قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

سلامًا علي دار السلام واهله، لا الغياب بإرادتي ولا اللقاء قراري. وما بين الفترتين أحن لموطني الصغير. عبق وِجنتيها الوردية يداعب أجفاني، موطني هي وللحق انها أصدق نغمه لعبتها أوتاري. ف سلامًا لها...

أبلِغ عَزيزاً في ثنايا القلبِ مَنزله
أني وإن كُنتُ لا ألقاهُ ألقاهُ
وإن طرفي موصولٌ برؤيتهِ
وإن تباعد عَن سُكناي سُكناهُ
ياليته يعلمُ أني لستُ أذكرهُ
وكيف اذكرهُ إذ لستُ أنساهُ
يامَن توهم أني لستُ أذكرهُ
واللهُ يعلم أني لستُ أنساهُ
إن غابَ عني فالروحُ مَسكنهُ
مَن يسكنُ الروح كيف القلبُ ينساهُ؟!

صدح صوت هذه القصيدة التي سُجلت بنغمه مُوسيقية داخل غُرفة أطفالها، مالت علي صغيرها تُقبل وِجنته لتجده يمسك خُصلاتها بأصابعه الصغيره،.

رمقتهُ بحنو لتتلألأ الدموع بمقلتيها، فأخذت تُداعب وجنتيه بأناملها الضعيفة وفجأه سقطت قطرة منها ومالت نبرتها للوهن وهي تقول بصوتِ خفيض: بابي سابنا ومشي يا عاصم. أنا خايفه نصيبك يكون شبه نصيب سليم، والحياه تكسرك. بس إنت أكيد هتكون بطل زيّه. أوعدك هنحميك من أي ضرر إنت ونيرو، بس يارب بابا يرجع لحُضننا ويكون كويس.

إِفتر ثغرها عن إبتسامة مكسورة، وأخذت الدموع تنهمر من عينيها أنهارا تتذكر ردها علي ذاك المريض، لا يكفيه إبعاد زوجها عنها فحسب بل يُريد أن يكسر كاهلهُ بإقامة علاقة معها. لا تعلم ماذا كانت ردة فعلها حينها، كُل ما تذكرته نعته ب القذر ، وهي تصرُخ به بكُل ما داخلها من نيران أوشكت علي حرق روحها، ف هذا العرض ما هو إلا نهاية لضعفها وكذلك بداية لطرف خيط لا يُترك بل فُرصة جيدة للاستغلال...

نهضت عن فراش صغيرها، إتجهت صوب الشُرفة بخُطي وئيدة وما أن دلفت داخلها حتى تهدج صوتها بإختناق وهي ترفع عينيها للسماء وقد جأرت إلى الله بقلب مكلوم قائلة: يارب. يارب ما توجع قلبه ولا أشوف فيه شر، يارب أنصره علي كُل واحد ظلمه ورجعه لنا بالسلامة. انا وأولاده محتاجينه، مُتأكده إن عدالتك هي اللي هتنتصر في الآخر بس عجل بيها يارب. انا مش عارفه أتصرف من غيره، كان ساندني وانا كُنت متطمنه وعارفة إني مش هقع طول ما هو جنبي. يارب وجهني للصواب. أتصرف أزاي؟

أبله نوراي؟!
قالتها أنهار وهي تقف خلفها مُباشرةً وقد تأجج شعورها ألمًا وَدت لو تمسح الغبار الذي اطفأ عيني هذه الجميله. إنطفأت لمعة عينيها الخضراوتين وهي التي تبعث البهجة والسعادة داخل القصر. دائمًا ما تعشق أنهار عينيها وخُصلاتها الرقيقة التي تتطاير بقوة مع هبوب نسمه خفيفة من شدة نعومتهم،.

تنهدت نوراي تنهيدة عميقة. إلتفتت إليها ثم تابعت ببحة في صوتها: تعالي يا أنهار!
ترجلت أنهار للداخل لتقف بجانبها، رمقتها بآسي لحال عينيها التي تلوّنت بالأحمر القاني من أثر البُكاء فيما أسرعت انهار بضمها وهي تقول بحنو: لو سمحتي كفاية عياط. واحكي ليّ اللي تاعبك. والله هترتاحي!
نوراي بإنهيار تام: عاوزني أبيع نفسي له علشان يخرج جوزي من جريمة هو أصلًا ما ارتكبهاش.

إنقبض قلب أنهار وأخذت تحتضنها إليها أكثر وهي تقول بنبرة مصدومة: هو مين دا يا نوراي؟!
Flashback ,
أنا أزاي يعني؟!
أردفت نوراي بتلك الكلمات وقد قطبت ما بين حاجبيها في حيرة تنتظر إجابتها التي لم تعلمها بعد. أحبت. تزوجت. أنجبت، ولكنها لا تزال صاحبة نية طفولية للغاية، لا يأخذها عقلها إلى هذه الأمور وحتمًا لا تُدرك رغبته بعد فيما أردف هو بنبرة جامدة:.

أيه اللي مش مفهوم في كلامي؟! كُنت عاوزك ليّا العمر كُله، بس شكلك بتحبيه أوي وطالما إنتِ بتحبيه ف حل مصيبته عندك. يعني هنكون انا وإنتِ في شقه مع بعض أربع أيام ب لياليهم وممكن يكونوا قابلين للزيادة في مُقابل رجوع جوزك ليكي. ها قولتي أيه!
إرتعشت أطرافها وهي تستمع لحديثه الجريء معها، ولكنها قررت مُنذ أول كلمة لفظها بأن تسجل له المُكالمة. وجدها ما أن أنهي حديثه تهتف به في صرامة غريبة عليها:.

هو إنت جايب الجرأه دي منين؟!، ولا علشان عارف إن سليم مش موجود؟
قهقة هو عاليًا: مين سليم دا أصلًا؟!
نوراي بثبات إنفعالي لم تكُن تتوقعه هي حتي: جوزي. اللي دايمًا بتكون فار بيجري علي جُحره أول ما بتشوفه. تفتكر مراته هتكون إزاي؟!
أمجد بحدة: أفهم إنك رافضه العرض؟!
نوراي ببرود: إيه دا!، هو انت عرضت عليّا حاجه؟ أصل انا مش فاكرة يا قذر.

أمجد بإنفعال حاد: تمام. فرصة وراحت عليكي علشان العرض هيتم وقريب أوي. بس إنسي إن جوزك يرجع لك تاني.

لَم تحتمل حديثه أكثر من ذلك، قامت بإغلاق الهاتف بوجهه. أخذت تقضم أظافرها بفزع مما قاله لتقوم بالضغط علي عدة ازرار ومن ثم وضعت الهاتف علي أذنها تنتظر رده وما أن أجاب حتى تابعت نوراي ببكاء: الحقني يا عاصم. انا محتاجه لك؟!
عاصم بتحفُظ لحديثه وبدأ القلق يتسلل داخله: خير؟!
نوراي بتحذير له: لو سليم جنبك أبعد عنه، علشان خاطري يا عاصم. اللي هقوله دا ماينفعش هو يسمعه. كفايه اللي هو فيه.

إبتعد عاصم قليلًا عنهما، وما أن خطي عدة خُطوات حتى تابع بقلق جليّ: مالك يا نوراي؟!
نوراي بنبرة متوترة: أمجد كلمني يا عاصم. ووو و وعرض عليّا إني،
صمتت لوهلة لا تقوي علي الإفصاح أبدًا ولكن وجب اخباره هو علي الأقل وهنا تابع عاصم بحدة وكأنه أدرك ما أرادت هي قوله: عرض أيه يا نوراي إتكلمي؟!

نوراي بشهقات مُتقطعة من كثرة البُكاء: هبعتلك التسجيل علي الواتس آب، مش عارفه أتكلم. بس علشان خاطري أوعي سليم يعرف حاليًا.

عاصم بهدوء جاهد في إظهاره: طيب إهدي وبعدين هكلمك.
Back ,
يا نهار مش فايت؟!، ودا عاوز منك أيه إنتِ وسليم؟!
قالتها أنهار بنبرة مشدوهه يُخالطها الفضول فيما تابعت نوراي بإختناق: انا نفسي مش لاقيه إجابة للسؤال دا، بيكره جوزي ليه؟! عاوز يكسر سليم وعلشان مش عارف يعمل دا. قرر يكسره بيّا. نجوم السما أقرب له وجوزي لا يُمكن حد يكسره، هيقوي بيّا إن شاء الله. ما هو طول عُمره بيقويني بيه.

أخذت تمحو قطرات الدموع عن وِجنتيها، ثم استأنفت بثبات: انا قررت. قرار.

ترجل خارج سيارة اُجرة بصُحبه عاصم ورمضان، علي إمتداد بصره يوجد سور عال البنيان وفي مُنتصفه بوابة حديدية بُهت طلائها وجار عليها الزمان حتى أوشكت علي الانهيار. مشوا معًا حيث البوابة ليقوم رمضان بإخبار الغفير الموجود بها بأنهما أحد أفراد عائلته عادا من غُربتهما وبالكاد سُمح لهم بعبور حدود المنطقة بعد أن لبسوا ثياب أشبه ب الوضيعة لتتلائم مع ظروف المكان...

جال سليم ببصره داخل أرجاء المكان بدهشة المكان أشبه بالمُستنقع. تجمُعات رجالية تجلس في زوايا مُختلفة من المكان. ملابس بالية وأصوات صيحات مُتشابكة من هنا وهناك. منازل آيله للسقوط حرفيًا قد أكلها الدهر حتى سقطت حوافها، أرض ضحله، ما أن تخطوها قدماك حتى تغرس بها. ينبيء المكان عن فقر مدقع بل وفساد بالغ وهذا واضح في هيئه السيدات اللواتي يجلسن أمام منازلهن وقد شمرن عن ساعد القذف والسب فيما بينهن،.

وصل سليم إلى مُنتصف المكان ليجد سيدة قد ظلفت علي انتهاء الثلاثينيات تقف وسط مجموعة من الرجال واخذ صوتها يعلو رويدًا رويدًا بينما يقفوا هم وكأن علي رؤوسهم الطير، نُكست ذقونهم أرضًا ينصتوا بإهتمام بالغ لمّا تقوله وهنا أخذه الفضول ليلتفت ناحية رمضان مردفًا بتساؤل:
ودي مين بقي؟!
رمضان بإيجاز ونبرة منخفضة: دي نيجس، ييسة (ريسة ) حي الضباع.

عاصم رافعًا أحد حاجبيه: بقي الحي الفاجر دا، اللي ممشياه واحدة ست؟! وبيتقال عليكم أخطر منطقة والبوليس بيخاف يقرب منها!، بقي البوليس بيخاف من ست؟!

رمضان وهو يحثهما علي التحرك: هششش، مش وقته يا عاصم باشا.
إتجهوا سويًا إلى بيت رمضان، ليجدوا سيدة تهتف به بنبرة وضيعة: مين دول يا رمضان؟! ما تعرفنا. وبعدين جهزت مهر البت ولا لا يادلعادي؟!
رمضان بإمتعاض وغيظ: بعدين يا أم عبد اليحمان مش وقته.
قادهم رمضان داخل منزل بسيط للغاية مكون من طابقين. تقطن نعمة مع شقيقتها وابنها بالطابق الأول بينما يسكن رمضان بالطابق أعلاه.

دلفوا داخل شقته بأساسها البسيط. شقه مُكونه من غرفتين ومرحاض، بينما يضع أواني الطهي في إحدي الغُرف يوجد أريكتين من الخشب وتلفاز قديم تكون الثري علي هيكله، قام سليم بالجلوس علي إحداهما وهنا تابع بتساؤل: أيه يابني دا؟!، وانا اللي كُنت فاكر إن حي شُبرا. حي فقير ومليان متسولين، بس من الواضح إني غلطان ومن الواضح جدًا إننا طبقة موسطة بالنسبه لكم.

رمضان بتأكيد علي حديثه: ربنا يبعدكم عن شي المكان دا يا سليم باشا. وقت وهيعدي، البيت مش قد المقام انا عايف؟

سليم بإبتسامة خفيفة: مقام أيه وبتاع أيه؟!، كفاية رجولتك معانا. تعرف إن نسمه عملت خير يوم ما جابتك تشتغل عندنا.

إبتسم رمضان في هدوء: دا انا مبسوط أوي، إني بقدم أي حاجة من أفضايكم.
بادله سليم الإبتسامة فيما تابع عاصم بنبرة هادئه: بس إنت أيه اللي يخليك تشتغل مع ناس زيّ دول؟
سليم بتداخل: هو انت ما تعرفش دول كانوا خاطفين نسمه ليه؟ يعني بتشتغل معاهم وانت مش عارف أيه هو أصلًا شغلهم؟

أجابه رمضان هازًا رأسه بالسلب ومن ثم تابع باستطراد: نيجس هي اللي بعتتني أشتغي معاهم. انا كُنت فاكيهم تُجار حشيش. والناس اللي بتاخد بضاعة ومش بتدفع بيحبسوهم في المخزن، بس استغيبت لمّا شوفت نسمه هناك.
سليم رافعًا احد حاجبيه: نرجس؟!
رمضان دون أن ينتبه لشرود سليم: هعمي الغدا. انا أكيي حيو أوي.

عاصم وهو ينهض من فوق مقعده: أنا هستأذن بقي، ورايا شُغل في الشركة. خلينا علي إتصالات وهنتقابل بُكرا. وإنت يا رمضان بكرا تيجي ليّ الشركة علشان نتكلم في موضوعك.

أهلًا بيكم إتفضلوا أقعدوا؟
قالتها الطبيبه الجالسة خلف مكتبها بثبات بالغ، جلست آلاء إلى المقعد الجلدي المُقابل لها وكذلك زياد مردفًا بهدوء:
شكرًا يا دكتور.
أومأت الطبيبه رأسها في هدوء. إتجهت ببصرها إلى آلاء لتجد توهج عينيها بالحماس ينير المكان وهنا تابعت بإبتسامة عذبة:
طبعًا قبل كُل حاجه، أحب أدعي لكم بذرية صالحة بأمر الله. من الواضح بعد الكشف إن تأخر الإنجاب ناتج من مشاكل عند الزوجة. ،.

تابعت الطبيبه باستطراد وهي تلتفت ناحية آلاء: البويضة عندك ضعيفة جدًا ونشاطها كذلك ضعيف. وعلشان أطمنكم إن نسبه نجاح عمليات الحقن المجهري بتكون مُرتفعة جدًا.

زياد بأمل: والمفروض نبدأ منين يا دكتور؟!
الطبيبه بهدوء تجلي في حديثها: أولًا هكتب للمدام أدوية. الأدوية دي مُنشطة للبويضة هي عبارة عن هرمونات وأدوية تحفيزية، وبعد إنتهاء الضيفه الشهرية هنبدأ في قياس نسبه الهرمون ونضوج البويضة بشكل كافي، وبعدها هننفذ العملية، طبعًا عندكم علم ب العملية؟!

زياد بإيجاز: معلومات بسيطة!

الطبيبه بتفهم: تمام. هو في الحقن المجهري، بنسحب البويضة من رحم المدام من خلال جهاز الموجات فوق الصوتية مع حيوان منوي واحد من حضرتك بيتم وضعهم في أنبوبة الجو اللي حواليها متشابه تمامًا مع رحم الأم. بنستني حوالي 18 ساعة علشان البويضة تنقسم مكونه النطفة الأولي للجنين وطبعًا بنجري عملية تانية علشان نزرع البويضة من تاني داخل رحم المدام ومعاها بتبدأ تاخد حبوب تثبت الحمل، وبعد فترة من عشر أيام ل 6 أسابيع، بتعملوا إختبار حمل، ودا بينتهي ب نتيجتين إما نجاح العملية وحدوث حمل فعلي، أو فشلها لا سمح الله.

آلاء بفرحة: هتنجح إن شاء الله.
الطبيبه بإبتسامة حنونة: إن شاء الله يا مدام.

أول ما يرجع ياخدني علشان نروح الشركة مع بعض. لازم اتأسف له، انا بعترف إني غلطت وعاصم مش هيصبر علي غبائي دا كتير. بس هو إتأخر أوي!، ربنا يحفظهم وتظهر براءة سليم في أسرع وقت.

أردفت نسمه بتلك الكلمات وهي تقف أمام منضدة الزينة، عَدلت حجابها أخيرًا، تتلهف لرؤيته والإعتذار منه لذلك قررت الذهاب إلى غُرفة نوراي لمواساتها لحين عودته...

إتجهت خارج الغرفة، وما أن خطت خُطوتين حتى وجدته يتعجل صعود الدرج ولم يلتفت لها مطلقًا لتهتف به: عاصم؟
لو جهزتي استنيني في الصالون. وانا شوية ونازل.
قطبت نسمه بين حاجبيها في ضيق من تجاهله لها، عضت علي شفتيها بندم فلا تلومه أبدًا. إتجهت خلفه لتجده يطرق باب حجرة الأطفال ومن ثم دلف للداخل...

سليم بخير مش كدا؟
قالتها نوراي وهي تُهرول إليه، فقد ذبلت عيناها من شدة البُكاء فيما أومأ هو برأسه إيجابًا يرمقها بنظرة هادئه.
تنفست نوراي الصعداء ومن ثم هوت إلى الصوفه خلفها وراحت تقول بتردد: سمعت التسجيل؟

سار عاصم إلى أخر طرف الصوفة ليجلس عليه بهدوء شديد، قام بإسناد مرفقه علي قدمه وكذلك قام بوضع وجهه بين كفيه قائلًا بهمّ: أنا خايف عليكِ أوي يا نوراي. سليم لازم يعرف ب الموضوع دا، من حقه يعرف أيه اللي بيحصل مع مراته وهيحميها أزاي! مش مهم هو بيمرّ بأيه بس الأهم إن ماحدش يغفله علشان خايفه تزيدي همه. فهماني أكيد؟!، سليم بيحبك. إتعودي دايمًا تخافي علي نفسك علشانه، اتعودي إنه دايمًا أول واحد يحس ويفهم اللي جواكي لأنه هيعرف يتعامل علي الأساس دا أكتر من أي حد. انا معاكي أنه تعبان كفاية. بس انا خايف عليكِ من أمجد الكلب، حمايتك في قُربك من جوزك وما تخافيش انا جنبك بردو. إنتِ أُختي يا نوراي أوعي تنسي دا.

نوراي بإبتسامة هادئه: طيب خدني له، طالما حمايتي في قُربه.
عاصم بثبات: ما دا اللي بفكر فيه.
في تلك اللحظه دلفت نسمه إلى الغرفة جابت ببصرها بينهما ومن ثم تابعت بتساؤل: تحميها من مين يا عاصم؟
عاصم وهو ينهض من فوق الصوفة بحسم: يالا يا أستاذة نسمه علشان اتأخرت علي الشغل.
نسمه بضيقِ: إتفضل وانا هاجي لوحدي.
عاصم بحدة: بصي أنا مش طايق نفسي. هتروحي الشغل معايا وفي عربيتي، يا إما مافيش خروج برا اليلا. ها؟

نسمه بنبرة عاليه: إنت بتكلمني كدا ليه؟
عاصم وهو يقبض علي ذراعها ببرود وضح في نبرته: دا اللي عندي من النهاردا. انا رجعت وانتهي دورك في الشركة، أظن الكلام واضح.

نسمه بتحدِ: لا مش واضح، وإنت مش هتحبسني وحالًا هخرج يا عاصم.
تطاير الشرر من عينيه، احكم قبضته علي ذراعها يضغط عليه بعُنف ثم قام بإجبارها علي السير خارج الغرفة فيما صرخت هي به قائلة: ابعد إيدك عني، إنت شخص همجي ومش هتتغيّر.
نوراي وهي تتابع بخوفِ علي صديقتها من بطشه: إهدي يا عاصم لو سمحت. النقاش مش كدا؟

عاصم بصوتِ جهوري: نقاش أيه انتِ كمان؟، جوزك هرب من البيت علشان جريمة ما عملهاش، بقيتوا محط أنظار الكُل. اللي مستني كلمة منكم يبلغ بيها الصحافة، واللي مستني ينتقم من سليم ومني عن طريقكم. إنتوا في خطر، همجيتي حالة طبيعية قصاد واحد بيفكر ينتهك عرض غيره علشان يذله، والله أعلم بيفكروا في عاصم ك صديق ل سليم أزاي؟ انا الكلمة هقولها مرة واحدة. خروج من البيت طول فترة الظُلم دي، أنسيه يا نسمه. وإلا قسمًا بالله. ما هتشوفي مني غير السادي بتاع زمان، اللي ما بيعرفش يحب واللي بردو بياخد أي حاجة بالقوة وبيدور علي مُتعته. مش دا إتهامك؟، انا هبقي كدا فعلًا.

نسمه بصريخ ونبرة باكية: ما كُنتش أقصد والله العظيم. وبعدين انا أمتي فرقت معاك، مش عاوزاك تحميني، انا بعرف أحمي نفسي كويس. والأحسن إنك تطلقني، لو خايف يذلوك بيا أو أبقي نقطة ضعفك قدامهم، لأني مش هكون مراتك ساعتها.

تجمع ساكني القصر نتيجه لأصواتهما العالية، هرولت روفيدا إليهم. إتجهت ناحية نسمه ومن ثم إحتضنتها كي تمنعه من فقدان السيطرة علي نفسهِ فيما تابعت نوراي بنبرة أشبه للبُكاء: أيه اللي بتقوليه دا يا نسمه؟ بلاش تقولي كلام في وقت غضبك وتندمي عليه.
عاصم وهو يحرر ذراعها من بين قبضته: طالما دا هيريحك. يبقي تمام. إنتِ طا...
لا يابني. الأمور مش بتتاخد كدا. ودا لا هيريحها ولا حاجه، دي كلمة قالتها في وقت زعل.

إبتلعت نسمه غِصة في حلقها، كاد أن يلفظها لولا تدخل السيدة خديجه تُنهيه عن ذلك، لا تعلم لماذا تُخطط لأشياء لا تكتمل أبدًا، كانت ترغب في مُصالحته وبدء صفحة جديدة معه ولكنها للمرة الثانية لا تفهمه، فهو يخشي عليها من نفسهِ، يعشقها. يخشي أن يُصيبها مكروه ف يُصبح عاجزًا بفقدانها. لا تفهم ما يدور برأسه البته، ولكن الوضع الراهن أكبر من أن تستوعبه هي...

انا رايح الشركة، لو سمحتي يا أُمي وجودكم جوا اليلا أمان أكتر. فترة وهتعدي لازم نستحملها بحلوها ومُرها.
خديجه وهي توميء برأسها بتفهم: ربنا يزيح الغمه عننا. ويهدي الحال.
أسرع عاصم بالهبوط ناحية الباب الداخلي للقصر. أجهشت نسمه باكية في تلك اللحظه لتربت روفيدا علي ظهرها بحنو قائلة:
إهدي يا نسمه. إنتِ بردو عصبتيه. يا حبيبتي دا جوزك مش طفل هتعانديه.

في صباح اليوم التالي،
بقيت مُستيقظة طيلة الليل، لَم يأت أبدًا. ظلت جالسة إلى مقعدها الهزاز حتى غفت عليه ومازالت تذرف الدموع بكثرة. شعور ما بين الخوف عليه والنفور منه.

في تلك اللحظه دلف هو داخل الغرفه ليجدها تجلس إلى المقعد وقد أغمضت عينيها، ف ظن بأنها نامت. إقترب منها بهدوء شديد ومن ثم مال بجذعه العلوي للأمام حتى استطاع حملها ليتجه بها إلى الفراش. شعرت بأنفاسه تقترب منها ولكنها قررت أن تفتعل النوم لتجده يطبع قُبلة مطولة علي جبينها وكأنه يعتذر أسفًا عن فقده لوعيه ولكن هذا لم يكُن سوي خوفًا عليها...

إتجه إلى خزانته ومن ثم أبدل ملابسه إستعدادًا للذهاب إلى صديقه وبدء التخطيط لما هو قادم ولكن في تلك اللحظه سمع طرقات سريعه علي باب الغرفه ليتجه إليه وما أن فتحه حتى وجد نوراي تهتف به في قلق: بيتصل تاني يا عاصم؟
عاصم بجمود وقد صُبغ وجهه بحُمرة الغضب: رُدي وافتحي السماعة الخارجية.
أومأت نوراي برأسها إيجابًا. ضغط زر قبول المكالمة لتجده يبدأ حديثه بنبرة ثابتة قائلًا: قررتي أيه؟

رفت نوراي وجهه إلى عاصم وكأنها تستنجد به وتُفاجأ به يوميء برأسه إيجابًا. شعرت بالإستغراب في باديء الامر ولكنها قررت تنفيذ رغبة عاصم: م م م موافقة.
أمجد بنبرة خبيثه: تمام هتيجي النهاردا الساعة 7 علي العنوان دا (، ).
نوراي بنبرة هادئه: ماشي.
أغلقت الهاتف علي الفور، فيما قام عاصم بأخذه منها لتقول هي بتساؤل: إنت بتخطط لأيه يا عاصم؟

إلتقط عاصم سُترته من علي الفراش ومن ثم سارع بإرتدائها وهو يقول بنبرة صارمة: هتروحي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة