قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثالث

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثالث

رواية وكر الأفاعي للكاتبة أماني جلال الفصل الثالث

- ياسين اللداغ وإنت؟
نظرت بعيون حمراء حزينة إلى يده الممدودة نحوها ولكن ماهي سوى ثانية واحدة فقط حتى قست حدقتيها وهي تزوي مابين حاجبيها بضيق من تطفله هذا لتنهض من مكانها بهمة وذهبت بعيدا عنه لتستأنف طريقها دون أن تنطق بحرف واحد حتى لينهض هو الآخر وأخذ يتتبعها بإبتسامة ماكرة، مستمتع بهذه المطاردة وهو يقول بصوت مسموع لها
- لما كل هذا الغرور سيدتي، أنا كل غايتي هو المساعدة.

ليس أكثر. إن كنتي تعتقدين بأن جمالك هذا وإحتشام ثيابك هو الذي أثارني حد الجنون ودفعني أن اتعرف عليك، ف أحب أن أقول لك بأن إعتقادك هذا، صحيح
قال الأخيرة و إنفجر بالضحك بصوت رجولي بحت ما أن رأها تلتفت له بصدمة ممزوجة بغضب من وقاحته ومازاد غيظها هذا هو ثقته الواضحة من نفسه.

جزت على أسنانها بضيق ثم إلتفتت وكأنه نكرة وهو بالفعل هكذا بالنسبة لها فهي لاتعرف هذا اللزج من يكون، أسرعت بخطاها إلى الشارع العام لتستأجر إحدى سيارات الأجرة متوجهة إلى منزلها، تاركة خلفها ذلك الذي ينظر إلى أثرها بتربص وتوعد خطير
في الوكر دخل هو وأخيه ليجلس على الأريكة بإسترخاء وهو ينظر للآخر بسخرية وهو يقول
- كفارة يا يحيى تعيش ويتعلم على قفاك كمان وكمان
يحيى بغيظ.

- إضحك إضحك، إن ماخليته يقول أنا مرة قدام المنطقة كلها مبقاش يحيى اللداغ...
أخذ يمرر باطن كفه على وجهه بإختناق ثم سحب شعره إلى الخلف ليتشنج فكه بغضب وهو يكمل بعدم تصديق، بقا أنا يترمي في عربيتي حتة حشيش ويتبلغ عليا و أنام ليلة كاملة في الحجز؟ وده كله حصلي من تحت راس واحد مايتحسبش ع الرجالة، بس قولي قبلها إنت متأكد إن اللي عمل العملة دي و بلغ عليا هو رامي بتاعنا.

- تخيل! قالها وهو يرفع حاجبه بشماتة ليعض يحيى شفته بتوعد ليقول بعدها
- لاء ياشاهين وغلاوتك عندي يا أخويا أنا هسيبه هو اللي يتخيل أنا هعمل فيه إيه
شاهين بلامبالاة
- معاك كل الصلاحيات اعمل مابدالك بس إنجز هااا، بسرعة يعني، لأني عايزك تركز بشغلك إحنا مش فاضين للعب العيال ده، ورانا هم مايتلم بضاعة كاملة من السلاح الأسود هتدخل الحدود اليومين دول و لازم تتوزع في أقل من أسبوع.

- إعتبره حصل يابوس، ما إن قالها يحيى بجدية و همة وهو يجلس أمامه حتى أتاه رد أخيه النافي محذرا
- لاء، مش عايز كلام وبس، وريني شغلك
يحيى بإستغراب
- في إيه يا شاهين هي أول مرة ولا إيه
شاهين بجدية
- مش معنى إنها مش أول مرة هنتساهل بدخولها وتوزيعها الثقة حلوة ااااه أنا معاك في كده.

بس الحذر واجب وغرورك ممكن يودينا في حته إحنا مش حمل متاهتها وشغلنا ده بالذات عايز عنين مفتحة، فعشان كده عايزك تقلل عصبيتك دي وتوزن عقلك
أومئ له برأسه وقال: ماتخافش أنا مفهم الرجاله ع المطلوب ومراقبهم كويس أوي وده اللي هما عارفينه بس اللي مش عارفينه إني هكون معاهم خطوة بخطوة عشان قبل ماحد منهم يفكر بس إنه يماطل في شغله هيلاقيني جايبه من قفاه ومعلمه الصح
شاهين بإطراء.

- تعجبني وإنت بتشتغل بمزاج عالي، وعلى العموم أنا مش هسيبك لوحدك وهكون معاك بخطوات الشحن أسهلك الطريق.

- عفارم عليكم يا أولاد اللداغ، قالها الحاج سلطان وهو يدخل عليهن وأخذ يقترب منهم ليجلس أمامهم بهيبته المعتادة، سند ذقته على عصاه الذي يتكئ عليها ثم أكمل، دماغكم سم، أهو كده أنا أرفع راسي بيكم وأقول إن تعبي عليكم مارحش هدر. وإصراري إن إنتم التلاته بالذات إني أخليكم تتعلموا وتوصلو مراحل عالية من التعليم، كانت خطوة صح...
شاهين بتدخل
- بس اهم حاجة يايحيى أوعى غرورك ينسيك أصلك إنت لسه عودك أخضر...

سلطان بتأكيد
- بالضبط كده، خليك زي شاهين أهو بقى أكبر محامي في مصر كلها ومافيش حيلة وثغرة في القانون مايعرفش يعملها وده سهل لينا شغلنا بشكل كبير لدرجة بقينا منقدرش نتحرك بأي خطوة من غيره
ومنقدرش ننكر كمان تعبك إنت و ياسين عملتم من ولا حاجة عظمة، وهي أكبر شركة إستيراد وتصدير في مصر ليها سمعتها وبقيتم معروفين بسوقها وهنا بقى عندنا درع نقدر ندارى ورا إسمه.

إنت عارف انا5 بقولك ده كله ليه؟ عشان تعرف إن الدماغ لازم تكون شغالة دايما ومش بس تفكر بالنهاردة لاء لازم تفكر وتخطط ل30 سنة لقدام زي ماعملت أنا، و أوعى تنسى إنك تبص للماضي عشان تتعلم منه...

وخلي قصاد عينك أسوء الإحتمالات ودايما إوهم عدوك بالأمان و إوعى تعاديه وش لوش لا خليك صاحبه وقرب منه عشان يديك الأمان وتقدر تكتشف نقاط ضعفه بسهولة لو عملت اللي قولتلك عليه صدقني هتفعص أي حد مهما كانت قوته تحت جزمتك لو حاول يفكر بس إنه يأذيك أو يحط راسه براسك زي رامي
يحيى بغل
- رامي إيه بس ياكبير ده عيل فرحان بنفسه وأنا هقرصلك ودنه عشان يتعلم الدرس ميغلطش تاني مع أسياده
سلطان بنفي قاطع وصوت صارم.

- لاء، النوع ده ماينفعش معاهم قرصة ودن، ده لازم تتكسر عينه
إوعى تخلي ضربتك لعدوك بسيطة، ده هيخليه يتمادى معاك، إمشي على مبدأ إقطع عرقه وسيح دمه
- أقطع عرقه وسيح دمه! قالها يحيى بشرود ثم أخذ يبتسم بخبث وهو يقول، تصدق بالله ياحاج أنا كل مابقعد جنبك بتعلم منك حاجات
فعلا أنا كان لازم أعمل كده من زمان بس أوعدك المرة دي هسرق منه اغلى ماعنده وهكسر عينه فيها وهخليه يتندم ع اليوم اللي إتولد فيه.

- ده بقى ابني اللي أنا ربيته فعلا، طمرت فيك التربية
قالها سلطان وهو يستقيم بجسده بشموخ ثم نظر
إلى شاهين الذي كان يقطب جبينه بضيق فعلى مايبدو أن كلامهم هذا ليس على هواه لينظر إلى يحيى وأشار له بكفه المجعد بأن يخرج ويتركهم لوحده وبالفعل نفذ الآخر أمره على الفور...
وما إن أغلق الباب خلفه حتى عاد سلطان بصره نحو ذلك الهجين الذي يجمع صفات الثعبان والصقر شاهين.

يملك عقل نشيط جدا يجمع بين الدم البارد والقوة طباعه ممزوجة بين الحيلة والشجاعة والهدوء والحزم والغدر والوفاء، فشخصيته جوزاء كل شئ ونقيضه
اقترب منه وسحب كرسي ليضعه أمامه تماما وما إن جلس عليه وإلتقت عينيه بخاصة الآخر حتى قال
- شاهين
- نعم
- كلامي مع يحيى مش عجبك صح
زفر أنفاسه بضجر ثم مط شفته وقال بمراوغة
- عاجبني ومش عاجبني
سلطان بضجر لا يقل عن الآخر لأنه لا يستطيع قراءة أفكاره
- فزورة دي ولا إيه.

مال شاهين بجذعه العلوي ليسند ساعديه على فخذه وأخذ يقول بجدية بعدما تنهد
- حضرتك عارفني كويس، أنا لو ليه حق عندك هاجي اخده من حباب عنيك وهوريك النجوم في عز الظهر وهكرهك فاليوم اللي إتولدت فيه، بس مستحيل هروح وأخده من ولايا
نظر له سلطان بمغزى وهو يقول بخبث
- إنت طيب أوي ياشاهين، أنا قولتهالك زمان وهرجع أعيدهالك، لو عايز تكسر حد بجد وتجيب مناخيره الأرض إكسره بعزيز قلبه...

وصدقني يابني محدش يقدر يكسر الراجل غير الست بتاعته، خدها مني و خليك ناصح زي أبليس لما حب يحارب أبونا آدم طرده من الجنة عن طريق وسوسته ل حواء
شاهين بعدم إقتناع
- بس إنت عارف إني ماليش فالطريق ده
رفع سلطان كفه أمامه وهو يقول
- وأنا ماجبرتكش عليه، ألعب باللي يجي على هواك وسيب الباقي يلعب زي ماهو عايز
- بس اللعب ليه قواعده وأصوله
- ده عندك إنت، بس عندنا إحنا كل شئ مباح
صمت قليلا بترقب ثم قال بتساؤل وترقب.

- ياسين غاطس فين بقاله أكتر من شهرين مسافر ومش عارف هو بيعمل إيه وكل مابكلمه بيلف ويدور وبيقولي إنت ليك النتيجة
- والله ياسين ده داهية، ده راضع مع الجن الأزرق.
ده قاعد يلعب بسعد وبناته زي العرايس والخيوط كلها في إيده عمال ياخدهم شمال ويمين وكأنه ماصدق إنه عتر فيهم عشان يدوقهم الويل بألوانه
- هيرجع إمتى؟

- ياسين بيقول قريب جدا وساعتها هتنزل إنت ع الملعب ياوحش مع إني بختلف معاك فالأسلوب بس انا عارف ان محدش هيبرد قلبي في سعد غيرك
شاهين بتوعد وعينيه تلهب بنار الإنتقام
- هو ينزل بس مصر وهيبقى اللعب مني ليه والضرب في اللي زيه حلال
ضحك سلطان بإنتصار خفي وقال بإعجاب بكتلة الشر الذي أمامه
- يعجبني فيك حنيتك مع أعدائك يا إبن سامر...

لوس انجلوس، مساء في أحد الأبراج العالية بالتحديد بشقة سعد الجندي كانت ميرال مستلقية على بطنها وهي تحتضن وسادتها ونظرها شارد في نقطة وهمية بعيدة الهدف وعقلها كان يعيد ماحدث معها اليوم في الشركة وكيف إضطرت أن تستقيل لتضع حد لذلك الحقير
ااااااخ تأوهت بضعف وأخذت تمسد على مقدمة رأسها بألم فقد تعبت حقا من كثر التفكير وماذا ستقول لوالدها ماهو سبب تركها للعمل وهل سيقتنع بأسبابها الكاذبة.

أخذت تفكر وتفكر حتى نهضت بتأفف وكسل من مكانها وذهبت تنظر إلى وجهها الباهت بالمرآة لترفع خصلات شعرها المشعثه بإهمال إلى الأعلى ثم توجهت إلى الصالة بإستغراب ما إن سمعت صوت سيلين العالي أتي من الخارج، خرجت من غرفتها بإستغراب وهي تقول: في إيه بس يا سيلي صوتك عالي كده ليه؟
إلتفتت نحوها سيلين بإنفعال: تعااااالي إسمعي أبوك بيقول ايه؟

فتحت ميرال فمها بصدمة من إنفعال أختها الغير مدروس هذا لتتجاهلها تماما وتذهب نحو والدها الجالس يراقب الأخرى بصدمة لا تقل عنها لتقول بتريث
- خير يا بابي
سيلين بغضب
- خير ااايه بس، ده عايزنا نسيب هنا ونرجع مصر، بذمتك ينفع يقرر كده فجأة، وإحنا لازم ننفذ مش كده
قاطعتها ميرال بنظرات تحذير وهي تقول من بين أسنانها: أكيد بابا ليه أسبابه اللي لازم نسمعها قبل ماتنتفضي كده، صح!

سيلين بصوت أعلى من سابقه: عايزة تجننيني انت كمان ولا إاايه، أسباب إيه اللي هتخليني أسيب حلمي بعد ما إتحقق
- وتسبيه ليه إنت ممكن تشتغلي هناك بس قبلها ماعرفناش ليه بابي خد القرار ده، ما إن قالتها ميرال حتى نهض سعد من مكانه وهو يقول بغضب يرعد وقهر كبير لا يوصف وعينين يزينهم الخذلان.

- سبيها يا ميرال عايز أشوف تربيتي فيها وصلت لفين دي أخرة تعبي فيك ياسيلين! تعلي صوتك عليا! وماتحترميش وجودي و وجود مامتك، هي دي جزاتي، هي دي جزاتك ل خالك
جفلت بمكانها و إبتلعت لعابها بصعوبة وكأن كلامه هذا جعلها تفوق من ماكانت عليه لتستوعب فظاعة خطئها
لتقول بتوتر وتردد وهي تنظر إلى عنينه الغاضبة
- بابي أناااا
رفع سبابته أمامها يرفض بأن يسمعها.

- مش عايز أسمع صوتك ولا أشوف وشك قدامي لحد ماتتعلمي الإحترام الأول، ياخسارة، سامحيني يا سعاد سامحيني معرفتش أربي بناتك صح. ياخسارة...
نظر إلى زوجته داليا من طرف عينيه وقال بأمر...
جهزي نفسك على أخر الأسبوع ده إحنا مسافرين واللي عايزة تجي معانا أهلا وسهلا واللي مش عايزة تنسى إن ليها خال، قال كلماته الأخيرة ثم تركهم وخرج من الشقة بأكملها.

لتنظر سيلين إلى أختها و والدتها الروحية ودموعها عرفت طريقها على وجنتيها: شفتم قال إيه؟
أومأت لها ميرال برأسها بضيق من تهورها وهي تقول
- أنا شفت صوتك العالي وطريقتك بالكلام اللي زي الزفت وقلة احترامك لينا كلنا
رجفت شفتيها عدت مرات لتنفجر بالبكاء بعدها وهي تقول.

- مش قصدي والله أزعله، أنا في الأول فكرته بيهزر بس لما أكدلي إنه بدء يجهز أوراقنا برج من نفوخي طار وإن تعبي في السنتين اللي فاتو هيروح كده كان لازم يقدر موقفي ويفهمني، مش يزعل مني بالشكل ده
جلست داليا إلى جانبها وأخذت تملس على شعرها وهي تقول بعتاب طفيف وزعل.

- مقهورة ياسيلين على تعب سنتين من عمرك يروح كده، طب إحنا نعمل إيه دلوقتي لما شفنا إن تعب عمرنا كله راح لما وقفتي في وشه وعليتي صوتك عليه وفضلتي شغلك وحلمك على راحت والدك، ومحترمتيش حد فينا
كان ممكن تقعدي معاه وتتكلمي بهدوء مني كلمة ومن ميرال كلمة على كلمتين منك وحبة دلع كنا هنقدر نغير فكرته بس تهورك ده خلانا أمام أمر واقع ولازم ننفذ لإني أنا عارفة سعد مستحيل يتراجع بعد اللي حصل...

كنت ضد فكرته بس بعد اللي شفته أنا أول واحدة هشجعه ع القرار ده لأنه صح، إحنا لو مرجعناش إنت هتضيعي مننا يا سيلين. إن كنا لسة في أول الطريق وفضلتي شغلك علينا بكره لما تكبرى شوية كمان إحتمال كبير ترمينا لو وقفنا عائق لطريق وصولك
- أنا أسفة، قالتها بشهقات متفاوتة وهي تمسك يدها
- أسفك مرفوض، إنت مش صغيرة عشان تغلطي وإحنا نسامح من غير ماتتحاسبي بس أقول إيه بدلع سعد ليكي...

واااآه على فكرة نزولك معانا مصر إجباري مش إختياري زي ماقال باباكي. أنا بناتي مايعيشوش بعيد عني في بلد غريب، قالتها داليا ونهضت متوجهة إلى غرفتها وما إن أغلقت الباب خلفها حتى إقتربت ميرال من أختها وقال بهدوء
- تعرفي إن بابا عنده حق بقراره ده، إحنا لازم ننزل مصر كفاية علينا كده هنا
نظرت لها سيلين بإستغراب من بين دموعها
- ليه بتقولي كده؟
رفعت منكبيها بحيرة وقالت بشرود.

- لأني مش مرتاحة هنا، ومن يوم ماجيت ع البلد دي وأنا عايزة أرجع
وبرغم السنين دي كلها عمري ماحسيت بالإنتماء للأرض دي ولا عرفت أتأقلم معاها
- طيب، دلوقتي قوليلي أصالح بابي إزاي
نظرت ميرال بتساؤل
- أفهم من كلامك إنك إخترتي رضا بابي على حلمك
سيلين دون تردد
- أكيد طبعا،!
ضربتها على كتفها وقالت: وطالما أكيد عملتي الغاغة دي كلها ليه.

- رد فعل من الصدمة مش أكتر واللي حصل من شوية كانت ساعة شيطان ربنا مايعيدها. وبعدين سمعتي مامي قالت إيه أنا هسافر معاهم بمزاجي او غصب عني وإنت عارفة هي عمرها ما هتسمحلي أبقا هنا لو عملت إيه دي مش بعيده تسحبني من شعري لحد المطار
- والله تسلم يدها لو عملت فيكي إيه لأن محدش قادر عليكي غيرها وبتخليكي على الصراط المستقيم
- بصراحة يتخاف منها...

- ماهو لازم تحمر عينها عليكي وتاخد دور القسوة طول ما بابي مطلع عينك بدلعه اللي يشوفك يقول عندك 17 سنه بتصرفاتك دي مش 24 سنة
- وأنا جازيت تعبه صح مش كده، قالتها بدموع جديدة وهي تعض شفتها ندما على فعلتها النكراء بحق والدها
نهضت ميرال وقالت
- كلنا بنغلط، حاولي تعتذري منه
سيلين بترقب
- وياترى هيسامحني لو إعتذرت
ميرال بتأكيد
- بابا بيحبك أكتر من روحه، ااااكيد هيسامحك، قومي نامي وبكرة الصباح رباح
سيلين برفض.

- نوم إيه وبابي و زعلان مني لاطبعا أنا هستناه عشان اصالحه
توجهت نحو غرفتها وقالت: براحتك، تصبحي على خير
- وانت من أهله. قالتها بشرود وأخذت تنتظر عودة والدها بعد ساعات من الإنتظار الطويلة غفت على الأريكة ليقترب منها ما إن دخل الشقة و وجدها بهذا الشكل لينظر لها كيف تنام، نفس أول مرة رأها فيها نائمة. هي صغيرته لم تكبر بنظره أبدا.

يخاف عليها بجنون يقسم بأنه يشعر بأبوته لها وكم كان يتمنى بأن تكون إبنته بالفعل، حقا لا تعرف سبب قراره هذا، هي، لا يتحمل أن يرى سوء يمسها...
رفع يده ليبعد شعرها عن وجهها خوفا بأن تلك الخصلات تزعج نومها ولكنه قطب جبينه بحزن ما إن رأى أثار دموعها لتداهمه ذكرى وقوفها بوجهه وصراخها العالي عليه وإعتراضها.

أنزل يده ونهض بإختناق وذهب إلى الشرفة ليجلس على إحدى الكراسي وهو يحارب نفسه بأن لا يذهب ويوقظها ويحتضنها ثم يعنفها ثم يحتضنها مرة أخرى
يالله كيف سينام براحة الأن وصغيرته نامت وهي حزينة
بقى الحال على ماهو عليه حتى أشرقت الشمس لتتململ.

سيلين بإنزعاج وعدم راحة وما إن فتحت عينيها بنعاس حتى كرمشت ملامح وجهها بإستغراب وهي تعتدل بجسدها لتتحول نظراتها إلى الحزن عندما أعاد عقلها أحداث ليلة أمس إستدارات لتدخل غرفتها ولكن قبل أن تدخل لمحت والدها يجلس بالشرفة يعطيها ظهره
إقتربت بسرعة من الشرفة ولكنها وقفت بمكانها قبل أن تدخل، لاتعرف ماذا سيكون رده إن إعتذرت منه وياترى هل سيتقبل منها أم سيعنفها،؟

لا مشكله إن عنفها أو حتى ضربها ولكن ما أوجعها حقا هو إنكاره لأبوتها وهذه أول مرة في حياتها يفعلها...
أغمضت عينها بوجع عند هذه النقطة، رفعت رأسها إلى الأعلى ثم تنهدت مهمة وذهبت نحوه لتجده نائم أو هذا ماظنته لتجلس أمامه على الأرض بهدوء لتمسك يده وتقبلها وهي تقول بندم حقيقي
- بابا أنا أسفة.

فتح عينيه ونظر إلى السماء لا يود أن ينظر لها لكي لا يضعف أمامها ويسامحها على الفور، تنفس بعمق ما إن قالت ببكاء أوجع فؤاده: سامحني على غلطتي مش هعمل كده تاني صدقني، بلاش تزعل مني أرجوك...
بابا بوصلي، وما إن رفض أن ينظر لها حتى زاد بكائها أضعاف وهي تقول، والله أنا آسفة، والله أنا أسفة...

قالت الأخيرة وسندت جبهتها على ركبته وأخذت تبكي بندم ولكن سرعان ما رفعت وجهها له بلهفة ما إن وضع يده أعلى رأسها وقال بحنانه المعتاد الذي طغى على محاولته بالقسوة عليها
- كفاية يابنتي عياط
شهقت بفرحة وإحتضنته وهي تقول
- أيوة أنا بنتك، والله أنا بنتك ومش هكون بنت غيرك...
قبل جانب رأسها وأخذ يملس على شعرها بحنية تسع العالم وهو يقول
- ربنا يحميكي من كل شر
- ويحميك ليا كمان يا بابي.

- وشغلك ونجاحك وحلمك، قالتها داليا وهي تقف عند مدخل الشرفة وهي تعقد ساعديها أمام صدرها لينظر سعد بترقب إلى إبنته التي أخذت تمسح دموعها لتقول بجدية
- بعد زعل بابا ده واللي أول مرة يعملها معايا إكتشفت إن الدنيا كلها في كفة ورضاه هو عندى بكفة تانية وبعدين أنا ممكن أشتغل فمصر عادي زي ما ميرال قالت ولا إيه؟

- هعملك كل اللي إنت عايزاه بس بحدود المعقول هو أنا عندي أغلى منك إنت وأختك. قالها سعد بحب وهو يقرص وجنتها بخفة
لتشهق داليا بصدمة مصطنعة: طب وأنا روحت فين يا سعد، إخص عليك
- هي الغيرة إشتغلت ولا إيه ياست مامي، قالتها ميرال بمزاج وهي تقبلها من وجنتها لتذهب نحو والدها وتحتضنه من خلف وقبلته من وجنته هو الآخر
- إنت مكانك هنا، قالها سعد وهو يؤشر على قلبه بالخفاء لتقول ميرال بمشاغبة وهي تغمز أختها.

- لااا يابابي قلبك ده مكانا إحنا
- أيوة إحنا بس
- خلاص يا داليا بناتك شطبوا على قلبي مابقالكيش فيه مكان...
داليا بتوعد
- بقا كده، طب شوفوا مين اللي هيفطركم
- لاااا كله إلا الأكل، قالوها بصوت واحد وركضوا نحوها واحتضنوها لتضحك عليهم ثم سحبتهم معها إلى المطبخ وهي تقول
- طب قدامي منك ليها ع المطبخ إشتغلوا بلقمتكم.

كادو أن يعترضوا إلا إنهم ركضوا بسرعة ينفذو أوامرها ما إن رفعت حاجبها عليهم بحدة، وما إن دخلوا حتى سحبها سعد من معصمها وقال
- وانا اعمل ايه يا دودو عشان ترضي عني
- إنت بقا حسابك معايا في الأوضة، قالتها بهمس وهي تغمزه ليضحك عليها من كل قلبه ليمسكها من وجهها ليقبل أعلى جبهتها وهو يدعوا الله بقلبه بأن لا يحرمه من حب عمره.

جلسوا كعائلة صغيرة جميلة دافئة حول الطاولة ليبتسم سعد براحة وهو يراهم حوله بهذا الشكل لينظر إلى زوجته بحب وقال بمشاكسة
- داليا
- أيوه ياحبيبي
- أنا عزمت شريكي ع الغدا النهاردة عايزك ترفعي راسي
- شريكك الجديد مش كده
- هو بعينه
نظرت له ميرال بإستغراب: غريبة يا بابي من إمتى بتعزم شركائك بالشغل عندنا في البيت دي أول مره تعملها
سعد بتوضيح.

- لأن ببساطة شريكي الجديد مصري زينا وبصراحة أنا نازل مصر مخصوص عشان إتفقنا أنا و هو نفتح شركة هناك مع بعض
حمحمت ميرال حنجرتها وقالت بترقب
- طب في مكان ليا أشتغل معاك فيه
سعد بعدم تصديق ممزوج بفرحة
- ده بجد، عايزة تشتغلي معايا، مش كنتي رافضة المبدء ده و بتقولي إنك عايزة تشتغلي بعيد عني وتبني نفسك بنفسك ومش عايزة تعتمدي عليا
ميرال بعملية.

- أنا وصلت مديرة مكتب المحاسبات بمجهودي بعيد عنك ودلوقتي مش عايزة منصب أكتر من اللي وصلتله بمجهودي في شركة حضرتك، إلا إذا كنت رافض شغلي معاك ياسي بابا
إبتسم لها وقال بترحاب
- الشركة كلها تحت أمرك يا قلب أبوكى ونور عيونه إنت
- ااااحممممم نحن هنا، قالتها داليا وسيلين بغيرة بنفس الوقت لتضحك ميرال من كل قلبها عليهم لتنظر إلى والدها وهي تقول لوالدتها
- بتغيري عليه مني يا مامي
داليا بحب كبير.

- هو أنا عندي أغلى من ابوكم عشان مغرش عليه
سيلين بتأكيد ممزوج بحب وتملك
- صح إحنا معندناش أغلى منه وهو ماعندوش أغلى مني أنا
- ربنا مايحرمني منكم ولا من لمتنا دي
- امين، قالها الجميع ثم نهضت داليا ونظرت إلى ابنتيها وهي تقول
- يالا يابنات ورانا غدا بلاش لكاعة هيجينا ضيوف.

نهضوا وهم يتأففون بضيق ليمر الوقت عليهم بين الضحك والمرح والعمل وبالطبع لم يكن خالي من التعب حتى جاء الوقت والموعد المنتظر ليرتفع صوت جرس الباب لتنظر داليا الى ميرال التي خرجت من غرفتها للتو وهي بكامل أناقتها لتقول لها
- ميرال، روحي إفتحي الباب لحد ما أروح أغير هدومي بحاجة شيك.

- حاضر ياحبيبتي، قالتها وهي تذهب نحو الباب الرئيسي للشقة وما إن فتحت الباب حتى تسمرت بمكانها من الصدمة لينطلق في المقابل صوت صفير خافت يدل عن مدى إعجابه بتلك التي أمامه ليقول لها بخفوت وقح وهو يمرر نظره إلى قامتها ببطئ أثار غضبها
- فاتنة ومغرية كقهوة الصباح كأنها إدمان مهما ارتشفت منها يطلب جسدك بالمزيد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة