قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة الفصل الثاني

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة كاملة

نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

قالت مهيرة فى غضب:
-مازلتى تطعمين المساكين الذين يطرقون بابنا ليلا ونهارا؟ألم أحذرك من فعل ذلك؟
قالت تارا بإرتباك:
-نعم.. لقد فعلتى ياعمتي، ولكنى لم أستطع أن أرد مسكينا لجأ إلينا وهو يكاد يموت جوعا.

قست عينا مهيرة وهي تقول:
-لم تستطيعين أليس كذلك؟حسنا فى كل مرة تطعمين مسكينا سيكون لك عقابا من نوع خاص.. وسنبدأ حالا.. لا طعام لك اليوم.
طالعتها تارا فى صدمة فازدادت القسوة بعيون (مهيرة)وهي تقول:
-أطعمى المساكين يافتاة مجددا من مخزون طعامنا وسينتهى بك الأمر تتضورين جوعا.. تماما مثلهم.

قالت كلماتها وإلتفتت مغادرة تاركة فى إثرها (تارا )تتعجب من قسوة ذلك القلب الرابض فى صدر عمتها وتحجره.

إلتفتت مطرقة الرأس بألم، تغالب دموعها وهي تقترب من هذا القفص الذهبي الذى يضم بين جنباته هذا العصفور الجميل الذى وجدته بالغابة وداوته ثم أصبح صديقها الوحيد الذى تفضى له بمكنون صدرها فتشعر براحة غريبة قربه، تأملته قليلا بعيون تلمع بالعبرات قائلة:
-أخبرنى ياصغيري، كيف أرد سائلا يبحث عن لقمة يسد بها جوعه، كيف أخبره أن عمتى بلا قلب تحرمه الطعام ولديها منه الكثير؟فلتحرمنى أنا .. لا يهم، ولكن بالله عليها لا تحرم السائل ولا ترده خائبا.. صدقنى لن أستطيع أن أفعل ولو كان الثمن حياتى.

إتسعت عيناها بصدمة ودمعة حزينة تسقط من عين العصفور.. هل تبكى العصافير حزنا؟هل حقا يفهم ماتعانيه؟إنها تشعر فى بعض الأحيان أنه يفعل.. تبا .. ماذا دهاها اليوم؟إنها تفكر كالمجانين.

رفعت يدها تمرر أصابعها بين قضبان القفص كي تملس على رأس العصفور بحنان قائلة:
-عذرا ياصغيري، إن كنت تفهمنى حقا، فربما أحملك مالا طاقة لك به وأحزن فؤادك، ولكن ليس لدي سواك لأخبره بمكنون قلبى.. فإصطبر علي قليلا.
عصفوري.. بت أشعر أننى غريبة بهذا المكان وأننى لا أنتمى إليه، تنتابنى أحلاما غريبة عن مكان بعيد مليئ بالخيال يجذبنى إليه بقوة، أشعر به ينادينى، أرى كائنات غريبة لم أر مثلها فى حياتى كلها، والأغرب أنها تتحدث معى وتطيع أوامرى، أرانى أملك قوة تنبعث من بين يدي هاتين.

رفعت يدها تنظر إليهما مستطردة:
-أدفعها بإتجاه أناس فيصبحون كالهشيم .

لتنظر إلى العصفور مرة أخرى وتراه يتأملها منتبها وكأن ماتقوله يثير إهتمامه بالفعل، لتضحك بخفة قائلة:
- مجنونة أليس كذلك؟ربما أنا بالفعل مجنونة فها أنا ذا أتحدث إليك.. أتحدث إلى عصفور عن بلاد غريبة وكائنات أغرب والأدهى أنى أكاد أقسم أنك حقا تفهم وتهتم بما أقول.

لتضرب على رأسها بخفة قائلة:
-لقد مر الوقت سريعا، سأتسلل وأحضر لك بعض الطعام فيبدو أنك جائعا، مثلي تماما، يصيبنا الجوع بالأوهام .. أليس كذلك؟
ابتسمت مجددا لعصفورها الحبيب تملس على جناحه بحنان، قبل أن تبتعد مغادرة وعيون العصفور تتابعها ... بحب.

كانت تجلس مغمضة العينان، تبدو لمن يراها فى نوم عميق لولا بؤبؤها الذى يتحرك بسرعة داخل تلك العيون المغمضة تزرع الرعب فى قلب من يقترب منها وهو يدرك أنها الآن تتواصل مع هذا الجن الشيطاني، و الذى يمنحها القوة التى تستطيع بها تحويل أي شيئ إلى رماد بشعاع تخرجه تلك العيون التى تتحول إلى اللون الأحمر وقتها تظللها خطوط من الدماء الحمراء..

توقفت (أوار)مساعدة (هيلانة)ومحل ثقتها بالقرب من الأخيرة، تنتظر فى وجل لحظات إجتماعها مع هذا الجني الذى يخشاه الجميع، لتفتح (هيلانة)عينيها فجأة، فتراجعت (أوار)خطوة فى رعب وهي ترى تلك العيون الحمراء المظلله بخطوط الدماء، ليتراجع اللون تدريجيا وتعود عينا (هيلانة)خضراء كما كانت من قبل وهي تتطلع إلى (أوار)ببرود، فتقدمت منها (أوار)بخطوات مرتجفة، تنحنى أمامها بوجل قائلة:
-مولاتى (هيلانة).

قالت (هيلانة)بصوت بارد كالثلج:
-هل هناك جديد يا (أوار)؟
قالت (أوار)متلعثمة:
-هل.. أقصد أنه.. ألم يخبرك الجني (ثالوث)؟

هدرت (هيلانة)وهي تنهض قائلة:
-لا تنطقى إسمه على لسانك أيتها التعسة.
تراجعت (أوار)فى خوف قائلة فى اضطراب:
-بالطبع يامولاتى .. سامحيني لقد نسيت تماما.

جلست (هيلانة)وقد ظهر عليها الضعف، فهي تبذل طاقة جسدية هائلة حين تجتمع مع (ثالوث)، ولكنها تحاملت على نفسها قائلة ببرود:
-حسنا.. تعلمين إتفاقنا، لقد خيرني بين المعرفة والقوة ولقد إخترت القوة فلدينا من السحر مايمنحنا المعرفة، هيا هات ما لديك وإنصرفى.

قالت (أوار)بإضطراب:
-مازالت أسوار ( سيلين )التى بنتها حولها منيعة ضد سحرنا، فلا تنسى أنها كانت الساحرة الأقوى فى بلاط (نشروان)ووزيرتها، وتعرف كل أسرار السحر ومكنوناته...

رفعت (هيلانة)يدها تصمت (أوار)قائلة بحنق:
-لا تعددى مميزاتها فتصيبينى بالغضب، ولا تذكرينى بتلك (النشروان)والتى قتلت أمى، فلم يثلج قلبى سوى موتها على يدي هاتين.. إن لم يكن لديك جديد، فإنصرفى كي أرتاح..  فجسدى منهك للغاية ويحتاج إلى الراحة.

قالت (أوار)بإرتباك:
-فى الحقيقة يامولاتى، منذ عدة أيام..  أضاء وسط المملكة سحابة قوية من الن...

قاطعتها (هيلانة )وهي تقول بعيون لامعة وقد إستطاعت (أوار)الحوز على إهتمامها ونفض التعب عن جسدها:
-سحابة من نور قوي يتخللها ألوان قوس قزح أليس كذلك؟
أومأت (أوار)برأسها قائلة:
-نعم يامولاتى.

قالت (هيلانة )بلهفة:
-إنها هي..  (سيلين)، تستخدم السحر مرة أخرى .. وأخيرا.. تلك المرة لن تفلت من يدى.. ما الذى يؤخركم عن إعتقالها؟
قالت (أوار):
-مازلنا نبحث يامولاتى بحذر كي لا تشعر بنا، نفتش المنازل بدقة وقريبا سنعثر عليها، إطمأني.
أومأت (هيلانة)برأسها قائلة:
-حسنا فعلتم.. إبحثوا بحذر وحين تجدوها إعتقلوها على الفور وأحضروها إلي.. حية.

أومأت (أوار)برأسها فأشارت لها (هيلانة)بالإنصراف، فإنصرفت الأولى على الفور بينما تتابعها (هيلانة)قائلة بعيون لامعة ونبرات منتصرة:
-قريبا ستكونين بين يدي أيتها الساحرة الغبية بعد سنوات من البحث، قريبا سأجبرك على أن تدليني على مكان آخر سلالة (جيلان)، لأقتلها بيدي وأشرب من دمائها كما فعلت بأمها فأشفى غليلى، كما أنهم يقولون أن ( تارا )تحمل وشم (جيلان)ومن يشرب من دماء صاحبة الوشم يحصل على الخلود ويطمأن على حكمه إلى الأبد.

لتصدر ضحكة شيطانية تليق بملكة السحر الأسود.

إقتربت (ريتان)من (سيلين)، التى تتابع مايحدث على بلورتها بتركيز شديد، قائلة بجزع:
-لقد إكتشفوا مكاننا أيتها العظيمة (سيلين)، إنهم عند آل (همام)يقلبون الدنيا ويقعدونها، يبحثون عنك ياسيدتي.
أمسكت سيلين بيد (ريتان)قائلة:
-إطمأنى، كنت أعلم أنهم قادمون لا محالة منذ لجأت للسحر من جديد، وقد أعددت العدة للهروب، حزينة لفراق مملكتى ولكننا عائدون إليها قريبا، مع (تارا)نجمة مملكة النور ومليكتها، هيا أحضرى حقيبتى بسرعة.

أسرعت (تارا)بإحضار حقيبة (سيلين)لتأخذ (سيلين)منها آخر ما تبقى من الغبار السحري ثم تمنحها ل (ريتان)وتحمل بلورتها بيد بينما باليد الأخرى تنفض الغبار عليهما، ثم تتمتم بتعويذة سحرية وهي تلمس عقدها، ليختفيا سويا وكأنهما لم تكونا موجودتان بالحجرة منذ لحظات.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة