قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الرابع عشر

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الرابع عشر

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الرابع عشر

دلفت الى داخل الغرفة بعد افسحت لها قدرية الطريق ومازالت تلك الابتسامة الملتوية مرتسمة فوق شفتيها تتابع تقدم ليله الى الداخل ثم اغلقت الباب قائلة بصوت متهكم ساخر
: نقول حمد لله على السلامة ولا جاية علشان تسألى واجوبك.

ليله بهدوء عكس ما تنموج به المشاعر بداخلها
: انا افتكرت كل حاجة مش محتاجة غير اجابةسؤال واحد، وهو ليه؟
ليه ضحكتى عليا واخدتى منى الارض بالطريقة دى؟

صرخت قدرية بحنق وقد تشيطنت ملامحها قائلة
: ليه! بقى مش عارفة ليه؟! بقالك تلات شهور واكتر ذلنا علشانها الارض دى ولسه بتسألى ليه.

اقتربت من ليله بخطوات غاضبة سريعة تقف فى مواجهتها تفح من بين اسنانها قائلةوعينيها تتراقص بجنون مما جعل ليله تتراجع بخوف الى الخلف
: بس كده؟! من عنيا هقولك ليه، علشان يا بنت صالحة انا معنديش النفس الطويل اللى عند جلال وطولة البال والخطط بتاعته انا اخطف الحاجة اللى عوزاها وبعدها يحصل زاى يحصل.

ليلة بتردد وخشية
تقصدى ايه؟، تقصدى ان جلال كمان...

قدرية وقد لمعت عينيها بالخبث والشماتة
اه، اقصد اللى فهمتيه بالظبط اومال كنت فاكرة حاله اللى اتغير معاكى بين يوم ليله ليه؟ انه حبك وداب فى هواكى مثلا.

نكزتها فى صدرها تدفعها تكمل بقسوة
: فوقى لنفسك يابنت صالحة جلال لحبك ولاعمره هيحبك جلال اهم من الارض عنده مفيش، اللعبة كانت مرسومة من الاول وبالمظبوط هو يحنن ويدلع ويحب لحد ما توقعى وانا اجى اضرب ضربتى، فهمتى ولا لسه عوزانى اقول كمان.

شعرت ليله بالارض تميد من تحت اقدامها وجهها شاحب بشدة عينيها تتجمد داخلها الدموع لكنها حاولت التظاهر بالتماسك حين همست بضعف
: فهمت كل حاجة، مش محتاجة كلام تانى.

قدرية وهى تتحرك ناحية الفراش تجلس عليه براحة وعينيها تتطلع الى ليله بسخرية قبل ان تقول مستهزئة
: طيب كويس انك فهمتى اصل بصراحة الموضوع مرات الابن والحما الطيبة كان طول ومسخ اووى ولا ايه رايك.

لم تجيبها ليله بل تحركت ببطء ناحية الباب تبغى المغادرة وقد اصبح جو الغرفة مثقلا بالكراهية والحقد فيشعرها بالاختناق لكن تأتى كلمات قدرية لها توقفها قبل بلوغها الباب بعدة انشات حين قالت بسخرية متهكمة
: طبعا هتروحى لجلال تعيطيله وتقولى رجعلى ارضى مليش دعوة انت وامك ضحكتوا عليا وانا عاوزة الارض من تانى.

ليله دون ان تلتفت لها بصوت بارد لا حياه فيه
: وتفتكرى ده هجيب نتيجة بعد كل اللى عملتوه وتعبتوا نفسكم علشان توصلوا ليه.

قدرية ببرود هى الاخرى
: بصراحة لا ومش هينوبك وقتها غير كرامتك اللى هتتهان بعد ما جلال يطلع عليكى القديم والجديد ماهو مش سهل عليه اللى عمله برضه علشان يوصلك ولا ايه؟

شعرت ليله بكلماتها كطعنات تنخر فى قلبها بقسوة تدميه بجراح مستحيل شفائها وهى تعلمها بتلك القسوة ماذا كانت ومازالت بالنسبة له
لذا شعرت بعدم جدوى اى حديث معها تفتح الباب بعنف ثم تغادر الغرفة بخطوات سريعة دون ان تلتفت ولو لثانية ناحيتها بينما وقفت قدرية تتابع
خروجها تلك المرة بقلق دون ان توقفها قائلة تحدث نفسها وهو تلوك جانب شفتيها بتوتر.

: ياخوفى منك يا بنت صالحة، ياما نفسى المرة دى بالذات كرامتك هى اللى تفوز على عقلك زى كل مرة ومتعرفيش جلال حاجة عن كلامنا ده.

سرعان من تحول حالها للنقيض ترتسم تلك الابتسامة والتى تجعلها تحاكى الشيطان فى شره وخبثه قائلة
: بس هو انا لسه هستنى وبقى تحت رحمتك تقولى ولا متقوليش لاااا دانا هضرب ضربتى وبسرعة وصدقينى المرة دى ضربتى والقبر.

: عجبك اللى عملته ده يا اخر صبرى، انا كنت عارف انها مش هتعدى على خير.

صرخ علوان بتلك الكلمات الحانقة فى وجهه راغب المستلقى فوق الفراش تغطى الكدمات وجهه تماما
فاتحا عينيه بصعوبة من شدة تورمها وهو يحاول التركيز على حديثه والده بعد دخوله العاصف عليه لتهب فوزية والدته من مكانها بجواره هاتفة بحنق هى الاخرى
: ده وقته يا علوان انت مش شايف حاله عامل ازى الصباح رباح سيبه دلوقتى يرتاح.

جز علوان على اسنانه غيظا مقتربا منها صارخابعنف جعلها تتراجع الى الخلف خشية منه ومن غضبه
: انتى بذات تخرسى خالص، وكفاية عملتك السودا بقى تنزلى توطى على رجلين ابن الصاوى علشان يسيبلك المحروس ابنك.

فوزية بخوف وتردد
: لا كنت اسيبه يموت ابنك من الضرب علشان يعجبك وبعدين ده كل اللى همك، مش همك اللى عمله راغب مع ليلة.

هنا ودوى صوت راغب الشرس مقاطعا حديثهم وهو يعتدل فى الفراش متجاهلا الالام التى انتشرت فى جسده من اثر تحركه المباغت هذا
: خلاااص، اسكتوا انتوا الاتنين مش عاوز اسمع ولا كلمة منكم واطلعوا يلا وسيبونى عاوز ارتاح.

علوان مبتسما بتهكم قائلا
: اهو ده اللى انت فالح فيه الشخط والنطر فيا وفى امك انما ادام ابن الصاوى تبقى زى الفرخة الدايخة من خوفك منه.

ثم تحرك من مكانه متوجهاا ناحية الباب يكمل بغيظ وحنق
: قومى يا ولية من هنا خلينا نروح نتخمد، جتها نيلة اللى عاوزة خلف من صنفكم ان كان انت ولا اخوك الخايب التانى.

غادر علوان الغرفة بخطوات سريعة غاضبة تاركا خلفه جو من التوتر جعل فوزية تلتفت الى راغب الجالس ينظر بشرود بعد خروج والده العاصف قائلة
بتردد وخشية
: متزعلش يا راغب انت عارف ابوك طول عمره...

قاطعها راغب عن اكمل حديثها هاتفا بحدة
: روحى انتى كمان نامى ياما وسبينى لوحدى شوية.

هزت فوزية رأسها برفض قائلة
: لاا انام ايه، الدكتور قايل لازم حد يسهر معاك الليلة.

راغب وقد كادت قدرته على التحمل توشك على النفاذ قائلا بنفاذ صبر وحدة
: روحى ياما وسبينى دلوقت وابقى تعالى بعدين.

ترددت فوزية لوهلة تهم بالرفض مرة اخرى ولكنها تراجعت حين رفع لها راغب وجهه الحانق ناحيتها لتومأ له براسها بعدها بخوف ثم تغادر الغرفة بخطوات سريعة ليسود الصمت الغرفة قبل ان يهمس راغب محدثا نفسه بغل
: بقى كده يابن الصاوى انا يتعمل معايا كده وتخلينى مهزقة، طب وحياة الغالية اللى بتتحامى فيك منى لدفعك انت وهى التمن غالى وبزيادة.

تحرك مائلا بصعوبة والم ناحية الطاولة الصغيرة يختطف من فوقها هاتفه يجرى اتصالا من خلاله منتظرا اجابة الطرف الاخر لعدة لحظات قبل ان يهتف بجدية به
: ايوه، هيكون مين يعنى يا زفت، ايوه انا راغب، صحصح معايا كده واسمع اللى هقولك عليه ده كويس وتنفذه بالحرف، مفهوم
لتمضى به اللحظات يملى من معه على الهاتف كلمات سريعة متجهمة تلتمع عينيه بالشر والحقد كلما توغل فى الحديث معه.

تملل فى نومه بعد شعوره بالبرودة وافتقاده الدفء المنبعث من جسدها من جواره لتمتد يده بحثا عنها
وهو يغالب النعاس فيهب فزعا يناديها حين شعر ببرودة الفراش بجانبها عينه تجول باحثا عنها بقلق فى ارجاء الغرفة قبل ان يتنهد براحة حين وجدها تجلس فوق الاريكة عاقدة لركبتيها بذراعها وهو تتطلع نحوه بنظرات غامضة فيبتسم لها بنعاس قائلا بصوت اجش من اثر النوم.

: قاعدة عندك ليه فى البرد كده؟ تعالى هنا فى حضنى ادفيكى.

لم تتحرك من مكانها بل ظلت على وضعها بجلستها المتصلبة وعيونها المستقرة فوقه بجمود ليعقد حاجبيه بقلق ناهضا من مكانه سريعا متوجها ناحيتها ثم يجلس على عقبيه امامها انامله تتلاعب باصابعها المنعقدة بقوة ببعضهم البعض قائلا بحنان
: هنا برد عليكى تعالى نامى فى السرير احسن وابقى فكرى فيه زاى ما تحبى.

لم يتلقى منها ردة فعل سوى انها زادت من احتضان نفسها وهى تلقى برأسها فوق ركبتها مشيحة بوجهها للجانب الاخر بعيد عنه.

زفر جلال بقلة حيلة وهو يرى حالتها المتباعدة هذه عنه يشعر بنفسه مقيدا لايدرى كيفية التصرف حتى يعيد لها ابتسامتها والتى اصبحت تنير له الحياة بضيها واشراقة الفرحة بعينيها لينهض من مكانه جالسا بجوارها مادا اصابعه يبعد خصلات شعرها عن وجهها قائلا بصوت حاول اظهار الحماس به
: طيب ايه رايك من بكرة اخدك ونروح مكان نقضى فيه يومين انا وانتى بس.

انتظر منها ردة فعل على حديثه ليهتف بها قلقا حين قابله الصمت مرة اخرى
: ليله انتى كده بتقلقينى وتخوفينى عليكى؟
ادارت وجهها ترفعه ناحيته فجأة تنظر له ضاغطة فوق شفتيها المرتجفة تترقرق فى عينيها الدموع وهى تسأله بصوت يأس متألم
: بجد يا جلال قلقان عليا؟ بجد انت بتخاف عليا؟

جلال بنبرة خشنة قوية
: يااه ياليله بقى بتسألينى انا السؤال ده دانا مابخفش فى حياتى على حد ادك، انتى متعرفيش انا حسيت بايه لما جه فى تفكيرى ان ممكن الحيوان ده يكون اذاكى او عمل فيكى حاجة، انتى بقيتى روحى يا ليله.

انهى كلماته فوق شفتيها وهو ينحنى عليها يقبلها برقة متذوقا تلك الدموع المنهمرة فوقها يهمس لها بشوق ولهفة مابين كل قبلة واخرى
: انتى روحى، عقلى، عيونى، النفس اللى بتنفسه، الدنيا وكل ما فيها ليا.

كانت تشعر بكلماته كانها البلسم لجروحها كانت مع كل قبلة منه يلقى بأوجعها واحزانها بعيدا وهو ينحدر بقبلاته الناعمة نحو وجنتها وثم بشرة عنقها الحساسة قبل ان تجد طريقها مرة اخرى لشفتيها يخطفها بقبلة اضاعت منها الانفاس لتخدرها بين ذراعيه كالمغيبة من وهج المشاعر والاحاسيس المتدفقة بينهم تستلم تماما له حين رفعها بين ذراعيه بحنان متجها الفراش يضعها فوقه برفق وعينيه تحدق بها بعيون قاتمة من شدة الرغبة بها ينحنى عليها يقبلها بشغف بادلته اياه دون لحظة تردد واحدة منها تمتزج انفاسه بانفاسها كان الوقت والعالم تلاشى بهم ولا يبقى سوى جسديهم المتلاحمين عشقا ليعيشوا داخل جنتهم الخاصة.

استلقى جلال على جانبه مستندا براسه فوق ذراعه فوق الوسادة يتأملها فى نومها بأبتسامة رقيقة تتلاعب فوق شفتيه وهو يمرر انامله فوق ملامحها التى تفتنه رقتها ونعومتها وهى نائمة كطفلة سعيدة هانئة البال لتتسع ابتسامته حين نزلت اطراف اصابعه فوق شفتيها المتورمة من اثر ليلتهم العاصفة امس متذكرا كل تفاصيلها بدقة جعلت من نيران جسده تشتعل مرة اخرى رغبة وشوقا لها يشعر بالحياة تدب فى خلاياه كلما كان بقربها فهى اصبحت كالادمان بالنسبة له اصبح يعشق وجودها فى حياته مستعدا لفعل اى شيئ حتى لا يرى حزنا او قلقا داخل عينيها التى تسحره بروعة نظراتها التى تمتزج بها البراءة مع الكبرياء ليصبحا مزيجا لا مثيل له لا يراه الا معها فقط.

شعر بها تتملل بضعف من اثر ملامسته لها تهمهم فى نومها ثم تعاود النوم مرة اخرى بشفاه منفرجة بشق بسيط فتجذبه اليها ينحنى فوقها يقبلها ببطء وتروى يستمتع بكل لحظة بالقرب منها للحظات مرت عليه كالنعيم قبل ان تتحول طبيعة قبلاته لها لتصبح اكثر شغفا وجموحا حين علم باستيقاظها وتنبها له وللمساته الشغوفة بها تبادله قبلات هى الاخرى متأوة بنعومة اذابته تماما تخطفه للنعيم لم يشعر به الا بين ذراعيها ومعها...

كانت ليله تعلم باستيقاظ جلال واستلقائه بجوارها منذ فترة حولت خلالها التظاهر بالنوم برغم صعوبة فعل ذلك هربا من مواجهته فى ضوء النهار لعلمها بانها لن تستطيع اخفاء مشاعرها وحيرتها طويلا عنه فليلة امس استسلمت له بكل جوارحها رغبة وهربا منها بان تشعر ان ما قالته والدته لها ليلة امس لم يكن صحيح تحدث نفسها بان ما تراه منه من خوف ولهفة عليها هو الحقيقة وكل ما عداها كذب وافتراء عليه وانه يشعر وله بالقليل من المشاعر لها وان ما تراه فى عينيه هو معها هى الحقيقة ولا شيئا اخر سواها ولكن يأتى الصباح ومعه تأتى الظنون والشكوك كأنياب شرسة تنهشها بلا رحمة او شفقة، جعلتها تخشى القادم من ايامها.

لكن حين بدء فى تقبيلها بتلك الطريقة وانفاسه الدافئة تلامس وجهها فتسرى النيران فى عروقها وشعور من المتعة ينتشر بجسدها فلا تستطع الهرب منها تنسيها مرة اخرى العالم وما فيه لا تتردد لحظة تبادله قبلاته بشغف شديد تهرب الى نعيم قربه مرة اخرى دون لحظة تفكير واحدة.

لكن رغما عنها عاودتها افكارها السوداء بطرقات هادئة فوق باب خلايا عقلها تجاهلتها فى البداية هربا منها لكنها عاودت الطرق مرة اخرى ولكن بالحاح وعنف تلك المرة لتخرجها من جنتهم قسرا تجعلها تهمس له بضعف
: جلال انا عاوزة اتكلم معاك فى حاجة، جلال.

هتفت به فى اخر جملتها حين لم تجد منه استجابة فاخذت تحاول الهروب من الحاح عاطفته والتى كادت تغرقها مرة اخرى تحت هجوم لمساته وشفتيه فوق بشرتها تهتف مناديه له بصوت اكثر حزم رغم ارتجافه
: جلال، انا عاوزة اكلم معاك فى موضوع مهم جدا.

رفع جلال وجهه اليها بعيون قاتمة من شدة عصف المشاعر بها يهمس لها بصوت اجش مرتعش
: عيون جلال، انتى تأمرى وجلال ينفذ.

اتسعت عينيها تطالعه بذهول هامسة بارتجاف
: بجد يا جلال، بجد انا مهمة عندك كده.

جلال وشفتيه تمس شفتيها بحنان قائلا
: طبعا يا فرحة قلب جلال، استحالة يكون عندى اللى اهم منك لو مين ماكان.

ليله بتردد وهى تلوك شفتيها رعبا من اجابته عليها
: حتى ولو كانت الارض اللى اتجوزنا علشانها.

شعرت بانسحابه وتوتر جسده فوق نطقها كلماتها تلك مبتعدا عنها وقد تحول للنقيض تماما عما كان بين احضانها منذ لحظات قائلا توتر
: وانتى عرفتى الكلام ده...

فجأة التمعت عينيه بطريقة اخافتها قاطعا كلماته يكمل بدلا منها بخشونة وشك
: انتى رجعتلك الذاكرة و افتكرتى يا ليلة؟

اومأت له ببط ليسألها بتوتر وخشونة
: من امتى ده حصل؟

لم تجيبه بل اخفضت بعيونها بعيدا عنه ليدفع بيده اسفل ذقنها رافعا وجهها اليه يعيد سؤاله ولكن بهدوء
تلك المرة لتجيبه بعد لحظة تردد بخفوت
: لما كنت فى بيت اهلى لما راغب حاول انه...

ارتعشت بعنف حين تذكرت ليلتها تلك وماحدث معها فيها ولم يكن حاله هو ايضا بافضل منها وقد رات توهج عينه عنفا واجرام حين اتت على ذكر راغب وما فعله
قائلا وهو يضغط فوق اسنانه يفح من بينهم
: وياترى افتكرتى لوحدك ولا بمساعدة حد.

للمرة الثانية تخفض عينيها عنه ليزفر بقوة هامسا بخشونة
: كده فهمت، علشان كده حالك متغير من وقتها والموضوع مكنش من صدمة اللى حصل من راغب مش كده يا ليله؟

حين قابل سؤاله الصمت اجابة عليه اومأ براسه ببطء ثم فجأة تحرك من الفراش مغادرا متوجها الى الحمام بخطوات سريعة يغلق الباب خلفه بهدوء شديد جعلها ترتجف خشية اكثر مما لو كان دفعه بعنف لعلها تعلم منه ما يدور بداخله من افكار.

مر بها الوقت ظلت مكانها خلاله تنتظر خروجه وقد اجرت حديث عنيف اللهجة مع نفسها تنهرها لضعفها وما تشعر به من توتر انتظارا لردة فعله تتسأل بحنق لما كل هذا وهى من معها الحق هنا هى من تم التلاعب بها وبعواطفها من اجل وصولهم الى هدفهم دون مراعاة لها ولا لمشاعرها لذا اتخذت قرارها ولا رجعة فيه بانها سوف تجرى هذا الحديث معه وقد طال انتظارها حدوثه ولا تراجع عنه بعد الان.

خرجت من افكارها على صوت فتح الباب ثم يخرج منه يلف خصره بمنشفة متوجها الى خزانته يخرج منها ملابسه دون ان يلتفت اليها لتظل تراقبه للحظات بعيون منتبه لاقل حركة منه قبل ان تناديه بصوت خافت فيلتفت اليها ببطء لتكمل قائلة
: عاوزة اتكلم معاك، فى حاجات كتير لازم افهمها ولازم نتكلم فيها.

لمعت عينيه بمشاعر لم تستطع التعرف عليها الا من لمحة الم سرعان ما اختفت قبل ان تتبينها كانها سراب قبل ان يعود باهتمامه الى ملابسه يكمل ارتدائها قائلا بصوت خالى من التعبير
: حاضر يا ليله، اللى تشوفيه. مدام شايفة انك محتاجة الكلام فى اللى فات، فحاضر.

لم شعرت بالذنب وكانها قامت باهانته لم هذا الاحساس بعدم الراحة الذى اخذ ينغزها بقسوة بعد حديثه هذا لها، ما الخطأ فيما قالته فهى تحتاج لاجابات ويحب ان تحصل عليها.

مرت لحظات صامتة بينهم كانها الهدوء الذى يسبق العاصفة حتى تعالت الدقات فوق باب الغرفة فهمت بالنهوض لفتح الباب ليشير اليها جلال بالتوقف بحزم ثم يتوجه هو ناحية الباب يفتحه ليطالعه وجه نجية المرتبك قائلة بلهاث
: سيدى جلال، الست قدرية عوزاك تحت ضرورى وبتقولك لازم تنزل لها حالا.

اومأ جلال قائلة بهدوء
: طيب انزلى انتى يا نجية وقوليلها انا نازل حالا.

هزت نجية رأسها بالموافقة مغادرة ليلتفت جلال الى ليله بوجهه قائلا بهدوء
: انا هنزل اشوف فى ايه، وانتى اجهز وحصلينى.

ثم غادر فورا يغلق الباب خلفه دون ان يملها الفرصة للاجابة تقف مكانها للحظات متردد خائفة مما هو قادم لكنها نفضت عنها اى مشاعر سلبية تتجه بعزم ناحية الحمام استعدادا للمواجهة القادمة.

نزلت الدرج بهدوء ثم تتجه ناحية غرفة المكتب ليوقفها صوت نجية وقد كانت تقف اسفل الدرج قائلة بسرعة
: ست ليلة، سيدى جلال فى اوضة السفرة مش فى المكتب وهو مستنيكى هناك.

ابتسمت لها ليله بضعف قبل ان تتوجه ناحية غرفة السفرة تهم بدخولها حين استوقفها صوت جلال الغاضب قائلا
: طيب وده ينفع يا امى انا مش قلت محدش يكلمها فى حاجة وانا هفهمها بطريقتى.

قدرية بصوت خافت متردد
: طب وكنت عاوزنى اعمل هى اللى جاتلى عاوزة تتكلم وكانت عارفة كل حاجة وانا مقلقتش حل غير اقولها الحقيقة.

زفر جلال بغضب يهتف بها
: دلوقت هتعند وقليل اما عملت لنا فضيحة فى البلد كلها مانت عارفة انها رافضة الموضوع كله من الاساس انت كده هديتى كل اللى عملناه.

هنا ولم تحتمل ليله الاستماع للمزيد وقد وضحت لها الصورة تماما دون الحاجة لاى حديث معه لتندفع الى داخل الغرفة كالعاصفة تصرخ بغضب اعمى وغل
: متخفش يا جلال بيه مفيش فضايح ولا حاجة. رجعلى ارضى وصدقنى مش هبقى على ذمتك لحظة واحدة بعدها، الا والله لافضحكم فى البلد كلها واقول انك سرقت مراتك وكنت طمعان فيها وفى مالها وبرضه هطلق منك بعدها بس بعد ما اكون فضحتك.

توقفت عن الحديث تتطلع فى عينيه المذهولة بعيون جاحدة مغلولة لاترى شيئ مما حولها ولا حتى قدرية والتى وقفت تتابع الموقف بابتسامة منتصرة شامتة
حتى هتف جلال بها مذهولا ووجهه شاحب
: انتى بتقولى ايه، انتى اتجننتى بقى بتقوليلى انا الكلام ده ياليله.

ليله بغل وحقد اعمى وقد تحفزت كل خلية فى جسدها صارخة
: ايوه بقولك كده يا جلال بيه، ايه كنت فاكر انى هفضل عامية وعايشة فى بحر العسل اللى نيمتنى فيه على طول.

صرخت تكمل بصوت وصل لعنان السماء
: اصحى يا جلال بيه وفوق لعبتك انت والست الوالدة انكشفت خلاص والارض اللى اخدتوها منى بلعبتكم الوسخة دى هترجع يعنى هترجع.

تطلع جلال فيها بعيون عاصفة لا تظهر على وجهه اى ردة فعل لكلامها للحظات وقفت فيها تنهت بعنف وهى تبادله النظرات بتحدى وغضب ثم فصم نظراته عنها يلتفت الى والدته يسألها بهدوء شديد يدرك من يعرفه بانه اشد خطورة فى حالته هذا عنه فى غضبه الشديد
: ليله بتتكلم عن ايه بالظبط يا امى؟

همهمت قدرية بتردد قبل ان تقاطعها ليله تتوجه بالكلام له بعنف وغضب
: انت بتسألها كانك متعرفش حاجة، لسه عاوز تكمل كذبتكم لاخر، فاكر انى لسه عبيطة وهصد...

: انت تخرسى خالص ومش عاوز اسمع ليكى صوت لحد ما اخلص خالص وافضالك فاهمة.

فزت ليله فزعا حين صرخ بها بتلك الطريقة تراه على حالته والتى راته عليها لاول مرة فى منزل ذويها بعد علمه بفعلة راغب الدنيئة معها وقد انتفخت عروق رقبته تلتمع عينيه بالوحشية ووجهه محتقن بدماء الغضب ولكن تلك المرة كان كل هذا موجها لها لتصمت فورا وقد ارهبتها حالته هذه تراه يلتفت الى والدته قائلا بصوت حاد وغضب مكبوت
: امى تعالى معايا على المكتب حالا.

تحرك متوجها للباب يمر بجوار ليله يدفعها بكتفه فى كتفها متجاوز اياه كالعاصفة قبل ان يتوقف بغتة قبل بلوغه الباب قائلا بصوت عاصف موجها حديثه لها تلك المرة
: وانتى كمان حصلينى المكتب حالا واياكى تتأخرى.

وقفت مكانها ذاهلة للحظات تمر بجوارها قدرية بخطوات بطيئة تبتسم ابتسامة مغيظة لا تم لحالتها قبل قليل امام جلال بصلة تغادر هى الاخرى الغرفة.

بينما وقفت ليله مكانها باقدام تقيلة وجسد متجمد تسرى البرودة فى عروقها شاحبة شحوب الموتى حتى وصل الى مسامعها جلبة شديدة بالخارج جعلتها تخرج من حالتها هذه تتحرك مغادرة هى الاخرى الغرفة بخطوات هامدة بطيئة تتوقف مكانها متسعة عيونها وهى ترى تلك الوافدة الجديدة والتى وقفت فى وسط البهو تستقبلها قدرية بفرحة شديدة وهى تمهرها بالقبلات والاحضان فتلتفت ليله ناحية جلال الواقف بجوار غرفة مكتبه مستندا فوق اطاره بجسده وجهه قاتم وعينيه تتبادل النظرات مع تلك الغريبة والتى انسحبت من بين ذراعى قدرية موجه حديثها الى جلال قائلة بدلال وعيونها تتراقص رموشها بغنج.

: ايه يا جلال مش هتيجى تسلم عليا وتقولى حمدلله على السلامة
لم يتحرك جلال بل ظل مكانه يتبادل وهو وتلك الغريبة النظرات غير المقرؤة لها شعرت ليله معها بان هناك الكثير والكثير خلف نظراتهم تلك وان قدوم تلك الزائرة لن يمر مرور الكرام فى هذا المنزل ابدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة