قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا العازف للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا العازف للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

نوفيلا العازف للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

لا شيء معي الا كلمات
هل انتهيت؟
نعم نعم، سأضع فقط هذا الدبوس بشعري ونرحل على الفور.
رن هاتف بسمة فأجابته قائلة: مرحبا ريهام. ماذا؟! هل أصابك الجنون؟ لا. تمهلي. دقائق وأكون عندك.
أغلقت الهاتف ثم طالعت صديقتها التي عقدت حاجبيها بحيرة قائلة: هل هناك خطب ما؟

انها صديقتي ريهام، تركها صديقها اليوم. ترغب بالانتحار، مجنونة من ترى حياتها وموتها في شخص تخلي عنها، سأذهب إليها وأمنحها صفعة تعيدها إلى عقلها ثم أتبعك إلى الحفل.
سأصحبك إليها. ربما تحتاجين إلي.
لا سيكون الأمر أفضل إن ذهبت بمفردي، ريهام فتاة حساسة ولن ترغب في أن يراها أحد في هذه الحالة.
سأنتظرك بالسيارة اذا.
وتفوتك ألحان العازف! لا أظن بإمكاني تحمل مثل هذا الذنب. قلبي صغير ولا يحتمل.

ابتسمت أحلام قائلة: حسنا ياذات القلب الصغير، هيا اذهبي ولا تتأخري سأنتظرك.
سأوصلك إلى الحفل أولا.
ستوصليني إلى أول المدينة ثم تذهبين إلى آخرها، وقت يضيع دون فائدة. اذهبي أنت إلى صديقتك يافتاة.
لتضيف في مرح: لدي بالفعل شخص سيسعد باصطحابي للحفل، أصدقائي كثر كما تعلمين.

تدرك بسمة انها صديقة أحلام الوحيدة بالقاهرة، فالفتيات تغار من جمال أحلام بينما لا تفعل بسمة، تراه جمالا عاديا إذا قورن بجمال ونقاء قلب صديقتها. وتعرف أيضا هذا الشخص الذي تتحدث عنه أحلام، انه جارهم وصديقها الجديد، تدرك انه يهتم بأحلام إهتماما غير عاديا ولكن صديقتها فقط لم تدرك ذلك بعد. ارادت تحذيرها في تلك اللحظة ولكنها احجمت عن ذلك، فجارها رجل طيب ومعروف عنه حسن الخلق، ربما لو لم تكن أحلام واقعة في حب العازف لنبهتها متمنية لصديقتها أن تحب جارها بدلا من شخص غامض مجهول لا تعلم عنه شيئا سوي أنه عازف ماهر.

حسنا ياذات الأصدقاء الكثر، احتفظي لصديقتك المسكينة بكرسي جوارك على الطاولة، سأذهب الآن و سأسعي جاهدة للوصول قبل العازف فلا أريد أن يفوتني شيء هذه المرة.
نعم نعم.

غادرت بسمة بينما تابعتها أحلام بنظرة حب، تدرك أنه لولا بسمة لربما ضاعت في غياهب المدينة، قد جاءت إليها كفتاة قروية أغلق والديها عليها كل الأبواب، ولولا تفوقها وحصولها على المركز الأول في محافظتها ما قبل والديها قط ذهابها إلى المدينة، سخرت منها الفتيات بل وحاول البعض منهن أذيتها فكانت بسمة لهن بالمرصاد وأنقذتها من براثنهن ومن وقتها صارت لها أختا لم تنجبها امها، أو في قصتها الخيالية هي عرابتها الجنية، تحبها كما لم تحب مخلوق قط وتتمنى يوما ما أن تستطيع رد جميلها. ألقت نظرة أخيرة على نفسها بالمرآة، لترى انها لا يمكن أن تكون أجمل من ذلك. لقد تأنقت ليراها اليوم كأميرته، ترجوا ان تحظى بليلة خيالية أخرى تحملها إلى عالم مثالي رائع. تذكرت جارها الذي تأمل أن يقلها معه إلى الحفل فأسرعت بإلتقاط هاتفها وكتابة رسالة على تطبيق الواتس آب.

ذاهب إلى الحفل وحدك؟
تحولت العلامتين للأزرق على الفور ثم أجاب: كنت أتمنى لو أجبت بلا ولكن للأسف. نعم سأذهب وحدي.
حسنا لقد حالفك الحظ وستذهب مع أميرة الحفل، سنذهب سويا. مارأيك؟
تبدين بعض الغرور، حسنا لا يليق بك الغرور يااميرة. ليس من شيمك.
ربما انا مغرورة بالفعل.
لا تجري بدمائك ولو قطرة منه.
يبدو أنك تعرفني جيدا.
أكثر من نفسك.

صمت للحظات حاولت فيهم احلام تمالك نفسها وقد أثارت فيها هذه الكلمات مشاعر مختلفة أبرزها الاضطراب.
مازلت معي؟
نعم.
ماذا تنتظرين اذا؟ ستتأخرين على الحفل وربما فاتتك رؤية العازف.
مستحيل. سأخرج إليك حالا.

أغلقت الهاتف ثم وضعت قناعها وسحبت حقيبتها تغادر المنزل، وجدته ينتظرها بالخارج، ماان رآها حتى أطلت من عينيه نظرة جعلت خفقاتها تتسارع بقوة، تكاد تقسم أن نظرته إليها تتحدث، تهمس جوار أذنها بأعذب الكلمات، تدغدغ مشاعرها كألحان العازف تماما، تشعرها بالدفء والقرب والأمان، وكأن المسافة بينهما قد تلاشت فصارا أقرب مايكون، نفضت شعورها الغريب ذاك تحاول رسم ابتسامة جاءت باهتة علي شفتيها وهي تقول: لماذا تقف هكذا؟

أتعجب جمال الخالق.
لا تبالغ.
أشار لها بتقدمه وهو يبتسم قائلا: وتدعين الغرور. هيا ياأميرة فلنذهب إلى حفلك.
سارت جواره قائلة: لماذا لا ترتدي قناعك؟ الحفل تنكري كما تعلم.
لن امكث بالحفل طويلا، لدي موعد هام.
مع فتاة؟
هل كانت هذه نبراتها حقا؟ هل تفوح منها الغيرة حقا ام يهيؤ لها؟

نعم. انها الفتاة التي حلمت دوما بها، لقاؤنا الليلة. لم أصارحها بمشاعري قط لطالما خشيت إن فعلت أن ترفضني، أنوي مصارحتها الليلة فاعقدي أصابعك وتمني لي الحظ.
لا أريد أن أفعل ولا أدري السبب، رأسي يؤلمني.
ربما انها ليلة تحقيق الأحلام لكلينا.
ربما.
فتح لها الباب لتركب السيارة ثم استدار ليجلس في مكانه يقودها إلى قدرهما.
فيم أنت شاردة؟
لقد تأخر العازف.
تهتمين به كثيرا. أليس كذلك؟
كما تهتم بصديقتك.

تبا. هل تفوح الغيرة من نبراتها مجددا؟ لماااذا؟
لقد جاءت الآنسة بسمة الآن وحان الوقت لأذهب، أراك لاحقا.
انتظر لحظة. ربما سأعتذر. لقد ذهب. حسنا. لا بأس. ثم علي اي شيء كنت سأعتذر؟ ربما يفهمني بطريقة خاطئة ويظنني مهتمة به؟ لا. لا يمكن أن يفكر بي هكذا. هو يعلم أنني أهتم بالعازف. إن كنت حقا هكذا؟ إذا لم تنتابني تلك المشاعر الغريبة تجاهه؟ ولماذا اشتعلت الآن وانا أعرفه منذ عام كامل بالجامعة. أكاد أجن.

همست بحنق: ربما وجب على العودة لقريتي لأحافظ على سلامة عقلي وقلبي.
تتحدثين مع نفسك. اممم. هل هي علامات الشوق أم الجنون؟
الاثنين. كيف حال ريهام؟
ستنجو. لا أدري لماذا تجن الفتيات إذا غدر أحدهم؟ لماذا لا تلقيه بكل بساطة خارج حياتها كحذاء قديم ثم تجرب حذاءا آخر.

نحن الفتيات لا نجن حين يغدر أحدهم بل نجن حين يغدر من نحب. من منحناه قلوبنا وثقتنا فكسر كليهما دون رحمة، ثم هل تقارنين الرجال بالأحذية؟ تصدميني حقا في بعض الأوقات يافتاة.
أصدم نفسي ورحمة الغالية أمي، أدرك ان آرائي متطرفة بعض الشيء ولكنها بنيت على مواقف كثر رأيتها حولي. أدرك ان الرجال بطبعهم غادرون خائنون وقساة القلب فلا استغرب أفعالهم.
هل تنظرين إلى رائف بهذا المنظار الأسود؟

بالطبع لا. لكل قاعدة شواذ. رائف وقلة ممن رحمهم الله هم هدية الله إلينا. كهذا الملاك الذي ذهب ما ان جاءت الشياطين، ترى إلى أين ذهب؟ لقد رأيته يغادر من الباب الثاني للفندق.
إنه ذاهب لملاقاة صديقته.
هل تستشعر بسمة بعض الغيرة في نبرات صديقتها؟!
لا تنظري إلى هكذا. يكفيني غياب العازف.
قالت بسمة بدهشة: ألم يأتي بعد؟
صياح دوي في تلك اللحظة لتجول احلام بعينيها في المكان قبل أن تستقر عليه قائلة: لقد أتى. أخيرا.

تقدم من خلال الفتيات لمكانه جوار الفرقة، مازالت هالته تصاحبه وتسحب أنفاسها خطواته وهذا الغموض الذي يحيطه. يقف هناك وكأنه أمير الحفل، يمسك كمانه ويغمض عيناه ثم يبدأ العزف. يتوقف الزمن تماما وموسيقاه تحادث القلوب وتمنحها سلاما معطرا بأعذب الألحان، يعزف على أوتار القلوب فتشتعل بالحب. الحنين. الخوف. تشعر انها على وشك الغرق في بحر من المشاعر العاتية حتى يرسو بقلوبهم بأمان مع آخر نغماته فيمنحهم شعلة الحياة، تصفيق مدوي وأصوات تطالبه بالمزيد فيلبي ندائهم بإحسان حتى توقف عن العزف وطلب منهم استراحة قصيرة، ذهبت إليه إحدى الفتيات تطالبه بالرقص. تماما كما فعلت هي بالسابق، كادت تموت من الخوف. العازف يضيع منها، تسلبه إحداهن. صوت صديقتها يدوي في أذنها.

لا تقفي هكذا، اذهبي اليه واسلبيها إياه. انه لك إن حاربتي من أجله.

وقفت عاجزة عن فعل أي شيء سوي التحديق به، تدرك بداخلها أنه ضعف وقلة ثقة زرعاها فيها والديها، رفع وجهه ونظر مباشرة إليها، تعلقت عيونهم فتسارعت خفقات قلبها حتى ظنت أن الجميع قد سمعهم، ترك الفتاة واتجه على الفور إليها بخطوات هادئة، لم تستطع أن ترف بأهدابها او تقطع اتصال عيونهم ولو للحظة واحدة. مع كل خطوة ترتفع وتيرة خفقاتها كما ترتفع وتيرة ألحانه حتى صار أمامها تماما. مد يده إليها فوجدت أناملها تهرع إليه وما ان أمسك يدها حتى تشابكت الأصابع ليسحبها مجددا لساحة الرقص بينما تطلعت إليها بسمة وقد أصابها دهشة عظيمة يصرخ قلبها بحماس.

مرحي يافتاة لقد نلت أحلامك. العازف قطعا يهتم بك.
كالمرة السابقة كان يدور بها يطيح بثباتها، تحلق معه في السماء، وحدهما وكأن العالم من حولهما يتلاشى، وجدت تلك المرة صوتها لتقول هامسة بحيرة: من أنت؟
سمعت صوته لأول مرة دون المذياع، يبدو مألوفا وكأنها سمعته في أحلامها من قبل، هادئ رزين النبرات يحمل شجنا عذبا كألحانه.
ألا تعلمين من أنا؟
لا أريد ما تظهره للعامة، أريد حقيقتك. ماتخفيه عن الجميع.
لا أخفي شيئا.

بل تفعل. أخبرني اسمك. أي شيء عنك عدا كونك عازف ماهر.
ولماذا نشوه الخيال بالواقع؟ دعينا نعيش حلمنا الخيالي.
لا أحد يعيش في الأحلام للأبد.
هل تؤمنين حقا بما تقولين؟ ظننتك ممن يرغبون العيش دوما بالأحلام.
كنت كذلك، كالسندريلا. أحلم بأن أجد أميرا وسيما يطيح بقلبي وأعيش معه قصتي الخيالية ولكني في الآونة الأخيرة تغيرت.
والسبب.
لا أدري ربما كبرت ونضجت.
أو ربما وقعتي بالحب.
حبك أنت؟
مارأيك؟!
اعتقدت هذا حتى اليوم.

ماالذي حدث؟
لا أدري. غموضك بات يزعجني.
وماذا إن أزلت عنك غموضي؟
ربما أحبك.
ربما؟!
هذه الفتاة بين يديك صارت تائهة. لم تعد تعرف نفسها. الأمر يخيفني.
فكري جيدا. وفي لقائنا القادم سأزيح الستار عن غموضي إن أردت، أسلب منك حكايتك الخيالية او تغيرين رأيك وتعودين مجددا. سندريلا.
توقفت الموسيقى فمال برأسه محييا إياها بابتسامة قبل أن يسير باتجاه فرقته يسحب كمانه ويغادر الحفل.

مشت بخطوات بطيئة تجاه صديقتها لا تدري حقا إذا ما كانت ترغب في معرفة المزيد عن العازف؟ وماذا ان كان غموضه هو ماجذبها إليه. ماذا ان انتهت حكايتها الخيالية، هل ستصبح سعيدة؟
ماذا بك أحلام؟ مالذي قاله لك العازف؟
كلمات. فقط كلمات. هيا صديقتي. أعيديني للمنزل. اشعر بالتعب.

أمسكت بسمة بيدها وأخذت حقيبتها باليد الأخرى تسحب أحلام للخارج كي يغادرا الحفل ويذهبان للمنزل وهناك ستعرف من صديقتها ما أوصلها لهذه الحالة من الشرود والتعب.
يسمعني حين يراقصني
كلمات ليست كالكلمات
يأخذني من بين ذراعي
يزرعني في إحدى الغيمات
يخبرني أني تحفته
وأساوي آلاف النجمات
وبأني كنز وبأني
أجمل ما شاهد من لوحات
يروي أشياء تدوخني
تنسيني المرقص والخطوات
يروي أشياء تدوخني
تجعلني إمرأة في لحظات.

يبني لي قصرا من وهم
لا أسكن فيه
سوى لحظات
وأعود أعود لطاولتي
لا شيء معي
إلا كلمات.

تعد جزيرة سانتوريني واحدة من أكثر الجزر اليونانية جاذبية، إذ تبدو وكأنها معلقة فوق الفوهة البركانية كالديرا لتطل على البحر، وتنتشر في أرجائها المباني البيضاء ذات الشكل الخارجي الأشبه بالمكعب النموذجي، وقد تم تحويل العديد منها إلى فنادق، حيث تعتبر جزيرة السانتوريني وجهة سياحية مميزة لإقامة العديد من الأنشطة فيها، وتحتوي على مطار يخدم العبارات، والقطارات المتجهة من ميناء بيريوس الموجود في مدينة أثينا.

توقفت عن القراءة وأغلقت كتابها تتنهد بعمق، لا معلومة تستقر برأسها الآن، من الأفضل أن تؤجل بحثها للغد، وماذا عن الغد؟ تري هل أفكارها ستستقر ويهدأ بالها المضطرب؟ هل ستدرك مشاعرها؟ لعنت بحنق. لماذا تدع مشاعرها دوما تتحكم بها، لماذا لا تعود إلى ذاتها التي تركتها في القرية، ذات تخلت عن الأحلام مجبرة، نعم كانت حياتها رتيبة خالية من الألوان ولكنها كانت مستقرة هادئة على الأقل، انقلبت حياتها تلك رأسا على عقب منذ قدومها إلى المدينة حيث وجدت هنا أن الأحلام مباحة وليست محرمة كما كانت تظن فأرادت أن تحلم مجددا وظنت انها قد تستطيع تحقيق أحلامها هنا خاصة وقد وجدت في العازف حلمها الخيالي يكاد يكون حقيقة. لكن الليلة تغير شيء ما. هناك خلل أصابها.

كانت سعيدة برقصتها مع العازف ولكنها تاقت لحديث مع الأستاذ، لم تعد تعرف ماالسر وراء تعلقها بأستاذها في الفترة الأخيرة. لطالما أعجبت بشرحه وشخصيته الخلوقة. فما لجأ إليه طالب إلا وساعده ولكنها لم ترى فيه ابدا أميرها ومازالت كذلك ربما من خلال محادثاتهما القصيرة وجدت فيه صديق واهتمامات مشتركة. ولكن يظل أميرها يشبه العازف تماما. ولكن حتى العازف ينقصه شيء ما لا تدري كنهه. تريد أن تعرف عنه المزيد ولكنه لا يريحها. يرغب العيش في جو خيالي كرواياتها ولكنها سأمت الخيال وتريد واقعا ملموسا يمنحها مشاعر حقيقية، بيت قدت جدرانه من الحب وأعمدته من الحنان وأثاثه المودة، بيت لا تظن أن العازف قادرا على منحها إياه. تدرك أنه رغم كل شيء يحتل جزء من قلبها وعقلها، تتيه في عالم آخر حين ترقص معه كما رقصت الليلة ولكن هناك جزء آخر من روحها ظل هناك. مع الأستاذ حيث يجلس مع صديقته يعترف لها بحبه.

وجدت نفسها تمسك هاتفها تبحث عن رقمه ثم ترسل له رسالة.
مازلت مستيقظا؟
نعم. كيف حالك؟
جائتها اجابته على الفور فتعالي وتير خفقاتها وهي تشعر أنه كان ينتظر رسالتها.
بخير وأنت؟
بخير.
هل أخبرتها بمشاعرك؟
لم تسنح لي الفرصة، ربما في لقاء آخر.
ربما.
ماخطبك؟
لاشيء.
بل هناك شيء ما. هل قال لك العازف شيء أحزنك حين كنت ترقصين معه؟ لقد بديتي حزينة بعض الشيء في هذا المقطع الذي عرض للرقصة.

كيف عرفت أنني الفتاة التي كانت ترقص معه؟ آه نعم لقد رأيتني اليوم وبالتأكيد تعرف شكلي وفستاني. يالغبائي.
لم أعرف اليوم فحسب بل عرفت منذ المرة الماضية، حتى وان أخفت ملامحك الأقنعة تطل روحك وابتسامتك فتعرف عنك بكل وضوح، بالتأكيد من يشاهد الفيديو ويعرفك سيتعرف عليك ببساطة.
ليس الجميع. فقط بسمة وأنت من عرفاني حتى الآن. وأسأل الله أن يظل الأمر هكذا وإلا جاء والدي من الضيعة واخذني ليزوجني ابن عمي.

صمت للحظات حتى انها ظنت ان الاتصال انقطع قبل أن ترى رسالته.
هل أنت مخطوبة له؟
أنا. بالطبع لا. حاول أبي إجباري ولكني أصررت على الرفض وإكمال دراستي.
بمناسبة الدراسة. إلى أين وصلتي في بحثك؟
بضع وريقات فحسب هي كل ماكتبت والفضل لمراجعك ولكن هناك بعض المقاطع والنقاط التي تشعرني بالتخبط والحيرة فأضطر لمراجعتها اكثر من مرة ولصدمتي لا أقدر على استيعابها، يبدو أن ملكاتي العقلية توقفت عن العمل تلك الأيام.

لو أردت سأساعدك.
حقا؟
ثم اردفت: اقصد شكرا لك لا اريد أن أثقل عليك.
سيكون من دواعي سروري، تدركين عشقي لليونان.
حسنا متى نبدأ؟
كتبت بحماسة فأجابها
من الغد إن أردت.
رائع سألقاك في الكافتيريا أسفل المبنى، لنقل في الخامسة ما رأيك؟
ولماذا لا نلتقي بكافيتريا الجامعة صباحا؟
لا أريد أن يرانا الطلاب ونحن نجلس سويا في الكافيتريا.
فهمت.

تبا. لقد فسر كلماتها بشكل خاطئ وأي تبرير سيؤذي مشاعره ولكن لابد أن تصحح له كلماتها لذا أسرعت تكتب.
أستاذ هشام لي كل الفخر بأن أكون معك في أي مكان وأمام اي شخص، ولكن ان جلسنا سويا في كافتيريا الجامعة سيطلق الطلاب الإشاعات وكلينا بريئ منها. و قد تصل تلك الشائعات لحبيبتك فتتشاجر معك. او تصل لأهلي فيعيدوني للضيعة كما أخبرتك.
صمت آخر ثم رسالة.
سألقاك بالغد في الخامسة تماما. لا تتأخري.

لن أفعل. تصبح على خير.
تجدين الخير.

أغلقت الهاتف ثم تنهدت، ربما لم تعرف شيئا عن حبيبته ولكن أراحها بعض الشيء الحديث معه، في الغد قد تستطيع استدراجه للكلام عنها، تدرك أنها مهما أرادت أن تحجم عن ذلك لن تستطيع فقد بات الفضول يقتلها لترى حبيبة الأستاذ. هل هي أجمل منها أم أكثر طيبة وذكاء؟ وماذا إن كانت او لم تكن هو يحبها وكفى ومن الأفضل أن توأد انجذابها ذاك تجاهه وهو مازال في مهده قبل أن يكبر، ربما عليها أن تعتذر عن موعد الغد، مدت يدها تسحب هاتفها لتجد نفسها بدلا من أن ترسل له اعتذارا تراجع محادثتهما وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة حالمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة