قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الثالث والعشرون

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الثالث والعشرون

رواية وجع الهوى للكاتبة إيمي نور الفصل الثالث والعشرون

كانت تقف داخل المطبخ تدندن احدى الالحان بصوت سعيد وهو تتمايل برشاقة مع انغامه وهو تعد قهوته بنفسها بعد ان طلب من نجية اعدادها له لكنها رفضت رافضا قاطعا ان يعدها احد اخر غيرها بينما وقفت نجية تتابعها بأبتسامة حانية وهى تلاحظ حالتها السعيدة قائلة بعد حين
: اللى يشوفك دلوقت ميشفكيش من كام يوم يا ست ليله وانتى كنتى بتعملى القهوة لسى جلال برضه.

التفتت اليها ليله مبتسمة بفرحة ثم تعاود الاهتمام بالقهوة دون ان تعلق على حديثها تدرك مقصدها تتذكر هذا اليوم وحالتها الغاضبة وقتها من افعال تلك الافعى المسماة باميرة ولكن يأتى صوت سلمى من ناحية الباب مقاطعا افكارها تهتف بسخرية
: غريبة يا ليلة يعنى مسألتيش نجية تقصد ايه ولا بتتكلم عن ايه يعنى، مش انتى مش فاكرة حاجة برضه.

زفرت ليله بحنق لكنها لم تعيرها اهتماما تكمل عملها بهدوء ليحتقن وجه سلمى غيظا وهى تشير الى نجية
بالخروج والتى هرولت سريعا ناحية الباب لكن اوقفتها سلمى تهمس لها بحنق جعل من وجهها شاحبا
: عارفة لو روحتى تنادى لحد، محدش هيحوشك من ايدى بعدها.

اومأت نجية برأسها ثم هرولت مغادرة لتقف سلمى مستندة فوق اطار الباب تتابع حركة لليله للحظةثم تقدمت بخطوات بطيئة حتى اصبحت خلفها تماما تقترب منها ثم تميل على اذنها تفح داخلهم بغل
: لو عرفتى تضحكى على الدنيا بحالها مس هتعرفى تضحكى عليا انا، فاكرة لما تعملى نفسك مش فاكرة حاجة جلال مش هيطلقك ولا يتحوز عليكى، يبقى بتحلمى يا ليلة.

ابتسمت ليلة بخبث وقد اتى لها ثأرها من تلك الصفراء على طبق من فضة تسرع فى رسم امارات الهلع والصدمة فوق ملامحها وهى تلتفت الى سلمى هاتفة بفزع
: انتى بتقولى ايه يا سلمى، جلال عاوز يطلقنى انا ويتجوز عليا.

اضطربت سلمى ينعقد لسانها وتتسع عيونها ذهولا تصدق لوهلة ما تراه امامها من صدمة وهلع ليله لكنها تماسكت سريعا صارخة بها بغيظ
: بت انتى شغل التمثيل ده مش عليا انا، متخلنيش اوريكى وشى تانى.

وقفت ليله تنظر اليها بعيون متسعة ببراءة وملامح حزينة قائلة بعتب
: بقى كده يا سلمى، بس انا مش، هسكت، انا لازم اروح لجلال واسأله على كلامك ده.

وبلمح البصر كانت تترك ما بيدها تهرع مسرعة ناحية الباب مغادرة دون ان تمهل سلمى الفرصة اوحتى النطق بحرف توقفها به تنظر فى اثرها بصدمة وهى تهمس بذعر
: يا وقعتك السودا ياسلمى، يا وقعتك السودا...

توقف مكانها بجسد مجمد وعيون متسعة ذعرا تردد كلماتها كاحدى التسجيلات التالفة تعلم انها هالكة لا محالة بعد ما فعلته.

كان يجلس مع عمه وولده فواز داخل قاعة الاستقبال الصغرى تدور بينهم مناقشات متفرقة فى انتظار قهوته قبل ان يذهب ان يذهب كل منهم الى اعماله ولكنه هب فزعا قاطعا حديثهم حين وجدته تقتحم عليهم المكان شاهقة بالبكاء تهرع اليه ترمى فوق صدره تختصنه ويديها تتشبث بقميصه من الهلف بقوة ليتصلب جسده وقلبه يرتجف رعبا وهو يراها على تلك الحالة من الانهيار يهتف بها بقلق ولهفة.

: مالك يا ليله، فى ايه ياقلبى، حصل ايه ردى عليا.

زاد تشبثها به يزداد معه بكائها وهو تقول بصوت مختنق شاهقة من بين نحيبها
: انت صحيح عاوز تطلقنى، وهتتجوز واحدة تانية غيرى.

ضغط جلال بقوة فوق اسنانه يسب من بينهم بصوت خافت محتقن ليسرع صبرى مقتربا منهم محاولا التهدئة قائلا بتروى وهدوء
: اهدى يابنتى كده، اهدى بس وفهمينا مين اللى قالك الكلام الفارغ ده.

لم تجيبه ليله بل اخذت تبكى بشدة ليمرر جلال يده على ظهرها برفق من اعلى الى اسفل يهمس لها برقة
: طيل اهدى ياليله علشان خاطرى، وفهمينى مين قالك كده.

ارتجف جسدها بين ذراعيه لا تدرى كيف تخرج من مأذقها هذا فهى حين نوت فعلتها تلك لم تحسب لجلوس والد سلمى مع جلال حسبانا تشعر بالندم يملئها لكن سرعان ما تذكرت كل ما فعلت الصفراء معها رفعت وجهها اليه وقالت وهو تشهق باكية ما بين كل كلمة واخرى
: سلمى هى اللى قالتلى، انك هتطلقنى وهتتحوز واحدة تانية.

زفر جلال بقوة يمنع نفسه بصعوبة عن السباب امام عمه ولكن لم يكن لعمه هذا التحكم فلا ينتظر لثانية واحدة يهرع خارجا من الغرفة وهو يسب ويلعن سلمى بصوت عاضب بشدة ليشير جلال الى فواز الواقف منذ البداية يتابع ما يحدث بوجه متبلد احمق التعبيرات
: الحقه يا فواز، حاول تهديه.

اومأ له فواز برأسه ببطء يغادر هو الاخر بخطوات بطيئة متمهلة ليخفض جلال رأسه الى ليله وقد دفنت وجهها فى عنقه يناديها بحنان فتجيبه بهمهمة ليهمس لها بنبرة رقيقة
: هو ينفع اى حاجة تقولها سلمى نصدقها كده على طول.

هزت رأسها له بالنفى ليكمل بعتاب مرح
وبعدين ياقلب جلال، فى حد عاقل بعد ما يتجوزك يفكر فى الجواز تانى.

تراجعت للخلف تنظر له بصدمة مستنكرة فبتسم لها وهو يحيط وجهها بكلتا يديه يقوم بتقبيل وجهها يتبع مسار دموعها بشفتيه يهمس ما بين كل قبلة واخرى
: ده جنان يلاقى، عصبية وكلام زاى الدبش برضه يلاقى.

تصلب جسدها تتطلع اليه بحنق من اثر كلماته حتى توقفت شفتيه امام شفتيها يهمس امامها بشعف
رقة ونعومة جمال يخطف القلب والعين برضه يلاقى
، يبقى هيحتاج واحدة تانية غيرك فى حياته ليه.

تراقص قلبها يرفرف بين اصلعها فرحا وسعادة تعمض عينيها بنشوة من تأثير كلماته عليها ترتجف متأوة بنعومة حين مست شفتيه شفتيها برقة ولمسة حانية اذابتها فورا قبل ان يتعمق بقبلته تترك يديه وجهها ليحيط بهم حصرها يشدها اليه متأوها بقوة وهو مازل يقبلها برغبة جارفة جعلتها تستسلم له بكل جوارحها ترتفع على رؤوس اصابعها وهى تحيط عنقه بذراعيها تقربه منها مغيبة تماما عن العالم لحظات كانت كالنعيم بالنسبة لهم حتى ابتعد عنها اخيرا يهمس بصوت مرتجف اجش وعيون مشتعلة وهى تتابع حركة ابهامه فوق شفتيها المتورمة من اثر قبلاته الشغوف.

: اقتنعتى، ولا لسه عاوز اقنعك اكتر.

هزت رأسها بالنفى تهمس بارتجاف هى الاخرى
: لا، لسة مصدقة سلمى، ومش، مقتنعة بغيره خالص.

شدد جلال ذراعه من حول خصرها يلصقها بها هامسا بتحشرج
: لاا يبقى الموضوع هيطول، وهيحتاج منى كلام كتير مش هينفع نقوله هنا خالص، احنا نروح ننقذ سلمى من ايد عمى، وبليل نقعد انا وانتى نشوف هقنع ازاى.

اخفضت عينيها بعيدا عن عينيه تشتعل وجنتيها بشدة خجلا لترتفع ضحكة جلال المرحة قائلا بشغف بعدها
: مش بقولك يبقى مجنون اللى يشوف او يفكر فى واحدة غيرك.

فتح عينيه بصعوبة وهو مازال مقيد الى ذلك المقعد حين شعر بحركة بجواره ليتسلل الذعر اليه حين وجد رجلين شديدى البنية يقوموا بسحب نسيم المعصوب العينين دون مقاومة منه حتى المقعد المجاور له يقوموا بتقيده هو الاخر ليهمس راغب باسمه بصوت مذعور جعل نسيم يتلفت حوله يناديه هو الاخر بلهفة ليصدح صوت قوى اتى من الظلام تعرف راغب فورا على هوية صاحبه رغم عدم رؤيته وهو يتحدث بسخرية.

: ايه رايك فى المفاجأة دى علشان تعرف بس انا بحبك ازاى، شوف جبتلك مين يونسك.

ارتعدت فرائص راغب يبتلع لعابه بصعوبة قائلا
: هو انا لسه قعد هنا كتير، انا قلت كل حاجة، واخدت كمان تليفونى اللى عليه الصور كلها، لسه عاوز منى ايه تانى.

اقترب جلال من دائرة الضوء وعلى وجهه ابتسامة ساخرة ولكن عينيه كان بداخلهم شراسة وحدة ارعبت راغب وجعلته يعلم ان فعلته لم يحصد عواقبها بعد، لتحقق ظنونه حين قال جلال بصوت متهكم ساخر
: لا ازاى يا راجل، هو احنا لسه عملنا حاجة، مش ناخد منك كام صورة حلوة كده قبل ما تفارقنا، علشان لما توحشنا نفتكرك بيهم.

عقد راغب حاجبيه بحيرة للوهلة قبل ان يدرك ما يقصد جلال ونيته فلم يستطع مقاومة ان يتحدث ساخر كأنه اراد ان تكون له الكلمة الاخيرة رغم كل ماحدث قائلا
: اه فهمت، بس عاوز اعرفك يابن الصاوى انى راجل ومحدش بيجيب غلط فى بلدنا على راجل لو ظهر ليه الف صورة، واظن انت فاهم ده كويس.

ضحك جلال ضخكة رنانة دوى صداها ارجاء المكان وجعلت من راغب يتطلع اليه بقلق وتوتر يزداد وهو يتابع اقترب منه جلال بخطواته الواثقة ثم ينحنى عليه ليصبح الوجه مقابل للوجه ترتطم انفاس جلال به وهو يقول باستمتاع وتشفى تزداد عينيه حدة وشراسة
: ودى حاجة تفوتنى برضه يا راغب بيه اومال انا لفيت ودورت لحد ما جبتلك اخوك وحبيبك نسيم.

هنا دوت كلمات نسيم الصارخة وهى يحاول النهوض عن مقعده يتلفت يمينا ويسارا بحركات هسترية قائلا برعب
: يقصد ايه يا راغب، راغب طمنى وقولى اللى فهمته ده مش صح، راغب رد عليا.

حين لم يتلقى اجابة من راغب والءى جلس يتطلع الى جلال باضطراب مذعور وقد وصل اليه ما ينتويه جلال له جيدا عينيه مسمرة على جلال لا يسمع لصرخات نسيم وهو يقول بصراخ وهذيان
: انا مليش دعوة، انا قلتله بلاش، صدقنى يا جلال بيه، مليش دعوة.

رفع جلال جسده مبتعدا عن راغب وهو يقول بلا مبالاة موجها حديثه الى نسيم رغم نظراته والتى لم تفارق وجه راغب الشاحب شحوب الموتى
: الكلام ده مليش فيه، انت اللى جبت اللى ركب الكاميرات، يعنى زيك زيه عندى.

اشار جلال برأسه الى رجاله الواقفين خلف راغب ونسيم بوضع الاستعداد ليحل كل منهم وثاق راغب ونسيم والذى اخذ يهذى ويصرخ عاليا بهستريا وهو يتم سحبه الى احدى الممرات اما راغب فحين نهض عن مقعده افاق من صدمته وذهوله حين ادرك انه ليس بمزاح او تهديدا فارغا لينهار تماسكه تماما يخر على ركبتيه ارضا ينظر الى جلال بتضرع قائلا بتوسل
: ابوس ايدك، كله الا كده، ابوس ايدك، الصور دى لو خد شافها هم...

قاطعه جلال هادرا بوحشية
: انت هتبوس ايدى علشان هخرجك من هنا
حى، ومخلصتش عليك ودفتنك، بعد كل اللى عملته.

فجأة نزل على عقبيه حتى اصبح فى مستوى راغب ينظر اليه قائلا بصوت بارد كالصقيع جمد الدماء فى عروق راغب
: هسيبك تختار تدفن هنا حى ولا...

نكس راغب راسه بهزيمة تتصاعد شهقات بكائه كطفل صغير وقد ادرك انه امام خياران كلهما كالموت بالنسبة له ولا فرار من احداهما.

نهض جلال واقفا ببطء يكمل وقد علم ما يدور بعقل راغب قائلا بتهكم
: وبعدين دول شوية صور لا هيودوا ولا هيجيبوا، بس هيكونوا معايا علشان لو فكرت ترجع للبلد تانى ولا تلعب بديلك، ولا انت ناوى تلعب بديلك؟

قال جملته الاخيرة متسأئلا بأستهزاء لكن راغب لم يتردد لثانية يهز راسه نافيا بقوة ليبتسم جلال ابتسامة صفراء قائلا
: طيب يا راجل، تبقى خايف من ايه، مدام هتبقى عاقل كده واد كلمتك.

ثم اشار براسه الى رجله الواقف فى الخلفية بصمت ليسرع ناحية راغب يرفعه عن الارض بخشونة دون مقاومة من راغب كأنه استسلم لمصير اراد اذاقت غيره به فأذاقه الله من شر اعمله.

انتى اتجننتى يا ليله؟! ليه بتعملى كده، ده جلال لو اكتشف انك...

اسرعت ليله تصمت شقيقتها تضع كفها فوق فمها تقطع الباقى من حديثها وهى تهمس بقلق
: وطى صوتك ياشروق، متخلنيش اندم انى عرفتك حاجة.

ابعدت شروق فمها عن مرمى يد ليله تهتف بحذر
: طب فهمينى، عملتى كده ليه، انا حسيت من كلامك معايا ان فيه حاجة وخصوصا بعد سؤالك عن المخفى راغب.

زفرت ليله ببطء وحزن قائلة
: ملقتش ادامى غير الحل ده، اصل انا زعلته منى اوى ياشروق وكنت عارفة انه استحالة هيسامحنى فملقتش ادامى غير انى اعمل نفسى نسيت كل حاجة وابدء معاه من اول وجديد.

ربتت شروق فوق كفها هامسة بمواساة قائلة
: طيب يا حبيبتى متزعليش نفسك، بس انا متاكدة ان جلال مش هيستحمل يزعل منك ابدا، والاحسن ليكم انكوا تقعدوا وتحلوا اللى بينكم وبلاش انك تكدبى عليا فى حاجة زى ده.

نكست ليله رأسها قائلة بصوت حزين متألم
: مبقاش ينفع يا شروق انا غلطت كتير وهو استحمل وعدى ليا كتر ومعتقدش المرة دى هيقدر يسامح تانى، وان كان بتعامل معايا بحنان دلوقت فده علشان خايفة عليا وفاكر انى مش فاكرة حاجة.

انقبض قلب شروق وقد اسرعت بربط خيوط الحديث قائلة بذعر
: ليله اووعى يكون للمخفى راغب يد فى زعلكم مع بعض، وعلشان كده خلتينى اسال عليه سعد.

رفعت ليله وجها شاحبا وعيون اغروقت بالدموع كانوا كالاجابة لشروق والتى لطمت خدها تهتف بهلع
: نهارك مش فايت ياليله، حصل ايه، والزفت ده هبب ايه تانى معاكى.

ابتلعت ليله لعابها بصعوبة قائلة بارتبارك وتلعثم
: مفيش يا شروق، كل الحكاية انى كنت بدافع عنه ادام جلال علشان، يعنى، يسبنى اجى اقعد معاكم كام يوم.

نظرت لها شروق بشك قائلة بتحذير
: بس كده، مفيش حاجة حصلت تانى.

اسرعت ليله تهز رأسها بالنفى القاطع رافضة كل الرفض ان تعلم اختها بما حدث من ذلك الحقير فلا رغبة لديها ان تسبب لها الالم او القلق وهو على اعتاب حياة جديدة لذا اسرعت تأكد لها ان هذا كل شيئ لتهتف شروق بعتب قائلة
: وده كلام ياليله برضه ازاى تدافعى عن حيوان زاى ده وادام كمان جوزك لا انتى كده غلطانة.

لوت ليله شفتيها ندما وحزنا وجهها يزداد شحوبا تهمس بحروف خرجت منها متقطعة اسفة
: خلاص يا شروق بجد مش مستحملة، انا بس كنت عاوزة اطمن عليكى واكون معاكى.

ادركت شروق كم كانت قاسية عليها لتسرع برسم المرح فوق وجهها لتخفيف عنها تهتف
علشان كده كنتى عاوزانى اسال سعد عليه، اطمنى يا ستى اهو خفى.

انتبهت حواس ليله لحديث شروق والتى اكملت بابتسامة انتصار
: اتصل بيهم وبيقول انه عنده شغل فى القاهرة وهيتأخر ويمكن حتى ميحضرش الفرح خالص.

شعرت ليله بدقات قلبها تتراقص فرحا تشعر بان قرار راغب هذا ورائه جلال وانه حقا استطاع ابعاد هذا الكابوس عنها وعن حياة شقيقتها لكن سرعان ما بهتت فرحتها حين ادركت كم كانت قاسية عديمة الادراك حين تعاملت مع هذا الحقير دون ان تخبره وتطلب منه المساعدة وهو بطرفة عين استطاع كسر شوكة هذا الحقير دون ان يدرك احد حتى هى كيف فعلها.

كانت شروق تكمل دون ان تعلم عن حالة التخبط تعيش ليله بداخلها قائلة بحيرة
: احنا هنرجع انا وماما البيت النهاردة سعد طلب ده مننا، وزمانه روح ماما وهيعدى عليا يروحنى وكده مفيش حاجة تمنعك تجى بعد كده...
عقدت حاحبيها بحيرة تكمل
: تفتكرى لو طلبت من جلال انك تجى تقعدى معانا يوم هيوافق.

همت ليله بالبرد عليها ولكن قاطعتها دقات هادئة فوق باب جناحهم اعقبها صوت جلال الهادىء يطلب الاذن بالدخول فتأذن له بعد ان وضعت شروق حجابها فوق رأسها فدلف الى داخل الغرفة مبتسما بترحاب قائلا بصوته الهادىء الرصين والتى اصبحت تعشقه وهو كل تفاصيله
: اهلا ازيك يا شروق، اخبارك واخبار الست الوالدة ايه.

اجابته شروق بخجل وصوت خفيض مرحبة به هى الاخرى وبعد عدة كلمات مجاملة قالت بعدها بلهفة
: انا كنت جاية اطمن على ليله واعرفها اننا رجعنا بيت العيلة تانى، اصل يعنى، راغب، مشى ومش راجع خالص الفترة دى.

عقد جلال حاجبيه بشدة وتفكير فادركت ليله فورا ما قد يصل اليه تفكيرلتسرع دون ان تمهل نفسها للحظة للتفكير تجيبه فورا خوفا من ظنه بعلم شروق بما فعله راغب قائلة بسرعة ودون تفكير
: اصل كنت طلبت منها تروح تقعد عن خالى فترة لعلشان اقدر اروح ازورهم.

ظلت ملامح وجهه مبهمة يرتسم فوق امارات التفكير العميق حتى اخذت ابتسامة بطيئة ترتسم فوق شفتيه وهو يلتفت ناحية ليله قائلا ببطء وابتسامته تزداد اتساعا
: بقى كده؟! طيب انا معنديش مانع خالص لو تحبى تروح تقضى هناك يومين، ايه رايك.

صفقت شروق بكفيها بفرحة تهتف بليلة والتى وقفت عينيها مسمرة فوق ملامحه تتسأل عن سر بسمته الفرحة تلك تشعر بالحزن يزحف لقلبها وهى تتسأل بحزن ايكون سببها انه سيتخلص منها بعيدا لعدة ايام حتى يتنفس بحرية بعيد عن تشبثها به لتخرجها شروق من شرودها تمسك بيدها وهى تهتف بها بسعادة
: طبعا انتى موافقة ياليله، صح، قولى صح، حتى علشان، نخرج سوا نشترى باقى الحاجة.

ثم التفتت الى جلال المبتسم لها قائلة بلهفة
: والله يا جلال انا مأجلة كل حاجة علشان خاطر ليله تبقى معايا، انا بجد مش عارفة اشكرك ازاى.

جلال بصوت رقيق حنون
: مفيش شكر ولا حاجة، انا عارف انتوا متعلقين ببعض اد ايه وليله نفسها كانت هتتجنن علشان تبقى معاكى فى الايام دى.

ثم التفت الى ليله يسألها بصوت لم تستطيع تحديد ما يحمله من نبرات فقد كان مابين الخبث والمرح
: مش كده يا ليله، ولا ايه؟!

اومأت له بشرود وذهن مغيب تمام لم تدرك على ما وافقت الا حين هتفت شروق بسعادة وهى تجذبها ناحية خزانتها
: طيب يلا نحضر هدومك بسرعة وزمان سعد جاى فى السكة يا خدنا.

توقفت خطواتها تتشبث بالارض تهم بالرفض القاطع والصراخ بصوت عالى انها لن تترك هذه الغرفة ولن تتحرك بعيد عنه خطوة واحدة ولكن اتى صوت جلال المرح يقاطعها
: لو تحبوا انا ممكن اوصلكم ونتصل بسعد نقوله بلاش يتعب نفسه.

التفتت شروق قائلة بخجل
: لااا هو زمانه فى الطريق، وشوية وهيكون هنا.

هز جلال راسه بالموافقة مبتسما ثم يتحرك ناحية الباب مستأذنا قائلا
: طيب انزل انا علشان قابله عما تجهزوا انتوا.

غادر الغرفة يفتح بابها تتابعه ليله بعيون ذاهلة مصدومة من سرعة الاحداث لكن ارتجف قلبها تتعالى ضربات حتىةكادت تصم الاذان حين وقبل خطوة واحدة من الباب التفت الى الخلف تتقابل نظراته بنظراتها يبعث لها برسالة تحمل حروفها الكثير والكثير تتختفى فورا قبل ان تدركها يغادر فور بعد ان تركها تتخبط داخل حالة من الارتباك الشديد والحيرة.

لا تعلم كيف مر يومها عليها بعيدا عنه تشعر كالسمكة خارج المياة لا تشعر باى فرحة او سعادة برغم وجودها بين اهلها وقد استقبلها الجميع بالترحاب الشديد حتى عمها قد رأت الندم والخزى فى عينيه وهو يقوم باستقبالها لكنها لم تترد تلقى بنفسها بين احضانه فاخذ يهمم بكلمات اسفة ويلعن طمعه وجشعه والذى انساه من تكون هى وشقيقتها بالنسبة لها ليمر اليوم سريعا بهم وقد اجتمع شملهم اخيرا.

وها هى تجلس داخل غرفتها وقد تعدى الوقت منتصف الليلة دون ان يغمض لها جفن على امل اتصالا منه لكن مر الوقت وهى مازالت جالسة حتى فقدت املها تزفر بقوة تحاول منع دموعها تستلقى فوق الفراش وتسحب الغطاء فوقها تغمض عينيها تحاول استدعاء النوم ليريحها من حزنها وما ان كادت ان تنجرف معه حتى تعالى صوت رنين هاتفه تنهض فورا تتخبط بين الاغطية حتى استطاعت اخيرا النهوض تختطف الهاتف من فوق الطاولة تضغط زر الاجابة تجيب باسمه بلهفة وفرحة.

ليقابلها الصمت من الناحية الاخرى لوهلة قبل ان بحيبها بصوت الرخيم الهادىء
: لسه صاحية لحد دلوقت ليه...

ليله بشوق وانفاس متسارعة
: مستنية اسمع صوتك قبل ما انام.

اجابها جلال بصوت رقيق هامس
: وانا كمان معرفتش انا الا لما اسمع صوتك الاول، اعملى حسابك مفيش بيات بره تانى كفاية عليا ليلة واحدة مش عارف هتعدى عليا ازاى.

رقص قلبها تتعالى دقاته فرحا يتهلل وجهها سعيدة بكلماته والتى اوضحت لها كم يشتاقها ويتلهف عليها
لا يتحمل هو الاخر ابتعاده عنه لتهم باخباره كم تشتاقه هى الاخرى ولكن يأتى صوته قائلا لها
: ثوانى يا ليله خليكى معايا، هشوف مين على الباب وارجعلك.

ثم سمعت صوت وضعه للهاتف تصل اليها خطواته المتجهة الى الباب فعلمت بانه كان يجلس على الاريكة القريبة من الباب لتنبه حواسها تتحفز كل خلية بها حين وصل الى اذنيها صوت جلال الحاد والغاضب بشدة يصرخ على من ينتظر امام غرفته
: انتى اتجننتى؟ بتعملى ايه هنا، ازاى تيجى فى وقت زاى ده.

سقط قلب ليله بين قدميها وهى تسمع توبيخ جلال لمن تقف على اعتاب غرفتهم الخالية من وجودها تبعد عنه وعنها اميال واميال.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة