان للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السابع والأخير

نوفيلا حبهان للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السابع والأخير

نوفيلا حبهان للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السابع والأخير

إنتشل فهد الهاتف من بين يد زينة وهو يصرح مزمجرًا بغضب:
-أنت مجنون يا راجل أنت! تخطف البنت وكمان بتتشرط ده انا هاوديك في ستين داهية.
فرد الاخر بسماجة:
-اهلا بسبع البرومبة، خطف ايه بس ده انا حتى ابوها!
بينما زينة مُحنطة امامها وكأنها تمثال خاوي الروح، لا يتردد بعقلها سوى شرط مدحت ألا وهو أن تُطلق زينة من فهد ..
وفي نفس اللحظة تدرك أن فهد لن ينفذ هذا الشرط بسهولة، لا مهلًا بل لن ينفذه بتاتًا..!

انتبهت لجملة فهد التي كانت سيولًا ملتهبة من الغضب الذي تجمهر بجنون في عيناه وهو يهدر باستنكار ممسكًا بالهاتف:
-ابوها! وابوها ده مختل عقليًا وبيضرب امها يوميًا وبيأذي الطفلة نفسها نفسيًا وجسديًا وماينفعش الحضانه تبقى لي.
سمعا تأتأة مدحت الباردة عبر الهاتف وهو يردد:
-بقولك إيه انا كلامي مع زينة مش معاك، واللي عندي قولته، لو عايزه تشوف البت هي عارفه مكاني.
فصاح فهد بنبرة خطيرة قاصدًا تهديده:.

-بقولك إيه انت، طلاق مش مطلق والبنت انت هترجعها غصب عنك مش بمزاجك.
حينها جذبت زينة الهاتف من يد فهد بعنف لتهتف مسرعة بنبرة ضعيفة:
-استنى يا مدحت، قولتلك انا مستعدة اعمل اي حاجة بس بنتي ترجعلي هي اهم عندي من اي حاجة.
-يبقى اتفقنا!
قالها مدحت بنبرة خبيثة مرتاحة والأفاعي الشيطانية داخله على مشارف نيل مرادها..!
ليزمجر فهد قرب الهاتف حتى يسمعه ذاك المدحت اللعين:.

-قدام القانون انت اللي خسران يا مدحت وهتشوف وهتتأكد من ده لما احبسك
سمع ضحكة سمجة من مدحت قبل أن يغلق الهاتف في وجههم ضاربًا بكلام فهد عرض الحائط...
ركضت زينة نحو ملابسها بلوعة قلب أم فُطر من ابتعاد نبض قلبها عنها، بينما فهد يحاول إيقافها بنبرة حاول جعلها لينة ولكنها خرجت حادة أجشه رغمًا عنه وهو يمسك ذراعها بقوة:
-انتي رايحه فين؟ مفكراني هاسيبك تروحيله لوحدك تبقي مجنونة ومتعرفينيش، انا اللي هاروح.

هزت زينة رأسها نافية بعناد تملك كافة جوارحها في تلك اللحظات:
-لا يا فهد، انا هاروح معاك متتوقعش مني ابدًا اقعد هنا مستنيه بكل هدوء
حينها تنهد فهد باستسلام كالعادة يحاول مراعاة الأم الصارخة بألم الفراق داخلها، ليهز رأسه موافقًا على مضض وهو يخبرها:
-إلبسي بسرعة وانا هنزل اشوف أي تاكسي.
اومأت زينة مؤكدة وهي تركض لترتدي ملابسها بسرعة...

بعد فترة...
وصلوا المنزل الذي يقطن به مدحت فتقدم فهد امام زينة يطرق الباب بعنف ويداه متحفزة لضرب ذلك اللعين مدحت ليفرغ طاقة الغضب التي كانت في أوجها...!

بالفعل فتح مدحت الباب فأمسكه فهد بعنف من تلابيبه وهو يصرخ في وجهه متسائلا:
-فين رنا يا مدحت الكلب؟!
ركضت زينة نحو الداخل تبحث عن طفلتها بلهفة وهي تنادي باسمها، ليستوقفها صوت مدحت الساخر وهو يقول:
-اكيد هي مش هنا، انا مش عبيط عشان اجيبها هنا!
حينها تركه فهد يلتقط أنفاسه محاولاً جعل غضبه يتنحى جانبًا ليعطي للعقل مساحة في تلك المعركة الغير محتومة.
فتابع بصوت صلب خامد يخفي ذريع الغضب خلفه:.

-أنت بتعمل كده ليه؟! هتستفاد إيه من اللي بتعمله؟
رفع الاخر كتفاه ببرود وتشدق بـ:
-ان بنتي ماتترباش في حضن راجل غريب وابوها على وش الدنيا.
حينها اقتربت زينة منه بعيون لامعة باكية خالطها شعاع خافت من الأمل والشوق:
-يعني لو اتطلقت هتديني بنتي؟
جملتها جعلت فهد يقف ثابتًا مكانه بينما داخله تصدع ألف مرة وهو يشعر بمرارة الوجع من جملتها التي أصابت رجولته وكبريائه في مقتل...!

ألهذه الدرجة تتلهف للطلاق منه؟!، ألا يؤثر فيها غيابه ولو بنسبة صغيرة..؟
نحى الكرامة جانبًا وعاد عشقه لها وإصراره يمسكا لجام الأمور مرة اخرى حينما جذب زينة من يدها بعنف رغمًا عنها يسحبها نحو الخارج معه وهو يردف:
-يلا يا زينة بلا كلام فارغ.
ثم رفع إصبع يده الاخرى ليؤشر لمدحت بغضب أهوج وصل قممه:
-ورنا هترجع لحضننا تاني وانهارده كمان.
حاولت زينة التملص من بين يداه وهي ترجوه بخفوت:.

-لا يا فهد، لازم نسمع كلامه يا فهد عشان رنا بالله عليك سيبني.
ولكنه لم يكن يستمع لها، كان صامت يحاول أن لا ينفجر بوجهها فيزيدها وجعًا فوق وجعها، يحاول أن يراعيها وهي التي لا تراعيه بأي طريقة كانت...!
هبطوا فرمى فهد نظرة قوية جامدة نحو زينة وهو يخبرها بنبرة مشدودة:
-كل اللي اقدر اقولهولك طلاق مش هطلق وبنتك هترجعلك، لو ماقدرتش ارجعهالك ساعتها حقك تتطلقي!

هبط على الدرج ومن خلفه زينه المتوسلة إليه بتركها فالتفت نحوها يخبرها في غضب:
-انا مش هطلقك ولو السما اتربقت على الأرض.
-انت كده عصبته وهتخلي ميرجعليش بنتي ويعاند أكتر.
قالت وهي تمسك يده بين كفيها في توسل لتركها فهز رأسه بالرفض مؤكدًا:
-افهمي وفكري ده واحد ندل مش أمين لا عليكي ولا على بنتك وانا مستحيل اسمحله يتحكم في حياتك تاني.
-انا ماليش حياة من غير بنتي.

قالتها بين عبراتها المتألمة في صدق، فأجابها بصدق أكبر وهو يمسح دموعها بكفيه:
-وانا ماليش حياة من غيرك انتي وهي.
مرت لحظة طويلة تعلقت فيها نظراتهما الحزينة ببعضهم البعض قبل ان تتنهد زينة وتردف في خفوت:
-قولتلك أنا ماليش حظ مصدقتنيش.
-انتي الحظ كله يا حبهان.
أصر وهو يضغط على كفيها قبل ان يرفعهم لتقبيلهما فمالت تسند بجبينها فوق صدره وهي تخبره بنبرة متعبة:
-انا لو مشوفتش بنتي انهارده هيجرالي حاجه.

قطع حديثها صوت رنين هاتفها الذي كان يقبع في سروال فهد، فأسرع بإخراجه واجاب بنفسه حين اخبرته بأنها زوجه مدحت الأولي:
-ألو..
جاءه صوت إمراه مرتبكة وهي تتساءل:
-تلفون زينة؟
-ايوة انا جوزها.
صمتت في تردد قبل أن تقول في سرعة وكأنها تخشى التراجع:
-انتوا عايزين البنت مش كده؟
اتسعت عيناه وهو يحاول الابتعاد عن مرمى مسامع زينة المترقبة وسأل:
-اكيد طبعا ودي محتاجه سؤال.
-انا هقولك على مكانها بس بشرط!
-ايه هو؟

سأل في لهفه وهو يشعر بالأمل يتولد داخل صدره:
-إياك تجيب سيرتي لمدحت جوزي والموضوع يحصل كأنك اتهجمت عليا انت وامها وخدتوها من عندي.
مد ذراعه يجذب زينه التي تحاول الاستماع معه وركض بها إلى الخارج يوقف عربة وهو يجيب في سرعة:
-هي عندك في البيت؟
-ايوة.
-نص ساعه وهكون عندك.

طلب من السائق الذهاب إلى عنوانها في سرعة والتفت نحو زينة يخشى اخبارها بانها على بعد خطوة من العثور على ابنتها فيفاجئهم القدر بلعبة أخري، قطع تفكيره سؤالها الملح بتكراره:
-فهد فهمني كانت عايزه ايه؟
-عايزة تقابلنا شكلها عندها معلومات عن رنا.
رفعت زينه يدها للسماء وانتقلت لمراقبة الطريق تعد الثواني قبل ان تلتفت متسائلة في تعجب:
-وهي هتساعدنا ليه دي مش بتطقني!
ربما هذه هي الإجابة، فكر فهد قبل ان يخبرها:.

-قولي يا رب يا زينه ادينا رايحين وعلى وصول وهنفهم كل حاجه.
وبالفعل بعد وقت قصير كان كلاهما يقف أمام الباب منتظرين ان تستقبلهم المرأة، وبالفعل فتحت لهما الباب لتقول في توتر ووجه شاحب دون مقدمات:
-لو مدحت عرف انا ممكن اروح فيها انا وعيالي، انا كلمتك عشان أم والبنت هتموت عشان امها من امبارح.
قفزت زينة للداخل تحاول تقبيل يدها وهي تتوسل:
-انتي عارفه بنتي فين، قوليلي وحياة ولادك!

جذبها فهد نحوه رافضًا إظهارها للضعف امام أيا كان فقالت السيدة مؤكده وهي تتجه للداخل تفتح أحد الأبواب الخشبية لتجد زينة صغيرتها جالسه فوق الأرض تعبث بخيط رفيع داخل السجادة المفترشة فوقها.
-رنا.
رفعت الفتاة وجهها في عدم تصديق ولم تنتظر زينة ثانية وركضت تفترش الأرض جوارها وهي تحتضنها وتبكي في حرقة بينما جاورها فهد وهو يتفحص حدوث أي أذى لها قبل ان يعود بنظره للسيدة المرتبكة ويخبر زينة:.

-احنا لازم نمشي قبل ما تحصل حاجه تانيه.
وقفت وهي تحمل صغيرتها وتوجهت نحو السيدة تحتضنها في قوة شاكرة إياها:
-ربنا يبعد عنك الشر ويباركلك في عيالك.
ابتسم السيدة بقليل من الذنب وهي تودعهما فهي لها أغراضها الأنانية في اعادة الصغيرة فهي ترغب في اختفاء زينة وطفلتها من حياتها حتى تستطيع ممارسة مأساتها مع مدحت في سلام فعلى الأقل كل ما له سيكون لأطفالها فقط.
-أرجوكم ده سر بينا انا ممكن أتأذى لو حد عرف.

-صدقيني جميلك ده في رقبتي أنا وعمري ما هفتح بقى غير بكده وهعمل اللي يأكد على كلامك ده في أقرب مما تتصوري.
لمعت عيناه في توعد مرير وغضب مكتوم نحو زوجها قبل ان يسير بزينة ورنا إلى العربة ومنها إلي المنزل وهو غير قادر على تصديق إنه نجح بالفعل باستعادتها دون خسارة حبهان التي اخذت طفلتها بين ذراعيها واغمضت جفونها في راحه وهي تقبلها كل بضع ثوان.

وكاد ينفجر قلبه وهو يراقب الطريق حين شعر بأصابعها الرقيقة تلامس كفه تضغط فوقه في شكر مرسله إليه ابتسامه امتنان ليغمز لها مقبلًا أصابعها قبل ان يميل لتقبيل رأس الصغيرة المستقرة فوق صدر والدتها، ووقتها فقط سمج لنفسه بالاسترخاء والتنفس.

بعد أن أعاد أسرته إلى المنزل سالمين تركهم فهد وانطلق نحو منزل مدحت يطرق الباب بعنف منتظرًا أن يراه على أحر من الجمر ليذيقه مرارة الألم التي لم تغادر جوفه منذ أن فعل مدحت ما فعل.
فتح مدحت الباب بنظرات باردة كالعادة ولكن فجأة تحولت لملامح متشنجة بالألم حينما لكمه فهد بعنف وغل وهو يدفعه نحو الداخل ويصيح بهمجية:
-رنا بقت معانا يا **** وربي لاطلع عليك القديم والجديد يا كلب.

كاد مدحت ينهض ليرد الضربات لفهد ولكنه لم يلحق إذ هجم فهد عليه يكيل له الضربات في كافة انحاء جسده وهو يسبه بشراسة بين كل ضربة والاخرى:
-وديني ما هخلي فيك حتة سليمة حتى تخليك ترفع عينك في وش النسوان يا **** يا عرة الرجالة.
فصاح مدحت لاهثًا بنبرة متقطعة فاح منها الألم:
-انت مفكرني هسكت على همجيتك دي، انا مش هسكت.
ازدادت ضربات فهد غلًا وهو يهدر فيه بكل الجنون الذي كان يغلي وأخفاه بين ثنايا صدره:.

-ابقى وريني هتعمل ايه يا روح ماما.
وما إن انتهى منه واصبح وجهه مغطى بالكدمات وقطرات الدماء، نهض فهد يرميه بنظرة مشمئزة ثم لكمه بقدمه بعنف وقسوة في بطنه ليكمل بوعيد:
-قسمًا بالله اللي ما بحلف بيه كدب لو شوفتك جمب رنا او زينة تاني هاكسر عضمك كله.
ثم هبط لمستواه يجذبه من ملابسه مقتربًا منه وهو يخبره بهسيس يشبه فحيح الافعى:.

-ومش بس كده ده انا هبلغ عنك وعن شغلك الشمال في الوكالة يا زبالة وهدمر حياتك، دي اخر مرة هحذرك.
فيما اتسعت عينـا مدحت بفزع وكل ما يدور بعقله هو كيف علم فهد بمخالفة عمله للقانون فهز رأسه بقلق، لن يخاطر بدمار عمله وحياته كلها في سبيل تلك الطفلة البلهاء!..
بينما فهد أعطاه ظهره ليغادر وهو يتنفس بصوت مسموع وكأنه اخيرًا استطاع أن يهدم ذاك الجبل الذي كان يحجب نور السعادة عن حياتهم...!

بعد مرور أسبوع..
صرخت زينة في انزعاج وهي تحاول الطهو بينما زوجها الأحمق وصغيرتها يلهوان حولها فوبختهم:
-ما هو العيب مش عليكي، العيب على الكبير العاقل.
ضحك فهد وهو يشير إلى رنا متسائلًا:
-لما هو العيب عليها بتكلمنا احنا ليه؟
-انا اعرف!
قالت الطفلة في تعجب لتناظرهما زينة في حنق وغيظ لمزاحهما المزعج الذي تحتل فيه الصداره ثم قالت:
-طيب اتفضلي على اوضتك لحد ما اخلص.

لوت رنا شفتيها واتجها في صمت لغرفتها قبل ان تستدير نحو فهد الذي يرمقها شزرًا وتخبره في جديه:
-وانت اهدى شويه قدام البنت، رنا بقت تقول ٢٤ كلمه في الدقيقه ولسه مقضتش غير اسبوع واحد معاك،
بالطريقه دي بنتي مش هتفصل كلام وشقاوة.
-يا ستي سبيها تعمل شقاوة ولا انتي غيرانه منها؟

قال بنبرة مازحه وهو يحاول اختطاف عناق منها فمنذ ما حدث الأسبوع الماضي وهي ترفض الابتعاد عن ابنتها والنوم بجواره وقد سمح لها بذلك ممني نفسه بأن الحياة لا تزال امامهما، ولكن هذا لا يعني انه لن يتصيد المواقف ليصير قريب منها.
هددته بالمعلقة الخشبية وهي تلتف حول المكان قائلة:
-عيب عليك رنا صاحية.
-يعني استنى لما تنام.

قالها في مكر وعيونه تلمع برغباته الوقحة التي صار لا يقدر على كبحها فسعلت بخفة دون إجابه فأقترب منها يحتضنها ويحثها بقبله رقيقة فوق كتفها:
-هتنامي جنبي انهارده؟
تصلب جسدها لكنه استمر في فرك رأسه بحنو بين طيات خصلاتها وعنقها يتوسل حبها واهتمامها وهو يزيد من ضغط ذراعيه حولها ويهمس:
-ولا اجي انام انا جنبكم.

هزت رأسها بالموافقة دون تفكير وشعرت بأنفاسها تعلو وتتقطع وهو يمطرها بوابل من القبلات الناعمة خلف رأسها وجانبها حتى استقر بشفتيه بين ذلك المكان السحري المتوسط لعنقها وكتفها.
دفعته عنها في خفه وهي تردف بنبرة منخفضة:
-ماما هتتعشا معانا وهي على وصول دلوقتي.
تنهد في أسى قبل ان يضغط على جسدها يقربها من احضانه مرة أخيرة ثم ابتعد عنها خطوات مثقلة وقال:
-تنور وانا هجهز السفره بس سبيني اطلع رنا من الاوضه.

هزت رأسها فركض دون جدال ينادي رنا في نبرة منتصرة، خرجت منها ضحكة صغيرة مستمتعة بكل حركة مشاكسه تصدر عنه او عن صغيرتها.
وبالفعل سرعان ما حضرت الوالدة وبعد مرور وقت العشاء بدأت في التثاؤب دون توقف فأخبرها فهد بتهذيب:
-لو حابه تريحي جوا اتفضلي يا طنط.
تثاءبت من جديد وهي تقول بابتسامه صغيرة:
-انا عايزة اقولك لو ريحت هنام للصبح والناس تقول ده معداش على جواز بنتها اسبوع وراحت باتت عندها.

ضحك فهد وهو يعطيها يديه ليجذبها لوضع الوقوف قائلًا:
-ما يتحرقوا الناس، المهم احنا، اقسم بالله لتباتي معانا ولا ايه يا زينة.
-اه خليكي يا ماما معانا احسن.
تململت والدتها وهي تلتقط في يد فهد وتقول في توجس:
-اعذروني بقى الا انا بقيت عضمه كبيرة، يلا يا رنا!
انهت جملتها مناديه لحفيدتها فتعجبت زينة التي اخبرتها:
-سبيها هتنام جنبي.
-يوه تنام جنبك فين، روحي يابت بلاش قلة ادب نامي مع جوزك وسبيني مع حفيدتي.

لم يستطع فهد السيطرة على اساريره المنفرجة او السيطرة على تلك الابتسامة المشرقة التي تأكل كامل وجهه، لتنظر زينة نحوه بقلق وتوجس من تلك البراءة التي يرمقها بها ما ان دلفت والدتها وصغيرتها إلى الغرفة ليقطع تفكيرها حين قال:
-تصدقي الواحد مكنش عارف انه محتاج ينام اوي كده، مش يلا بينا!
-لا مش عايزة انام.
-دي شكليات مش هنختلف كتير تعالي.
قال مبتسمًا بمكر وهو يتجه نحوها ويدفعها دفعًا للغرفة لتهمس في حده:.

-فهد مش بحب هزار الايد.
-معلش.
قال باستفزاز وهو يدفعها للغرفة تمامًا قبل ان يغلق الباب ويحكم إقفاله، ليكتسب وجهها حُمرة قاتله وهي تدور بتوتر وتتجه نحو المرحاض مغلقه الباب خلفها.

فركت كفيها تحت الماء في توتر وقلق وقلبها يعلم تماما إلى أين ستتجه بهم الأمور فقد انتظر عليها كثيرًا وأظهر جانب رحيم لم تظن إنها ستراه في رجلًا يومًا، فمهما تظاهرت بالنوم هي تشعر به حين يدلف ليلًا إلى غرفة رنا لتقبيل رأسها ورأس ابنتها قبل أن يحكم عليهم الغطاء قبل الذهاب لغرفته للنوم حاكمًا عليها بالبقاء متيقظة تائهة في مشاعر غريبة اقحمها عنوه داخل صدرها.

تنهدت بعد أن مر كثير من الوقت وهي بالداخل فمن المستحيل ان تقضي الليلة هنا، زمجرت فعليها رد جزء مما يفعله لها ولابنتها كما تخبرها والدتها فرغم قصر وقتهما معًا إلا ان صدق افعاله تتحدث بحبه لها ولابنتها، تنهدت فهو بالفعل يستحق ان تنسى الماضي وان تعطيه فرصة.
خرجت فاتسعت عيناها وهي تجده متكأ على إطار الباب فاحمرت وجنتها في خجل وقالت في نبرة حادة انتهت منها خافته ضعيفة:
-أيه قلة الذوق دي!

مد ذراعه خلفها ليمسك مقبض الباب ويغلقه ويجبرها على الاقتراب نحوه لكنها تحركت خطوتين بجانب جسدها تفصل بينهما ورمقته في توتر وهي تراه يقترب خطوة ويميل بجانب جسده جوارها في اريحيه مريبة وهو يتفحص وجهها بعينيه المتعلقة بأدق تفصيلاتها.

رفضت عيناها المضطربة ملاقاته فهبط ببصره نحو أصابعها التي تفرك دون توقف، لمعت عيناه ثم ارتسمت على وجهه شبة ابتسامة وهو يترك جسده يميل على الحائط نحوها في خفة ليستقر بشفتيه دون مقدمات فوق شفتيها المتفاجئة في شوق ومجون..
ثم أفشل هروبها عندما احاط ذراعه حول خصرها الصغير وشعر بدفء يجتاحه عندما ضمها اليه بكلا ذراعيه القوية فوجدها تميل نحو جسده في سكون واستسلام مثير.

ربت فوق ظهرها ورأسها بحنو ورقة مستمتعًا بقبولها للمساته وقربها أكثر بلهفة عندما شعر بذراعيها يحاوطان خصره فأبتعد ليلتقطا انفاسهما فأغرق رأسه في عنقها ذلك المكان السحري الذي ينسيه العالم وما فيه.
طال بهما الوقوف في صمت رائع لا يرغب في انتهاءه لكنه امسك كفها وتوجه نحو الفراش في خطوات متأهبة وعيناه لا تفارق وجهها المشع خجلًا فهمس:
-في حد يخطف قلب حد كده؟

ابتسمت قليلًا مستمتعة بحسه الفكاهي الذي خفف من توترها حينما استلقيا سويًا، سعلت بخفه وشعرت بالحرارة تنساب من وجهها عندما خلع قميصه واصبح شبة عاري، ارتبكت أكثر حين مال نحوها بعيون متقدة لكنه حاول تخفيف حدة مشاعره فقال في نبرة شقية:
-أمك بتسلم عليكي وبتقولك الدنيا حر!

أنهى جملته وهو يجذب طرف ملابسها، فتحت فمها للاعتراض بخجل لكنه اوقفها بفمه الشغوف الذي تحرك في عنفوان فوق ثغرها الرائع الشهي ليضيع اعتراضها مع الريح.
رفع رأسه بعد دقائق ليلتقطا أنفاسهم اللاهثة فسألها مضيقًا عيناه ببراءة لا تليق بوقاحة ما يفعله:
-مش عايزه تقوليلي حاجة يا حبهانتي؟

حينها عضت زينة على شفتاها غير قادرة على نطق تلك الكلمة التي تحسها بكل ذرة بها، ولكن حتى لا تطفئ ذلك الوهج اللامع يزين عيناه كالبدر وسط ظلام الكرة الأرضية، قالت بنبرة خافتة ناعمة:
-بحبك..
ولم تنطق بالمزيد فقد اكتسح شفتاها بشفاه وكل ذرة به تهلل من روعة ذلك الشعور بالاكتمال، فخطف انفاسها في مغامرة من العشق لم تكن تتخيل حلاوة مذاقها يومًا...

بينما غرق فهد بين نبضات وخفقات قلبه وقد نال عشق سهر بسببه في شوق أيامً وليالي، فالعشق طاغية ونحن له عبيد طواعية.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة