قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل العشرون

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل العشرون

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل العشرون

: انتى بتقولى ايه؟ انتى بتتكلمى جد.

ابتلعت ليله لعابها بصعوبة تحاول داخل عقلها البحث عن اجابة لسؤاله وقد وقف امامها بوجهه شاحب وعيون مذهولة ينظر اليها كما لوكانت مخلوق خرافى
ظهر له من عدم تعلم بأنها قد صدمته وناقضت نفسها وتصرفاتها بما قالته منذ قليل تشعر بالم قاتل يمزق قلبها اربا تاركا اياه ينزف بصمت لكنها اسرعت تتظاهر بالتماسك امامه ترسم على وجهها عدم الاهتمام وقائلة بصوت غير مبالى وهى تهز كتفها بأستخفاف.

: ومش هتكلم جد ليه؟ هو الكلام ده فيه هزار، انتوا قلتوا انك هتتجوزها وهترجعلى ارضى يبقى خلاص كده، هنتكلم عنها فى ايه بقى.

تحركت من امامه عدة خطوات تعطى له ظهرها فلم تعد تحتمل مواجهته ومواجهة عينيه ونظراته المحتقرة بهما تغمض عينيها تحاول منع دموعها والتى احرقت عينيها من التساقط وهى تسمعه يسألها بصوت بارد قاسى
: وكلامك عن انك عاوزنى انا ومش مهم الارض كان ايه بالظبط.

اخذت تحاول مقاومة غصة الدموع بجهد ساحق حتى استطاعت اخيرا النطق بصوت اسف مصطنع
: مش هنكر انى حاولت اقنع نفسى ان الارض مش مهمة عندى بس بصراحة مقدرتش، خصوصا لما اخدتوها منى بالطريقة دى، واظن من حقى انها ترجعلى، ومدام جوازك منها هو الطريقة الوحيدة لكده...

هزت كتفها بلا مبالاة تكمل بهدوء
: يبقى خلاص معنديش اى مانع المهم الارض ترجعلى.

وقفت بعد انتهاء كلماتها بأطراف مرتجفة باضطراب ورهبة فى انتظار اجابته او حتى عاصفة غضبه لكن ساد الصمت الشديد لفترة طويلة دون ردة فعل منه لتلفت ببطء فى اتجاهه حين طال انتظارها تتطلع اليه لتجده يقف مكانه بوجه متجمد بلا تعبير سوى نظرة عينيه المحتقرة متطلعا اليها هو الاخر للحظات طوال توقف بهم الزمان خلالهم قبل ان يتحدث برود شديد.

: تمام يا ليله، انتى صح، وزاى ما قلتى ده حقى وانا مش هقدر انكر حقك ابدا، يومين بالكتير وارضك هترجعلك.

انهى حديثه يتحرك ناحية الباب لتفيق ليله من وقع كلماته عليها تسأله بلهفة ودون تفكير يحركها قلقها وخوفها عليه وهى ترى يده فوق مقبض الباب
: استنى انت رايح فين؟

لم يلتفت اليها وهو يجيبها بصوت حاد وبارد
: ميخصكيش، اى حاجة بعد كده تخصنى ملكيش فيها ولا تسالى عنها، مفهوم.

لم يمهلها الفرصة للاجابة يفتح الباب بقوة مغادرا فورا غافلا عن تلك التى تقف فى الظلام تختفى خلف الحائط عند خروجه ثم تعاود الوقوف مكانها بعد مغادرته تتابع من شق الباب المفتوح ليله التى وقفت فى وسط الغرفة بجسد منهار وعيون مغشية بالدموع تهمس بالم وصوت مختنق بعبراتها
: سامحنى غصب عنى، الموت كان اهون عندى من انى اسلمك بايدى لوحدة تانى تاخدك منى، بس غصب عنى والله غصب عنى.

ما ان انتهت من كلماتها المريرة حتى تصاعد صوت الهاتف ينبهها بوصول رسالة اخرى لتصرخ بغضب وصوت منهار
: ارحمنى، ارحمنى بقى انت ايه معندكش رحمة، انا مبقتش مستحملة.

اخذت تبكى بشدة تسقط ارضا وهى تمسك بهاتفها ترى صورة اخرى لشقيقتها ومعها رسالة مقتضبة منه
: ردى عليا حالا، وميهمنيش مين جنبك.

تصاعد صوت هاتفها بالرنين لتسرع فى فتح الاتصال تشهق بدموعها وبصوت مختنق فيصل لها صوته البغيض قائلا بسخرية
: ايه ده!، اوعى تقوليلى بتعيطى ياليله والله ازعل اوووى علشانك.

اغمضت ليله عينيها تحاول التماسك قائلة بصوت ضعيف لكن يحمل بغض العالم به
: عاوز ايه دلوقت؟ مينفعش كل شوية تكلمنى هنا وتبعتلى فى الصور الزبالة دى، انت كده هتود...

قاطعها راغب بصوت حاد قاسى يصرخ بها
: ما تتكلميش معايا كده ولا تقوليلى اعمل ايه ومعملش ايه، انتى تنفذى اوامرى وبس فاهمة ولا تحبى ابعتلك صورة كمان تفوقك وتفهمك.

هبت فزعة من صراخه عليها تحاول ابتلاع لعابها بصعوبة هامسة بارهاق وتعب
: خلاص يا راغب انا اسفة والله، بس كفاية صور ابوس ايدك انا مبقتش مستحملة، ممكن تقولى عاوز ايه بسرعة قبل ما جلال يرجع فى اى لحظة.

دوت ضحكة راغب البغيضة فى الهاتف تصم اذنيها قائلا بعدها بتهكم
: اه جلال بيه، لا ليكى حق، خليه كده احسن بعيد عنا وعن اتفاقنا...

ليكمل هامسا بفحيح بعث الاشمئزار فى نفسها
: لاا بس برافو عليكى ليلتى الحلوة طلعتى شاطرة وبتخافى عليا اهو.

انفجرت ليله كالقنبلة الموقوتة تهتف به بقرف وتقزز
: اخاف عليك انت! انا لو اطول اعرفه واخليه هو اللى يتصرف معاك ويعرفك مقامك وسط الرجالة منكنتش هتردد ثانية، بس لاسف علشان انا غبية وخايفة من الفضايح عملت ليك سعر.

راغب وقد تحول صوته للقسوة والعنف يهتف بها
: جدعة وخليكى غبية كده على طول لحد ما اخد اللى عاوزه وابقى ارجعى ذكية من تانى.

ليكمل بصوت صارم حاد
: هااا هنفذ امتى، انا معنديش طول البال للعب والهبل ده.

اجابته ليله بخفوت وتردد
: ادينى مهلة اكون اقدرت ارجع الارض من جلال وساعتها هعرفك...

ارتجفت جسدها رعبا حين هب صوته كالاعصار يصرخ بها
: نعم يا ختى، ارض ايه اللى مع جلال، امتى كتبتهاله يابت انتى.

اسرعت ليله تحاول السيطرة على غضبه تهمس بسرعة وترجى
: حصل قبل ما الذاكرة ترجعلى، بس متقلقش هو هيرجعها هو وعدنى بكده اول ما يكتب كتابه على...

قاطعها راغب مرة اخرى بصوت ساخر وشامت
: لاااا استنى كده، هو شرط عليكى يتجوز غيرك علشان يرجعلك ارضك.

ثم دوت ضحكته الساخرة عبر اثير الهاتف تصل اليها كالاف الانياب الحادة لوحش ضارى تنهشها دون رحمة وهو يكمل بغل
: لاا مدام الموضوع كده يبقى نصبر لو حتى شهر، ده يوم السعد والهنا، مش كده يا ليلتى.

صرخت ليله هاتفة بهستريا والم
: بطل تقولى ليلتى دى، اياك اسمعها منك تانى.

راغب بصوت اجش شهوانى تتعالى انفاسه كالصدى لكلماته
: هتسمعيها منى تانى وتالت ورابع، انتى ليلتى، وهتفضلى كده طول العمر برضاكى ولا غصب عنك.

ارتجفت ليله رعبا تسأله بتوجس
: يعنى ايه، تقصد ايه بكلامك ده.

راغب بضحكة ساخرة متهكمة
: ولا حاجة يا بنت عمى، اهو كلام فارغ من اللى متعودة عليه منى، يلا سلام هبقى اكلمك بعدين.

فتحت فمها تحاول ايقافه لكن اتى صوت انقطاع المحادثة ليجعلها تغلقه مرة اخرى تتطلع الى الهاتف بعيون هلعة ترتجف اوصالها بشدة وقد جعلتها كلماته الاخيرة تترنح كشاة سيقت للذبح.

كانت تجلس شاردة بعيون دامعة وقلب مثقل بالحزن غارقة فى افكارها تتسأل عن مكانه وقد اختفى طيلة الليل والان وقد انتصف النهار مازال مختفيا تماما حتى الان حتى ات صوت الجدة يسألها بصوت خافت مرهق
: مالك يا حبيبتى؟ ليه وشك دبلان كده وحزين.

التفت اليها ليله تسرع فى ازاحة دموعها قائلة بصوت حاولت اظهاره طبيعيا
: ابدا يا جدتى، انا كويسة اهو ومش زعلانة ولا حاجة.

تنهدت الحاجة راجية قائلة بمعرفة
: لا زعلانة، هو انا مش عرفاكى، اكيد زعلانة علشان موضوع اختك.

اتسعت عين ليلة دهشة يظهر الارتباك فوق ملامحها لبتسم راجية وهى تؤما براسها لها ببطء قائلة
: سمعتك وانتى بتتكلمى مع اختك من شوية، بس ليه عوزاها تروح دار اهل امك علشان تعرفى تزوريها.

زاد اضطراب ليله تفرك كفيها معا بشدة لاتدرى كيف تجيبها وان ما سمعته لم تكن سوى محاولة لابعاد شقيقتها عن براثن هذا الذئب الى منزل خالهم متعللة بانها بذلك ستسطيع زيارتها ومساعدتها فى تحضيرات زفافها وبعد جهد مضنى ومحاولات اقناع كثيرة استطاعت اخيرا النجاح واما ما تبقى فعليها هى فقط بعد ان اطمئنت على خروج شقيقتها تماما من المنزل.

عقدت راجية حاجبيها بحيرة عندما طال صمتها وشرودها قبل تتسع عينيها فجأة بادراك لتهتف بعدها بعضب
: هو جلال منعك تروحى دار اهلك ولا ايه، لو كان عمل كده انا لما يجى ها...

اسرعت ليله تنحنى عليها تمسك بكفها تنفى هاتفة
: لااا خالص جلال ملهوش دعوة، انا اللى مش عاوزة اروح هناك.

راجية بحيرة
: ليه يا حبيبتى كده ايه اللى حصل، وبعدين اكيد نفسك تطمنى على امك كمان بعد تعبها وتشوفيها بعنيكى وتقعدى معاها يومين.

خفضت ليله وجهها تهمس بحزن
: نفسى اوووى اشوفها، بس انتى عارفة ان راغب ابن عمى رجع وقاعد فى الدار وطبعا مينفعش انى...

صمتت لا تدرى كيف تكمل حديثها لكن راجية هزت راسها بتفهم هامسة هى الاخرى
: عارفة ياحبيبتى، وعارفة ان الناس فى بلدنا كلامها كتير مابيسكتوش، بس ده ميمنعش تروحى تقعدى مع امك يومين خصوصا ان اختك زمانها مشغولة فى فرحها.

اسرعت تكمل بصوت متفائل قائلة بتأكيد وثقة
: بس ولا يهمك من حد، انا لما جلال يجى هكلمه وهو استحالة هيقول لا ابدا.

اشارت بكفها اليها حتى تقترب ليله اكثر منها وتنحنى فوقها لتمهس فى اذنيها كأنه سر خطير
: تعرفى انه جالى من كام يوم قعد معايا وطول القعدة كان بتكلم عنك انتى وبس.

رفعت ليله رأسها تنظر لها بذهول لتهز راجية رأسها بتأكيد تهتف بسعادة
: ايوه زاى مابقولك كده، قاعدنا ساعات يحكيلى عنك، وعن خوفه وقلقه عليكى علشان موضوع دماغك ده، وعن الارض وحكايتها، واه لو شفتى اللمعة فى عنيه طول ماهو كان بتكلم عنك.

ارتجف صوت ليله وهى تسألها بخفوت
: وايه اللى جاب سيرة الارض بينكم؟!

تنهدت راجية بحزن قائلة
: كان بيحاول يفهمنى ان الارض اللى معاكى مش مهمة وكفاية علينا اللى عندنا، وانه عاوز يبتدى صفحة جديدة معاكى من غير ما تكون الارض مشكل بينكم، كان بيحاول ميزعلنيش...

ابتسمت بحنان وعينيها تمتلئ بلمعة الحب قائلة
: العبيط ميعرفش انه يوم المنى عندى اشوفه متهنى وفداه ارض الصاوى كلها، يومها الدنيا مكنتش سيعاه لما طمنته انى مش هزعل ابدا لو الارض دى مرجعتش لينا خالص، وجرى بعدها علشان يجيبك من بيت اهلك.

لم تدرى ليله ماذا تقول او تفعل تقف مكانها بجسد مرتجف وقلب تتسارع دقاته بعنف حتى كاد ان يخرج من صدرها بينما عقلها ينعتها باقسى واغلظ الصفات لغبائها وتسرعها اما عينيها فى وجهها الشاحب فكانت متجمدة النظرات فوق راجية تتطلع اليها برعب وذهول تتمنى الصراخ حتى تهز ارجاء المكان لعلها تهدئ من وقع صدمة هذا الحديث عليها، علها تستطيع بصراخها هذا ان تمحو كل ما قامت مازالت تقوم به من غباء، ليت ويا ليت لو تستطيع فعل الكثير والكثير ولكن قد فات الاوان الرجوع.

انتبهت على صوت راجية القلق تخرجها من دوامة افكارها تسألها.

: ليله، مالك يا قلبى، وشك اتخطف تانى ليه.

اسرعت ليله تجيبها تحاول ابتلاغ غصة كادت ان تخقنها تضع يدها فوق جبهتها قائلة بارتجاف
: متقلقيش يا حبيبتى انا كويسة، دى شوية دوخة بسيطة.

هتفت راجية بها قائلة بحزم
: لاا، كويسة ايه؟انتى تطلعى ترتاحى دلوقت، وانا لو جه جلال هعرفه انك فوق بترتاحى علشان ميقلقش عليكى، يلا يا حبيبتى اطلعى انتى ارتاحى.

التوت فمها بمرارة حين اتت الجد على ذكر قلق جلال عليها لكنها هزت رأسها بالموافقة تتحرك مغادرة بخطوات بطيئة مثقلة تشعر كان فوق كتفيها اثقال وهموم العالم كله ولا امل لها بازاحتها ابدا.

اسدل الليل ستائره وهى مازالت تجلس مكانها تبكى بصوت مكتوم تحاول مرارا فرض سيطرتها على دموعها تلك خوفا من عودته المحتملة الان لكنها كانت تزداد هطولا كلما حاولت ايقافها لتظل على حالتها هذه لايتغير شيئ فلا هى كفت عن البكاء ولا هو حضر الى الغرفة مرة اخرى ليرهقها كثرة بكائها تسقط نائمة مكانها لفترة لا تعلم مدتها حتى هبت شاهقة بفزع على صوت الخزانة تغلق بعنف فتفتح عينيها المرهقة بصعوبة تتجه بعينيها ناحيتها تراه يتقدم متجها ناحية الحمام بعد ان القى بعدة قطع من الملابس الرسمية فوق الفراش لتسرع بالاعتدال فى مقعدها تسأله بصوت اجش متوتر.

: انت خارج تانى يا جلال، تحب...

لم تتلقى اجابة منه سوى صفع الباب ب ان قام بغلقه خلفه بعنف جعلها تصمت عن باقى حديثها تغمض عينيها بشدة وهى تنتفض مكانها من عنف الصوت لكنها ظلت تجلس مكانها طوال فترة غيابه فى الحمام تحاول تبث الهدوء والثقة فى نفسها يمر عليها الوقت بطيئا قاتلا حتى خرج اخيرا يلف خصره بمنشفة وبيده اخرى يجفف بها شعره متجها ناحية الفراش لتزفر بقوة تنهض من مكانها تناديه بخفوت لكنه لم يعيرها اهتماما لتهتف بصوت عالى نسبيا.

: جلال عاوزة اتكلم معاك.

مد يده ناحية ملابسه قائلا ببرود دون ان يلتفت لها
: وانا مش عاوز اتكلم مع حد.

اسرعت خطواتها تتجه ناحيته تمسك بذراعه تحاول لفه باتجاهها تهتف بعصبية
: على الاقل بصلى وانت بتتكلم معايا، من حقى انك تس...

وقف فى مواجهتها عينيه تتطلع اليها تطلق الشرار ناحيتها وهو يقترب من وجهها يسألها بسخرية
: حقك؟! حق ايه اللى بتتكلمى عنه، ومين اداكى الحق ده؟

تركت اصابعها ذراعه تتراجع بعيدا عنه خطوة خلف قائلة باضطراب
: انا بس كنت عاوز اقولك انى اتكلمت مع الجدة النهاردة.

ارتسمت ابتسامة ساخرة فوق شفتيه يعاود الالتفاف ناحية ملابسه يتناولها قائلا بتهكم
: اه قلتيلى، عرفت انها اتكلمت معاكى بس ده مهم فى ايه علشان نتكلم عنه.

هتفت سريعا تتقدم منه تلك الخطوة مرة اخرى برجاء
: لا مهم، ومهم جدا كمان.

رمى ملابسه فوق الفراش يلتفت لها بوجه قاسى ونظرات باردة جمدتها مكانها وهو يفح من بين انفاسه
: تفتكرى كده؟

هزت راسها له بالايجاب بتردد ليظل يتطلع اليها للحظات مرت كدهر عليها قبل ان يتحرك ناحية خزانته بخطوات متصلبة يفتح احدى ادراجها ويجذب من داخله ورقة كانت مخبئة باحكام اسفل اغراضه ثم يعود اليها تحت انظارها المهتمة يطوح بتلك الورقة امامها وجهها يلقى بها عليه قائلا بغضب جنونى
: طيب ياترى دى بقى هيكون تأثرها ايه عليكى؟، عاوز اعرف يا ليله؟

امسكت بالورقة ترفعها ببطء وتوجس امام عينيها تمرر نظراتها فوق الكلمات بها تتسع بذهول وصدمة من هول ما قراته بها ترفع عينيها المغشية بالدموع تحاول التحدث فتخرج حروفها متلعثمة مصدومة
: ده، ده عقد، بيع، للارض، باسمى، بتاريخ...

قاطعها جلال بحدة يهتف
: بالظبط كده، بتاريخ قديم، من تانى يوم اميرة جات هنا.

ليله وهى تتطلع بذهول للعقد تسأله بحيرة وذهول
: طيب، والشرط، وجوزك منها.

ارتفعت ضحكة جلال فى ارجاء الغرفة شرسة عنيفة قائلا بعدها
: زيهم زى المؤامرة اللى مكنتش غير فى دماغك انتى بس، مرة جلال الشرير سرق ارضى، ومرة جلال الخاين هيتجوز عليا علشان يرجعلى ارضى مش كده يا ليله، بس دلوقتى خلاص بعد ما ما مسكتى العقد جلال بقى طيب لما رجعلى ارضى، ننسى بقى اللى فات ونعيش فى تبات ونبات مش كده يا ليله.

اسرعت تهز رأسها بالنفى تنكر كلماته رغم علمها انه معه كل الحق فى ظنونه عنها تقرر فورا ان تخبره بما قالته والدته وما حدث بعدها لكنه لم يملها الفرصة يندفع ناحيتها يمسك بذراعها يجذبها نحوه بعنف لتأن الما لكنه لم يبالى يهتف بها بشراسة
: المفروض بعد كده كل حاجة ترجع حلوة جميلة، بعد ما ليله رضيت عن جلال...

لم تردى بما تجيبه او بماذا تخبره حتى تهدئ من ثورته فلم تجد امامها سوى ان تتحمل قسوة ذراعه من حولها تقترب بجسدها منه ترفعه يدها الى وجنته تتلمسها بنعومة عينيها تترقرق بالدموع هى تسأله دون كلام ان يملها فرصة للشرح والتوضيح لكنه لم يهتز بل ازدادت عينيه وحشية وشراسة يفسر تلك النظرات منها على انها محاولة لاخضاعه لها يفح من بين انفاسه هامسا كما لو كان يحدث نفسه قبل ان يكون يحدثها هى.

: وزى كل مرة، هضعف قصادك، ويحن قلبى ليكى وانسى كل الل حصل واتقال، بس لا يا ليله لا، المرة دى لاا.

دون ان يملها فرصة حتى لاستعاب حديثه انقض على شفتيها يقبلها بعنف وشراسة كانه يثبت لنفسه انها لم تنجح فيما تسعى اليه يبادر هو باخذ ما تعرضه عليه لكن دون ضعف منه تلك المرة تزداد قبلته لها قسوة حتى كاد ان يدميها كاتما شهقة الم منها وهو يتجه بها ناحية الفراش يلقى بها فوقه بعنف ثم وقف مكانه بجسد متشنج وعينيه تمر فوقها بغضب اعمى يرجف القلوب لكنها لم تتراجع بل ظلت مكانها تستلقى فوق الفراش وشعرها تنناثر خصلاته مشعثة حول وجهها تتطلع اليه بثبات برغم خوفها ورهبتها مما تراه منه لاول مرة تعلم علم اليقين انه لن يقوم بأذائها ابدا.

لكن يقينها هذا لم يمنع تلك الرجفة من السريان بجسدها يتوتر كل عصب بها وهى تراه يصعد الى الفراش يحيط جسدها بساقيه ثم ينحنى عليها يقبض على كفيها بيد واحدة بقسوة وعنف جعلها تصرخ بشدة لكنه كتم تلك الصرخة داخل شفتيه يقبلها مرارا قبلات متتالية بقسوة تارة وبرقة تارة اخرى ثم يعاود الكرة مرة اخرى كانه فى صراعه مع نفسه يستمر هذا الصراع فى كل لمساته لها رغم محاولتها اخراجه من حالته هذه بلمساتها وهمساتها الناعمة له تتحمل تقلباته مرحبة بها لعلها تكون تنفيسا عن ما بداخله من غضب واحباط اتجاهها.

لكنه حين انتهى لقائهم دفن وجهه داخل حنايا عنفها بتنفس بسرعة لترفع اناملها تدفنها فى مؤخرة عنقه تلامس خصلات شعره المتعرقة بلمسات ناعمة مهدئة حتى هدئت انفاسه المتسارعة تماما فتجمد جسده بين ذراعيها يبتعد عنها فورا كما لو لدغه عقربا الى طرف الفراش يعطيها ظهره بعد ان القى فوقها بالغطاء يطالبها باضطراب بتغطية جسدها يهمس لها بعد عدة لحظات صامتة بصوت مرهق اجش.

: ليله، انا مابقتش قادر اتحمل الوضع ده، مش قادر اتحمل ابقى دايما الاختيار التانى عندك، قلة ثقتنا ببعض هتفضل دايما حاجز بينا، انتى هتفضلى حاطة ظروف جوازنا ادام عنيكى دايما، وانا مش هقدر انسى كلامك واستعدادك تخسرينى فى كل مرة اتحطيت في فيها انا والارض فى كفة واحدة.

كانت اثناء حديثه تهز رأسها بالنفى تنكر كل ما قاله تتحرك فى الفراش تحاول الاقتراب منه تلملم الغطاء حول جسدها المرتجف تهمس بتلعثم ورجاء
: لااا، جلال ارجوك حاول تسمعنى.

هب واقفا حين شعر باقترابها منه يختطف ملابسه يرتديها سريعا وهو يهتف بصوت متحشرج رافض
: سمعت وشوفت كتير يا ليله، كفاية اووى لحد كده، طريقى وطريقك افترقوا لحد هنا، خلاص مابقتش قادر اكمل.

عند انتهاء اخر حروف كلماته كان قد انهى وضع ملابسه فوق جسده يسرع فى اتجاه الباب بخطوات متصلبة يغادر الغرفة فورا واضعا بينه وبينها حاجز قاسى فولاذى غير بابها بينهم لتنهار فوق الفراش تبكى بحرقة والم نادمة على انها اضاعته بسبب كبريائها وتهورها.

كان يدور فى ارجاء غرفة مكتبه كنمر حبيس يشد بعنف فوق خصلات شعره يحاسب نفسه بقسوة على ما فعله معها يصرخ بكل ما يعتمر فى نفسه من حنق وغضب موجها اليه للحظة الضعف تلك ينهر نفسه لما فعله بها، وكيف استطاع ان يكون عنيفا غير مراعى بتلك الطريقة معها، نعم هى لم تمانع او تقوم برفضه او مقاومته لكنه يدرك جيدا ان لم يترك لها المجال لفعل شيئ حتى ولو القيام بمقاومة واهية تتحمل تقلباته تلك بصدر رحب جعله يشعر بمدى حقارته معها، فقد كان كلما زادت افعاله عنفا عليها يجبره قلبه رغما عنه ان يعود لرقته معها ليوسوس له شيطانه بان هذا ما تريده، تريده ضعيفا رقيقا معها حتى تشعر بسلطانها عليه ليعود من جديد قاسيا عنيفا غير مبالى بألمها حتى عاد الى وعيه وما فعله بها ليحتقر نفسه بشدة لا يقوى حتى على النظر فى عينيها.

لقد اخبرها من قبل انها تستمر فى اظهار اسوء مافيه، نعم فامامها ينسى دائما كل ما تقوم به من اخطاء حتى عندما وافقت لاول مرة على زواجه باخرى، نسى واوجد لها العذر حتى انه اسرع الى اميرة ليلتها ليجرى معها اتفاقا لم يكن الغرض منه ايلامها ابدا بل تنبيها بخطر وخطأ ماقامت به ليعود بعدها وعند اول لمحة من الندم منها الى ضعفه امامها ينسى كل ما حدث ويقرر البدء بصفحة جديدة معها ما كاد ان يخبرها بلعبته تلك حتى طعنته فى مقتل حين اسرعت وللمرة الثانية بالتنازل عنه مقابل عودة تلك الارض اللعينة لها.

شعر بحسده كتلة من النيران حين تذكر كلماتها القاسية غير المبالية يومها ترتجف اقدامه بشدة تتباطأ انفاسه فتميد الغرفة به ليسرع باتجاه الاريكة يستلقى عليها فورا حتى يستطيع العودة لتماسكه ولكن تأتى الطرقات فوق باب الغرفة ثم تدلف صاحبتها الى داخل دون انتظار اذنه والتى لم تكن سوى والدته التى وقفت تتطلع ناحيته بتوتر شديد ووجهه شاحب قبل ان تقول باضطراب
: جلال، لازم اتكلم معاك فى حاجة مهمة حالا.

اجابها جلال دون ان يتحرك من مكانه بصوت مرهق جاف
: مش دلوقت يا امى معلش سبينى لوحدى انا تعبان مش قادر اتكلم مع حد.

قدرية وهى تتقدم الى داخل الغرفة هاتفة بقوة
: مينفعش الكلام اللى جاى اقوله انه يتأجل ولازم تسمعه حالا ودلوقت.

زفر جلال بقوة هاتفا هو الاخر بها بقسوة
: قلت مش عاوز اتكلم مع حد، ايه مش من...

لم تمهله قدرية الفرصة حتى يكمل حديثه هاتفة باصرار وحدة دون لحظة تردد واحدة
: ليله بتخونك مع ابن عمها وماسك عليها صور وبلاوى سودا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة