قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية يوميات مرام وسعيد للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

لقد طلب مني متابعيني الأعزاء أن أتوقف عن دور الراوي وأن أحكي يومياتي وكأنها رواية حتى يستطيعون مشاركتها على صفحاتهم. وكأنني لو توقفت عن كوني الراوية للأحداث ستصير لشخص آخر.
ما علينا.
سأرضخ بكل تأكيد فرغبات متابعيني أوامر كما تعلمون. هيا لنبدأ يوم جديد مع (مرام) و(سعيد) وتلك المرة ولأول مرة ستفوز( مرام) في معركة الحياة الزوجية و ستسعد معجبينها.

صعد (سعيد) درجات السلم في حذر شديد يبتهل إلى الله أن تكون زوجته( مرام) قد نامت. فبداخل رأسه صداعا مدويا ولن يكون قادر اليوم على جدال آخر حول نوعية الأضحية التي سوف يبتاعونها للعيد.

أراد هو شراء خروف بينما أخبرته زوجته أنها لا تريد ذلك العام أن يضحوا بخروف. فهي لا تحب لحم الضأن وبالتالى وجب عليه أن يبتعد عنه نهائيا، وحين يقول لها أن تلك أضحية فما شأنها هي بنوع اللحم تجيبه قائلة: وهو أنا مش هاكل منه يعنى ولا مش هاكل منه ياسعيد؟ وعلى فكرة بقى أغلب الستات مبتحبهوش وبتكتم مناخيرها كدة وهي بتطبخه. وحتى الأطفال الصغيرين برضه مبيحبهوش. أطفالك وأطفال الجيران مش هياكلوا منه ولا مش هياكلوا؟ قسما عظما يا سعيد ان جبت الخروف ما هاكل منه وماهأكل عيالك كمان.

لينظر إليها مدركا أنه لا فائدة من الجدال معها حين تتطرق لذكر أطفاله. ولكنه اليوم حسم رأيه وقرر أن يفعل ما يمليه عليه قلبه فذهب إلى الجزار واتفق معه على شراء خروف. يدعو الله أن لا تكتشف زوجته ذلك قبل العيد حتى تراه يذبح أمامها وتجد نفسها أمام أمر واقع لا محالة.

فتح الباب ليتجمد أمام هذا المشهد. زوجته تجلس متربعة على الأريكة وتربط رأسها بعصابة بينما تتناثر خصلاتها من تحت تلك العصابة بصورة غير مرتبة، تمسك عصا بيدها اليسرى بينما باليد اليمنى أمسكت شبشبها الأزرق وأمامها يقف أطفالهم وكأنهم في طابور عرض يرمقونها بتوجس. نظروا لأباهم فور دلوفه للمنزل بنظرات مستنجدة بينما إلتفتت إليه (مرام) وعيونها غاضبة يشوبهم بعض الإحمرار. ليدرك أن اليوم هو يوم الإنفجار الكلي لتلك القنبلة الموقوتة التي تزوجها. ويبدو أن أطفالهم هم من أشعلوا فتيلها.

إبتلع ريقه فلم يكن على إستعداد أبدا لهذا الإنفجار، تنحنح قائلا: احمم. مساء الخير.
قالت( مرام) وهي تعتدل لتواجهه: مساء الخير ياسعيد؟ مساء الخير! جاي الساعة 3 الفجر وتقوللى مساء الخير. كنت فين؟ ها؟ كنت فين واولادك مطلعين عينى وانت ولا في دماغك؟ كنت فين وصوتى جايب آخر الشارع والجيران أكيد بيقولوا عندنا جارة هابلة وشكلها أكلت عيالها؟ طبعا. كنت قاعد مع أصحابك ولا على بالك، صح؟

قال( سعيد) بإرتباك وهو يرمق أطفاله بحنق. فبسببهم تحولت تلك الهادئة الرقيقة (مرام) إلى كائن فضائي معالمه غير واضحة وهي تقترب منه بعيون متوعدة وتتشممه. تذكره بالمخبر (شرلوك هولمز) أو كلب من كلاب الشرطة وهم يبحثون عن دليل الجريمة. ليقول( سعيد) متوجسا: فيه إيه يامرام؟ بتشمينى كدة ليه؟
قالت وهي تتفحص قميصه بعينيها: بشوف ريحة كدة ولا كدة لزقت فيك؟

قال( سعيد) وهو يحاول أن يتمالك نفسه قائلا: ريحة إيه بس؟ ماانت عارفة انى مبشربش سجاير؟
رفعت (مرام) إليه عيناها تنظر إليه بنظرة ذات مغزى وهي تلقى العصا أرضا بينما تطرق بالشبشب على يدها اليسرى قائلة: مش كل الروايح بتبقى سجاير ياسعيد. فيه روايح بتودى صاحبها في داهية ولو لقينالها احنا كستات أي أثر على الهدوم بنغسلها بمية نار. ومش الهدوم بس. الهدوم وصاحبها كمان.

نظر (سعيد) إلى (مرام) ليبتلع ريقه، يتساءل عن كنه ما تشاهده (مرام) تلك الأيام في التلفاز. أم أنها جنت؟ ليفيق على كلماتها وهي تقول بعد ان أنهت تفتيشه: لأ تمام. تمام. إلا قوللى ياسعيد. قلت لأخوك عشان يشترك معاك وتجيبوا العجل اللى هتدبحوه في العيد؟ كلمت الجزار؟
قال (سعيد) وقد تعرق جبينه: ها. لأ. لسة؟

حاول (علي) إبنهما الصغير الخروج عن الطابور لتلمحه (مرام) وتلتفت إليه قائلة في صرامة: أشوفك بس رايح ناحية التلاجة خطوة واحدة. هعلقك فوق هنا مع المروحة. تفضل تلف للصبح. مفهوم؟
ليعود (علي) إلى الطابور بسرعة ويقف منتبها. بينما قالت ل(عادل) إبنها الأكبر بتحذير: وانت كمان. أشوفك بتقرص أختك مروة من تحت لتحت تانى هعلقك مكان العجل. ماشى ياخفيف؟

أيقن (سعيد) بكل تأكيد أن من تقف قبالته هي نسخة من زوجته شكلا ولكنها بالتأكيد ليست هي. أتراهم إستنسخوها كما يحدث بالأفلام الأجنبية؟
عادت (مرام) بعينيها إلى( سعيد) قائلة: كنت بتقول لسة. لسة ليه بقى ياسعيد؟ العيد فاضل عليه أيام.
قال متلعثما: ماهو يعنى. أصل...
رفعت إحدى حاجبيها قائلة: لا أصل ولا فصل بقى. بص ياابن الحلال هتعمل اللى قولتلك عليه هتكون صاحبى وحبيبى وكفاءة.

كفاءة؟ رددها (سعيد) داخله بإستنكار لتردف (مرام) قائلة: هتخل بقى بإتفاقنا فاحنا في شهر أغسطس والجو نار زي ماانت شايف. أكلكم طول الشهر هيبقى جبنة وبطيخ أو جبنة وعنب. نعمل يوم كدة ويوم كدة، ما هو التغيير مطلوب برضه. أومال. وممنوع بقى تشغيل الفرن لأي سبب من الأسباب. يعنى لا صينية فراخ ولا مكرونة بشاميل ولا كشرى ولا أي حاجة من دى خالص. أصل قريت ان المطبخ في الحر بيبقى عامل زي مثلث برمودا. الداخل فيه مفقود والخارج مولود.

لتلف حوله تزيد من توتره وهي تقول مستطردة: نشيل كمان السجاجيد اللى انت بتحبها ونقعد ع البلاط. ماله البلاط. وحش البلاط؟ واقولك. نبيع العفش كمان. أهو نوسع الدنيا كدة ونخليها طراوة. أما بقى أوضة النوم. ودى الأوضة الوحيدة اللى فيها تكييف في البيت الكبير ده. فالأوضة دى بقى اوضتى والسرير سريرى. مفيش حاجة اسمها وطي التكييف. لو مش عاجبك ابقى أخرج نام في الحر. وانت عارف الحر وعمايله.

لتقف قبالته قائلة بعيون متوعدة: الآيس كريم في إيدى وفي الإيد التانية الحاجة الساقعة، أما العصير فهيبقى مقيم في حضنى واللى هيقولى تخنتى هقعد عليه أفطسه. ماشى؟
أخذت (مرام) نفسا عميقا بعد كلماتها وهي تنظر إلى( سعيد) الذي فغر فاهه من الصدمة. ليغلقه بعد ثوان ثم يتمتم قائلا: حسبي الله ونعم الوكيل.
رمقته (مرام) قائلة: بتقول حاجة ياسعيد؟

لم ينطق (سعيد) بكلمة وإنما إلتفت ليفتح الباب ينوى النزول مجددا. لتقول( مرام) في دهشة: رايح فين ياسعيد؟
قال (سعيد) دون أن يلتفت إليها: رايح أتفق مع اخويا نجيب العجل يامرام.
ثم أغلق الباب خلفه في هدوء لتقول( مرام) هامسة بصدمة: الراجل نازل الفجر يتفق مع أخوه. سعيد شكله إتجنن يامرام.

ابتسمت مردفة: يلا. هو اللى جابه لنفسه. آل رايح يتفق مع الجزار من ورايا. ميعرفش إن مرات الجزار صاحبتى وقالتلى. مش مرام ياسعيد اللى تحطها قدام أمر واقع.
ثم تمتمت بأغنية ل(شرين) قائلة: انا مش مبينالو انا ناويالو علي ايه
ساكته ومستحلفالو. مش قيلالو ساكته ليه
خليه يشوف بعنيه ايه اللي ناويه عليه
هخليه يخاف من خيالو لما اغيب يوم عن عنيه.

وجدت أطفالها يرقصون على غناءها لتشاركهم رقصهم ثم تذكرت فجأة أنهم معاقبون لتصرخ فيهم قائلة: انتباااااه يابشر.
عادوا إلى الإصطفاف جنبا إلى جنب في وقفة عسكرية. لتبتسم قائلة في تشفى وهي تضرب بفردة الشبشب على يدها: أيوة كدة. حقيقى، محدش بياكلها بالساااهل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة