قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية همس السكون للكاتبة فاطمة علي محمد الخاتمة

رواية همس السكون للكاتبة فاطمة علي محمد

رواية همس السكون للكاتبة فاطمة علي محمد الخاتمة

بعد مرور ستة أعوام
إحدى جزر المالديف وهي دولة تقع في قارة أسيا في المحيط الهندي .. تحديدًا "جزيرة السيوفي" المكونة من عشرة بيوت زجاجية صغيرة، منفصلة عن بعضهما البعض، ليربط بينهما ذلك الجسر الخشبي الصغير، ويتوسط تلك الجزيرة حمام سباحة كبير محاط بتلك الأشجار الصغيرة وأشجار النخيل التي تملئ الجزيرة وتحاوطها ، وتلك الورود التي تزين الجزيرة بأرجائها  لينتشر شذاها المختلط بنسيم ذلك المحيط بأمواجه الهادئة، ليملأ العالم حولها برائحة مميزة بملوك "السيوفي" فقط، أما بجانب الجزيرة، فيرسو ذلك اليخت الفاخر الذي تمتلكه عائلة "السيوفي" بالإضافة إلى يخت آخر لم يأت بعد، فتلك الجزيرة عالم آسر وخاطف للألباب والأنفاس...،

الجميع يتمنى قضاء لحظات قليلة بين رمالها الدافئة، ونسماتها المميزة برحيق تلك العائلة، أما الشاطئ الخاص بها فيمتد بطوله تلك الطاولات المستديرة المحاطة بالمقاعد المبطنة، والمظللة بتلك الأسقف الخشبية المعلقة، وكذلك تلك المقاعد الطولية للإسترخاء، أما كل سكن بها فهو يحتوي على حمام سباحة صغير وخاص بساكنيه .

بينما تعالت  ضحكات البراءة بذلك الشاطئ الرملي، لتحمل تلك الجميلة ذلك الدلو الممتلئ بمياه المحيط ، وتسكبه أعلى رأسه متقافزة بالهواء بسعادة ومرح، لتتعالي صيحاتها المازحة :
- تعالوا شوفوا "نائل" وهو عامل زي الكتكوت المبلول.

لتجد من يضع قدمه خلفها، بينما كانت تتراجع للخلف، فتتهاوي للخلف، إلا أنها وجدت  تلك اليد القوية التي تحجب بينها وبين السقوط أرضًا، لتميل نحوه بعيونها الواسعة، فتجد نظراته جامدة وساكنة  كعادته ، فهمست   برقة وخجل :
- ميرسي "آسر".

ساعدها على الإستقامة بوقفها، وغادر دون أن ينبس ببنت شفة، لتتابع أثر خطواته الرزينة ، متنهدةً  بسعادة وعشق ، لتتذكر فجأة  من حاول الإيقاع بها، فتركض نحوه، صارخة بغضب طفولي جادي:
- عايزة توقعيني يا"تالا"؟!

أزاحت  خصلاتها المتطايرة بفعل تلك النسمات المرحة، ووضعها خلف أذنها، لتتلألأ  فيروزية عيناها بأشعة تلك الشمس الهادئة، لتشعل جمالها ورقتها، فتكون نسخة مصغرة من والدتها "هيا"، لتهمس برقة وعذوبة :
- إنتي اللي بدأتي يا "تمارا" ووقعتي ماية على "نائل" ( نائل حمزة السيوفي، ذو الأربعة أعوام) ، وأنكل "ثائر" دايما بيقول، إننا إخوات ولازم نحب بعض وندافع عن بعض، وإنتي غلطتي يا "توتي".

إلتفتت  "تمارا" خلفها لتجد  شقيقتها "تاليا"( ذو الخمس سنوات، تشبه فريدة إلى حد كبير) تحمل بيدها تلك المنشفة الكبيرة، وتتجه بها صوب "نائل" لتجفف خصلات شعره المبتلة بمياه المحيط، وتحاوط بها أخيرًا جسده المبتل، مرددةً  ببراءة :
- مش تزعل  يا "نائل"، "توتي" بتهزر معاك.

بينما مسد "نائل" خصلاتها المتطايرة، مردفًا  بإبتسامة وبراءة :
- مس زحلان "تا"، أنا حارف إن "توتي" بتهزر، وبتحبني، وأنا تمان بحبها.
إتسعت  إبتسامة "تمارا"، لما تراه من براءة إخوتها، وإتجهت  نحو "نائل" محاوطة كلا كتفيه بذراعها الحانية ، مردفةً بسعادة :
- وأنا كمان  بحبك يا "نائل"..

وقبلت  رأسه مردفةً بأسف :
- سوري... ماكانش ينفع أعمل كده، بالذات وإنت مش لابس غير المايوه بس، وكمان لسه  كنت تعبان من كام يوم.
بينما تشبث "نائل" بطرفي المنشفة، مردفًا  بإبتسامة :
- أنا كويث يا "توتي".... مس تحافي.

ورفع أنظاره نحو تلك المنشغلة ببناء  قلعتها الرملية، ليُلقي منشفته للخلف  ، مردفًا  بسعادة قبل أن يركض نحوها :
- أنا هروح ألحب مع "حلا"(إبنه حاتم وهايدي، تصغر "نائل" بثلاثة أشهر، لكنها ذكية لأبعد الحدود، تهوى فك الألعاب وإعادة تركيبها، تشبه والدة حاتم إلى حد كبير ).

وركض نحوها بسعادة، وجلس إلى جوارها مربتًا بيده بخفة، على قلعتها الرملية، لترفع عيناها نحوه بغضب، صائحةً :
- مس توقحها يا "نائل".
لكنه قبض قبضة من الرمال المبللة، وكورها بكلتا يديه، ليضعها أعلى القلعة كقبة دائرية، مردفًا بجدية وصرامة :
- بساحدك يا  "حلا"، ومس هوقحها يحني.
قبضت  هي الأخرى قبضة من الرمال المبللة، ووضعتها بذلك البناء مردفةً بجدية :
- أوك.

أما تلك الطاولة المستديرة بالقرب منهم، فكان يتبارى بها "آسر" و "شهاب" بلعبة الشطرنج، تلك اللعبة التي تحتاج إلى الكثير من الذكاء والتركيز،  فكانت المباراة سجالًا بينهما، فدائمًا مباراياتهما تستمر لساعات طويلة كونهما خصمين أقوياء بتلك اللعبة، لكن بالحياة كانا صديقين حميمين، وأخوين حقيقين.
راقب "شهاب" تلك الرقعة الخشبية، وتلك القطع الرخامية، بعيون صقر متربص، وهو يحك ذقنه بسبابته وإبهامه، أما "آسر" الذي عقد أصابع يديه  أسفل ذقنه بتركيز حاد، لينقل نقلته الأخيرة، مردفًا بإنتصار :
- كش ملك.

زفر "شهاب" زفرة قوية، وإسترخي بجسده للخلف، مردفًا بكبرياء وشموخ :
- كده إتعادلنا، بس خليك فاكر أنا اللي كنت سابق بخطوة.
بينما جمع "آسر" طرفي الرقعة الخشبية وأغلقها، مبتسمًا بغموض ورثه عن والده، مردفًا بثقة وكبرياء:
- عشان كده نسيت تبص وراك، وماختش بالك من الخطوة الأخيرة لخصمك .

بينما كانت الأميرات الصغيرات (لما ولانا ثائر السيوفي، توأم متطابق ذات العامين ونصف، أيه من الجمال والبراءة  بتلك العيون البنية  الواسعة، الخصلات الناعمة كوالدتهما ) تتشبثا بساقي "ثائر"، لتصيحا ببراءة :
- بابي... بابي... سيلنا.
دنى منهما "ثائر" بسعادة، وإلتقط  كلتاهما بذراعيه القوية، مردفًا  بإبتسامته المُهلكة كعادته :
- قلب بابي.... عاملين إيه؟ ...

جاوبته "لانا" بإبتسامة وبراءة :
- كويثين يابابي.... إنت كويث؟
قبلها "ثائر" بحنان، مردفًا بإبتسامته الجذابة :
- كويث ياروح قلب بابي.
وضيق عيناه بتفكير لمشاكسة  أميراته الصغيرات، فأردف بتساؤل جادي :
- إممممم... مين بقا  فيكوا "لما" ومين "لانا"؟!!
ربتت  "لما" على صدرها مردفةً بمزاح  ومكر :
- أنا "لانا" يابابي...

وأشارت  نحو "لانا" مردفةً :
- ودي "لما".
ذم "ثائر" فمه بتفكير عميق ، مردفًا  بخبث :
- طب تمام، أنا كنت جايب هدية لـ "لما"، لما أديهالها بقا.
حاوطت  "لما" عنقه بكلتا ذراعيها الصغيرة، لتدمغ قبلة رقيقة بوجنته، صائحة بقوة :
- أنا "لما" يابابي.... أنا" لما".

وذمت  "لانا" فمها بتذمر طفولي، مردفةً ببكاء :
- وأنا "لانا" يا بابي.... إنت مس جبت هدية ليا؟
ضم "ثائر" ملاكيه نحو صدره بقوة حانية، ووزع قبلاته العاشقة بوجنتهن، مردفًا بسعادة :
-  طبعًا جبتلك ياقلب بابي.... وجبت كمان لكل إخواتك .... بس أومال مامي فين؟!!!
إبتعدت  "لما" عنه قليلًا، وأشارت  بإصبعها بعيدًا نحو طاولة مستديرة، إلتف حولها جميع النساء، مردفةً ببراءة :
- هربانة  هناك ، عشان مس تسوي (مش تشوي)  اللحمة.

ضيق "ثائر" عيناه بتصنع، وأردف ساخطًا :
- هربانة؟!!!!... مين قالك إنها هربانة؟
إقتربت  "لما" من أذن والدها، هامسةً  بصوت مسموع :
- أنطي "دودي" بتقولها، سيبهم يسوي هما، إحنا أميرات "السيوفي" مس نحمل حاجة .

إشتعلت  عيناه عشقًا، وتراقص قلبه طربًا عندما تلاقت عيناه بعينيها، حتى وإن كانت من خلف زجاج تلك النظارة الشمسية اللعينة، وإن كانت تلك المسافات تفصلهما، إلا أن عشقهما دائم الإشتعال والوله، لتشتعل هي الأخرى عيناها خجلًا وعشقًا، وتحاوط حجابها المتطاير بكلتا يديها،  ملتقطةً  هاتفها النقال، ولازالت أنظارها مثبته  نحوه، لتكتب كلمة إعتادتها أناملها الرقيقة "وحشتني "، لتصيح  بها "ضحي" بغضب  جامح :
- روحتي فين يابنتي؟!!!.. إيه رأيك في اللي قولته؟

إتلتفت لها "همس" بأنظارها المتوهجة عشقًا ، هاتفةً  بإبتسامة :
- أنا هنا أهو... بتقولي إيه بقا؟!
شددت  "ضحي" خصلاتها المتطايرة بقوة، وصرخت  غاضبةً :
- يادي النيلة.... بقالي ساعة بقولك عايزة أروح أستقر في شرم الشيخ، و"خالد"  مش موافق.
رمقها "همس" بعتاب ولوم، مردفةً :
- عايزة تسبينا يا "ضحى"؟!!...
عايزة تبعدي  "خالد" عن عيلته؟!!
وعايزة تحرمينا من البنات وتحرميهم من إخواتهم؟!!

زفرت  "ضحي" زفرة قوية، مرددةً بجدية وعملية :
- يابنتي الفندق والمنتجع الصحي محتاج متابعة، يعني لازم أكون موجودة هناك، زي مابيقولوا المال السايب بيعلم السرقة.
ليرمقها الجميع بعتاب ولوم، فأصبحت نظرتها عملية للغاية؛ حتى هتفت  "هايدي" بهدوء :
- لو الفلوس هتعوضك عن دفا عيلتك!!! ، روحي شرم يا "ضحي".

راقبت  "ضحي" نظرات الجميع، لتجد بأعين "فريدة" طيف دمعة متألمة بصمت، وذلك الحزن الذي إستوطن أعين "نجلاء" حينما تفوهت "ضحي" بهذا الهراء، لكن الأمر كان مختلف بأعين "حنان" التي إعتبرت  "ضحي"كـ" همس"  فأردفت بحدة وصرامة :
- مال إيه اللي بتتكلمي عليه يا"ضحي"؟!

عمر المال ماعمل عيلة، ولا عمل الحب اللي فيها، ولاعمره هيجيبلك ناس تخاف عليكي ولا على بناتك... يعني تشيلي الفكرة السخيفة دي من دماغك، وتعيشي مكان ماجوزك  وأهله عايشين ، وتقفلي على الموضوع التافه ده.
وحركت  مقعدها للخلف، ناهضةً من مجلستها، وتبعها "فريدة" و" نجلاء" وعلامات الضيق والحزن تكسو ملامحهن، تبعتهن  "ضحي" أثرهن بحزن وأسي، لتجذبها نبرة "هيا" المتألمة :
- إنتوا هتعبدوا عننا بجد يا "ضحي"؟

نهضت  "ضحي" من مقعدها، لتدور حول الطاولة ودنت  بجذعها من "هيا" لتحتضنها من  عنقها ورأسها مردفة بحزن :
- وأنا أقدر يا" يوكا"  أبعد عنكوا وعن البيت اللي عشت فيه أجمل أيام، ولاعمري حسيت إني وحيدة، ولا يتيمة فيه ..... بس نعمل إيه للأهبل أخوكي اللي قاللي  نعمل فيكوا كذبة إبريل.
إتسعت  حدقات الفتيات، صدمة، ليصرخن صرخة ثلاثية بغضب :
- كذبة إبريل.

ونهضن بإستقامة ملتفيين  حولها بغموض ، لينهالن عليها بالضربات واللكمات الخفيفة، وسط صراخها وتوسلاتها بالتوقف :
- عاااااا...  بس... أعمل إيه، متجوزة واحدة أهبل ومتخلف..... كفاية بقا إيدكوا تقيلة.... كفاية ياجزم  هيتلموا علينا.
سقطن أربعتهن أرضًا، وتعالت  ضحكاتهن المدوية بأرجاء الجزيرة، لتصل إلى مسامع عاشقيهن، ليرمقوهن بنظرات متسائلة، وعاشقة، فيشاورن  أربعتهن بأيديهن  ألا شئ هام، ويستمروا بما يفعلون من شواءٍ وسلطات بأنواعها، ليصيح "خالد" بسخط :
- يا "حمزة".... يا"حمزة"... تعالي هوي على اللحمة دي شوية، إيدي وجعتني، ده أنا لو بهوي لـ"شجرة الدر" ماكونتش تعبت كده.

خطى  نحوه "حمزة" شاهرًا ذلك السكين الذي كان يقطع به الخضروات في وجهه، صارخًا بغضب جم :
- من دقيقتين بالظبط صرخت نفس الصرخة، وقولتلي البصل بيحرق عنيك،  وخليتني أقطع  السلطة، وإنت تهوى على اللحمة، جاي دلوقتي بعد ماخلصت تقطيعه  تقوللي إيدك وجعتك من التهوية.
تقهقر "خالد" للخلف قليلًا، رامقًا نصل ذلك السكين البراق، مردفًا  بتلعثم وإرتباك :
- مين... قال كده يا "ميزو" يا حبيبي؟!!!..

وحرك المروحة الريشية بيده بقوة، مردفًا بإبتسامة :
- ده أنا حتى طول عمري   بحب أهوى  على اللحمة وهي بتتشوي، دي كفاية ريحتها يا جدع، ولا كفاية الدخان بتاعها وهو بيعبي صدرك، تحسن إنك عامل دماغ كفته... أه والله... إسمع مني .
َورمق نصل السكين بحذر، مردفًا بإبتسامة :
- يلا "أبو تالا" روح كمل عمايل السلطة مع عمو "عبد العزيز ".... يلا يا حبيبي، الراجل كبر في السن برضه، والصحة مابقيتش تساعد إنه يعمل السلطة لوحده، وكمان لسه عامل عملية قلب مفتوح من سبع سنين، يعني حالته الصحية بعافية.... يلا ياحبيبي روحله بقا.

رمقه "حمزة" بنظرات نارية، وزفر زفرة قوية،  هامسًا بخفوت :
- اللهم طولك ياروح...
ورفع نبرته الحادة قليلًا :
- يعني إنت بقيت أب لبنتين زي القمر ولسه متخلف وأهبل زي ما إنت!!...
ليرفع أنظاره نحو السماء، رافعًا نظارته الشمسية عنها، مرددًا بدعاء :
- اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكني أسألك اللطف فيه.

وإستدار متجهًا نحو "عبد العزيز " الذي لازال يقطع الخضروات بإبتسامة رضا ومحبة وود، لوجوده وسط عائلته الجميلة.
بينما قطب "خالد" جبينه متذمرًا، ومرددًا  بإستنكار :
- بنتين زي القمر!!!...  أهما دول اللي قضوا على مستقبلي مع الموزز، كل ما أروح مكان اللي تنشك في معاميعها  "دودي" تشيلني واحدة منهم، قال إيه عشان الستات تعرف إنك متجوز ومخلف...

ليقطع حديثه مع ذاته، تلك الصفعة الخفيفة بكتفه، فإستدار نحوه، مردفًا بضجر :
- خير إنت كمان ياسي "حاتم "... نعم.
رفع حاتم أحد حاجبيه بدهشة، هاتفًا  بنبرة تهكمية :
- إنت بتكلم نفسك يا حبيبي !!!... إنت إتجننت يا "لودي"؟!

زفر "خالد" زفرة قوية، وإلتقط يد "حاتم " وفتحها ليضع بها المروحة الريشية، مردفًا بضجر :
- خود ياعم هوي على اللحمة، أنا مش جاي من مصر للمالديف عشان أسيب الجمال ده والجو التحفة ده لشوية مفاعيص قاعدين يلعبوا علي الرملة، والبنات اللي صدقوا إنهم أميرات بجد وقاعدين مأنتخين، خود ياعم مش لاعب.

وتركه متجهًا  نحو  حمام السباحة، لينزع عنه نظارته الشمسية، وقميصه القطني المزركش ويضعهما أعلى الطاولة الخشبية ، ليقفز إلى المياه الدافئة ، بسعادة طفل صغير بثياب العيد.
أما تلك الفتاة التي تحاول الوصول هاتفيًا إلى معشوقها ، إلا أن هاتفه دائمًا، مغلق. فشددت على  خصلاتها المتطايرة بقوة، لتجد من تحاوط كتفاها بذراعها، مردفةً بإبتسامتها البشوشة :
- مالك يا "بسبوسة"؟!!!... متعصبة كده ليه ياقمر إنتي؟!!

إلتفتت  نحوها، ليصبح ظهرها للمياه، وهتفت  بغضب جامح  :
- يعني ينفع اللي أخوكي ده بيعمله يا "همس"؟!!!.... يعني نكون عرسان ماكملناش أسبوع، ويسبني وينزل الشغل، وكمان يبعتني معاكوا هنا على أساس إنه هيحصلنا، ومايجيش، لأ  وكمان تليفونه مقفول.
رمقت  "همس" من يقترب منهن  بحذر بذلك اليخت الفاره ، لتبتسم إبتسامة خفيفة، مردفةً بمكر :
- لأ... الصراحة مايرضنيش يا "بسنت"، واحدة غيرك كانت سابتله البيت وراحت عند أهلها، بلا  شغل بلا حجج فارغة يا شيخة.

إشتعل غضب "بسنت" وتضاعف، لتصيح  ساخطةً :
- شوفتي!!!... أهو إنتي اللي بتقولي إن أخوكي بيتحجج، ماهو يعني لو أخد أسبوعين أجازة الدنيا مش  هتولع يعني، ولا مفيش ألا هو اللي ظابط؟!! .
لتجد من يقترب منها بحرص، ويهمس إلى جوارها بعشقٍ وإشتياق :
- وحشتيني.... أسف على التأخير.

إنتفض جسدها بقوة، حتى كادت أن تهوى أرضًا ، ليحاوط هو  خصرها بتملك، فيحيل بينها وبين سقوطها، ليغمز بعينه لشقيقته التي إبتسمت بسعادة لحال شقيقها، وإستدارت مغادرة، ويدنو هو بأنظاره نحو تلك المتشبثة بقميصه بقوة، وعيناها تطوف ملامح وجهه بعشقٍ وإشتياقٍ ووله ، هامسةً  بهيام :
- "موري".... وحشتني....  طب ينفع تبعد عني كل الوقت ده؟!!

طوف المكان حوله بعيونٍ كالصقر، ليجد نفسهما بمعزل عن الجميع، فإقترب من شفتاها بعشق وهيام ، دامغًا قبلة إشتياقه لها.
دقائق قليلة وكان الجميع يلتف حول طاولة الطعام، كل منهم إلى جوار معشوقته، أما الأمراء والأميرات الصغار فتذيلن الطاولة بسعادة منقطعة النظير، ليردف "عبد العزيز " بسعادة :
- حمد الله على سلامتك يا "عمر".

رمقه "عمر" بنظرة ودودة، مردفًا  بسعادة :
- الله يسلم حضرتك يابابا، إيه الأخبار؟... و"نونا" عاملة معاك إيه؟.... قوللي بس لو مزعلاك .
ذمت  "حنان" فمها بتذمر طفولي، هاتفةً  بسخط مصطنع :
- ومش بتسأله عامل إيه مع "نونا"، وبتغلبها إزاي على ماتاخد الأدوية بتاعتك.
ربت "عبد العزيز " على يدها بحنان مردفًا :
- ربنا يخليكي ليا يا  "أم همس"، ده إنتي عشرة العمر كله، اللي مش فاكر عمري قبلها .

ليتعالي صياح "خالد" ومشاكسته :
- أيوه بقا يا "زيزو" ياجامد، خلينا نتعلم من الحب والرومانسية منك إنت و"نونا".
بينما إنفرجت  إبتسامة  "فريدة" وصاحت  به بمحبة  وخبث :
- ولد.... عيب كده، سيبهم براحتهم، وبعدين إنت كبرت على الهبل ده.
ذم "خالد"  شفيته، وإتجهه بأنظاره نحو بناته، مردفًا بعتاب :
- كده يابنات!!!... خليتوا كل اللي يكلمني  يقوللي إنت كبرت.. إنت كبرت.

بينما مالت  نحوه "ضحي" بسعادة، هامسةً  إلى جواره بعشق :
- طيب إستني شوية لحد ما اللي جاي في السكة ينورنا بالسلامة عشان تعملهم طابور ذنب.
إتسعت  عيناه صدمة، وإلتفتت  إليها صارخًا بإستنكار :
- مين ده اللي جاي في السكة؟!!!
طرقت  "ضحي" رأسها أرضًا، هامسةً  بخجل :
- إبننا أو بنتنا يا"لودي".

دارت  به الأرض، وإنقلب حوله العالم ، ليميل بجذعه للخلف، ويسقط طريحًا للأرض بمقعده فاقدًا الوعي، لتتعالي ضحكات الفتيات المرحة، فقد كانت  تلك أكذوبة إبريل التي إتفقن عليها، لرد الصاع صاعين له على أكذوبته ، لعلمهم برفض "خالد" التام   للحصول على المزيد من الأطفال.
بينما رمقه "حاتم" بطرف عينه بسخرية، وإلتفت بأنظاره نحو معشوقته، ومال نحوها هامسًا بعشق :
- إيه رأيك نعمل إحنا الحركة دي ونخاوي العيال ؟

رمقته بنظراتها العاشقه، وإستندت  بساعدها أعلى سطح الطاولة، مائلة نحوه برأسها، ومردفةً بعشق :
- بالشكل ده هاخد دمك كله، أنا لحد دلوقتي واخدة منك دم ٣ مرات.
إشتعلت  حدقتاه عشقًا، وهمس بهيام :
- فداكي عمري كله يا "ديدا"، مش دمى بس، كل مرة كنت بديكي من دمي فيها كنت بكون مرتاح إن اللي بيجري في عروقك هو دمى أنا، ومفيش نقطة دم واحدة غريبة لوثت دمك ودخلت بينا.

تنهدت  بسعادة وعشق، هامسةً :
- هتفضل لحد إمتى تحبني بالشكل ده؟
إقترب من أذنها هامسًا بعشق :
- لآخر نفس هيطلع من صدري، وده في الحياة دي، إنما إنتي يا "ديدا" الحور العين اللي أتمنى أكمل حياتي معاها في الجنة.
رمقه بنظرة عاتبة، هاتفةً  بلهفة وإرتباك :
- بعيد الشر عنك ياقلبي، أنا ماقدرش أعيش لحظة واحدة من غيرك.... ربنا يخليك ليا ولأولادنا يارب  وتفرح بيهم وتشيل عيال عيالهم كمان.

ليجدا من تقتحم لحظتهم العاشقة، وتتشبث بذراع والدها، صائحةً بغيرة وتذمر :
- بابي...... أنا مش عارفة أكل.
تعالت  ضحكاتهم المرحة، لتبتعد عنه "ديدا" مردفةً بتذمر طفولي مصطنع :
- إتفضل يا حبيبي، أهي  ضرتي  جت أهي.
حمل "حاتم" "حلا"، وأجلسها إلى ساقه، محاوطها بذراعه بحنان وحب ولهفة، وقبل  رأسها بشوق، مردفًا بسعادة :
- أحلى ضرة دي ولا إيه!! .... قلب بابي يا "لولي".

تشبثت  "حلا" بعنق والدها بتملك، لتنهال على وجنته بسيل من القبلات الطفولية، مردفةً بسعادة :
-I Love u Dad.
بينما ذمت  "ديدا" شفتاها بطفولية مصطنعة، وهتفت بعتاب ولوم :
- طب ومامي يا "لولي"؟!!
ألقت الصغيرة  بجسدها نحو والدتها، وتشبثت  بعنقها، لتنهال بسيل آخر من القبلات الطفولية، هاتفةً بسعادة :
-I Love u Mam.

وإنهالت  عليها "هايدي" بسيل من القبلات الحارة، مردفةً بسعادة أكبر :
-I Love u" Loly".
ليحاوطهما "حاتم" بذراعه، مغمضًا عيناه بسعادة، لوجود "هايدي " وأبنائه بحياته.
بينما مال "آسر" برأسه نحو رفيقه وأخيه، هامسًا  بتهكم :
- مش فاهم البنات كلهم بتحب الدلع والمرقعة كده ليه؟!!!
إنفرجت  إبتسامة خفيفة من ثغر "شهاب"، وهمس إلى جواره بتهكم :
- على أساس إنك ما بتدلعش "لما" و "لانا"!!!... دا أنت بتعاملهم كأميرات أكتر من أنكل "ثائر" بذاته.

إلتفت" آسر" بنظراته الحانية نحو شقيقاته التي تجلسن إلى جواره، ليربت على ظهرهن بحنان وعطف، وسط نظرات "ثائر" و "همس " السعيدة بحال أبنائهما، لتميل "همس" نحو "ثائر" هامسةً  بعشق :
- بحمد ربنا كل يوم في كل صلاة، إنه حققلي أمنية حياتي و  رزقني بنسخة تانية منك يا "ثائر"، كل ما أشوف حنية "آسر" على البنات أحس إن ربنا بيحبهم لأن ده اللي هيكون سندهم وضهرهم.

إنتقل "ثائر"  بنظراته المحتضنة لأبنائه، ليستقر بها نحو معشوقته وأميرته المدللة، هامسًا  إلى جوارها بعشق :
- أنا اللي بحمد ربنا في كل نفس بتنفسه إنه كرمني بيكم يا "همس"، وإن "آسر" يكون حنين على إخواته وياخد باله منهم رغم سنه الصغير، عشان إنتي بس اللي تكوني شاغلة تركيزي وإهتمامي.

إتسعت  إبتسامتها العاشقة، وهمست  بحب وسعادة :
- أومال مين اللي كل يوم بيهرب بليل وياخد أميراته في حضنه وينام؟
تصنع "ثائر" الدهشة، ليردف بإستنكار :
- إيه ده... الواد "آسر" كل يوم بيروح ياخد أميراته في حضنه وينام؟!!
رمقته بنظراتها المددقة، هاتفةً  بإستنكار :
- "أسر" برضه يا "أبو آسر"؟!

إتسعت  إبتسامة "ثائر" المرحة، ليهمس بدهشة :
- قصدك أنا يعني؟!!!....
أومأت  له برأسها بتأكيد، قبل أن تردف  :
- أيوة.... قصدي إنت يا "ثائر".
إلتقط يدها وإحتضنها بكلتا يديه بحنان، مردفًا بعشق وحنان :
- إنتي عارفة إنكوا نقطة ضعفي يا "همس"، وبالأخص "لما" و" لانا" ، حاسس إنهم دايما واخدين قلبي معاهم، ومابقدرش أبعد عنهم، ولا أحس إنهم بعيد عني، دايما قلقان عليهم ومرعوب من فكرة إن ممكن لاقدر الله يحصلهم حاجة وأنا بعيد عنهم.

رفعت  يدها الأخرى، وربتت  فوق يديه، هامسةً، بقلق وإرتباك :
- بعيد الشر عنهم ياحبيبي، وربنا يخليهم لينا ويحميهم هما وأخوهم، وكل أولادنا يارب ، ويخليك لينا يا "ثائر"، ودايما مطمنين بوجودك معانا ياحبيبي.
ليجذب إنتباههم  صياح "هيا" الحانق، التي  هبت واقفة، مشيرة بسبابتها بوجه "حمزة"، لتهتف ضاغطةً على كل حرف تشدقت به :
- عارف لو رجعت مصر قبل ما نخلص رحلتنا يا "حمزة"، هرجع معاك ولادك، وأفضل هنا لآخر العمر، مش كفاية مسافرتش في  الهاني مون.

طوف "حمزة" بنظراته وجوه الجميع المحدقة به، وإستقر نحوها أخيرًا، لينهض من مقعده، مردفًا بهدوء :
- يا حبيبتي هي ٢٤ ساعة وهرجع على طول والله، فيه ورق مهم نسيت أوقعه قبل ما نيجي هنا.
صاحت به  بغضب أكبر:
- ورق إيه يا "حمزة" وإحنا بقالنا أسبوع بنجهز للسفرية دي، وبعدين ما أبيه "ثائر" وأبيه "حاتم" وحتى "خالد"، كلهم خلصوا شغلهم قبل   السفر، عشان  يعرفوا يستمتعوا بالرحلة.

لتتعالي أصوات تلك المروحية التي تحوم فوقهم، فإرتفعت  أنظار الجميع إليها،  بينما صاحت  "هيا" بسخط أكبر  :
- يعني إنت مجهز كل حاجة كمان يا "حمزة"، وجاي تبلغني قرارك النهائي، وإنت رايح تركب الطيارة.
وسالت  دمعاتها فيضانًا، فهي رغم كونها زوجة وأم صالحة، تسعي بكامل جهدها للحفاظ على أبنائها، إلا أنها دائمة التوتر والقلق على أبنائها رغم مساعدة جميع الفتيات لها.

بينما إتسعت  إبتسامة "حمزة" العاشقة، وسط نظرات "هيا" العاتبة، ليفرقع بأصابعه في الهواء، فإنفتح باب صغير بباطن المروحية، وتناثر منه الكثير من الورود الحمراء، وسط سعادة الجميع وإبتساماتهم، ودهشة وصدمة "هيا" التي لازالت لا تستوعب مايدور حولها من أحداث.

لحظات ووجدت "حمزة" يجثو  بركبته أرضًا، ويخرج علبة مخملية سوداء صغيرة، ويفتحها، لتتلألأ تلك الماسة الخضراء وسط تلك الماسات البيضاء الصغيرة،  ويهمس" بعشق :
- كل سنة وانتي معايا وفـ حضني وحياتي يا أحلى "يوكا"  في الدنيا.

وضعت  كلتا يديها أعلى فمها لتكبت شهقة فرحة، بدمعات سعادة متلألئة، ليستقيم "حمزة" بوقفته، ملتقطًا يدها، فيلثمها بعشق، هامسًا  بوله :
- النهاردة ذكرى  أول مرة قولتلك فيها بحبك .... بحبك "يوكا".

ووضع الخاتم بخنصرها، لتندفع هي  إلى أحضانه الآمنة، وتدفن أنفاسها بثنايا عنقه، وسط تصفيق الجميع، وتقافز الأطفال وسعادتهم، إلا هذا "الآسر" وذاك "الشهاب"  اللذان إكتفا بإبتساماتهما الجذابة، وسط نظرات "تمارا" لمن بدأ يدغدغ أوردة قلبها.

بينما جذب "عمر" يد "بسنت"  راكضًا نحو بيتهما الصغير، ليدلفا سويًا إليه. إتسعت  إبتسامتها العاشقة، فرغم روعة البيت وجماله بأرضيتة الزجاجية التي تكشف أعماق المحيط أسفلها بأسماكه وشعابه الخلابة، وكذلك جدرانه الزجاجية، الحاجبة للرؤية الخارجية لمن بالداخل، إلا أنه إشتعل بتلك الشموع الفواحة، وتلك الورود الحمراء المتناثرة بأرضيته، لتصدح تلك الموسيقى الهادئة بالأرجاء لتستدير نحوه "بسنت" وتتشبث بعنقه رافعةً قدماها لأعلى، ليحاوطها "عمر" بذراعيه القوية، والمتلكة، والمتلهفة لعناق معشوقته، هامسًا  إلى جوارها بإشتياقٍ جارف :
- وحشتيني...

إستنشقت  شذا عطره الخاطف لأنفاسها، لتحتبسه بصدرها للحظاتٍ أسرتها بعالمه المهلك، متنهدةً  بعشق وهيام وإشتياق :
- وحشتني  "موري".
ليغوصا معًا بعالم أسطوري لعشاقٍ  خُطت أسماؤهم بأساطير عشاق مملكة "السيوفي"..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة