قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الثاني والعشرون

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الثاني والعشرون

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل الثاني والعشرون

رتب مدحت حفلاً كبيراً ليعقد فيه قران ابنته سارة على الشاب الثري رامز..
كانت مفاجأة لعائلة رحيم زواج سارة السريع، ولم يكن أمامهم سوى مباركة تلك الزيجة الغريبة التي لم يهتموا بمعرفة تفاصيلها كثيراً، فهم مشغولون بما ألم بإيثار..

اتفق الطرفان على إنهاء كل شيء في أقرب وقت، فلم يكن هناك داعٍ للإنتظار، فلا يوجد منزل للزوجية للتريث من أجل انهائه، ولا أثاث يلهثون وراء شراءه، بالإضافة إلى حاجة رامز للسفر للخارج بصحبة عروسه في أقرب وقت متاح...
انبهرت سارة بالشبكة التي ابتاعها لها، فقد كانت باهظة الثمن، مغرية تخطف الألباب والأنظار، وبالطبع كانت فرصتها الثمينة للتباهي أمام أقاربها ورفيقاتها..

ودت لو كانت غريمتها إيثار متواجدة لتريها الفارق بينهما، وتتفاخر بحظها الجيد الذي أوقعها مع ذلك العريس ( اللقطة ) والذي سيلبي لها كل أحلامها...
وما إن انتهت مراسم الزواج والحفل البهيج حتى اصطحب رامز عروسه في سيارة فاخرة ليقضوا ليلتهما المميزة في فندق شهير، وبعدها يستعد كلاهما للذهاب إلى المطار لتبدء بعدها سارة في رحلة شهر عسلها الغامض...

مرت عدة أيام، والأوضاع لم تتغير كثيراً لدى إيثار، فحالتها النفسية في الحضيض، ومع هذا اضطرت أن تعود بعد امتثالها للشفاء إلى المنزل الريفي، ولكنها كانت أكثر شحوباً، أكثر ذبولاً، وأكثر فقداً للحياة..
لم تتركها أمل للحظة، وظلت باقية إلى جوارها لتهون عليها ما مرت به..
مسحت على ظهرها وهي تقول بهدوء:
ارتاحي يا إيثار، وشوية وهاجيبلك تاكلي.

أومأت برأسها موافقة، وتمددت على الفراش، لكن قبل أن تسترخي عليه، اقتحم عليها الغرفة محسن ليقول بجمود:
نورتي بيتك يا عروسة، هاسيبك تدلعي يومين، لكن عاوزين نلم الشمل ونقرب الود بينا
رأت أمل في عيني إيثار نيران مستعرة، فتوجست خيفة من إشتعال الحرب الكلامية بينهما، وكانت على حق، فقد صرخت إيثار بعنف في وجهه وهي تنهض عن الفراش:
ده بعينك لو قربت مني تاني، الموت أهون عليا من إني أسيبك تلمسني.

رد عليها ببرود ليثير حنقها:
مش بخطرك يا حلوة، أنا متجوزك عشان أجيب منك عيال، وأديني اطمنت وعرفت إن أرضك خصبة!
صرخت إيثار فيه بإهتياج جلي:
أنا بأكرهك، بأكرهك
رد عليها بنبرة باردة:
محدش قالك حبيني
انفعلت بعصبية وهي تشير بيدها:
اطلع برا، مش عاوزة أشوفك.

لم يتحمل محسن إهانتها، فقبض على رأسها، ولف شعرها على ذراعه ليلوي رأسها للأعلى، وأمسك بقبضته الأخرى بذقنها، واعتصرها بأصابعه القوية، ورمقها بنظرات مخيفة، ثم جز على أسنانه قائلاً بتهديد:
طولة لسان مش عاوز، أنا ايدي بتاكلني، وشكلك مش بيجي غير بالضرب
تدخلت أمل على الفور لإبعاده عنه، وكافحت لتحرر إيثار من قبضتيه وهي تقول بهلع:
يا محسن ماينفعش اللي بتعمله ده.

جذب هو إيثار من خصلاتها أكثر، فصرخت متأوهة من الآلم، وتوعدها بنبرة أعنف:
مش هاسيبها إلا لما أربيها
توسلته أمل بإستجداء كبير:
هاتموت في ايدك، دي لسه قايمة من عيا
وبالفعل نجحت في إبعاده عنها، وجاهدت لدفعه للخارج، فإغتاظ مما تفعله زوجته الأولى، وصاح بغل:
هي هتسوق فيها، بينها نسيت نفسها
ضغطت أمل على شفتيها لتقول بضيق:
اصبر عليها شوية
خرج الاثنين من الغرفة، فأوصدت الباب خلفهما، فهتف محسن بحنق:
دي مراتي.

رمقته أمل بنظرات مشتعلة، وهتفت محتجة وقد تحول وجهها للوجوم:
وأنا مراتك زيها ولا نسيت
تنحنح بخشونة وهو يجيبها:
لا منستش!
ثم فرك ذقنه بكفه وتابع:
بس هي معوجة عليا، وأنا جبت أخري معاها
استندت إيثار بظهرها لباب الغرفة بعد أن أوصدته من الداخل، وبكت بحرقة حسرة على مصيرها البشع مع ذلك البغيض..
ثم كفكفت عبراتها، وحدقت أمامها في الفراغ، ورددت بإصرار عجيب:.

أنا مش لازم أستنى هنا أكتر من كده، لازم أهرب، أيوه أنا هاهرب...!

عاد الأستاذ شعبان إلى عمله، فتفاجيء بذلك الشاب الذي يقف فوق رأسه ليسأله بإلحاح مريب عن محسن..
رمقه شعبان بنظرات متفحصة ومتربصة قبل أن ينطق بصوت متحشرج:
وانت بتسألني عنه ليه؟
كز عمرو على أسنانه ليقول بنفاذ صبر:
أنا أخو مراته، ومش عارف أوصله
حرك شعبان أنفه للجانبين، وأردف قائلاً ببرود:
ممم، باين في مشاكل عائلية بينكم، وانت عاوز تدخلني بينكم، الخلافات دي يا أستاذ مكانها البيوت مش هنا!

صاح به عمرو بنفاذ صبر:
يا سيدي مافيش لا خلافات ولا غيره!
نهره شعبان بغلظة وهو يشير بإصبعه:
متزعقش يا أستاذ
سيطر عمرو على أعصابه بصعوبة حتى لا ينفعل مجدداً، ورسم ابتسامة سخيفة على ثغره وهو يقول بإمتعاض:
حقك عليا!
ثم أخفض نبرة صوته ليقول بحزن حقيقي:
بس أمي تعبانة ونفسها تشوف أختي، ومحسن مسافر بقاله كتير، وموبايله ضاع ومش عارف أوصله!
هز شعبان رأسه بتفهم وهو يردد:
ألف سلامة على الحاجة
سأله عمرو بتلهف:.

الله يسلمك، ها، عارف هو فين؟
صمت شعبان لبرهة ليفكر فيما سيفعله، بينما نظر له عمرو بترقب، فأي معلومة سيبوح بها ذلك الكهل ستفيد في الوصول إلى شقيقته، وعليه أن يكون أكثر حرصاً وتحكماً في انفعالاته ليصل إلى مبتغاه...
حك شعبان صدغه بأظافره المتسخة، ومسح على طرف شاربه، ثم استطرد حديثه قائلاً بجدية:.

شوف يا سيدي اللي أنا فاكره، إنه كان ليه بيت كده في حتة في الأرياف، بس معرفش إن كان باعه ولا لسه، أصل الموضوع ده أديله زمن وآآ...
قاطعه عمرو قائلاً بتلهف بعد أن استمع إلى ما فاله والذي كان يحمل بصيص الأمل:
فينه البيت ده؟
رد عليه شعبان بفتور وهو يمرر كفه على رأسه الصلعاء:
هو أنا مش متذكر أوي، بس كان آآ...
قاطعه عمرو مجدداً بإصرار:
الله يكرمك افتكر، دي مسألة حياة أوموت.

ردد شعبان مع نفسه بأسلوب رتيب ليحث عقله على التذكر:
فين البيت يا شعبان، مكانه كان فين يا شعبان؟ افتكر يا شعبان!
تابعه عمرو بنظرات مترقبة، وتسارعت أنفاسه إلى حد ما وهو ينتظر رده..
هتف شعبان فجأة بحماس:
ايوه، افتكرت
وبالفعل حصل عمرو على عنوان المنزل الريفي، وتعشم خيراً أن تكون أخته متواجدة هناك...
لم يرد هو اخبار أبويه حتى لا يعلقهما بآمال زائفة، سيذهب للتأكد بنفسه أولاً من وجودها، ثم سيبلغهما لاحقاً...

خططت إيثار للفرار من محبسها، وعقدت العزم على عدم التراجع عما إنتوت فعله..
ارتدت ( إسدال ) الصلاة على ثيابها الخارجية حتى لا تثير الريبة إن رأها أحدهم..
وانتظرت انشغال جميع من في المنزل بأعمالهم اليومية لتقدم على تنفيذ خطتها...
، أصبحت فرصتها متاحة بذهاب محسن للإستلقاء في الغرفة الأخرى...
تريثت حتى سمعت صوته يعلو في النوم، فتسللت بحذر نحو الدرج..
ونزلت عليه وهي تتلفت حولها بحرص شديد..

حبست أنفاسها وهي تقترب من باب المنزل الرئيسي..
ثم بخطوة جريئة ولجت للخارج..
كان كل شيء هادئاً، فأكملت سيرها بحذر..
وما إن ابتعدت عن البوابة الرئيسية، حتى بدأت بالركض لتنجو ببدنها..
استغلت ذكرياتها المقيتة مع محسن لتحث نفسها على الركض أكثر إن خارت قواها فتفر للأبد منه...
لم تشعر بعبراتها المنهمرة على وجنيها وهي تلهث، ولم تتوقف للحظة لتلتقط أنفاسها..

كل ما كان يدور في عقلها هو الهروب من جحيمه الذي ينتظرها إن تخاذلت، لم تفكر في تعبها، ولا في آلم ركبتيها، المهم هو الفرار..

في نفس التوقيت وصل عمرو إلى المكان المنشود، وترجل من عربة القطار وهو يتلفت حوله بنظرات سريعة خاطفة..
اعتصر قلبه حزناً على حال أخته، فهو من دفعها لتلك الهاوية بإصراره العنيد على تزويجها دون التحقق كفاية من زميله..
كان المكان مختلفاً في طبيعته عن الحياة المدنية التي اعتاد عليها مع عائلته، فشعر بمدى الفارق الواضح...
تحرك خارج المحطة، واستدار برأسه للجانبين ليبحث عمن يرشده إلى منزل محسن..

وجد أحد الأشخاص البسطاء يجلس القرفصاء على الطريق، فمال عليه، وهمس له بكلمات غير واضحة، فأشار له الرجل بيده للجانب وهو يجيبه، فشكره عمرو ممتناً، وأسرع في خطاه نحو أحد سيارات الأجرة...

وصلت إيثار إلى محطة القطار، وبحثت بعينيها الخائفتين عن مكان حجز التذاكر، وولجت للداخل وهي تلهث بصوت مسموع..
تحاشت قدر الإمكان التحديق في أوجه المحيطين بها حتى لا يروا في أعينها نظرات الرعب...
قرأت لافتة بيع التذاكر، فأسرعت نحوها، ومدت يدها القابضة على النقود إليه، وهتفت بصوت لاهث:
عاوزة أحجز تذكرة
رفع الموظف رأسه لينظر إليها، وسألها بجفاء:
لفين يا ست؟
أجابته دون تردد وهي محدقة فيه:
اسكندرية.

رد عليها بفتور وهو يعاود التحديق في الأوراق الموضوعة أمامه:
مافيش مواعيد دلوقتي!
ارتجف جسد إيثار، وعضت على شفتها السفلى بتوتر، وخشيت أن يفشل مخططها، فهداها تفكيرها للجوء إلى أي مكان أخر بعيد عن هنا حتى تفكر فيما ستفعله لاحقاً، لذا هتفت بتلهف:
طب، طب أقرب ميعاد للقطر عشان يتحرك؟
رفع الموظف عينيه نحوها، وأجابها بإمتعاض:
في طالع كمان نص ساعة على ((، ))
هتفت بجدية وهي تضع النقود أمامه:
ماشي، احجزلي مكان.

طيب، القطر هيتحرك من رصيف 3، هو هناك على ايدك اليمين!
أعطاها الموظف تذكرتها، فتناولتها منه، وحدقت فيها بنظرات زائغة، ثم طوتها، وتحركت إلى حيث أشار...

ترجل عمرو من سيارة الأجرة على مقربة من منزل محسن، وتفحصه بنظرات دقيقة..
تلون وجهه بحمرة حانقة وهو يتخيل هيئة إيثار بعد إعتداء محسن عليها..
هو قد علم من والدته بما صار معها، وبالتالي توقع الأسوأ حينما يراها..

قرر في نفسه ألا يتركها له، سيصطحبها معه حتى لو استخدم العنف مع زوجها، وسيترك المسائل القانونية لتحل لاحقاً، ولكن عليه أولاً أن يأخذها معه ويعيدها إلى المنزل آمنة، فهذا هو حقها عليه بعد تقصيره معها..
لم يحتاج عمرو إلى قرع الجرس ليدخل إلى المنزل، فقد كانت البوابة الرئيسية مفتوحة على مصرعيها..
خطى إلى الداخل وهو يتلفت حوله ببطء ليدرس المكان جيداً..
ولكن قطع تأمله صوت أم فتحي:
انت مين يا جدع انت؟

استدار برأسه نحوها، وسألها بصوت متصلب:
مش ده بيت محسن؟
اقتربت منه أم فتحي، وسألته مستفهمة:
اه هو، انت مين؟
رمقها بنظرات قوية قبل أن يجيبها:
أنا أخو مراته إيثار، هو فين؟
هللت أم فتحي بنبرة عالية:
يا مراحب بأخو الست إيثار، نورت المكان يا أستاذ
رد عليها بإيجاز:
متشكر
تابعت هي قائلة بحماس:
دي الست هاتفرح أوي لما تشوفك وخصوصا بعد ما حبلها نزل!
وقعت كلماتها كالصاعقة فوق رأسه، وصاح مدهوشاً وقد اتسعت مقلتيه:
نعم.

لم يتخيل أن تكون أخته حاملاً، بل والأفظع أن تخسر جنينها قبل أن يرى النور دون أن يدري السبب...
أكملت أم فتحي بحزن:
عيني عليها رقدت في المشتشفا كام يوم، بس هي رجعت تنور بيتها تاني، تلاقيه هو اللي اتصل بيك عشان تفرحها وتاخد بخاطرها
كز هو على أسنانه بقوة محاولاً التحكم في غضبه، وجاهد ليبدو طبيعياً في إنفعالاته أمامها، وهتف بصعوبة:
متشكر يا ست، هو فينه؟
أدارت رأسها للخلف وهي تجيبه:
سي محسن أعد فوق!

ثم سارت للأمام، وأشارت بيدها وهي تهتف بسعادة:
اتفضل يا سي الأستاذ، يا مرحب بيك، المكان نوّر!
كور عمرو قبضة يده، وضغط على أصابعه بقسوة، وتوعد في نفسه بنبرة عدائية وهو يتحرك خلفها:
وقعتك سودة معايا يا محسن لو أختى جرالها حاجة بسببك!

جلست إيثار على المقعد الخاص بها بداخل عربة القطار غير مصدقة أنها أصبحت على متنه، وأنها على وشك الرحيل من هنا..
ارتعش جسدها من فرط التوتر، وتجنبت الجلوس بجوار النافذة كي لا يراها محسن إن اكتشف هروبها من منزله..
عضت على أناملها بخوف، وزاغت أبصارها وهي تطالع بحذر أوجه الجالسين على مقربة منها...
لم تفارقها ذكرياتها الموجعة، وتجسدت بين الفنية والأخرى في مخيلتها لتزيد من هلعها..

وبصعوبة بالغة قاومت رغبتها في البكاء..
فالكل أساء إليها، والكل تخلى عنها في أحلك أوقاتها وأكثرها احتياجاً..
أخفضت يدها لتضعها على بطنها، فمازالت ذكرى خسارتها تؤلمها..
هي لم تخضْ تجربة الحمل، لكنها حزنت وبشدة لفقدان جزءٍ منها..
انتبهت إلى صوت صافرة القطار وهي تصدح في الأجواء، فتصلبت في مقعدها، وتشبثت أكثر بمسنديه، وحبست أنفاسها مترقبة..

بدأ القطار في التحرك رويداً رويداً، ومع كل حركة كانت دقات قلبها تتسارع حتى باتت في سبق معه..
تنفست الصعداء بإبتعاد القطار عن محطته السابقة، فإرتخى جسدها المتشنج، واسترخت إلى حد ما على مقعدها..

تفاجئت أمل بدخول أم فتحي وبصحبتها ذلك الرجل الغريب، فأسرعت بضبط حجاب رأسها، وتساءلت بجدية وهي تنظر إليه بتفحص:
ايوه، انت عاوز مين؟
اجابتها أم فتحي بدلاً منه:
ده سي الأستاذ أخو الست إيثار
اتسعت حدقتي أمل في صدمة واضحة، وفغرت فمها مشدوهة من رؤيته، وهمست بتلعثم:
آآ، اخوها.

ابتلعت ريقها بتوجسٍ، وحاولت إستيعاب تلك الصدمة بسرعة لتتصرف بعقلانية دون أن تثير أي جلبة، فوجهت أنظارها إلى أم فتحي، وأردفت قائلة بهدوء:
روحي إنتي يا أم فتحي! أنا هارحب بالضيف
ردت عليها الأخيرة بتحمس:
أوامرك يا ست أمل
ثم تحركت مبتعدة لتترك الاثنين بمفردهما...
هدر عمرو بإنفعال وقد أظلم وجهه:
أختي فين؟
اقتربت منه أمل وهمست بإرتعاد وهي تضع يدها على فمها:
ششش، وطي صوتك
صاح بغضب وهو يلوح بيده في الهواء:.

مش هاوطي صوتي ومش هاهدى، أنا جاي هنا عشان أختي!
توسلت له قائلة بخوف وهي تتلفت حولها:
من فضلك، محسن نايم ولو صحى ممكن يعمل مشاكل، أنا هاخليك تشوف أختك بس اهدى!
لوح بذراعه بغضب وهو يصيح بشراسة:
وأنا عاوزه يصحى، خليه يقوم يكلمني اللي عامل راجل على أختي!
ارتعدت فرائصها، وهمست بفزع:
إنت، إنت كده ناوي تأذي أختك!
رمقها عمرو بنظرات ساخطة قبل أن يسألها بقسوة:
وإنتي أصلاً مين عشان تكلمي معايا؟!

ابتلعت ريقها بتوجس، فبدلاً من الزهو بكونها زوجة صاحب المنزل، كانت تشعر بالخزي منه، ترددت في اخباره بهويتها، ولكن لا مفر من الهروب من إجابته، لذا بصوت أسف ردت عليه:
أنا، أنا أمل، مراته الأولى!
اتسعت مقلتيه مصدوماً، وارتفع حاجبيه للأعلى في ذهول كبير، فمحسن قد أبلغه عن وفاة زوجته، فكيف تكون من الأحياء، وهتف بعدم تصديق وهو ينظر لها متفحصاً:
مين؟ مراته؟ إنتي، إنتي مش كنتي ميتة؟!

هزت رأسها نافية، وأجابت بتلعثم وقد تشكل الخزي على نظراتها:
لأ، هو، هو كدب عليك، أنا، أنا آآ..
قاطعها مطلقاً سبة عنيفة:
الواطي ابن ال
لوحت بكفها نافية وهي تقول بصوت مختنق:
أنا ماليش ذنب
أدرك عمرو أنها على صواب، فما ذنب معاتبها أو حتى تعنيفها، فصاحب الوزر الأقبح هو من ظن أنه رفيقه، وخدعه، وبدى هو كالساذج المغفل أمامه..
وبغضب أشرس صاح بها:.

ناديلي على المحروس، أنا كلامي مش معاكي، مع البأف اللي سلمته أختي وجوزتهاله!
أشارت بأصابعها قائلة برجاء:
يا أستاذ اسمعني
لم يمهلها الفرصة، بل تحرك ركضاً في اتجاه الدرج، وصعد عليه وهو يصرخ بإهتياج:
يا محسن، ايثار، إنتي فين؟
لحقت به وهي تتوسله:
استنى هنا يا أستاذ
صاح عمرو بنبرة اكثر جنوناً:
إيثار!
ووصل إلى الطابق العلوي، وبدأ يبحث عن أخته في باقي أرجاء المنزل...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة