قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل السادس

شريط العمر يمر، كقطار بطئ الخطى محكمة خطواته مدبرة
أرى فيه صورا لى، باهتة، بعيدة قريبة، مكررة
أحلم ببداية طريقى بأحلام، لأجد في خاتمة طريقى نهاياتها مقدرة
أحلامى مثلى تائهة، مغمورة، مبعثرة
دفنت وواراها الثرى كأناس ماتوا ضحايا حادث قطار وانتهوا كخبر في جريدة، أو أحرف مسطرة
لاندرى في حياتنا هل أقدارنا بإختيارنا، أم أنها أقدار مسيرة؟

كانت جورية تجلس في شرفة منزلها تحتسى قهوتها بهدوء ناظرة إلى هذا النيل الجارى أمامها متأملة هذا المشهد الهادئ والمريح لأعصابها المنهكة من تدفق الذكريات، تنهدت بعمق، لقد أقسمت على النسيان، ولكن كيف تنسى ما حفر في الفؤاد، كيف تنسى أول وآخر حب في حياتها؟هي حقا لا تدرى.

أفاقت من أفكارها على صوت رنين هاتفها لتترك فنجال قهوتها على الطاولة وتتجه إلى داخل الحجرة، تمسك هاتفها تنظر إلى شاشته قبل أن تجيب قائلة:
صباح الخير يافراس.
قال فراس:
صباح النور ياجورى.
أحست جورية بالإضطراب يعترى صوته لتقول بقلق:
خير يافراس، مال صوتك؟
زفر فراس قائلا:
عايزك حالا في المكتب ياجورى.
عقدت جورية حاجبيها قائلة:
بس أنا محتاجة يومين أجازة كمان.
قال فراس بنفاذ صبر:
مش هينفع ياجورى، محتاجلك ضرورى.

تنهدت جورية قائلة:
طيب يافراس، نص ساعة وهتلاقينى عندك، سلام.
ثم أغلقت الهاتف، وهي تتجه بروتينية إلى دولابها تفتحه وتأخذ أول فستان وقعت عليه عيناها، وتتجه إلى الحمام والأفكار تراودها، تتساءل ماالذى حدث لفراس؟ولماذا هذا القلق في صوته؟لتهز كتفيها في حيرة، نصف ساعة وستعلم السبب، لتدعو الله أن يكون خيرا.

نهضت جورية قائلة بعصبية:
إنت أكيد بتهزر، إنت عايزنى أروحله برجلية واطلب منه إنه يسيب صوره على أغلفة رواياتى؟مستحيل طبعا.
قال فراس بهدوء:
أقعدى بس وإهدى، لو سمحتى ياجورى إسمعينى للآخر.
جلست مجددا وهي تنظر إليه عاقدة حاجبيها ليقول مستطردا:.

أنا راجعت مع محامي الدار وضعنا القانونى والحقيقة الوضع ميبشرش بخير أبدا، اللي عرفته عن اللي إسمه خالد نصار مش قليل، ده حوت السوق، معندوش قلب ومبيرحمش، ولما حد بيقف قصاده بيدمره...
صمت فراس وهو يلاحظ ذلك الألم الذي إرتسم على وجه جورية، لقد نسي للحظات هنا أن من يتحدث عنه هو محطم قلب تلك الفتاة الرائعة، ليزفر قائلا:.

أنا آسف ياجورى لو بكلمك في موضوع حساس بالنسبة لك وبفتح في جروح قديمة لسة بتنزف، بس الموضوع بجد خطير وميستحملش التهاون فيه.
تنهدت جورية قائلة:.

أنا عارفة الوضع الحرج اللي حطيت الدار فيه لما رسمت أغلفة كتبى وحطيت عليها صورة فهد، قصدى خالد نصار، بس صدقنى أنا مش هقدر أبدا أنفذ اللي إنت عايزه منى، أنا مقدرش يجمعنى معاه مكان واحد تانى، إنت مش فاهم أنا بحس بإيه وهو قصاد عينى، عيونه هي هي، صوته هو هو، بس لا دى نظرته ولا دى نبرة صوته، وهو قصاد عينى حنينى لفهد بيقتلنى، ببقى نفسى أترمى في حضنه وأقوله وحشتنى، بس مبقدرش، إحساسى إنه خلاص مبقاش لية، وبقى لواحدة تانية متجوزها ومخلف منها دمرنى، أنا بجد تعبانة يافراس، مش قادرة أتخيل إن حبيبى فهد اللي عاش ويانا سنة كاملة، حبنى فيها وحبيته، فهد اللي غاب بعدها سنتين سابنى فيهم للعذاب، يبقى هو خالد نصار المليونير المعروف، مش عارفة إزاي كل ده حصل وليه حصل لية أنا بالذات؟

، بس أنا عارفة...
إلتفت كل من جورية وفراس إلى صاحبة الصوت لتطالعهما ليلة بطلتها الرقيقة، تقف في ثبات تنقل نظرها بينهما بهدوء، لتعقد جورية حاجبيها بحيرة بينما تأمل فراس فاتنته التي أطارت النوم من عيونه منذ أن رآها، ليحمد الله على حسن حظه الذي جعله يراها في أسبوع واحد مرتين، ليقسم بداخله أن لا يدعها اليوم دون أن يعرف الكثير عنها، نعم، لابد أن يفعل.

إقتربت منها سها تحمل بيدها باقة من الورود الصفراء والتي تكرههم لين وبشدة لتدرك من قبل أن تقرأ هذا الكارت الموضوع بينهم، من مرسلهم إليها، خاصة وملامح الضيق تبدو على صديقتها سها، وهي تقدمهم إليها قائلة:
شوفى خفة الدم على الصبح، الورد ده جايلك وعليه كارت مكتوب عليه كلام سخيف من محمود عزمى.
أخذت لين تلك الورود وألقتها على المكتب بلا مبالاة وهي تسحب الكارت منهم تقرأه بهدوء:.

من النهاردة مش هتكونى غير لية أنا وبس، بدأ العد التنازلى.
نفس العبارة التي وجدتها على زجاج سيارتها بالأمس، إنه هو، مؤيد، تستطيع أن تشم رائحة عطره التي يفوح بها هذا الكارت، وكلماته السخيفة الغامضة، تتساءل بحنق، ماذا يريد منها؟تود من كل قلبها أن يدعها وشأنها، فمنذ أن عاد لحياتها، وحياتها إنقلبت رأسا على عقب، لم تعد أبدا كما كانت...
أفاقت من أفكارها على صوت سها وهي تجلس قائلة بحنق:.

أنا مش عارفة بس عاجبك في محمود ده إيه؟، ده حتى دمه تقيل وبارد.
قالت لين بهدوء:
حتى إنتى يا سها بتقولى زيهم، ما إنتى عارفة إنى قفلت باب قلبى من زمان، ومستحيل هفتحه تانى، صحيح محمود معجب بية وفاتحنى في موضوع الجواز، بس أنا رفضت، وإحنا دلوقتى أصدقاء.
قالت سها بحيرة:
أمال ليه باعتلك الورد ده، وإيه الكلام الغريب اللي عليه، ويعنى إيه بدأ العد التنازلى؟
زفرت لين وهي تجلس قائلة:.

اللي باعت الورد ده مش محمود ياسها.
قالت سها بحيرة:
أمال مين؟
نظرت لين إلى عيون سها بثبات قائلة:
مؤيد، مؤيد الحسينى.
لتتسع عينا سها، بصدمة.

اقتربت منهما ليلة لتتوقف أمامهما تماما وهي تقول برقة خلبت لب فراس:
أولا أنا حابة أعتذر عن دخولى كدة من غير إذن، بس السكرتيرة مكنتش موجودة برة والباب كان مفتوح وغصب عنى سمعت كلامكم واللي بيفسرلى حاجات كتير جدا منيمتنيش من آخر مرة كنت هنا معاكم، في نفس الأوضة دى.

رغما عنه أحس فراس بخيبة أمل، فقد ود لو أطارت أفكارها حوله النوم من عينيها مثلما فعلت هي معه وليس سبب قلقها هو غموض ما حدث في تلك المرة الماضية فقط، أفاق من شروده على صوتها الملائكي وهي تقول:
ثانيا حابة أوضح حاجات كتير متعرفوهاش عن أخويا خالد.
لتنظر إلى جورية قائلة:
وحابة اعرف انا كمان حاجات من الواضح إنها كانت مستخبية عننا لحد ما ظهرتى إنتى ياجورية.
لتصمت لثانية قبل ان تستطرد قائلة:.

أنا قريت قصتك أقدار الحب.
لتهز كتفيها تنقل بصرها بينهما قائلة في حيرة:.

والحقيقة الرواية فيها عبارات مكتوبة في الحوار حسيت إن أخويا هو اللي بيقولها فعلا، هي دى طريقة كلامه، ولقيت فيها أحاسيس إتمنيت لو حس بيها فعلا، أخويا طول عمره محروم من الحب، والحقيقة مجرد إحساسى إنه عاشه ولو لفترة قصيرة، ريح قلبى، متعرفيش أد إيه، خالد بيظهر للناس كلها على عكس طبيعته لإنه طول عمره بيخاف من الجرح، من الغدر والهجر، أخويا مش زي ما شفتوه يومها.
لتستقر عيونها على جورية قائلة:.

وإنتى أكيد شفتيه على طبيعته وعرفتى إزاي ممكن يكون لو بس نسى جروح ماضيه وآلامها، لو بس نسي إنه خالد نصار.
كانت الحيرة تملأ وجه كل من جورية وفراس، لتتنهد قائلة:.

عشان تفهموا كلامى لازم نرجع من الأول، من يوم ما إتجوز بابا ماما اللي كانت بنت عمه أصلا، بس للأسف مكنوش بيخلفوا، مع إن مفيش مانع يمنعهم من الخلفة، جدتى عرضت عليه يتجوز تانى، بس ماما طبعا رفضت، فجدتى أقنعتها إن ده في مصلحتها وإنها هتجوزه الخدامة بتاعتها من سكات وأول ما تخلف هتاخد منها الطفل وتديها قرشين وتروح لحالها، إقتنعت ماما بكلامها وفعلا بابا إتجوز طنط تحية، وخلف منها خالد، رفضت تحية تدى إبنها لماما، أخدوه غصب عنها ورموها برة، فضلت فترة تيجى كل يوم تطالب بخالد بس بابا وتيتة كانوا بيمنعوها حتى إنها تشوفه وشوية بشوية طنط تحية إختفت من حياتهم، محدش سأل طبعا هي راحت فين او ايه مصيرها، ومشت الحياة عادى، لغاية ما في يوم ماما حملت في اختى الكبيرة لين وهنا بدأت معاملتها تتغير من ناحية خالد، وخصوصا بعد ولادة لين، بس هو كان دايما ساكت ومبيتكلمش ولا بيشتكى حتى لبابا، ولما ماما حملت فية، وإتوفت جدتى، حاولت ماما تقنع بابا يرجع خالد لمامته، بس بابا رفض طبعا وخصوصا لما جيت انا للدنيا، وعرف إن خالد هيكون إبنه الوحيد، حقد ماما على خالد كان بيزيد وهو ياحبيبى ساكت ومتحمل، لغاية لما عرف ان مامته ماتت، لما سمع ماما وبابا بيتكلموا عنها، مجرد معرفته إنها كانت عايشة وهو مشفهاش ولا يعرف عنها حاجة دمرته، خلته واحد تانى، بارد قاسى مع الكل إلا إحنا، أنا ولين، عمره ما إتغير من ناحيتنا بالعكس إهتمامه وحبه لينا كان دايما بيزيد، لكن بالنسبة للكل بقى خالد نصار اللي مبيرحمش، ولما بابا مات حاولت ماما تخرجه برة حياتنا بس وكأن بابا كان حاسس بنواياها، كتب نص الشركة والبيت لخالد بيع وشرا، ماما مقدرتش تتحمل الصدمة جالها أزمة قلبية وماتت، ومن ساعتها وخالد مبقاش في قلبه وعقله غير الشغل وبس، وإحنا، ومبقاش في حياته مكان للمشاعر والأحاسيس.

تألمت جورية لماضى خالد القديم والذي أضنى قلبها، شعرت بوحدته، بعذابه، بألمه وكتمانه، وإظهار القوة رغما عنه، والبرود والعزوف عن البشر والمشاعر لتجنب الألم، كم كانت تتمنى لو كانت بجواره في هذا الوقت، لتمنحه كل ما إفتقده، الحب، الإهتمام، والأمان.
أفاقت جورية على صوت ليلة وهي تنظر إليها قائلة:.

حتى لما جه يتجوز، كان عرض شغل مع جواز من شاهيناز نفسها، دمج البيزنس مع الأمور الشخصية وبحسبة بسيطة خالص إنتصر البيزنس، وإتجوز شاهيناز وخلف منها ريم، بس الحياة بينهم جامدة، مفيهاش مشاعر، كلها مشاكل وأقدر أأكدلك إنه مش مبسوط معاها ولا بيكنلها أي مشاعر.

لم تدرى جورية أتفرح لهذا الخبر وهي تدرك أن حبيبها لا يحب زوجته أم تحزن لعدم جدوى معرفتها تلك، فعلى كل حال لن يفيدها إن كان عاشقا لزوجته أم لا، ففى النهاية يظل متزوجا ويظل عليها الإبتعاد عنه كلية...
أفاقت على صوت فراس وهو يقول بهدوء يخفى إضطراب مشاعره:
طيب ممكن من فضلك تقعدى وتستريحى إنتى بتقولى منمتيش وأكيد بتكونى تعبانة.

نظرت إليه ليلة تتأمله لأول مرة، كم يبدو وسيما، رصينا تماما كبطل من أبطال رواياتها، وكم بدت نبراته حانية لتمس شغاف قلبها وتزيد دقاته، إبتلعت ريقها بصعوبة وهي تومئ برأسها تنفض أفكارها تلك وتجلس بهدوء قائلة:
شكرا.
، بينما أبعدت عينيها عن سحر عينيه وهي تنظر إلى جورية التي ودت لو حثتها على الكلام مجددا ولكنها كانت تخشى أن تعلم عنه المزيد، فيكفيها ما عرفته حتى الآن...
قالت ليلة بهدوء:.

من حوالى ٣ سنين كان خالد مسافر في رحلة عمل لروما، إتقطعت أخباره عنا، وآخر حاجة سمعناها إنه خلص صفقته بدرى عن ميعادها وإنه عمل شيك آوت من الفندق وكان جاي على مصر في طيارة خاصة واللي طبعا مفيش أي معلومة وصلتنا عنها، ولمدة سنة كاملة مخليناش حاجة معملنهاش عشان نعرف خالد إختفى فين، بس للأسف موصلناش لأي حاجة، لحد ما في يوم، لقيناه داخل علينا، كان الشكل هو هو بس اللبس مش لبسه خالص، أصل خالد كلاسيك اوى في لبسه، مبيلبسش غير بدل، كانت اول مرة نشوفه كاجوول، بس مش ده اللي صدمنا، اللي صدمنا إنه مش فاكر أي حاجة عن السنة دى وإن آخر حاجة هو فاكرها، ركوبه الطيارة الخاصة، ورجوعه على مصر وإنه فاق لقى نفسه في مستشفى حكومى وقالوله إنه جه في حادثة عربية، وإنه الحمد لله ماإتصابش غير في دماغه وإصابته كانت طفيفة وإنهم بس هيخلوه ٢٤ ساعة تحت الملاحظة، وفعلا رجع خالد وعاش بينا من تانى، بس خالد مبقاش خالد بتاع زمان، انا حسيت بتغييره وقلت الكلام ده للين، بس هي مصدقتنيش، قلتلها أخوكى عايش ومش عايش، وكأنه ناقصه حاجة وبيدور عليها، حتى شاهيناز بقى بارد وياها ومبقاش يتخانق معاها زي الأول، لغاية اليوم اللي جينا فيه هنا، يومها حسيت بحاجة غريبة، نظرتك اللي شفت فيها حبك ليه وصدمتك، وهو، هو كمان شفت إضطرابه وحيرته وتساهله معاكى مع إن لو كنت شفتيه قبل ما نيجى هنا كنتى قلتى إنه هيهد الدنيا على دماغ كل الموجودين، شفت كمان لهفته ساعة ما أغمى عليكى وإزاي كان أول واحد جرى ناحيتك وشالك والقلق كان مالى وشه، ومهدتش ملامحه غير لما فوقتى.

إرتعشت جورية، تتساءل، أكان فهد هو من حملها وقتها؟ بينما إبتسم فراس بداخله فتلك الرقيقة، تمتلك عقل راجح وعيون متأملة وقلب رقيق، تماما كما تخيلها، ليفيق من أفكاره على صوتها وهي تقول:
انا قلتلك ياجورى كل حاجة أعرفها عن الموضوع فمن فضلك متبخليش علية وإحكيلى خالد في السنة دى حصله إيه، طمنينى وقوليلى إنه عاش معاكى اللي إتمنيت يعيشه طول عمرى.

لا تدرى لماذا أحبت جورية تلك الفتاة، ربما لإنها تشبهها كثيرا، روحها تتطابق وروح هذه الفاتنة الرقيقة، او ربما هي شفافيتها وصراحتها، لا يهم، المهم أنها أرادت أن تقص حكايتها عليها، ربما لأول مرة تحكيها كاملة، فلم تقص على فراس قصتها بالتفصيل بل إكتفت بموجز صغير عنها، ولكنها وجدت نفسها تقصها على مسامعهما اليوم بأدق تفاصيلها وكأنها تلقى بهم ثقيل على كتفيها بعيدا، لترتاح بعدها، تماما.

قالت سها بدهشة:
يعنى إنتى قابلتى مؤيد في الحفلة، وقالك الكلام ده كله بجد؟
اومأت لين برأسها في هدوء، لتستطرد سها قائلة بحنق:
وإزاي مقلتليش لغاية النهاردة؟
زفرت لين قائلة:.

مش عارفة بقى، يمكن لإنى كنت بتمنى يكون كابوس وفقت منه، أو وهم ومحصلش، يمكن لإنى مش حابة أجيب في سيرته، سيرته اللي بتقلب علية وجع سنين بحالها بحاول فيها أنساه وأنسى اللي عمله فية، مش عارفة، بس اللي عارفاه ومتأكدة منه، إنى مخنوقة، مخنوقة أوى ياسها.
غشيت عيونها الدموع لتشعر سها بالشفقة عليها، لتمد يدها تربت على يد لين قائلة:
طب إهدى بس وهنلاقى لمشكلتك حل أكيد.
قالت لين بألم:.

مشكلتى ملهاش حل، مؤيد رجع ومصمم يدخل حياتى من جديد، ومش ناوى يبعد عنى ويسيبنى في حالى، أنا نفسى أعرف هو عايز منى إيه بالظبط؟، ليه مصمم يعذبنى من تانى، نفسى يرحمنى من اللي أنا فيه، لإنى زهقت، أنا كنت ما صدقت بدأت أنسى اللي فات، لكنه رجع، رجع عشان يفكرنى بكل اللي فات، وأنا مش عارفة أعمل إيه وأخرجه من حياتى إزاي؟
قالت سها:
قولى لأخوكى يالين، قولى لخالد.
قالت لين بصدمة:.

أقول لخالد إيه؟إنتى إتجننتى، أقوله إن سبب طلاقى مش موضوع الخلفة، وإنى إكتشفت إن مؤيد خاين وعنده طفل من غيرى كمان، أقوله إنه باعنى بالرخيص، باع حب وعشرة وحاجات كتير كنت عايشاها معاه، أقوله ياخالد مؤيد خان ثقتك فيه وخانى أنا كمان، مش بعيد يقتله.
قالت سها بدهشة:
إنتى لسة خايفة عليه؟
قالت لين بإضطراب:
ها، لأ طبعا مش خايفة عليه، انا خايفة على خالد، مش عايزاه يودى نفسه في داهية عشان واحد زي مؤيد.

نظرت سها إلى لين بنظرة ذات مغزى، لتشيح لين بوجهها عنها لتتأكد مخاوف سها، لين مازالت تحبه، رغم خيانته لها وإفتراقهما عن بعضهما البعض، مازالت تكن له المشاعر، وهذا لا يبشر بالخير، لا يبشر بالخير أبدا.

قالت ليلة بإبتسامة:
أنا كدة إرتحت، بجد إرتحت وإتطمنت على خالد.
قالت جورية بحزن:.

بس أنا مش مرتاحة ياليلة، حاسة بوجع في قلبى، مش عارفة أعمل إيه ولا أتصرف إزاي، نفسى أبعد عن كل حاجة بتفكرنى بيه بس كل السبل بتودينى ليه، وآخرهم موضوع الأغلفة بتاعة الروايات، وإنتى سمعتى بنفسك، فراس عايزنى أروح لحد عنده وأطلب منه يسيب صورته موجودة على أغلفة الروايات، ودى حاجة معتقدش أخوكى هيقبلها، ومش هينوبنى من المشوار ده غير وجع القلب وخلاص.
قالت ليلة بعد لحظة من التفكير:.

انا مع الأستاذ فراس في كلامه.
لقد نطقت بإسمه، كم رائع هذا الإسم من بين شفتيها، كنغمات ساحرة، حقا لقد عشق إسمه الآن، لتستطرد ليلة قائلة:
إنتى متعرفيش خالد ممكن يعمل إيه في الدار لو منفذتوش كلامه وشلتوا الصور بتاعته من على الأغلفة، والحل الوحيد إنك تروحيله فعلا وتطلبى منه يتراجع عن قراره، ممكن ساعتها يوافق، مين عارف؟وبتمنى من قلبى تلاقي هناك أمل يريح قلبك ياجورى.

نظرت جورية إلى ليلة لتجد بعيونها التصميم، لتنظر إلى فراس وتدرك أنه يؤازر كلمات ليلة بالطبع، لتتنهد يائسة وهي تقول:
اللي تشوفوه، رغم إن قصتى معاه محكوم عليها بالفشل، وإنى متأكدة من رفضه التراجع عن قراره، بس عشان خاطر الدار، أنا هروح.
لتصفق ليلة بجذل ثم تتوقف فجأة وقد تخضب وجهها بحمرة الخجل لتزداد جمالا في عيون فراس، بينما نهضت وهي تقول بحماس ألهب مشاعره:.

طب مستنيين إيه يلا بينا ياجورى نروح فورا على المكتب.
قالت جورية بإضطراب:
أيوة بس...
قال فراس مقاطعا:
من غير بس، يلا يا جورى، روحى معاها، وطمنونى علطول.
زفرت جورية بقلة حيلة ثم نهضت لتمشى بجوار ليلة بهدوء، بينما يتابعهما فراس بإعجاب يزيد بتلك الفاتنة الصغيرة والتي يدرك أنها تود الجمع بين الحبيبين، مثله تماما.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة