قصص و روايات - نوفيلا :

قصة عاشقة البحر للكاتبة فاتن نبيه كاملة

قصة عاشقة البحر للكاتبة فاتن نبيه كاملة

قصة عاشقة البحر للكاتبة فاتن نبيه كاملة

عاشقة البحر
أمام أمواج البحر الصافية... تحت أشعه الشمس المشرقة... الرمال تتسلل من أسفل قدميها لتداعبها..فأشعرتها بالبهجة... أمعنت النظر في الفضاء الواسع وعلى طول البحر المبهج ثم ركضت.. ركضت بفرحه.. وبهجه وكأنها طفله في الرابع من عمرها... طفله تري البحر لأول مره... ورغم أنها لم تكن المرة الأولي التي تأتي فيها البحر ولكن هذه المرة مختلفة تماما.

فقد حضروا اليوم احتفالا بنجاحها... حصلت على درجات جيده في الثانوية والتي تؤهلها لدخول كليه الطب التي لطالما حلمت بها
ضحكت مِلأ شدقيها ثم تعمقت في الماء أكثر وأكثر.. غطست في البحر والفضول يدفعها لرؤيه إبداع الله تحت تلك الصفحة الزرقاء... رمال وأصداف هو كل ما رأته تحت المياه لأنها بكل بساطه لازالت على الشاطئ حتى وإن وصل ارتفاع المياه إلى ما فوق صدرها.. زفرت في حنق ولكن ما ذنب البحر وهي القصيرة... كان قصرها مصدر سخريه الآخرين دائما... والان سينعتونها بالطبيبة القصيرة... ضحكت بمرح عندما فكرت في هذا الاحتمال ونظرت للسماء بهيام... تنهدت براحه وحمدت الله كثيرا على ما انعم عليها به وأنه لم يضيع تعب مجهودها لسنين... لم يضيع تعب والديها سدا.

الحمام يطير بحريه... يرفرف بجناحيه في الهواء... أكثر ما تحبه في الطيور أنهم ليسوا مقيدين بمنهج الحياه... حريتهم سلاحهم.. وطعامهم يوفره لهم الله... نظرت للطيور بإمعان لتنتبه لذلك الطائر المتخلف عن زملاؤه فهرعت خارج المياه عندما لاحظت سقوطه الوشيك.. مدت يدها في الهواء وهي تقترب من المكان التي استطاعت التخمين أنه سيسقط عليه... جرت بأقصى سرعتها لتلتقطه قبل ان يجرح وبالفعل.. استطاعت التقاطه قبل أن يسقط وضمته لصدرها... دائما ما كانت تحلم أن تحتفظ بحمامه ولكن اجتهادها وجدها في الاستذكار أشغلها عن تفكيرها في الحمام...!!
اتجهت لكرسي فارغ مرصوص على الشاطئ... جلست عليه ثم وضعت الطائر برفق على ركبتيها وظلت تمسد عليه براحه يدها
"هذا الكرسي خاصتي ي آنسه"
التفتت في فزع على أثر الصوت الرجولي القادم من خلفها.. وما إن رأت ذلك الشاب نهضت بفزع وقالت بتلعثم مرتبك: آسفه.. لم اعلم و...
"كسر جناحه...!! "
نظرت له نظرات بلهاء ثم قالت بتيه: نعم
اقترب الشاب ومد كفيه ليحمل الحمامة ويضمها بدل عنها... أردف وهو يمسد على الحمامة: المسكينة جناحها مكسور
ارتفع جانب شفتيها ببله.. كان غاضب منذ قليل وكاد يضربها لأنها جلست على كرسيه.. والأن يلين ويتصرف بلطف مع الحمامة
اشتعل غضب غير مبرر داخلها فمدت يدها وانتشلت منه الحمامة ثم تركته وذهبت دون تعليق
أما هو نظر لطيفها الذي يبتعد باستغراب ثم أردف باستغراب وهو يحك فروه رأسه: لماذا غضبت... بنات آخر زمان...!!!

سارت غاضبه حانقه عليه... لماذا صرخ في وجهها من الأساس ولو كانت الحمامة تنطق لقالت "متي صرخ في وجهك؟ "
مشت بخطوات متعصبة حتى وصلت أمام خيمه عائلتها... اقتربت منهم لتجد والدها يلوح لها و أردف مازحا: كنا سنأكل بدونك.. هيا اسرعي قبل نفاذ الطعام
وكأنها لم تسمعه فتباطئه خطواتها بملل حتى بلغتهم وجلست على الكرسي المخصص لها ولم تنطق
انتبهت إلى أخاها وهو يجذب الحمامة من بين يديها ثم قال: ما بها؟
تذكرت ذلك البغيض وهو يقول لها: كسر جناحها
فقالت وهي على وشك البكاء: المسكينة كادت تصطدم بالأرض و كسر جناحها
ربت على فخذها ثم أردف بصوت حان: لا تقلقي لي صديق هنا يعمل كطبيب بيطري سيساعدنا بإذن الله
نظرت له بامتنان ثم تعلقت في رقبته بدلال... بدأت بتناول الطعام بين عائلتنا في أجواء دافئة.. مريحه.. و مرحه
انتهي الطعام إلا من بعض الفتات و البقايا التي تخلفت بعد تناولهم الطعام
أمسك الزوج بيد زوجته وسحبها معه ليستمتعا بماء البحر قليلا
اما "نايا" وشقيقها "طه" قد قررا الذهاب لصديقه البيطري من أجل طائر الحمام
وبخطوات متعجله اتجها نحو البناية التي يقطنون بها لتبديل ثيابهما المبتلة والتي علق بها حبات من الرمال
لم يمضي الكثير حتى أصبحا على كامل الاستعداد فركض طه على السلالم ليقوم بتجهيز السيارة لحين نزول اخته وبحوزتها طائر الحمام المصاب

أمام مشفى صديقه البيطري صف سيارته في المكان المخصص لذلك ثم صعد هو وشقيقته السلالم وقاما بحجز دورهما والذي لم يكن بالبعيد
دقائق مرت بين تمسيد نايا بكفها على طاير الحمام برفق.. بينما طه يطالعها بفخر... شقيقته التي أثبتت أنها على قدر عالي من المسؤولية... يدعو الله أن يسهل طريقها وييسره... هو اكثر من يعلم صعوبة الكلية فما باله بكليه الكب... ولكن لكل مجتهد نصيب... وهو يعلم أتم العلم أن مجهودها وتعبها لن يضيعا سدا ولابد من جزاء
حان دورهما أخيرا... دلفا حجره الطبيب الشاب وقامت نايا بوضع الحمام برفق على الوسادة التي اشار هو عليها
فحصها بدقه وهو تمعن النظر فيما يفعل... فضول ينتابها منذ صغرها لمعرفه اسرار الطب وكشف خباياه وها قد مَن الله عليها وسخر لها حلمها.. يكفي أن تستعد و تبذل المزيد من الجهد المضنى "فمن اراد العسل صبر على لسع النحل"

"انتهيت... ايام وستكون بخير فقط اهتموا بها"
أومأ له طه برأسه ثم سحب أخته خلفه بهدوء خارجا من الغرفة.. بل من المشفى بأكملها بعدما دفع الحساب
نظر لأخته فوجدها تمسد على الطائر وغشاوة من الدموع تتشكل على عينيها فمد إبهامه يمسح دموعها ثم قال بحنوه المعتاد: كفي حببتي لا تقلقي ستتحسن بأذن الله

في صباح يوم جديد مبهج و غامض
أول أيام الدراسة
استيقظ مبكرا حتى لا يتخلف عن أول يوم..هو يفضل هذا اليوم بشكل او بآخر.
. سيري المزيد من المجدين الحالمين بالمجد لذا عليه ألا يفوت الفرصة
استعد وأعد نفسه جيدا.. نزل درجات السلم راكضا حتى بلغ سيارته المصفوفة في الجوار... ركب السيارة وانطلق بها حيث كليه الطب جامعه"***"حيث يعمل
وصل متأخرا قليلا بسبب زحام أول أيام الدراسة ولكن بالأخير... وصل
بكل هيبه ووقار تقدم خطواته ليقف خلف مكتبه المعد خصيصا له ومن أمامه يجلس الملتحقين الجدد.. نظرات الفضول والرغبة في المعرفة وانتظار القادم والتشويق لما سيمرون به.. جميع تلك النظرات المنبعثة من أعينهم فجرت طاقه من الحماس لديه فأجلي حنجرته ثم أردف بصوته الرخيم: أنا دكتور /عماد السيوفي
بإذن الله سأكون برفقتكم طوال العام
مسؤول عن ماده (*****)
لا انكر المجهود الذي سيبذله الطامع في العلو وفي مكانه راقيه ولكنه بالتأكيد يستحق وقبل أن اكمل أمنح لكم الوقت لمن يريد الاستفسار عن أمر فأنا موجود
تلك اليد التي رفعت معلنه رغبه صاحبها في إلقاء سؤاله جعلته يومئ له بالموافقة فقام الشاب وعرض وسؤاله... أجابه عماد بصدر رحب محاولا إيضاح كل ما يتعلق بموضوع السؤال
يد اخري من آخر المدرج جعلته يأذن لها في الميكروفون بالقيام حتى تسمعه
وعندما وقفت.. تفجأ بحق ولكنه أبدع في اخفاء ملامح الدهشة عن وجهه
سمع سؤالها ثم قام بالإيجاب عنه وقد كان حقا سؤال مفيد يدور في رأس عدد من الطلاب
أجاب عن جميع الأسئلة التي وجهت إليه ومن خلالها عرف منهم من العازم على تحقيق الحلم ومن الذي لا يهتم
انتهت المحاضرة الأولي بسلام فجمع معلقاته ليخرج ولكن ليس قبل ان يلقي نظره على "صاحبت الحمامات "
ابتسم بسخريه متذكرا الموقف الذي تعرضا له أمام الشاطئ... يكاد يحزم انها مجنونه وستتعبه خلال العام الدراسي ولكن لا بأس سوف يلقنها الدرس جيدا لتتعلم ألا تجلس في مكان لا يخصها

وتمر الأيام والليالي بين جد واجتهاد.. تعب واستذكار... ملل وكلل... ولكن حلمها بأن تصبح طبيبه هوا الدافع الذي يدفعها دفعا للتقدم وعدم اليأس
وهو كان حريصا دائما على تقديم الافضل لهم بل ويبث فيهم الامل والعدم اليأس... تقدير امتياز
كان جائزتها بعد تعب مضني والكثير من المثابرة... كم تسعد حينما تري نظرات الفخر تشع من أوجه احباؤها... والدها ووالدتها وأخاها وأخيرا... هو... عماد
ذلك الشاب التي دائما ما تشعر بالارتباك في حضرته... شعور يدفعها لمعرفه المزيد عنه.. فالسطور العريضة التي عرفتها عنه خلال العام لم تشبع رغبتها بل زادت اشتعالا وتصميما على معرفه المزيد.. بل كل ما يخصه
أجواء الاحتفال والفرحة والمتعة بثت في روحها المزيد من التصميم الأمل لبدء عام جديد و...
طرقات على الباب استدعت انتباههم جميعا...
سارت نايا بخطوات متمهلة لتري من الطارق فتفاجأت عندما فتحت الباب ب...
عماد
لم تبدي أي رد فعل ولم تنطق فابتسم الاخر ثم تنحنح قائلا: هل سأظل واقفا هنا؟
فاقت من حاله الصدمة التي تلبثتها لثواني ثم أردفت بحرج: تفضل
دخل للمنزل فاصطحبته نايا لغرفه الاستقبال ثم تركته بعدما قالت بتلعثم : سأخبر والدي
هز الاخر رأسه بإماءة موافقه وراقب تصرفاتها المرتبكة إلا ان اختفت من أمامه
دقائق مرت عليه حتى وجد رجل كبير بالسن يتجه نحوه فانتصب في جلسته بينما جلس والد نايا.. نظر للشاب أمامه بتمعن يحاول سبر أغواره ومعرفه ماذا يريد سمعه يقول بصوت هادئ معرفا نفسه: مرحبا سيدي انا عماد السيوفي
انتصب الأب في جلسته ثم اردف بصوت رخيم: أهلا بني.. أخبرتني ابنتي نايا أنك احدي الدكاترة في جامعه (****)
هز رأسه بإماءة بسيطة ثم اردف: نعم سيدي... لا أريد ان أطيل عليك لذا سأسرع في غرض طلبي
نظر في عين الوالد ليستشف موقفه فأومأ الاخر له فزفر في راحه وتابع: جئت اليوم أطلب التقرب والزواج من ابنتك سيدي
نظر له في دهشه فلم يكن يتوقع أن يطلب مثل هذا الطلب.. لكنه لم يبدي أي رد فعل مما أربك عماد
صمت قليل قطعه الأب بعد برهه قائلا: حسنا بني... لن أنكر انني تفاجأت من طلبك ولكن أترك لنا الفرصة في التفكير وبعدها سيصلك ردي
نهض عماد ومد يده ليصافح الوالد ثم قال بهدوء: حسنا سيدي... أستأذنك بالرحيل
هز الأب رأسه ثم اصطحبه حيث الباب

بينما هي تجول الغرفة ذهابا وإيابا في توتر تري ماذا يريد؟ ولماذا جاء؟
صوت والدها يناديها جعلها تقفز من مجلسها في ارتباك وخطط خطوات غير منتظمة نحو باب الغرفة... خرجت لتجد والدها ووالدتها وأخاها أيضا جالسون في غرفه الصالون فجلست هي الأخرى وقبل ان تنطق سمعت والدها يقول بصوته الرخيم: لقد طلب الزواج منك
صدمه... دهشه... حيره... وتعجب مما سمعت.. يطلب الزواج منها هي... وقبل ان تخرج من حالت الدهشة التي تلبثتها سمعت. والدتها تقول: عندما تنهي تعليمها ي أبا طه
رد الوالد قائلا: القرار قرارها ي أم طه
احمرت خدودها ولم تعلم ما تقول... احمرار وجنتيها بشكل ملحوظ جعل أخاها يضحك بشده ثم أردف مازحا: يا الله... صغيرتي القصيرة تُطلب للزواج.. كيف يفكر هذا الرجل... أم انه أتي إلى هنا تحت تهديد السلاح... هيا إعترفي ي فتاه بماذا هددته
نظر له بنظرات مشتعلة بسبب مزاحه السخيف اما والده فرد بصرامه: طه... كف عن المزاح بني ولنترك لها القرار
ازداد احمرار وجنتيها وقالت بخجل محبب: مثلما تري أبي
ابتسم لها وناظرها بفخر

تم تحديد موعد الخطبة والاتفاق ان الزواج سيكون بعد اتمام تعليمها كما وافق عماد برحابة صدر لأنه في حاجه للوقت ليستعد للمنحة التي اتت اليه.. منحه في امريكا
هذا كان مصدر فخر لها وحثها أكثر على المضي قدما فلن تقبل ان تكون اقل منه بل ستسعي للاجتهاد والحصول على أعلى المراتب.