قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والثلاثون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والثلاثون

رواية وادي النسيان للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والثلاثون

وهذا الذي بيننا واد صغير بين جبال شاهقة.
يوماً يجف ويوماً تنحدر بين جنباته سيول جارفة.
يوماً تذبل ورود خريفه ويوماً بين تصدعات جباله تجد الورود مبتسمة مفعمة بالحياة وناعمة.
وهذا العشق إنما لغزاً يكبر ويكون يافعاً قوياً كلما ضربته العاصفة...
بقلم حنان صلاح.

لا يدرى مؤيد كيف نفض عنه صدمته وجزعه وهو يسرع إليها في ثوان، يجثو على ركبتيه بجانبها، يرفع الجزء العلوى من جسدها عن الأرض، يسنده بإحدى ذراعيه بينما بيده الحرة يضع إصبعيه السبابة والوسطى على العرق البارز في عنقها، ليزفر بقوة وهو يشعر بخفقاتها، حتى وإن كانت ضعيفة بعض الشئ فالأهم أنها حية، فتحت عيونها ببطئ لتطالعه، ليقول لها مؤيد بلهفة وعيون إمتلأت بالقلق والإضطراب:.

أنا لازم أنقلك المستشفى حالا يالين.
إبتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول بضعف:
ملوش لزوم، لو سمحت بس، هاتلى، شنطتى، جواها الدوا، ومتجيبش، مية.

عقد حاجبيه لايدرى عما تتحدث ولكنه تركها برفق وذهب بسرعة إلى الردهة يبحث عن حقيبتها حتى وجدها، ليسرع بها إليها ويجثو على ركبتيه مجددا يمنحها الحقيبة بعد أن فتحها، لتسحب من الحقيبة علبة من الدواء تأخذ منها قرصا، تضعه في فمها على الفور، يتابعها مؤيد بقلق ينهش أحشائه، يتساءل عن هذا الدواء الذي ما إن أخذته لين حتى عاد بعض اللون إلى وجهها، وأصبح تنفسها أكثر إنتظاما، ليحملها بين يديه ويدخل بها إلى الحجرة، يمددها على السرير، إبتعد عنها ولكنه لم يبارح المكان قربها، يتأملها بملامح قلقة، أدركتها، لتدرك من تلك الملامح أنه مازال يحمل لها في قلبه شيئا، ربما بعض مشاعر من الماضى لتقرر أن تبوح له بمكنون قلبها، حتى وإن شحذت منه الحب والإهتمام كما قال، فهذا أهون من فراق لن تحتمله، وكاد أن يقتلها، أفاقت من أفكارها على صوته وهو يقول لها بتوتر:.

بقيتى أحسن؟
أومأت برأسها بهدوء، ليستطرد قائلا:
كان مالك يالين وإيه الدوا اللي أخدتيه ده؟
أطرقت برأسها قائلة بضعف:
ده دوا الدكتور وصفهولى عشان أقدر أتنفس.
قال لها وقلبه يتوجس خيفة من كلماتها:
وليه محتاجة الدوا ده؟
رفعت إليه عيناها تقول بتوتر:
بعد ما إنفصلنا، إنهرت نفسيا وإضطريت أدخل المصحة.
إتسعت عيناه بشدة، ليردد قائلا بصدمة:
مصحة؟
أومأت برأسها بهدوء ثم قالت:.

مكنش جنبى حد ساعتها يقوينى على محنتى، خالد وكان مختفى، ليلة وفى دراستها ورواياتها، حتى سها صاحبتى كانت مشغولة أيامها بمرض والدتها، إحساسى بالوحدة والخيانة دمرنى وإبتدت تظهر علية أعراض حالة نفسية عاملة زي الفوبيا، الحالة دى كانت بتأثر على قلبى، أول ما أتوتر أو أزعل جامد تزيد دقاته أوى ويوجعنى صدرى وأحس إنى مش قادرة أتنفس، وللأسف الدكتور قاللى إن ممكن الحالة النفسية تأثر فعلا على القلب وساعتها...

تركت الجملة معلقة ليإن قلب مؤيد من تخيله لهذا المصير، يتمزق حزنا على محبوبته التي عانت وحدها ولم يكن بجوارها ليساندها، لتستطرد لين قائلة:
الدوا ده أصبح بالنسبة لى شئ أساسى وضرورى عشان أقدر أعيش، مقدرش أمشى من غيره، لما بتجيلى الأزمة باخد الحباية وببقى كويسة.

ظل مؤيد صامتا، يستوعب كلماتها، يتذكر تأكيد خالد عليها عندما إختطفها مؤيد على أنها تحتفظ بدوائها معها، إذا فقد كان يقصد هذا الدواء، دق قلبه بعنف، يخشى عليها من تلك الأزمة إن واجههتها وهي وحيدة أو غير مستعدة، كما كانت منذ لحظات، لينوى ان لا يفارقها قط ومنذ تلك اللحظة، إستطردت لين وهي تمد يدها تمسك يد مؤيد لينظر إلى كفها الصغير الذي تمسك بكفه، ثم عاد بنظراته إليها، وهي تستطرد قائلة بندم:.

مؤيد، أنا عارفة إنى غلط في حقك غلطة كبيرة وعارفة إنك مش هتسامحنى بسهولة، بس أنا بترجاك تدينى فرصة تانية، فرصة أقدر أثبتلك فيها إنى إتغيرت، وإنك تقدر تثق فية من جديد، أنا بموت في بعدك يامؤيد، وإنت بس اللي في إيدك تحيينى ب...

قاطعها بأن إقترب منها آخذا شفتيها في قبلة طويلة تفاجأت بها وبقوة تلك المشاعر التي إنتقلت لها عبرها، فقد حملت لها قبلته شوقا إمتزج بألم وخوف من الفقد وعشق، بعتاب إمتزج بسماح وثقة، نعم، ثقة في القادم، وفى أنها له، مهما حدث، هي له وستظل له طوال العمر، ليختتم قبلته واضعا جبهته على جبهتها قائلا وهو مغمض العينان، مضطرب الأنفاس، مثلها تماما قائلا:.

من اللحظة دى، الماضى إنتهى، مفيش عتاب، مفيش فراق، مفيش زعل.
ليبتعد عنها يرفع يديه يضم بهما وجهها وهو ينظر إليها بعشق قائلا:
بحبك يالين، من أول مرة شفتك فيها ولحد النهاردة، مقلش حبى ليكى أبدا، وفى اللحظة اللي إتخيلت فيها إنك روحتى منى، قررت، من اللحظة دى مش هسيبك تانى، وهتجوزك أول ماننزل القاهرة، لإن حياتى من غيرك متستاهلش تتعاش يالين.
إبتسمت لين قائلة في عشق:
بحبك يامؤيد، بحبااااك.

إبتسم وهو يعود لشفتيها ينوى تقبيلها مجددا لتضع إصبعها على شفتيه قائلة بمزاح:
لأ حضرتك، كدة غلط، إنت فاجأتنى في المرة الأولى بس المرة دى أنا مستعدة وبمنعك.
عقد حاجبيه وهو يقول:
بتمنعينى؟
إبتسمت قائلة في دلال:
طبعا بمنعك، مش من حقك تبوسنى غير وأنا مراتك ياحضرة البيه المحترم.
نهض يمد يده إليها قائلا بعيون لامعة:
طب يلا بينا علطول ننزل مصر وهناك هنشوف أقرب مأذون ونتجوز.

إبتسمت قائلة وهي تمد يدها تسحبه من يده لتجلسه مجددا وسط حيرته:
المأذون في الطريق يافندم، جايباه لحد عندك ومعاه الشهود كمان.
عقد حاجبيه قائلا:
قصدك إيه؟
إتسعت إبتسامتها قائلة:.

بصراحة كنت عاملاهالك مفاجأة يامؤيد، الحقيقة نبيل دلوقتى في الطريق ومعاه سها والمأذون والشاهد التانى على العقد، ما هو أنا مقلتلكش إن نبيل هو اللي عرفنى على المكان هنا بعد ما حكيتله انت عنه وهو اللي جابلى مفتاحه وهو صاحب إقتراح المأذون والجواز علطول، قال يدبسك بقى ويخلص، أصل سها مش راضية تعمل الفرح غير بعد جوازنا.
قال مؤيد بدهشة:
بقى كدة؟كل ده يطلع منك إنتى ونبيل.

إبتسمت بخجل ليبتسم بدوره ثم تغيم عيناه وهو يقترب منها مجددا ولكنها أوقفته قائلة بلهجة تحذيرية:
مؤياااد.
إبتعد عنها على الفور وهو يزفر قائلا:
صبرنى ياااارب.

كان خالد يتمشى في طرقات المزرعة يتأملها بعمق، كم تعجبه تلك المزرعة حقا، تحتاج فقط إلى بعض التعديلات وربما بعض التطوير وإضافة بعض الآلات التي قد تزيد من إنتاجيتها، ربما سأل الجد أن يساعده في تطويرها، أو يشاركه إن أراد.

الجد عزيز، إنه شخصية متناقضة تماما في رأيه ولكنه لا ينكر أنه يزداد إعجابا بها يوما بعد يوم، في البداية كان من حديث جورية عنه، ثم من مقتطفات تعود له منذ أن جاء إلى المزرعة البارحة، ربما لم يمنحه الجد عزيز ردا على طلبه الزواج من حفيدته ولكنه يراها في عينيه، فقط هو يؤجلها لسبب ما، فبعد أن إستمع إلى كلماته بالأمس ورأى ورقة طلاقه من شاهيناز وشهادة وفاتها والتي لم يذكر خالد ملابساتها فقد إكتفى بما يعرفه الجميع ماعدا مؤيد بالطبع، أنها قد تعثرت وسقطت في النيل، وقتها نظر إليه الجد نظرة طويلة قبل أن يقول لحفيدته أن تعد له حجرة الضيوف بالمنزل، وعندما أراد خالد أن ينام بالكوخ، إكتفى الجد بأن قال:.

محدش من عيلتى بينام برة بيتى.
إذا لقد إعتبره فردا من عائلته، موافقة ضمنية بالتأكيد على زواجه من جورية، وها هو منذ الصباح الباكر، يدور في المزرعة، تتدفق إليه الذكريات، كلما مر من مكان، ولكن كفى، عليه العودة فقد تعب وشعر بالجوع.

عاد أدراجه، ودخل من البوابة ليتوقف فجأة وهو يرى حبيبته تقف بجوار شجرة، تمسك وردة في يد، بينما تشب بجسدها لتلمس باليد الأخرى أوراق تلك الشجرة برقة، تتطاير خصلاتها الناعمة خلفها فتمنحها منظرا خلابا حبس أنفاسه، إقترب منها بهدوء، حتى أصبح خلفها تماما، لينطق إسمها بحنان، إرتبكت جورية وكادت أن تسقط ولكنه أسندها بذراعه، لتنظر إليه وقد تبعثرت أنفاسها من لمسته لظهرها ونظراته المركزة على ملامحها، لتعتدل بسرعة وهي تبتلع ريقها قائلة بصعوبة:.

خالد، كنت، كنت فين؟
إبتسم قائلا:
وحشتك؟
وضعت خصلاتها خلف أذنها اليمنى وهي تطرق برأسها تهرب من نظراته قائلة بخجل:
جدى اللي كان عايزك عشان تفطر معاه، ولما خالة جليلة خبطت عليك وملقتكش، أنا قلقت.
مد يده يرفع ذقنها لتواجهه عيناها قائلا:
فكرتينى سافرت مش كدة؟
قالت وهي تنظر إلى عمق عينيه لا تستطيع أن تحيد بنظراتها عنهما:.

في البداية، بس خالتى جليلة قالتلى إن موبايلك ومفاتيحك على الكوميدينو، فإطمنت، وقلت أكيد بتتمشى.
إبتسم قائلا:
وإفرضى كنت سافرت؟
غشيت عيونها لمحة حزن أدركها ليقول على الفور:
عموما أنا مستحيل هتنقل من هنا غير وإنتى مراتى ياجورى.
إحمر وجهها خجلا، ليدرك أنه الآن يحتاج لكل قوته كي يتمالك نفسه حتى لا يقبلها بقوة في تلك اللحظة، ليترك ذقنها قائلا بمزاح مفتعل:
طيب فين جدك والفطار ده؟، أنا ميت من الجوع على فكرة.

وجدت صوتها لتقول بهدوء:
الساعة ١١، جدى فطر من زمان مع خالتى جليلة.
نظر إلى عمق عينيها قائلا:
طيب وإنتى، فطرتى؟
هزت رأسها نفيا قائلة بإبتسامة خجولة:
لأ، مستنياك.
قال بإبتسامة:
طب يلا بينا.
أومأت برأسها بهدوء وكادت أن تذهب معه حين توقف ينظر إلى الشجرة التي خلفها قائلا:
أنا اللي زرعتها صح؟
أومأت برأسها بهدوء، ليبتسم قائلا:
وكنتى معايا لحظة بلحظة.
أومأت برأسها مجددا، ليتأمل وجهها بحنان قائلا:.

ذكرياتى معاكى بتمحى كل ذكرى وحشة في ماضى قربت أنساه خلاص، ويحل محله كل حاجة حلوة عشتها معاكى ولسة هعيشها ياجورى.
نظرت إلى عيونه في عشق قائلة:
ربنا يحلى كل أيامك ياخالد.
تأملها للحظة قبل أن يزفر قائلا وهو يمد يده إليها:
يلا ياجورى، يلا نروح نفطر، لإنى ثوانى ومش هكون مسئول عن تصرفاتى.
أدركت مايقصده لتمسك يده بسرعة، إبتسم بهدوء ثم مشي وهي إلى جواره، لتتشابك أصابعهم وتتداخل كما تشابكت أرواحهم، تماما.

قالت لين لليلة في حنق:
أخوكى مبيردش، ومؤيد على آخره، عايزنى أرجع معاه البيت وأنا مصممة مرجعش غير لما خالد يرجع وأستأذنه، أعمل إيه بس؟
إبتسمت ليلة قائلة:.

إهدى بس يالين، كلها النهاردة أو بكرة بالكتير وتلاقى أخوكى راجع وفى إيده عروسته وساعتها الفرح هيبقى فرحين وتلاتة كمان يا ستي، صحيح مش هنقدر نعمل حفلة كبيرة نعزم فيها كل الناس بسبب موت شاهيناز، بس إحنا ميهمناش الناس، كل اللي يهمنا نكون مع اللي بنحبهم والمقربين لينا وبس.
تنهدت لين قائلة:
يارب ياليلة يارب، نفسى الفرح يدخل بيتنا بقى، تعبنا من الحزن، بقالنا سنين مقهورين.

تراجعت ليلة في مقعدها قائلة بإبتسامة:
الفرح خلاص من النهاردة دخل بيتنا ومش هيخرج منه تانى يالين.

كانوا يجلسون على المائدة يتناولون طعامهم بصمت، حين قال الجد بهدوء:
النهاردة زي ما إنتوا عارفين كتب كتاب علا وفايز، وأنا وعدت عابد يكون كتب الكتاب في بيت المزرعة، مش هوصيكى ياجليلة انتى وجورى، عايز كل حاجة تكون جاهزة، مفهوم؟
أومأوا برءوسهم، ليلتفت الجد إلى خالد الذي قال بهدوء:
طب وبخصوص موضوعى أنا وجورى ياجدى، حضرتك لسة مردتش علية.
نظر إليه الجد قائلا بغموض:.

هنلعب النهاردة دور شطرنج ولو كسبتنى هقولك ردى بعد كتب الكتاب، أما بقى لو خسرت...
قاطعه خالد قائلا في ثقة:
مفيهاش لو، هكسبك ياجدى، هكسبك.
إبتسم الجد بهدوء ثم ترك ملعقته وهو يقول:
الحمد لله.
نهض ولكن قبل أن يبتعد، قال لخالد:
إنت معاك بطاقتك صح؟
أومأ خالد برأسه قائلا:
طبعا، لكن ليه بتسأل عنها؟
قال الجد بهدوء:
حابب تكون شاهد على عقد الجواز.
أومأ خالد برأسه متفهما ليقول الجد موجها حديثه لجورية:.

أنا جبتلك فستان عشان تحضرى بيه كتب الكتاب ياجورى، هتلاقيه على سريرك، ياريت يعجبك.
إبتسمت جورية قائلة بسعادة:
أكيد هيعجبنى ياجدى، ربنا يخليك لية.
إبتسم الجد بحنان بينما تأمل خالد جورية بعشق وإبتسامتها تضئ وجهها وتجعلها أكثر جمالا، إلتقت عيناها بعينيه في تلك اللحظة لترى نظرته إليها فأطرقت برأسها في خجل، بينما قال الجد لجليلة بنبرة ظهر بها اهتمامه الواضح بها:.

إنتى كمان ياجليلة، فستانك على سريرك، يارب يعجبك.
نظرت إليه جليلة في دهشة قائلة:
فستان لية أنا؟
إبتسم بهدوء وهو يومئ برأسه قبل أن يلتفت مغادرا، لتنظر جليلة في إثره ومازالت ملامح الدهشة تعلو وجهها، لتقول لها جورية:
أيوة بقى، فستان وحركات، جدى خلاص رفع الراية البيضا ياخالتى.
وكزتها جليلة قائلة بحزم إمتزج بإبتسامة فرح لم تستطع إخفائها:
إختشى ياجورى.

ثم نظرت جليلة إلى خالد المبتسم ليحمر وجهها خجلا وهي تنهض لتصعد إلى حجرتها ترى هدية الجد لها، بينما قال خالد لجورية بإبتسامة هادئة:
كدة كسفتيها؟
قالت جورية بإستنكار:
وأنا قلت إيه بس؟
إتسعت إبتسامة خالد وهو يقول:
مقلتيش حاجة يا ستي، مش هتيجى بقى تورينى الفستان اللي هتلبسيه النهاردة عليكى؟
إتسعت عيناها بشدة قائلة:
أوريهولك إزاي يعنى؟

قهقه خالد لتتوه جورية في ضحكته الرائعة والتي تراها لأول مرة، ليتوقف خالد عن الضحك قائلا في مرح:
مش عارف ليه مصممة تفهمينى غلط ياجورى، أنا بس عايز أشوف شكل الفستان، وأشوف لو مكشوف من هنا أو من هنا، ساعتها طبعا مش هسمحلك تلبسيه ياقلبى.
نهضت جورية قائلة بحنق:
جدى مش هيجيبهولى مكشوف ياخالد، وأنا فاهماك كويس على فكرة.

لتمشى من أمامه بخطوات حانقة، ليتناهى إلى مسامعها ضحكته الرائعة مرة أخرى، ليعلو ثغرها إبتسامة واسعة، رغما عنها.

كانت جورية تطمأن أن كل شئ جاهز من أجل عقد القران، تتأكد من أن الحديقة مزينة ومعدة لإقامة حفل بسيط من أجل العقد، لتبتسم براحة، فلقد أحسن الجد بالفعل إختيار من أعدوا الزينة لذلك الحفل، فالحديقة أصبحت رائعة حقا، سمعت صهيل فرستها مهرة، بالتأكيد إفتقدتها، فلم تراها منذ الأمس، لتبتعد متجهة إلى الإسطبل، غافلة عن عينان كانت تتابعانها وعندما رآها صاحبهما تتجه إلى الإسطبل، تبعها بهدوء.

قال نبيل بحنق:
أنا نفسى أعرف إحنا لسة مأجلين جوازنا ليه ياسها؟مشكلة مؤيد ولين إنتهت خلاص، وكتبوا كتابهم وكلها يومين وخالد يرجع ويعملوا حفلة بسيطة يشهروا بيها جوازهم، إيه بقى اللي مخلينا لسة مأجلين؟
قالت سها بإبتسامة:
على فكرة بقى، أنا كنت بتصل بيك أصلا عشان كدة، إنت بقى اللي دخلت فية شمال علطول ومستنتش تسمعنى.
عقد نبيل حاجبيه قائلا:
قصدك إيه؟
إتسعت إبتسامة سها وهي تقول:.

يعنى هات عمى وتعالى بكرة عشان تحددوا ميعاد الفرح يانبيل.
ليدق قلب نبيل بقوة وترتسم على ملامحه أعتى مشاعر السعادة.

مررت جورية يدها على عنق مهرتها قائلة بحنان:
إنتى كمان وحشتينى يامهرة، معلش إنشغلت عنك بخالد، بس أوعدك مفيش حاجة تانية هتشغلنى عنك.
مالت لها مهرة لتضع جورية جبهتها على جبهة فرستها وقد أغمضت عينيها، لتنتفض على صوت خالد وهو يقول:
يابختك يامهرة.
نظرت إليه جورية تبتلع ريقها بصعوبة وهي تلاحظ إقترابه منها، ليبتسم وهو يلاحظ توترها، ليقول بهدوء:.

متخافيش ياجورى، أنا وعدتك قبل كدة في نفس المكان ده وأدام مهرة إنى مش هلمس شفايفك غير وإحنا متجوزين، وأنا لسة عند وعدى لإنى يوم ما هلمسك مش هسيبك ياجورى.
أطرقت برأسها في خجل:
إنت إفتكرت؟
إبتسم وهو يدرك إلى أين ذهبت بأفكارها ليقول في خبث:
بصراحة إفتكرت وإفتكرت طعم شفايفك بين شفايفى وإحساسى لما بوستك.
إزدادت حمرة الخجل على وجهها لتتسع إبتسامته وهو يستطرد قائلا:.

عشان كدة أنا ماسك نفسى بالعافية عنك، لحد ما جدك يرضى عنى ويوافق على جوازنا.
نظرت إليه بإبتسامة خجولة، تأملها بحنان، بعشق ملك جوارحه، ليضرب على رأسه بخفة يقول مستطردا:
بمناسبة الكلام عن جدك، كان المفروض هلعب معاه دور شطرنج ونسيت خالص، أنا هروحله حالا، إدعيلى ياجورى.
إبتسمت وهي تتابعه يغادر بسرعة قائلة:
يارب تكسب ياخالد، يارب.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة