قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن والعشرون

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن والعشرون

رواية هو لي الجزء الثاني للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن والعشرون

عدل سُترته أمام المرآة المُجاورة ل باب الشقة، تأفف في ملل وتوترِ ليجدها تربت علي كتفه من الخلف قائله:
إنت رايح فين يا زياد وانت عارف إن خطيبتك واهلها جايين علشان تلبيس الدبل؟!
أومأ زياد بتفهم ليستدير ناظرًا لها وبنبرة هادئه تابع: في مشاكل عند سليم، هروح اتطمن عليه.
سكينة بنبرة جامدة: هو انا مش قولت لك تنسي الناس دول وبنتهم؟، ولا إنت مش هتطلقها زيّ ما وعدتني؟!

زياد بغضب مكتوم، ضاغطًا علي عينيه: بس انا ما وعدتكيش إني هطلقها يا أمي؟
جدحته سَكينة بنظرة جامدة لتواليه ظهرها متجهه صوب الغرفة وهي تردد بألم: عُمرك ما هتجبر بخاطري أبدًا، أهم حاجه هي، ولعلمك لو خرجت من هنا، هترجع مش هتلاقيني. إنت سامع؟

فك زياد رابطة عُنقه بإختناق، شعر بغصة تؤلم سائر جسده وليس قلبه فقط. إتجه عائدًا صوب الأريكة ليجلس عليها وبنبرة مُختنقة أردف: أرحمني برحمتك يا كريم!
ترجلت خارج عربة الأُجرة وهي تجوب ببصرها البناء (الفُندق )، بدأت نبراتها تضطرب رويدًا رويدًا وقد نال التفكير منها، ماذا لو لم تستطع تنفيذ خطتها، بل نفذ هو ما يرغب بها. إبتلعت ريقها بألم فقد أغلق هاتفه وإلا لكانت أخبرته قطعًا،.

وضعت يديها علي قلبها وأخذت جُملته تتردد حولها بصدي صادح حينما قال لها: ( إفتكري دايمًا، إنك مرات سليم النجدي).
أخذت نفسًا عميقًا داخلها وقد أغمضت عينيها وكأنها تبعث في نفسها بعض السلام، فتحت عيناها من جديد لتتجة صوب بوابة الفُندق وتُخبر الحارس باسمها فقد اخبرها (أمجد) بأنها ستجد حجزًا باسمها،.

دلفت للداخل ومن ثم بدأت تنظُر يمينًا ويسارًا في توجس، فقد كان الفُندق يخل حتى من العاملين به، وهذا ما جعلها تقطب ما بين حاجبيها في استغراب ولكنها بررت هذا بأن الوقت باكرًا للغاية،
إتجهت صوب الدرج تصعدهُ ما ان تصل إلى طابق حتى تبدأ قراءة أرقام الغرف بحثًا عن الغرفة المطلوبة، قامت بإحتضان الحقيبة بإحد ذراعيها تطمئن علي وجود السلاح به ولكنها تفاجأت بصوت غمغمات تصدر من الطابق العلوي،.

رفعت بصرها للأعلي لتجد أشخاص لا يظهر سوي ملابسهم، وهنا قررت صعود هذا الطابق في توجس لتسير علي أطراف أصابعها وما أن إقتربت من هذه الأصوات حتى سمعته يتحدث إلى أحدهم: yes , everything is okay. you can see that by yourself.
نعم، كُل شيء جاهز. ويمكنُك رؤية ذلك بنفسك.

لم تسترق السمع فحسب بل إنبطحت علي رُكبتيها ثم امدت رقبتها للامام قليلًا، كانوا يقفون أمام إحدي الغرف ليقوم أحد رجاله بإخراج تابوت من هذه الغرفة ليزيح الغطاء عنه، فيما تابع ذاك الأجنبي والتي عرفته من نبرة صوته وكذلك ملامحه الغربية: okay , this is money. see you later.
(جيد. هذه الأموال، ألتقيك لاحقًا )،.

قالها الأجنبي وهو يربت علي كتف امجد بإبتسامة راضية للغاية ليبادله الآخر الإبتسام، فيما أشار أمجد بعينيه ل رجاله الذين قاموا بحمل ثلاثة توابيت ثم إتجهوا بها إلى سطح الفُندق،.

ظلت تتبعهما بعينيها أثناء حديثهما عندما إتجها كذلك إلى سطح الفُندق خلف هؤلاء الرجال. حتى الآن لا تفهم ما الذي يدور؟!، من هذا؟ وما هذه التوابيت الذي استلم أمجد مقابلها كُل هذا المبلغ؟ سارت خلفهما حتى سطح الفُندق، جحظت عيناه وهي تري طائرة خاصة تصطف فوق هذا البناء، بل وهذا السطح لا يختلف في أرضيته عن باحة المطار،.

قام الرجال بوضع التوابيت داخل هذه الطائرة، وكُل ما يشغل تفكيرها ماذا يوجد داخلها؟!، غادر الأجنبي بطيارته من جديد فيما لوح له أمجد بثبات ليلتفت ناحية رجاله مُرددًا بلهجة آمره: إتفضلوا إنزلوا من السلم الخلفي.

انصاع الرجال له، اتجهوا صوب الدرج الحديدي الموجود في نهاية السطح، توترت أطرافها بشدة لتُسرع بسحب سلاحها من حقيبتها وما أن وجدته أصبح وحيدًا ومازال ينظُر صوب اتجاه الطائرة حتى وضعت السلاح وراء ظهرها لتسير لداخل السطح وبنبرة قوية عكس ما تشعر به داخلها تابعت: أمجد؟!

إلتفت ناحية مصدر الصوت، رفع حاجبيه في إندهاش أعقبه ابتسامة خفيفة منه ليقترب منها ومن ثم يمد يدهُ ناحية وِجنتها قائلًا: نوراي؟ مبسوط جدًا إنك سمعتي الكلام وجيتي، وحشتيني جدًا من زمان؟
عادت نوراء للخلف قليلًا لتردف بنبرة مُشمئزة ظهرت بوضوع علي ملامحها: شيل إيدك الحقيرة دي بعيد عني؟
أخذت تتراجع للخلف ومن ثم اظهرت السلاح وهي تُشهره صوب وجهه لتقول بنبرة جامدة: طيب والموت؟ إنت كمان وحشته.

أطلق أمجد قهقة عالية ليقول مُحرك إصبعة يمينًا ويسارًا بسخرية: معقول الإيد الناعمة دي، تمسك مسدس؟
نوراي بصراخ هادر: فين بنتي يا قذر؟، إنطق؟!

هرول عاصم في أحد إتجاهات الفندق وكذلك ماجد تعقب الإتجاه الآخر بحثًا عنهُ، فهو لا أثر لهُ. أخذ عاصم يضرب كفًا بالآخر، فيجب الوصول لهُ فقد أخبرهم (أدهم) أنه يملك الآن كُل الأدلة التي تبرأ سليم وتدين (عزيز وأمجد )،.

استحال لون وجهه للصُفرة الفاقعة فجأه وهو يجد سليم يسير مُبتعدًا عن الفُندق وفي يده ذاك الجهاز الذي يشبه الجوال،.

سليم؟!
نادي عليه عاصم بنبرة صارخة وهو يعدو كالمجنون ناحيته، لم يكُن يسمعه في باديء الأمر، استدار سليم ناحية مصدر الصوت الذي وصل إلى مسامعه بكُل وضوح. باغت عاصم بإبتسامة موجوعة ليرفع الجهاز قليلًا تأهبًا للضغط فيما أردف عاصم صارخًا: لاااااا. لا يا سليم، نوراي جوا الفُندق.
رفع سليم إصبعة عن الزر، جدحة بنظرة جامدة فيما وقف عاصم أمامة علي الفور وهو ينظُر إلى ذاك الجهاز وبالكاد يلتقط أنفاسهُ،.

نوراي جوا الفُندق يا سليم، بالله عليك إرجع عن اللي بتعمله.
سليم بنبرة جامدة: ومراتي هتيجي هنا، تعمل أيه؟
إبتلع عاصم ريقه في صعوبة، بماذا سيُخبره؟ تندي جبينه فجأه بينما هتف ماجد بأعلي صوته مُقاطعًا حديثهما: عرفنا. مكان نيروز يا سليم.

إلتفت سليم لهُ يرمقه بنظرات لم تعي ما قاله بعد، إقترب عاصم منهُ ليلتقط هذا الجهاز من يدهُ علي غُرة، مازال هو ينظُر صوب ماجد ليكرر جُملته بعد أن أصبح قريبًا منه: لقينا نيروز. هي موجودة دلوقتي في ( اليلا المهجورة ل عزيز )، نسمه كلمتني وإن دينا قالت لها علي كُل حاجه وهما في الطريق لينا.

إضطربت دقات قلبه وجعًا ولكنه وجع اللقاء القريب، هوي علي رُكبتيه أرضًا في حين سمع الثالث يقول ب بهدوء حاني: وظهرت براءتك يا سليم. إنت دلوقتي حُر، سلمت دليل براءتك للمحكمة وصدر قرار بسحب الرقابة علي القصر، وجاري القبض علي عزيز وأمجد.

جاب ببصره بين الثلاثة ومن ثم نكس ذقنه أرضًا وأجهش بالبُكاء، بكاء فرج بعد الضيق أُشده، ليقول بنبرة مُتحشرجة: استغفرك ربي، وأتوب إليك.
إتجه عاصم إليه ثم جثي علي رُكبته ليربت علي ظهره بحنو ومؤازرة قائلًا: مش قولتلك. الحق له وقته، وربنا ما بينساش حد؟ المهم خلينا نلاقي نوراي لأنها جوا الفندق.

نهض سليم علي الفور، ليهرول داخل الفُندف بعدما طلب أدهم من رجال الشُرطة تأمين الباب الرئيسي، دلفوا جميعهم للداخل. صعد سليم الدرج للأعلي، أخذ يفتح الغُرف الواحدة تلو الأُخري، وهنا سمع صوت صرخات صاخبة تأتي من مكان ما.

ظل يتبع مصدر الصوت، حتى استطاع تحديد إتجاهه فيأتي من الطابق الأخير، تبين له بأن هذه الصرخات ليست سوي صرخاتها، أخذ يعدو بُخطي أسرع كالمجنون، نعم هذا صوتها؟ إنها بهذا المكان؟ ولكن لماذا؟ لم يكُن أمامه سوي أن يصرُخ بأعلي صوت له:
نوراي؟

أخذ أمجد يلكمها في وجهها حتى سالت الدماء من جانب شفتيها وبدأ يفرد قدميها بقوة ولكنها تقاومة بضراوة وما أن سمع صوت (سليم ) يصرخ من بعيد. حتى هرول بإتجاه الدرج الخلفي للفندق، اُلقيت أرضًا، صُعق وهو يراها علي هذه الحال. أمسك السلاح القابع جوارها وبدأ يُطلق النار عليه ولكنه استطاع الإفلات بسهولة، هرول إليها مُجددًا يرفعها إليه فلن يتبع (امجد) بل سيصل إليه رجال الشرطة قطعًا،.

كانت نصف واعية تقريبًا، أخذ يمسح الدماء عن فمها وتارة يُزيح خُصلاتها عن وجهها وهو يقول بإختناقِ: أيه اللي جابك هنا يا نوراي؟، ابن الك دا عملك أيه؟
نوراي وهي تسيل قطرات الدموع من جانب عينيها: انا عاوزة بنتي يا سليم، نفسي أشوفها أوي؟

سليم وهو يحتضنها بقوة باكيًا: هتشوفيها حبيبتي.
في تلك اللحظه وصل عاصم بصُحبة ماجد إلى سطح البناء، هدر عاصم في فزع ناظرًا إلى حالة نوراي: مالها نوراي؟
سليم بنبرة ثابتة: هو هيروح مني فين؟
قام سليم من مكانه علي الفور، أسرع يحملها بين ذراعية هابطًا بها الدرج ليقول بقلقِ: نوراي، إنتِ كويسه؟

إبتسمت له إبتسامة خفيفة، لكماته لها افقدتها القُدرة علي النهوض او التماسك ولكنها لم تفقد وعيها مُطلقًا، فوجع قلبها أضفي علي جسدها صلابة كي تتحمل ضربه لها، تأججت النيران داخل قلبه وهو يراها علي هذه الحالة. سيُفتك به حتمًا، لابد من لقاء بينهما،.

مشي بها حيث الطابق السُفلي، إلتقي به أدهم ليطمأن عليها وما إن إقتربوا من هذه الغرفة حتى تابعت نوراي وهي تُشير بذراعها صوبها:
الاوضة دي يا سليم. انا شوفتهم مطلعين توابيت منها.
نظروا لبعضهم نظرات تساؤلية، قطب سليم ما بين حاجبيه بإستغراب فيما تابعت هي ببكاء: نزلني يا سليم، نزلني بقولك؟!
انصاع سليم لصرخاتها به، إتجهت ناحية باب الغرفة كان المُفتاح لا يزال موجودًا. قامت بفتح الباب بإندفاع شديد،.

خطت خُطوة واحدة للأمام، شعرت ببرودة قارصة لا تتساير مع نهار الصيف أبدًا، وكأن هذا الباب يطُل علي أحد قُطبي الخريطة حيث السقيع القاسي،
عادت للخلف مُجددًا لتصطدم بجسد زوجها، الذي اتبع خُطواتها حيث تذهب، ولكنه فجأه شعر بنفس الإستغراب. إبتلعت نوراي ريقها وهي ترمقه بعينين متسعتان بينما ضيق عينيه وهو ينظُر بظلام هذه الغرفة الدامس، ليُخبره عقله بشيء حاول إنكاره،.

نوراي إطلعي برا؟
قالها وهو يدفعها من ذراعها برفق للخارج، فيما تابعت هي ببكاء وهي تتشبث بذراعه: لأ، مش هسيبك.
تنهد سليم تنهيدة طويلة، دلف داخل هذه الحجرة وكذلك تبعة الباقية، أمسك عاصم هاتفه وأشعل إضاءته بحثًا عن مكبس الضوء،.

إشتعلت الأضواء فجأة، حينما ضغط سليم علي المكبس، غرفة واسعه المساحة، مُغلفة برخام من اللون الأبيض، ويوجد في أخرها جهاز ضخم في حجمة يشبة الخزانة ولكنة من الحديد،
ماجد بإستغراب: أيه الأوضة الغريبة دي؟
إتجه عاصم بثبات ناحية الجهاز ليطرق علية من الخارج قائلًا بسخرية: دا شبه تلاجات الموتي.
سليم وهو يضغط علي عينية بثبات: هي فعلاً تلاجة موتي.
أدهم بعينين جاحظتين: نعم؟

هرول سليم إليها يبدأ في فتح المزلاج الخاص بها وكذلك عاونه أدهم، بينما وقف عاصم وماجد ينظران إلى هذا الجهاز بصدمة، نجحا في فتحه رغم الثقل، وهنا إلتفت سليم ناحية نوراي ليقول بنبرة هادئه: نوراي علشان خاطري، إطلعي برا.
وضعت يديها علي فمها في صدمة، لا تكاد قدماها تحملانها، لتتابع بنبرة مصدومة عندما نال الشيطان منها: بنتي مش هنا يا سليم صح؟، ها؟ نيروز عايشة صح؟

هرول سليم إليها يضمها بثبات، سار بها خارج الغرفة قائلًا: احنا عرفنا مكان نيروز. وهتنام في حُضنك النهاردا كمان.
إستطاع أن يلهوها عن عملهم، دلف بها للخارج، تهللت أسارير وجهها بسعادة. تارة تبكي وأُخري تبتسم لتردف بتساؤل شغوف: بجد يا سليم؟
( داخل الغرفة )،.

تعاونوا الثلاثة معًا. حتى فُتح باب الجهاز علي مصرعية، ومن ضغطة علي المكبس بجانب هذه الأبواب. إتتضحت الرؤية لهم، جُثث ل أطفال أبرياء، لقوا حدفهم نتيجة وحشية هؤلاء الملقبون ب (بني آدميين ) ولكنهم لا ينتمون لجنس آدم أبدًا، حملق أدهم بالجُثث، فمنها المشوهة. المسلوبة أجهزتها وغيرهم. مُسخت وجوههم ولا يوجد ملامح بها.

إنهار أدهم أرضًا وهو يصرخ ببكاء مرير بعكس طبيعة أي شُرطي عُرف عنه الصلابة، ولكن مَن منا لا ينهار أمام مشهد كهذا،.

يالا يا عم نريح لنا شوية. دول ناموسيتهم كُحلي باين كدا.
قالها أحد الحُراس وهو يضرب علي كتف صديقه مازحًا فيما اردف الثاني بنبرة متوترة وهو ينظر ل باب الغرفة المُغلق من الداخل:
يا عم دول مختفيين من إمبارح، خلينا نشأر عليهم طيب؟
الأول بإمتعاض: يا عم تلاقيهم تقلوا في الشُرب. وبعدين إنت عارف إنه مانع حد يخبط عليه إلى لو في مُصيبة.

هزّ الآخر رأسه مُقتنعًا، إتجها معًا ناحية جحرة الإستراحة، فرد كُلًا منهما جسده علي أريكة مُختلفة عن الآخر، أخرج أحدهما هاتفه ليضعة جانبًا، ومن ثم وضع ذراعه علي وجهه وغاب في نومهِ،.

أما هي فكانت تتنصت علي حديثهما ولم تفهم منه شيء سوي ذهابهما إلى النوم، قامت بإدارة مقبض الباب حتى فتحته، تلفتت حولها أولًا وهي تنتفض خوفًا. مشت بإتجاه الغرفة المُقابلة، ظلت ترمقهما بخوفِ لتمط شفتيها من شدة الرعب الذي لم تتعرض له من قبل ولا يوجد علي شفتيها سوي هذة الأرقام التي حفظتها نتيحة تكرارها لها طيلة الليل،.

إتجهت صوب الهاتف عندما وقعت عيناها علية، أمسكت به بين كفها، في تلك اللحظه تحرك الرجل لينام علي جنبه، إنكمشت ملامحها وهي تنظُر لها وهمّت تبكي ولكنها صمتت لآخر لحظة عندما وجدته مازال مُغلق العينين لتلوي شفتيها بضيقِ: وِحش.

هرولت ناحية باب الغرفة علي الفور، بدأت تتحسس خُطاها نحو الدرج تهبطه بفزع وهي تسمع أصوات لا تعرفها (أصوات فئران) بل لم تتعلمها من قبل حتى تمكنت من نزول الدرج متجهة ناحية باب اليلا،.

خطت علي أطراف أصابعها تهتدي بالطريق، إجتياح من الظلام جعلها ترتعش خيفة لا تتوقف عَبراتها عن الهطول. سارت بهذة الطُرقة الواسعة تتحسس السبيل إلى ذاك الضوء الذي يأتي من بعيد، مدت ذراعيها امامها وكأنه شيء ملموس تود الإمساك به وأخذت تُردد بنبرة مُنتحبه تائهه: 754901، 754901.

تعرقلت في مشيتها إينذاك لتسقط أرضًا ومن ثم تخرج ذاك الهاتف الذي استطاعت أن تناله من صاحبه أثناء غفوته لتبدأ في الضغط علي أزرار الهاتف عدة ضغطات سريعة وما أن سمعت صوته يُجيب بصوته الذي تميزه جيدًا حتى هتفت ببكاء واهن: سيم. انا هنا، تعالي.

جُن ما أن سمع صوتها، تُناديه باسمه؟، لا يحلم. تحقق حلمه أخيرًا واستطاع ان يسمع صوتها، في تلك اللحظه هتف بنبرة مُتلهفة لها: نيروز؟ حبيبتي إنتِ كويسة؟، أنا هاجي. هاجي دلوقتي وهاخدك.
نيروز ببكاء: تعالي يا سيم.
نوراي وهي تجذب الهاتف منه: نيروز حبيبتي أنا مامي.

أجهشت بالبُكاء في تلك اللحظه بينما اصطحبها سليم عندما وصلت (دينا) أمام الفندق ليتجهوا إلى اليلا، كان يصطحب معه عاصم وماجد وبعض من قوات الشرطة، فيما بقي أدهم بصُحبة بعض رجالة في الفندق، تجمعت قوات خاص حوله، لتبدأ التحريات حول ماهية هذا الفُندق وهذه الجُثث به،.

علت الزعاريد من قبلها داخل الشقه، بدت السعادة واضحة علي قسمات وجهها، بعكس (ورورد) التي تقف بعيدًا تنظُر إلى زياد نظرات مُعاتبة،.

رمقها زياد بحُزن دامي ولكنه حاول ألا يُظهره حينما باغتها بإبتسامة خفيفة، رفعت داليا كفها أمامه لتقول بغنج واضح: حلوة أوي الدبلة، ذوقك يجنن يا ماما سكينة.
سكينة بسعادة: تتهنوا يا حبيبتي.

نظر زياد إلى الدبلة بين أصابعه في إشمئزاز، وخاصة عندما تذكر والدته وهي تُجبره ان ينزع دبله حبيبته عن أصابعه، هي لم تُجبره ولنكون أكثر دقة هو لا يرغب ان تتأزم حالتها أكثر من هذا، استفاق من شروده علي صوت داليا وهي تقول بسعادة: عجبتك الدبلة يا زيزو؟
نحا زياد بصره إليها، لتظهر إبتسامة هادئه علي مُحياهُ، ظنت أنه يبتسم لها رضاءًا علي ما بينهما ولكن لإبتسامته دافع آخر...

وصلت القوات ناحية باب اليلا وبطرقهم الخاصة تمكنوا من فتح الباب الرئيسي لها،.

هرول سليم للداخل يسبقه قلبه إليها، وما أن وصل إلى الباب الداخلي حتى بدأ يطرق عليه بعُنف ليقوم ذاك الذي يتعامل مع الابواب المُغلقة بحكمة حتى يتمكن من فتحة،.

فُتح الباب علي مصرعية ليسرع رجال الشرطة بإقتحام المكان والإنتشار بها، بينما كانت تنتظرهم هي في مُنتصف بهو اليلا. تجلس علي رُكبيتها...
دلف سليم للداخل ليجدها تجلس أمامه، رفعت بصرها إليه وقد إبتسمت له إبتسامة عريضة وكأنها تُخبره بأنه سمع ندائها فجاء، كانت لا تزال تجلس في مكانها، بينما تحرك هو ناحيتها ثم جثي علي رُكبتيه أمامها وبصوت باكِ تابع: نيروز.

استندت علي ذراعيها حتى تمكنت من النهوض وما أن فتح ذراعيه لها حتى هرولت تحتضنه بسعادة وكأنها لم تتألم لسوء معاملتها، نعم. هي لا تعرف للحُزن ذكريات. تتذكر كُل من يحنو عليها أو يسعدها فحسب،.

كانت نوراي تُتابع هذا المشهد بدموع لا تتوقف، تبتسم بفرحة وسط دموعها، إحتضنها بقوة وأخذ يُقبل وجهها كذلك، ليقول وهو يُثبت وجهها بين كفيه: بحبك أوي.
نيروز بسعادة: انا بحبك وأوشين كمان.

إلتفتت ناحية والدتها التي مازالت لا تقوي علي الحراك فقط تتامل وجه ابنتها الضاحك، تركت حُضن والدها لتهرول إلى نوراي ومن ثم تشبثت بساقيها في سعادة، فيما إنهارت نوراي باكية أكثر من فرط سعادتها ومالت تُقبل وجه إبنتها في اشتياق، تُلامس شعرها وتتنشق عبيره قائله بنبرة حانية: نيروز. في حاجه بتوجعك؟

أصابتها وساوس قهرية من أثر المدة التي واجهتها وهي بعيدة عن ابنتها لتبدأ في فحصها بعينيها مخافةً أن يكون قد ضرها هذا بسوء، اومأت نيروز رأسها سلبًا ولكنها تابعت بنبرة حزينة تبحث بعينيها عن (نرجس) لتردف بزعل: جرجس؟
كان عاصم وأمجد يُتابعان المشهد في فرحة عارمة. عادت الحياة لصديقهما فعاد هو لذاته الثابتة، قطبت نوراي ما بين حاجبيه وهي تتابع بهدوء ومازالت تضم ابنتها: جرجس مين؟

نيروز وهي تُشير بإصبعها للأعلي: فوق.
نظر سليم أمامه ليجد الضباط يقبضوا علي رجلين ويتجهوا بهما حيث العربة وآخرون يحملون علي ألواح خشب جُثتين قد بسط عليهما ملآت بيضاء،.

ضيق سليم عينية في حيرة، إتجه ناحية الرجال ليقول بتساؤل: مين دول؟
العسكري بثبات: جثتين لقيناهم فوق يا سليم باشا.
أسرع عاصم بكشف وجه الجُثة الأولي لتجحظ عيناه في دهشه: دا عزيز. هو مات؟
العسكري بتهكم: وشبع موت.
سليم بنبرة باردة: وبكدا يبقي سلمنا الأتنين.
عاصم بإستغراب: أمجد ما اتقبضش عليه أصلًا، قدر يهرب.

سليم وهو يتجة ناحية الجُثه الأخري، بينما تحتضن نوراي ابنتها حتى لا تري هذا المشهد، ليرفع سليم الغطاء عن وجهها وبنبرة صارخة تابع: نرجس؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة