قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة الفصل السادس

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل السادس

كانت تتبعه بينما يتحرك أمامها بخفة، يزيل تلك الأغصان الشائكة أمامها بسيفه الحاد، تأوهت فجأة، فتوقف (نوار) على الفور ملتفتا إليها، اقترب منها وقد رأى الألم على ملامحها بينما تمسك كتفها بيدها، قال فى لهفة:
-ما الخطب؟

طالعته بإضطراب وقد أثار اقترابه الشديد منها وأنفاسه الساخنة التى لفحتها كيانها، وبعثر مشاعرها، طالعها بحزم قائلا:
-لا تخفى عنى شيئا أخبرتك أننى أشعر بألمك وكأنه ألمي، تلك طبيعتنا.. فهيا أخبرينى، ما خطبك؟

أزالت يدها ببطئ عن كتفها، فظهر جرحها النازف، ليترك (نوار) سيفه يقع أرضا على الفور وهو يخلع عنه وشاحه، ويقسمه بسرعة قائلا:
-كيف جرحتى؟
أشارت لأحد الأغصان قائلة:
-جرحنى هذا الغصن، آسفة، لم أنتبه له.

كان يلف قطعة من القماش على جرحها أثناء حديثها، ثم قام م بربطه برقة وإحكام، غافلا عن عيون تعلقت به، وقلب تسارعت دقاته، إختفى منه الألم وإستقر به فقط مشاعر جامحة تكنها لهذا الفارس، تتعجب لها فلم يمضى على معرفتها به الكثير وها هي ترغب بكل قوتها أن ترتمي فى أحضانه؟ربما لتجد أمانها بعد لحظات من الخوف عاشتها منذ قليل، حانت منه نظرة إليها فلمح نظرة عيونها التى أربكته للحظة قبل أن تشيح بنظراتها عنه، تجلى صوتها وهي تقول بإرتباك:
-احمم، لقد رأيت كائنا ضخما يطوف فى السماء، لونه أحمر قاني، ولديه جناحان عريضان، لقد كان ينفث نارا من فمه.

إستطاعت بكلماتها أن تحول أفكار (نوار) التى كانت تدور حولها، ليعقد حاجبيه قائلا:
-أين رأيته؟
قالت فى حيرة:
-ظهر فجأة فى أفكارى وأمام عينى، فأغمضتها وفتحتها لأجده قد إختفى تماما، وقد تسبب هذا فى تشتيت إنتباهى وجرحى.

قال بهدوء، يحاول بكل جهده أن لا يصيبها بالقلق:
-تمتلكين قدراتك سريعا، هذا شيئ جيد، لقد رأيتى وحش (هيلانة) ، التنين الأحمر، لابد أنها أرسلته خلفنا.
ظهر الخوف فى نبراتها وهي تقول:
-تنين أحمر؟!
أحاط كتفيها بيديه على الفور قائلا:
-لا تخشى شيئا، أنا هنا.

طالعته بعيون جعلته نظراتها يخر ساجدا داخل محراب قلبها، يطالبها بالرحمة، فهو عاشق كما لم يعشق إنسي من قبل، يبغى إرتواء لمشاعر حارقة، يشعر بلهيبها فى ذرات كيانه..
أزال يديه من على كتفيها وهو يمرر يده فى شعره بتوتر قائلا:
-فقط سنكون أكثر حذرا، ونسلك الطرق التى تغطيها الأشجار.. هيا بنا.

أومأت برأسها فى هدوء لينظر (نوار) إلى قرص الشمس الذى أوشك على المغيب قائلا:
-لا أدى لماذا تأخرت العظيمة (سيلين) ، كان من المفترض أن تكون معنا منذ البارحة؟ترى إلى أين ذهبت؟
ليجيبه صوت تخللته نبرات الراحة وهي تقول:
-أنا هنا أيها الفارس النبيل.. خلفك تماما.

إلتفت (نوار) بسرعة فرأت (تارا) إمرأتان جميلتان، تحيطهما هالة من القوة، تناظرها تلك التى تملك شعرا أحمر ويبدو عليها الحكمة بعينين راضيتين، إنحنى (نوار) بإحترام على الفور قائلا:
-سيدتي.

تقدمت (سيلين) منهما تتبعها (ريتان) تتابعهما (تارا) بفضول، قبل أن تربت (سيلين) على كتف (نوار) الذى تنحى جانبا مفسحا لها الطريق، لتتقدم بإتجاه (تارا)، تقف أمامها تطالعها بعيون متأملة، قبل أن تهمس قائلة:
-صرتى تشبهين والدتك الملكة (نشروان) يابنيتى، كثيرا.. كيف حالك؟

ابتلعت (تارا) ريقها قائلة بإضطراب:
-بخير.. هل أنتى...
قاطعتها (سيلين) قائلة:
- (سيلين) .
لتشير إلى (ريتان) مستطردة:
-وتلك (ريتان) ...
لتنحنى هي والأخيرة على الفور قائلة:
-فى خدمتك يامولاتي.
ثم إستقامت ببطئ تنظر إلى ملامحها المضطربة قائلة:
-إعتادى كونك ملكة (أستيريا) ، فهذا قدرك ياحبيبتى.

شعرت (تارا) بقلب مثقل بالخوف، تخشى أن تكون غير صالحة لتكون تلك الملكة التى تنقذ مملكة من سحرة الظلام، إنها مازالت تتعلم حتى أنها لم تتقن توجيه كرات النور خاصتها إلى الهدف فتدمره، أخبرها (نوار) مرارا أن تنقى أفكارها وتركز قليلا ولكنها كانت فى كل مرة تخفق، وبشدة.. حتى أنها دمرت خيمتهما اليوم باكرا.. لتقول بقلق:
-وإن كنت لا أصلح أو لا أستطيع...

قاطعتها (سيلين) وهي تمسك بيديها قائلة فى حزم:
-ستستطيعين.. لا شك فى ذلك؟فأنتى الملكة (تارا) إبنة الملكة (نشروان) حفيدة الملكة (سديم) ، سليلة العظيمة (جيلان) .. تجرى فى دمائك القوة تمتزج بالنقاء والحكمة والطيبة، تمتلكين قوة لا حدود لها تنبع بداخلك وتجرى فى شرايينك، أنتى مستقبل المملكة وأملها، الأمل فى سلام يظلل جنباتها ورخاء يعم الأجواء، ودونك ستضيع المملكة إلى الأبد.

تسللت كلماتها إلى قلب (تارا) لتقول بقوة:
-إذا لا وقت لنضيعه، هيا لننقذ مملكتى.
إبتسمت (سيلين) قائلة:
-حماسك يعجبني، ولكننا يجب أن نكون حذرين، سنختفى ما إن يحل الظلام، ثم نكمل رحلتنا مع إشراقة شمس جديد.

قال (نوار) :
-تخشين التنين الأحمر.. أليس كذلك؟
إلتفتت إليه (سيلين) عاقدة حاجبيها وهي تقول:
-وكيف علمت بشأنه؟هل واجهكما؟
أشار (نوار) إلى (تارا) قائلا:
-بل رأته فى أفكارها.

نظرت (سيلين) إلى (تارا) قائلة بسعادة:
-تحصلين على قدراتك بسرعة، هذا بالتأكيد فى صالحنا، لا تخشى شيئا، ستهزمينه ما إن تحصلين على العقد، لذا هيا نختار بقعة لنرتاح بها قليلا، وفى الغد نكمل رحلتنا.. الليل طويل وفى الليل يترصد الغدر بالفرائس فلا ينجو منهم أحدا، ونحن بالتأكيد لا نريد أن نصبح إحدى تلك الفرائس.. أليس كذلك؟

أومأوا جميعا برءوسهم، ليتجهوا إلى تلك البقعة التى أشار إليها (نوار) .. يتحركون بحذر وقد بدأ الليل يسدل ستاره على الغابة.

كانوا يجلسون حول النار، تحيطهم دائرة من غلاف غير مرئي يخفيهم عن أعين الجميع، تطالع (سيلين) السماء بعينيها كل مدة، تتنفس الصعداء حين لا تسمع صوته الملعون او تراه فى الأجواء، تنتابها بعض الحيرة الممتزجة بالقلق لذلك، بينما كانت (تارا) تختلس النظرات ل (نوار) ويبادلها بدوره، غافلان عن عينان تابعتا نظراتهما المختلسة، والتى تعبر عن دواخلهما، لتوكز (سيلين) مشيرة إليهما، تابعت الأخيرة ما يحدث بعدم رضا، ترفض تهربهما من مشاعرهما، وإنتظارهما كل هذا الوقت للإعتراف بتلك المشاعر، ففى كل العصور المنصرمة كان لقاء الملكة بفارسها قدر وإتحادهما على الفور توق يطاردهما حتى يحققانه، فلماذا يختلف هذا الثنائي؟

هل لإبتعاد (تارا) عن مملكتها وتربيتها بعيدا عن حضارتها دخل فى ذلك؟أم لتخلى والدة (نوار) عنه دورا كبيرا فى هذا التردد؟أم ماذا؟
أصابها القلق.. فلكي يستطيعوا القضاء على (هيلانة) لابد من إتحادهما الحتمي وبأقصى سرعة.

حاولت تجاهل أفكارها المقلقة، وهي توجه حديثها إلى (تارا) قائلة:
-أخبرينى يابنيتى، ماذا تعرفين عن مملكتنا؟
قالت (تارا) :
-الكثير، أخبرنى عنها ( نوار) مايكفى، ولكن...

صمتت (تارا) فشعر الجميع بترددها، ليستحثها ( نوار) قائلا:
-ولكن ماذا يامولاتى؟
طالعته (تارا) بعينين مضطربتان تقول بتردد:
-ما أخبرتنى به عن سحرة الظلام، خاصة
تلك الساحرة (هيلانة) يخيفنى، يجعلنى أتساءل، ترى هل أستطيع هزيمتها وأنقذ مملكتى أم أتخاذل وأهلكها معى؟
قال (نوار ) على الفور بكل حزم:
-بل ستهزمين الجميع وبسهولة، تمتلكين القلب والعزيمة والسحر وأنا أثق بك تماما.

طالعته للحظات بعيون شعت بإمتنان فكلماته البسيطة جعلت شعاع من الثقة ينبثق بقلبها ليختفى الإضطراب من ملامحها ويحل الثبات، إختفى القلق من قلب (سيلين) وهي تدرك أن هذا الثنائي سيتحد قريبا، فذبذبات مشاعرهما قوية، تصلها بوضوح، ربما يحتاجان فقط بعض الوقت ولكن هذا للأسف مالا يملكونه حاليا.

ولكن صبرا فربما كل شيئ يسير فى صالحهما فى النهاية، لتقول بهدوء:
-أتفق مع (نوار) ، أثق بك عزيزتى، فأنتى تحصلين على قدراتك بسرعة وتتحكمين فيها بشكل رائع، فلقد رأيت كيف جمدتى ذلك الغصن من الشجرة قبل أن يقع على (نوار) ثم ركلتيه بعيدا فقط بإشارة من يديكى، بقدراتك تلك إلى جانب العقد وإتحاد...

صمتت تلاحظ نظرات (نوار ) التى تمنعها من إخبارها عن إتحادهما المرتقب، لتستطرد قائلة:
-اقصد إتحاده مع قلبك النقي.. كل ذلك سيؤهلك بلا شك للقضاء على (هيلانة) ، فى الغد بإذن الله سنفترق، تذهبين مع ( نوار ) إلى النهر، لتحضرين العقد، بينما أذهب مع (ريتان) لأحضر بعض الغبار السحري لنتمكن من العودة جميعا إلى مملكتنا.

قال (نوار) بدهشة:
-ولماذا نفترق؟نستطيع جميعا الذهاب إلى النهر ثم البحث عن الغبار أيتها العظيمة (سيلين) .

هزت رأسها رفضا ليتمايل شعرها الأحمر ويتوهج قليلا مع عيونها الغامضة فى تلك اللحظة وهي تقول:
-لا وقت لدينا لنضيعه.. سأترككم الآن لتتدربوا قليلا، بينما أنال أنا و (ريتان) قسطا من النوم، فلم تغفل عيوننا للحظة منذ أن تركنا (أستيريا) ، إن ظهر التنين الأحمر أيقظانا.

أومآ برأسيهما، فنهضت لينهضوا جميعا قبل أن تحييهما بعينيها وتتجه لخيمتها تتبعها (ريتان) ، تابعاها بعيونهم، ثم نظرا إلى بعضهما البعض للحظات قبل أن يمسك (نوار) بقطعة من الحجر يضعها بين يديه قائلا بهدوء:
-هيا لنتدرب.. شقيها إلى نصفين.

عقدت (تارا) حاجبيها قائلة بصدمة:
-ماذا؟
قال بحزم:
-شقيها إلى نصفين بكرات النور خاصتك.
قالت بخوف:
-لا أستطيع، قد أؤذيك.
طالعها بعينيه العميقتين ونظراته التى تسللت إلى روحها قائلا بثبات:
-ألم أقل أننى أثق بك.. هيا تستطيعين فعل ذلك.

طالعته للحظات لتدرك أنه بالفعل يثق بها بينما هي لا تثق بنفسها البتة، ولكن نظراته بثت فى روحها العزيمة، لتغمض عيناها للحظة تأخذ نفسا عميقا، تدرك أن أي خطأ منها قد يودى بحياة فارسها، قبل أن تفتح عيونها بحزم وتضم يداها تخرج منهما كرة من النور، وجهتها لتلك الصخرة فإنشقت إلى نصفين، ليبتسم (نوار) قائلا:
-رائع.. أخبرتك أنك قادرة على فعلها.

لتبتسم (تارا) فى سعادة قائلة:
-نعم نعم أخبرتنى، وأنا سعيدة للغاية.
قال بحنان:
-سعيد لسعادتك.
طالعته بنظرة جمعت بين الحب والإمتنان، لتلمع عيناها قائلة:
-هيا.. إلي بالمزيد.
إتسعت إبتسامته قبل أن يتجه لإحضار المزيد من الأحجار، بينما أسدلت (سيلين) ستار خيمتها وإبتسمت... براحة.

حانت لحظة الوداع...
تنحت (سيلين) ب (نوار) جانبا وهي تقول:
-لا أدرى سببا لحجبك تلك المعلومة عنها، رغم أنك تدرك أهمية إتحادكما لتصبح (تارا) ملكة لا تقهر.
قال (نوار) بهدوء:
-لا أريد أن ترى فى إتحادنا إلزاما، أريد أن تحدوها الرغبة فى إتحادنا دون إجبار، أن تنبع تلك الرغبة من أعماق قلبها، أريدها عاشقة مثلى تماما.

قالت (سيلين) بحنق:
-لا وقت لدينا لتلك الترهات يا (نوار) ، مستقبل مملكتنا على المحك.
طالعها بعيون حازمة وهو يقول:
-أنتى من فعل ذلك أيتها العظيمة (سيلين).
عقدت حاجبيها قائلة:
-أنا؟!

قال بثبات:
-نعم.. أنتى من حولتيتى عصفورا وأرسلتنى مرافقا لها، فجعلتينى عاشقا لا فارسا مقدرا لملكة، تدركين إختلافى منذ اليوم الأول، فقد نشأت فى كنفك منذ الصبا، تعلمين أنى حين أحب، أعشق بقوة وحين أكره، أمقت بقوة أيضا، مشاعرى تملكنى ولا أستطيع التحكم فيها بل أسعى لإرضائها، ولن أرتاح حتى تبادلنى (تارا) مشاعرى بنفس القوة.

زفرت (سيلين) تدرك أنه محق تماما، لذا قالت بهدوء:
-حسنا.. ولكن بالله عليك لا تضع الوقت.
ربت على يدها قائلا:
-إطمأنى.
هزت رأسها فقال مستطردا:
-والآن أخبرينى السبب الحقيقي وراء رغبتك فى الفراق.

إبتسمت لفطنته قائلة:
-فتى ذكي، بعد ان أحضر بعض الغبار السحري سأذهب للفرار من سحرة النور فى مدينة الأطلال الضائعة، أبحث عن دعمهم، لا أريد ل (تارا) ان تشعر بالخذلان إن رفضوا مساعدتى.

أومأ برأسه موافقا قبل أن يقول:
-حسنا فعلتى.
ربتت على يده قائلة:
-أستودعكما الله، كونا حذرين، فإختفاء وحش (هيلانة) ، وعدم ظهوره بالأمس يقلقني.ذ
قال بإبتسامة:
-لا تخشى شيئا، سأوقظ ( تارا) ونرحل على الفور وسأضعها نصب عينى، فإلى لقاء قريب.

أومأت برأسها قبل أن تبتعد مع (ريتان) التى كانت تنتظرها بينما تسللت (تارا) عائدة إلى الخيمة بسرعة، قبل أن يراها أحد، تدور تلك الكلمات التى سمعتها برأسها دون توقف.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة