قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني عشر

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني عشر

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني عشر

كانت جالسة تستمع لكلمات قدرية لها بوجه شاحب مصدوم تزداد خفقات قلبها سرعة منذ بدء حديثهم والذى بدئته قدرية قائلة بحزن
: انا هقولك على كل حاجة يا بنتى بس عاوزة منك تحلفيلى على كتاب الله ان اللى بينا ده هيفضل سر انا مش حمل اللى هيعمله فيا جلال لو عرف انى قلتلك.

اسرعت ليله تهز راسها بالايجاب بلهفة وتأكيد ثم تنهض باتجاه احدى الادراج تحت انظار قدرية المتلفهة تخرج احدى المصاحف وتضع يدها عليها وهى تهمس بيمين الله ان يظل حديثهم سرا لا يعلم احد عنه شيئا مهما جرى.

وضعت كتاب الله مكانه ثم عادت الى قدرية تجلس امامها مرة اخرى وكلها اذان صاغية فى انتظار حديثها لتتنهد قدرية بحزن واسف مصطنع وعينيها تلتمع بدموع التماسيح قائلة.

: الحكاية ليها زمن. من ايام الغالى ابو جلال كان دخل فى كذا مشروع ورا بعض بس الله يجازى اللى كان السبب وبسببهم بقى كل مشروع منهم يفشل ويسيب وراه تل ديون وهما مستكفوش بكده لااا دول فضلوا يضغطوا عليه ويشتروا ديونه من الديانة لحد ما اضطر فى الاخر يبيع ليهم اكبر حتة ارض من ارضنا ومات بحسرته بعدها.

سقطتت دموعها فوق وجنتها تكمل بصوت متحشرج ضعيف جعل ليله تبكى هى الاخرى معاها عطفا عليها وهى ترى تلك المرأة القوية منهارة بهذا الشكل امامها
: بس طبعا ارض دى كانت تمن جزء بسيط من الديون اللى علينا وكل يوم والتانى يجى حد عاوز حقه وفلوسه وجلال وعمك صبرى بقوا يحولوا الديون عليهم ويحاولوا هما يسدوها، بس خلاص ياليله مبقاش فى ايدينا حاجة تانية نعملها.

ليله بخوف وصوت مرتجف رعبا
: ازاى ياماما فاهمينى.

قدرية وهى تجهش بالبكاء تمسك بكف ليه تضغط عليه بقوة
: خلاص يا بنتى مبقاش فاضل حاجة نبعها غير البيت اللى أوينا فيه و جلال وعمك صبرى بقوا مهددين بالسجن فى اى لحظة وطبعا جلال استحالة هيسيب عمه يتسجن وهتبقى كل المصايب عليه لوحده.

انفجرت بالبكاء بصوت تقطع لها نياط قلب ليله لتسرع بالاقتراب منها تضمها الى صدرها فلم تجد مقاومة من قدرية ترتمى فى احضانها وهى تبكى قائلة
: من يوم ما دخلتى دارنا وانا عقلى كان كارهك هنا بس قلبى يقولى لاا متقسيش عليها دى حنينة وطيبة و هى ملهاش ذنب فى اللى عمله اهلها زمان وهو طلع قلبى عنده حق ويوم ما حبيت افضفض كان معاكى انتى.

عقدت ليله حاجبيها بحيرة تهمس بذهول
: مش فاهمة تقصدى ايه، وايه اللى عمله اهلى زمان.

ابتعدت قدرية عنها سريعا تهمس بارتباك
: مفيش يا حبيبتى، ده ماضى وعدى عليه زمن وهو برضه جدك حاول يصلح شوية منه قبل جوازك بجلال.

زادت حيرة ليله اكثر من حديثها تسألها بصوت متوجس خائف من اجابتها على سؤالها
: انتى تقصدى ان عيلتى هى اللى...

مر لحظة انتظارها اجابة قدرية عليها كالدهر حتى هزت قدرية رأسها بالايجاب ببطء وهو تقول متنهدة بحزن
: عمك علوان وابنه راغب الله يجازيهم هما السبب فى اللى احنا فيه.

اسرعت تكمل بتأكيد وحزم عندما لاحظت بادرة شك تظهر فى عينى لليله
: بس جدك مكنش يعرف عن لعبهم الوسخ ده حاجة وعلشان كده لما جه جلال اتقدملك حب جدك يفتح صفحة جديدة معانا وكتبلك ارضنا دى باسمك كهدية جواز منه ليكى ولجلال، بس هنقول ايه يلا ربنا يرحم امواتنا جميعا ويجازى اللى كانوا السبب.

نهضت قدرية تمسح دموع التماسيح عن وجهها قائلة بحزن تنظر لليله الجالسة بشرود وجمود مكانها لتلتمع عينيها بخبث للحظة قبل ان تتنهد وبحزن واسف مصطنع قائلة
: يلا يا بنتى معلش دوشتك وشيلتك الهم فى حاجة ملكيش ذنب فيها بس هعمل ايه كنت محتاجة افضفض مع حد. تصبحى على خير.

تقدمت بخطواتها باتجاه الباب ببطء بينما جلست ليله كانها بعالم اخر للحظات قبل ان تنتفض من مكانها تنادى قدرية بحزم لتتوقف خطوات قدرية قبل بلوغها الباب بعدة سنتمترات تلتوى شفتيها بابتسامة جذلة خبيثة ثم تلتفت الى ليله بحال اخر اسرعت برسمه فوق ملامحها تلونها بالحزن العميق والانكسار لكنها كادت ان تفضح حين سمعت ليلة تقول بصوت جاد حازم.

: لو حضرتك تقدرى تشوفى محامى يقدر يشوف بيعة لارض دى فى اقرب وقت وانا مستعدة فورا.

كادت قدرية ان ترقص فرحا لنجاح مخططها لكنها تمالكت نفسها قائلة بذهول واستنكار
: بتقولى ايه ياليله هو انا كنت بحكيلك علشان تقوليلى كده، ليه يابنتى كده تزعلينى منك.

تقدمت منها ليله تحتضنها بقوة قائلة بعاطفة وحنان
: ليه ياماما؟، انتى قلتى بنفسك انها هدية جدى ليا ولجلال يبقى ليه الزعل وبعدين لو ده مش وقت نبيع فيه الارض هيكون امتى؟ صدقينى يا ماما هو ده الحل الوحيد.

لمعت عينى قدرية بجشع تلتمع اسنانها بأبتسامتها الجذلة قبل ان تبتعد عن حضن ليله تنكس رأسها متظاهرة بالاستسلام
: بس جلال استحالة هيوافق ولو عرف حتى انى قلت...

ليله سريعا مقاطعة اياها
: جلال مش هيعرف حاجة. انا همضى لحضرتك على توكيل وبيه تقدرى انتى تتصرفى فيها بمعرفتك وبفلوسها تقدرى تساعدى جلال كانها منك انتى.

اتسعت عينى قدرية قائلة بذهول مصطنع
: انتى عاوزة تعمليلى ليا انا توكيل بيبع الارض.

ليلة بتأكيد وحزم
: ايوه هو ده الحل الوحيد واظن المحامى تبع العيلة هنا يقدر يخلصه فى اسرع وقت ومن غير جلال ما يعرف حاجة.

هزت قدرية رأسها قائلة بتفكير
: هو المحامى يقدر يعمل كده بس...

ليله وهى تضمها مرة اخرى بحنان قائلة
: مفيش بس ياماما، انا وجلال واحد واستحالة هقف اتفرج عليه وهو بيضيع مننا وانا فى ايدى الحل.

ضمتها قدرية هى الاخرى بقوة قائلة بسعادة حقيقية هذه المرة وعينيها تتراقص بغبطة شديدة
: خلاص يا ليله خلاص، اللى تشوفيه يا حبيبتى.

: اهو انا عملت اللى قلت عليه والمطلوب بالظبط مش هتقولى بقى عملنا كده ليه.

قالها علوان لراغب والذى جلس يطالع بعدد اوراق امامه بعناية قبل ان يقول بلا مبالاة
: علشان نربط شروق بسعد فى اقرب وقت و ليله كمان تيجى تقعد هنا ماهى مش ممكن تسيب اختها الوحيدة من غير ما تحضر معاها تجهيزات فرحها حتى لو ابن الصاوى عمل ايه علشان يمنعها.

هز علوان رأسه بعدم تصديق وانبهار قائلا
: انت دماغك ايه يا واد انت، شيطان.

ابتسم راغب ابتسامة ملتوية هو مازال على اهتمامه بتلك الاوراق دون ان يعير والده اهتمام ليسود الصمت للحظات تململ خلالها علوان ليعاود سؤاله بفضول
: ايه الورق اللى معاك ده وفيه ايه مهم يخليك مركز اووى كده.

ترك راغب الاوراق من يده ببطء ثم تراجع فى مقعده ينظر الى والده بتفكير للحظة يسأله بعدها متمهلا
: ولو قلتلك هتسمع وتفكر معايا ولا هتهيص وتزعق وتفرج علينا البلد.

علوان بقلق وارتعاب
: ليه هو فيه الورق ده بالظبط.

راغب بأبتسامة تخفى ورائها غضب وثورة عارمة
: ده ورق اخدته من المحامى بتاع ارض الست ليله والست شروق اللى جدى كتبها ليهم وبعلم ابنك سعد قبل ما يموت.

دلف الى داخل جناحهم بلهفة يجيل عينيه فيه بحثا عنها وقد تأخر موعد عودته عما نوى وقاله لها واصبح الوقت بعد منتصف الليل بقليل ليتأكله القلق حين وجده فارغا منها فيهرع ناحية الباب بغاية البحث عنها لكن يأتى صوتها الهامس المنادى باسمه برقة ونعومة يوقفه مكانه ملتفا الى خلف بلهفة لكن فرغ الهواء فجأة من الغرفة تتسارع نبضات قلبه بصخب عالى داخل صدره والذى اتسع لذلك الشهيق العميق من الهواء محاولا اخذ اكبر قدر منه داخله وجسده يقف مكانه متسمرا بعينين تحدق فى تلك الحورية الرائعة الجمال المثيرة التى هلت عليه من داخل الحمام ترتدى ثوب نوم قرمزى ذو صدر من قماش الدانتيل الشفاف ينحدر فوق جسدها رائع التفصيل بروعة وافتتان وهى تتقدم منه بخطوات بطيئة خجول تلوك شفتيها وخصلات شعرها الغجرية تحيط وجهها بملامحه الناعمة الرقيقة ليجعله تقدمها منه ينسى التنفس للحظة حتى اصبحت بالقرب منه لايفصل بينهم سوى انشا واحدا قطعته هى حين وقفت فوق روؤس اصابعها ترفع نفسها اليه مقبلة وجنته برقةوهى تعقد ذراعيها حول عنقه تضم جسده اليها تلامسه حرارة جسدها لتزيد من لهيب حرارته المتصاعدة حين هم همست بنعومة فوقه بشرته تلهبه.

: اتأخرت عليا ليه، ووحشتنى اوووى.

لم يجيبها بل اغمض عينيه تتعالى انفاسه محاولا فرض السيطرة على نفسه محدثا اياها ان تتماسك ولا تنهار تحت وطأة قربها المهلك منه لكن انهارت جميع محاولاته تلك حين انحدرت شفتيها فوق بشرة عنقه تقبلها برقة قبل ان تدفن وجهها فى حنايا عنقه قائلة بعتاب وتدلل
: جلال انت ساكت ليه؟ وهو انا ما وحشتكش؟

ارتجف جسده تأثرا بها يبتلع لعابه بصعوبة فتتحرك تفاحة ادم خاصته صعودا وهبوطا وهو يقول بصعوبة بالغة وصوت خرج متحشرج مرتجف
: لاا، وحشتينى، هو، انتى لسه صاحية ليه؟

رفعت وجهها اليه وهى تزم شفتيها بعتاب قائلة
: بقى كده كنت عاوزنى انام قبل ما اطمن عليك.

جلال مرتجفا و القبضة التى فى صدره تعتصر قلبه اكثر وهو يقول بخفوت
: طيب انتى مش اطمنتى عليا، يبقى تنامى بقى الوقت اتأخر عليكى.

مررت طرف اناملها فوق صدره قائلة برقة ودلال
: مااشى موافقة، بس مش هتقولى تصبحى على خير الاول.

جلال بمجهود شاق وصوت خرج اجش رغما عنه
: تصبحى على خير يلا روحى نامى بقى.

عقدت ذراعيها خلف عنقه تتعلق به تهمس بشفاه مصبوغة بطلاء قرمزى اطار الباقى من عقله امام روعة جمالها
: بس انا مش عاوزة انام دلوقت عاوزة اقعد معاك.

زفر جلال بقوة يهتف بها برجاءوصوت مرتجف
: ليله، ارحمينى، وروحى نامى قبل ما تطيرى شوية العقل الباقين وارجع فى كلامى.

ضغطت باسنانها فوق شفتيها تهمس من بينهم بخجل ولكن تغلبت عليه جرائتها والتى اكتسبتها حديثا
: طيب لو قلتلك ان انا مش عاوزة شوية العقل دول بينا الليلة، هتقولى نامى برضه.

وقف مكانه بقبضتين مضمومتين بقوة وجسد ووجه متجمد لا يظهر لمحة من التأثر عليه لتشعر بالاحباط يتسلل اليها لاتعلم عن النار المستعيرة به شيئا وهى تلتفت مبتعدة بجسدها عنه ببطء قائلة بندم
: الظاهر انى بضغط عليك، وان فعلا...

شهقت بذهول حين التف ذراعه حول خصرها يجذبها اليه قابضا بشفتيه فوق شفتيها بقوة وشوق فيختفى الباقى من حديثها بينهم تستكين فورا بين ذراعيه تبادله قبلته بشوق وشغف هى الاخرى تمر اللحظات بهما فى عالم الخاص حتى ابتعد عنها اخيرا ينهت بعنف وجبينه مستندا بضعف فوق جبينها قائلا بتردد وصوت مرتعش شوقا
: خايف ترجعى تندمى وتكرهينى بعد كده...

رفعت كفها تغطى به فمه تهز راسها برفض قاطع تهمس هى الاخرى وعينيها تلتمع شوقا ولهفة له
: مش ممكن ابدا ابدا اندم على لحظة واحدة تقربنى منك.

طبع بشفته قبلة رقيقة فوق كفها حاسما امره بعد كلماتها الرقيقة تلك ينحنى عليها رافعا اياها بين ذراعيه متوجها بها ناحية الفراش يضعها برفق فوقه ثم ينضم اليها فيه لينتهى اى حديث اخر بينهم ليبدء حديث من نوع اخر لا مكان فيه للكلمات بل للمشاعر فقط.

كانت قدرية فى غرفتها تجوب ارضها بتوتر تهمهم من بين الحين والاخر بكلمات غاضبة حانقة قبل ان تتعالى طرقات فوق بابها لتأذن للطارق بالدخول ليدلف فواز يهمس بسلام متردد متقدما للداخل بخشية لتهتف به قدرية بغضب
: اتأخرت ليه ياغبى انا مش مكلماك من ساعة واكتر وقلتلك تيجى ولا خلاص مبقتش قادر تستغنى عن قعدة الاونس مع اصحابك.

فواز بتردد ومحاولا تهدئتها
: غصب عنى والله يا مرات عمى العربية عطلت منى فى الطريق وده اللى اخرنى.

رمقته قدرية بنظرة نارية يظهر عدم تصديقها له فيها زاد معها فواز ارتباكا قبل ان تقول قدرية بحنق
: طب اتنيل اقعد خلينا نتكلم فى المهم.

جلس فواز سريعا فوق المقعد تتبعه قدرية قائلة باهتمام
: اسمع اللى هقولك عليه وتنفذه بالحرف وبكرة الصبح بالكتير الورق يكون عندى.

فواز بعدم تصديق
: ايه ده هو انتى خلاص عرفتى تقنعيها تكتب الارض لجلال.

تراجعت قدرية للخلف بزهو قائلة بانتصار
: لاا انا خلتها تعملى اللى احسن من كده انا خلتها تعملى توكيل بيبع الارض يعنى اقدر ابيعها اللى انا عوزاه وبراحتى وكله بالقانون.

انحنى فواز فوق كفها يقبله هاتفا بفرحة
: الله عليكى يا مرات عمى وعلى دماغك الالماظ دى وطبعا انتى هتكبيها لجلال ومن غير ما ندفع ولا مليم صح.

ابتسمت قدرية بخبث قائلا
لا، مش لجلال، جلال لوعرف بلى عملته تانى يوم هيرجعلها ويبقى ولا كاننا عملنا حاجة.

عقد فواز حاجبيه بحيرة وتفكير للحظة هاتفا بعدها بانتصار
: صح كلامك، يبقى انتى هتكتبيها لنفسك.

زادت ابتسامة قدرية وعينيها يزداد بريقها بخبثا ولؤما تسرع فى مقاطعته قائلة بحزم عندما هم بسؤالها مرة اخرى حين طال صمتها
: مش لازم تعرف كل حاجة خليها لوقتها انا المهم عندى نخلص موضوع التوكيل ده فى اسرع وقت علشان ننفذ كل حاجة بعدها بسرعة قبل ما جلال ولا حد من المغاربة يعرف.

تراجع بظهره على الفراش لكنه جذبها معه لتستلقى بين احضانه وراسها مستقر فوق صدره ليظلا هكذا لمدة من الزمن لا يقطع الصمت السائد فى الغرفة سوى صوت انفاسهم المتعالى حتى همست ليله بخجل باسمه ليفتح عينه سريعا يطالعها بلهفة فيرى فى عينيها سؤال وحيرة خجلت ان تصرح بهما بشفاها لينحنى فوق جبينها مقبلا اياه برقة شديدة ثم ينظر الى عينيها بنظرات عاشقة ولهة قائلا بصوت اجش.

: عارف يا قلب جلال عاوزة تسألينى عن ايه.

خفضت عينيها بخجل عنه ووجنتيها تشتعل بالحمرة ليمد انامله اسفل ذقنها رافعا وجهها اليه هامسا برقة وحنان
: انتى اللى طلبتى منى اننا ناخد فترة علشان نتعود فيها على بعض ده غير ان حصلت شوية ظروف...

زفر بقوة يقطع حديثه تظهر الحيرة والتردد فوق ملامحه لا يدرى كيف يصيغ الباقى من حديثه لها قبل ان يهم بالحديث مرة اخرى لكنها قطعت ما تبقى من حديثه بوضعها سبابتها فوق فمه برقة ظنا منها انه يقصد بتلك الظروف فترة وفاة جدها لتنهى الحديث عنه هامسة بخجل
: خلاص مش عاوزة اعرف حاجة وكفاية اننا مع بعض دلوقت وانى اكون فى حضنك وبس.

شدد من احتضانها بقوة الى صدره تتصارع المشاعر داخله لا يدرى كيف يوضح لها ظروف زواجهم وماحدث تاليا بعدها خائفا ان يعود معها لنقطة الصفر
دون ان تمهله الوقت حتى يمحو كل ذكرياتهم السيئة معا...

انهت هى هذا الصراع الدائر بداخل عقله حين اعقبت حديثها تدس وجهها فى تجويف عنقه تطبع قبلات ناعمة رقيقة ارتجف لها جسده بعنف زافر من قوة الاحاسيس التى هاجمته فى تلك اللحظة فينسى معها اى حديث اخر قد نوى التفوه به يخطفها معه الى عالمهم الخاص مرة اخرى بعيدا عن كل شيئ قد يعكر صفو تلك اللحظات بينهم.

مرت ايامها معه كانها الجنة تحلق عاليا بسعادة تطفو فوق كل مشاعرها فقد جعلها تشعر بنفسها اميرة فى احدى الروايات وهو يغرقها باهتمامه دلاله لها فى كل لحظة من يومهم يبثها عشقه وولهه فى كل مكان وفى اى وقت لا يوقفه شيئ عنها متجاهلا نظرات ساكنى البيت له ولها اما لياليهم فقد كانت كالسحر لا ينتهى الا بظهور خيوظ النهار لايمل او تنقص رغبته بها بل تزداد شغفا ليله وراء ليله حتى اتى ذلك اليوم وقد اتصلت بيها شروق تخبرها بانه قد تم تحديد موعد زفافها من سعد بناء على رغبة عمها خوفا عليهم من حديث اهل القرية عنهم خاصا بعد وفاة جدها ورغبتها بحضورها الى المنزل حتى تكون معها اثناء تحضيرات الزفاف تنهى معها الحديث برجاء ودموع حاولت كبتها تظهر خوفها من عدم حضورها او رفض زوجها لحضورها لكن ليله اسرعت تطمئنها بثقة لا تملكها انها ستكون معها ولن تتأخر للحظة عنها.

وهاهى تقف امام باب مكتبه تطرقه بتردد ثم دلفت الى الداخل بعد سماحه لها بالدخول تناديه بصوت متردد ليهب واقفا من خلف مكتبه اتيا ناحيتها سريعا ليجذبها فورا الى احضانه دون ان يمهلها الوقت حتى لطرفة عين اخذ يقتل شوقه اليها يدس انامله فى خصلات شعرها من الخلف جاذبا رأسها اليه يثبتها امام فمه قبل ان ينقض عليها مقبلا اياها بشوق وشغف عارم سرق منهم الانفاس لدقائق لا تعلم مداها غائبين عن العالم تماما حتى ابتعد اخيرا عنها يضمها داخل اضلعه بقوة هامسا بتحشرج.

: وحشتينى، تعرفى ان كنت لسه حالا هطلعك فوق.

ابعدها عنه يطالع وجهها المشتعل وخصلاتها المبتعثرة حول وجهها بجنون بشغف هامسا بعدها بخبث وعينيه تلتمع بنار الاثارة
: بس قلت لنفسى اعقل يا جلال عاوز البيت يقول عليك ايه، وبعدين الليل طويييلو هيبقى كله لينا لوحدنا وبس.

اعقب جملته الاخيرة بغمزة خبيثة من عينيه جعلتها تنكزه فى صدره تهتف بخجل توقفه عن الحديث.

فهتف بها باستنكار مصطنع قائلا
: طيب انا قلت ايه دلوقت مش دى الحقيقة..

ليله قائلا بتحذير مستنكر
: جلال، والله لو ما سكتش هسيبك واخرج ومش هقولك كنت عوزاك ليه.

لف خصرها بذراعه يقربها بقوة من جسده هامسا امام شفتيها بشغف
: طيب ما تسكتينى بطريقتك حتى علشان اسمعك بعدها تركيز.

اخذت ليله تلوك شفتيها تهز كتفها برفض ودلال ليهتف جلال بها بدهشة
: والمفروض بعد حركتك دى انى اسمع كلامك بعدها
شكلك لسه متعرفنيش يا ليله هانم.

اعقب حديثه ينحنى سريعا فوق شفتيها بفمه يقبلها بلهفة وجنون فلم تجد امامها سوى ان تهمم بمعارضة واهية بين شفتيه قبل ان يقضى عليها بأزدياد قبلاته حرارة وشوق جعلها تنسى تماما لما كان حضورها اليه من الاساس حتى ابتعد عنها اخيرا يتنفس بعنف قائلا
: هتجنن بيكى، انا مبقتش عارف ابعد عنك لدقيقة واحدة.

اخرجتها كلماته من حالة السكر التى اصابتها تجدها فرصة لبدء الحديث عن سبب حضورها اليه هامسة له بتردد
: لا ماهو انت لازم تتعود غيابى عنك اليومين الجايين دول.

عقد جلال حاجبيه بحيرة فمدت اناملها تتلاعب بازرار قميصه وعينيها فوقهم هربا من مواجهة عينيه تهمس قائلة
: ماهو ده الموضوع اللى كنت عاوزة اكلمك فيه بس علشان خاطرى ماترفضش.

رفعت وجهها ببطء اليه وفى عينيها نظرة رجاء لم تغفلها عينيه وهى تخبره بفحوى مكالمتها مع شروق تقف بعدها فى انتظار ردة فعله بخشية وقد وقف بجمود يسيطر على كل ملامحه فتعلم منها ان الرفض هو اجابته الاتية لا محالة لكنها ذهلت تتسع عينيها بشدة حين اتت الاجابة عكس توقعها حين قال بهدوء شديد
: طيب وايه المشكلة؟طبعا شروق اختك الوحيدة وحقها عليكى تبقى معاها فى وقت زى ده.

وقفت مكانها تنظر له بصدمة من اجابته قبل ان تصرخ فرحا تلقى بنفسها عليه عاقدة لذراعيها خلف عنقه تحتضنه وهى تهتف شاكرة بسعادة جعلته يبتسم بحنان ورقة يضمها هو الاخر اليه قبل ان يهتف محذرا
: بس مفيش بيات هناك ياليله، عاوزة تروحى كل يوم معنديش مانع وانا هوديكى واجيبك بس بيات هناك لاا، قلتى ايه.

ابتعدت ليله عنه تهتف بتأكيد فرح
: وانا موافقة، انا اساسا مش عاوزة ابات هناك.

ابتسم لها يمرر طرف اصبعه فوق انفها قائلا
يبقى اتفقنا، روحى يلا حضرى نفسك علشان اوصلك.

اومأت برأسها له تقبل على وجنته سريعا ثم تغادر تسابق الريح بينما وقف هو يراقبها بحنان رافعا كفه مكان قبلتها وعينيه تموج بالمشاعر حتى غابت عن انظاره تماما.

: ليلة وصلت يا راغب
هب راغب واقفا من خلف مكتبه بعد دخول والده يهتف به بكلماته تلك فيسأله بلهفة اين هى وهو يسرع من خلف مكتبه باتجاه الباب لكن تأتى يد والده لتوقفه قائلا بحسم
: على فين رايح؟خليك مكانك جوزها معاها واحنا مش عاوزين نهد كل حاجة لما يشوفك ادامه
انت تقعد مكانك ولما يمشى ابقى اعمل اللى تعمله بس كل حاجة بالعقل يا راغب متودناش فى داهية.

رجع راغب الى مكانه خلف مكتبه يجلس بهمود قائلا بشرود كما لو كان يحدث نفسه
: وماله نصبر مانا ياما صبرت ومجتش على الشوية دول كمان.

كانت تجلس داخل غرفة اختها تفرز معها ما بداخل احدى الحقائب وتستعرض كل منهما من وقت لاخر احدى القمصان الداخلية بين يديهم ثم تنفجران فى الضحك الشديد يمر بهم الوقت سريعا حتى دخلت والدتهم تسألهم
: ايه يا بنات لسه مخلصتوش كل ده ولسه فى شنطتين بس.

شروق وهى تمسك باحدى الحقائب المغلقة تلقى بها فوق الفراش بجوار ليله
: واحنا مستعجلين ليه يا ماما وما لسه اليوم ادمنا طويل روحى انتى شوفى الغدا واحنا هنا هنخلص كل حاجة.

هزت والدتها راسها بالموافقة تهم بعدها بالخروج قبل ان تهتف بها بعتاب
: شوفتى نستينى انا جاية ليه، يلا قومى الاول روحى شوفى مرات عمك عوزاكى فى ايه وبعدين تعالى كملى مع اختك.

عقدت شروق حاجبيها بحيرة تسأل ليله بدهشة
: غريبة وهى هتعوز منى ايه دلوقت.

ليله بهدوء وهى تطوى قطعة من الملابس بين يدها
: قومى روحى شوفيها عوزاكى ليه وانا هكمل لحد ماتيجى.

هزت شروق رأسها بالموافقة تنهض بأتجاه الباب مغادرة مع والدتها لتظل ليله تقوم بعملها بجدية حتى شرد عقلها الى سبب سعادتها تتذكر رحلتها معه فى السيارة وحديثهم المرح معا ثم دخوله الى منزلهم بحضوره الطاغى جالسا لبعض من الوقت مع عمها وسعد كانت عينيها وقتها لا تفارقه تتابع كل حركة منه بشغف واهتمام حتى نهض مغاردا لتسرع معه حتى الباب الخارجى مودعة يخطف معه دقات قلبها حين انحنى فوق اذنها هامسا بها بشوق.

: شوفتى لسه متحركتش بعيد عنك غير خطوتين ووحشتينى اوام، انا مش عارف هعمل ايه باقى اليوم من غيرك
ابتسمت فرحة بحديثه تحنى راسها بخجل ليزفر بقوة قائلا باحباط ظاهرى
: طيب واضح انى مش هوحشك، يبقى امشى بقى احسن.

رفعت وجهها اليه تهتف بلهفة مؤكدة
: لا طبعا هتوحشنى انا حتى عاوزة اليوم يعدى بيا بسرعة علشان ترجع ليا ونروح بيتنا.

التمعت عينيه بسعادة قائلا هو الاخر بلهفة
: وانا مش هتأخر عليكى اول ما تتصلى بيا هتلاقينى حالا ادامك حالا
وقفا يتبادلان النظرات يغيب عنهم العالم للحظات ثم غادر بعدها وخاطفا قلبها وعقلها معه.

عادت الى وقتها الحالى متنهدة برقة تعاود الاهتمام بما فى يديها قبل ان تسمع صوت الباب يفتح لترفع رأسها مبتسمة ظنا انها شروق لكن اختفت بسمتها سريعا يحتل مكانها الخوف والذعر حين رأت راغب يدلف الى الداخل يغلق الباب خلفه قائلا بعدها بخبث ودهاء
: اهلا ببنت عمى. وخطيبتى سابقا ومرات جلال بيه الصاوى حاليا ولا نقول احسن واصدق...
اتسعت بسمته بشراسة حتى ظهرت اسنانه وهو يكمل بغل وشماتة.

: ليله، جارية جلال بيه اللى اتباعت ليه علشان الفلوس والارض.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة