قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث والعشرون

رواية وسقطت بين يدي شيطان للكاتبة مي علاء الفصل الثالث والعشرون

نظر لحدقتيها نظرة سحرتها و هو يقول بخفوت
- و عرفتي ازاي؟
- بيبان
- ازاي؟
رسمت على شفتيها إبتسامة جذابة و من ثم وضعت كفها على صدره ناحية قلبه و قالت
- دة، قلبك و دقاته
رفعت كفها و وضعته على عنقه و اكملت و هي تنظر لحدقتيه
- توترك
سارت بكفها على طول عنقه حتى وصلت لوجنته فأحتضنتها بكفها و اكملت
- عينيك، شفايفك، كل حاجة فيك بتبينلي.

حدق بها بتمعن فلمحت نظرة لم تألفها منه من قبل، ابعد نظراته عنها و ابتعد و من ثم ولاها ظهره و هو يسير في إتجاة النافذة و يقف امامها و اصبح ينظر للهاوية من خلف الزجاج، كان يشعر بالضيق لشعوره الذي تملكه خاصا بعد ان ايقن بأنه يحمل بداخله مشاعر لها.
- عارفه ان صعب عليك تعترف بحاجة زي دي، بس هستنى
قالتها بدفئ و هي تقف خلفه و تضع كفها على كتفه، فنظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و ظل صامتا، فقالت.

- انا همشي بقى عشان التاكسي مستنيني و عشان جلال ميلا...
- روحيله
قالها بتلقائية و إنفعال ندم عليه، فلمعت عينيها بسعادة و هي تبتسم و تقول بنبرة بها عتاب بعض الشيء
- مش هروحله لحبي فيه، هروحله عشان مضطره، هروحله عشان في واحد...
قاطعها ببرود مصتنع
- مش لازم تبرري، انتي مش هماني اصلا
إتسعت و إبتسامتها و تقدمت منه و ارتفعت قليلا بجسدها و همست في اذنه بخبث
- باين الصراحة.

التفت و نظر لها بإنزعاج، فتنهدت و تراجعت للخلف و قالت
- سلام
انهت جملتها و التفتت و إتجهت للباب و برمت قبضته و قبل ان تخرج التفتت و نظرت له و ابتسمت و هي ترفع كفها و تلوح به لتودعه، و من ثم خرجت و اغلقت الباب خلفها.

تقدم جلال من جسد عايدة الذي فارقه الروح و مال بجسده قليلا و مد يده ليمسك برسخها، اغمض عينيه و هو ينتظر ان يشعر بنبض عروقها و لكنه لم يشعر بأي نبض، فأبتعد عنها و جلس على الأريكة المقابلة لها و بدأ في فرك رأسه بحدة و هو يتمتم
- هعمل اية؟، لازم اخفيها، لازم اتصرف.

ظل يفكر لمدة قاربت الخمسة عشر دقيقة حتى توصل لفعل شيء، نهض و اعدل هندامه قبل ان يتقدم من الباب و يقف امامه ليأخذ نفسا عميق ليهدأه و من ثم وضع كفه على قبضة الباب و برمها و خرج.
- لوسمحتم
قالها جلال بصوت مرتفع للمدعوون لكي ينتبهوا له، و اكمل
- اسف بس مضطر انهي الحفلة بدري، بتمنى تكونوا استمتعتم معانا، و اسف مرة تانية
إنفض المدعوون بالمغادرة، بينما ظل جلال واقفا حتى غادر الجميع.

دخلت ريحانة من الباب الخلفي لقصر جلال، و سارت في الممر المظلم حتى وصلت للسلم الرئيسي، فألتفت حوله و قبل ان تصعده توقفت بفزع غندما سمعت صوته
- ريحانة!
بلعت لعابها بتوتر قبل ان تلتفت و تنظر له بإضطراب، فأكملت
- جاية من هنا لية؟، كنتي فين؟
تلعثمت في البداية و من ثم اكملت بثبات
- ا، انا كن، ت، انا كنت في المطبخ
- كنتي محتاجة اية من المطبخ؟
- كنت عطشانه
اومأ برأسه و قال.

- ماشي، المهم، انا كنت هطلعلك عشان اقولك اني مش هبقى في القصر النهاردة
نظرت له بلامبالاة قبل ان تلتفت و تصعد السلالم بهدوء و هي تقول
- ماشي.

بعد منتصف الليل
يقف جلال امام هاوية الجبل و هو ممسك بجثمان عايدة، كان ينظر لها و هو متردد من القائها، اغمض عينيه و هو يتمتم بكلمات غير مفهومة في حين بدأ يترك جثمانها و ما لبث ان امسكه مرة آخرى و هو يأخذ نفسا عميقا، فتح عينيه و حدث نفسه بصوت مسموع متقطع
- هتعملها يا جلال، هتعملها عشان لو معملتهاش انت هتروح في داهية، يلا، يلاااا.

قال جملته الأخيرة و هو يدفع جثمانها في الهاوية، فسقطت للأعماق، تراجع للخلف و هو ينظر للأسفل في حين كان يلهث، مسح جبينه بكفه و التفت و صعد سيارته و غادر سريعا.

في قصر الشيطان.

لم يستطع الشيطان النوم، فنهض و غادر جناحه ليذهب لمكتبه، دخل مكتبه و تقدم فيه حتى وصل لكرسي مكتبه فجلس عليه و اشعل ضوء خافت بجانبة، اعاد ظهره للخلف و هو ينظر امامه بجمود و من ثم مد يده للدرج و فتحه و اخرج منه سجائره و اشعل واحده و وضعها بين شفتيه و شرد في ما حدث اليوم و حديثه مع ريحانة و ادراكه لمشاعره، الآن هو يعترف امام نفسه و هذا يكفيه حاليا لأن من الصعب عليه ان يفصح لها او لأحد عن مشاعره، هو لديه سبب لعدم اخبرها فهو يريد ان ينهي انتقامه لكي يبدأ معها حياة جديدة بعيدة عن الأنتقام، هذا ما قرره في النهاية، سينهي انتقامه اولا.

اليوم التالي
استيقظت ريحانة و هي تشعر بالسعادة و الراحة، نهضت من على السرير بنشاط و إتجهت للخزانة و فتحتها لتأخذ ملابس لترتديها و بعد ان فعلت اغلقتها و التفتت لتتجة للحمام و لكنها توقفت عندما طرق احدهم على الباب.
- ادخل
قالتها ريحانة للطارق، فدخلت الخادمة و هي تحمل صينية بها طعام و تقدمت للطاولة و وضعت الصينية عليها و قالت و هي مخفضة الرأس
- سيدنا جلال عايز حضرتك تاكلي الفطور كله
- هو لسه مرجعش؟

- لا
- احسن
تمتمت بها ريحانة بسعادة و من ثم اومأت برأسها و قالت
- ماشي، انا هاكل، تقدري تمشي
- عن اذنك
قالتها الخادمة قبل ان تلتفت و تتجة للباب و تغادر، بينما مدت ريحانة يدها و اخذت قطعة من الجبن قبل ان تذهب للحمام لتغتسل.

في قصر الشيطان
خرج الشيطان من جناحه و إتجة للسلم و قبل ان ينزله نظر للأعلى عندما نادته الخادمة و قالت
- السيد عبد الخالق عايزك يا سيدنا
اومأ برأسه و غير وجهته حيث صعد السلم و إتجة لغرفة جدة و دخلها.
- عامل اية النهاردة؟
قالها الشيطان و هو يجلس على الكرسي الموضوع بجانب السرير، فنظر له عبد الخالق و قال بخبث
- كويس بعد ما الأخبار وصلتلي
- اخبار اية؟
- هو صحيح ريحانة جت هنا؟

قالها عبد الخالق، فنظر له الشيطان لبرهه قبل ان يقول بجمود
- اة
- بجد!، جت لية؟
- عرفت منين انها جت؟
- مصادري الخاصة
قالها عبد الخالق بمزاح، فإبتسم الشيطان بتهكم و قال
- شكلك اتعديت من عايدة
ضحك عبد الخالق و قال
- جيب سيرة عدلة طيب.

إبتسم الشيطان بصدق و هو يجول بنظراته حوله حتى توقفت عند صورة والدته الموضوعة على الكومود، ظل ينظر للصورة من بعيد لبرهه قبل ان يمد ذراعة و يلتقطها و هو يتمعن في النظر إليها، كان عبد الخالق يتابعه بصمت.
- عارف، انا قررت حاجة
قالها الشيطان بعد صمت، فقال عبد الخالق بهدوء
- قررت اية؟
- هنهي انتقامي
إبتسم عبد الخالق بسعادة و قال
- اخيرا
و من ثم اردف بخبث
- و دة بقى تأثير ريحانة!

رفع الشيطان نظراته لجدة بإنزعاج، فضحك الأخير بخفة و قال
- خلاص دة مش تأثيرها، المهم، هتنهيه ازاي؟، يعني هتسيب جل...
قاطعه الشيطان ب
- طبعا لا
- طب يعني...
- يعني وقت تصفية الحسابات جة
نظر له عبد الخالق بخيبة آمل و قال بآسى
- شكلك مش هتنهي انتقامك على خير ابدا، فأنا مهما قلت انا عارف انك هدخل كلامي من ودن و هتخرجه من الودن التانية
- بظبط
شعر عبد الخالق بالضيق من برود و وقاحه رد الآخر، فأندفع و قال بحدة.

- هو انت بتعتبرني جدك؟، بتعتبري الراجل اللي رباك؟، دي مش معاملة تعاملني بيها، انا راجل كبير و عجوز فلازم تحترمني مش تقولي بظبط و تقل مني
نظر له الشيطان بجمود و قال
- دة اسلوبي
- دة اسلوب نيلة.

قالها عبد الخالق بغضب و من ثم اصبح يسعل، ففزع الشيطان عليه، فنهض سريعا و اخذ كوب الماء الموضوع على الكومود و اقترب من عبد الخالق و اصبح يمسح على ظهره برفق، فبعد ان هدأ قليلا اشربه الماء، نظر عبد الخالق للشيطان بضيق و قال من بين انفاسه المتقطعة
- انت هتموتني قريب، انت مش عايز تتعدل بقى، نفسي اشوفك بيجاد بتاع زمان قبل ما اروح من الدنيا دي
قال الأخيرة بتمني، فتنفس الشيطان بعمق و هو ينهض و يقول.

- انت فطرت؟، هخليهم يجيبولك الفطور
انهى جملته و إتجة للباب و غادر، في حين كان عبد الخالق يرمقة بنظراته الحزينة.

دخل جلال قصره و هو يتحدث في الهاتف، إتجة للسلم و صعده حتى وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه و هو يقول للطرف الآخر
- هجبلك كل الورق اللي عندي اللي بيخص صفقات السلاح
صمت جلال ليستمع لرد الآخر، و من ثم قال
- ايوة، ما انا رجعت كل ورقي من الشيطان و الورق اللي معايا اصلي
صمت مرة آخرى ليسمع رد الآخر، و من ثم رد.

- متقلقش مش هرجع و اقولك رجعلي السلاح اللي اتدهولك، انا اصلا مش محتاجة و مش هحتاجة عشان معايا اللي مكفيني من السلاح و اللي هدهولك دة زيادة عندي
وضع جلال كفه على قبضة الباب و برها و دخل و هو يقول
- خلاص اتفقنا، انا النهاردة هخرج من القرية عشان اجيلك، سلام.

انهى المكالمة و اعاد هاتفه لجيبه و هو يفتح الخزانة و يخرج منها حقيبة و يضع على الأرض و من ثم بدأ في وضع الأوراق الذي اعادها من الشيطان في الحقيبة و من ثم وضع عليهم القليل من ملابسه و اغلقها، نهض و حمل الحقيبة و إتجة بها لخارج الجناح و بعد ان خرج انحرف يسارا لينزل السلم و لكنه تراجع حيث التفت و إتجة لجناح ريحانة و توقف امام بابها، وضع الحقيبة على الأرض و من ثم طرق على الباب و دخل دون ان ينتظر سماع اذنها لدخوله، نقل نظراته في ارجاء الجناح الذي كان فارغ، فقضب جبينه و هو يحدث نفسه.

- راحت فين؟
التفت و خرج من الجناح و حمل حقيبته و إتجة للسلم و نزله حتى وصل للطابق الرئيسي و سأل احدى الخادمات
- فين ريحانة؟
- المدام ريحانة في الصالة
اومأ جلال برأسه و إتجة للصالون و دخله و توقف امامها و هو يقول
- و اخيرا خرجتي من اوضتك؟، فرحتيني
رفعت نظراتها له و قالت بجمود
- لو كنت اعرف ان نزولي هيفرحك مكنتش نزلت.

رمقها بعتاب قبل ان يضع حقيبته على الأرض و يتقدم منها و يجلس على الأريكة التي تجلس عليها و يقول
- امتى هترجعي لريحانة بتاعتي؟
نظرت له بثبات و قالت
- ريحانة بتاعتك مش هترجع لأنها مبقتش موجودة
ساد الصمت بعد قولها في حين اصبحوا يتبادلوا النظرات، تنفس بعمق و هو يبعد نظراته عنها و هو يقول بهدوء
- عموما، كنت جاي اقولك اني هخرج من القرية النهاردة و هرجع بعد يومين
- بتقولي لية!، انت اصلا مش هاممني.

- حبيت اقولك بس
قالها و هو ينهض و اكمل
- خلي بالك من نفسك و كلي كويس
لم تنظر له و لم ترد، فألتقط حقيبته من على الأرض و غادر.

في مكتب الشيطان
- كنت عايزني يا سيدنا؟
قالتها زهرة و هي تقف امام الشيطان الذي كان جالس على كرسي مكتبه
- ايوة
قالها الشيطان وهو يرفع نظراته لها، و اكمل و هو يمسك بالظرف الذي يضعه امامه و يمد يده لها لتأخذه
- خدي
تقدمت و اخذت الظرف و هي تقول بتساؤل
- اية دة؟
- افتحيه
اومأت برأسها و فتحته فوجدت بداخله نقود، فرفعت نظراتها له و قالت
- فلوس!، لية بتديني فلوس؟
- حسابك
قضبت حاجبيها بإستغراب و قالت
- مش فاهمة.

- خديه و خلاص
- بس...
قاطعها بنظراته الصارمة، فأخفضت رأسها و قالت
- شكرا يا سيدنا
- تقدري تمشي
اومأت برأسها و التفتت و ما لبثت ان عادت و نظرت له عندما قال
- استني
ظل صامتا بعد قوله في حين كانت زهرة تنتظر سماع ما يريد قوله
- هتروحي لقصر جلال
قالها بثبات بعد تردد كبير، فنظرت له بإستغراب و قالت
- انا يا سيدنا!
- ايوة، هتروحي هناك عشان هتجيبيلي شوية معلومات
- معلومات!، عن مين؟
- ريحانة
- الانسه ريحانة!، طيب ازاي؟

- منها
قضبت زهرة حاجبيها بحيرة، بينما اكمل
- المعلومات اللي هتجيبهالي هتكون عن ريحانة و جلال، فهمتي!
قالها و هو يبعد نظراته عن زهرة التي نظرت له و قد فهمت ما يقصده و هذا ما زاد من حيرتها اكثر، لماذا يريد ان يعرف ذلك؟
- انا طلبت منك انتي بذات عشان مجربك قبل كدة و واثق فيكي
اومأت برأسها بتفهم و قالت
- حاجة تانية؟
- لا
- عن اذنك يا سيدنا.

و من ثم التفتت و إتجهت للباب و وضعت كفها على قبضة الباب و قبل ان تبرمها التفتت و نظرت للشيطان الذي قال
- هتروحيلها بس بدون ما تقوليلها اني انا اللي باعتك، فاهمة!؟
- فاهمة
قالتها و غادرت.

بعد مرور الوقت
دخلت زهرة لقصر جلال و إتجهت للصالون مع الخادمة و جلست على الأريكة و هي تنتظر قدوم ريحانة، بعد مرور دقائق، دخلت ريحانة للصالون و هي تشعر بالحيرة و القلق، فمن الذي سيأتي لقصر جلال و يطلب رؤيتها؟، و لكن فور رؤيتها لزهرة ذهب قلقها و حل محله الذهول و الدهشة.
- زهرة!
نهضت زهرة و هي تبتسم و تقول
- ازيك يا انسه ريحانة
تقدمت ريحانة من زهرة و احضتنتها و هي تقول
- كويسة بعد ما شفتك.

بادلتها زهرة العناق و من ثم ابتعدوا عن بعض و جلسوا على الأريكة.
- اسفة لأني جيت من غير ما استأذن
قالتها زهرة و هي تشعر بالإحراج، فقالت ريحانة بإستنكار
- اية اللي بتقوليه دة!، استأذان اية بس، انتي مش غريبه عشان تستأذيني
- انا الصراحة مكنتش عايزه اجي عشان كنت خايفه من رد فعل السيد جلال معايا بس انا كنت عايزه اشوفك اوي و اطمن عليكي فجيت و قلت يحصل اللي يحصل بقى
امسكت ريحانة بكف زهرة و قالت.

- انتي تيجي في الوقت اللي انتي عايزاه، و هو مش هيقدر يعملك حاجة
إبتسمت زهرة و قالت
- ماشي
و من ثم اردفت بتساؤل
- صحيح، عاملة اية معاة؟
- و لا حاجة
- و لا حاجة!
قالتها زهرة بعدم فهم، فتنهدت ريحانة و قالت
- ايوة و لا حاجة، يعني هبقى عاملة اية معاة بعد اللي عرفته عنه؟
- واجهتيه؟
- اه
- و كان رده اية؟
إبتسمت ريحانة بمرارة و قالت بتهكم
- كان رده انه عمل كل دة عشان يحميني و يحافظ عليا.

و من ثم ضحكت بسخرية و اكملت بإنزعاج
- عايزني اصدق الكلمتين دول، فاكرني الغبية اللي كانت بتصدق اي كلمة بيقولها
- لا انتي مكنتيش غبية، انتي كنتي بتحبيه عشان كدة كنتي بتصدقي كل كلمة بيقولها
- كلامك صح، بس خلاص انا فوقت دلوقتي و مبقتش اصدقه، و مبقتش احبه، اصلا مش عارف ازاي حبيته!
ساد الصمت لبرهه قبل ان تكمل
- تعرفي، انا حطيت حدود ما بينا، خدت جناح لوحدي، جناح بعيد عنه
- بجد!

اومأت ريحانة برأسها، فإبتسمت زهرة و قالت لتشجعها
- ايوة خليكي كدة، خليكي قوية
إبتسمت ريحانة و قالت بجدية و حماس
- هبقى كدة من هنا و رايح.

في قصر عز الدين
- هسلمك انت الصفقة دي يا ايمن
قالها الشيطان لأيمن الذي ذهل من قول الآخر، فقال
- انا!
- ايوة انت، و لا مش عايز؟
- لا، لا عايز
- ماشي، على كدة هجربك و هسلمك صفقة السلاح دي، لازم توصلها لقرية الشيخ حامد عشان محتاجينها
- قرية الشيخ حامد!
- ايوة
هز ايمن رأسه و هو يشعر بالحيرة، فقال
- انت هتبعتلهم السلاح عشان تساعدهم!
- ايوة
- بجد!، هو انت دايما بتبعتلهم؟
- ايوة.

- طيب لية جلال كان بيقول انك بتشتري السلاح عشان تقتل ال...
قاطعة عز الدين ب
- جلال كان بيقول كدة عشان يبين الشيطان انه وحش، فهمت
- اهاا، يا ابن اللذينة يا جلال، دة خلى القرية كلها تصدق
- خلونا في موضوعنا دلوقتي
قالها الشيطان بجمود، فنظر له ايمن و عز الدين، بينما أكمل الشيطان
- مش عايز اي غلطة يا ايمن، عايز شاحنة السلاح دي توصل لقرية الشيخ حامد خلال يومين
- متقلقش، هتوصل، ثق فيا.

- لسه، هتكسب ثقتي بعد ما تخلص المهمة دي
اومأ ايمن برأسه و قال بعزم
- هكسبها صدقني
نهض الشيطان و قال
- انا ماشي
انهى جملته و غادر.

نهضت زهرة و قالت
- انا لازم ارجع للقصر
نهضت ريحانة و قالت
- خليكي قاعدة معايا شوية
- معلش لازم ارجع للقصر عشان ورايا شغل
اومأت ريحانة برأسها بتفهم بينما اكملت زهرة
- هبقى استأذن من سيدنا و ابقى اجيلك
- ماشي، هستناكي
اقتربت زهرة و عانقت ريحانة و هي تودعها و من ثم غادرت.

بدأ الليل يسدل ستائره
دخل الشيطان القصر و سار في الممر حتى توقف امام غرفة مكتبه و نظر لحارسه و قال
- ابعتلي زهرة
انهى جملته و دخل غرفة مكتبه، جلس على كرسي مكتبه و وضع قدم على آخرى و اصبح ينتظر قدوم زهرة، بعد دقائق دخلت الأخيرة لمكتب الشيطان و جلست على الكرسي المقابل للأخير بعد امره بذلك.
- ها، سامعك
قالها الشيطان بهدوء يخفي خلفه ما يشعر به من فضول و توتر، فقالت زهرة.

- رحت للأنسه ريحانة و كلمتها عادي جدا، فاللي عرفته انها ماخده جنب من السيد جلال و انها حاطة حدود ما بينهم و كمان الانسه ريحانة ماخده جناح منفصل عن السيد جلال...
بعد ان سمع الشيطان قولها الأخير إرتسمت على شفتيه إبتسامة صغيرة جذابة دون ان يشعر و تلاشت سريعا عندما لاحظ ان زهرة توقفت عن إكمال حديثها و اصبحت تحدق به ببلاهة و ذهول، فهي لا تصدق ان سيدها يبتسم!، همهم بخشونة و قال
- كملي.

انتبهت بأنها تحدق به فشعرت بالإحراج و اخفضت رأسها و هي تقول
- بس، معرفتش اكتر، دة اللي قالتهولي الانسه ريحانة
اومأ برأسه و قال
- ماشي، تقدري ترجعي على شغلك
اومأت زهرة برأسها و نهضت و غادرت، بينما عاد الشيطان بظهره للخلف و هو يتنهد براحة!

ترجل جلال من سيارته بعد ان فتح له السائق الباب، تقدم جلال لداخل الفندق.
- انا وصلت، انت فين؟
قالها جلال للطرف الآخر عبر الهاتف في حين كان ينقل نظراته حوله باحثا عن ذلك الشخص، فوجده، فقال و هو يلوح بكفه
- شفتك
ابعد الهاتف من على اذنه و اقترب من الشخص الذي يريد مقابلته حتى توقف امامه، فمد كفه ليصافح الآخر و هو يقول
- و اخيرا هنشتغل مع بعض
إبتسم الآخر و هو يصافحه و يقول
- اخيرا، اتفصل اقعد.

بعد ان جلسوا اصبحوا يتحدثوان عن امور عدة فرعية، حتى قال جلال
- مش نشتغل بقى؟
- هنشتغل هنشتغل، بس انت مستعجل لية؟
- مش مستعجل و لا حاجة
إبتسم الآخر و قال
- ماشي، اتفضل ابدأ
اومأ جلال برأسه و اتى ان يتحدث ولكن قاطعه رنين هاتف الآخر، فأعتذر الآخير و نهض ليجيب و بعد ان انهى المكالمة عاد لجلال و قال بعجلة
- اسف، لازم امشي، بكرة نتقابل و نتكلم على كل حاجة
نهض جلال و قال
- خلاص و لا يهمك
- اسف مرة تانية.

قالها الآخر و هو يغادر، بينما التف جلال حول نفسة و هو يشعر بالضيق، كان يريد ان ينهي كل شيء سريعا، مرر انامله بين خصلات شعره و إتجة لموظقة الإستقبال و قال لها
- عايز اوضة
- كام يوم؟
- يومين.

دخل الحارس لمكتب الشيطان بعد ان سمع اذن الأخير، توقف امام سيده و قال
- الظرف دة ليك يا سيدنا
نظر له الشيطان و مد يده و اخذ الظرف و نظر له لبرهه قبل ان يشير للحارس بالمغادرة، فغادر الأخير بينما فتح الشيطان الظرف و اخرج الورقة التي بداخله و بدأ بقراءتها.

انا مسافرة، حابة ارتاحلي شوية و ابعد عن القرية، عارفة ان انت ملاحظتش اني مش في القصر و عارفة ان انت مش هامك لو عرفت اني سافرت او لا بس انا عملت اللي عليا بكونك جوزي المستقبلي، هتوحشني
من: عايدة
وضع الشيطان الورقة على المكتب و هو يشعر بالغرابة بشأن هذة الرسالة، نهض و غادر غرفة مكتبه و هو ينوي الإتجاة لجناح عايدة.
- الرسالة وصلت للشيطان يا سيد جلال.

قالتها بخفوت احدى الخادمات التي كانت تقف في الزواية بتخفي، فأجابها جلال
- كويس جدا، شغلك خلص معايا، و الرسالة انسيها خالص، فاهمة؟
- حاضر يا سيد جلال
قالت جملتها و انهت المكالمة و عادت لعملها.
وصل الشيطان للطابق الثالث و إتجة لجناح عايدة و دخله، توقف و مرر نظراته حوله و من ثم تقدم و إتجة للخزانة و فتحها فلم يجد ملابس لها.
- سيدنا.

قالتها الخادمة بصوت باكي، فألتفت الشيطان و نظر لها و قضب جبينه بإستغراب عندما رآى هيئتها فقد كانت تبكي، فقال
- في اية؟
- السيد عبد الخالق، مات.

انهت الخادمة جملتها و ازدات في بكائها، بينما ظل الشيطان يقف في مكانه يحاول ان يفسر ما قالته، ففجأة وجد صعوبة في فهمها، ظل على حالته لبرهه قبل ان يسرع لخارج جناح عايدة و يتجة بخطواط سريعة لغرفة عبد الخالق و يدخلها‎ ‎‏، تباطئت خطواته فور رؤيته لجده الذي كان مغطى بالغطاء الأبيض، توقف امام سرير جده و مد يده و ابعد الغطاء من على وجه الأخير و حدق به بدون اي تعبير ظاهر على وجهه
- اخرجوا برة.

قالها الشيطان بجمود، فخرج الجميع و فور خروجهم جثى على ركبتيه و امسك بيد جده في حين لمعت عينيه بالحزن و الألم و هو يبتسم بمرارة و يقول
- و انت كمان رحت!، شكلكم كلكم حالفين انكم تسبوني و تعيشوني لوحدي، كان ممكن تستنى شوية كنت هحققلك اللي بتتمناه، بس انت رحت، براحتك، روح، روحوا كلكم، اقدر اعيش لوحدي.

أنهى جملته و نهض و وضع الغطاء على وجه جده و التفت و خرج من الغرفة و هو يقول للحارس الذي يقف امام الغرفة
- جهزوا كل حاجة عشان ندفنه
اومأ الحارس برأسه و غادر لينفذ ما طلبه منه سيده.

قبل حلول منتصف الليل بقليل
كان الشيطان يقف امام قبر عبد الخالق و هو يضع كفيه في جيوب بنطاله، كان ينظر للقبر بجمود برغم حزنه الذي لم يظهره ابدا، التفت و سار بخطوات هادئة لإتجاة سيارته في حين كان يتذكر لحظاته مع جده، فتح السائق الباب لسيده فصعدها الأخير و غادر.

في قصر جلال
وضعت ريحانة شالها على رأسها بعناية و من ثم نظرت لصورتها المنعكسة على المرأة و هي تحدث نفسها بصوت مسموع
- انا عارفه ان اللي بعمله غلط بس...
لم تكمل جملتها، هزت رأسها بعنف و من ثم التفتت و غادرت من القصر بالتخفي.

في جناح الشيطان.

كان جالس على الأرض بجانبة زجاجة ممتلأة بالخمر، كان ينظر امامه بشرود في حين كان يحتسي الخمر بشراها، هو ليس من عاداته ان يشرب الخمر و لكنه ليتغلب على حزنة و شعورة بالضعف و الإنكسار يحتسيه، نعم هو يشعر بالحزن الشديد، فالشخص الأخير من عائلته، رحل، الشخص الذي كان في مكانة والده، رحل، نعم كان يعامله بجفاء بعض الشيء و لكن هذا لا يدل على عدم حبه له، نظر للكوب الذي احتساه بالكامل، و من ثم امسك بزجاجة الخمر و فتحها و ملأ الكوب بالأخير و عاد يحتسيه، حرك رأسه و هو يبتسم بسخرية و يحدث نفسه بصوت مسموع.

- الدنيا بتحبني اوي، بتحبني لدرجة انها بتاخد مني كل حاجة يمكن تكون حلوة في حياتي، خدت مني الوالد، و بعدين الوالده، و بعدين، الجد، خدت مني التلاته اللي ليا في الدنيا دي
اخفض رأسه و ملأ الكوب مرة الآخرى بالخمر و احتسى منه القليل و من ثم تمتم
- برفوا عليكي يا دنيا، برافو.

وصلت ريحانة لقصر الشيطان و اتت ان تدخل من البوابة ولكن الحراس رفضوا، فأبعدت الشال من على وجهها و هي تقول
- انا ريحانة
- اسف، اتفضلي
قالها الحارس و من ثم اتاح لها الطريق، فدخلت، سارت في الممر و هي تشعر بالإرتباك، اتت ان تصعد السلم و لكن اوقفها صوت زهرة المتسائل
- انتي مين؟
التفتت ريحانة لها و قالت و هي تبتسم
- دي انا
قضبت زهرة حاجبيها و من ثم تقدمت من ريحانة بخطوات سريعة و قالت بخفوت قلق.

- انسه ريحانة!، جيتي ازاي هنا؟، حصل حاجة؟
- مالك؟، اهدي محصلش حاجة، جيت اشوف الشيطان، بس
اومأت زهرة برأسها و قالت بهدوء
- ماشي
التفتت ريحانة و اتت ان تصعد و لكن اوقفتها زهرة مرة آخرى بقولها
- عايزه اقولك حاجة يا انسه ريحانة
- اية؟
- السيد عبد الخالق
قضبت ريحانة حاجبيها و قالت
- انتي تعرفيه؟
- ايوة، اعرفه
- امم، طيب، ماله؟
بلعت زهرة لعابها و قالت بحزن
- مات، السيد عبد الخالق مات.

إتسعت مقلتي ريحانة بصدمة و من ثم امتلأت حدقتيها بالدموع و هي تقول ببطء و عدم تصديق
- م، مات بج، د!
أومأت زهرة بأسف، فسالت دموع ريحانة على وجنتيها و هي تقول بصوت اوشك على البكاء
- فينه؟
- دفنوه
- فين الشيطان؟
- في جناحه.

التفتت ريحانة سريعا و صعدت السلم حتى وصلت للطابق الثاني، فتوجهت إلى جناحه بخطوات سريعة و سرعان ما تباطئت امام جناحه و هي تفتحه ببطء، توقفت و هي تنظر له بحزن و ألم فرؤيتها له بتلك الحالة تألمها، تقدمت منه بخطوات بطيئة حتى توقفت امامه، جثت على ركبتيها و هي تنظر له بحزن، و من ثم قالت بخفوت
- كفاية شرب.

انتبه لوجودها، فألتفت برأسه و نظر لها لوهله قبل ان يعود و ينظر امامه و يحتسي الخمر، فمدت كفها و اخذت الكوب منه و قالت بحزن
- انا عرفت، زعلت جدا و...
قاطعها بقوله العدواني
- اخرجي برة، و هاتي دي
قال الأخيرة و هو يأخذ الكوب منها و يحتسيه، فرمقته بضيق و قالت بإنزعاج
- على فكرة غلط اللي بتعمله دة، مينفعش تشرب عشان تنسى، المفروض...
قاطعها ببرود
- ملكيش دعوة بيا، مش انتي اللي هتقوليلي اعم...

قاطعته بحنان و هي تنظر لحدقتيه
- لا انا اللي هقولك، و انا اللي هواسيك مش اللي بتشربه دة
بعد ان انهت جملتها احاطته بذراعها و ضمته بحنان و هي تهمس في اذنه بدفئ
- عارفه انك زعلان، فمش لازم تخبي، عيط لو عايز، عيط
مسحت على ظهره بكفها بحنان، فضمها بقوة و هو يخفي وجهه في عنقها، و من ثم شعرت بدموعه الساخنة تجري على عنقها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة