قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الحادي عشر

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الحادي عشر

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الحادي عشر

كان ممتعضاً عابس الوجه ومكفهر الملامح، تلك التقاسيم التي كانت سابقاً تنعم بالحيوية والنشاط والمرح، أختفى كل ذلك الآن عقب هذه الأيام العصيبة التي مر بها، حيث وقف أمام المرآة الصغيرة المعلقة على الحائط وأخذ يغلق أزرار قميصه وهو مثبتاً بصره على الفراغ، ثم أنتبه مؤخراً عندما أستمع لصوت هاتفه وقد ذاع رنينه، فأنحنى برأسه قليلاً ليتبين من المتصل حتى علم أنه صديقه، فألتقط الهاتف وقام بالضغط عليه لينطق بنبرة يختلجها الضيق.

مالك: أيوة ياعبدالله، لأ لسه منزلتش، متقلقش مش هتأخر عليكوا، يدوب أخلص اللي ورايا وهاجي على المكتب، مفيش حاجة أنا كويس
في هذه اللحظة، طرقت ميسرة باب حجرته ودلفت وعلى مبسمها بسمة عذبة، فبادلها مالك بالأبتسامة المزيفة ثم نطق ب...
مالك: هقفل معاك وأكلمك تاني، سلام
ميسرة وهي تتقدم حياله وبلهجة استفسارية: انت نازل ياحبيبي؟

مالك وهو يهز رأسه إيجاباً: أيوة ياعمتو، رايح البنك أصرف مرتبات الموظفين وهطلع بعد كدة على المكتب عشان أستاذ فايق عايزني
ميسرة بنبرة مترددة: طب، مش هتتغدي معانا النهاردة ولا أي؟
مالك وقد إستشف ما يختبئ خلف لسانها: عايزة تقولي ايه ياعمتو وماسكة لسانك عنه؟
ميسرة وهي تطلق زفيراً محتقناً: فيك ايه يامالك؟! ليه مش عايز تطمني وتقولي.

أستدار مالك ليوليها ظهره ثم تصنع العبث في أشيائه ليتفادى مواجهة الوجه لهذه التي قامت بتربيته وتنشئته وهي أعلم الناس بحاله، ثم هتف بإيجاز ملحوظ...
مالك: مفيش ياحبيبتي، متقلقيش عليا لو في حاجة هقولك
أمسك بحقيبة قماشية سوداء اللون ثم وضع بها حاسوبه الشخصي الصغير وقام بوضعها محل كتفه ثم أنطلق للخارج ليجد شقيقته المشاغبة الصغيرة، فنظرت له بتلهف ممزوج بالحزن وأردفت ب...
روان: مالك، هي إيثار كويسة؟!

مالك: ...
نظر لحدقتيها وقد ظهر بعينيه العجز ثم هز وأسه بالسلب لتفهم هي الإجابة ثم تركها دون أن يتفوه حرفاً وخرج ليهبط الدرج فأصطدم برؤية عمرو وهو يدلف عبر بوابة العقار ومعه شخصاً غريب الأطوار لم يره من قبل، في حين بدى له إهتمام عمرو الشديد بذلك الضيف وإبتسامته الواسعة التي غزت وجهه حتي رأه الأخير فتبدلت تقاسيمه ورمقه بنظرات مهينة وهو يردد وكأنه يلثن بالكلام...

عمرو: نورت يامحسن أتفضل، بيتك ومطرحك وكفاية أنك راجل واجب وابن أصول
محسن بعدم أهتمام: دي أقل حاجة ياعمرو، المهم الست أم عمرو تقوملنا بالسلامة
نظر مالك للطريق أمامه في محاولة منه لعدم الأكتراث ثم عبر البهو الخاص بالبناية بسرعة ليكون خارجها بلمح البصر.

كانت إيثار بداخل حجرتها تجلس منكبة على مكتبها الصغير وتجاهد لكي تتحصل على قدر كبير من المعرفة والمعلومات والدراسة حتي تتمكن من خوض الأمتحانات بتحدٍ سافر لنفسها وللآخرين من حولها، ولكن من الحين والآخر كانت تشرد وتذهب لعالماً آخر غير عالمها وواقعها الذي لا يروق لها، تبتسم حيناً ويختنق صدرها حيناً آخر، حتي تفاجئت بأخيها يقتحم عليها حجرتها دون أستئذان فرمقته بحنق ثم صبت بصرها في المراجع المتكدسة أمامها بينما بادر هو قائلاً بحزم..

عمرو: قومي أعملي اي حاجة بدل القعدة اللي ملهاش لزوم دي
إيثار بلهجة مضجرة: أنا بذاكر مش بدلع، انت عارف ان عندي امتحانات الأسبوع ده
عمرو ساخراً منها: وانتي ماشاءالله مركزة اوي، قومي اعملي شاي ولا اي حاجة لمحسن صاحبي عشان جه يطمن على ماما
إيثار وهي تلقي بالقلم الحبري على سطح المكتب بإنفعال: والله مش مسؤليتي، صاحبك تضايفه بنفسك انا ماليش علاقة بالموضوع ده.

أطل عمرو برأسه للخارج ليرى ما أن كان صديقه مازال بنفس المكان أم لا، ثم أقترب منها ليردد بخفوت غاضب
عمرو: ماشي يا إيثار، خليكي فاكراها
إيثار بنبره أشبه للهمس: مبنساش، ويا ريتني بنسي.

قام عمرو بنفسه بإعداد أكواب العصير الطازج للضيف كما حضرت تحية لكي تشكر محسن على مجيئه إليها، لمح محسن ظل الأم من بعيد فظن أنها إيثار، تأهب لرؤيتها وإرتسم شبح البسمة علي ثغره إلا أنه أختفى فجأة عندما علم بأنها الأم وليست الأبنة، لاحظ عمرو إمتعاض وجه صديقه فجأة فتسائل عن سبب ذلك و...
عمرو: مالك يامحسن!؟ في حاجة ضايقتك ولا إي؟
محسن وهو يكبح غيظه: لا ياعمرو سلامتك، عايز شوية ميا بس أبل بيهم ريقي.

تقدمت تحية حياله بخطى بطيئة ثم هتفت بنبرة رخيمة
تحية: اهلا وسهلاً يابني، شرفتنا
محسن وهو ينهض عن مكانه: الشرف ليا ياحجة، الف سلامةعليكي
تحية بلهجة راضية: الله يسلمك من كل سوء، أتفضل أستريح
محسن مشيراً لها للمقعد المقابل لها: ميصحش ياحجة، أتفضلي أنتي الأول
تحية: تسلم
جلست تحية قبالته في حين جلس هو يفرك أصابعه بتوتر جلي، وظل ينظر من الحين للآخر للرواق المؤدي لحجرات المنزل ولكن دون جدوى، فلم تظهر له أبدأ.

قام مالك بتنفيذ المهام التي وُكلت إليه على الوجه الأكمل، حيث أنه لم يترك الفرصة لحزنه وهمومه أن تكون هي المنتصرة وتصرفه عن تحقيق الذات التي يحلم بها وبناء الكيان المنفرد الذي عاهد نفسه على بناءه، وعقب أن أنتهى من عمله بأحد البنوك لصرف مستحقات الموظفين توجه صوب مكتب المحاسبة الذي يعمل به كمتدرب لمقابلة رئيسه والمشرف على تدريبه فايق.

وعندما علم فايق بإنجاز مالك لمهمته بوقت وجيز وعدم أحتياجه لعدة موظفين للقيام بذلك، أنشرح صدره وزاد تعلقه به، هو يمثل مصدر موثوق وجدير بالثقة بالنسبة إليه حتى إنه بدأ يشعر بالعجز بدونه، أثنى فايق كثيراً على مجهوده بالفترة الأخيرة و...
مالك وقد أتسعت حدقتيه: مكافأة! حضرتك صرفتلي انا مكافأة؟!

فايق وهو يتقدم نحوه، ثم يضرب على صدره بخفه: تستحقها يامالك، وطبعاً أتمني متفضلش في مستواك ولا تقل عنه، انا عايزك تكبر أكتر وأكتر
مالك ببسمة عذبة: يارب أكون عند حسن ظن حضرتك
فايق: انت عارف من غير ماأنا اقولك انك معايا لما تخلص وساعتها مش هتكون مجرد متدرب، لأ انت هتكون عمود المكتب
مالك وهو يهز رأسه بعدم أعتراض: ان شاء الله يافندم، أكيد يشرفني الشغل مع شخصية زي حضرتك.

وبالرغم من إطراء رئيسه بالعمل عليه حيث أنه لا يتفانى في عمله، إلا أنه لم يشعر بالفرحة بل شعر بالنقص، هناك شيئا ناقصاً يعلمه جيداً، فجوة بداخله يجاهد لسدها، ومع ذلك فهو يحتاج لعمله لإثبات مدى جدارته وقدرته على تحمل المسؤلية.

مر العديد من الأيام المشحونة والمملؤة بالكبت، حيث كانت جهود الأثنين مالك، إيثار تنصب على الأستذكار، وبالرغم من عدم نسيان أي منهم للآخر إلا أن هدفهم هو أثبات ذاتهم، وبأول أمتحان لإيثار أصر شقيقها الأكبر على أصطحابها بنفسه إلى حيث مقر الجامعة كما شدد عليها أنه سينتظرها بالخارج ولن يتهاون معها في حالة تأخيرها عن الحضور إليه، فقد حاول كثيراً عبور بوابات الجامعة ولكن رفض الأمن بشدة فأضطر للأنتظار خارجاً...

بينما ولجت إيثار للداخل ومرت بطريقها على مبنى كلية التجارة وأدارة الأعمال فنظرت للمبني بيأس ثم أطرقت رأسها وأستةملت طريقها صوب المدرجات الخاصة بالأمتحانات، وعلى حين غره تفاجئت بظهور مالك أمامها ليسد عنها الطريق، وبعينيه لمعة تعرفها جيداً، لنعة مشتاقة متلهفة لرؤيتها، كان الظمأ للنظر إليها ينهش بأغواره گالحيوان المفترس وهاهي أمامه الآن ليروي ذلك الظمأ، توقفت عقارب الساعة وتعطل الزمن من حولهم عدة لحظات وهم يتعمقون بالنظر لبعضهم البعض، حتى أُفيقت إيثار على مشهد ضرب أبيها وهمجية أخيها عليها فهزت رأسها بعنف وكأنه الكابوس، ثم رددت ب...

إيثار: عن أذنك عندي امتحان
مالك بلهجة معاتبة يغزوها الحنو: مكنتيش بتيجي ليه؟
إيثار مجاهدة لتمالك فيضان المشاعر التي بدأت في تبدو عليها: اا، م مكنتش فاضية، قصدي كنت بذاكر
مالك وهو يزفر بضيق: مبتعرفيش تكدبي، أكيد هما اللي كانوا منعينك صح!؟
إيثار وهي تتحاشى النظر إليه: ...
مالك وقد شعر بالندم لما تسبب به إليها: انا أسف، والله ما كان قصدي يحصلك إي حاجة ولا كنت أعرف أنهم ممكن يتعاملو مع كائن زيك بالشكل ده.

إيثار وقد شعرت بالشفقة على حالها: مالك، انا عندي أمتحان وو و...
أمسك مالك كفها وكأنه يحتضن أصابعها بين يديه ثم هتف بنبرة عميقة صادقة وكأن قلبه خرج من ضلوعه ليتحدث نيابة عنه و...
مالك: أوعدك اني هعمل المستحيل عشان أصلح اللي حصل وانا قد كلمتي، وقريب مش هنقف الوقفة دي وأحنا باصين على عيون الناس اللي مبترحمش ولسانهم اللي مبيسكتش، هقف بيكي قدامهم وأنا بقول أن دي اللي ربنا عوضني بيها وبعتهالي هدية.

استشعرت الأمان على أثر كلماته وإزداد تأملها في الحياة الوردية التي ستبنيها معه، فإبتسمت بهدوء ثم سحبت كفها وهي تردد...
إيثار: عن أذنك بقى
مالك: خلي بالك من نفسك وركزي في الأمتحان
إيثار وهي تومئ رأسها بحركة خفيفة: حاضر
ياالله، أنت الأقدر والأعلم، وعلى تبديل الظروف وحدك تقدر وتعلم.

بعد مرور أسبوعين كاملين، أنهمك فيهما بطلانا للتخلص من عبئ هذه السنة الدراسية، كان أخر أمتحان تخوضه إيثار وقد شعرت بالراحة أثناء عودتها للمنزل، وبينما هي في طريقها لعبور البوابة الخاصة بصحبة أخيها بالعقار تفاجئت بهبوط سارة للدرج ثم رمقتها بنظرات شامتة والسعادة تتقافذ من عينيها، فبادرتها بلهجة ساخرة
سارة: ازيكوا عاملين إي
إيثار بجمود: الحمد لله
عمرو بإيجاز: كويسين، انتوا عاملين إي وعمي عامل اي.

سارة وهي تنظر لإيثار بمغزي: الحمدلله كلهم بخير، إلا قوليلي ياإيثار، انتي ليه مبقتيش تنزلي غير مع عمرو، في حاجة لاقدر الله وأنا معرفش!
علقت الكلمات بفمها ولم تقوى على التفوه، في حين شعر عمرو بما أصاب شقيقته فقرر تدارك الموقف لأخراجها من هذا الذي تتعمده إبنة عمهم ولا يعلم له تسمية و...

عمرو بلهجة حازمة: المواصلات بقت زي الزفت ياسارة، وإيثار بتضايق من الزحمة عشان كده طلبت مني أوصلها وأجيبها، انا عارف انك واخده على الزحمة والناس الكتير عشان كده مش هتفهمي كلامي، انما إيثار غيرك
أشار عمرو لشقيقته التي عادت الحيوية لملامحها لكي تتقدم هي الدرج في حين وقفت سارة بمكانها والنيران تشتعل بأم رأسها غيظاً، وعندما وصل عمرو وإيثار أمام باب المنزل نظرت له إيثار نظرة شاكرة ممتنة ثم هتفت...

إيثار: شكراً ياعمرو
عمرو وقد أنعقد مابين حاجبيه: على اي!؟ إيثار انتي اختي، يعني دمي ولحمي، لو بقسى عليكي يبقى عشان مصلحتك ولأني خايف عليكي، بس ده مش معناه اني مش في ضهرك
إيثار وقد أطرقت رأسها بحرج: ...

قضت ماتبقى من ساعات اليوم في راحة للتخلص من آلام جسدها وأرهاقه وعندما حل الظلام بحالكه أستمعت إيثار لطرقات على باب المنزل فقامت بسحب الوشاح الحريري ولثمت به رأسها ثم تقدمت لفتح الباب وإذ بها تقف مصدومة برؤيته أمامها، ألتفتت يميناً ويساراً لترى هل من أحد غيرها قد رأه ثم ألتفتت إليه لتردد بلهجة مرتبكة يشوبها التوتر...
إيثار: أنت جاي تعمل إيه هنا!
مالك بلهجة مصره: جاي أقابل أستاذ رُحيم، هو جوه؟

إيثار: أمشي من هنا حالاً احسن اا ا...
لم تستكمل عبارتها حتى أستمعت لصوت والدتها وهي تهتف بأسمها، فصفقت الباب بوجهه دون أنذار ثم دلفت إليها ولكن قام مالك بطرق الباب مرة أخري ولكنها كانت طرقة أعلى من السابقة حضر على أثرها عمرو من الداخل، وما أن فتح له الباب حتى أنقبضت عضلات وجهه ونطق بسفور
عمرو: جاي هنا ليه يابجح
مالك بغلظة طفيفة: انا جاي أقابل أستاذ رُحيم صاحب البيت مش جاي عشانك أنت.

عمرو بنظرات مستحقرة: ميشرفناش واحد زيك يدخل ب...
أنقطع صوته عندما أستمع للهجة أبية الآمره وهو يأتي من الداخل نحوهم و يقول
رُحيم: ميصحش ياعمرو، الراجل على عتبة بيتنا، وان جالك عدوك لباب دارك قولو مرحبابك
عمرو وهو يكز على أسنانه بغيظ: أيوة بس...
رُحيم: مفيش بس، أتفضل ياأستاذ.

أشار له رُحيم للداخل ثم قاده للمقعد التابع للصالون وجلسا قبالة بعضهم، في الحين الذي أرتسمت فيه الجدية والحزم علي وجه رُحيم كان عمرو قد رسم الحنق والأنزعاج على عكس مالك الذي وضع قناع الهدوء والرزانة على تقاسيمه، تردد في بادئ الأمر ولكنه عزم على الحديث فلا وقت يهدره...

مالك بثبات: يمكن حضرتك متعرفنيش كويس، أو متعرفش عني غير تفاصيل قليلة أوي، بس الأكيد ان حضرتك متعرفش اني راجل وقد كلمتي، وعمري ما هلعب ببنات الناس على الأقل لأن عندي زيهم روان
رُحيم بنبرة حادة: لو صحيح كنت راجل وبتراعي ربنا في بنات الناس مكنتش عملت اللي عملته مع بنتي، كنت جيت خبطت على باب بيتي مش من ورايا
عمرو بتهكم مثير للغضب: شكله واخد على الشبابيك.

مالك مبتلعاً أهانته على مضض: من فضلك أنا بكلم صاحب البيت واللي ليه كلمة هنا
رُحيم مشيراً بيده لأبنه: أستني انت ياعمرو، هات اللي عندك ومتضيعش الوقت
مالك بصوت جامد: انا جاي أطلب أيد بنتك إيثار
رحيم متهكماً: وانت حيلتك اي عشان أديك بنتي!

مالك بثقة زائدة: عندي شقتي في القاهرة ممكن ابيعها وأجيب شقة هنا بكل سهولة، وخلصت سنة رابعه ومستني شهادة البكالوريوس وبشتغل في مكتب محاسبة كمتدرب وأول ما شهادتي تطلع وتعتمد من الهيئة العليا للجامعات هتثبت في شغلي، وكمان بحضر نفسي عشان أقدم في معهد الكونسرفتوار، متقلقش حضرتك أنا جاهز للأرتباط ده
عمرو وقد تخالج الرفض القاطع بلهجته: بس معندكش أخلاق يبقى مالهوش لزوم كل اللي رصيته ده.

مالك وقد هب واقفاً من مكانه: أنا مسمحلكش تهيني، اعمل حساب اني في بيتك وقاعد مع والدك
رُحيم وهو يلجم زمام الأمر: عمرو، سيبي مع مالك لوحدنا
عمرو: ...
انصرف عمرو ليجد والدته تستمع لحديثهم وشقيقته تقف بوسط الرواق والقلق يسيطر على كيانها فحدجها بعنف ثم لكزها بكتفها لتدلف إلي حجرتها، في حين كان رُحيم يحاول أختلاق الأعذار لرفض طلب مالك ولكنه لم يجد السبب المناسب، فقرر...

رحيم بصلابة: اسفين يابني، معندناش بنات للجواز
مالك وهو يبتلع ريقه بثقل: ليه!؟
رحيم بثبات: من غير أسباب، انا شايفكوا مش مناسبين لبعض، معلش مضطر أستأذنك عشان نازل أصلي العشا
مالك وقد زاغت عينيه وكأنه لا يرى أمامه: ...

ما كان منه إلا أنه تحرك نحو باب المنزل بخطوات منكسرة ثم أدار مقبض الباب ودلف للخارج وأغلق الباب خلفه بهدوء، فجلس رُحيم على الأريكة ثم راح يفكر بالأمر جيدا، هل أخطأ أم لا، بلى لم يخطئ فأنه لا يستطيع تأمينه علي أبنته، يرى منه شخصاً لا يُعتمد عليه وغير موثوق به، بينما وصل مالك لمنزله ومنه إلي الحجرة الخاصة به، كان قد قرر عدم السماح بتدني معنوياته ولكن الشعور بالخيبة يتملكه، جلس على طرف الفراش ثم أنحنى بجسده ليستند برأسه علي مرفقيه، دلفت إليه ميسرة عقب أن أنتبهت لحالته التي دخل بها للمنزل حيث قررت عدم مغادرة الحجرة إلا وهي تعلم ماذا أصابه طيلة الفترة الماضيه و...

مالك بنفاذ صبر: ياعمتي مفيش حاجة صدقيني
ميسرة وهي تشير بسبابتها: لالالا في حاجة انا متأكدة، انت مش على بعضك ليك فترة وانا مش خارجة من هنا إلا لما أعرف مالك
مالك وقد قبض علي جفنيه: إيثار، بتضيع مني
ميسرة بعدم فهم: ليه كده! لو متخانقين ولا حاجة عرفني و...
مالك مطرقاً رأسه لأسفل: الحكاية أكبر من كدة، اهلها مش موافقين عليا لأنهم فكريني بلعب بيها.

ميسرة وهي تتلوى بشفتيها متذمرة: وهما هيلاقوا زيك فين! وبعدين لو فاكرينك بتلعب أحنا ممكن نتقدملهم وساعتها هنثبت حسن نيتنا و...
أضاء المصباح فوق عقله وكأن هالة أُزيلت من فوق رأسه، أملاً جديداً ظهر بريقه أمام عينيه ثم أتسعت حدقتيه وحملق بها وهو يهتف
مالك: عمتو، أنتوا فعلا مستعدين تيجوا معايا ونتقدملهم
ميسرة وهي تمسح على وجهه بحنو: طبعا ياحبيبي، احنا نطول نفرح بيك.

مالك وهو يقفذ من مكانه فرحاً: يبقى نحدد معاد ونروحلهم في أسرع وقت
ميسرة وهي تغمز له بعينيها: سيب الحكاية دي على إبراهيم، انا هكلم معاه وافهمه يعمل اي بالظبط
مالك وهو ينظر للسماء: يارب، أجعلها من أهل بيتي وأجمعني بيها على خير.

كان ممدداً على الأريكة يتناول ثمرات الفاكهة بشراهة، وكأنه لم يتناول الفاكهة بحياته قط، بينما على صوت هاتفه فرمقه بأستخفاف ثم أعتدل في جلسته وترك الصحن جانباً وضغط عليه ليقول.

محسن: ايوة، انا الحمد لله بخير، لالا مفيش قلق ولا حاجة، المهم انتوا بخير؟ كويس، انا قربت أخلص مصلحتي هنا وهرجع قريب، خلاص المراد بيقرب مني شوية شوية وبمجرد ما يحصل مش هقعد في أسكندرية، عارف عارف، خلاص أنا هقفل وأعمل اللي أتفقنا عليه عشان ننجز في الوقت، سلام.

أغلق الهاتف ثم تركه جانباً وأمسك كوب الشاي وتجرع ما تبقى فيه برشفة واحدة ثم تنحنح وهو يتركه وحك طرف ذقنه بقوة قبيل أن يمسك بهاتفه مرة آخرى ثم ضغط عليه والمكر لا يبتعد عن حدقتيه ثم وضعه على أذنيه و...
محسن: الو، أزيك ياصاحبي
عمرو وقد خالج الأقتضاب نبرته: الحمدلله يامحسن، خير في حاجة ولا اي؟
محسن وهو يدس قطع الفاكهة بفمه: هو لازم يكون في حاجة عشان أكلمك ياراجل.

عمرو وقد قوس فمه بعدم أهتمام: لأ عادي، بس مش متعود تكلمني متأخر كده
محسن: لأ أتعود ياأبو نسب، المهم قولي هشوفك الساعة كام بكرة
أنعقد ما بين حاجبيه عمرو عقب عبارته الأخيرة فقد فهم بديهياً ما يرمي إليه، فأتسع مبسمه بحيوية وحماسة زائدة ثم هتف بعجالة...
عمرو: هشوفك من النجمة ياشقيق
محسن وقد ظهر وميضاً مثير للقلق بعينيه: بالمرة عايزك في موضوع مهم جدا، موضوع مصيري هيعجبك على الأخر.

عمرو بفضول جلي: موضوع إيه ده!؟
محسن: متستعجلش، بكرة تعرف و، وتستريح...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة