قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

ترك يدها وقال بلهجة آمرة:
إدخلي جوا.
ف بعناد قالت وهي تتألم إثر قبضته:
مش داخلة إلا لما يجيلي مزاج..

لم يعلق على ما قالت، حتما هي تتألم لذا هو تفهم فقط اكتفى بنظرة ثاقبة لها ومن ثم استقل سيارته وانصرف وتركها بحالة يرثى لها، ولم تكد تتراجع للخلف لتصطدم بشخص ما، ف لاحت منها التفاتة وإذا ب نورهان تبتسم لها بودٍ، نظرت لها رنا باستغراب فأخيرًا وجدت شخص غير زهراء في هذا المنزل يبتسم، فما كان منها إلا أن بادلتها الابتسامة ف راحت نورهان تقول:
أنا نورهان.
وصافحتها الأخيرة قائلة:
وأنا رنا
تابعت نورهان قائلة:.

اتشرفت بمعرفتك يا رنا، ربنا يسعدك أنتِ ويزيد.
ابتسمت رنا بحزن مع قولها:
يارب
عايزة أقولك إن يزيد فعلا إنسان كويس جدا وأنتوا لايقين على بعض أوي.
رنا كاتمة غيظها:
أوي فعلا.
كادت نورهان تتكلم ولكن صدح هاتفها عاليًا يعلن عن اتصال، وقد كانت صديقتها دينا، فلم تتردد في الرد عليها حيث قالت:
دينا إزيك؟
تمااام..
ثم صمتت لفترة قصيرة قبل أن تتابع بسخرية:.

عايزة اعترف لك بحاجة يا نورهان بس بليز سامحيني أنا ماليش ذنب نهائي في الموضوع دا أنا تقدري تقولي عليا كدا ضحية..
سألتها نورهان بفؤاد قلق:
خير يا دينا حاجة إيه ومالكيش ذنب في إيه؟
كأنها ألقت شيء من المتفجرات حين قالت لها الجملة دون تمهيد:
أنا حامل من مازن، جوزك!
وكأنها لم تسمع ما قالت فقررت:
أنا مش بحب الهزار السخيف يا دينا لو سمحتي!
ضحكة عالية رنانة ارسلتها لها صاحبها قولها الذي كان كالسكين البارد:.

هي الحاجات دي فيها هزار برضوه يا نورهان؟ بس احلفلك بإيه يا قلبي أنا ماليش دعوة مازن اعتدى عليا بالقوة ودلوقتي بيهددني بالقتل لو حد عرف يرضيكي يا نونو؟

الاشمئزاز، الصدمة، الغضب، شعور بالغثيان كل هذا مَر على نورهان في آن واحد، قد سقط هاتفها أرضا كما تساقطت عبراتها الكثيفة من عينيها، تعلم أنه يخونها ولكن خيانة كاملة؟! ومع مَن؟ صديقتها دينا!
يا لحرقة قلبها الأحمق الذي أحب رجل مثل هذا، اللعنة على ذلك اليوم الذي جمعها به...
اجتاحها إغماء مفاجئ فكادت تسقط لولا ذراعي رنا التي أمسكت بها جيدًا وهي تهتف بصدمة:
نورهان، نورهان في إيه!

لم تغب نورهان عن الوعي بشكل كامل بل كانت عينيها شبه مفتوحتان لكنها لم ترَ بوضوح جراء دموعها التي ملأت مقلتيها، ساعدتها رنا بكل قوتها في أن تجلس ثم أسرعت وأتت لها بالماء بينما الأخيرة كانت وكأنها بين الأمواج التي تتقافزها بلا رحمة...

تضحك دينا بانتصار وهي تغلق المكالمة معها، تتناول رشفة من كوب العصير الموضوع بجانبها ثم تضعه مكانه مرة أخرى وتجري مكالمة أخرى!
انتظرت قليلا حتى آتاها الرد من مازن، لتقول بنعومة:
خلاص يا بيبي كل شيء هيتحل.
مازن قائلا بضيق:
تقصدي إيه؟!
ضحكت بسعادة وقد أخبرته:
لما تعرف الخبر اللي محضراه أكيد هتشكرني وهتعيش معايا أنا مش هي.
ترك مازن ما يفعله وانتبه لحديثها قائلا بعصبية:
ما تقولي تقصدي إيه واخلصي؟

تابعت دينا وقد احتدت ملامحها:
الهانم مراتك اللي أنت بتحبها الحب دا كله بتستغفلك وطول السنين دي كلها بتفهمك إنها مش بتخلف وهي بتاخد حبوب منع الحمل، لأنها طول الوقت شاكة فيك.
تغضن جبينه واحمرت عيناه قليلا من فرط الغضب بينما يهتف:
وإيه كمان يا كذابة؟
أخبرته ضاحكة:.

أنا اللي كنت بجيبهولها بإيدي يا حبيبي انت ناسي إني صاحبتها الأنتيم؟ مسألتش نفسك هي ليه على طول بتروح للدكتور مع مامتها مش معاك؟ عشان هي أصلا مش بتروح وبتستغفلك يا حبيبي.

فما كان منه إلا أن اقفل مكالمتها بانهيار تام ويذهب مسرعًا إلى نورهان التي قد طعنته وأعمت عينيه كل هذه الفترة!

في وجهتها إلى الموعد المحدد بينها وبين السيدة وردة، تسند رأسها على نافذة السيارة كقطة وديعة، شعرها يتطاير بفعل الهواء تارة ترجعه خلف أذنها وتارة أخرى للوراء..
كانت شاردة طوال الطريق وعلى ثغرها ابتسامة رقيقة، حتى إنها لم تنتبه لنداء السائق وهو يخبرها بهدوء:
وصلنا يا هانم.
فيكرر بشيء من الدهشة:
وصلنا حضرتك؟

رمشت بعينيها وهي تعتدل لتخرج من السيارة فيلاحقها فرد الحراسة كظلها تمام، فزفرت بعنف شديد وهي تلتفت له وتقول بتذمر:
خليك أنت هنا او خد لك جولة على ما أخلص أنا إيه رأيك؟
يزيد به قالي غير كدا يا فندم مأقدرش أسيب حضرتك.
زهراء بضيق:
يعني إيه هتيجي معايا جوا وتقعد معانا كمان؟
ثم واصلت بجدية:
لو سمحت أنا حابة أبقى براحتي خليك هنا أو شوف هتعمل إيه وأنا لما أخلص هبلغك.
صمت الرجل قليلاً ليقول بعد ذلك:
تحت أمرك.

ابتسمت برضى وسارت تتأنى في خطواتها في طريقها إلى الداخل، كانت السيدة وردة تجلس على إحدى الطاولات في انتظارها وما إن لمحتها ذهبت إليها وصافحتها بحرارة، جلست أمامها بهدوء فقالت السيدة ببسمة حانية:
وحشتيني جدا أنا حاسة كأني اعرفك من زمان وحبيتك جدا والله.
ابتسمت زهراء وأخبرتها:
والله القلوب عند بعضها يا طنط وردة.
قوليلي بقى تحبي تشربي إيه؟
أجابتها:
أي عصير فريش.

استطاعت رنا أن توصلها إلى غرفتها وتُجلسها على الفراش، فيما قالت نورهان باختناق وهي تحاول النهوض مجددًا:
أنا لازم أمشي من هنا دلوقتي حالا.
رنا تحاول فهم ما يدور:
استهدي بالله هتمشي تروحي فين؟, احكيلي إيه اللي حصل بس!

تجمع الدمع في عينيها وذهبت إلى خزانة ملابسها تحاول جمع الثياب، فإذا بالباب يُفتح على مصراعيه ويدخل مازن بشراسة، انتفضت رنا وهي تنظر له بصدمة قبيل أن تُغادر الغرفة في سرعة، بينما أغلق هو الباب متجهًا إلى زوجته، تلك التي نظرت له من بين دموعها نظرة حملت الكثير منها الغضب والقهر..
نعم إنه القهر الذي كان يحتل عينيها وجميع معالمها، كيف يقف أمامها الآن وعيناه في عينيها؟ كيف؟!

طول السنين دي بتستغفليني يا نورهان؟
نطق بها وهو يقبض على ذراعها بقوة، فتحاول دفعه وهي تقول باستغراب:
بستغفلك؟ أنا اللي بستغفلك ليه خنتك ولا كل يوم بعرف واحد شكل زيك؟ يا بجاحتك يا أخي يا بجاحتك..
هزها بعنف شديد وقام بلوي ذراعها بقسوة عارمة فجعلها تصرخ عاليًا، فيقول بهدوء قاتل:
صوّتي، صوّتي كمان يا نورهان، أنا هخلي أيامك كلها سواد، أقسم بالله هخليكي تندمي على اليوم اللي شوفتيني فيه.

ردت بصياح شديد فقد طفح الكيل منه:
أنا ندمت من زمان على اليوم اللي شوفتك فيه، منك لله يا مازن منك لله..
تركها ودفعها وكأنه تحول إلى مجرمٍ الآن، الشر يتطاير من عينيه وهو يرفع يده عاليًا ليهوى بها على خدها، صفعة قوية كأنها تلقتها على قلبها، سقطت على الأرض من شدتها، فنزل على ركبتيه وأمسك شعرها متسائلا بغلٍ سافر:
مش عاوزة تخلفي مني؟ مفهماني إنك مش بتخلفي وأنتِ بتاخدي منع الحمل؟ إيه الجبروت دا يا شيخة!

رغم بكاؤها إلا أن نظراتها كانت قوية، قوية للغاية وهي ترد:
دا اللي انت بتحاول تقنع نفسك بيه عشان تداري على خيانتك ليا من يوم ما اتجوزتك، أنا محبتش حد قدك في الدنيا دي وأنت بتعمل معايا كدا؟ موتني لو راجل وعندك ذرة رجولة خليني أرتاح من وشك و...
ابتلعت حديثها لأنه قد صفعها مرة أخرى ثم نهض بها وهو يلف شعرها على كف يده صارخا بوجهها:.

اموتك؟ إزاي أنتِ نسيتي إني مأقدرش أستغنى عنك؟ مش هتخلصي مني بالسهولة دي يا حبيبتي اطمني..!
قالت ببكاء شديد:
أنت بني ادم مش طبيعي يا خسارة أيامي السودة اللي عيشتها معاك، أخرتها بتعمل فيا أنا كدا يا مازن بتهيني بالطريقة دي؟ بتخوني مع صاحبتي وجاي تحاسبني؟ عمري ما هسامحك أبدا وابقى افتكر اليوم دا كويس أوي..

أرخى قبضته عن شعرها وكشر عن جبينه بغضب، لقد أخبرتها دينا عن خيانتهما لها، لكن لا بأس هي أيضاً قد خانته وحرمته من أن يكون أبا..
هكذا أقنع حاله، فعاد يهتف بقسوة:
من هنا ورايح هتشوفي معايا اللي عمرك ما شوفتيه وهعرفك البني ادم المش طبيعي دا هيعمل فيكي إيه، الأوضة دي من الساعة دي هي سجنك ومش بس كدا هي هتشهد على دموعك كل ليلة من اللي هعمله فيكي يا نورهان..!

وقفت رنا أمام خالتها ابتهال وهي تلتقط أنفاسها وبالكاد أخبرتها بخوف:
خالتي، إلحقي نورهان..
ببرود تام ردت ابتهال:
مالها؟
أسرعت رنا في القول:
تقريبا فيه مشكلة كبيرة بينها وبين جوزها وسامعة صوت صريخها هو بيضربها أرجوكي تعالي وقفيه
ابتسمت ابتهال برضى وراحت تقول بارتياح:
اقعدي يا حبيبتي جنبي ومتدخليش فاللي ملكيش فيه!
نظرت لها رنا بصدمة وهي تردد:.

مدخلش في اللي ماليش فيه؟ إزاي يعني بقولك بيضربها وهتموت في أيده اعملي حاجة أرجوكي.
هي تستاهل..
أردفت رنا بعصبية تامة:
إيه دا؟ مافيش في قلبك رحمة؟ اتقي الله ميصحش كدا أنتوا ايه اشتريتوا الناس ولا فاكرينهم عبيد عندكم؟
بصرامة قاتلة ردت ابتهال:
اخرسي يا بنت وبلاش تدخلي في أمور غيرك متبقيش قليلة الادب زيها واحترمي نفسك وأمشي غوري من قدامي على أوضتك استني جوزك هناك بلا قلة ادب..

رنا وقد غليت الدماء في عروقها قائلة:
أنتِ إزاي كدا؟ إيه القسوة دي والجبروت دا منكم لله يا شيخة...
صاحت ابتهال بغضب لكن رنا فرت من امامها بعصبية وهي تحاول ضبط أعصابها، بينما حدجتها ابتهال بنظرات نارية وهي تقول بحدة عارمة:
بنت مش متربية بس أنا هعرف أربيكي أنتِ كمان.
التقطت هاتفها وأجرت اتصال على شقيقتها لتقول بجدية شديدة:
أيوة يا إكرام أنا عاوزاكي تجيلي دلوقتي حالا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة