قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية همس السكون للكاتبة فاطمة علي محمد الفصل الثاني والعشرون

رواية همس السكون للكاتبة فاطمة علي محمد

رواية همس السكون للكاتبة فاطمة علي محمد الفصل الثاني والعشرون

قصر السيوفي - تحديداً غرفة "ثائر"
شعاع متمرد إخترق ذلك الستار الداكن ليداعب عيناه بمساكشة، فقد طالت غفوته وتكاسل بفراشه، فلما لا؟!.. وقد جافاه النوم وصاحبه الأرق حتى الساعات الأولى من الفجر، فتلك المرة الأولى التي تشاركه أحدهما الغرفة، بل من تشاركه بها هي معشوقته التي لطالما إنتظر هذا اليوم الذي تسكن به أحضانه وتشعل غرفته دفء وسعادة، لكن تلك الحواجز الفاصلة بُنِيت وإرتفعت فالمسافات إبتعدت وتعثرت.

تململ بفراشه بتكاسل، ليفرك عيناه بأنامله متنهدًا بحنق وهو يرتفع بجذعه ليستند على تلك الوسادة الوثيرة. فتقع أنظاره علي تلك الغافية بإستسلام بتلك الأريكة، فقد إستلقت على وجهها كالأطفال التي أَنهكت قواها لهوًا ولعبًا، وذراعها يتدلي إلى أسفل بإسترخاء، أما خصلات شعرها فتمردت وتحررت لتخفي ملامح وجهها بغموض وجاذبية، أما ذلك الغطاء الذي دثرها به "ثائر" فجرًا فقد ألقته أرضًا .

راقبها بنظراته العاشقة وإبتسامته التي بدأت تنفرج تدريجيًا، ليدفع عنه ذلك الغطاء وينهض من فراشه متجهًا نحوها بخطي مترددة، مابين قلبه المتيم بعشقها، وعقله الغاضب، لكن جميع أساطير العاشقين المنتصر الأول والأخير بها هو القلب وبجدارة.

إقترب منها بثبات إلى أن أصبح أمامها، فدنى بجلسته، لتكون مقابلة له. توهجت عيناه بعشق متيم إحتل قلبه منذ الوهلة الأولي. ليرفع أنامله فيُزيح خصلاتها بعيدًا عن وجنتيها. يتأمل ملامحها الرقيقة عن قرب، فكم تبدو كملاكٍ صغير يأسر القلوب ويكبلها بأغلال عشقه الأبدي.

دقات قلبه تتهادي بسعادة، لتتسارع تدريجيًا صارخةً بشوق جارف،فيقترب من وجنتها دامغًا صك ملكتيه بقبلته الهائمة، ويغمض عيناه مستنشقًا شذا عطرها المهلك، ويحتبسه بين أضلعه للحظات طويلة، لتتسع عيناه فجأة بغضب جامح فيهب مستقيمًا ويركض متجهًا نحو حمام غرفته صافعًا الباب خلفه بقوة غاضبة.

بينما فتحت "همس" عيناها بإبتسامة عاشقة فقد إستشعرت لهيب أنفاسه الحارقة منذ أن حاوط عالمها وإحتله؛ لكنها تصنعت النوم لتنعم بلحظات عشقه المهلك، فكم تشتاق لوطنها الذي نُفيت خارجه بعدما إستوطنته وتوجت ملكة على عرش فؤاده! .

لترفع جذعها بتأويهات خفيفة، فقد تيبست عظامها من النوم بتلك الأريكة رغم وثارتها، كما إزداد ألم يدها كثيرًا لإهمالها تناول أدويتها.

تسلل إلى مسامعها أصوات إنسياب المياه المتدفقة ، لتركض مهرولة نحو مرآتها فتمشط شعرها وتعدل من هيئتها، تقترص وجنتاها بأناملها لتزيدهما إحمرارًا وتوهجًا، حتى إنقطعت أصوات تلك المياه المُنسابة، لتركض نحو أريكتها مسرعةً فيلتوي كاحلها وتهوي أرضًا، لتصرخ صرخة مدوية إنتفض لأجلها جسد معشوقها.

ليلتقط منشفته بإرتباك، وذعر، ويحاوط بها خصره مسرعًا، ويغادر حمامه مهرولًا فيجد معشوقته مُلقاه أرضًا وتفرك كاحلها بيدها الصحيحة بأنين مكتوم، أما يدها الأخرى فترفعها نحو السماء بألم قوي .

ركض "ثائر " نحوها مذعورًا ليدنو إلى مستواها متكأً على ساقيه، هاتفًا بقلق :
-مالك؟!!... فيه إيه؟!
ليتعالي بكاؤها تدريجيًا، فتردف بشهقات متقطعة :
-وقعت.... ورجلي بتوجعني.... شكلها إنكسرت هي كمان.
رمقها بدهشة، هاتفًا بإستنكار :
-وقعتي إزاي يعني؟.... حد بيقع وهو ماشي.

حركت رأسها نافيةً وهي شاردة بسحر حدقتيه المُهلك فكانت كمسحورة فقدت السيطرة على جميع حواسها، وسيدها هو المتحكم الأول والأخير بمصيرها، لتهمس بصوت إخترق قلبه :
-لأ... وقعت وأنا بجري.
رفع أنظاره قليلًا ليرمق تلك الأريكة ويعود بأنظاره نحوها ثانية ، فإذا كانت نائمة بتلك الأريكة، فلما كانت تركض نحوها؟! ، ليردف بخبث :
-كنتي بتجري رايحة فين؟!!

همست بشرود :
-كنت رايحة أعمل نفسي نايمة قبل ما تخرج من الحمام وتعرف إني صحيت، بس ربنا عاقبني ووقعت ورجلي إتكسرت.
نهض بجسده قليلًا لينحني نحوها بهدوء تساقطت معه قطرات المياه التي إحتضنت خصلات شعره بكبرياء، كمن تعاندها وتشاكسها.

ليحملها بين ذراعيه برفق، فتسكن موطنها الذي إفتقدته طويلًا، وتميل برأسها نحو صدره العاري فتتسمع إلى ثورة ذلك الأهوج الذي ينبض لأجلها.

و ترفع يدها الصحيحة لتحاوط عنقه بتملك مغمضةً عيناها لتتنهد بعشق جارف، وتتسارع دقات قلبها صارخة
-كن رحيمًا سيدي، فإمرتك تشكو هجرانك، بعدك وجفائك... لما تلك القسوة؟! ... لما هذا الغضب؟!
فقد أسرتني بعالمك وأقسمت وتعهدت بمرافقتي إلى الأبد، فلما تهجرني الأن؟!
لما تترك يدي وتدفعني بعيدًا عنك؟!

أصرخ بي وثُر... إحرق العالم أجمع.... لكن لاتترك يدي... فأنا نبتته صغيرة بصحراء قاحلة، نسمة هواء قاسية تقتلعني من جذوري....
أنت أرضى وموطني.... أنت حصون قلعتي..... أنت فارسي المغوار.... أنت عالمي الخاص.
إشتعلت نيران عشقه وتتأججت، فقربها أهلكه، ودمر حصونه المنيعة، ليتنهد بقوة طاردًا كل تلك الأفكار اللعينة، ويستجمع قوته وغضبه، ليضعها بفراشه بهدوء، ويلتقط قدمها بيديه الثابتة، مردفًا بجدية :
-إتنفسي بهدوء..... ما تخافيش.

تشبثت بيدها في ذراعه القوية لتميل برأسها نحو كتفه وتبدأ بالتنفس مرارًا وتكرارًا
بينما حرك هو كاحلها بقوة ناحية اليمين، لتصرخ صرخة مكتومة، ويزداد تشبثها بذراعه.
وينهض هو مستقيمًا بوقفته، مردفًا بصرامة :
-كان جزع بسيط... دلوقتي هتبقى كويسة.
ويوليها ظهره متجهًا نحو غرفة الثياب، ليُنهي إرتدائه لثيابه مسرعًا، ويغادر تلك الغرفة مهرولًا قبل أن تنهار حصونه ويرفع رايات الإستسلام.

بهو القصر
جلست "فريدة" بمقعدها لتلتقط ذلك الجرس الذهبي فتحركة يمينًا ويسارًا فتأتي إليها مديرة القصر وتقف أمامها طارقةً رأسها قليلًا نحو الأرض كعلامة تقدير وإحترام، فتردف "فريدة" بصرامة :
-الفطار هيتأخر النهاردة ساعة عن ميعاده، هنستني"خالد" بيه و"ضحي"هانم ، وإعملي حساب أربع أفراد كمان معانا.... عايزة الفطار النهاردة على أعلى مستوى من الكفاءة وحسن الضيافة.... يلا إتفضلي روحي شوفي شغلك.

أومأت السيدة برأسها قبل أن تغادر دون أن تنبس ببنت شفة.
لتنضم إليها "نجلاء" وعلامات الدهشة، والتعجب تكسو ملامحها، لتردف بإبتسامة :
-صباح الخير يا ماما.... إحنا جايلنا ضيوف النهاردة ولا إيه؟!!
أشارت "فريدة" إلى جوارها مردفةً بسعادة :
-صباح الفل يا حبيبتي... تعالي إقعدي الأول.

جلست "نجلاء" إلى جوارها وقد تضاعفت دهشتها، لتردد بإبتسامة أوسع :
-قعدت.... خير... مين جايلنا النهاردة؟!!
لتتنهد "فريدة" براحة وسعادة، مردفة :
-أستاذ "عبد العزيز " و"حنان" والواد السكر "عمر"، وفيه بنت كمان صاحبة "همس" كانت مسافرة وجت إمبارح بليل، فجاية معاهم عشان تبارك لـ "همس"، وطبعا "خالد" و "ضحي" جايين كمان.

إزدادت إبتسامة "نجلاء" إتساعًا، لتردف بفرحة :
-ده خبر حلو جدًا، بالشكل ده هقوم أشرف بنفسي على تحضيرات الفطار.
بينما إتجه نحوهم "حاتم" محتضنًا يد "منة"بقبضته الحانية وعلامات السعادة تعتلي ملامحهما، ليردف ببشاشة :
-صباح الجمال على جميلات "السيوفي".

ويدنو من رأس "فريدة"، ليقبلها بحنو فتربت على يده مردفةً :
-صباح النور يا حبيبي.
كما دنى من رأس "نجلاء" مقبلها بإبتسامة :
-صباح الفل يا "نوجا".
لتجاوبه "نجلاء" بمحبة :
-صباح الورد والياسمين يا قلب "نوجا".

وترفع عيناها نحو "منة" بإبتسامتها المشرقة مردفةً :
-صباح الخير يا "منة".
لتحتل "منة" أحد المقاعد المجاور لهم، وهي تردد :
-صباح النور يا طنط.... صباح الخير يا تيتة.
بس إيه حكاية إشراف حضرتك على الفطار النهارده؟!!

ليحتل "حاتم" مقعدًا آخر، وهو يردد مستنكرًا :
-صحيح فين الفطار؟!!!
" فريدة" هانم السيوفي قاعدة ساكتة والأكل لسه ماتحطش على السفرة، وميعاد الفطار لسه خمس دقايق عليه.

لتتعالي ضحكات "فريدة" المرحة، وتردف بسعادة :
-لأ مش قاعدة ساكتة ولا حاجة، بس النهاردة إستثناء.
ضيق "حاتم" عيناه بدهشة، ليردف متعجبًا:
-إستثناء؟!!!

لتومأ برأسها قبل أن تردف مؤكدةً :
-أيوة إستثناء.... جايلنا ضيوف النهاردة عشان كده ميعاد الفطار هيتأخر ساعة على ما يوصلوا.... السواق راح يجبهم.
تضاعفت دهشة "منة"، لتردف مستنكرة :
-ومين الضيوف دول يا تيتة.... عشان ترفعي حالة الطوارئ عشانهم للدرجة دي.

لتتسع إبتسامة "فريدة"، مردفة بتأييد :
- فعلًا عندك حق... لازم أرفع حالة الطوارئ عشانهم لأنهم يستاهلوا أكتر من كده كمان.
طوفت نظراته وجوه الجميع بحيرة، ليستقر نحو "فريدة" مردفًا بإبتسامة :
-إيه جو الألغاز ده يا تيتة؟!!
بجد مين اللي جاي النهاردة.

لتتنهد "فريدة" بقوة مردفةً :
-أستاذ "عبد العزيز " وعيلته، وكمان "خالد" و"ضحي".
بينما هبطت "هيا" الدرج بسعادة بعدما تسلل إلى مسامعها أنباء وصول "خالد" و "ضحي"، لتهتف بفرحة :
-بجد يا تيتة؟!!... "خالد" و"ضحي" جايين النهاردة.
لترفع "فريدة" يدها مقابلةً لوجهها، مستكشفة الوقت بساعتها الماسية، وهي تردد بتأكيد :
-بعد ساعة بالظبط هيكونوا وصلوا.

إقتربت "هيا" منها بسعادة لتقبل رأسها مردفةً :
-حضرتك أعظم تيتة في الدنيا، ودي أحلى مفاجأة في العالم... أيوة كده هيبقى في بنات كتير في القصر ، عشان أطمن عليكوا وأنا مسافرة.
إخترقت الكلمة مسامعه بقسوة أثناء هبوطه الدرج، لتتجهم ملامحه وتشتغل نيران غضبه فيردف بحدة :
-مسافرة فين إن شاء الله؟!!

لتستدير كليًا، فتصبح بمواجهته، وتردف بثبات مندهش بعض الشئ:
-"حمزة"!!.... مسافرة أمريكا إن شاء الله .

وطوفت وجوه الجميع بثبات وكبرياء فقد إتخذت قرارها ولم يعد هناك فرصة للتراجع، لتردف مسترسلة :
-جامعة هارفارد عاملة تبادل طلبة بينها، بين جامعتنا، والجامعة عندي رشحتني للسفر، وإمبارح كانوا مستنيين قراري النهائي... وأنا قبلت، والسفر كمان أسبوع.

لينهض "حاتم" من مقعده بإبتسامة ودودة، ويجذب شقيقته نحوه، ويربت عليها مُقبلًا رأسها بحنان أبوي، مرددًا :
- تأكدي إني معاكي في أي قرار تاخديه يا "يوكا"، ولو القرار ده في مصلحتك إوعي تترددي للحظة واحدة.

شددت "هيا" من إحتضانه، مردفة بنبرة يكسوها الكثير من الألم :
-صدقني يا أبيه ده أكتر قرار في مصلحتي في الوقت الحالي.
ليغمض "حمزة" عيناه بألم، ويتنهد بقوة، مردفًا بإبتسامة مصطنعة :
-هتقعدي هناك كام شهر على كده؟

إبتسمت "هيا" إبتسامة جانبية متهكمة، لتردف بجدية :
-سنتين..... فترة الدراسة سنتين، يعني مش هينفع أرجع مصر قبل السنتين، لكن أكيد إنتوا هتيجوا هناك.
-هناك فين؟!!
كانت تلك الكلمات المستنكرة التي نطق بها "ثائر" وملامح وجهه لا توحي بأي تعبير واضح.

إلتفتت نحوه، لتتسع إبتسامها المرحة وتركض إليه محتضنةً إياه بسعادة، مرددك:
-صباح الفل يا أبيه.
قبل رأسها بمحبة مردفًا :
-صباح الخير يا "يوكا"... ما قولتليش بقا هناك فين؟!!

إبتعدت عنه قليلًا، لترفع أنظارها نحوه مردفةً بثبات :
-أمريكا يا أبيه.... هروح أكمل دراستي هناك بعد موافقة حضرتك طبعًا.... أبيه "حاتم" وافق... طبعًا دعمك لقراري هيقويني في الخطوة دي جدًا .

ليرفع يداه ممسكًا كتفاها بتأييد، ونظراته التي خطت معاني السند ، والحماية تؤيدها وتدعمها بقوة، مرددًا :
-معاكي في قرارك يا "يوكا"... ما تقلقيش أنا مش هسيبك ودايما هكون جانبك وف ضهرك.

وإتجه بأنظاره نحو "حاتم"، مرددًا بغموض :
-عايزك في المكتب.
نهض "حاتم" ليتبع "ثائر" قاصدين غرفة المكتب.
ونهضت "نجلاء" لتقترب من "هيا" بحزن مرددة :
-كده يا "يوكا"! ... عايزة تبعدي عننا سنتين بحالهم يا بنتي! .
لتزفر "هيا" زفرة قوية، وتلقط يدها مربتة عليها بحنان مردفةً بأحرف صارمة :
-معلش يا "نوجا" أنا محتاجة أعمل كده.

مكتب "ثائر"
دلفا إليه سويًا، ليوصد "ثائر" الباب جيدًا، ويتنهد بعمق مستديرًا نحو "حاتم" بملامح زادها الغموض جاذبية وكبرياء، ليردف مشيرًا إلى أحد المقاعد بجدية :
-أقعد يا "حاتم".
ضيق "حاتم" عيناه رافعًا أحد حاجبيه بدهشة، ليردف مستنكرًا :
-مش مطمنلك يا "ثائر" شكل الموضوع كبير.

دار "ثائر" حول مكتبه بصرامة، ليفتح أحد أدراجه ملتقطًا مظروف أصفر كبير يحمل بين طياته وثيقة قلب موازين العائلة، ليخطو نحوه ويجلس إلى المقعد المقابل له واضعًا هذا المظروف أعلى الطاولة التي تتوسطهما، ليزفر زفرة قوية ويسترخي بمقعده مردفًا بجدية وثبات :
-أنا مسافر.

إبتسم "حاتم" إبتسامة خفيفة ليردف مستنكرًا :
-وإيه الجديد؟!!
ما أنت على طول بتسافر، تقريبًا لفيت كل بلاد العالم .
عقد "ثائر" يديه أمام وجهه، ليردف بغموض :
-الأصح أقول مهاجر، يعني مش هرجع هنا تاني.

إقترب "حاتم" بجلسته إلى طرف المقعد، ليمط عنقه للأمام بإستنكار وحنق هاتفًا :
-إيه الجنان اللي بتقوله ده؟!!!... يعني إيه تهاجر؟!!!
طب وإحنا؟... و"نوجا"؟... وتيتة!!!...
وبعدين إزاي تاخد قرار زي ده من غير ماتبلغ عمك "عبد العزيز " إنك هتاخد بنته وتهاجر؟!!!... إزاي تيجي بين يوم وليلة وتحرمهم من بنتهم بالشكل ده.....

قاطعه "ثائر"مردفًا بحزم :
-لوحدي...
هب "حاتم" من مقعده، ليهتف بنبرة زادها الغضب حدة :
-إنت إتجننت صح؟....
يعني إيه لوحدك؟!!!.... يعني تاخد بنت الناس من بيتها عشان تيجي ترميها هنا لوحدها وتقول أنا مسافر.
ويكمل بنبرة تهكمية أكثر :
-إيه رايح تكون نفسك ؟!!!

نهض "ثائر" هو الآخر من مقعده، ليضع يداه بجيبي بنطاله بثبات ويستدير فيوليه ظهره، مردفًا بصرامة :
-ده قراري، وقرار نهائي.... أنا همسك المصنع بتاعنا في ألمانيا.... وإنت لازم ترجع المجموعة من النهاردة عشان تستلم منصبك كرئيس مجلس الإدارة.... واللي قدامك في الظرف ده توكيل عام رسمي بإسمك.

ليدور "حاتم" حوله بغضب، حتى أصبح مقابلًا له، ليهتف بملامح نارية، وصوت رخيم :
-إحنا مش عرايس ماريونت في إيدك يا "ثائر" بيه تحركنا وقت ماتحب وتسيبنا وقت ماتحب.... وأنا مش هسيب شغلي ولا هرجع المجموعة، والبنت اللي أنا روحت لأبوها ووعدته إنها هتكون في أمان وسطنا ولأول مرة في حياتي أخلف وعد وعدته وكل ده ليه؟!!
عشان واحد مغرور زيك، عمره ماحس بحد ولا قدره.

لتتعالي ضحكاته التهكمية، ويكمل مستنكرًا :
-صحيح واحد زيك معندوش قلب ولا ضمير هيحس بالناس إزاي؟!!... وهيقدرهم إزاي؟!!

ويقبض على ذراعه بقوة، صاكًا أسنانه على كل حرف تفوه به :
-"همس" تطلقها قبل ما تسافر.... إنت فاهم.
لأني عمري ماهقبل إنها تكون على ذمة واحد عديم المسئولية زيك....
إنت فعلًا ماتستهلش ملاك زي دي... تطلقها قبل ماتسافر إنت فاهم.... وربنا يسعدها وتتجوز واحد أحسن منك يقدر يصونها ويحافظ عليها.

وقود سُكب بقوة ليُزيد نيران ثورته إشتعالًا وتأججًا، شرارات الجحيم تطايرت من حدقتاه بمجرد أن ذكر "حاتم" إرتباطها بآخر، ليدفع "حاتم" عنه بقوته، ويستدير مغادرًا الغرفة، إلا أنه توقف مردفًا بصرامة دون أن يلتفت له :
-التوكيل عندك والمجموعة مسئوليتك، وأخواتك وماما وتيتة أمانة في رقبتك... وده آخر كلام.

ليلمح "ثائر" طيف أحدهما أمام باب المكتب فيضيق عيناه بإستنكار مبتسمًا إبتسامة جانبية متهكمة، ليردف مؤكدًا :
-التوكيل عندك.... سلام.

وغادر المكتب بكبريائه وثباته المعهود، ليتبعه "حاتم" بغضب جامح، هاتفًا بحنق :
-إبقى قابلني يا "ثائر" لو قدرت تعمل حاجة من اللي في دماغك ده.

بينما إلتفت الجميع نحوه بدهشة وإستنكار، ليطوف وجوههم بنظراته المشتعلة، ويردف بجدية :
-مفيش حاجة.... ده موضوع يخص الشغل.

ويُكمل مستنكرًا :
-أومال "منة" فين؟!!!
لتبتسم "فريدة" مردفةً :
-جالها تليفون وخرجت ترد عليه في الجنينة.

وتنضم إليهم "ملك" بأناقتها وجاذبيتها الملفتة للأنظار (فكانت ترتدي بنطال أسود اللون وأعلاه قميص زهري يبرز مفاتنها وتحكمه بجاكيت أسود اللون أيضًا، وذلك الحذاء ذو الكعب المرتفع، وتجمع خصلات شعرها كذيل حصان فإزدادت ملامح وجهها سطوعًا وجمالًا) لتردف بإبتسامتها المرحة :
-صباح الخير... معلش إتأخرت عليكوا شوية بس والله راحت عليّا نومة... أنا أسفة.

نهض "حمزة" من مقعده، ليخطو نحوها بإبتسامته الجذابة، ويردف مستنكرًا :
-تأخير من أول يوم كده يا أستاذة"ملك"، كده المدير بتاعك يزعل، وده راجل معندوش هزار في المواعيد.

حركت رأسها يمينًا ويسارًا، مرددة بأسف :
-أسفة والله مش هتتكرر تاني... أسفة يا مدير.
لتتعالي ضحكاته المرحة، ويردف بمزاح :
-خلاص عفونا عنك عشان أنا كمان متأخر النهاردة.
بينما هبت "هيا" من مقعدها بإرتباك وتوتر من أن تفضحها نظراتها الغيورة ، لتردف بإبتسامة متصنعة :
-هطلع أشوف "همس" إتأخرت كده ليه.

غرفة "همس".
محاولات عديدة بائت بالفشل، مرارًا وتكرارًا
تحاول إغلاق ذلك السحاب ولكن لاتستطيع الوصول إليه، علامات الحنق بدأت ترتسم بقوة أعلى ملامحها، لتزفر مردفةً :
-إستغفر الله العظيم.... مش طايلة سوستة الفستان... هعمل إيه دلوقتي.... ياربي.

تعالت دقات هادئة بباب الغرفة، ليزداد توترها وإرتباكها لإعتقادها بأن الطارق هو "ثائر"، فتدير يدها الصحيحة لظهرها في محاولة لغلق فتحة ذلك السحاب، مرددة بتوتر :
-مين؟
لتردف "هيا" برقتها المعهودة :
-"هيا"
تنهدت "همس" براحة، لتخطو نحو باب الغرفة وتفتحه قليلًا جاذبةً "هيا" للداخل بقوة، مردفةً بسعادة :
-بنت حلال جيتي في وقتك بالظبط.

رمقها "هيا" بدهشة، مردفةً :
-إشمعني؟!!
لتستدير "همس" وتوليها ظهرها قائلةً برجاء :
- ممكن تقفلي سوستة الفستان، عشان مش طايلاها.... ولا عمري طولتها وإيدي سليمة أصلًا، ماما هي اللي كانت بتساعدني.

تعالت ضحكات "هيا" المرحة، لتردف بمشاكسة :
-إبقى خاللي أبيه "ثائر" يساعدك.
رمقتها "همس" بنظرة جانبية، لتردف متهكمة :
-أبيه "ثائر"!! .... ماشي يا حبيبتي المرة الجاية إن شاء الله.... خلينا في دلوقتي.

بدأت "هيا" في سحب ذلك السحاب لأعلى لتتوقف مستنكرة، وهي تردد بدهشة :
-إيه العلامة اللي في ضهرك دي يا "همس"؟!
زفرت" همس" بقوة، وهي تردد بإستياء :
-ماتفكرنيش بيها بالله عليكي .... دي الحيزبونة مرات عمي.
وما إن أنهت "هيا" إغلاق السحاب ، حتى إستدارت نحوها بدهشة، مردفةً :
-إزاي يعني ؟!!!

تنهدت "همس" بحنق، مرددة:
-دي حكاية كبيرة ومن زمان قوي.... كان عندي ٤ سنين وقتها، والمحروس إنها "قاسم" كان عنده ٨ سنين، كانوا عندنا في البيت بيزرونا في العيد زي كل سنة....
بابا كان جايب ليا عروسة حلوة قوي وكنت بلعب بيها وفرحانة، وده مصمم ياخدها يكسرها... فضل يشدها مني وأنا أشدها، لحد ماجيت أمه وزقتني بكل قوتها، فوقعت على سن الإزاز بتاع الترابيزة، والإزاز دخل في ظهري لحد العمود الفقري، وجريوا بيا على المستشفى ولولا ساتر ربنا كان زماني مشلولة دلوقتي، لأن الإزاز كان قرب جدًا من الحبل الشوكي ... بس الحمد لله ربنا قدر ولطف.

علامات الضيق والألم نهشت ملامح "هيا" لتردف مستنكرة :
-أعوذبالله فيه ناس كده؟!! .
بينما إلتقطت "همس" حجابها لتبدأ بإرتدائه، وهي تردد بإمتعاض ساخط :
-أنا بكرها من قليل هي و إبنها!! ، أعوذ بالله عليهم، مش عارفة عمو "محمود" مستحملهم إزاي أصلًا.

تسللت تلك الكلمات إلى مسامعه أثناء دلوفه إلى الغرفة، لتعتصر قبضة قوية قلبه بلا رحمة أو شفقة، وتتعالي نيران الغضب ليتأجج بركان ثورته، وتنفر جميع عروق وجهه ورقبته،و تشتعل دماؤه ،، ليستدير مغادرًا القصر بثورته التي أُضرمت ولا يستطيع أحدهم إخمادها.
هبط الدرج بملامح وحش ثائر يجتاح جميع ما يأتي أمامه ويقتلعه من الجذور، حتى أنه لم يستمع إلى نداءات والدته.

غادر القصر متوجهًا نحو سيارته، فيقابله "خالد" و"ضحي" بإبتسامة، ليردف "خالد" مازحًا :
-صباح الفل يا عريس.
لكنه بعالم آخر، جحيم أعده لذلك الوغد فقد أقسم بالإنتقام.

ليستقل سيارته وينطلق بها مسرعًا، فيلتقط هاتفه متصلًا بأحد رجاله صارخًا بقوة :
-الإتنين يكونوا عندي بعد نص ساعة.
وإنطلق بسيارته مغادرًا القصر بأكمله ، ليلكم عجلة القيادة بكامل قوته الغاضبة، متذكرًا كلمات ذلك الوغد.

فلاش باك.
يوم الزفاف.
ترك ثائر إخوته ليتجه نحو "همس" وعائلتها وسعادة العالم أجمع إنحنت بخضوع وإنكسار لسعادته التي فاقت جميع الحدود، ليجد من يستوقفه بإبتسامته السمجة مربتًا على كتفه بتهكم، مردفًا :
-إيه يا عريس؟!!.. واخد في وشك كده ومش شايف حد قدامك يعني.

رمق "ثائر" يد "قاسم" التي لازالت تربت على كتفه، ليرفع عيناه نحوه بإستنكار مبتسمًا إبتسامته التهكمية، مردفًا :
-لأ مش شايف حد.... فيه حاجة يا....؟

إبتسم "قاسم" إبتسامته الساخرة، مردفًا :
-"قاسم" إبن عم "همس" و....
ربت "ثائر" على كتف "قاسم" بإستنكار، مردفًا بتهكم :
-و.... وإيه يا إبن عم مدام "ثائر السيوفي "؟ .

هنا تعالت ضحكات "قاسم" الساخرة، ليردف متهكمًا :
-و..... مش هقدر أقولك بلساني أصل هتكسف... أو.... الصراحة الكلام مش هيقدر يوصفلك حاجة من اللي عايز أقولها.
ويرفع هاتفه مقابلًا له على صورة "همس" التي تغط بنوم عميق بفراشها ويضمها هذا الوغد إلى صدره بقوة مبتسمًا إبتسامته المتهكمة.

فيقبض "ثائر" على ياقة ذلك الوغد بقوة ليجذبه نحوه بغضب جحيمي، مردفًا بشرارات نارية تتطاير من مُقلتيه :
-إوعي تفكر إني ممكن أصدق كلامك ده يا حيوان، الصورة دي متفبركة وأنا مش عيل صغير عشان تضحك عليّا بالهبل ده.

دفع "قاسم" يده عنه ببرود، ليخلص نفسه من بين براثن الأسد الثائر، مرددًا بخبث:
-تؤ تؤ تؤ... عيب كده... الصحافة والكاميرات
حوالينا هيقولوا عليك إيه دلوقتي؟

رجل الأعمال الشهير يكتشف خداع عروسه بليلة الزفاف.....
مانشيت حلو برضه ، و تتصدر المواقع، وتطلع تريند ولا مصطفي أبو تورتة...

عروق رقبته أوشكت على الإنفجار، عيناه جمرة من جحيم، أنفاسه المشتعلة تحرق الأخضر واليابس، ليقلب "قاسم" في الهاتف ويأتي بالرسائل المتبادلة بينهما، ليردف بسخرية:
-مش ده رقم العروسة، ولا مش حافظه...... بس إزاي "ثائر بيه السيوفي" صاحب المخ الذري مش هيحفظ رقم عروسته.

وأومأ برأسه ضاحكًا بسخرية، مكملا ببرود:
-هو.... هو... شوف بقا الرسايل اللي بعتهالي....
"سومي"... أصلها كانت بتحب تناديني بالإسم ده... المهم
(سومي.. خليك معايا... مش قادرة على بعدك ).

وشوف دي كمان (وحشتني )
ودي كمان.. (هستناك النهاردة في البيت بابا وماما مش موجودين و"عمر" في رحلة مع المدرسة).

جذب "ثائر" منه الهاتف ليعتصره بقبضته الغاضبة، ويُلقيه بالحائط أمامه فتتطاير شظاياه بأنحاء المكان.

ليبتسم "قاسم" بسخرية، ويقترب منه مردفًا بفحيح أفعى سامة :
-لو عايز تتأكد أكتر... هتلاقي جرح في ضهر العروسة... في النص بالظبط....
عارف الجرح ده إتجرحته إزاي؟

ويغمز بعينه متهكمًا :
-كان في لحظة شقاوة ... والصراحة البت شقية يعني ما أقولكش.... أكيد إنت هتشوف الشقاوة دي بنفسك.
ما أنت القفل اللي شال الليلة بعد ما سيبتها ورمتها زي كلاب السكك.

عودة للوقت الحالي
ضغط مكابح سيارته بغضب جحيمي فدوي صرير عجلاتها مستغيثًا من ثورته المتأججة، ليفتح باب سيارته وشياطين الأنس والجن تلهو وتمرح بعينيه، غادر السيارة بأطراف تلاكم جميع ما يقابله بطريقه.
بينما أتى إليه كبير رجاله، مرددًا بصرامة، - جوه ياباشا.

لكمه "ثائر" بقوة ليطرحه أرضًا وهو يخطو خطواته الراكضة للداخل، ليجد "قاسم" مقيد إلى أحد المقاعد الخشبية، ووالدته إلى المقعد الآخر.

لكمة قوية تلقاها "قاسم" طرحته أرضًا بمقعده. ليدنو منه "ثائر" ويجذبه إلي أعلى ويحل وثاقه بعنف، ليثبته مقابلًا له وينهال عليه باللكمات والركلات الغاضبة. دقائق طويلة كال فيها "ثائر" الضربات لذلك الوغد التي هشمت عظامه بأصوات زادت ثورة ذلك العاشق.

بينما تقدم منه أحد رجاله ليمنعه من قتله.
ليدفعه "ثائر" بعيدًا، ويرمقه بنظرات أحرقته بمحله لتموت الكلمات بحلقه الجاف من شدة ذعره وفزعه فاليوم أثبت ذلك الثائر أن لكل إنسان نصيب من إسمه أو بالأحرى ثورة تجاوزت مراحل إسمه بكثير، ليلتفت نحو" قاسم" الذي إختفت جميع معالمه تحت دمائه النازفة بغزارة وسط صرخات أمه وتوسلاتها، لتهتف بتوضيح :
-أنا السبب والله أنا اللي صورتها وهي نايمة من غير ماتحس، والله أنا اللي شوفتها.

فلاش باك
"أم قاسم" بتفكير تحادث ذاتها :
- الأحسن أنام مع البت "همس" عشان أفتح الموضوع معاها، وأهو الزن على الودان أقوى من السحر، لتردد بصوت مرتفع :
-لأ... أنا هدخل أنام في أوضة "همس".

إبتسمت "حنان" إبتسامة باهتة، وهي تردد:
-معلش يا حبيبتي "همس" مابتحبش حد ينام جنبها، إتفضلي في أوضة "عمر"، لتجذب يدها برفق، متجهة صوب غرفة "عمر ".

دلفتا سويا إلى الغرفة، لتردف "حنان" بود :
-إتفضلي يا حبيبتي ريحيلك شوية على ما الرجالة تيجي، وأنا في المطبخ لو إحتاجتي أي حاجة.
أومأت "أم قاسم" برأسها، مردفة بإبتسامة:
-ماشي يا حبيبتي روحي إنتي شوفي اللي وراكي وأنا هنام شوية، كان نفسي أساعدك والله بس معلش بقا حاسة إني تعبانة شوية.

ربتت "حنان" على كتفها، مرددة بمحبة :
-ولا يهمك يا حبيبتي، وألف سلامة عليكي.

لتغادر "حنان" متجه إلى المطبخ، تغلق "أم قاسم" الباب قليلًا، حتى إطمأنت إلى إنشغال "حنان" بأعمال المطبخ، ففتحته بحرص، وحذر، وهي تخطو بخفة متجهةً إلى غرفة "همس" المجاورة لها.

وفتحت بابها بحرص شديد، لتدلف إليها على أطراف أقدامها وتغلق بابها خلفها بحرص أكثر مما قبل..

وجدت "همس" تغط بنوم عميق بمنامتها القطنية (بنطال قطني وتيشرت كات) وخصلاتها تحاوط وجهها لتبدع برسم لوحة فنية متكاملة، لتهمس "أم قاسم" لذاتها :
-البت حلوة وقمر أهي ولازم ماتضعش من إيد الواد "قاسم" زمان أبوها على قلبه فلوس قاد كده، وبعدين الواد برضه متنيل وساقط مفيش بنت هتوافق بيه.

وتبدأ بالتفكير العميق :
-تعملي إيه يا "أم قاسم" تعملي إيه يا "أم قاسم".
لتلمح هاتف "همس" موضوع أعلى الكومود المجاور لفراشها، فتردف بسعادة :
-هي دي الطريقة الوحيدة اللي نذلها بها ونخليهم يوافقوا على الجوازة دي.

وتلتقط الهاتف، لتجده غير مؤمن بكلمة مرور، فتحمد الله، وتبدأ بإلتقاط عدة صور لتلك الغافية بأمان ، وترسلها إلى هاتف ولدها، مرددة بخبث :
-حلوة الصور دي أكيد قاسم هيعرف يستخدمها في حاجة، بس لازم أبعت كام رسالة حلوة كده من تليفونها لـ "قاسم".

وتبدأ بإرسال العديد من الرسائل التي تدل على وجود علاقة قوية بين "همس" وذلك الوغد.... ما إن إنتهت من إتمام عملية الإرسال حتى حذفت جميع الصور والرسائل وكذلك رقم "قاسم" من هاتف "همس" لتضعه محله مرة أخرى.
وجلست إلى جوارها بالفراش تتأمل ذلك الجمال الملائكي بحقد وحسرة.

لتتململ "همس" في فراشها بتكاسل شديد ، فتفتح إحدى عيناها ببطئ، لتتسع مقلتاها من الصدمة، وتهب جالسة في فراشها، لتجذب غطائها نحوها جيدًا، مرددة :
-فيه إيه يا طنط؟!!!!
إنتي قاعدة كده ليه؟!!!
وبتبصيلي كده ليه؟!!

عودة للوقت الحالي
زفرت "أم قاسم" بقوة وسط شهقاتها المتوسلة، لتردف :
-لحد ما في يوم إتصل "عبد العزيز " عشان يعزمنا على الفرح.... والباقي طبعًا إنت عارفة... بس والله إبني عمره ما لمسها ولا عملها حاجة... والله عمره ما لمسها ولا شافها بشعرها حتى، والصورة دي متركبة.... والله متركبة

بينما إلتفت "ثائر" نحو رجاله ليصرخ بقوة :
-الكلاب دي تتحبس أسبوع من غير لا أكل ولا شرب.... ولا نوم.... لو ناموا لحظة واحدة هيكون آخر يوم في عمرك...

ويغادر المخزن متجههًا نحو سيارته، ليستقلها وينطلق مسرعًا.

قصر "السيوفي"
دلف "خالد" و "ضحي" إلى القصر بسعادة تحاوطهما بسخاء، لتنهض "فريدة" فتحتضن "ضحي " بحنان وعطف، مرددة بسعادة :
-نورتي القصر يا حبيبتي.
بينما عقد "خالد" جبينه مستنكرًا :
-نورت إيه يا تيته.... القصر منور بوجودي طبعًا.

لتردف "نجلاء" بمشاكسة لـ "خالد" :
-طول عمرك موجود في القصر يا "لودي" عمرك شوفت نوره بالشكل ده؟! .
حك "خالد" رأسه بتفكير عميق، مردفًا بدهشة :
-تصدقي لأ.... فعلًا أول مرة القصر ينور كده، بس يمكن عشان "همس" بقت موجودة فيه.

ليجد من تردف بسعادة مؤكدة :
-طبعًا عشان "ضحي" دخلته النهارده، الدنيا كلها فرحانة وبتغني كمان.
ركضت "ضحي" نحو رفيقتها لترتمي بأحضانها إلا أن هناك ما أوقف مسيرتها، لترمق تلك الجبيرة البيضاء التي تحاوط يد "همس" مردفةً بذعر :
-مالك يا "همس" ؟!!.... إزاي حصل كده؟!!

حمحمت "همس" بإرتباك لاحظته رفيقتها لتردف :
-أبدًا يا حبيبتي إتزحلقت ووقعت.
هنا تأكدت "ضحي" من وجود خطب ما تحاول أن تخفيه صديقتها، فحاولت مساعدتها في ذلك لتومأ برأسها مردفةً :
-حمدالله على سلامتك يا حبيبتي... شوفتي مقدرتش على بعدك وجيت وراكي على طول إزاي.

لتضمها "همس" بذراعها الصحيحة، مرددة بإمتنان للمولي عزوجل :
-الحمد لله إنك جيتي يا حبيبتي.... كنتي فعلًا وحشاني.
أردف "خالد" بإستنكار :
-وحشاكي؟!!! أومال الناس اللي بره دي تقولي عليهم إيه؟!!!

لتبتسم "همس" بسعادة قائلةً :
-إوعي تقول.... بجد والله.
مط "خالد" فمه بإستنكار مردفًا :
-أنا قولت حاجة؟!!... إيه البت الهبلة دي؟!!
دي ما طلعتش "ضحي" بس الهبلة... الظاهر سكان الحي ده كله عندهم الهبل ده في الدم.

وخرج الجميع لمقابلة عائلة "عبد العزيز " والترحيب بهم بحفاوة، وسط سعادة من الجميع.
لتحتضن "حنان" إبنتها بإشتياق لائم، بعدما علمت بأمر يدها من "عبد العزيز " فقد أخبره "ثائر" بأمر إنزلاقها وإنكسار يدها، لتردف "حنان" بعتاب :
-كده يا "همس" مش تبقى تركزي يا بنتي وتبصي مكان ما بتحطي رجلك.

إبتسمت "همس" بسعادة، مرددة :
-حاضر يا ماما المرة الجاية هبص مكان ما بحط رجلي.
وتهتف "هايدي" بحنق ظاهري :
-يعني أسافر لبابا أسبوع أرجع ألاقيكوا إنتوا الإتنين إتجوزتوا وسيبتوني، لأ وكمان متجوزين في بيت واحد.... ماليش دعوة أنا عايزة أقعد معاكوا هنا إشمعني أنا.

لتتعالي ضحكات الجميع، فتهتف "هيا" بتهكم :
-فيه "حمزة" لسه أعزب ممكن يفكر في الموضوع ده وتنضمي إنتي كمان لعائلة "السيوفي".
رمقها "حمزة" بنظرات نارية أوشكت أن تحرقها بأرضها، ليردف بمكر :
-كان نفسي والله يا "ديدا" بس للأسف القلب مشغول، يعني لو كنتي جيتي بدري شوية .

إبتسمت "هايدي" بخجل، لتشتعل وجنتاها إحمرارًا، فيلاحظ "حاتم" ذلك ، فيردف بجدية :
-بطل هزارك البايخ ده يا خفيف، إنت عارف إن" هايدي" جارتنا في نفس العمارة، لأ كمان ساكنة في الشقة اللي قصادنا، يعني أنا المسئول عنها هنا، يعني تحترم نفسك بالذوق كده.

وقتها جذب "حمزة" يد "ملك" ليردف بجدية :
-ولا خفيف ولا تقيل إحنا إتأخرنا على الشغل... يلا يا "ملك"... بعد إذنك يا عمي... بعد إذنك يا طنط... أكيد هشوفك بليل يا "عمورة".

لتهتف "فريدة" بتأكيد :.
-أكيد طبعًا.... هيقضوا اليوم كله معانا، روحوا إنتوا شغلكوا بس ما تتأخروش.
غادر "حمزة" و"ملك" تحت نظرات "هيا" المشتعلة غيرة وأسي.
ودلف الجميع إلى الداخل لينضموا إلى طاولة الطعام ويناولون فطورهم وتلك الضحكات المرحة قد دوت أصدائها بين جدران هذا القصر.

الشركة
دلف "حمزة" إلى مكتبه بصرامة، لترافقه سكرتيرته الخاصة إلى جوار "ملك"، لينزع عنه معطفه ويضعه أعلى ظهر مقعده، ويبدأ بفك أزرار قميصه ورفعه لأعلى، ليحتل مقعده الذي صُمم خصيصًا لأمراء عائلة "السيوفي"، فيرفع عيناه نحو السكرتيرة مردفًا بجديةً :
-أستاذة "ملك" هتكون معاكي... عايزك تديها ملفات مناقصات المجموعة لآخر خمس سنين.
ويلتفت نحو "ملك" مكملا بجدية وصرامة :
-تدرسي الملفات دي كويس وتعملي تقارير مفصلة عن معدل النمو للمجموعة......
إتفضلوا علي شغلكوا...

أردف السكرتيرة بعملية جادة :
-حضرتك عندك إجتماع كمان عشر دقايق.
ليومأ "حمزة" برأسه مردفًا بصرامة :
-تمام... حضري نفسك عشان تحضري الإجتماع معايا.

فتردف السكرتيرة بجدية :
-تحت أمر حضرتك يا فندم... بعد إذنك.
ليسترخي "حمزة" بمقعده، ويحركه يمينًا ويسارًا مبتسمًا بسخرية :
-لما نشوف وراكي إيه يا ست "ملك".

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة