قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا الأسمراني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

نوفيلا الأسمراني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

نوفيلا الأسمراني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

صُدمت ميار من جملته وما كان منها إلا أنها إنفجرت باكية، غير مستوعبه ما أرسله لها في التو، فعاودت تكتب بأصابع مُرتجفه:
أنت بتتكلم جد؟ يعني كنت بتضحك عليا؟
لم تري إجابه فكان قد فصل الإنترنت وأصبح غير متصل، تاركا لها تبكي بذهول ما كانت تتوقع أبدا ذاك الرد منه، حتى، حدثت نفسها وبنبره يغلب عليها الندم:
يارتني ما رخصت نفسي..!

بعد إنتهاء، اليوم الجامعي لبسمه خرجت من البوابه الرئيسيه بصحبة أحمد الذي كان يضحك معها بإنحطاط، وتتبادل معه بسمه الضحكات ولكنها حين دققت النظر ذُهلت ووقفت متسمره مكانها وكأنها تجمدت كلوحٍ من الثلج حيث كان يقف محمود ينظر لها وعلي وجهه علامات الإستحقار، بينما إذدردت هي ريقها بصعوبه بالغه فقال أحمد الواقف بجانبها يحدق بمحمود:
في ايه يا بسمه مين ده؟
خرج صوتها بصعوبه وهي تقول بخفوت: ده محمود خطيبي!

بينما إقترب محمود ناظراً إليها قائلا بثبات:
هو ده الإستايل الي أنتي عوزاه؟
بسمه بإرتباك ملحوظ: آآ ده زميلي على فكره وبعدين أنا أصلا كنت عاوزاك في موضوع، بس قولي الأول ايه جابك هنا؟

أومأ محمود رأسه وقال مستهزءاً: اه زميلك طيب أنا كنت جاي أوصلك وبالمره أقولك إنك متلزمنيش، ثم خلع ذاك المحبس داخل صابعه وألقاه أرضاً، لتنظر هي إليه بذهول، فرمقها بنظراتٍ تكاد أن تقتلها، ومن ثم رحل، رحل ليتنفس الصعداء وكأنه كان يحمل جبلاً من الهموم فوق صدره، والآن إتهد وأصبح أكثر إرتياحاً، ولا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا...

تقوس فم أحمد الذي كان يتابع الموقف في صمت بإبتسامه ماكره، فقال هادئاً بلا مبالاه: أحسن يا بوسي ولا يهمك ده والله عيل خنيق...
لم تعلم بسمه لما شعرت بالإختناق فجأه ربما شعرت أنها فتاه رخيصه..! يكفي نظرة محمود لها! خلقكي الله جوهرة عزيزتي لماذا ترخصي نفسك بهذا الشكل المُؤلم!
عقد أحمد حاجباه وهو يقول بإستغراب: مالك أنتي زعلانه عليه ولا إيه؟

حركت بسمه رأسها نافيه وقالت: لا، آآ معلش أنا لازم أمشي بقا سلام
أحمد بذهول: طب والخروجه؟
لم تمهله فرصة وسارت بعيداً وهي تقول: خليها بكره!
ووقف أحمد يتابعها بعينيه وهو يحدث نفسه: ماشي يا بسمه!

كانت دعاء تقف في المطبخ تعد الطعام لها ولوالدها، وهي تقرأ القرآن بصوتٍ عالِ، ليصدح في أركان المنزل وكأنه صوت كروان ما أعذبه وأجمله يريح القلب ويشرح الصدر، فجأه سمعت جرس الباب فتركت ما تفعله وإرتدت خمارها البيتي، وتوجهت إلي الباب لتفتح وترى ميار تنظر لها بإختناق لم تراه في عينيها من قبل، فقالت دعاء متساءله: مالك يا ميار في ايه؟

ألقت ميار نفسها في أحضان صديقتها لتتعالي شهاقتها، ومن ثم قالت بصوتٍ باكي متألم:
إلحقيني يا دعاء يارتني سمعت كلامك من الأول
ربتت دعاء على ظهرها بهدوء ثم قالت بحنو: طب تعالي يا حبيبتي ادخلي بس واستهدي بالله
دلفت ميار معها وأغلقت دعاء الباب ليجلسا الفتاتان قبالة بعضهما، لتقول دعاء بعد ذلك بصوت هادئ: فهميني في ايه بقا براحه كده
كففت ميار دموعها بأناملها وقالت بصوت مختنق مُرتعش؛:.

لما قولت لمحمد تعالي اتقدملي وإني مش هينفع أكلمك تاني، قالي براحتك وأنا مش جاهز دلوقتي وقفل معايا يا دعاء، يارتني سمعت كلامك من الأول
تنهدت دعاء وقد ضيقت عينيها قائله بعتاب: قولتلك يا ميار من الأول عاجبك كده دلوقتي الي حصل؟
ميار بضيق: أرجوكي يا دعاء أنا مش ناقصه بجد كفايه تقطيم
دعاء متفهمه الأمر: ياحبيبتي مقصدش والله متزعليش خالص، بس ممكن اعرف أنتي بتعيطي ليه دلوقتي؟

نظرت لها وقالت: عشان إتخدعت فيه طبعا أنا متوقعتش أبدا يقولي كده
نظرت دعاء إلي عينيها محاوله أن تبثها بالقوه: يبقي ده ميتزعلش عليه طالما مش اد الجواز ومش اد إن يدخل الباب من بيته ميتزعلش عليه يا ميار، في داهيه!
إنهمرت العبرات مره أخري من عينين ميار لتقول من بين دموعها: بحبه يا دعاء بحبه مش بإيدي
إنفعلت دعاء وقالت بحده: يعني عاوزه تعملي ايه تاني؟ ما هو مبقيش عليكي اهو يخربيت الحب الي يرخصك يا ميار.

تعالت شهقات ميار مع جملة دعاء الأخيره، هل فعلا يوجد أنواع من الحب ترخص الفتاه؟ بالتأكيد نعم عندما يكون في الظلام..!
نهضت دعاء لتجلس جانب صديقتها ومسدت على ظهرها في محاولة التهوين عليها قائله بحنان: معلش ياحبيبتي ربنا يعوضك بالأحسن منه!

عاد محمود إلي عمله وما ان وصل للورشه إتجه إلي زنهم الجالس على كرسيه، حتى، وقف قبالته وقال بثبات: سلام عليكم يا حاج زنهم
زنهم بابتسامه:
وعليكم السلام يا محمود، ايه أومال فين بسمه مش كنت رايح تجبها من الجامعه
إرتبك محمود قليلاً، ولم يعرف ماذا يقول له الآن!، أيقول أنه رأي إبنته تضحك بميوعه مع شاب، أم أنه تركها ولم يعد بحاجه إليها..!
رفع زنهم حاجباه بذهول وقال مستغرباً:
ايه يا محمود في ايه سرحان ليه.

إزدرد محمود ريقه، وحاول أن يكون صامدا، فأخذا نفساً سريعاً ثم زفره بهدوء وقال بثبات:
يا حاج زنهم أنا وبسمه مش متفقين مع بعض خالص ودلوقتي إحنا اتفقنا إن كل واحد يروح لحاله وزي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف
هب زنهم واقفاً وقال بجديه: نعم؟ كده من نفسكوا من غير ما تستشيروا حدا! وايه الي حصل.

محمود بنفس الثبات: يا حاج مفيش حاجه حصلت كل الحكايه أن لا أنا مرتاح ولا هي فأرجوك تقبل إعتذاري وإن شاء الله ربنا يرزقها بالأحسن مني! ولو أنت مش عايزني أشتغل عندك تاني مفيش مشكله أنا همشي وهشوف اكل عيشي في حته تانيه!
زنهم بإنفعال: إيه الي بتقوله ده يا محمود لا طبعا يابني كل شئ قسمه ونصيب وده ملوش علاقه بالشغل، ربنا يوفقك يابني مجراش حاجه!

إبتسم له محمود وقال: شكرا على تفهمك يا حاج عن إذنك أشوف شغلي، ثم تحرك من أمامه وهو يتنهد بإرتياح شديد من الأساس هي لم تكن مناسبه أبدا له، يقولون أن الطيور على أشكالها تقع، وبسمه لم تكن أبداً شبيهه لمحمود...
بينما صر زنهم على أسنانه وهو يقول بتوعد: ماشي يابسمه صبرك عليا بس أما أروحلك.

بعد قليل إستمع محمود إلي آذان العصر، فتوجه إلي المسجد، ثم دلف وأقام الصلاه ومن ثم إنتهي ليجلس جوار الشيخ سعيد يختم الصلاه حتى، إنتهي أيضاً وقال مبتسماً:
إزيك يا شيخ سعيد
إبتسم له سعيد وقال؛ الحمدلله يامحمود يابني إزيك أنت أخبارك ايه
أومأ محمود رأسه وقال: الحمدلله كويس جداً
سعيد بنفس الإبتسامه: يارب ديما.

صمت محمود لبرهه وشاور عقله أيتحدث ويبوح بما في قلبه الآن؟ أم أن الوقت والمكان غير مناسب؟ فبعد قليل من المشاوره عزم محمود على أن يتحدث في هذا المكان الطاهر ويدخل من الباب كما قال المولي عز وجل واتوا البيوت من أبوابها --- قال محمود بهدوء: أنا كنت عايزك في موضوع ياشيخ
سعيد باهتمام: اتفضل يا محمود خير
محمود على نفس الهدوء وقليل من التوتر: أنا بصراحه يا شيخ سعيد بطلب منك بنتك دعاء على سنة الله ورسوله.

عقد الشيخ سعيد حاجباه وقال: هو أنت مش خاطب يابني؟
تحدث محمود سريعاً وقال: كنت، كنت خاطب إنما دلوقتي لاء
سعيد بتساؤل: ازاي وأمتي حصل ده
تنهد محمود وقال: النهارده، مفيش نصيب يا شيخ سعيد
سعيد باستغراب: طب ايه السبب؟
إبتسم محمود وقال هادئاً: منا قولتلك يا شيخنا مفيش نصيب
أومأ سعيد برأسه وقال: مممم وأنت ما صدقت بقا وأوامك عاوزه تتقدم لبنتي.

ضحك محمود وقال: بصراحه اه يا شيخ سعيد والله يكون ليا الشرف أنا لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي زي بنتك يا شخينا كفايه إنها تربيتك
إبتسم سعيد وقال: ربنا يعزك يابني طيب على العموم سبني أفكر وأخد رأي دعاء وهرد عليك في أقرب وقت
محمود بابتسامة: وأنا منتظر...

ثم قاما الأثنان وكل منهما عاود إلي عمله...
وفي المساء تحديدا بعد صلاة العشاء، في بيت ميار
دلفت والدتها إلي الغرفه وقالت بفرحه:
بت يا ميار أبوكي جابلك عريس
هبت ميار واقفه لتقول بصدمه: ايه عريس، مين ده؟
والدتها بهدوء: مش عارفه مقليش المهم أنه قالي أبلغك تجهزي نفسك، ثم خرجت ولم تمهلها فرصه للتحدث...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة