قصص و روايات - قصص مخيفة :

قصة الحاسة السادسة بقلم بسمة ممدوح الفصل الرابع

قصة الحاسة السادسة بقلم بسمة ممدوح ( نوفيلا )

قصة الحاسة السادسة بقلم بسمة ممدوح الفصل الرابع

في صباح اليوم التالي ..استيقظت كارمن في الحادية عشر صباحاً ..بدأت يومها بصلاة الصبح حتى أذن أذان الظهر وقامت بالانتهاء من تأدية الفرض، ومن ثم اتجهت إلى المرحاض لتقف تحت "صنبور الماء"، لينساب عليها الماء الدافئ حيث برودة نوفمبر، تغمض جفونها معتصرة أياها مع الاستمتاع بدفيء المياه، تتساقط همومها اًتساقط اًمؤقت بفعل تدفق الماء على جسدها وتحمل قطرات الماء تلك الهموم لتنهمر بها على أرض المرحاض فاعلة كل قطرة منهم صوت مسموع له نغم يدوى في أذنا كارمن مستمتعة بسماعه كشيء مسلى لتلك الوحدة.

انتهت من حمامها خارجة منه قاصدة غرفتها، ارتدت ملابسها واندست تحت الغطاء الدافئ فوق الفراش لتشعر ببعض من الراحة والاسترخاء، منتظرة مكالمة "ريم "كما أتفقا.
مرت الساعات ولم تتلقى كارمن مكالمة من ريم، حتى غطت في نوم عميق دون أن تشعر.

تجلس بجواره في صالة منزله، توقع على ورقة لزواج مزُيف، وبجوارهما اثنان من اصدقاء السوء لديه، يوقعان على تلك الورقة كشاهدين على الزواج.
غادرا الاثنان المنزل بعدما انتهيا من عقد زواجهما ..وهم هو اًواقف من مقعده، وأمسك بكفيها لتنهض وتقابله، ثم يتحدث:
-مبروك يا حبيبتي.
-الله يبارك فيك.
قالتها بضيق، ثم اشاحت بوجهها بعيداً، فارتفع صوته وهو يهتف قائلا:
-ايه مش مبسوطة ولا ايه؟
-لا، مبسوطة.

نطقتها ببغض، فترك يدها، ثم تحدث بانفعال:
- انت هتنكدي علينا ولا ايه ..ما تخلينيش ازعلك.
ارتجفت رجفة خفيفة وهي تجيب:
-انا عملت لك اللي انت عايزه ..خلاص بقى.
ب اتفضل قدامي. ط -
-حاضر.
قالتها بانكسار، وهي تذهب أمامه متجهان نحو غرفته.

استيقظت من نومها بفزع ..ظلت تبحث عن هاتفها بلهفة وهي تدور بجسدها وتجول بعينيها يمينا ويساراً، حتى عثرت عليه بجوارها ..أمسكت به متفحصة اياه فلم تجد شيئا جديداً ..تركته وهي ترفع صوتها مناديه على حياء.
دلفت حياء الغرفة على الفور قائلة:
-ايه يا حبيبتي خير؟
-هي ريم ما اتصلتش بيا؟
تساءلت متلهفة، فأجابتها حياء بتعجبُ:
-لا.. ليه؟

صمتت لحظات، ثم تنهدت وهتفت:
-ريم اتجوزت عرفي يا ماما ..ضيعت نفسها.
شهقت حياء، وتحدثت بصدمة:
-يا نهار اسود ..عرفتي منين؟
نظرت لها بعينين مملوئين بالدموع، ثم أجابت:
-حلمت
رمقتها باستنكار، ولم تجيبها ..صخبت تلك اللحظة كارمن قائلة:
-ما تبصليش كده ..انا متأكدة انه حصل ..طب ما لو ما عملتش كده يبقي ليه ما اتصلتش بيا زي ما اتفقنا؟ هي كانت بتهاودني امبارح انا عارفة.

صمتت ودموعها بدأت تتساقط، وانفاسها تعلو، فتحدثت حياء بشفقة:
-يا حبيبتي مش شرط كل حاجة تحلمي بيها تبقى صح.
نهضت على الفور من فراشها، وتنهدت، ثم هتفت بضيق:
-عارفة دي المرة الكام تقولي فيها كده؟ كل مرة بتقولي مش شرط ..وسبحان الله بيطلع شرط.
اقتربت منها حياء، وربتت على كتفها لتهدأ، ثم قالت بحبُ:
-طب اهدي يا روحي ..ربنا هيسترها بإذن الله.

في المساء ..تجلس بجواره فوق الفراش وتتحدث بتوسل:
-سيبني اروح والنبي.
أجابها بتسلط:
-لا مش عايزك تروحي ..بقيتي مراتي وده حقي.
بدأت تبكي في قهر، وهي تضيف:
-طب هقول لأمي ايه؟ ..طب بلاش كدة، هي تعبانة مش هينفع اسيبها كل ده لوحدها.
-بقول لك ايه، ما تعكريش دمي ..قولت لا يعني لا.
قالها وهو ينهض من الفراش، متوجهاً إلى المرحاض، وتركها بمفردها لتقتلها افكارها وندمها.

-"كيف فعلت ذلك بذاتي؟ اهل بتلك الطريقة انقذت نفسي ام وضعتها في ورطة اكبر بكثير؟ !كيف اندفعت هكذا، لماذا لم انفذ اتفاقي مع كارمن ووعدي لها؟ لماذا انسقت وراء افكاري وكيف؟ هل فعلت ذلك اًخوف من تهديداته !أم اًرغبت فيه !وإن كان اًخوف منه، فبادئة الأمر كانت من الممكن ان تكن لي أرحم واهون كثيرًا عن الأن، فالأن أصبحت غارقة في مأزق اعظم بكثير مما جعلني ارتكبه."
بتُرت افكارها عندما عاد إلى الغرفة، نظرت له بضيق، فتحدث وهو يجلس بجوارها بهمجية:
- انت مش عارفة ان انا بحبك ابت ولا ايه؟ فكي كدة يخرب بيت امك.

قطبت حاجبيها في سخط، ولم تجيبه ..فامسك بهاتفه وظل يتفحصه ولم يحادثها، وبعد وقت قليل قاطع صمتهما صوتها وهي تتوسل إليه ثانية يتركها تذهب إلى منزلها حتى وافق بعد مرور اكثر من ساعة.
ارتدت ملابسها فور موافقته، وغادرت شقته مسرعة، مولية شطرها نحو منزلها.

-كنت عارفة ..بس حبيت اسمعها منك الاول.
هتفت بها كارمن بشده لريم التي حادثتها من دقائق فور استيقاظها لتعترف لها بما فعلته.
انها الاثنان المكالمة بضيق، حيث ان كارمن نهرتها بحدة حتى جعلتها تنهي المكالمة بدموع تملئ عينيها، وتتوعد كارمن الا تحادثها ثانية.
نهضت من فراشها فور انهاء المكالمة، وذهبت في الحال إلى غرفة حياء ..دلفت إليها بعدما دقت الباب وسمحت لها حياء بالدخول ..جلست بجوارها فوق الفراش وهي تتحدث:
-شوفتي ..انا قولت لك وقولتي لي مش شرط ..اهو طلع شرط يا ست ماما.

ابتسمت حياء بحنان وهي تجيب:
-احلى ماما ممكن اسمعها في حياتي.
طوقتها كارمن بيديها وهي تضع رأسها فوق صدرها بأمان وتتحدث بهدوء:
-تعرفي، كان نفسي يطلع غلط ..بس برضه طلع صح.
-اتجوزت؟
تساءلت بتعجب، فأجابت كارمن بحزن:
-للأسف ..بس خلاص، دي حياتها وهي حرة فيها انا ماليش دعوة.
استمرا الاثنان في تبادل الحديث، وبعدما انتهيا نهضت حياء متجهة إلى المطبخ بحماسة لتحضر الافطار، وذهبت كارمن إلى غرفتها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة