قصص و روايات - نوفيلا :

قصة هدية المطر للكاتبة فاتن نبيه كاملة

قصة هدية المطر للكاتبة فاتن نبيه كاملة

قصة هدية المطر للكاتبة فاتن نبيه كاملة

تهرول وتهرول وتدعوا أن يتوقف إنهمار المطر فاليوم بالذات نسيت مظلتها ولسوء حظها العثر تهطل الامطار بغزاره اليوم
غير ذلك الطبيب الذي أخرهم في محاضرة اليوم
تدعو الله أن تصل للبيت سريعا فملابسها إبتلت بفعل مياه الامطار غير ان تلك المنطقه من المدينه لا يوجد بها سكنات كثيره وغالبا جميع من فيها يحتمون داخل بيوتهم من المطر
أما هي فتندب حظها الذي أوقعها في هذه الورطه.

أكثر ما يخيفها هو أن يتهجم عليها أي شاب خصوصا مع تبلل ملابسها بهذا الشكل وإلتصاقها بجسدها مما حدد تفاصيله
إنه لشعور فظيع بالخوف من تلك السناريوهات التي قرأت عنها كثيرا في الروايات، ذلك الهاجس الذي إحتل عقلها فأصبحت حتى في أشدّ المواقف تقارن بين الحياه الحقيقه وما يحدث في الروايات
المهم الآن ان تخرج من هذه المنطقه وبسرعه.

مؤكد الآن والداها قلقان عليها جدا و يحاولون الاتصال بها عشرات المرات ولكن ما ذنبها هي الذنب كله على هذا الحظ العثر الذي يلازمها فقد اكتشفت انها نسيت أن تضع هاتفها لكي تملأ بطاريته بالامس لتتفاجأ به مغلقا في الصباح بعدما وصلت إلى الجامعه.

تعبت من الركض فتباطأت خطواتها قليلا حتى وقفت ثم انحنت سانده يديها على ركبتيها وتحاول ملاحقه أنفاسها اللتي تسارعت ثم وقفت ووضعت يدها على صدرها تهدأ من تنفسها ثم أخذت نفس عميق وعاودت الجري مجددا ولكنها لم تصمت طويلا خاصةً مع زياده المطر واستحالة الركض على التربه المبتله بالماء وقفت مجددا في أحد الأركان تنتظر توقف المطر ولكن حتى المطر يعاندها فكل دقيقه تزيد كميه المطر عن الدقيقه اللتي قبلها.

أخذت تسعل مأكد سوف تصاب بالأنفلونزا بسبب تلك المده التي قضتها تحت الماء مرت حوالي 3دقائق اخري ولم يتوقف المطر بعد تشعر بقطرات المطر التي تسقط على رأسها وكأنما أحد يقذفها بمسامير في رأسها خصوصا مع طول اليوم وانهاكها.

توقفت الامطار عن الهطول على رأسها
هذا ما أخرجها من شرودها ولكن كيف والامطار تسقط امامها الان انتبهت اخيرا إلى صوت الانفاس العاليه التي بجوارها
فستدارت بسرعه في ذعر خصوصا مع التقاط انفها ذلك العطر الرجولي وما ان تحققت ان من امامها الآن شاب بالفعل حتى كاد أن يصيبها الإعياد
نعم الان سوف تتحقق تلك الأفكار السوداء.

يخطتفها الشرير ثم يغتصبها بعد ان يجبرها على إمضاء ورق زواج شرعي هذا وان كلف نفسه عناء ذلك اساسا
يالله! لم تعد تعرف ما الذي تهذي به وتلك السناريوهات التي تعرض أمامها الان من المواقف الكثيره التي شاهدتها او تخيلتها
افاقت من شرودها على صوته الهاديء وهو يطالعها بذهول: ما بك لماذا تطالعيني بهذا الشكل (ثم أكمل مازحا) هل أعجبتك!

هزت رأسها بعنف وهي تؤكد لنفسها انها الان سابحه في احدا خيالاتها ولكن، حقا لم تعد تعي شيء والصداع يزداد في رأسها
نظرت إلى اعلي لتري مظلة هذا الشخص ذو الصوت الهاديء الذي نشر بدوره الدفيء رغما عنها هي التي تحميها من الامطار.

تكلم مجددا: يا فتاه لم انت بهذا الشكل هل انت بخير رأيتك من نافذه بيتي وقلقت بسبب وقفتك هذه
قالها وهو يشير على بيت في الجوار
الان فقط انتبهت لذلك البيت وكيف تنتبه له منذ قليل وهي كانت في عداد الجنون
أخيرا نفضت ذلك الخرس الذي سيطر عليها ثم قالت بارتباك لم تستطع التحكم فيه: كنت انتظر توقف المطر.

ابتسم الشاب ابتسامه هادئه ثم قال: لا عليك تفضلي هذه (قالها وهو يناولها المظله) كنت اتمني ان استضيفك حتى ينتهي المطر ولكني وحدي في البيت للاسف
قالت بارتباك: لا عليك (ثم اخذت المظله اللي ناولها اليها اما هو فكان يحمل اخري)
ابتسم لارتباكها ولم يقل شيء في الحقيقه هو لا يعرف ماذا يقول في موقف كهذا
ساد الصمت المرتبك لبعض الوقت
زفرت ندى بحنق وهي تتابع المطر.

كانت دائما ما تفضل الإبتعاد عنه لا تعرف لماذا ولكنها تشعر بالرهبه منه ولكن موقف اليوم وضعها تحت المجهر فلم تسطتع الهرب وحتمت عليها المواجهه.

وقف إلى جوارها بصمت
اختلست النظر اليه ولكنها سرعان ما عادت للنظر إلى المطر
قال بعد قليل من الصمت: ما اسمك؟
احمرت تلقائيا فلم تكن تتوقع انها ستخضع لمثل هذا الموقف من قبل
وهل يا تري ان سوف تحب هذا الشخص ويكون هو بطل حكايتها؟!
ام سوف يعترف بحبه لها وانه كان يراقبها من فتره مثلا؟!

ام ان هذا المشهد الذي سوف يكتشف فيه البطلان انها يحبان بعضها منذ مده ولكن لم يدركان هذه الحقيقه الا الأن ولكن كيف وهي لم تقابله من قبل إذن هو الحب من النظره الاولي
نعم انه الحب من النظره الاولي
ظلت تردد هذا لنفسها في هيام ولكنها اصتدمت بصخره الواقع حين اعاد عليها السؤال ثانيةً فأفاقت من شرودها
هتفت بنزعاج لانه اخرجها من احلام يقظتها: اسمي ندى
قال بهدوء: ولم هذه الفظاظه في الرد يا ندى.

احمرت مجددا وانتظرت ان تشعر بحلاوه اسمها من فمه كما يحدث عندما ينادي البطل على البطله ولكن لم تشعر بشيء فحركت كتفيها بخيبه امل، رفع حاجب الاخير اندهاشا من فعلتها
وقال: هل حدث شيء
ردت بخيبه امل: المشكله انه لم يحدث شيء (ثم نظرت له وكأنها توجه اصابع الاتهام نحوة) لماذا لم يحدث شيء، هاا لماذا؟!
ارتفع كلا من جانب شفتيه مع احد حاجبيه وجاهد الا يضحك على منظرها الطفولي: من الواضح انك مرضت يا انسه.

ردت عليه بفظاظه: كلا لم امرض، آتشوووووو(لم تكمل حديثها حتى عتطست عطسه وتبعتها اخري) مما جعله يضحك بملأ فمه.

نظرت له نظره خطره ثم سارت للأمام حيث بدأ المطر بالإنحدار لتنزل الأستار على المشهد اللتي لاطلما حلمت به وتصورته ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

مرت سنه
خلالها لم تنسي ذلك الذي عشقت المطر بسببه فأصبحت ما ان تري هطول المطر تسرع اليه وكأنها تأخده في احضانها فتتشمم رحيق تلك الدقائق التي جمعتهم سويا
انتظرت مجيؤه ليتقدم لها ولكن حتى هذا لم يحدث
وصلت لمرحله جعلتها تذهب في ذلك المكان الذي جمعهم أول مره والاخيره ايضا منذ ذلك اليوم
نعم ذهبت امام بيته في أحد الأيام ولكنها صدمت عندما علمت من الجيران انه سافر.

حينها تحطمت كل توقعاتها بلقاء اكثر رومانسيه واخذت عهد انها لن تقارن حياتها بالخيال الروائي ابدا
ولكن مهما فعلت سوف تظل- ندى الرومانسيه الحالمه عاشقه الخيال ومحبه الروايات-معه.

نداء والدتها ايقظها من شرودها فذهبت لتري ماذا تريد منها
ندى: هل هناك شيء يا امي؟
اقتربت والدتها منها وامسكتها من اذنها وقالت من بين اسنانها: هناك عريس تقدم لك، والله لو رفضتي هذه المره وقمتي بألاعيبك الملتويه، سأقتلك، (اتسعت عين ندى وهي تستمع لوالدتها) انه حاصل على شهاده الدكتوراه ويعمل ولا ينقصه شيء بسم الله ماشاء الله اللهم لا حسد، وقد تقدم لخطبتك من والدك.

ثم سحبتها من أذنها نحو غرفتها
بينما ندى مصدومه بشده فوالدتها لم تكن تتعجل زواجها رغم اشتياقها الاكيد لأحفادها خصوصا وان ندى هي ابنتها الوحيده لكن لم تكن لتجبرها على شيء أبدا.

دقيقه تبعتها اخري واخري واخري وندي لا تفهم ماذا يحدث هي الان جالسه في انتظار مجيء عريس الغفله
طق طق طق
الطرق على الباب أيقظها من غفلتها فنتبهت على صوت والدتها: افتحي الباب ي ندى
ندى: ولماذا ندى بالتحديد؟
حدجتها والدتها بنظره أخرستها فقامت بتلكؤء واتجهت ناحيه الباب لتفتحه.

رؤيته عيناها التي سوف تخرج من مكانتهما وفمها الذي إستسلم للجاذبيه فكاد يصل للارض وهيئتها المضحكه بتلك الوقفه جعلته يضحك
الضحكه التي اعادت الحياه لذلك القلب الذي تيتم بحبه
الضحكه التي أعادت الامل واعادت انفجار المشاهد الرومانسيه في عقلها مجددا
قال بصوته الهادئ: هل سأظل واقفا هنا
نفضت عن رأسها المفاجأه وقالت بترحيب مبالغ فيه: ابدا، تفضل، تفضل اهلا بيك.

اتجهت نحو غرفه الصالون وكادت ان تتكلم ولكن نظرات الدهشه على وجه والدها شككتها في نفسها هل كانت تتخيله مثلا
قال والدها ببشاشه: أهلا ي بيه تفضل تفضل
قال: شكرا لك عم راضي جئت فقط لأطمئن عليك، فقد غادرت العمل مبكرا، خيرا
عمل، عمل
كررتها في زهنها كثيرا ولم تستمع إلى ثرثره والدها مع مديره في العمل
كادت ان تبكي مدير والدها هو الذي سرق روحها وهي لا تعرف.

وبعد كل تلك المشاهد والسناريوهات التي تفجرت تعلن عن نفيسها الحبيسه لمده سنه
هو ليس العريس، اذن من هو ذلك الذي وصم حياته بالتعب
اخرجها من شرودها صوت الجرس فمشت باتجاهه لتفتح الباب فتقابل ظل طويل لترفع رأسها لاعلي لتري ذلك الذي يحجب عنها الضوء
ففتحت فمها على آخره
وتسمعه يقول بصوت خشن مرعب: اهلا بك يا عروس انا عبد الحميد، يا عروس.

لتقع على الارض فاقدتا للوعي فيرتفع حاحب عبد الحميد قائلا: يبدو اني جئت إلى العنوان خاطيء
ثم تركها ملقاه على الارض وغادر
لتخرج والدتها من المطبخ على صوت الارتضام وتراها بهذا المنظر
ندى!

تجاهد لفتح عينيها ولكن اضاءه الغرفه تعاندها واخيرا استطاعت فتح عينيها فنظرت حولها لتري والدها ووالدتها وذلك المحبوب الذي لا تعرف اسمه بعد واقف في اخر الغرفه
انت كويسه ي ندى ايه اللي حصل
نظرت لوالدها ثم نظرت لوالدتها بصدمه وقالت: هل هذا ما تسمينه بالعسل، بسم الله عليه مشاء الله اللهم لا حسد
والدها باندهاش: نعم، ندى ما بك حبيبتي، هل انت مريضه.

عادت تسأل والدتها بصدمه اكبر: لاااا وحاصل على دكتوراه، هذا حاصل على دكتوراه، لا حول ولا قوه إلا بالله
بينما هو واقف في نهايه الحجره يشاهد بتسلي
لتتابع ندى: اذن ماذا كنتي ستفعلين لو كان جميل قليلا
لا حول ولا قوة الا بالله (قالتها وهي تخبط بإحدا يديها على الاخري)
ثم نظره للواقف بعيدا بحسره.

ماذا فعلتي للولد حتى يهرب بتلك الطريقه
ندى: ي ماما يا حببتي للمره العاشره اقول انني عندما رأيته فقدت وعي رعبا ولا اعرف اين ذهب، ولكن ما الضرر جيد انه من بدء
والدتها بقرف: لا تفهين في الرجال
ندى بخفوت وهي تلوي شفتيها لليمين واليسار وتحرك اصابع يدها لاعلي ولاسفل: انا التي لا تفهم في الرجال، سأخلد للنوم.

صباح يوم جديد
قامت من النوم للتو فخرجت من غرفتها لتحيي والدها قبل ذهابه للعمل كانت ترتدي شورت جينز حتى منتصف الفخذ وفانله بحمالات
ندى بصوت كله نوم: صباح الخير ي بابا
انزلت يدها من على عينيها بعد ان دلكتهما لتتضح الرؤيه لتشهق شهقه تكاد تجرح صدرها وتهرول إلى داخل غرفتها مجددا تاركه خلفها نظرات والدها المحرجه لمدير عمله ونظرات ذلك المدير الذي كاد ان يفقد هيبته بعد ما رآه منذ قليل.

الشاب: ماذا قررت عمي
والد ندى باحراج: هل لازلت مصرا بعد ما رأيته بني
ماذا يقول ان ارادته وطلبه زاد الحاحا بعد ما رأه
فتنحنح وقال: ما رأيك اذن
لمح والد ندى الاصرار في عين الشاب الماثل امامه فقال برضا تام عنه: حقا لن اجد لإبنتي افضل منك ولكن القرار قرارها بالنهايه.

داخل غرفه ندى
جلست امام والدها فارغه الفاه بعدما القي على مسامعها طلب ذاك الشاب الذي ينتظر الموافقه بالخارج
ندى: هل انت جاد ابي؟
والدها باستنكار: وهل تشكين بي حسنا سأخبره انك رافضه
امسك ذراع والدها ليجلس مجددا ثم اردفت: لااا ابي، القرار قرارك في النهايه وهل لي اعترض على ما تقول.

ناظرها والدها بدهشه من التغير الذي طرأ فجأه على فكرها ولكن سرعان ما تبدلت دهشته إلى مكر عندها قال وقد احب ان يناكفها: اتفقنا سأبلغ عبد الحميد بموافقتك
كادت زغروده ان تخرج من فم ندى ولكنها وقفت في حلقها بصدمه ثم التفت إلى والدها بحركه آليه وهي تقول بحسره: من...!

عيناها اللتان كادتا ان تخرجان من مقلتيها استحضرت شفقه الوالد بداخله فقام من مكانه واقترب منها ثم ضربها بخفه على مؤخره رأسها قائلا: حسنا حبيبتي سأبلغ فهد بوافقتك.

فهد، فهد، فهد
ظلت تردد الاسم وعلى وجهها ابتسامه بلهاء ثم قفزت مكانها وهي تقول: فهد، اسمه فهد.

ما حدث بعد ذلك مر سريعا فبموافقه من كلا الطرفين تمت خطبه سريعه خاصه ان كلا الطرفين جاهز تماما وتم تحديد كتب الكتاب والان هم في الطريق لشراء الشبكه بعد استأذان من الوالد.

نزل كلا من ندى وفهد من السياره ثم توجهت إلى محل المصوغات الذهبيه الذي اختارته ندى
اختارا شبكه جميله تليق بكل منهما ثم خرجا من المحل
ندى بملل: لنتمشي قليلا
فهد بمحبه: لا اعترض ولكن الوالد اشترط عدم التأخر
نظرت في ساعه يدها الثمينه التي ابتاعها لها فهد وقالت: لا يزال هناك الكثير من الوقت
فهد: حسنا هيا بنا.

سارا بجوار بعضهما متخطيين الناس و منفصلين عن العالم الخارجي ولم ينتبها ان الشارع قد خلا من زواره اذ ان عاصفه مدويه قادمه
هطل المطر فجأه على كلاهما لينتبها ان الشارع خال من اي شخص ولا يوجد سواهما
التقت نظراتهما في حركه عفويه ثم انفجرا في الضحك
فهد: ألازلتي تحبين المطر
ندى باحراج: بل اعشقه
فهد: محظوظ
ندى: مَن
فهد: المطر
ندى باحراج: يكفي انه اهداني اجمل هديه على الإطلاق
فهد بمكر: وماذا هي؟

ندى بخدود حمراء: انت تعلم
فهد: لا، لا اعلم
ندى بخفوت: انت
فهد مصرا مشاكستها: انا، ماذا؟
ندى بحب فاض من عينها وقلبها: انت هديه المطر ليي، انت الواسطه اللي قدمها لي كي احبه، ولكن حبي له لن يتفوق على حبي لهديته
فهد: من الصعب إرداؤك
ندى: بلا
نظره من كلاهما فعرف كل منهما ماذا يطلب الاخر
وفي خلال ثوان كانا يجريان كالاطفال تحت ماء المطر الذي أغدق عليهما بالعطايا والمنح.