رواية نصال الهوى الجزء الرابع للكاتبة إسراء علي الفصل الرابع عشر
خرجت من غُرفتها ليلًا دون حماس حقيقي. ف مُنذ أن أتت إلى هُنا وهي لا تُبصره. تلك التي جاءت من أجلهِ غير موجود. وعلمت فيما بعد أنه سيبيت الليلة خارج المنزل ب أوامر صارمة من جاسر الصياد
ضحكت ب سُخرية وبالطبع من سيكون غيره. أباها هادم اللذات لذلك همست ب تذمر
-ملكش وظيفة ف الحياة غير إنك تبوظلي خططتي. جاسر الصياد مُفرق الأحبة.
توجهت إلى المطبخ ثم فتحت الثلاجة واخرجت قطعة من الكعك بالفانيليا كما تحبه وبعدها توجهت إلى الخارج
صعدت الدرج ب تمهل حتى وصلت إلى الممر الذي يحوي غُرفتها. كان الجميع نيام لذلك إلتزمت الصمت أثناء صعودها
كانت تسير ب الممر وهي تُهمهم ب إستنكار لذاك الوضع قبل أن تصرخ صرخة لم تُكتب لها النجاة حينما قبض شخصًا ما على خصرها والأُخرى تُكمم فاها ثم سحبتها إلى غُرفة غيرِ غُرفتها.
كانت عينيها مُتسعتين ب خوفٍ وجسدها يرتجف لتلك اليد الخشنة التي تحتضن خصرها ب تملك في ذلك الظلام المُرعب
سُرعان ما شهقت وهي تسمع صوته الذي لم تُخطئه أبدًا وهو يُهمهم ب ثمالة
-وحشتيني يا جويريتي
وضعت يدها على صدرها تُهدئ من ضرباتهِ التي أوشكت على تحطيم قفصها الصدري. لتضع يدها على يدهِ وتُزيحها عن فمها قائلة ب عتاب لاهث
-خضتني يا حمزة!..
تأوه حمزة ب تعب وإشتياق وهو يسمعها تنطق اسمه ب تلك النبرة المُدللة ب رنة خاصة به ثم قال وهو ي حدق ب قمري عينيها المُستديرتين
-يا مخلصة على حمزة واللي جابوا حمزة
-ضحكت جويرية ب رقة ثم قالت: عملتلك إيه بس!..
أبعد ب إبهامهِ خُصلاتهِا عن وجنتها ثم قال وهو يرتشف من معالم وجهها الفاتن
-المُشكلة إنك متعمليش حاجة. أنا بس اللي مشاعري جياشة.
ضحكت ب قوة أكبر ف إبتسم ل ضحكها قبل أن يجدها ترتفع على أطراف أصابعها علها تصل إلى طوله المُهيب وعانقت ب قوة هامسة ب أُذنهِ
-وحشتني
تسارعت أنفاسه ب درجةٍ مؤلمة وهي بين أحضانهِ. جسدها الغض مُقابل خشونة عضلاته. ليرفع يديه بعد وقتٍ قصير ويضمها إليه ب قوة سمع على إثرها صوت عظامها ولكنه لم يأبه بل تأوه قائلًا
-نهايتي على إيدك يا بنت الصياد.
أبعدها عنه بعد دقائق طويلة. طويلة جدًا فقد بها الإحساس ب أي شئ عداها. ثم أبعد خُصلاتهِا التي علقت ب ذقنهِ النامية ونظر إلى يدها التي لا تزال تحتفظ ب طبق الكعك رادفًا ب خُبث
-سارقة الأكل ورايحة على فين!
-مظت شفتيها ب إمتعاض وقالت: على فكرة أنا مسرقتش. أنا مش بعمل صوت عشان محدش يصحى
جذب الطبق من يدها ونظر إلى محتواه قبل أن يأخذ منه قطعة صغيرة ثم قربها من شفتيها وهمس ب صوتٍ أجش
-إفتحي بؤك يلا.
إبتسمت ب خجل ثم فتحت فمها ب طاعة ليضعها ب فمها ولكن لم ينسى أن تمس أصابعه شفتيها المُغرية. ف. يترك خياله الجامح يُصور له مذاق شفتيها وتهكن أنها ب نكهة الخوخ مُمتزج ب نعومة خبيثة ب الفانيلا
إشتدت شفتيه حتى أصبحت ك خطٍ مُستقيم قبل أن يقول ب حسرة
-اللهم أغزيك يا شيطان. طعمهم ف الحلال أحلى
نظرت إليه جويرية ب عدم فهم ثم قالت وهي تلعق شفتيها من بقايا الطعام العالق بها
-إيه دا اللي طعمهم أحلى!
-أجابها ب صوتٍ مُتهدج وهو يُحدق ب شفتيها: الكيكة بالفانيليا والخوخ
-قطبت جبينها وتساءلت: هو فيه كيكة ب الطعم دا!..
أخذ نفسًا عميقًا تلك الجنية الصغيرة تصر على إفقاده المُتبقي من عقلهِ قبل أن يقول وهو يُدير وجهه بعيدًا عن فتنة شفتيها
-لما تكبري هدوقلها لك وقبلها هدوقها أنا الأول لحد أما أشبع ولو أني أشك
-همهمت ب حيرة: أنا مش فاهمة أنت بتقول إيه؟
-هفهمالك لما تكبري يا جويرية. سنة بس وهفهمك كل حاجة واحدة واحدة وعلى مهلي. مش هتسرع نهائي.
-ممكن تفهمني الإهانة اللي أهنتها للشاب تحت دي لازمتها إيه!..
لم يرد عليها جاسر بل نزع ساعة معصمه وبدأ ب التصفير. ف إشتعلت روجيدا غيظًا لتتجه إليه واقفة أمامه ثم قالت ب حدة
-جاسر أنا بكلمك
لم يرد جاسر فورًا بل نزع كنزته الرياضية ثم إستدار إليها ف أجفلت من هدوء ملامحه على عكس عينيهِ القاتمة ب سواد مُرعب ليقول وهو يضع يديه على كتفها ب رقة
-مش أنتِ بتثقي فيا!
-همهمت ب حيرة مُتجهمة: وإيه علاقة دا ب موضوعنا!
-ولكنه أعاد ب قوة: بتثقي فيا يا روجيدا!..
زفرت ب يأس ثم أومأت على مضض إلا أنه لم يوافق بها إجابة ليقول ب قوة
-عاوز أسمع صوتك!
-أيوة يا جاسر
إبتسم ب إتساع ثم قال وهو يُقبل وجنتيها ب التناوب
-يبقى متسأليش يا حبيبتي
-جاسر!..
ولكنه هبط إلى شفتيها وقَبّلها ب خفة عدة. قُبلات ولكن روجيدا أبعدته قائلة ب نفاذ صبر
-يا جاسر ممكن أفهم إيه اللي حصل!
-أجابها جاسر ب هدوء: ما أكرمهن إلا الكريم وما أهانهن إلا اللئيم
فغرت روجيدا فاها دون وعيٍ منها. لا تفهم ما مقصده لتتساءل ب حيرة
-قصدك إيه!..
إبتسم جاسر وهو يُمسك يدها جاذبًا إياها إلى الفراش وجلست عليه ثم قص عليها ما رآه. لتتسع عيني روجيدا مع كل كلمة يقولها حتى همست ب النهاية
-مش معقول
-أمسك جاسر يدها ب قوة وقال: كُنتِ عوزاني أسلم بنتي لواحد زي دا!
-همهمت ب تردد: جايز هو كدا ف الشغل بس.
-أجاب جاسر ب صبر: اللي يمد إيده على واحدة ست ملوش مكان هنا ف بيتي. أنا بنتي إتربت ملكة ف بيتي ف مش هتطلع إلا لأمير يستحقها
ضحكت روجيدا وهي تميل إليه ليُعانقها ثم قالت ب عشف
-كُنت عارفة إنك عمرك ما هتوافق على أي عريس كدا لبناتك
-مسح على ذراعيها وقال: دول بنات جاسر الصياد. وبعدين أنا أربي أه أجوز لأ
-ضحكت روجيدا ب قوة وقالت: يعني هتقعدهم جنبك!
-أجاب ب غيظ وغيرة: أه أصلهم مدفيني.
-ضربت صدره وقالت وهي تضحك: أنت مُصيبة
-ضحك وقال: عندك حق
مال إلى عُنقها ثم قَبّله ب شغف ثم قال ب عبث وهو يميل بها إلى الفراش
-إحنا وقفنا فين ف الشركة!..
فتح جواد الباب ثم دلف ليجد الغُرفة غارقة في الظلام وجسد مُلقى ب إهمال فوق الفراش يهتز ب بُكاءٍ مكتوم
تنهد ب تعب وحُزن ثم تقدم منها و دون أن يُضئ الغُرفة مال إليها ثم إحتضن خصرها قائلًا ب خفوت
-عارف إنك زعلانة من بابا عشان اللي عمله ف الزفت اللي جه هنا
كانت شهقاتها تزداد ف يتمزق قلبه لبُكاءها. شدد على عناقها ثم أكمل وهو يربت على خُصلاتهِا ب يدهِ الحُرة.
-بس مسألتنيش نفسك بابا عمل كدا ليه! أكيد عنده سبب
-صرخت چيلان دون أن تتوقف عن البُكاء: معملش كدا غير عشان يعاقبني
-هدر ب قوة حنونة: هششش أوعي تقولي كدا. مهما كان أنتِ عارفة أكيد أبوكِ مش هيعاقبك ب كسر قلبك
نهض وأنهضها معه ثم قال وهو يرفع ذقنها لتواجه عيناها الجميلة عيناه الحازمة ب لطف
-أبوكِ عمل كدا عشان يجنبك كسر القلب بعدين. ومحبش إنك تعرفي عشان ميكسرش قلبك.
حاوط وجنتيها المُغرقتين ب عبراتها الماسية ثم إبتسم وقال ب نبرةٍ حنونة
-عندك إستعداد تهربي معايا!
-همست ب تعب: جواد! عشان خاطري سبني
-إلا أنه قال ب حزم: لأ مش هسيبك. هتيجي معايا وتنسي اللي حصل دا النهاردة
-قالت چيلان ب سُخرية: أشك إني هنسى
زفر جواد ب نفاذ صبر ثم نهض وجذبها رغم مُعارضتها المُستميتة ب البقاء قائلًا بً ثرامة لطيفة
-مش هسيبك إنسي. وهتيجي معايا
-جواد!..
صرخت ب يأس ولكنه كان قد جذبها خارج الغُرفة ضاحكًا ثم ركض بها إلى خارج القصر و صعدا السيارة وقبل أن يُدير المُحرك أردف جواد ب تحذير مازح
-دا هيفضل سر بيني وبينك
-أومأت وهي تبتسم شبه أبتسامة: تمام
لم يكد يمر ساعتين حتى وصلا إلى منطقة صحراوية مُخصصة لسباقات السيارات الرياضية
توفقت السيارة ونظرت چيلان إلى الجمع الغفير لتصرخ واضعة يدها على شفتيها ثم قالت ب عدم تصديق
-أوعى يكون اللي ف دماغي صح.
-أومأ ضاحكًا ثم قال وهو يضع إصبعه على شفتيه: دا سرنا
ترجل من سيارته تبعته چيلان ف أمسك يدها وقبل أن يركض بها صرخت قائلة
-نسيت اللينسز يا جواد
-إبتسم جواد وقال ب صدق: عنينكِ أحلى من إنك تداريها يا چيلان
إبتسمت ب روعة وهي تحصل على ثقة إفتقدتها ب شأن عيناها. سحبها جواد إلى أحد الشباب ودار حديث طويل لم تفقه منه سوى أنه سيقود تلك السيارة الحمراء الرائعة.
وبعد إنتهاء الحوار توجه جواد ب چيلان إلى أصدقاءهِ وقال ب تحير وصرامة
-خليكِ هنا وإوعي تتحركِ
-صرخت ب إمتعاض: بس أنا عاوزة أركب معاك يا جواد
-قَبّل جبينها وقال: خطر عليكِ يا روح جواد
إستدار جواد لذلك الذي يُناديه ف أسار إليه ثم إستدار إلى چيلان وعاد يُقبلها قائلًا ب إبتسامة
-لازم أروح يا حبيبتي. لأ إله إلا الله
-عانقته چيلان وقالت: سيدنا محمد رسول الله.
لوح لها ب كفهِ وهو يبتعد ثم صعد سيارته ضاحكًا. كان جواد يتمتع ب الوسامة والجاذبية. ليس لشكلهِ بل يتمتع ب روح رائعة تجذب الجميع إليه. الجميع مُلتف حوله يتمنى له التوفيق الربح
كانت چيلان تصرخ ب اسمهِ ب حماس حتى قبل بدء السبق. ف نظر إليها جواد مُبتسمًا ثم عاد ليلوح لها ف فعلت المثل وصعد سيارته
دقائق وبدء السبق
جولة ف إثنين والحماس يزداد. وصرخات چيلان الحماسية تزداد حتى نست تمامًا ما حدث مُنذ ساعتين.
السيارات تمر سريعًا وكأنها تُنافس الضوء ب سُرعتهِ. توقفت چيلان عن الصُراخ وهي تستمع إلى حديث صاحبيه القلق
-جواد موقفش العربية ليه! المفروض بعد تاني لفة يوقفها عشان الصيانة
-رد صاحبه ب قلق موازي: العربيات كُلها وقفت. في حاجة غلط
-أخرج الأول هاتفه وقال: هتصل بيه.
وقبل أن يتصل كانت سيارة جواد تمر من أمامهم ولمحت چيلان وجه توأمها. لن تنسى تلك النظرة مهما حيت. كان إعتذار صامت وإبتسامة مودعة رسمتها عيناه الخلابة قبل شفتيه
وكل ما حدث بعد ذلك لم يأخذ ثوان وهي ترى السيارة تنحرف عن المسار ثم بدأت في السقوط عن المُنحدر متوسط الإرتفاع.
كانت عينا چيلان مُتسعة ب قوة كادت أن تخرج حدقتيها من محجريهما. و وجهها شاحب شحوب الموتى بل وأكثر. ساقيها ام تقدرا على حمل وزن جسدها ف تهاوت صارخة ب صوتٍ شق سكون الصحراء من حولهم
-جوااااااد!..