قصص و روايات - قصص رومانسية :

نوفيلا أحبك و حسب للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

نوفيلا أحبك و حسب للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

نوفيلا أحبك و حسب للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

قبل أن تركب السيارة معه سمعت نداء رحاب التي ركضت خلفها وهي تحمل حقيبتها التي تضم أشياء غالية عليها للغاية، ناولتها الحقيبة وهي تبتسم لها بعفوية وتنصرف بهدوء، بينما وقفت سماء في حيرة من أمرها وترددت في أن تستقل معه السيارة، لذا تساءل سالم على الفور:
-مش هتركبي؟
وهي لم تتردد في أن تقول بفضول:
-عاوزة أعرف ليه عمي وافق بالسهولة دي وإزاي كل دا حصل أنا مش فاهمة حاجة!
تنهد سالم مبتسما حين قال:.

-هفهمك حاضر بس مش هنا ممكن نروح الأول؟
هي بارتباك:
-نروح فين؟
فضحك وأجابها:
-نروح البيت بتاعنا..
سألته مرة أخرى بعدم ارتياح:
-تقصد البيت بتاع أهلك؟
-تؤ تؤ، بيت تاني..
هكذا أجابها ببساطة وصبر، لتستكمل باقي أسئلتها:
-طب والبيت التاني دا لحقت تجهزه إمتى؟
-دي شقتي جاهزة من كل حاجة، بروحها لما بكون مضايق شوية أو لما بحب اكون لوحدي، ها فيه أسئلة تانية يا فندم؟

حركت رأسها بنفي وهي تبتسم بخجل قبل أن يحاوطها بذراعيه إليه في عناق دافئ ويهمس عند أذنها تحديدا قائلا:
-اطمني وأنتِ معايا..
يتركها ويدفعها برفق داخل السيارة ثم يصعد جوارها وينطلق بها وكأنه حقق إنجاز عظيم حيث يبتسم بانتصار لأنه حقق ما أراده وهو قد أرادها زوجة منذ الوهلة الأولى..

ها هي جواره وكُتبت على إسمه لقد رزقه الله بها بعد وفاة زوجته الأولى وابنته اللتين تركتا ندبة كبيرة في قلبه لم يداوها أحد إلاها فحسب!

بعد مرور بعض الوقت..
كان قد وصل الدكتور سالم بصحبتها، وهناك فتح لها الباب وبسط يده كدعوة منه إليها بالدخول، فدخلت على استحياءٍ تام وهي تنكمش على نفسها قليلاً، تتمسك بحقيبتها وتمشي ببطء في خطواتها الخجلة الرقيقة كالفراشة..
انتفضت مع صوت غلق الباب فلاحظ سالم ذلك ليقول بلطف:
-نورتي بيتك يا سماء، تعرفي إن إسمك جميل جدا؟بجد يعني رائع واسم على مسمى فعلا..

لم يمهلها فرصة للتحدث وراح يحتضن يديها بيديه وعانق عينيها بعينيه العاشقتين..
تهرب من نظراته لكنه يلح في طلبه:
-بصي لي، بتهربي ليه؟، ممكن متهربيش ومتخافيش أنا امانك من النهاردة وحمايتك..
وتلقائيا ثبتت سماء عينيها في عينيه اللتين أوصلتا لها الامان فعلا..
ولا ريب بأنها تصدق قوله أيضا، لكن قربه يربكها يصيبها بالتوتر..

عشرات الأسئلة تدور برأسها الآن، وكل ذلك كان يطغى واضحا على عينيها، لذا ابتسم بهدوء وسحبها من يدها معه إلى الأريكة وجلسا سويا، فقال لها مطمئنًا:
-قولي كل حاجة عاوزة تقوليها، أنا سامعك..
فركت كفيها معا للحظة قبل أن تقول بخجل:
-مش قادرة أصدق اللي حصل، ظهرت فجأة وصدفة دخلت في حياتي واتفاجئ إنك جاي تطلب إيدي وتترفض وبعدها تيجي ونكتب الكتاب ونبقى زوجين رسمي بصراحة مش فاهمة؟!

اقترب منها وحاوط كتفيها بذراعه بينما يمرر بصره على ملامح وجهها كليا وهو يقص عليها:.

-أنا كمان مش فاهم ليه أنتِ بالذات؟ شوفتك صدفة عند عم فتحي، تقريبا كنتي في أشد حالات الحزن والاكتئاب في وقت متأخر كان عندي فضول أعرف ليه انتي هنا بتعملي ايه وإيه السبب؟ ولما عرفت إنك كنتي عاوزة تنتحري فضولي زاد وكان فيه شعور غريب إني أعرف حكايتك وكانت صدفة عجيبة غريبة فعلا إني أروح أخطب بنت عمك وتظهري قدامي تاني، مفكرتش لقيت نفسي بطلبك أنتِ، يمكن تدابير ربنا؟ لأنك رزقي مثلا؟ نصيبي؟ هي فعلا تدابير ربنا يا سماء وحكمته، وتقدري يا ستي تقولي حب من أول نظرة وقعت ولا حدش سمى عليا، كدا يعني..

استطاع بكلماته الأخيرة أن يجعلها تضحك ببراءة وخجل وحُمرة وجهها تتوهج أكثر فأكثر، فلم يتردد...
وراح يمنحها قبلة فوق وجنتها المُتوهجة بتلك الحُمرة المثيرة..
ما أجملها وهي تبتسم وترتعش أثر هذه القبلة الرقيقة خاصته والمفاجئة..
بعد ذلك يستكمل حديثه قائلا وهو يحاول فك حجابها البسيط:
-هل لديك اقوال اخرى؟

أغمضت عينيها بشدة وحاولت المقاومة لما يفعل، ماذا يفعل هذا بها الآن ستفقد وعيها نتيجة أفعاله التي بلا شفقة..
-ششش اثبتي بس الدبوس دا لو اتحركتي هيعورك أو يعورني وإحنا مش عاوزين دم في الليلة البيضا اللي زي الفل دي...
كتمت ضحكتها بصعوبة وهي لا تعرف هل هي تضحك أم تقاومه، هي تتحرك بلا هدف وهو كل تركيزه في فك هذا الحجاب لرؤية شعرها..

وأخيرا سقط الحجاب عن رأسها فكشف عن المختبئ خلفه، يا لروعة شعرها ورائحته وملمسه..
إنها حقا جوهرة لامعة أضافت إلى حياته بريق خاص ورائع..
ابتعدت سماء قليلا عنه وحاولت أن تضع غطاء رأسها مرة ثانية كما كان على شعرها، لكنه كان الاسرع بمهارة وهو يأخذه ويلقيه خلف ظهره مع قوله الهادئ:
-مالوش لازمة خالص دا دلوقتي وعاوزك متنسيش إننا كتبنا الكتاب واتقفل علينا خلاص الباب..

ضحكت مرة أخرى على كلماته العفوية ومزاحه الذي راق لها..
ولم تغفل سماء وسط هذا كله عن سؤال يحيرها بقوة حيث قالت:
-ممكن أعرف إزاي خليت عمي يوافق ومرات عمي على كتب الكتاب، لو سمحت ممكن تقولي؟
تنهد سالم وراح يقول بحذر:
-أنا بصراحة عرضت عليه عرض، وهو قِبل..
سماء وقد بدأت الأمور تتضح لها؛
-عرض إيه؟
سالم بجدية:
-فلوس..
ابتلعت سماء غصة مررت حلقها الآن وهي تقول:.

-يعني الخلاصة أنت اشتريت وهو باع، صح كدا؟ للدرجة أنا رخيصة..
راح يقول وقد امسك يدها بقوة:
-متفهمهاش كدا، أنا مكانش قدامي حل تاني، أنتِ غالية جدا و..
سحبت يدها منه ونهضت وهي تحبس عبراتها بالكاد مع قولها:
-الحمام منين عاوزة أروح الحمام..
أشار لها بيده في اتجاه اليسار وهو يقول بضيق:
-هناك على شمالك..
أسرعت إلى الحمام وقد تركت لدموعها الانهيار، فزفر سالم بحدة وهو يمسح على رأسه قائلا:.

-شكلك عكيت الدنيا على الآخر يا سالم..

ثم أخذ ينظر إلى حقيبتها التي تضم اشيائها فلفت انتباهه شيء كالدفتر تخرج أطرافه عن حواف الحقيبة، دفعه فضوله في أخذه وتفحصه فمد يده وانتشله من الحقيبه وقام بفتحه، فابتسم حينما رأى قلب قد رسمته ولونته باللون الأحمر وقد كتبت اسمها أسفله، أخذ يقلب في هذا الدفتر الذي يبدو كالمذكرات فهي تسجل كل تاريخ أوجعها فيه أحدهم، كل ليلة انهمرت فيها عبراتها الساخنة، كل دعاء تدعو به وكل أمنية يتمناها قلبها..

توقفت عينيه عند صفحة كان محتواها دعاء كتبته بتاريخ ما في ساعة ما سجلتها أسفله بالطبع..

«وارزقني بمن يمسك يدي ولا يفلتها وبمن ينهاني عن ما لا يُحب بمنتهى اللطف، بمن يمطرني بالكلام العذب ولا يمل..
وبمن يخشى فقداني ويرمم آلامي..
بالذي إذا غضب يصبر، ثم بخاطري يجبر، لا يتجبر ولا يهين ولا يكسر..
وإني يا الله لا أريده ذا مال أو جمال يكفي أن يكون إنسان. ».

ابتسم وأغلق الدفتر في سرعة عندما سمع صوت باب الحمام فأعاده كما كان ورأها تتجه نحو الحقيبة ثم تحملها برفق وتغادر الصالون، فاوقفها قائلا:
-على فين بس؟!
-محتاجة أغير هدومي..
قالتها بعبوس تام وهي تكاد تذهب لكنه سد طريقها بجسده وقال:
-ليه الوش دا طيب؟ أنا والله مأقصدش المعنى اللي فهمتيه خالص متبقيش حساسة كدا والله بحبك..
نظرت له بصدمة جراء كلمته الأخيرة، فكرر ذلك مرة ثانية:
-أوي والله..
صمت...

لم تنبس بحرف واحد وتنهدت بصبر وخجل، ، فتفاجئت به يقول:
-أنا بصراحة نفسي طول عمري في حد يمسك في إيدي وميسبهاش حتى لو عملت حاجة ضايقته ومحبهاش يقولي عليها بطريقة لطيفة كدا ويقولي كلام حلو كتير وميزهقش ولو زعل يبقى عنده صبر حد جميل كدا زيك بصراحة ما صدقت لقيتك فمسكت فيكي وعملت أي حاجة فبلاش تلوميني بقى على اي تصرف!

تراجعت سماء بظهرها للخلف وهي تنظر له بصدمة حيث أن كلماته لم تكن سوى كلماتها التي كتبتها في دفترها، كيف هو الذي يقولها الآن؟، ما هذا!
دخلت الغرفة فورا وراح يضحك مستمتعا بوجودها معه هنا بنظراتها وحركاتها وصدمتها وخجلها، بكل شيء فيها حقا..
وهي عضت على شفتها السفلى في الداخل وحدثت نفسها:
-معقولة يكون فتح دفتري؟، إزاي يفتح شنطتي أصلا؟! ياربي!

وختمت جملتها مبتسمة وإن فعل ذلك فهو خفيف الظل دخل قلبها من اوسع الابواب..
-متتأخريش يا سمائي..
كانت جملته هذه التي جعلتها تضحك بشدة من خلف الباب وهي تضع يدها على شفتيها الورديتين...
ابتسم سالم وخلع سترته وهو يتجه نحو المطبخ حيث سيقوم بإعداد وجبة خفيفة تكفيها وتكفيه..

-إيه اللي بيحصل يا عامر؟! يعني خلاص كده ابني اتجوز من غير ما أعرف؟ بقى دي أخرتها!
عامر محاولا تهدئتها؛
-اهدي بس يا لقاء..
-أهدى؟ هقول إيه ما انت اللي ساعدته وخليته يتجوز البنت دي طب كنت استنى حتى أما أحضر معاه ولا أنا ماليش حق افرح بابني الوحيد بجد أنا مش مسامحاكم خالص..

أنهت السيدة لقاء جملتها وانصرفت في غضب تام من أمامه، فأمسك عامر هاتفه وقرر محادثة ابنه المتهور الذي يجلب له دائما الخلافات مع زوجته..
رد سالم على الفور وهو يقول بمزاح لم يرُق لوالده:
-أهلا عامر بيه..
-أنت بتهزر؟, ليك نفس تهزر بجد؟
سالم وقد تحدث بجدية:
-إيه يا بابا أنت قلبت عليا ليه مش احنا متفقين مع بعض؟
-أيوة لكن الست والدتك قلبت عليا يا سيدي وانت عارف زعلها غالي عليا اتفضل تعالى حل المشكلة دي..

ضحك سالم عاليا وهو يخبره:
-حاضر هجيلها بكرة متقلقش..
عامر بجمود:
-لا بكرة ايه تيجي النهاردة وحالا أنت فاهم..؟
تحدث سالم من بين ضحكاته قائلاً:
-لأ فاهم ايه يا عامر بيه النهاردة دخلتي انت مستوعب دخلتييي..
-ولو دخلتك مش اهم من زعل امك من اولها هتفضل مراتك علينا يا خسارة تعبنا في تربيتك يالا..
انفجر سالم ضاحكا:
بلاش أفورة يا بابا بقى بكرة والله هكون عندها أنا وسماء وهظبطلك الدنيا..

-ماشي يا مجنون يا مغلبني معاك سلام..
أغلق سالم معه وهو يستكمل اعداد الطعام بحُب وابتسامة لم تفارق محياه..

تخرج سماء بعد قليل من الغرفة وهي ترتدي إسدال الصلاة الخاص بها فاتجهت نحو المطبخ عندما سمعت صوت يأتي من ناحيته..
قطب سالم عندما رآها وتفحصها بملابسها قائلا:
-خير يا حبيبتي إن شاء الله لابسة البتاع دا ليه؟!
حركت سماء كتفيها معا وقالت بخجل:
-أبدا كنت بصلي..
-وخلصتي الحمدلله!؟
-الحمدلله..
-طب إيه؟
-إيه؟
سالم متنهدا بصبر:
-يا الله يا ولي الصابرين...
سماء بتوتر وهي تنظر إلى ما يفعله:
-أنت بتعرف تطبخ؟

أجابها بإيجاز وهو يكمل اعداد الطعام:
-آه بعرف..
هزت سماء رأسها بايجاب وتشجعت قليلا حين سألته مجدداً:
-وبتعمل أكل إيه بقى؟
نظر لها بنصف عين وقد قال باسمًا:
-بوفتيك، ومكرونة..
افتر ثغرها عن ابتسامة وردية، وصمتت قليلا ثم عادت تسأله:
-هو أنت بتصلي؟
أجابها على الفور:
-الحمدلله بصلي، دا أنا حتى صليت العشاء ودعيت تكوني من نصيبي وجتلك والدعوة اتحققت أهي، بس أخلص الأكل وادخل اصلي ركعتين شكر لله..

تضاعفت حمرة الخجل في وجهها وحاولت أن تبدو طبيعية وهي تستطرد:
-تحب أساعدك؟
نظر لها نظرة اربكتها كجميع نظراته لها مع قوله:
-لا أحب تدخلي تغيري الاسدال دا، لو سمحتي يعني دا بعد إذنك طبعا!
انتابها الارتباك مجددا وأخبرته وهي تضم نفسها بكلا ذراعيها:
-احم، أصلي بردانة شوية، يعني هو مدفيني أوي..

-مدفيني اوي..؟ لا الكلام دا مش هينفع خالص على فكرة، دي كلمة تتقال في ليلة زي دي؟ إدخلي يا حبيبتي كدا بهدوء وغيري أكون أنا خلصت الأكل دا يلا يا حبيبتي ربنا يهديكي يلا
كانت صامتة تفرك يديها بخجل فحقا هو يربكها ويزيد خجلها بأفعاله هذه..
-يلا يا حياتي أنا عارف إنك زوجة صالحة وهتسمعي الكلام..

قال ذلك وهو يقوم بتصفية اناء المعكرونة في المصفاة المخصصة، وبالفعل اتجهت سماء إلى الغرفة مرة ثانية كي تفعل، تاركة إياه يضحك باستمتاع..

عادت بعد قليل وهي في كامل برائتها وأنوثتها الطاغية خاصة عندما ارتدت منامتها الحريريه ذات اللون الوردي كما عقدت شعرها للأعلى الذي راحت خصلاته تتدلى على جانبي وجهها الدائري..
التفت سالم إليها ومنحها نظرة انبهار شديدة وتشكلت على ثغره ابتسامة شقية عابثة، لقد أعجبته هذه المنامة رغم أنها بأكمام طويلة لكن لا بأس هي تليق بصاحبتها للغاية..

أخذ يقترب منها بتمهل وتبتعد هي ببطء، أمسك بها وحاوطها بذراعيه قائلا بمزاح:
-أقسم بالله ملبن!
ثم طبع قبلة هادئة على جبينها المتعرق من فرط خجلها، وراح يتابع:
-قمري..
ثم تركها وعاد سريعا إلى صلصة الطماطم التي كادت تحترق على النار، فأطفأ النار سريعا وسكب عليها المعكرونة وقام بالتقليب، ثم قال بحماس:
-البوفتيك خلص وادي المكرونة كمان بس ممكن تيجي تدوقيها وتقوليلي ملحها مظبوط ولا؟

أومأت برأسها موافقة وذهبت إليه على الفور فمد سالم يده إلى فمها بالملعقة، فتحت فمها قليلاً كي تتذوقها لكنه مازحها كعادته وتناولها هو ضاحكا، فضحكت وهي تنظر له بغيظ وكادت تنصرف إلا أنه قبض على رسغها وقال من بين ضحكاته:
-قلبك أبيض تعالي دوقي.
-طب هات المعلقة أنا هدوق بنفسي..
-لا ما بيصير يا حياتي لازم أنا اللي أدوقك بنفسي، يلا همممم يا جمل..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة