قصص و روايات - قصص بوليسية :

قصة جريمة في وادي النيل ف18 هذا هو القاتل

قصة جريمة في وادي النيل ف18 هذا هو القاتل

قصة جريمة في وادي النيل ف18 هذا هو القاتل

أخذ بوارو يقنع الكولونيل ريسي بعد ان تركهما وحدهما تيم الرتون ورزالي بالإغضاء عن ذلك التساهل الذي تورط فيه مدفوعا بعطفه على روزالي التي أصبحت ولا معين لها في الحياة ولا سند
وكان يعلم انها تحب ذلك الشاب حبا تكتمه عن جميع الناس
فقال له ريسي:
- دعك من هذا، انني أعتقد انك تعرف من هو القاتل، ولكنك تمتحن صبري امتحانا عسيرا أو لست تعرفه بربك؟
- بل أعرفه، ولكني أريد ان استوثق أولا بشكل قاطع.

- هيا بنا نستعرض النتائج، فلدينا أولا من الدلائل ما يؤكد بأن بننجتون ليس هو القاتل وهوكذلك
ليس الرتون وهو ليس فليتوود فمن هو اذن؟
وفيما كان بوارو يفتح فمه ليجيبه دوى طرق قوي على باب الحجرة ثم دخل الدكتور بسنر ومعه كورنيليا التي صاحت:
- لقد عرفت الآن فقط من الآنسة بويرز بمأساة خالتي وأصابتها بما يسمونه داء السرقة فعظم ذلك.

على نفسي وقد دفعها الى مصارحتي انها لم تعد تستطيع احتيال المسؤولية وحدها ولم أصدقها في مبدأ الأمر ولكن الدكتور تفضل لي بشرح الموضوع شرحا علميا مبينا صلة هذا المرض
باختلال الأعصاب ولكني مشفقة ان تذاع هذه الوصمة فلا يستطيع أهلي رفع رؤوسهم بعد ذلك أمام الناس
فقال ريسي وهو ينظر بنظرة جانبية الى بوارو:
- لقد قر رأينا على تكتم هذا الموضوع فاطمئني ولن يذاع على الناس إلا ما يتصل بجرائم القتل.

وعندئذ قال الدكتور بسنر بلطف لم يعهد فيه:
- ان لها قلبا رقيا جدا
- أوه يا دكتور ليس لي قلبا رقيق ولكن حسب ظنك وجميل رأيك
وتضرج وجهها حياء فنظر بوارو اليها بخبث وقال:
- ألم تري فيرجيسون في الساعات الماضية؟
- كلا، ولكن خالتي ماري حدثتني كثيرا في الساعة الماضية عن مزاياه فهي تقول انه عريق المنبت
- وما رأيك انت؟
- رأيي انه انسان مخبول
فاتجه بوارو الى بسنر وسأله عن حال مريضه سيمون دويل فقال له:.

- ان حرارته قد ارتفعت شيئا ما ولكن بنيته القوية ستساعده ولاشك على المقاومة وان كانت جاكلين دي بلفور شديدة القلق عليه لغير داع وقد طمأنتها واني لأعجب في نفسي من هذه الفتاة التي تطلق الرصاص على رجل في لحظة ثم يجن جنونها قلقا عليه في اللحظة التالية.

- مادامت حالته مطنئنة فليس هناك ما يمنع اذن من توجهنا اليه لإستكمال الأسئلة التي فاجأتنا السيدة اوثربون قبل ان نتمها حين كنا معه في آخر مرة، فقد كان بصدد اطلاعنا على مضمون تلك البرقية
- لامانع عندي طبيا وهي فعلا برقية مضحكة كان يحدثني عنها منذ قليل تتضمن هذيانا مضحكا من بطاطس وخرشوف وبنجر
فقفز ريسي واقفا وصرخ:
- يا الهي ان رشتي هو ضالتي هو المتآمر الدولي فهذه الشفرة الدولية الجديدة لتلك العصابة.

الخطيرة فالبطاطس كناية عن الديناميت والخرشوف كناية عن الرصاص والبنجر كناية عن المسدسات ولاشك انه مصمم على قتل لينيت دويل لأنها فضت تلك البرقية خطأ وقرأت محتوياتها لأنه أيقن ان حياته في خطر إذا باحت بها وهي برقية تلفت النظر وتستحق الرواية ولو على سبيل التندر فما قولك في هذه النظرية يا بوارو؟ أليس هو رجلنا؟

- انه رجلك انت، وقد كنت دائما أرتاب في هذا الشخص لأنه كان لايتحدث إلا عن الحفريات وذلك يوحي بأنه يمثل دور عالم الآثار في اصرار شديد غير طبيعي في العلماء الحقيقيين ولكن ريتشي هو الذي قتل لينيت دويل فاني أعرف القاتل ولكن لاأمل عندي في اثبات التهمة عليه ما لم أستدرجه الى الإعتراف
فقال الدكتور بسنر:
- ولكن الإعتراف يكاد يكون معجزة مستحيلة الوقوع
- لاشيء يستحيل على هركيول بوارو
فمن هو القاتل؟

- انني ايها السادة ممثل لايقدم روائعه إلا أمام جمهور والحقيقة يا جمهوري العزيز انني كنت غبيا فقد سمحت لذلك المسدس الصغير المرصع ان يحيرني ويضللني وكان سبب حيرتي ان المسدس قذف به في النيل ولم يتركه القاتل في مكان الجريمة مادامت خطته قائمة على القاء الشبهة على جاكلين صاحبة ذلك المسدس وقد افترضت شتى الحلول لهذه المعضلة ما عدا الحل الصحيح الوحيد الذي كان آية في البساطة فالقاتل لم يترك المسدس بل أخذه معه بعد القتل مباشرة لأنه لابد له من ذلك وهذه هي الحقيقة التي ستظهر فيما بعد.

ومال بوارو فوق صديقه الكولونيل ثم قال:
- لقد بدأنا البحث يا صديقي وفي ذهننا فرض معين وهو وجود شخص ثالث عدا جاكلين وسيمون من مصلحته القضاء على لينيت مع إلصاق التهمة بجاكلين ولكن تلك النظرية كانت خطأ محضا
لماذا؟ لأنه اذا صح ذلك لوجب القول بأن القاتل لم يدبر الجريمة من قبل اذ ان استخدام مسدس جاكلين ما كان ليتيسر لولا إطلاقها الرصاص على سيمون وذلك شيء من المستحيل التنبؤ به قبل وقوعه.

وظروف هذه القضية توحي بأنها مدبرة تدبيرا محكما وليست من ارتجال الساعة حتى لقد احتاج تدبيرها الى تخدير هركيول بوارو فقد نمت في هذه الليلة نوما عميقا ليس من عادتي وكان تخديري امرا سهلا لأنني اجلس الى مائدة آل الرتون وهما لايشؤبان النبيذ في حين احتسي انا النبيذ باستمرار ويضاف الى ذلك ان القاء المسدس في النيل قد خلق لنا مشكلة كبيرة لم يلبث ان حلها العثور عليه.

فكلنا نذكر ان جثة لينيت دويل كانت بها حروق حول ثقب الرصاصة بأن فوهة المسدس كانت لصق جلدها وان الفوهة لم تكن مغطاة بشيء ولما عثرنا على المسدس وجدناه ملفوفا في شال الآنسة فان شويلر وبالشال ثقوب حولها حروق تدل على ان المسدس قد أطلق من داخل طيات
الشال وقد عللنا ذلك بالرغبة في كتم الصوت.

اذن فالرصاصة التي اطلقت من داخل طيات الشال واحدثت به الحروق ليست هي التي اطلقت على لينيت دويل واحدثت برأسها الحروق وهذه الرصاصة أيضا ليست هي التي اطلقتها جاكلين.

على ساق سيمون دويل فقد كان هناك شاهدان للحادث لم يقررا ان المسدس الذي اطلقته داكلين كان ملفوفا بشال اذن فهناك رصاصة ثالثة اطلقت من ذلك المسدس فلماذا وعلى من أطلقت؟ وهناك نقطة أخرى، فقد وجدت في مخدع لينيت دويل زجاجتين من طلاء الأظافر من لونين مختلفين جدا ففحصت الزجاجة التي تكاد تكون خالية وهي من لون مخالف للون الذي تصبغ به لينيت أظافرها فاذا بالنقطتين اللتين فيها عبارة عن قليل من حبر الكتابة الأحمر.

ولم يكن هناك داع لأن تخفي لينيت دويل الحبر الأحمر في زجاجة طلاء الأظافر وفي وسعها ان
تشتري زجاجة حبر بغير حاجة الى تستر فاذا ربطنا بين الحبر الأحمر وبين بقية الطلاء الأحمر الذي كان عالقا بالمنديل الرخيص الذي وجد المسدس في قاع النيل ملفوفا به من داخل الشال استنتجنا ان ما كان يصبغ المنديل هو ذلك الحبر الأحمر لأن الحبر الأحمر إذا أصاب نسيجا لم يفارقه مهما تقع في الماء بل يبقى له أثر.

وننقل بعد ذلك الى مقتل لويز بورجيه فنجدها قد قتلت ولا شك على أثر محاولتها ابتزاز المال بتهديد القاتل واني أذكر جيدا انها تفوهت وهي تلقي بشهادتها بألفاظ ملتوية وكان ذلك على مسمع من مخدومها سيمون دويل في قمرة الدكتور بسنر قالت لي ( كيف كنت أرى القاتل؟ ما كان ذلك ليحدث اللهم إلا اذا أرقت وصعدت السلم في تلك اللحظة فرأيته داخلا او خارجا ).

وإذا بسيمون يهدىء أعصابها ويفهمها ان أحدا لا يتهمها بأنها رأت شيئا ولاشك انها بذلك الأسلوب
الملتوي كانت تريد ان تلمح للقاتل او لمن له به صلة انها رأته وانها ستتكلم إذا لم تقبض الثمن
ولم يكن احد حاضرا فيما عداي انا والكولونيل والدكتور بسنر إلا مخدزمها سيمون فأينا المقصود
بذلك التلميح؟
فصاح بسنر حانقا:
- ماهذا؟ أمحاولة أخرى لإهانتي؟
فجعلت كورنيليا تربت على ذراعه وتؤكد له انه ليس المقصود وأردف بوارو بسرعة.

- وقد وردت طويلا بين سيمون دويل والدكتور بسنر ولكن ما مصلحة الدكتور بسنر في قتل لينيت دويل ولكن يقابل ذاك ان هناك أكثر من شاهد اجمعوا على ان سيمون دويل لم يغادر الصالون الى ان اطلقت جاكلين الرصاص وعلى انه حمل الى قمرة الدكتور بسنر بعد ذلك حيث استقر مهيض.

الساق فلا بد اذن ان الدكتور بسنر هو القاتل ولاسيما انه من الثابت ان لويز قتلت بطعنة من مشترط من مشارط الجراحة. ولكن ردني هذا الإتهام ان الخادم لويز كانت تستطيع ان تختلي بالدكتور بسنر في أي وقت فهو كثير الدخول والخروج ولم تكن بها حاجة الى التلميح بهذا الأسلوب
الملتوي في تلك اللحظة بالذات فلا بد اذن ان هذه كانت فرصتها الوحيدة لماذا؟ لابد ان الشخص.

المقصود لا يمكنه مبارحة الغرفة ولاسبيل الى اختلائها به خلسة للمساومة، أي انه سيمون دويل على وجه التحديد ولذلك بادر سيمون بتطمينها اشعارا لها بأنه فهم الإشارة ومستعد للتفاهم
فصرخ بسنر:
- هذا هذيان فاذا كنت أغضب لإتهامك اياي مدفوعا بالحرص على كرامتي فاني أغضب أيضا لإتهامك.

سيمون دويل مدفوعا بالحرص على عقلي ومنطقي ومعلوماتي الطبية اذ كيف تريد من رجل بعظام ساقه كسر مضاعف ان يذهب فيقتل ثم يعود دون ان يراه احد؟ لقد كان مستحيلا ان يغادر
فراشه تلك الليلة
- أعلم هذا ولكن هذا هو الواقع وسترى فعلى ضوء مقتل لويز بورجيه رحت اراجع الجريمة منذ.

البداية فتذكرت سيمون دويل بقي وحده في الصالون عشر دقائق كاملة هي الوقت الذي انصرف فيه فانثورب وكورنيليا الى توصيل جاكلين الى قمرتها وتهدئتها ومحاولة منعها من القاء نفسها في النيل فهل كان من الممكن ان يقترف سيمون جريمته في تلك الفترة؟ ويؤيد هذا الفرض انه كان يعرف موضع المسدس وليس هناك ما يمنع من ان يكون قد اتفق مع جاكلين فرفست المسدس عمدا واطلاقا الرصاص قرينة نافعة لإبعاد الشبهة عن سيمون لأنه ما من عاقل يتصور قدرته على الجري وهو مكسور الساق وقد رأى الشاهدان انطلاق الرصاصة كما رأو المنديل الملوث بالدم ولكن اذا اكملنا الحلقة فان اطلاق الرصاص لم يكن عملا طائشا من جاكلين التي تجيد الرماية باعترافها.

بل كان الهدف هو ساق مائدة من موائد الصالون لاساق سيمون وكان سيمون قد أعد الحبر الأحمر.

في زجاجة طلاء الأظافر فسكبه في جيبه على المنديل ثم اخرج المنديل بسرعة فوضعه فوق ساقه وراح يتظاهر بالصراخ ويتلوى وفي الوقت نفسه بدأت جاكلين نوبتها العصبية وأخذت سيمون النخوة فاستنجد بكورنيليا وفانثورب ان يكتما الفضيحة وان يعنيا بجاكلين أولا كي يطمئنا على حمايتها من التهور بوضعها تحت رعاية الممرضة الآنسة بويرز كي يتوافر لجاكلين بذلك دليل بعدها عن الجريمة المدبرة. وتلك الترتيبات تتيح لدويل عشر دقائق يسرع فيها بالمسدس المرفوس الى قمرة زوجته.

فيقتلها وقد فعل ذلك حافي القدمين ثم أخرج زجاجة طلاء الأظافر الخالية فوضعها حيث وجدناها لأنه
أدرك ان تضميد جرحه ستصحبه عملية ابدال الملابس ولايبتغي ان يعثر الطبيب على تلك الزجاجة.

في جيبه وكان عليه ان يتخلص من المنديل وهو في الوقت نفسه كان قد اختلس شال الآنسة فان شويلر فعاد بسرعة الى الصالون وادخل المسدس بين طيات الشال ثم أطلقه على ساقه كي يكتم الشال الصوت ثم فتح النافذة التي وراء ظهره وتحامل على نفسه وقد كتم الألم حتى وصل الى النافذة والقى بالمسدس ملفوفا في الشال والمنديل الى النيل وقد وجده الدكتور بسنر مستندا الى النافذة بحجة استنشاق الهواء حتى لايغمى عليه وبذلك امتنع عليه ان يترك المسدس في مخدع زوجته.

والحقيقة ان احكام الجريمة على هذه الصورة يرجع الى ذكاء جاكلين النادر وكنت قد ادركت منذ البداية انها لاتتورع عن أي شيء في سبيل الظفر بحبيبها وكنت أيضا أرى من معاملة سيمون لزوجته انه يبالغ في اظهار عواطفه المزعومة نحوها امام الناس وذلك غير مألوف في الرجل الإنجليزي وفي ليلة الحديقة باسوان عندما كانت جاكلين تقول انها تتمنى ان تقتل لينيت بمسدس تغرسه في لحم رأسها وكان المسدس في يدها زعمت انها رأت شبحا يسترق السمع وقد تأكدت من انه لم يكن احد يسترق السمع إذن هي قد زعمت ذلك لتضللني فيما بعد عندما تقع الجريمة فينصرف ذهني الى ان القاتل كان هو ذلك المتلصص وقد فحصت حجرة الصالون فوجدت الرصاصة الصغيرة مستقرة في ساق احدى الموائد.

- ولكن من قتل لويز؟

قتلتها جاكلين فان سيمون حين سمع التهديد من لويز طمأنها ثم طلب مني ان أدعو جاكلين لمقابلته كي يطمئن عليها وتركتهما معا فأفضى اليها بتهديد لويز وكلفها بالإتصال بها وقامت جاكلين بالمهمة على أكمل وجه مزودة بمشرط من مشارط بسنر التي كان سيمون يعرف مكانها جيدا بطبيعة الحال ثم غسلت المشرط وأعادته الى مكانه وشاء سوء طالعها ان تراها السيدة اوثربون خارجة من قمرة لويز وكانت جاكلين تتوقع خلو الطريق ساعة الغداء فلما أسرعت السيدة.

اوثربون الى قمرة الدكتور بسنر لتبلغنا معلوماتها المثيرة مزهوة بها راح سيمون يسألها بصوت عال جدا كي يصل صوته الى جاكلين التي كان يعلم انها في القمرة المجاورة مع الآنسة روزالي.

فتنبهت وتحيرت ماذا تصنع وفي هذه اللحظة تذكرت ان بننجتون كان قد صرح أمام الجميع بأنه يحمل مسدسا ضخما فبادرت الى قمرته وعادت بالمسدس ووقفت تنصت وراء الستار وفي اللحظة المناسبة ضربت ضربتها وقد قلت انا عن الطريق التي سلكها القاتل انها غامضة والواقع ان قمرة جاكلين كانت تبعد عن قمرة الدكتور بسنر كثيرا فلم يكن أمامها سوى ان تقفز فوق الحاجز الى السطح
- ولكن مسدس جاكلين لم تنطلق منه إلا رصاصتان فقط.

- لقد فكرت في كل شيء بالتفصيل وأحضرت معها رصاصة اضافية وضعها سيمون في المسدس قبل ان يطلقها على نفسه
والآن عليك يا سيدي الدكتور ان تعد مريضك القاتل لمواجهة الموقف لقد كان بوارو مصيبا في كشف هذه الحقيقة والوصول الى معرفة القاتل فان سيمون قد تآمر مع حبيبته جاكلين على سلب أموال.

لينيت بطريقة غير شرعية فتظاهر بحبها وتزوجها وهويعلم ان ماتت وقتلت آلت ثروتها اليه فينعم بها مع عشيقته جاكلين التي دبرت معه هذه المؤامرة الغريبة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة