قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

نوفيلا انتقام عاشق للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

نظر عادل الى الورقة التي يحملها في يده بغضب شديد، ضاقت عيناه وهي تجرى على تلك المعلومات، اذا ياسمين في الاسكندرية وقد وصل اليها اخيرا فريقه الأمنى بعد بحث مضنى، دام عاما ونصف على وجه التحديد، مروا عليه وكأنهم دهرا بأكمله، انه يتذكر ذلك اليوم جيدا، عندما ذهب الى المطبخ حيث تركها فلم يجدها ليصعد الى حجرتهم ويجد تلك الرسالة المقتضبة تخبره فيها انها لم تعد تحبه وانها تهجره، لم يكن لديها الشجاعة لمواجهته، لتخبره بذلك وهي تنظر مباشرة اليه، كيف استطاعت ان تفعل ذلك به؟، لقد كان يعشقها، كانت ثقته بها بلا حدود، فهل توهم انها بادلته شعوره؟

هل كان نزوة عابرة في حياتها؟وهل كانت بارعة الى هذا الحد في تزييف مشاعرها التي اغدقتها عليه؟، ضرب سطح مكتبه بقبضته في قوة وهو ينهض غاضبا، يتذكر تلك الليالى التي ذاق فيها مرارة الهجران، ذلك العذاب الذي أضعف وجدانه، بحثه عنها في كل مكان، سؤاله أباها الذي لم يعرف بدوره شيئا عنها، حتى انها لم تتصل به وقد اثارت دهشته وحيرته رغم انه يعرف أن صلتها بذويها ضعيفة...

تساءل في غضب، هل كرهته الى هذا الحد؟هل احبت شخصا آخر لذلك هربت منه، انتابته غيرة عمياء قاتلة عند تفكيره في ذلك الاحتمال يصاحبه غضب شديد قد يحرق الأخضر واليابس ان كان ذلك الاحتمال صحيحا، لو هربت من اجل آخر سيقتله ثم يقتلها ولو كان هذا آخر شئ يفعله في حياته،.

تعجب من غيرته الوحشية والتي يشعر بها في كل كيانه، أمازال يحبها؟تساءل بحيرة، ليزفر وهو يمرر يده برأسه ليعود وينفى هذا الاحتمال، هي فقط كرامته التي اهدرتها بهروبها، كبرياؤه وقلبه اللذان تأذيا بسببها، قلبه الذي سيسعى فقط للانتقام، لقد عرف اخيرا مكانها، سيذهب اليها وينتقم منها، انتقام عاشق لمعشوقة آلمته، دمرته، حطمت قلبه، ثم سيخرجها من حياته الى الأبد حتى يحصل على السلام الذي هجره منذ هروبها، نعم هذا ما سوف يفعله على الفور.

كانت شهد تجلس كعادتها تقرأ روايتها ولكنها تلك المرة لم تستطع التركيز عليها، بل انها لم تنهى حتى صفحة واحدة منها، تشعر بالحيرة، بالتخبط والتساؤل، فرجلها الغامض لم يأتى منذ يومان، ترى ما الذي يمنعه عن الحضور الى النادى؟وأين اختفى؟، نظرت الى مكانه الفارغ للمرة الأخيرة، ثم تنهدت بعمق وهي تغلق كتابها تنوى الرحيل فلم تحضر اليوم الفتيات الى النادى، فعمر كان مريضا وياسمين تخشى أن تخرج به الى النادى، ونجاح لديها محاضرات بالجامعة حيث تعمل كمعيدة، أما هديل فلديها موعد هام مع خطيبها لتختار أثاث المنزل، اذا ما الداعى لجلوسها هنا، يجب ان تذهب بدورها، انتفضت عندما سمعت صوت رجولى أجش يقول في هدوء:.

آنسة شهد الجمال!
أصابت شهد دهشة بالغة عندما رفعت عينيها الى صاحب الصوت لتجد انه ذلك الرجل الغامض والذي اصبح في الآونة الأخيرة محور أفكارها، يطالعها بعيونه الغامضة الجذابة، فأومأت برأسها ايجابا بصمت تبتلع ريقها بصعوبة وهي تحاول ان تبدو هادئة وأن لا يظهر عليها تسارع دقات قلبها فاستطرد قائلا:
أنا فارس سالم. رجل أعمال
عقدت شهد حاجبيها قائلة:
تشرفنا، أى خدمة؟

أحست شهد ان ابتسامة فارس بها بعض التسلية وهو يقول:
عندى ليكى عرض، عندك وقت تسمعيه؟
انعقد حاجبى شهد في حيرة متسائلة، عن أى عرض يتحدث؟ولكنها مالبثت أن أومأت برأسها موافقة على الاستماع اليه فاستطرد فارس قائلا وهو يشير الى المقعد المواجه لمقعدها:
ممكن اقعد؟
اومأت برأسها ايجابا قائلة وهي تحاول ان تتظاهر بالثبات:
اتفضل بس اختصر لو سمحت.
اتسعت ابتسامة فارس الساخرة وهو يقول:.

عرضى باختصار ومن غير لف ودوران، انك تقبلى تتجوزينى في مقابل حاجة مهمة اوى في حياتك.
اتسعت نظرات شهد من الصدمة وهي تقول:
افندم.
ثم تحولت نظرات شهد من الدهشة الى الغضب وهي تقول:
انت في كامل قواك العقلية ولا انت شارب حاجة؟
قابل فارس ثورتها بنظرات هادئة وهو يقول:
هعديلك كلامك ده وهحاول أطول بالى و افهمك،
نهضت شهد قائلة في حدة:
انا بقى مش عايزة أفهم، عن اذنك
قال فارس بنبرة صارمة:.

اقعدى مكانك لغاية ما اخلص كلامى.
رغما عنها وجدت نفسها تجلس مجددا تنظر اليه وهو يستطرد قائلا:
انا مش بهزر على فكرة، ولا بلعب معاكى، وعرضى لازم تسمعيه وتقبليه كمان، اكيد مش هقول ان عرضى الجواز عليكى بسبب اعجابى بيكى لأنه مستحيل، بس فيه سبب تانى لازم تعرفيه قبل ما تقولى رأيك.
الى هنا ولم تستطع شهد الصمت أكثر من ذلك لتنظر اليه غاضبة من كلماته ووقفت دون تردد قائلة:
لأ، انت بجد مجنون.

واستدارت مبتعدة بخطوات غاضبة ولكنها فوجئت بيده تستوقفها في حزم فالتفتت اليه قائلة في حدة:
سيب ايدى يااما هصرخ و هناديلك الأمن.
ابتسم قائلا في برود:
اعمليها واوعدك تزورى والدك في السجن قريب.
اتسعت عينا شهد من الصدمة وهي تقول:
انت بتقول ايه؟
قال فارس:.

انا معايا الدليل على ان والدك استغل وظيفته واختلس مبلغ كبير وبما انى اشتريت الشركة اللى بيشتغل فيها والدك، فانا مستعد أتخلى عن حقى في سجنه وادمر الدليل على اختلاسه لو وافقتى تتجوزينى.
احست شهد بانها على وشك الانهيار فجلست على اقرب مقعد وهي تقول:
انت بتقول ايه؟، أنا مش قادرة اصدق، انت اكيد بتكذب
هز فارس رأسه نفيا وهو يقول في سخرية:
تقدرى تتأكدى بنفسك من السيد الوالد.

ثم اخرج من جيبه كارته الخاص ووضعه على الطاولة أمامها قائلا:
لما تتأكدى بنفسك من كل كلمة قلتها ابقى ساعتها كلمينى نحدد الفرح.
نظرت اليه في حيرة قائلة:
انت ليه بتعمل كل ده؟
ازدادت نظرات فارس غموضا وهو يقول:
هتعرفى اسبابى بعدين.
احست شهد بمشاعر الغضب تصعد من اعماقها فنهضت قائلة:
مش عايزة اعرفها خالص، وموضوع جوازنا ده تنساه
ابتسم فارس وعينيه تلتمعان ثم التقط الكارت ووضعه في حقيبتها بهدوء وهو يقول:.

قبل أخر الشهر هتكونى مراتى ياشهد وده وعد منى ليكى.
نظرت اليه شهد بغيظ ثم ابتعدت عنه متجهة الى المنزل ونظرات فارس تتابعها وقد زادت ابتسامته برودة وتألقت عينيه اكثر ببريق الفوز.

قالت ياسمين في ذهول:
ده أكيد مجنون يا شهد.
قالت شهد بقلق:
انا قلت كدة برده، بس انتى مشفتيش الثقة الغريبة اللى بيتكلم بيها، قلقتنى اوى ياياسمين، ومش عارفة اعمل ايه، عشان كدة جيت من النادى عليكى علطول، جايز تقوليلى انتى اعمل ايه.
قالت ياسمين بسرعة:
ودى فيها كلام، اسألى باباكى وهو أكيد هينفى الكلام ده كله.
نظرت اليها شهد قائلة وقد ظهرت مشاعرها في ارتجافة صوتها:
وافرضى أكده؟
عقدت ياسمين حاجبيها قائلة:.

حتى لو أكده، مستحيل تتجوزى المجنون ده، ده بيقولك في وشك انه مش معجب بيكى، طب متجوزك ليه وهو عارف ان باباكى زي ما بيقول مختلس؟أكيد مخبى لسة حاجة ومقالهاش وانا مش مطمنة يا شهد، انا بقولك اهو.
تنهدت شهد قائلة:
مش عارفة ياياسمين، انا كمان مش مطمنة، بس لو اتأكدت من كلامه، صدقينى مش هيبقى أدامى غير انى أتجوزه عشان أنقذ بابا.
قالت ياسمين باستنكار:
بس...
قاطعتها شهد قائلة وقد ترقرقت الدموع بعينيها:.

من غير بس، انتى عارفة بابا بالنسبة لى ايه، ده روحى ياياسمين ومستحيل هقبل البنى آدم اللى اسمه فارس ده، يسجنه، بابا مش هيستحمل السجن دقايق مش سنين، هيموت وانا هموت وراه.
نظرت اليها ياسمين بحنان وهي تربت على يدها قائلة:
بعد الشر عنك، اهدى بس وسيبيها على ربنا، وأكيد انتى عارفة انه مش هيضرك.
رفعت شهد يدها تمسح تلك الدموع من عينيها قبل ان تخونها وتسقط رغما عنها قائلة:
ونعم بالله ياياسمين، ونعم بالله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة