قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

استفاقت من شرودها على صوت جاءها من آفاق بعيدة يهتف قائلا: - بارك الله لكما و بارك عليكما وجمع بينكما في الخير
كان ذلك صوت المأذون الذى احضره خالد وهو ينهى مراسم عقد القران..
عادت للواقع في إجبار وجعلتها تلك الدعوات المباركة تتساءل في وجل، هل هذا يعنى انها اصبحت زوجة لذاك المدعو ياسين، والذى يجلس هناك في أريحية، وكأن الامر لا يعنيه!؟.

لا تعرف لما شعرت بارتعاشة خفيفة وهى تتفرس به دون ان يلحظها، و همست في نفسها، سأكون مع هذا الضخم ذو الابتسامة المستفزة والضحكات الرنانة تحت سقف واحد، حسنا، لن ادعه يتغلب على، لن ادعه يسلبنى شقاء سنين في غربة دفعت ثمنها الكثير والكثير، ولا استعداد لدى لدفع المزيد..

اندفعت نادية تحتضنها وعيناها تبللها الدموع، مما جلب الابتسامة لشفتيها وهى تهمس لصديقتها مؤكدة، نادية انه ليس زواجا حقيقيا، وانت تعرفين، لما البكاء الان..!؟.

همست نادية من بين دمعاتها: - لا أعلم، مراسم عقد القران تجلب الدموع لعيونى تأثرا وانت تعرفين..
نهض الجميع مودعين، وابتدأت نادية بالانسحاب مع خالد زوجها مع التأكيد على انهما دوما بالقرب اذا ما جد جديد فعلى مى الاتصال في أى وقت..
تبعهما الحاج حسن مباركا للعروسين، وخرج وجذب باب الشقة خلفه وهو يودع ياسين بابتسامة مرحة..

الان بدأت لحظة الجد، هتفت بها مى في سرها، فقد اصبحت بالفعل وحيدة معه في شقتها، شقتهما..
اندفعت مبتعدة عن طريقه، متوجهة كالعاصفة لحجرتها، كان يتبعها وصادف ان وصل لأحد الغرف المجاورة لحجرتها عندما دخلت وأغلقت الباب خلفها في عنف أجفله، وفى ذات الوقت جعله يهز راسه ساخراً من تصرفها الطفولى، لا بأس، على أية حال، هو هنا في شقته، وهذا هو المهم..
اندفع للغرف المغلقة يفتحها واحدة تلو الاخرى.

لاحظ الاَلات التى تم وضعها في أركان كل غرفة الا غرفة واحدة ظلت فارغة لحسن حظه، فدخلها وقرر ان يتخذها حجرة لنومه ومعيشته، لكن، ما العمل الان
أين سينام..!؟، ان جسده كله يئن تعباً، و رأسه تطن بسبب تلك الضربة التى تلقاها من
تلك القصيرة بالداخل، و تساءل ساخراً، كيف لفتاة بمثل ذاك الطول ان تكيل ضربة بمثل هذه القوة..!؟.
جبااارة، هتف داخلياً في غيظ وهو يتحسس موضع الضربة بألم..

يبدو ان مهمته معها لن تكون سهلة أبداً، لابد من ان يدفعها للفرار من شقته بأسرع وقت ممكن، فهو لديه الكثير لينجزه حتى تبدأ عيادته في جلب المرضى والتكسب منها..
دق جرس الباب، فتحرك في تثاقل متوجهاً لفتحه فوجدها تسابقه، وهى تقف متحفزة اما باب الشقة تفرد ذراعيها على وسعهما هاتفة: -
-انها شقتى، وانا من سيفتح بابها..
هتف في تحدى: - هى شقتى ايضا وانا من سيفتح..
ازداد جرس الباب ألحاحاً، مما دفعه للتقدم نحوها..

صرخت في تحدى: - لا..
أعاد الهتاف بحدة: - افسحى الطريق، فانا الرجل على ايه حال، وانا من يجب عليه فتح الباب..
زمجرت بغضب: - في أحلامك، لن تفعل، على جثتى..
تقدم منها في خطى متمهلة علها تخاف فتبتعد
لكن ابدا، على الرغم من ضربات قلبها التى تجاوزت الضعف، الا انها لم تشاء ان تلين وترضخ مع اول تحدى بينهما..

كان قد وصل عندها الان، ومازال جرس الباب يدق في هستيرية، طل عليها بقامته العملاقة بالمقارنة بها، فشعرت بمدى ضآلتها
امام ذاك الوحش الادمى..
أمرها بهدوء: - ابتعدى..
هزت رأسها رافضة وهى تلصق ظهرها بالباب محتمية..
هتف مؤكدا: -حسنا، انتِ من اختار..

لم تفهم ما كان يقصده بالضبط الا بعد ان مد ذراعه بكل بساطة، واحاط خصرها وحملها كحزمة من البقدونس وهو يفتح الباب ولازالت متعلقة بين عضده وساعده تقاوم لينزلها، ولا تقوى على الإتيان بأى صوت اعتراضى على ما فعله بها حتى لا يصل لاى من كان على الباب، و الذى كان عِوَض يلهث وهو يئن ألماً لثقل ما يحمله و قد بعثه به الحاج حسن الذى هتف من خلفه وهو يقف على الجانب الاخر من الردهة بين شقتيهما عندما طالعه وجه ياسين: - حاجة بسيطة تستعين بها حتى تستطيع تدبر امور منامك..

ابتسم ياسين وهو يتطلع لتلك المرتبة التى مازال عِوَض يحملها ساخطاً..

هتف ياسين: - دقيقة واحدة يا عِوَض، افسح لك الطريق، قالها متحججا بالطبع، فقد كان يقصد التخلص من تلك المتعلقة بذراعه ولازالت على مقاومتها الشرسة على الرغم من حرصها على عدم فضح وجودها، أغلق ياسين الباب واندفع بها بكل بساطة لينزلها على احد المقاعد القريبة وهو يهمس في مرح مغيظ: - الان، اعتقد انك تعلمتى كيف تكونىِ عاقلة، ربت على رأسها كفتاة مطيعة وتركها
ليفسح المجال لعوض..

الذى ما ان وصل للحجرة التى أشار لها ياسين
حتى ألقى المرتبة أرضاً، وسقط فوقها مرهقاً
دخل ياسين الغرفة خلفه، فانتفض عِوَض واقفاً يعدل من وضع المرتبة، ويفرد عليها الشراشف النظيفة، ومن ان انتهى، حتى تبعه ياسين للخارج واضعا بعض الأوراق النقدية في راحة يده شاكرا، اخذها عِوَض مهللاً في فرحة..
فقد كانت اكثر مما يستحق بكثير..
كانت لاتزال على حالها منذ انزلها مشدوهة مما حدث، كيف يفعل معها هذا..!؟.

كيف يحملها بهذه الطريقة..!؟، ويعاملها بهذا الأسلوب..!؟، عليها منذ الان، الا تتحداه في امور قد يفرض فيها سلطة جسده، وعندها هى بالتأكيد خاسرة، عليها استعمال العقل والحيلة، وبعض من الدهاء والمكر..
حتى تنجح فيما تهدف اليه..
نهضت وقدماها لاتزل ترتجف من صدمتها لما فعل تنوء بحملها، وما ان وصلت لغرفتها
حتى اغلقت بابها بعنف وصادف للمرة الثانية قدومه بعد رحيل عِوَض، ليجفل من شدة إغلاقها للباب..

لم يكن ليفوت عليه فرصة كهذه..
تقدم في هدوء وطرق بابها بكل ادب، تعجبت
لكن كالعادة تسرعت وفتحت قبل ان تفكر..
هتفت في سخط وهى تفتح الباب في عنف: - ماذا تريد الان..!؟.
ابتسم بشكل مغيظ وبهدوء قال: - رجاءً معاملة الأبواب بشكل لائق لان لا نية لدى لتغييرها باخرى جديدة في الوقت الراهن، فأرجو الحفاظ على مقتنيات الشقة، شقتى..
وضغط على كل حرف من حروف الكلمة الاخيرة، مما أثار غضبها.

لتكز على أسنانها وهى تغلق الباب في وجهه من جديد..
فانفجر ضاحكاً تصلها قهقهاته الصاخبة المستفزة فتثير المزيد من حنقها
دخل غرفته و فتح حقيبته يتناول منها بعض من ملابسه متوجها للحمام لينعم بحمام دافئ يزيل عنه بعض من أدران السفر
ويخفف ولو قليلا من ألم رأسه..
دخل الحمام بالفعل واغلق بابه خلفه، وغاب فيه مستمتعا..

فتحت هى باب حجرتها بحذر فهى لم تسمعه وهو يدخل للحمام، و اطلت برأسها تستطلع موضعه من الشقة، لكن لا أثر له، يبدو انه خلد للنوم أخيرا، هذا افضل، هتفت لنفسها بذلك وهى تتسلل لخارج الغرفة..
وما هى الا بضع خطوات حتى ارتطمت جبهتها
ببطن بشرية رخوة أعادتها للوراء بضع خطوات وكأنما اصطدمت بحائط من مطاط..
وفجأة شهقت وهى تضع كفها على فمها وهى تراه على هيئته، هتفت داخليا: - الوقح..

ثم هتفت بشئ من الحزم على الرغم من ارتعاشة صوتها التى كانت تحاول ان تداريها: - لو سمحت، انت لست وحيدا هنا، ارتد شيئا يسترك..
قال في تعجب: - اكثر من هذا، انا أراعي وجودك بالمناسبة لاننى رجل مهذب..
هتفت في غيظ: - اى تهذيب يا هذا وانت تتجول بحرية هكذا، و اشارت الى ما يرتديه بحنق
فاندفع يقول ببرود: - هكذا الذى لا يعجبك، هى الملابس الأكثر حشمة على الإطلاق..

نظرت الى بنطاله القصير الذى يصل بالكاد لركبته، وفانلته البيضاء الداخلية وهى تطلق زفيراً يحمل سخط العالم وهى تشيح بنظرها عنه، و قالت في محاولة لتهدئة حالها: - سيد ياسين، أرتد ما شئت داخل غرفتك، و رجاءً لا تستخدم هذا الحمام مرة أخرى، يمكنك استخدام حمام الضيوف على الجانب الاخر من الشقة..
شبك ذراعيه امام صدره: - فيما يخص ملابسى.

انا حر تماما فيما ارتد داخل بيتى، اما فيما يخص الحمام، لا مانع على الإطلاق من استعمال حمام الضيوف..
أرأيتِ كم انا رجل متعاون..!.
وصل بها الغضب والإرهاق الناتج عن قلة النوم مبلغاً كبيرا جعلها تتفوه بالترهات بالفعل وهى تهتف ساخطة: - الرجاء الالتزام بملابس محتشمة، فليس من اللائق ان افعل انا المثل واقول حريتى الشخصية دون مراعاة لك..
هتف في مرح ساخراً: - أرجوكِ افعلى، فسيكون هذا من دواعى سرورى..

انفجر ضاحكاً عندما رأى الصدمة مرسومة على محياها البرئ واكتشافها لفداحة ما قالت..
وغباء ذاك التشبيه والذى لم يكن من الجائز استخدامه من الاساس، احمر وجهها خجلاً وغضبا ومقتا على ذاك الرجل..
فاندفعت لحجرتها بغضب هاتفة بثورة: - وقح.
ليهتف هو من بين ضحكاته المجلجلة: - جبااارة.

لتغلق باب حجرتها خلفها بعنف من جديد وبدل من ان يجفل كالعادة، توجه لباب حجرتها ليطرق عليه، فتتعلم هى الدرس هذه المرة و لا تندفع لتفتح كعادتها بل هتفت من الداخل في ثورة عاصفة: - أرحل قبل ان اخرج وارتكب جريمة..
ما كان منه الا الانفجار في الضحك من جديد
تجلجل ضحكاته المتشفية وهو يتوجه لغرفته، ليستلقى على المرتبة الموضوعة أرضا، ويغرق في نوم عميق..

انتفضت على صرخاته المدوية التي جاءتها من مكان قريب من باب حجرتها، تركت فراشها و تسحبت كقطة على اطراف أصابعها و اقتربت تضع اذنها على الباب تسمع ما يدور بالخارج.

لكن تلك الصرخات هدأت لتتبعها طرقات قوية على باب غرفتها كادت ان تصيبها بالصمم و نوبة قلبية بسبب انتفاضتها المذعورة و التي كادت ان تطلق صرخة مدوية مصاحبة لها لولا انها استطاعت السيطرة على صوتها في اللحظة الأخيرة و كتمها داخل حنجرتها و هي تطبق كفها على فمها..
تتابعت الطرقات العنيفة على الباب و تضاعف معها وجيب قلبها الذى كاد يشق صدرها هلعاً.

و أخيرا استعادت صوتها الذى حاولت ان تغلِّفه بالثبات قدر استطاعتها وهى تهتف متصنعة الغضب رداً على طرقاته المجنونة التي كادت ان تقلع الباب من موضعه: - ماذا تريد..!؟.
امرها بصوت هادر: - افتحى الباب..
هتفت في إصرار: - لا، لن افتح، ماذا تريد!؟.
هذه المرة امرها بصوت هادئ يحمل نبرات حازمة: - افتحى الباب الان، و فورا..

وضعت حجابها و شدت مئزرها على جسدها و فتحت الباب مترددة فتحة بالكاد تسمح برؤيتها له، و لكن بخلاف ذلك، طالعتها احدى فنلاته الداخلية وهو يمدها امام ناظريها، فهتفت ساخرة: - ما هذا، عرض اخر لملابسك الداخلية.!؟.
لم يرد و لكنه أشاح بفنلته ليخرج لها من خلف ظهره قميصا ورديا ينشره امام وجهها لتهتف هي وهى تنتزعه من يده: - قميصى، أين وجدته..!؟.

رد ساخراً: - ضبطته متلبسا بين أحضان ملابسى البيضاء الطاهرة، لأجد فجأة الدنيا بأكملها وردى، وردى، و يبدو ان متسللة قصيرة قد استغلت فترة نومى لتعبث بملابسى
تجاهلت روايته للواقعة وهى تدفع الباب: - شكرا لانك وجدت قميصى الضائع..
دفع الباب قبل ان ينغلق: - هو لم يكن ضائع بالمناسبة فقد قام بمهمة محددة على اكمل وجه.

هتفت تتصنع الحنق: - انت تتهمنى الان، أليس كذلك..!؟، و ما ذنبى انا ان قميصى كان موجود بالمغسلة وانت لم تنتبه لوجوده و انت تضع ملابسك..!؟.
أكد في إصرار: - كانت المغسلة فارغة تماما و كان هذا القميص زائرا لها في وقت لاحق.
قالت في هدوء لتستفزه: - و ما الذى على فعله الان..!؟، الاعتذار بالنيابة عن قميصى..!؟.
سخر منها: - هذا اقل واجب بالمناسبة..

نظرت اليه في غيظ و أخيرا قالت: - أشكرك مرة أخرى لإعادة قميصى، وداعا..
و أغلقت الباب في وجهه من جديد، و هي تنتظر موجة غضب او حتى طرقات جديدة على الباب تقتلعه بحق هذه المرة لكن لدهشتها سمعت بدل من ذلك خطواته تبتعد، كتمت أنفاسها تتأكد من ابتعاده عن محيط حجرتها
لتندفع كالمجنونة تتقافز على فراشها في فرحة.

فهى قد انتصرت عليه أخيرا، و الفضل لقميصها الوردى الذى تحب ارتداءه على الرغم من انه يعذبها في غسله بمفرده بعيدا عنى اى ملابس أخرى لانه ببساطة يجود بلونه الرائع المحبب لها على كل ما يحيط به، و يمنحه لونه بسخاء محب..
و تذكرت كيف تسللت بالفعل للحمام في غيابه، بعد ان سمعت غطيط نومه و دفعت بقميصها داخل الغسالة يتوسط ملابسه البيضاء..

و انفجرت ضاحكة كالممسوسة و هي تتذكر كلماته، انه وضع الملابس بيضاء ليجد كل ما يحيطه به اصبح وردى، وردى..
كم تشعر بنشوة الانتصار الان، و كم هي رااائعة تلك النشوة..!.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة