قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية وخفق القلب عشقا (الدهاشنة 3) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

رواية وخفق القلب عشقا (الدهاشنة 3) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

رواية وخفق القلب عشقا (الدهاشنة 3) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

استندت روجينا بجسدها على الفراش بإرهاقٍ شديد، فما أن أصبحت بمفردها حتى سمحت لنفسها بالانهيار، تعلم بأن البكاء في تلك اللحظة لن ينفعها، ولكنها بحاجة له علها تفرغ ما بداخلها، اعتدلت بجلستها ومن ثم أزاحت دمعاتها سريعًا حينما شعرت بمقبض باب غرفتها يفتح، لتظهر رواية من أمامها، فاقتربت منها لتضع صينية الطعام من أمامها وهي تخبرها بنبرة هادئة رغم تلألأ الدمعات بعينيها:
انتي من الصبح مأكلتيش حاجة.

ابتسمت روجينا ثم جذبت الملعقة لتتناول ملعقة صغيرة من الأرز، ثم قالت:
أنا هموت من الجوع.
ابتسامتها اوحت لها بأنها ستمنحها فرصة الحديث المفقود فيما بينهما، لذا جلست رواية لجوارها ثم قالت:
الف هنا على قلبك يا روحي.
رفعت عينيها تجاهها ثم نهضت عن محلها واتجهت لتجلس أسفل قدميها، وأدلت برأسها على قدميها ثم سحبت نفسًا عميق قبل أن تقول:.

أنا عمري ما كنت قادرة أفهمك غير النهاردة يا ماما، كل اللي انتي كنتي دايمًا بتنصحيني بيه كان صح، أنا اللي كنت غلط واتغريت أشوف غلطاتي دي..
ثم رفعت عينيها الباكية تجاهها وهي تسترسل حديثها:
كنت عنيدة ومش عايزة أدي لنفسي فرصة أفهمك بيها، سامحيني يا ماما أنا غلطت في حق نفسي قبل ما أغلط في حقك.
فاض صدر رواية ألمًا، فجذبتها لتنهض عن الأرض وتجلس جوارها، ثم ضمتها اليها لتخبرها بلهفةٍ:.

مالوش لزمة الكلام ده يا نور عيني، بكره فرحك بلاش تفكري في اي حاجة ممكن تزعلك في يوم زي ده، عيشيه بالطول وبالعرض يا روجينا، وصدقيني أحمد شاريكي وبيحبك وعمرك ما هتندمي أبدًا انه كان اختيارك..
ابتسمت وهي تجيبها:
مش محتاجة أني أشوف ده بعد الجواز يا ماما لاني شوفته بنفسي، أحمد راجل بجد ويعتمد عليه.

ربتت رواية بيدها بفرح على ظهرها، فكانت تشعر بالذنب تجاهها، ولكنها الآن تشعر بأن حملًا ثقيل ازاح عنها، فحملت الصينية لتضعها على الكومود ثم عاونتها على التمدد وهي تشير لها:
سيبك بقى من كل ده ونامي عشان تصحي فايقة كده، ورانا يوم طويل بكره.
ووضعت الغطاء عليها فتمسكت روجينا بيدها ثم قالت بصوتٍ مختنق يحبس الدموع من خلفه:
ممكن تنامي معايا النهاردة.

تعجبت رواية من طلبها ولكنها لم تمانع أبدًا، فخلعت حجابها ثم جذبت الغطاء وتمددت لجوارها، فاندثت روجينا باحضانها، تخشبت حركة يد رواية، فلاول مرة تحتضنها ابنتها منذ وقتًا طويل، كسى الفرحة لمعة من الحزن بعينيها، فضمتها وغفت هي الاخرى...

ظل المصباح مضيئًا إلى أن أطفئه الذي أتى خلفها حينما تأخرت بعودتها، ليجدها تغفو جوار ابنته المتعلقة بها، ابتسم فهد وهو يراقبهما، فجذب الغطاء عليهن ثم انحنى ليطبع قبلة صغيرة على جبين كلًا منهن، وأطفئ الضوء ثم عاد لغرفته التي سيبت بأحضانها بمفرده تلك المرة، بدون شريكة العمر والقلب والروح..

كسرت ضوء الشمس عتمة الليل الكحيل، فتسللت لتداعب عينيه، ففتحهما بانزعاجٍ لتجحظ عينيه في صدمةٍ حينما وجد زوجته مازالت تغفو لجواره بالاسطبل، فحانت منه نظرة للاسفل سريعًا خشية من أن يكون أحدًا من عمال الاسطبل قد أتى، فحمد الله كثيرًا بأن المكان مازال أمنًا إلى حد ما، لذا هزها برفقٍ وهو يناديها:
تسنيم..
عبثت بعينيها بنومٍ:
ها.
هزها وهو يجذب الملابس من جواره:
قومي بسرعة قبل ما حد يجي.

فتحت عينيها بتكاسلٍ، ففزعت حينما تذكرت ما حدث بالأمس وخاصة حينما استعاب عقلها مكان وجودهما، فصرخت به وهي تجذب ما امسكت يديه:
يا نهار أسود هنتفضح.
جذب القميص عن يدها ثم قال بمرحٍ:
بتاعي ده.
وألقى لها فستانها فحاولت ارتدائه ولكنها لم تستطيع لضيق المكان فلكزته بغضب:
انت قاعد جنبي!
سألها بعنجهيةٍ:
والمفروض اروح فين!
صاحت بانفعال:
اطلع أمن المكان بره.
رفع حاجبيه بسخطٍ:
نعم!..

منحته نظرة متعصبة، فجذب قميصه ثم قفز من الاعلى ليرتديه باهمال ليتمتم وهو يتجه للخارج:
هخرج حاضر، أنا بقيت بخاف على حياتي منك أحيانًا.

ابتسمت وهي تتأمل طيفه الذي يبتعد عنها ثم هبطت لتستكمل ارتداء حجابها، وفور أن انتهت حتى خرجت اليه فجذبها وابتعدوا عن الاسطبل، فجلسوا على اقرب طاولة ثم جذبوا المياه ليرتشفوها بعد ركض مسافة طويلة، فحانت منهما نظرة مطولة لبعضهما البعض ثم انفجر كلا منهما من الضحك، فقال اسر بصعوبة بالحديث:
لو عمي صالح كان بدر شوية كان زمانا بنتزف في الارياف دلوقتي، وحلني بقى عما يتعرف علينا أو يبنلنا صحاب.
سالته باهتمام:.

ليه هو ميعرفكش!
ضحك وهو يخبرها:
لحد امبارح أيوه لكن النهاردة معرفش حسب حالة الذهايمر اللي عنده وغالبًا بتخليه ينسى عياله هيقوم يفتكرني!
ضحكت حتى احمر وجهها، فاستطرد بنظرةٍ خبيثة:
سيبك انتي منه، أنا بقول نبني أوضة لينا جنب برق، أنا بقيت بستبارك بيه.
احتل الخجل قسماتها، فابتلعت ريقها بتوترٍ وهي تجاهد باستجماع كلماتها:
أنا هطلع أغير هدومي عشان أساعد ماما زمانها محتاجاني.

وتركته وهرولت للأعلى ونظراته مازالت تلاحقها، فالقى بجسده على المقعد ليستند على يديه وهو يهمس بعشقٍ:
هتعملي فيا أيه تاني!

أستغرق الأمر ساعات طويلة من العمل حتى باتت السرايا بذلك البهاء، فقد أحاطتها الزينة من جميع الاتجاهات استقبال ليومٍ هام هكذا، فقد اهتم كلا من الشباب بمهمة محددة لينجز الوقت، وقد كانت المهام الاخيرة من حق عبد الرحمن الذي أتى بالمأذون الذي سيعقد قرانهما وسط كبار عائلة الدهاشنة، فاجتمع الرجال خارج المنزل وبالداخل النساء تحيط بروجينا التي تجلس بفستانها الابيض تنتظر لحظة منادتها لتوقيع عقد الزفاف وحينها ستدق الدفوف وستنطلق الزغاريد تبارك تلك الزيجة، وبالفعل ولج رجال العائلة لصالون المنزل، فأنهى المأذون الأوراق ثم أشار لها قائلًا:.

امضتك يا عروسة..
وأشار لها على مكان التوقيع، جذبت منه القلم ثم حانت منها نظرة لأحمد الجالس لجوارها فمنحها ابتسامة صغيرة، حتى أن فهد أشار لها قائلًا:
يالا يا بنتي امضي.
هزت رأسها بابتسامةٍ رقيقة ثم كادت بأن تضع اسمها على العقد، ولكن انطلق صوت جلبة قوي قادم من الخارج ليزعزع جمعهم، فنهض سليم وهو يردد بذهول:
أيه الدوشة دي!
وقف لجواره عمر ثم قال:
مش عارف.
ثم أشار لاحد الشباب:
شوف كده يا يحيى في أيه؟

كاد بالخروج ولكن سبقه الخادم الذي هرول للداخل وأسرع ليخبر فهد بقلقٍ:
الحق يا كبير، الحكومة برة وعايزين يقابلولك.
عقد فهد حاجبيه بدهشةٍ:
يقابلوني دلوقت!

أشار له بتأكيد فخرج ليرى ماذا هناك، ولحق به الرجال بأكملهما وعلى رأسهم آسر ، انتاب الجميع حالة من الذهول حينما رأوا عدد من الشرطة يحاصران المنزل ولجوارهم كان يقف أخر من يتوقع قدومه، جن جنون آسر لوجوده فكاد بتخطي أبيه الذي أسرع بمسك يديه ليقف جواره ثم قال للشرطي بثبات لا يليق سوى به:
خير يا حضرت الظابط.
أجابه الشرطي بصوت صمم آذان الرجال من حوله:.

الباشا أيان المغازي مقدم بلاغ بيتهمك فيه انك بتجبر مراته تتجوز واحد تاني وهي على عصمته.
أجابه بدر بسخطٍ:
وايه اللي هيجيب مراته عندنا أيه الهبل ده!
رد عليه الشرطي بعدما فتح الورقة التي بحوزته:
حرمه تبقى السيدة روجينا فهد الدهشان.
جحظت عين الجميع في صدمات لا حصر لها، وأولهم فهد فكان في صدمةٍ لا يحسد أحدًا عليها، حتى أن جسده اهتز بقوة كادت بأن تسقطه أرضًا لولا استناده على آسر الذي صاح باندفاع:.

الكلام ده مش صح، أكيد الحيوان ده عامل الحركة دي علشان يعمل قلق في يوم مهم زي ده.
أجابه الشرطي باحترام لمكانته ومكانة عائلته:
العقد اللي معاه سليم يا باشا.
ردد بانفعال:
يعني أيه!
في تلك اللحظة صعد أيان الدرج حتى صار مقابل فهد وآسر، فابتسم وهو يجيبه بغرورٍ ونظرة انتصار:
مكنتش متوقع إني أجي في يوم مهم زي ده، طب ازاي والنهاردة فرح بنت كبير الدهاشنة..

لزم فهد الصمت بينما تمرد صوت آسر فقال من خلف ابيه الذي يقف أمامه كالسد المنيع:
كدب، ولا فارق معايا ورق ولا كلامك، واللي بتعمله ده مالوش غفران وساختك دي هتتسبب في موتك وعلى أيدي يا كلب.
رد عليه بنفس تلك الابتسامة المستفزة:
نادي العروسة وأسالها أنا أبقى أيه بالنسبالها ويمكن اللي في بطنها يكون وسيلة سريعة تعرفك أبوه مين يا فهد بيه!

اختص بكلامه فهد لعله يشفي غليله، فتلقي صدمة أخرى مثل تلك علها ستزيد من حساسية موقفه، فانتقلت نظراته على حشد الرجال الذي بات الحديث والاقاويل الجانبية تكتسح جلستهما، ترك آسر يد أبيه ثم أسرع ليقف مقابله فلف يديه حول عنق أيان ليرفعه عن أرضه وهو يصيح به بجنون:
هدفنك هنا مكانك ووريني هتعمل أيه؟

تدخلت قوات الشرطة لتفصل بينهما، حتى أحمد حاول بكل جهده تحريره فلم ينجح أحدًا في عتقه الا حينما صاح فهد بابنه قائلا:
همله يا آسر.
انصاع لابيه بالرغم من استيائه من طلبه، فوقف فهد مقابله ثم انتقلت نظراته الى أيان، وقال بثبات مازال يتمسك به لاخر لحظة:
كبير الدهاشنة مبينحنيش لحد، ولو كنت فاكر إنك عملت كده في بتي عشان تكسراني تبقى لسه معرفتش مين هو فهد الدهشان ..

انحنى أيان بجسده تجاهه، فبترت ابتسامته الباردة بفحيح صوته المخيف:
اللي بينا مش بنتك بس يا كبير الدهاشنة!، اللي بينا أكبر من كده بكتير، ماضي بالنسبالك وحاضر ومستقبل بالنسبالي!
باتزانٍ أجابه:
لساك عيل وتفكيرك محدود، لما تتعلم تبقى راجل صوح تعالى نتحدت.
ثم استدار برأسه تجاه بدر ليأمره بصلابة:
هاتله اللي يخصه..
وزع نظراته بينهما بعدم فهم، فصاح به فهد بحزم:
سمعت اللي قولته!

هز رأسه عدة مرات قبل أن يغيب للداخل ليخرج بها، فما أن رأها آسر حتى جذبها من شعرها ليهوي على وجهها بصفعة قوية وهو يصيح بها بغضب كالجمر:
ليه، حطيتي رقبتنا تحت رجل كلب زي ده يا فاجرة.
وكاد بأن يلقيها صفعة أخرى، ولكن أمسك أبيه بيديه للمرة الثانية ثم قال بصرامة:
ايدك مش هتتوسخ بدم ميستحقوش..

واستدار تجاه روجينا ذات الوجه الشاحب، فكانت تختبر صدمة يطفوها عدم تصديق لما يحدث حولها، وكأنها بحلم غريب السياق، لف فهد يديه حول معصمها ثم دفعها عن الدرج لتستقر أسفل اقدام أيان ليشير بيديه:
اللي ليك خدته، متفكرش ترجع اهنه تاني، البيت ده غالي وميدخلوش الرخاص.

منحه أيان نظرة شملت معنى صريح لشماتة عابرة، ثم انحنى ليجذبها تجاه سيارته ليغادر بعدما ترك علامة لن يناسها أي فرد من الدهاشنة، غادر وبصحبته الشرطة ومازال الرجال يتهمسون على ما حدث، وبالأخص مهران كان اليوم هو اعظم انتصارته، وارضاء لحقده الدافين تجاه فهد وعائلته، كان يريد ان يراه مزلول، منكسرًا، ولكن عزيمته حطمت حينما وقف فهد بكل كبرياء ليرفع صوته للحشد الذي نهض من مقعده ليستمع لكبيرهما:.

لو فكريني هقولكم انسوا اللي حصل تبقوا غلطنين، أني مغلطتش عشان أطلب ده أني ماليش عندكم غير اللي عملته وبس واديني واقف قداكم أهو ورأسي هتفضل مرفوعة، أني مخلفتش غير ابني آسر، كبيركم كلكم من بعدي وزي ما حكمت بينكم بالعدل وبشرع الله هيحكم، ربنا ما رزقنيش بالبنات بنتي الوحيدة ماتت...
واسترسل بثبات:
خدوا واجبكم واقعدوا السهرة لسه طويلة، والفرح هيكمل.
ثم استدار تجاه سليم ليناديه بصرامة:
سليم.

اسرع تجاهه وهو يجيبه:
تحت امرك يا كبير..
قال وعينيه تتنقل بين الوجوه بعظمة:
جهز بتك، هنكب كتابها على أحمد دلوقتي والسبوع الجاي الدخلة.

قرار حاسم اتخذه فهد حتى ينهي تلك المعضلة، فلم يناقشه أحدًا أو يعارضه، فكان قرار يصب في مصلحة الجميع، وبالنهاية لن يجد سليم أفضل من أحمد زوجًا لابنته حور، لذا ولج للداخل ليحضرها على الفور ومن ثم خرج بها أمام الرجال بعد أن قرر فهد أن يعقد القران بالخارج أمام الجميع، وصمم ان يشهد آسر عليه بنفسه، وفور أن انتهى الحفل غادر الجميع وولجوا جميعًا للداخل ليجد رواية تقف مقابله مستندة على ذراع تسنيم وتالين، لتسأله بصوت شاحب كحالها:.

فين بنتي يا فهد!
منحها نظرة قاسية قبل أن يرد عليها بهدوءٍ مخيف:
بتك ماتت يا رواية، ومش عايز اسمع اسمها تاني..
وتركها وكاد بالصعود، فاعترضت طريقه لتصرخ بوجهه أمام ابنها وامام الجميع:
يعني أيه!، انت هتسيبه كده ياخد بنتي وانت واثق انه هيأذيها!
رد عليها بصرامة وقسوة:
هي اللي اختارت تتحمل نتيجة اختيارها ده.
وصعد للاعلى فاعترضت طريقه مجددًا وهي تسأله بانفعال:.

تتحمله ازاي!، دي بنتك يا فهد هتسبها تدفع تمن العداوة اللي بينكم حتى لو هي غلطت. لا يا فهد عيالي مش هيدفعوا تمن اللي بين العيلتين أنت سامع، ولو أنت مش هترجعلي بنتي يبقى أنا اللي هعملها.
وكادت بالتوجه للخارج ولكنها توقفت حينما انطلق صوته يهز ارجاء السرايا:
لو خرجتي من اهنه مش هتعتبيها تاني.

توقفت عن المضي قدمًا ثم استدارت تجاهه فوجدته صعد للاعلى، سقطت ارضا تبكي بحرقة وانهيار، يصعب عليها تحمل كل ذلك، أسرع آسر تجاهها فحملها وصعد بها لغرفتها ومن حولها اجتمعت نساء المنزل، يمنحوها صبرًا لما تجتازه.
أما بالاسفل.

فمازالت حور تجلس جوار أحمد بصدمة وعدم استيعاب لما حدث، لا تصدق بأنها الآن زوجته على سنة الله ورسوله، ما حدث كان شبيه بالدراما التي تقلب أحداث المسلسل بأخر دقيقة، فرفعت عينيها المرتبكة تجاهه لتجده يمنحها نظرة ساكنة، انقلبت لتعجب حينما وجدآسر يدنو منه ليجذبه من تلباب قميصه وهو يصيح به بشكٍ:
أنت كنت عارف!
تطلع له بصمتٍ استنزفه، فحال بينهما يحيى وبدر الذي اشار لحور بالصعود للاعلى ثم صرخ به:.

هيعرف منين يا آسر!
تجاهل ما قاله وعاد ليسأله:
رد عليا انت كنت عارف!
هز رأسه وهو يجيبه:
أيوه عرفت باللي حصل من كام يوم ومكنش ينفع أتكلم ولا أنفذ للحيوان ده اللي هو عايزه.
تحررت يديه عنه، وجلس على أقرب مقعد وهو يحتضن رأسه الذي يفتل من فرط الصداع الذي يهاجمه، فجلس احمد لجواره وهو يستطرد بحزن:
كنت مستعد اعمل أي حاجة عشان عمي ميتعرضش للي شافه بس مكنتش اعرف ان الكلب ده بيلعب عليها وعليا والعقد مطلعش مزور.

كز آسر على أسنانه وهو يردد بوعيد:
ناري مش هتبرد غير لما أقتله.
أسرع اليه يحيى وهو يعنفه قائلا:
هتودي نفسك في داهية يا آسر، وهتكسر كلام ابوك!
قال عبد الرحمن هو الأخر:
الواد ده عقابه انه يتربى مش يتقتل، النار لو كلت فيه أهون من لما يتقتل.
هز بدر رأسه وهو يحيه:
كلام عبد الرحمن صح وموزون والضربة الجاية ليه هتبقى على ايديا أنا ويوريني هيعمل أيه!

امتلأت نظراتهم بالوعيد القاتل له، لبستخدم كلا منهما عقله لاختيار وسيلة للمحاربة ستجعله يعض على أصابعه ندمًا عما فعله.

عقلها كان مشتت لا يستوعب أي حدث مما يحدث حولها، فوجدت ذاتها بسيارة غريبة جواره، ومن ثم وجدته يجذبها بقوة لخارجها لتجد نفسها أمام سرايا غريبة عليها، وأصابعه تنهش بمعصها الذي يجره من خلفه جرًا على درج السرايا الخارجي لتجد نفسها بباحتها الداخلية، لم ترى عينيها جمال السرايا ولا أي شيء حولها سوى أعين تلك المرأة التي تلتهمها وكأنها ستبتلعها حية، ليقترب بها أيان منها ثم قال بنبرةٍ حملت فرحة وتباهي بانتصاره:.

وعدتك بأني هجبلك بنت فهد خدامة تحت رجليكي والنهاردة وفيت بوعدي.
وألقاها بكل قوته أسفل قدميها، فتأوهت روجينا بألمٍ شديد، فقبضت على خصلات شعرها بيدها لتجبرها على التطلع اليها، وبكل حقد قالت:
والله والزمن دار بيك يا فهد وشرفك بقى في الوحل..
ثم استكملت بكره:.

انتي اللي هتسددي تمن اللي عمله جدك وابوكي، هتنهري بالنار اللي هما كانوا السبب فيها، مصيرك هتنامي جنب أختي في نفس القبر وساعتها بس جلبي هيرتاح وهدوق طعم النوم.

انقبض قلبها خوفًا من تلك المرأة، فسحبت رأسها المنكسر تجاهه، ودمعاتها تستغيث به لينجدها من تلك الغول الشرس الذي سيقضي عليها لا محالة، ولكنها وجدته ينسحب للأعلى في هدوء وكأنه لم تجمعه بها أي صلة من قبل، ولكن ترى هل سيصمد كثيرًا، والأهم من ذلك ما الذي ستحاربه روجينا في ذاك القبو المظلم الذي زفت إليه بفستانها الأبيض!
وترى ما المجهول الذي سيواجهه آسر بمفرده!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة