قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي الفصل الثاني (اصطدام)

رواية هدوء بعد العاصفة بقلم فاطمة حمدي و شيماء علي

رواية هدوء بعد العاصفة للكاتبتان فاطمة حمدي و شيماء علي

الفصل الثاني بعنوان: اصطدام

أنهت يومها الدراسي بعناء،فلملمت أغراضها الدراسية علي عجالة ووضعتهم داخل حقيبتها الصغيرة وبينما هي تستعد لتغادر فصلها تفأجئت بعمها يدلف إليها وهو ممسك بحقيبته الجلدية العملية وقفت مكانها فجاءة حتي وصل إليها قائلا:-
-هاا ياحبيبتي يلا بينا ؟!..
طالعته بنظرات مندهشة قبل أن تتفوه بإستنكار:-
-يلااا فين !..

-نروح مع بعض،بما أننا النهاردة معنديش دروس ولا مجاميع واهي فرصة نتكلم شويه في الطريق ..
زفرت بضيق بعدما عقدت ساعديها أمام صدرها:-
-أيوة بس أنا متعودة أروح مع علا وهنا صحابي وزمانهم مستنيني دلوقتي !..
أبتسم بود:-
- بسيطه ياست نعتذرالهم او ناخدهم معانا في آآآآ..
قاطعته بجمود:-
-متأسفه مش هينفع المرادي وبعدين مش عاوزة أتاخر عليهم أكتر من كده...
أومأ برأسه وتمتم بحرج:-
-علي راحتك يابنتي، خدي بالك من نفسك وماتتأخريش !..

أنهي جملته وغادر علي الفور دون أن يتفوه بكلمة واحدة .فتنهدت بضيق وعلقت حقيبتها ثم سارت خلفه ...
خرجت من بوابة المدرسة الثانوية التابعه لها فأنضمت لها فتاة سمراء من نفس عمرها هاتفه بحنق:-
-ايه ياليلى أتاخرت كده ليه ؟! .
ليلى بضيق:-
-معلش كنت بتكلم مع عمي شويه وعطلني ...

ثم نظرت حولها وكأنها تبحث عن شئ:-
-أومال فين هنا ؟!..
أجابتها الأخري بتوضيح:-
-روحت لأحسن أتاخرت اووي وانت عارفه ابوها بيحسبها علي الدقيقة !..
أومات رأسها بتفهم:-
-ماشي يلاا بينا أحنا بقااا !..
سار الفتاتان بجوار بعضهما علي جانب من الطريق يتبادلان الأحاديث المختلفة !..
علي الناحية الأخري ..

وقف شاب في مرحلته الثانوية الأخيرة أمام مدرسته الخاصة بالبنين فقط ! والتي تجاور مدرسة الفتيات فلم يفصل بينهما إلا سور من الحجارة الضخمة !..
كان يتفرس في ملامح الفتيات واحدة تلو الأخري لعله يجد ضالته بينهن فأوشك بأن تصيبه خيبة أمل، وبينما هو علي حالته لمحها مقبله عليه بجوار صديقتها المقربة تتسامر معها بإهتمام، فأعتلي ثغره إبتسامه خبيثه وعدل من ياقة قميصه الأبيض الساطع وسار نحوها بمكر يتراقص في مقلتيه !..
سار قبالتهاا بتمهل حتي تقلصت المسافة بينهما ولم تعد تذكر ! فتعمد أن يصطدم بها مما جعلها تتراجع خطوة للوراء بعدمت تبعثرت خصلاتها علي وجهها فجزت علي أسنانها بغضب لتوبخه:-
-مش تفتح ولا أنت أعمى ؟! ..

دنا منها وهو يبتسم:-
-طب ليه الغلط بس ياجميل ؟! ...ده أحنا عاوزين نتعرف ونول الرضا ...
ازاحت خضلاتها بعنف من وجههاا:-
-طب يلاا امشي من وشي أحسنلك ..
قرب وجهه من وجههاا هامساا بعبث:-
-مش لما نتعرف الأول !..
هنا تدخلت "علا "وازاحته من أمام رفيقتهاا قائلة:-
-بعد اذنك عيب اللي أنت بتعمله واتفضل أمشي !..

رمقهااا بحنق قبل أن يهتف:-
وهو انتي حد وجهلك كلااام ؟!
ثم عاود النظر "لليلي " غامزا لهاا:-
-انااا بتكلم مع القمر !..
انكمشت ملامح وجهها بغضب ثم هتفت:-
-لااا ده انت زودتهااا اوووي،انت لو مامشيتش بالذوق اناا ااااااااااا
قاطعهاا بسمااجة:-
-خلاص ياقمر أناا هسيبك المرادي تعدي متزعليش نفسك كده ..

رمقته بإشميئزاز وحدة قبل ان تمسك بيد رفيقتهاا وتحثهاا علي السير معاا،رااقبهاا وهي تسير بعجالة جاذبة رفيقتهاا معها فأعتلي ثغرة أبتسامة خبيثه:-
-بس اوعدك المره الجاايه مش هسيبك أبدأ !..

"اناااا مش عااارف أعمل معاها ايه ياا أمي "..

هتف بهاا "حسين " وهو يدفن وجهه في راحته،فتنهدت والدته العجوز الماثله امامه ثم قالت بجدية:-
-معلش ياحسين ليلى لسه صغيرة ومش فاهمه حااجه بكره تكبر كده وتعقل يا أبني !..
مسح علي وجهه بكفيه ثم تسأل:-
-هو اناا غلطت يا أمي لما تجوزت نادية ؟!..
والدته:-
-غلط ايه يابني لاسمح الله ده شرع ربنا وحلاله ...ثم تابعت بحذر:-
-وبعدين يعني لولا اللي حصل زمان كان زمانك أنت اللي ابو ليلي مش اخوك الله يرحمه !..

نظر لهااا بصدمة وذهول في أن واحد لتردف العجوز بإبتسامة ملأت وجهها المجعد:-
-انااا عارفه انك كنت بتحبهاا من قبل ماخوك يتج وزها،وانك سكتت ورضيت تتجوز واحدة غيرهاا لما هو اتقدملهااا مش كده!..
أرتبكت ملامحه علي الفور ثم أشاح وجههه بعيدا عنها:-.
-اي الكلام اللي ااااا أنتي بتقوليه ده،ده مش اااصحيح
تنهدت قائلة بعاطفة وتمسد علي كفه:-
-حسين يابني انت ماعملتش حاجه غلط ولا حرام عشان تخجل منها كفاية انك احترمت وجود اخوك في حياتها وبعدت زمان واهو ربنا بيجمعك بيها من تاني .اصبر بس انت وكل حاجه هتتحل !..

تنهد "حسين " من صميم قلبه:-
-يااريت يا أمي تتحل لأحسن تعبت من ليلي ودماغها ..

الجدة تحية لكي تبث الراحة في نفسه:-
-ماتقلقش وان كان علي ليلى فسيبها عليا انا هلين دماغها ..
حسين بنفاذ صبر:-
-ياااريت يا أمي تقدري عليهاا ..يااريت

أبتسمت العجوز بثقة أمراءة مخضرمة:-
-هقدر،وهتشوف توحه هتعمل ايه !

جلست بزيها المدرسي علي السطحية الرخامية المتواجدة وبكثرة في الشوارع والميادين العامة،ثم أخرجت لفائف الطعام الجاهز الذي أبتعته اللتو وبدأت في إلتهامها وسط إندهاش رفيقتها التي هتفت:-
-انت بجد غريبة ياليلى ! بقا في حد يفضل اكل الشارع ده علي أكل البيت !..
رمقتها بنصف عين ولم تجيبها بل أكملت طعامها بشراهة، فأردفت الأخري بضجر:-
-اومال لو ماكنتش مامتك شيف هايل ونفسها في الطبخ لايعلي عليه ! طب ده الجيران كلهم ملهمش سيرة غير طبيخ ماااا ااااااا...
لم تتتمم جملتها حيث صرخت بها:-
-بسس كفاية كلام عنها !..

تعجبت من رد فعل رفيقتها المبالغ فيه فرمشت بعينيها قائلة:-
-مالك ياليلى ! هو انا قولت ايه يستاهل عصبيتك دي كلها !..
زفرت " ليلى " بقوة وكأنها تزيح مابداخلها قبل ان تعتذر عما بدر منها بعدما تصنعت أكذوبة:-
-انا اسفه ياعلا .اصلي الموقف اللي حصل قدام المدرسة النهاردة نرفزني اووي ووترني!..
علا بتسأل:-
-هو انتي لسه مضايقه من اللي عمله الولد ده ؟!.

هزت رأسها نافية وتابعت طعامها لتتهرب:-
-لااا بقيت كويسة خلاص ..
ثم أخرجت وجبة ساخنة ووضعتها بين يدي رفيقتها قائلة:-
- وبعدين انتي مش هتاكلي،اتفضلي كلي عشان نلحق نروح !..
تناولتها "علا" قبل ان تهتف بنبرة مازحة:-
-مانتي عارفة بابا وماما بيستنوني علي الغدا ..بس مايجراش حاجه لى لو اكلت نص بطن معاكي !...
قالتها بعفوبة ولم تدرك ما تركته من أثر بداخل رفيقتها التي أبتسمت بمرارة وهي تبتلع أخر ماتبقي من طعامها ! فهي دوما تحرص علي تناول طعامها قبل عودتها للمنزل حتي لاتحظي برؤيتهما معا علي مائدة طعام واحدة !...

عادت إلى منزلها بوجه متهكم كعادتها في الأوانة الأخيرة، فوجدت والدتها امامها تضع صحن السحاء الساخن علي مائدة الطعام الدائرية وعندما لمحت الأم إبنتها اتجهت اليها مبأشرة بتسأل:-
-الله أنتي راجعه لوحدك ؟!
ثم نظرت خلف إبنتها تتفقد زوجها:-
-ده حسين قالي انكم هترجعوا مع بعض ؟!..
دلفت وأغلقت الباب خلفها بضيق وتمتمت:-
-انا راجعت مع صحابي !.
عقدت الأخيرة مابين حاجبيها:-
-اومال حسين فين ؟!..

زفرت بضيق قبل ان تهتف بإمتعاض جلي علي ملامحها:-
-معرفش ! قولتلك راجعة مع صحابي ! وبعدين ماتبقي تسأليه هو مش المفروض جوزك برضه !..
القت جملتها الأخيرة ببعض من التهكم الساخر وقبل أن تتجه لغرفتها صاحت بها والدتها:-
-استني عندك انا بكلمك ماتسبنيش وتمشي !.

التفتت لها ووقفت علي مضض في الجهة المقابلة بعدما عقدت ساعديها أمام صدرها،فألقت "نادية " منشفة المطبخ التي بحوذتها:-
-مليون مرة قولتلك ماتسبنيش وتمشي وانا بكلمك وتعدلي طريقتك معايا ..
ثم أردفت بإستنكار مرتفع:-
-انا اااامك !..

لوت الأخيرة فمها بتهكم واضح اثار من غضب والدتها وكادت أن تجيب عليها ولكن منعها من ذلك قدوم زوجها في الوقت المناسب القي حقيبته الجلدية بإهمال واقترب منهما بعدما استشعر وجود خطب ما:-
-في ايه مالكم كده ؟!..
نادية بقوة وهي تشير بعينيها نحو إبنتها:-
-إسألهااااا!..
حول نظره الى تلك الواقفة في الجهة المقابلة لهما:-
-مالك ياليلى؟! أيه اللي حاصل ياحبيتي ؟!...

رمقته بنظرة ذات مغزي قبل أن تتسحب إلي غرفتها في مشهد صامت خاذل،تنهد بصوت مسموع قبل ان يلتفت لزوجته التي هوت علي اقرب مقعد قائلة بإختناق:-
-انا تعبت من البنت دي ياحسين تعبت منها ومن معاملتها لينا ..
جاورها في جلسته قبل أن يكرر سؤاله عليها:-
-ايه اللي حصل يانادية ؟!..
عادت الى أندفاعها مرة أخري:-
-مش عاجبها كلامي،كل ده عشان بسألها عليك وليه راجعه لوحدك !..

أومأ برأسه إيجابا قائلا بهدوء:-
-اه ماهي قالتلي هترجع مع صحباتها وانا مرضتش اغصب عليها فعديت علي أمي !..
نادية بإهتمام وقد نست أمر إبنتها:-.
-واخبار ماما ايه ؟! وصحتها؟!..
ابتسم ابتسامة باهته:-
-بخير وبتسلم عليكم !..
بادلته الإبتسامة قبل ان ينهض هو بإرهاق واضح في نبرته:-
-انا هقوم ارتاح شوية !..
نهضت بدورها سريعا:-
-مش هتتغدى !..

إبتسم تلك المرة إبتسامة ملأت فمه:-
-وفكرك توحه هتسبني أمشي من غير أكل ؟!..
ضحكت بهدوء:-
-بالهنا والشفا ياحبيبي !..
ربت علي كتفها بعاطفة ثم اتجه نحو غرفته بعدما تناول حقيبته التي سبق وتركها عند الباب تاركا زوجته في افكارها حول إصلاح إبنتها !...

12:..

دقت الساعه منتصف الليل فكانت "ليلى" تلملم أوراقها من أمامها قبل ان تغادر مكتبها الدراسي القابع في زواية من زوايا غرفتها الهادئة أزاحت مقعدها للخلف وسارت في أتجاه فراشها قبل ان تلقي جسدها عليه،أستغرقت بضع دقائق وهي مستيقظة لم يغمض لها جفن وبعد محاولات فاشله منها للنوم اعتدلت في فرأشها بتنهيدة حارة وهي تسحب لحافها السميك ثم ظلت تنظر حولها بملل،وبينما هي علي حالتها هذه خطر ببالها ان تهاتف ملجائها الوحيد في تلك الحالات وصديقها المقرب ومعلمها الفاضل !...
ترددت في البداية ولكنها حسمت امرها في النهاية وقررت مهاتفته بعدما تذكرت حديثه لها في أحدي المرات انه يقضي سهرة الخميس في قراءة بعض الكتب العلمية أستفادا بعطلة الجمعة فلم تمر ثوان وكان الهاتف يحتل أذنيها يتعالي رنينه مع دقات ونبضات قلبهااا..

-في الناحية الاخري ..

نهضت "سهر "من فرأشها بعدما أرتداءت روبها الحريري وقد شعرت ببعض من الراحة تسربت لها لكونها أستطاعت مصالحة زوجها العنيد بطريقتها الخاصة وجعلته يتخلي عن عادته الأسبوعية مستخدمه مهاراتها الأنثوية وقبل ان تذهب للخزانة تخرج ملابس بديلة لزوجها الذي يستحم بالمرحاض سمعت صوت هاتفه عقدت مابين حاجبيها بتعجب فمن سيدق علي زوجها في وقت هكذا فأجابت علي الهاتف بتلقائية:-
-الوووووووو !...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة