قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع

دخلت معه الغرفة على مضض، زاغت عيناها هُنا وهناك بتوتر شديد، خفق قلبها بشدة وهي تسمع صوت الباب يغلق بالمفتاح، نظرت له وسألته بخجل:
-بتقفل الباب ليه؟
مط شفتيه وقد رفع حاجب قائلاً:
-أسئلتك غريبة جدا بس هستغرب ليه ما أنا عارف إنك ذكية من اول يوم شوفتك فيه..
استطاع أن يغيظها ببساطة شديدة منه، فدبت بقدمها على الأرض بعصبية، أما هو فقد استلقى على الفراش مستريحا، فاقتربت تسأله بضيق شديد:.

-تسمح تقولي أنا هنام فين؟!
تنهد وهو يشير لها في المكان المجاور له متحدثا:
-هنا، دا المكان الطبيعي اللي المفروض حضرتك تنامي فيه ولا عاوزاني أجيبلك سرير غير دا مخصوص؟
ازدردت ريقها بقوة وتسمرت مكانها وهي تنظر له، فيتابع بجدية:
-يلا أنا مش فاضيلك عندي شغل الصبح وياريت تطفي النور قبل ما تيجي.

أغمضت عينيها وأعادت فتحهما على الفور وتوجهت كي تغلق الإضاءة ببطء ثم ذهبت إلى السرير وجلست عليه، وكأن هناك رياح باردة تغطي كامل جسدها الآن، ترتعش من شدة الخجل وهي ترفع ساقيها كي تستلقي جواره لكنها قد وضعت الوسادة فاصل بينهما كي لا يراها، حيث أنه ينظر لها الآن نظرات ثابتة ولا يرمش بعينيه حتى، هل ينوي قتلها بأفعاله؟
ما الذي يفعله بها وما هذه النظرات وهذه الطباع أيضًا!

لاحت على ثغره ابتسامة صغيرة عندما وضعت الوسادة بينهما فحجبت الرؤية له، هل تظن بأن هذه الوسادة تحميها منه؟؛
مجنونة هي كما يقول في سره الآن لكن لا بأس هذا قد ينال إعجابه...
نامت على جنبها وقد أعطته ظهرها بينما صدرها في صعود وهبوط مستمر حتى إنه كان يسمع صوت أنفاسها المتهدجة، ظل مستلقيًا على ظهره بثبات لم ينم قط حتى بعد مرور ساعتان من الزمن، وقد علم أنها غطت في نوم عميق وصوت أنفاسها انتظم،
-هتسيبني..

همست بها فجأة ثم صمتت وهي تإن بخفوت، علم أنها بالطبع تحلم أو ربما هذه هلوسة فابتسم مرة ثانية وهو يشُم رائحتها الهادئة التي تملأ الفراش، ارتفع قليلا كي يتمكن من النظر لها ومن ثم سحب هذه الوسادة من بينهما وألقاها بعيدًا على الأرض واقترب منها بحذر شديد، كان مترددًا في ضمها إلى صدره، إن هناك رغبة مُلحة بداخله على ضمها إليه، ابتلع ريقه وهو يضع يده على وجهها لكنه تفاجئ بارتفاع حرارتها يبدو أنها قد مرضت جراء عنادها ووقوفها في الجو البارد، ضغط على شفتيه بحيرة ماذا سيفعل لها الآن عليه التصرف وفي الحال..

نهض بهدوء وخرج من الغرفة برفق ذاهبًا إلى المطبخ كي يسعفها بكمادات باردة وعاد لها من جديد راح يجلس جوارها وهو يضع القطن المبلل بالماء المثلج على جبهتها لأول مرة، وكما توقع استيقظت منتفضة على الفور وتسارعت أنفاسها، لكنه وبكل ثبات ضغط على جبهتها كأنها لم تستيقظ وتابع عمله..
نظرت له باستغراب وسألته بارهاق:
-أنت بتعمل إيه؟
بإيجاز رد عليها:
-كمادات.

ثم رفع القطنة مجددا ووضعها في الماء وأرجعها ثانيةً على جبهتها، كالمحاصر تماما لجميع حركاتها وحتى نظراتها..
هي لا تعرف الآن إلى أين تنظر بالضبط، لتقول بصوت يرتجف:
-خلاص شكرا كفاية كدا.
نظر إلى عينيها جيدًا وهو يخبرها بصرامة:
-هو إيه اللي شكرا وكفاية؟
أجابت بخجل:
-اللي أنت بتعمله..
-هو أنا بعمل كدا عشان سواد عيونك؟!

كشرت عن جبينها بشدة وهي تتحاشى النظر له وترقرقت الدموع بعينيها، واختنق حلقها، هل سيظل هكذا معها..
ف لانت ملامحه قليلا وهو يتحدث مجددا:
-يعني أنتِ بتعيطي ليه دلوقتي؟ أنا عملت حاجة...!
لم تنظر إلى وجهه فهي لا تحتمل صلابته أكثر من ذلك، ف غير يزيد مجرى الحديث وهو يقول بنبرة هادئة:
-شكلك خدتي برد..
ثم نهض قائلا:
-لازم تاخدي حاجة للبرد
فتح أحد الأدراج وأعطاها حبة مسكنة وهو يتابع:
-نامي وهتبقي كويسة..

هزت رأسها موافقة وهي تعتدل كي تنام وراح هو يغلق الإضاءة مجددًا، ثم يعود إلى مكانه جوارها، فنظرت له وقالت متساءلة:
-مين اللي رمى المخدة دي على الأرض؟
أغمض عينيه هامسًا بنعاس:
-معرفش..
-متعرفش إزاي هو في حد غيري أنا وأنت في الأوضة دي؟
فتح عينيه وزفر بعنف مع قوله:
-شكلي مش هنام في الليلة دي، ممكن أنام بقى عشان عندي شغل الصبح؟

أعطته ظهرها بعنف وقد وفرت بحدة شديدة فراح يبتسم بهدوء وغط في نوم عميق بعد عدة دقائق قليلة...
--------------------------.

صدح صوت صفعته على وجهها عاليًا ومن ثم اعتلى صوته الغاضب متحدثًا:
-بتضربي عصفورين بحجر واحد يا دينا!
دينا مبتسمة، فهذه الصفعة لا تهم إن كان ما تتمناه قد حدث!, يبدو أنها أشعلت الحرائق بينهما ولن تنطفئ أبدا..
-وهو أنا عملت إيه؟ أنا ماقولتش غير الحقيقة يا حبيبي..
-حقيقة؟ تصدقي أنا قرفان من نفسي عشان عرفت واحدة زيك للأسف أنتي أكبر غلطة عملتها في حياتي..
ضحكة هازئة خرجت منها وهي تتابع بسخرية:.

-على الأقل أنا هجبلك الولد اللي نفسك فيه لكن التانية حرمتك منه ولو أنا غلطة هي تبقى إيه!
-اخرسي، اخرسي خالص مش عاوز أسمع صوتك!
ظل يسير جيئة وذهابا وهو يمسح على رأسه بتحيّر، فقالت وهي تقترب منه:
-لازم تكتب عليا رسمي يا مازن أنت ناسي إنك هتبقى أب لإبني ولا إيه؟ الحكاية مش محتاجة تفكير..
مازن بجمود:.

-أنتِ هتفضلي زي ما أنتِ لحد ما أقرر هعمل إيه ولو عملتي حاجة تاني صدقيني أنا ممكن اولع في المكان دا وأنتي فيه أنا مجنون وأعملها فحطي عقلك في راسك!
--------------.

في صبيحة اليوم الموالي..

فتحت رنا عينيها حيث استيقظت من نومها لتتفاجئ أنها قريبة للغاية من يزيد فكان يضع يده على ذراعها بعفوية، فراحت تبتسم بخجل وهي تتأمل ملامح وجهه بتمهل، فكانت ملامحه هادئة ومريحة عكس الصلابة التامة التي يتحدث بها وتكسو ملامحه حينها، حاولت رفع يده عنها برفق شديد لكن ما أن وضعت يدها عليه استيقظ على الفور سائلا إياها:
-الساعة كام؟
اعتدلت وراحت تنظر إلى هاتفها لتخبره:
-الساعة ٩..

نهض جالسًا على الفراش وهو يفرك عينيه متنهدًا، ثم طالعها بنظرات متسائلة وقال:
-السخونية راحت؟
فأومات برأسها وأجابت:
-الحمدلله.
وثب قائما واتجه نحو الحمام بصمت، ونهضت هي الأخرى بارتياح وهي تشعر بأنها وصلت معه إلى مرحلة جيدة في علاقتهما فما يفعله لا ينطبق مع حديثه الدائم أبدا ما فعله ليلة الأمس أسعدها وأشعرها الامان وامدها بالحنان..

هي لا تتذكر أن أحد قد اهتم بها من قبل حين مرضت إنها لم تشعر بمثل هذا الدفئ من قبل..
ف دعت الله الآن أن يمنحها معه حياة هادئة تسودها المودة والرحمة..
قامت بترتيب الفراش أولا ثم ذهبت إلى دولابه الخاص وفتحته ثم رمشت عدة مرات بعينيها كي تستوعب كم الملابس السمراء هذه..
جميع ثيابه من اللون الأسمر القاتم، هل يعشقه إلى هذه الدرجة؟
لوت فمها بضيق، ماذا ستنتقي وكلهم متشابهين جدا..

بعض قليل كان قد خرج من الحمام وكانت هي أحضرت له الملابس والحزاء أيضًا حتى جواربه وغادرت الغرفة، رفع حاجبيه معا وهو ينظر إلى ما فعلت ولم يستطع التحدث، يبدو أنا قد بدأت حياة جديدة معه بالفعل وتنتظر بدايته هو...

في حديقة القصر، وقف إياد يسقي الزرع بينما وقفت رنا جواره وهي تبتسم له فتعجبت حين بادلها الابتسامة، يبدو أنه ليس كشقيقته..
ترك إياد رشاش المياه وقال لها:
-صباح الخير
ردت باسمةٍ:
-صباح النور.
-كان نفسي أتعرف عليكي بس كنت فاكر إنك مش حابة تكلميني.
رنا بدهشة:
-انا؟ لا حبيبي بالعكس
رفع كتفيه وأخبرها:
-أصلك مش بتتكلمي معايا أبدا من ساعة ما إتجوزتي بابا.
وضحت له قائلة:.

-هي ظروف بس مش أكتر، لكن أنا حابة جدا نبقى أصحاب أو تعتبرني اختك الكبيرة..
أومأ إياد برأسه قائلا: .
-وأنا موافق طبعا
-طيب يا سيدي قولي بقى أنت في سنة كام؟
أخبرها بحزن:
-في ١ اعدادي..
وضعت يدها على كتفه متابعة:
-طب ومالك زعلان كدا ليه؟
-عشان المفروض أكون في سنة ٢
ابتسمت مردفة:
-مش مهم اللي فات، المهم هو اللي جاي، ركز كويس في اللي جاي وإن شاء الله هتبقى في ٢ على طول.
هز إياد رأسه موافقا باعجاب، ثم قال:.

-زمان بابا نزل تعالي عشان نفطر..
سارت معه وهي تضع يدها على كتفه، حينما دخلا وجدا أن الجميع قد التف حول مائدة الإفطار، كاد تجلس جوار إياد لكن سمعت يزيد يهتف بقوله:
-هنا..
كان يشير لها على المقعد المجاور له، فانصاعت له رغم دهشتها ودهشة الجميع أيضًا..
بدأ يزيد في تناول الطعام وهو يسأل بجدية:
-اومال فين مازن ومراته؟
أجابت زهراء بحزن:.

-مازن اتجنن خلاص يا يزيد، دا اتخانق مع نورهان وهو حابسها في الأوضة مش بيخرجها أبدا حتى الأكل هو اللي بيدخلهولها.
يزيد وقد تجهمت ملامحه:
-يعني إيه حابسها؟ حقيقي بقى بيتصرف زي الحيوانات..
تابعت زهراء بضيق:
-عاوزين نشوف حل يا يزيد هتفضل المسكينة دي كدا؟
أخبرها بجدية:
-أنا هتكلم معاه.
-ملكش دعوة انت يا يزيد واحد ومراته انت عاوز إيه؟
كانت العبارة ل ابتهال التي قالتها ممتعضة، فيتابع يزيد وقد توقف عن طعامه:.

-تمام، بس لما يزيد عن حده لازم يعرف إنه غلطان وكنت أتمنى إنك أنتِ اللي تعرفيه مش انا كان الوضع هيكون أفضل بكتير..
كادت تتكلم لكنه نهض فجأة وقال:
-أنا عندي شغل مش هينفع اقعد اكتر من كدا..
توجه إلى الخارج ما أن أنهى جملته، فنهضت رنا خلفه، شعر بحركتها خلفه فالتفت لها ناظرًا إلى عينيها بثبات، أخذت نفسًا عميقًا قبيل أن تتكلم بخفوت:
-شكرا عشان اللي عملته امبارح..
أراد أن يراوغها فسألها:
-اللي هو؟

مسحت على جبينها وأجابت:
-الكمادات..
-ممم دا شيء طبيعي، يعني حتى لو كان نايم جنبي واحد صاحبي كنت هعمل كدا معاه، فعادي يا رنا..
عقدت ما بين حاجبيها بعصبية شديدة وهي ترمقه بغيظ أشد، وكأن استفزازها بهذه الطريقة أصبح متعة رائعة له..
إنه يتابع تعابير وجهها الآن بابتسامة تختبئ بين شفتيه، بل وينتظر ما ستلفظ به بشوق كبير..
فردت وانفاسها تتسارع بغضب:
-واحد صاحبك؟ طب تمام..

-مالك يا رنا زعلانة ليه؟ أنا مش فاهم بتتعصبي بسرعة ليه!

الفصل التالي
لم يكتب بعد...
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة