قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل التاسع والثلاثون

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل التاسع والثلاثون

رواية وبقي منها حطام أنثى للكاتبة منال سالم و ياسمين عادل الفصل التاسع والثلاثون

جاهدت لتفلت ذراعها من قبضته ولكنها عجزت، أبت أن ترفع عينيها لمستوى نظره حتى لا يسقط عنها قناع قوتها المزيف، سئمت محاولاتها الفاشلة أمام إصراره القوي على عدم إفلاتها من قبضته، فتركت المقاومة واستكانت نوعاً ما، وأطرقت رأسها لتحدق أسفل قدميها بناظريها..
مد هو أصابعه لطرف ذقنها، وأمسك به، ورفع رأسها نحوه لتنظر إليه..

حدق بها مطولاً، وأشبع عيناه برؤية بريق العشق في عينيها اللامعتين، وهتف بنبرة هامسة لمستها على الفور:
الأيام بتعدي، متضيعيش مننا لحظات ممكن نقضيها مع بعض!
شعرت أنه على وشك الفوز مجدداً أمام ضعفها، فما كان منها إلا التمسك بلجام القوة لكي تحتمي ورائه من تأثيره عليها..
فرفعت بصرها ونظرت له بشيء من الحدة وهي تهتف بثبات:
أنت قولت هتوافق على جواز عمرو وروان!، ياترى هتوافق ليه!؟

سحب يده للخلف، و رمقها بنظرات ذات مغزى، تأمل فيها انفعالات ملامحها، ثم تراجع بخطواته للوراء ليفسح لها المجال، و أشار بيده لكي تمرق من جواره وهو يردد بجدية:
اقعدي عشان نكمل كلامنا ياإيثار!
ردت عليه بجمود وهي تشيح بوجهها للجانب الأخر:
انا كده كويسة!
هدر مالك وقد تجهمت قسماته فجأة وهو يردد اسمها محذراً بإنفجار وشيك إن عاندته:
إيثار!

تأففت بضيق ثم تحركت بخطى سريعة نحو المقعد الجلدي المقابل للمكتب، وجلست فوقه بحذر، واختلست النظرات من زواية عينها
تابعها مالك ببصره حتى جلست فدنا منها ليجلس قبالتها..
كان يطالع توترها في وجوده بتسلي عابث، ولكنه جاهد لمنع البسمة التي تكاد ترتسم على محياه من الظهور أمامها..
أخذ نفساً عميقاُ، و نطق متصنعاً الثبات:
انا هوافق بس في شرطين انتي أولهم!

تجمدت تعابير وجهها، وحدقت فيه بنظرات خاوية من الحياة، واستشفت من حديثه أنه ربما يقايضها عن طريق أخيها..
بالطبع ولما لا، فسيكون هو الرابح..
أوهمت نفسها أنه سيضع شرط زيجته منها أمام موافقته على زواج أخيها من شقيقته..
سيطر عليها إحساساً قوياً بالحنق لمجرد تفكيره في هذه المقايضة الرخيصة، فعضت على شفتيها بغيظ ثم نطقت بعجالة وبدون تمهل:
لو هتحط جواز عمرو وروان قدام طلب بالجواز مني انا مش، آآ...

قاطعها مالك وقد تنغض جبينه سريعاً لتفكيرها هذا في حقه:
إيثار! أكيد مش هفكر كده!
صمتت بحرج شديد لاتهامها المتهور قبل إتاحة الفرصة ليستكمل حديثه..
تنفس بعمق، و تابع بحذر:
هتيجي هنا معايا، انا محتاجك جمبي الفترة الجاية!
تساءلت إيثار بإستغراب وقد ضاقت عينيها بتفكير محاولة تخمين مقصده:
هنا فين!؟
أجابها مالك بثقة وهو يشير بكلتا يديه في الهواء معبراً عن الصرح الذي أسسه لنفسه:
في الشركة اللي انتي شيفاها دلوقتي.

نظرت له بإستهزاء، ورددت متعجبة:
وانا هعمل إيه هنا!؟
ابتسم بعذوبته المعهودة، و حك صدغه وهو مازال محدقاً بها، ثم تابع بلهجة مثيرة:
متنسيش أنك خريجة حاسبات ومعلومات، ده غير انك درستي إدارة أعمال قبل ما تحولي من كلية تجارة!
زفرت بخفوت بعد أن فهمت المغزى الماكر من وراء رغبته في إلحاقها بالعمل لديه، فهو يريدها أن تكون گظل له إينما كان..
قبضت على شفتيها وهي تنطق برفض:.

بس أنا مش حابة أشتغل بالشهادة بتاعتي، ومكملة في شغلي اللي اخترته بإرادتي وآآ...
اقترب مالك بجسده منها لتتقلص المسافات، وهمس لها بصوت رخيم:
ومين قالك هتسيبي شغلك مع ريفان؟
وبهدوء مثير للأعصاب نهض عن مقعده، وتحرك صوبها، ثم انحنى على مقعدها مستنداً على ذراعيه ليحاصرها بقربه المربك، فتراجعت برأسها للخلف
، وازدرت ريقها بإضطراب شديد..

اشتعلت وجنتيها خجلاً، وارتبكت أنفاسها، وحاولت البحث عن كلمات ترد بها عليه، فابتسم بهدوء ليقاطعها:
انتي هتكوني هنا وهناك، يعني super women ياإيثار!
زادت ابتسامته اتساعاً، وغمز لها، فحدقت فيه بذهول ورمشت بعينيها لعدة مرات بتوتر بائن عليها..
أضاف مالك قائلاً وهو يهز رأسه بخفة مؤكداً حديثه:.

أيوه، بصراحة من ساعة ما طردت النصاب اللي كان شغال عندي، وأنا بأدور على الشخص الكفء اللي يمسك شغلي خلال الفترة الصعبة اللي داخلين عليها، وبصراحة مافيش غيرك أقدر أثق فيه!
ثم مد إصبعه ليلمس طرف أنفها مداعباً إياها، فدفعت كفه برفق وهي تقول بتشتت:
طب، أبعد، أنا مش بأحب كده!
أراد مالك أن يعبث معها أكثر، فقد أثاره وحمسه بشدة رؤيته لإرتباكها، فنطق بنبرة متسلية:
ولو مبعدتش!

دنا أكثر منها ليهدد صمودها أمامه، فأسرعت بتغطية وجهها بكفيها بحياء جلي منه، وهتفت بصوت شبه مكتوم:
مش هوافق على عرضك!
رفع حاجبه في إعجاب بها، و اعتدل في وقفته ثم دس يديه في جيبي بنطاله وطالعها بعشق وهو يردف بجدية:
يبقى متفقين
انتظرت حتى تراجع للخلف، فنهضت عن المقعد وكادت تركض من أمامه لتفر منه، بل لتفر من نفسها الضعيفة التي ترفع رايات الاستسلام أمامه، ولكنه استوقفها بعبارته التي أثارت خوفها:.

معرفتيش الشرط التاني!
استدارت ناحيته، وعبست ملامحها من جديد لشعورها بالضيق من تملكه لزمام الأمور والسيطرة عليها بصورة انتهازية، وهتفت بنبرة شبه محتدة:
و ايه كمان!
تغيرت ملامح مالك في لمح البصر من تعابير العاشق إلى الباغض والكاره، ثم أجابها بتجهم وقد قست نظراته:
أخوكي ميعرفش اني موافق، يعني هيفضل على ناره!

شعرت ايثار بغصة في حلقها وهي تشفق على حال شقيقها، وهتفت معترضة على أسلوبه القاسي في التعامل معه: ب
س حرام كدة، و، آآ..
قاطعها مالك بقسوة واضحة كنتيجة طبيعية لإنعكاس الماضي على حالهما:
لو نسيتي وغفرتي انا لسه منسيتش، ومش هنسى، ولو عارضتيني ياإيثار أو حاولتي تبلغيه إني ممكن أوافق انا، آآ.

نظرت له بوجه خالي من التعبيرات، لكن نظراتها كانت كافية لكي يشعر بما تعانيه، فتوقف عن الحديث للحظة، فهو لا يرغب في إتباع أسلوب التهديد أو الوعيد معها، فهي حبيبته التي لم يعشق سواها ولم يكن هذا الأسلوب متبعاً مع علاقته العاشقة معها ومشاعره إتجاهها..
عقدت ساعديها معاً، وحدقت فيه بنظرات مغلولة، وانتظرت منه متابعة باقي تهديده
تنهد مالك بعمق وطرد زفيره وهو يقول:
من فضلك متعمليش كده!

رمقته بنظرات أخيرة حادة، ثم أرخت ساعديها واستدارت، فتحرك مسرعاً قبالتها، ومد ذراعه ليكون حائلاً في طريقها ثم همس بثقة:
هستناكي بكرة الصبح هنا، هتيجي تلاقي مكتبك جاهز!
ردت عليه إيثار وهي تحرك عينيها يميناً ويساراً هرباً من مجابهته:
هفكر في عرضك
رد عليها مالك وقد تلوى ثغره ببسمة:
هتيجي
كان متيقناً من تأثيره القوي عليها، بل يكاد يجزم أنه يستمع لدقات قلبها المتلاحقة في صدرها..

وجهت نظراتها المتعجبة له من تلك الثقة الزائدة بنفسه، ولما لا؟ وهو أعلم الناس بها.
ثم أسبلت عينيها للأسفل وهي تتابع قائلة بإيجاز:
ان شاء الله
تجاوزت ذراعه سريعاً، وخطت بعجالة نحو باب الحجرة لتتركها ولكنها سمعت صوته يأتي من خلفها محملاً بالهيام:
مبسوط عشان شوفتك النهاردة
ابتسمت وهي توليه ظهرها، وأكملت سيرها للخارج..
لتترك حجرة المكتب..

شعور بالسعادة يغمر قلبها وكأن القدر يحدثها بأن أوقات الفرح قد حانت، ولكن عليها فتح ذراعيها لتحتضن هذه السعادة بين ذراعيها كي لا تفر منها..
هي تذوقت من العذاب قدراً ليس بالهين، ورأت منه الألوان التي جعلتها تيأس من كل شيء..
ولكنها عقدت العزم ألا تجعل أيامها الحزينة المكدسة بالذكريات المؤلمة جداراً بينها وبين السعادة التي تنتظرها، بل ستمضي تاركة خلفها كل ذلك لتعيش أياماً أخرى وردية.

تناول عمرو لقيمات صغيرة موهماً نفسه بأنه سيكون بخير، ولكنه لم يستطع فعل ذلك..
نهض عن طاولة الطعام دون أن ينبس كلمة واحدة، وفضل المكوث في حجرته والإختلاء بنفسه في ظلماتها..
حركت تحية رأسها مستنكرة حال ابنها، وتنهدت بإشفاق وحزن عليه..
تركت الملعقة من يديها وهي تردف بإحباط:
لا حول ولا قوة الا بالله، محدش من عيالي مكتوبله نصيب عِدِل في الحب!

نظرت إيثار إلى والدتها بضيق، فقد استشعرت من كلماتها اليائسة والتي ضربتها هي في مقتل دون قصد منها، وردت عليها بحذر:
ان شاء الله كل حاجة تتعدل ياماما
ردت عليها تحية وهي تهز رأسها بتحسر:
مش باين! أخوها عايز ينتقم لأيام زمان، واللي حصل أمبارح بيتعاد تاني دلوقتي!
فكرت إيثار للحظة في إبلاغ والدتها بما ينتوي عليه مالك، ولكنها عدلت عن تلك الفكرة للحفاظ على السر الذي أئتمنها عليه..

بالكاد لن تحافظ أمها على هذا السر إن عرفته وهي ترى عذاب فلذة كبدها أمامها، لذلك أثرت إيثار الصمت وفضلت عدم التحدث لشقيقها أو تبادل الحديث معه..
فربما يأكلها الضعف هي الأخرى وتخبره عن وجود ترياق راحته بين يديها.
قضت الليل في غرفتها، أغلقت الأنوار واكتفت ببصيص الضوء النابع من القمر المضيء بالسماء..

استعادت في ذاكرتها ملامحه حينما رأها تلج لغرفة المكتب، و كيف كان ينظر إليها ببرود أثارها نحوه، فعبست ملامحها على تعمده استفزازها، فتلوت بشفتيها بسخط وهي تقول:
صحيح انك مستفز!
تنهدت بعمق حتى اقتحم مخيلتها مشهد محاصرته لها، والتقاطه لعبراتها قبل أن تنسال من بين أهدابها لتلمس وجنتيها، فاحتلت البسمة المشرقة ثغرها وهي تتخيل طيفه أمامها..

هي تشعر بالبهجة تختلجها وتتسرب إلى خلاياها في حضوره فقط حتى وإن كانت تتظاهر بعكس ذلك.
(( أحبه نعم أحبه
ومن صميم الفؤاد أعشق قربه..
يحدثني بأنفاسه عن شوقه لي..
ابتسامتي وضحكتي
وحتى ضعفي وظهور غمازتي
هو المتيم بي والعاشق لتفاصيلي
وإن ظهر العناد على جبهتي
واعتلى الشموخ طرف أنفي..
لن أفلح في التعبير عن عدم حبي له
وكأن عشقه گكرات الدم في وريدي )).

هكذا حدثت نفسها وهي تأمل في مستقبلٍ جديد معه، نهايته تسطرها هي بيدها، وبقلم حبره من سائل دمها المُشبع بعشقه..
تنهدت بسعادة وهي تتذكر تلك القُبلة التي لم تلمس شفاها، ربما زاد الشغف إليها عندما لم تنلها..
لقد اشتاقت للحديث معه كحبيبين، وربما سيكون هذا الشوق بريق أملٍ ليحقق حلماً غنياً لها...

استيقظت بحماسة شديدة وهي متفائلة بأنها ستحظى بمغامرات شيقة..
احتارت في تحديد وجهتها اليوم، وتساءلت مع نفسها عن أي مكان ستبدأ منه..
هل ستذهب لمقر شركته أم تتابع عملها مع صغيرته ريفان؟!
ارتدت ثيابها وتأنقت بثوب جديد يتناسب مع حلول فصل الشتاء بهواءه الرطب..

ثم قامت باحاطة عنقها بوشاح صوفي مميز من اللون الأرجواني والتقطت حقيبتها وخرجت من حجرتها بساعة مبكرة، وعندما هبطت الدرج تفاجئت برجل غريب الهوية يقطع طريقها وهو يقول بجدية وثبات:
مدام إيثار!
توقفت بتوجس وتراجعت للوراء خطوتين لتحافظ على وجود مسافة معقولة بينهما، ثم حدجته بحدة لسلوكه المباغت وهتفت متساءلة بنبرة قاتمة:
مين حضرتك؟!
احنى رأسه وهو يبادلها الحوار قائلاً بجدية:.

انا سواق مالك بيه! جاي أخد حضرتك للشركة
ثم أشار بيده نحو السيارة، فالتفتت برأسها حيث أشار، ووجدت سيارته بالفعل تنتظرها أمام مدخل البناية..
تخللها شعور مطمئن بعد أن توجست خيفة منه..
هزت رأسها بهدوء وهي تتابع مرددة:
طيب
قام السائق بفتح باب السيارة الخلفي لها فاستلقت في مكانها وفكرت بتعمق..

كان يومها سيبدأ بالذهاب إلى الصغيرة ريفان أولاً، ثم بعد ذلك تخطط لما ستفعله، ولكنه فاق توقعاتها گعادته، ظلت تنظر للطريق أمامها بترقب حتى أدركت قرب وصولها لمقر الشركة فشعرت ببعض التوتر.
جاهدت للتخفيف من ذلك الإحساس الذي يثير معدتها بالإضطراب، وتنفست بإنتظام لضبط انفعالاته المتوترة..
وما إن أوقف السيارة حتى ترجلت منها، وكادت تتخطى حدود المقر ولكن أوقفها ( السائق) قائلاً:
ثانية واحدة!

ثم استبقها بخطواته، فتبعته هي حتى وصل بها لمكتب الإستقبال بالشركة..
وقف خلف الحائل الزجاجي وهتف فجأة بجدية وبنبرة شبه مرتفعة:
الأستاذة إيثار وصلت
تحركت موظفة الاستقبال من مقعدها، والتفتت بجسدها لتكون في مواجهتها وابتسمت بهدوء وهي تقول:
أهلا بحضرتك، مكتبك جاهز فوق ومالك بيه شدد عليا أوصلك لفوق بنفسي!
ردت عليها إيثار بهدوء:
شكراً..

شعرت هي ببعض المبالغة في الأمر مما أثار ريبتها ولكنها تغاضت عن ذلك، ولم تلقِ له بالاً..
استبقتها الموظفة وتبعتها هي بخطاها حتى استقلا المصعد، ظلت تفكر فيما يقوم مالك بتحضيره والتخطيط له..
عجزت عن تخمين أفعاله، وأجبرت نفسها على عدم التفكير في ذلك..
توقف المصعد ومدت لها الموظفة يدها وهي تقول برسمية زائدة:
اتفضلي على أول أوضة في الطرقة يمين
شكراً!

قالتها إيثار بامتنان ثم تقدمت بقدميها وهي تتفحص المكان بعينيها، ففي المرة السابقة لم تستطع رؤيته بوضوح..
كان صرحاً مميزاً بحق، تظهر عليه علامات الرقي والحداثة..
ابتسمت بنعومة، واعتقدت أنها وصلت للحجرة المنشودة..
التقطت أنفاسها وكبحتها بداخلها وهي تضع يدها على المقبض ثم زفرته بتمهل وهي تديره.
ولجت لداخل الحجرة لتنبهر بترتيبها المتناسق، وببراعة الديكور الخاص بها..

خطت بقدم مترددة لتقع عيناها مصادفة على باقة من ورود البنفسج موضوعة أعلى سطح المكتب..
فغرت فمها بإعجاب ثم دنت منها وهي تظن أن تلك عادة الشركة في الترحيب بالموظفين الجدد، ولكن كانت البطاقة التي تتوسط باقة الزهور تعكس لها ما توقعته..
التقطتها بحذر وقرأت حروفها التي تشكل عبارات أثرة، وهمست من بين شفتيها:
عانقيني...
بوشاح الهوى دثريني..
وانظري إلي بعينيكي..
وبهما ظل الحب يشفيني..

أما آن للعشق بعينيكِ أن يظهر ُ..
أما آن للعشق بقلبكِ يحييني...
عانقيني...
اتسع ثغرها ببسمة فرحة من جمال كلماته التي تلمس داخلها، وتجمعت دموع السعادة بمقلتيها وهي تضحك بصوت مسموع للآذان..
ولكنها تلاشت سريعاً عقب حركته المباغتة عندما حاصرها من ظهرها بذراعيه..
ارتجف جسدها، وتلاحقت أنفاسها، وودت الالتفات ولكنها عجزت من قبضتيه المحاصرة لخصرها..
حزمت من نبرتها لتظهر أكثر جدية وهتفت:
مالك! لو سمحت!

سعد بل طربت أذنيه كثيراً لسماع حروف اسمه تلفظ من على شفتيها من جديد، فضمها أكثر إليه وهو يردد بعشق:
اسمي وحشني منك!
توترت أكثر، وزادت رجفة جسدها، وردت عليه وهي تجاهد لدفع ذراعيه عنها:
احنا هنا في مكان شغل، ميصحش اللي بتعمله ده
التوى ثغر مالك بمكر وهو يبدى عدم اكتراثه بشيء:
ميهمنيش، أنا صاحب الشركة وانتي مرات صاحب الشركة المستقبلية، واللي عنده كلمة هيلمها!

أراد أن يرى وقع كلماته على ملامحها، فأفلت قبضتيه عنها، وأتاح لها الفرصة لكي تلتفت نحوه وتواجهه..
نظرت له ببرود مماثل لما فعله معها بالأمس ثم نطقت بلهجة مثيرة للاستفزاز:
مين قالك إني موافقة على جوازي منك!
ابتسم مالك بسخرية وقد اكتشف خطتها وفهم مقصدها مما تفعله، فقرر إفسادها على طريقته الخاصة..

دنا منها فجأة، واحنى رأسه على وجهها، وقام بطبع قبلة على طرف أنفها، فدبت بداخلها القشعريرة واهتز كيانها لوهلة من هول الصدمة..
اتسعت ابتسامته وهو يراها مذهولة في مكانها، ثم مال ناحية أذنها، وهمس لها بصرامة خافتة:
انا قولت، يبقى خلاص
تخللت رائحتها المميزة أنفه فأطبق جفنيه بإستسلام وهو يستنشقها مراراً وتكراراً مستمتعاً بعبقها الذي يثير جنونه، ويحرك فيه مشاعره بقوة..
جاهد لكي لا يتهور معها، وتابع قائلا:.

يا ذات الغمازتين!
انخفضت بجسدها ثم عبرت من أسفل ذراعه المرتفعة على كتفها، لتصبح خلفه، و التقطت شهيقاً عميقاً، وزفرته وهي تردد بنبرة مستكينة:
انا جيت عشان الشغل، هو فين!
رد عليها مالك وهو يبتسم بعبث:
انا الشغل ياحبيبتي
ارتفع حاجباها للأعلى مستنكرة ما يقوله..
أراد أن يحصل على المزيد..
فدنا فجأة منها، وحاوط رأسها براحتيه، ومن ثم قبّل جبينها بعمق فأغمضت عينيها بضعف شديد..

حدق فيها بسعادة، وهمس لها بنبرة آسرة:
بأحبك..
ثم أرخى كفيه عنها، وتراجع مبتعداً ليتركها في غرفتها الجديدة بمفردها...
لا إرادياً تبعته بأنظارها حتى اختفى، فتنهدت وهي تطبق على جفنيها..
أخذت نفساً مطولاً لتستعيد ثباتها الإنفعالي من جديد، ثم اقتربت من باقة الورد لتحتضنها بين ذراعيها وكأنها تحتضنه هو..
تناولت البطاقة بأصابعها، وتأملتها بأعين والهة.

عاد مالك إلى غرفة مكتبه وهو يستعد لتنفيذ خطة جديدة ستكون أخر محاولاته لإخضاعها تحت سلطان الحب...
هو بالكاد استطاع تحطيم الكثير من الحوائل التي كانت تقف بينهما..
بات مالك متأكداً بأن الجدار الفولاذي الذي بُني سيقع حتماً عقب تلك المحاولة، فقد حان موعد اختياره هو دون فرض البدائل.

استمرت إيثار في التوفيق ما بين عملها في الشركة، ومهمتها كمربية للصغيرة ريفان..
ورغم قلة عدد الساعات التي تقضيها بصحبتها إلا أنها كانت تمدها بطاقة كبيرة من الأمل والتفاؤل..
وذات يوم، وحينما انتهت هي من أداء مهامها تجاه الصغيرة ريفان..
أنامتها برفق في فراشها، وتأملت ملامحها البريئة، ثم مدت يدها لتمسك بأصابعها الصغيرة..

فوجدتها أطبقت على إصبعها بكفها الضئيل بشكل لا إرادي، فخفق قلبها فرحاً لتلك الحركة المباغتة ومسحت على جبين الصغيرة برفق ثم انحنت لتطبع قبلة عميقة على وجنتها.
وفجأة، دب الرعب بداخلها وانخلع قلبها من مكانه..
انتفضت من مكانها بفزع وتحركت للخارج سريعاً محاولة فهم ما يدور..
كان الصراخ مدوياً بالخارج، وانتشر في الأرجاء مما أصابها بالذعر المميت..
كانت تهبط الدرج راكضة وهي تدعو الله ألا يكون الخطب جلياً..

وجدت روان تصرخ بهلع وبشكل يمزع القلوب، في حين كانت راوية تقف على مقربة منها والدموع تنساب من بين عينيها بغزارة، كذلك لم يختلف حال السائق الخاص بمالك فهو كان واقفاً محني لرأسه ويبدو على تعابير وجهه الأسف الممزوج بالحزن..
صرخت إيثار بقوة وهي تتسائل بفزع:
في ايه!
أجابتها روان وهي تصرخ بشدة والبكاء ممزوج ببكائها:
أخويا بيضيع مني، مالك!
تعالت فجأة صراخاتها المريرة، وأكملت:
آآآآآه!

قفز قلب إيثار في قدميها، وهتفت متساءلة بهلع وهي تهز روان بعنف و بنبرة تقطع القلوب:
اتكلمي ياروان في ايه! مالك فين وإي جراله!
دفعتها روان بعنف وهي تصرخ فيها لتحملها وزر المسؤلية كاملاً:
انتي السبب، اخويا كان بيجهزلك مفاجأة وقايلي انه جاي في الطريق، انتي السبب في كل حاجة حصلتله من ساعة ما عرفك، انتي اللي موتيه!
تجمدت الدماء في عروقها وتصلبت قدميها في مكانها..

تندى جبينها بقطرات العرق الباردة وهي تتخيل حقاً ما قد حدث..
هزت رأسها بعنف لتدرك ما سمعته ولكن أبى الحديث أن يخرج من فوهها، فقاطع السائق تفكيرها وهو يقول بصوت متحشرج:
مالك بيه كان متفق معايا نجيب شوية حاجات لزوم حفلة، و، آآ، و وانا ماشي وراه بالعربية آأ، عمل حادثة وو...
غطت وجهها فجأة بكفيها، وصرخت بصوت مكتوم غير مصدقة ما قاله..

انهمرت عبراتها باندفاع من عينيها وكأنها فيضان جارف، هدرت بصوتها بشهقات متتالية، لقد كان معها هذا الصباح مثل كل يوم..
كان يعبث معها ويداعبها بحركاته التي إعتادتها منه
كان يطرب آذانها بكلماته الساحرة التي باتت ترياقها الشافي لجراحها!
فكيف له أن يفعل هذا بها؟!
كيف يتركها بعد كل ما حدث في حياتها!
مستحيل!
كانت تلك الكلمة الوحيدة التي استطاعت أن ترددها بصعوبة واضحة وكلنها كانت تحمل الكثير بين طياتها...

صرخت روان وهي تضرب على وجهها ورأسها محملة إياها عليها عبء كل ما حدث لأخيها في سنوات حياته منذ أن عرفها، فخرج منها الحديث حاداً كنصل السيف الذي إن لمس النحر قطعه:
انتي السبب، انتي السبب منك لله
لم تهتم إيثار بذلك الهراء، بل أطبقت على ساعد السائق وهزته بعوف قوي وهي تنطق بصراخ:
هو فين دلوقتي، قولي!
أجابها السائق وهو يبتلع ريقه بمرارة شديدة: في المستشفي بين الحيا والموت!

قفز قلبها وأهتز بعنف، ربما يكون هناك أمل، ربما لن يخذلها الله تلك المرة، لن تكون هذه النهاية ا أستغاثت بالسائق ونطقت بإستعطاف راجي والدموع لا تتوقف عن السيل منها:
ارجوك توديني ليه، ابوس ايدك وديني، عاوزة أشوفه!
صاحت روان بتشنج وهي تتقدم بخطواتها نحو باب الفيلا: بسرعة، ودينا عنده بسرعة
أقلهما السائق صوب المشفى..

جلست روان بعيدة عن إيثار في المقعد الخلفي وهي تبكي بحرقة وتحسر، بينما جلست إيثار منكمشة على نفسها تضم يديها إلى صدرها المنقبض، كانت تبكي بحرارة تذيب أشد القلوب قسوة..
حادثت نفسها بلوم وعتاب وكأنها تحادث مالك بقلبها وقبلها روحها..
كيف لك أن تفعل ذلك بنا؟
لا يحق لك أن تنصرف قبل أن تعيش معها أجمل أيامهما، كيف يمكن للقدر الذي جمعنا مرة أخرى أن يفرق بيننا بهذا الشكل الشنيع والمميت؟
لا تذهب أرجوك.

لا تتركني الآن
مازال لدينا الكثير لنعيشه ياحبيب القلب وخليل الفؤاد..
تمسك بأنفاسك قليلاً، أنا في طريقي إليك
أرجوك أن تعاند لتبقى!
أن تصمد لأجلنا لا لأجلي..!
صف السائق سيارته أمام المشفى فاندفعت إيثار لتهبط عنها بسرعة رهيبة، ركضت للداخل وهي تتلفت حولها لتسأل أياً ممن يقابلها..
استوقفت إحدى الممرضات وهي تنطق بصعوبة بالغة وقد توقف الحديث بحلقها:
آآ، في واحد عمل حادثة وو...

ردت عليها الممرضة مقاطعة إياها وهي تهز رأسها بحزن:
الأستاذ اللي عمل حادثة بيجهزوه فوق للعمليات، ربنا يستر!
كانت كلماتها كالمادة شديدة الاشتعال التي سقطت فوق كتلة من النيران لتزيد من توهجها واستعارة ألسنتها، فركضت نحو الدرج لتصعده راكضة بينما لحقت بها روان وهي تركض بخطاها السريعة..
وجدت كلتاهما الأطباء يتحركون بسرعة وبشكل غير منظم في الرواق.

مدت إيثار يدها لتوقف أحدهم وجاهدت لتلتقط أنفاسها وهي تذرف العبرات بغزارة من فرط الدموع والقلق والذعر والخوف وكل تلك المشاعر المكمونة داخلها، ثم هتفت بصراخ قوي هز الأرجاء:
دكتور، مالك فين، فين مالك!
رد عليها الطبيب وهو يقبض على شفتيه بقوة:
لو قصدك الأستاذ اللي عمل الحادثة احنا بنجهزه عشان يدخل عمليات فوراً، هتلاقيه في تاني أوضة شمال!
تركته وركضت إلى حيث أشار...
تجمدت عند عتبة بابها..
أصابتها الصدمة..

توقف القلب عن النبض للحظات عندما وقعت عيناها عليه راقداً على الفراش، يحيطه من كل جوانبه بقعاً من الدماء..
غير شاعر بما يدور من حوله...
خفق قلبها هلعاً..
وركضت نحوه..
جثت بجسدها عليه، و أمسكت كفه بيديها المرتجفتين، وظلت تُقبله كثيراً وكثيراً..
توسلته بقلبها أن يرد عليها..
ترجته بروحها أن يفتح عينيه لينظر لها..
ولكن لا حياة لمن تنادي!
نادته بنشيج مختنق وهي تكافح للتنفس:.

مالك، متسيبنيش، خليك معايا انا محتجالك، مالك
احنا لسه معيشناش ازاي هتمشي!
تعالت شهقاتها، وامتزجت بصوت صراخها الذي كان كسكاكين تقطع من لحم جسدها..
هزته بعنف وهي تهدر من بين أنينها الباكي:
مينفعش تسيبني، فوق وكلمني، مستحيل ربنا يرجعك ليا عشان ياخدك مني بالشكل ده!
اختنقت نبرتها أكثر وهي تتابع:
مالك متسيبنيش، خليك معايا، أنا هموت لو جرالك حاجة، آآآآه، رايح فين وسايبني؟!

هزته بعنف من كتفيه وهي تصرخ فيه ببكاء حارق:
قوم رد عليا وأتخانق معاياااا
فتح مالك جفنيه بصعوبة، جاهد للالتفات برأسه ولكن لم يستطع..
حاول النطق بحروف متقطعة وبصوت ضعيف للغاية:
آآ إ يثار!
حبست أنفاسها برعب، وانتظرت منه أن يكمل:
أنا، آآ. ه، آآ، هاموت!
صرخت فيه بفزع متوسلة إياه:
اسكت ارجوك، هتقوم وترجعلي بس امسك في الدنيا، عاند عشان خاطري لأخر مرة!
نظر لها بثقل، ورد عليها بصعوبة واضحة:.

ب، ح، حبك، هموت وآآ، أنا بح، بك..!
ارتعشت نبرتها وخرجت من فمها بصعوبة شديدة وهي تبكي بشدة:
خليك عشاني، انا بأحبك، بأموت في كل حاجة منك، ماتسبنيش! طب، طب عشان خاطر بنتك، دي ريفان محتجاك، وانا كمان، أنا مقدرش اعيش من غيرك، ارجوك خليك عشاني!
بدأ جفنيه في الإنغلاق رويداً رويداً، وكأن روحه تُختطف، احتضنت رأسه وضمتها لصدرها وهي تبكي بصراخ، نطقت باسمه وهي ترجوه ألا يتركها ويرحل:.

افتح عينيك يامالك، افتح عينيك ياحبيبي، انا جمبك يامالك
سكن للحظات في أحضانها يستشعر نبضات قلبها الملتاع من أجله، ثم ضمها إليها بقوة كادت تكسر عظامها بين يديه، وتنهد بعمق، وأردف قائلاً بنبرة طبيعية للغاية:
مقدرش أسيبك، انتي حياتي كلها، انتي نفسي، انتي نبشي وروح قلبي!
شعرت إيثار بشيء مريب في الأمر..
هو يتحرك ويضمها إليه بقوة شديدة تتنافى مع حالة الوهن التي عليها..
استغرقتها عدة لحظات لتستوعب أنها خدعة..

نعم هي مزحة مفزعة منه، فلن تمد فيه الروح فجأة..
دفعته لتبتعد عن أحضانه ولكنه أطبق عليها بقوة أشد..
عرف أنها كشفت أمره فتمسك بها بإصرار، ونطق بنبرة عابثة:
لا خليكي في حضني أحسن هموت، انا هرمت من أجل اللحظة دي
تجمدت العبرات في مقلتيها، واحتقن وجهها من دعابته المميتة، وكزت على أسنانها بحنق بائن وهي تقول:
آآ، انت...!؟
ابتعد عنها وهو مازال ممسكاً بها ثم نطق بتسلية وهو يمسح على وجهها برفق وحنو بالغ:.

انا الحمد لله سليم، وانتي اعترفتي بحبك، ودخلتي القفص، ومش هتخرجي منه إلا على جثتي، يامراتي وأم ولادي وشريكتي وحبيبتي ورفيقة دربي!
احتضن وجهها بين راحتي يده، ونظر لها بعشق وشغف واضح، ثم تابع بنبرته المشتاقة إليها:
انتي الحياة بالنسبالي، ومن غيرك يا حياتي أنا ممكن أموت...!

تحول خوفها الشديد عليه إلى غضب مبرر بعد أن كشف أمامها خدعته المميتة التي جعلتها تعترف بحبها اللا محدود له ظناً منها أنها تفقده للأبد..
نظر لها مالك بأعينه التي تعشق أدق تفاصيلها، وتلذذ برؤية تحولها من الخوف للعبوس للتلهف، تلك المشاعر التي دائماً تشكل جزءاً هاماً من شخصيتها الرقيقة..
عبست إيثار بوجهها بضيق جلي، واستنكرت ما قام به لينال منها إعترافها الغالي..

فهو لا يحق له التلاعب بمشاعرها بتلك الصورة المفزعة، ألم يحسب ما يمكن أن يصيبها إن اعتقدت أنه قد تعرض جدياً لذلك الحادث المؤسف؟!
تملصت من أحضانه وهي تضربه بقوة في صدره بقبضتيها، وهتفت بحنق:
انت ازاي تعمل فيا كده؟!
ابتسم لها بود وهو يجيبها بحنو:
أنا أسف يا حبيبتي، بس فعلا كان ممكن يجرالي حاجة ساعتها كنتي آآ...
قاطعته قائلة بتجهم:
متكلمش كده، أنا مش بأحب الطريقة دي!

زادت ابتسامته إغراءاً وهو يجيبها بصوت خفيض:
حاضر، انتي بس أؤمريني، وأنا هانفذ على طول يا مولاتي!
لكزته مرة أخرى في صدره موبخة إياها، فابتسم لها وهو يضحك بمرح..
ولجت روان إلى داخل غرفته بالمشفى، وهتفت متساءلة بنعومة:
ها يا مالوك؟ أنفع أكون ممثلة؟!
ارتبكت إيثار حينما رأت روان بالغرفة، فشعر مالك بحرجها، وأرخى قبضتيه عنها، وتراجعت هي سريعاً للخلف لتعتدل في وقفتها..

تحركت روان صوبهما وهي مسبلة عينيها للأسفل بخجل واضح..
نظرت إيثار لها، ووضعت يدها على منتصف خصرها، وعاتبتها بحدة:
وانتي كمان كنتي شريكة معاه وعارفة باللي ناوي يعمله؟!
دنت منها روان وحاوطت كتفيها بذراعها، ثم أسندت رأسها على كتفها، وردت بتنهيدة حارة:
معلش بقى يا ريري، الحب بهدلة، وانتي عرفاني ضعيفة قصاد الحب
ردت عليها إيثار بإمتعاض ظاهر في نبرتها:.

ماشي يا روان، ليكي يوم، وأكيد طبعاً السواق وراوية كانوا معاكوا في الفيلم ده
رد عليها مالك بتساؤل متباهياً بنفسه:
أنفع أكون مخرج سينمائي، صح؟
هتفت فيه إيثار بغيظ:
انت مخرج بايخ ودمك تقيل!
ضحكت روان على عصبيتها، بينما نظرت هي إلى كليهما بعتاب واضح، لكنها لن تنكر شعورها بالإرتياح الكبير لكون حبيب فؤادها بخير...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة