رواية نصال الهوى الجزء الرابع للكاتبة إسراء علي الفصل الثاني والثلاثون
وإن كان السبيل لإيضاءك هو أنا
ف سأحرق نفسي من أجلك
هدوء يزن كان مُثير الغضب ب درجة كبيرة إلا أن لا أحد أظهر ذلك الغضب. يتصرف وكأنه أحد أفراد العائلة خاصةً ل جواد. الذي. تنفس ب سُرعةٍ تدل على مدى غضبه ولكنه تغاضى عن الجميع وإتجه إلى غُرفة چيلان ب صمتٍ تام.
وجاسر يُحدق به ب تلك النظرات الفتّاكة قبل أن يقترب منه وعندما حاولت جُلنار منعه دخلت يد صُهيب تجذبها ب قوة وهو يُحدق بها ب طريقة لأول مرة تُرعبها هكذا
-أنا مش قولتلك إبعد عن بنتي!
-أجاب وهو يرفع كتفيه ب بساطة: الظاهر إني مقدرتش
أمسكه جاسر من تلابيبهِ وجذبه إليه ب قسوة ثم هدر
-مستغني عن عُمرك مش كدا!
-لأ.
كان يجب على يزن أن يعرف أنه ليس من الحكمة إثارة غضب جاسر وخاصةً في ذلك الموقف. لذلك كان رد جاسر لكمة قوية لم يسمح له ب السقوط على إثرها حيث يده أحكمت خناقها حوله
مسح يزن على فكهِ مُخرجًا تأوه عال ولكن جاسر لم يسمح له ب الحديث بل جذبه أكثر إليه و دفعه إلى الحائط وب فحيح أفعى هدر
-أحسنلك تمشي من هنا فاهم!
-شهاب استخدم تليفوني عشان يجذب چيلان ليه.
الإجابة عكس ما توقع جاسر تمامًا. توقع عناد البغال كما كان يفعل ولكن ما تفوه به يزن الآن يفوق قُدرته على الإحتمال. ليعاود دفعه إلى الحائط ثم هدر ب صوتٍ يثور ك البُركان
-وليك عين تعترف! دا أنا هطلع...
حينها تدخل صُهيب يُبعده كما المرة السابقة ثم أبعد جاسر عنه وأردف ب هدوء قوي
-عمي ممكن نفهم منه. العُنف مش هيجيب نتيجة.
نظرات جاسر الحارقة ب الفعل أشعلت الأجواء حولهم حتى أستشعر الجميع تلك النيران المُنبعثة منه ومن الحكمة ألا يتدخل أحد. ربت صُهيب على كتف يزن وأردف ب إتزان
-فهمنا اللي حصل
أخذ يزن نفسًا عميق ثم أردف وهو يُحدق ب جاسر دون أن يهتز.
-كُنا ف حفلة مع بعض وحصل سوء فهم ضرب عليا النار وأنا وقعت ف البحر. كان عامل الفيلم دا كله عشان يخلص مني أو على الأقل أبعد عن طريقه بس هو فكر إني مُت. وبعدين إكتشفت إنه أخد تليفوني وب كدا إستدرج چيلان
-و چيلان تعرفك منين!..
السؤال مصدره جاسر ونبرته حقًا كانت نذير سوء. يُبلغ بها أن إجابته الخاطئة ستودي به إلى التهلكة. ليعود يزن يتحدث ب ثبات.
-مشوفتش چيلان غير مرة. وقتها حاولت أفهم إيه اللي حصل لشهاب عشان يحصل كل دا. و سبب رفضك ليه
كان جاسر يستمع دون حديث و صُهيب بينهما يُبدل أنظاره بينهما ثم إتجهت إلى جُلنار التي تنظر إلى ما يحدث ب وجل ف رق قلبه إليها ليبتسم ب دفئ تسلل سريعًا إلى قلبها جعلها تبتسم هي الأُخرى ب إمتنان
عاود صُهيب النظر إلى جاسر وإنتظر رد فعله ب أعصاب تحترق حتى أردف أخيرًا ب بُطء مُميت
-إمشي من هنا حالًا.
كاد يزن أن يعترض ولكن صُهيب ضغط على كتفه ب أصابعهِ ثم دنى منه وهمس ب صوتٍ خفيض
-من الحكمة إنك تمشي. طالما قال إمشي. إمشي
تنهد يزن ب ثقل وأومأ وقبل أن يمشي همس صُهيب إليه
-محتاجين نتكلم أنا و أنت
نظر إليه يزن مُطولًا و ب سهولة إستطاع معرفة هوية ذلك الشخص ليومئ قائلًا ب هدوء
-أنا ف كافتريا المُستشفى
أبعد صُهيب يده عن يزن ليرحل ب صمتٍ تام بعد أن رمق غُرفتها طويلًا ليُدير رأسه عنها راحلًا ب قلبٍ مُثقل.
دفعها صُهيب إلى الغُرفة ثم أغلق الباب خلفه ب قوة أفزعتها ولكن على الرغم من ذلك مل تُظهر خوفها بل عقدت ذراعيها أمام صدرها تُخفي إرتعاشة جسدها لتهتف هي ب حدة خافتة
-ممكن أعرف إيه أسلوب الهمج دا!..
وكل ما قابلها من جهته هو الصمت وبدلًا عن الحديث إقترب منها ب خُطىٍ بطيئة، مُقلقة لها ف تراجعت إلى الخلف تواكب تقدمه حتى إلتصقت ب الطاولة خلفها ومن خلف الطاولة كانت الحائط ف منعت تراجعها أكثر.
إبتلعت ريقها ب صعوبة بالغة وهي تجد ملامح صُهيب قاسية لم تعهدها من قبل مُحاصرًا إياها. يتكئ ب يديهٍ إلى الطاولة خلفها ف أجبرها على التراجع إلى الخلف. و وجهه قريب منها ولكن ليس ب خطورة نبرتهِ التي خرجت خافتة ب شكل يُذيب العظام
-كُنتِ مع الراجل دا بتعملي إيه!..
إرتعشت شِفاها السُفلى لثانية قبل أن تضمها ب خطٍ مُستقيم لتستجمع شجاعتها الواهية وهي تتساءل ب صوتٍ غليظ
-ودي غيرة ولا شك!..
ضرب صُهيب الحائط خلفها لتنتفض ب خفة مُحاولة ألا تُظهر خوفها ثم هدر ب صوتٍ عال
-جُلناااار! متلعبيش معايا ب الكلام. وردي عليا
شددت ذراعيها حولها لتستمد منها القوة ثم قالت ب إصرار أغضبه حقًا
-مش هرد إلا لما أعرف الأول.
صوت أنفاسه كان ك الرياح تضرب وجهها ب قوة غادرة لتُغلق عيناها ب إنتظار غلظته عليها إلا أنها شعرت ب يدهِ توضع أسفل ذقنها وترفعه إليه وقبل أن تفتح عيناها كانت شفتيه تعتصر شفتاها ب قُبلةٍ دامية أودع بها جُل غيرته. القُبلة جعلتها تدور و تدور. ليس لقوتها أو عُنفها بل لتلك المشاعر التي تضربها ف تُلقيها تارة يمينًا وتارة يسارًا.
إبتعد صُهيب عنها يضع جبينه فوق جبينها دون أن يُحرر ذقنها بل والأدهى شفتيه لا تزال تمس شفتاها بً رقة بالغة قبل أن يردف ب تهدج مُنقطع الأنفاس
-عرفتي غيرة ولا شك
-أردفت هي ب شرود: چيلان لاقيتها على سطح المُستشفى. وهو لقانا هناك وجاب چيلان لأوضتها بس
داعب خُصلاتهِا التي على وجنتها ليُرجعها إلى الخلف وما زالت يده تُداعب خُصلاتهِا ثم أردف ب نبرةٍ ساحقة
-مش مسموحلك تتكلمِ مع غيري ولا تلجأي لغيري.
-إبتسمت وقالت ب شقاوة: تحكم ولا غيرة
-إبتسم ب مكر: تحبي أثبتلك غيرة ولا تحكم!..
حركت رأسها نافية ليضم رأسها إلى صدرهِ ويدٍ تتحرك على ظهرها إلى الأعلى وأسفل حتى أتاه صوتها شارد مُمتلئ ب الحُزن
-چيلان مكنش المفروض يحصل معاها كدا
-تنهد صُهيب ب ثقل وقال: دا نصيب يا جُلنار. إمتحان من ربنا لينا كُلنا.
إبتعدت جُلنار عنه ب ملامح غريبة عنه ف عَلِمَ أن سؤالها سيؤلمه قبل أن يؤلمها وقد صدق حدسه حينما تساءلت ب صوتٍ خافت، غريب، بعيد كُل البُعد عنها
-عمك ليه إيد ف اللي حصل ل چيلان!..
لم يكن سؤالًا بل كانت تُقر ب الواقع وصمته كان أكبر تأكيد على حديثها. ملامح وجهه تحولت إلى أُخرى صخرية وكأنها منحوتة من الجبال. لتعض جُلنار على باطن وجنتها ثم أخفضت وجهها أرضًا.
سيظل ماضي عائلته وصمة عار ب النسبةِ له. كُل ما سيحدث أو حدث مع عائلة الصياد أول مُتهم ستكون عائلته وهو لا يلوم ولكن هذا مؤلم. يؤلم ب قسوة أكثر من إحتراق منزله أمامه أو خبر قتل والده ب مكانٍ ما لا يعلمه إلا الله وجاسر الصياد
تهدلت ذراعي صُهيب وحاول الإبتعاد عن جُلنار إلا أنها تشبثت ب قميصه ب أصابعها ليُخفص بصره إليها ف وجدها تبتسم ب عذوبة و ب نبرةٍ تفيض حنانًا ودفئ أردفت.
-متفكرش ولو لثانية إني بتهمك. العالم كله لو إتهمك أنا هقف ف وشه
جدار الصلابة تصدع وبُني مكانة بُستان من ورود الياسمين. إبتسم وهي تجذبه أكثر مُعانقة إياه ب. قوة خشية أن يهرب حصنها
-ديمًا هتلاقيني ف ضهرك يا صُهيب. أنا وأنت ضد أي حاجة تكسرنا
أمسكت كف يده وتخللت أصابعها بين أصابعه الكبيرة ثم رفعت رأسها إليه مُقبلة فكه القوي وأكملت ب إشراق.
-الحُب مش كلمة وخلاص. وأنا لما أقول بحبك معناه أنا أمانك قبل أما تكون أماني
شَعَرَ صُهيب وكأن العالم أصبح مكانًا أجمل ليضع يده الحُرة على وجنتها ثم أردف ب نبرةٍ عميقة وأكثر من صادقة
-قلبي وجعني من عشقك يا زهرة الرُمان.
فتحت چيلان عيناها لتصطدم ب الضوء ف أعادت غلقهما ثم فتحتهما مُجددًا وأخذت تُحدق حولها حتى وجدت جواد الذي إستفاق يبحث عنها جالس جوارها ويده تتشبث ب يدها وكأنه طفل يتشبث ب يد والدته
تأوهت چيلان ب خفوت ثم أدارت وجهها إلى النافذة تُحدق ب الخارج ب صمتٍ تام.
أجفل جواد على صوت تأوها لينظر سريعًا ل شقيقته ف وجدها تُحدق ب خواء إلى الخارج. ليُخرج نفسًا حار ثم وضع يده على جبينها يربت عليه ب خفة وأردف ب صوتٍ مُتخاذل
-كويسة؟!..
لم ترد عليه أو حتى تعطف عليه ب إيماءة صغيرة تُثلج قلبه الملكوم ب فاجعتها. لينهض جواد عن مقعدهِ وجلس جوارها فوق الفراش بل تمدد خلفها وحاوطها ب حماية لم يقدر على توفيرها لها قبلًا ثم أردف ب تعب
-ريحيني يا چيلان. ريحيني ولو ب هزة واحدة.
إلا أنه كان يُخاطب جماد. عيناها فارغة تمامًا وجسدها مُتصلب ب شدة حتى خاف جواد أن يُصيبها تشنج قوي لذلك إبتعد عنها سريعًا ليعود جسدها ويرتخي مُجددًا. إنها تعيش حالة من النفور ولكنها لا تتحدث فقط جسدها يُظهر إنفاعلاتها أما شفتيها لا تقدر
شَعَرَ جواد ب وخزات قوية تنخر عظامه وتخترقها حتى تُصيب قلبه إلا أنه لا يُظهر إنفاعلاته بل حاول قدر الإمكان الإبتسام ثم قال ب هدوء عاصف.
-ياريتك يا چيلان سمعتي كلامنا وبعدتي عنه. مش كل العالم ب نقاء قلبك
ولته ظهرها ولكنه من إهتزاز كتفيها عَلِمَ أنها تبكي. صر جواد على أسنانهِ حتى أصدرت صريرًا عنيف و رفع يده يُملس على خُصلاتهِا ثم هتف ب أقصى قوة يفرضها حتى يحصل على نبرةٍ نصف ثابتة
-إزاي محستش إن توأمي إتأذى! بس شاركتك الألم بعدين وكان أفظع يا چيلان أفظع من أي وجع
مال يُقبل خُصلاتهِا الباهتة ثم همس دون أن يرفع رأسه بعيدًا عنها.
-بس وربي وما أعبد لاهجيب حقك وهشفي غليلك قبل غليلي منه
هرب من شفتيها أنين متوجع ليُغمض جواد جفنيه وشدّ عليهما ألمًا لها وعليها ولكنه أكمل ب نبرةٍ متوسلة
-بس أنتِ فوقي وخليكِ أقوى. عرفيه إنك متكسرتيش. وإن اللي راح ميجيش نُقطة ف اللي جاي
كانت عيناه حمراوين ك الدماء من شدة الضغط عليهما حتى لا يبكي وشاركت عضلات جسده المُتشنجة ب توجع غريب عليه. ذلك الألم لا يُعادله ألم.
فتح فمه ينوي الحديث ولكنه لم يجد ما يقوله. تبخر كُل ما ب ذهنهِ. لذلك عاود غلق فمه ولم يكد يمر ثوان حتى فُتح الباب و دلف جاسر
الأجواء أصبحت نارية و ساد صمت مُهيب يخشى الجميع كسره. و روجيدا من خلفهِ تتقدم ب بُطء قاتل حتى وصلت إلى فراش چيلان وجذبتها إلى أحضانها. توتر جسدها و وقاومت ب ضعف لتردف روجيدا ب همسٍ مُطمئن
-أنا روجيدا يا حبيبتي متخافيش.
توقفت عن المقاومة لتجذبها روجيدا أكثر ومن ثم أجلستها ب حذر كي تواجه جاسر. ذلك التمثال الحجري الواقف أمامهم جميعًا. قد يظهر عليه القسوة و الجفاء إلا أنه من الداخل تعلم زوجته تمام العلم كم هو مُحطم مُنكسر، خائر القوى والقلب
هدر جاسر ب كلمةٍ واحدة
-بُصيلي.
ولكن چيلان لم تقدر ليس خوفًا بل خجلًا. لوثت اسم عائلة الصياد. وحّلته ب سذاجتها ليتها صدقت جاسر وإبتعدت نهائيًا عنه. ولكن التمنى ماذا يُفيد وقد إنكسر الإناء
ظلت على حالتها ليعود جاسر ويهدر ب قسوة مُتصدعة
-مبتبصليش ليه!
-همست چيلان ب صوتٍ ميت: أنا خاطية.
لم تعي لذلك الألم الحارق الذي ألهب وجنتها لترفع وجهها سريعًا إلى جاسر الذي إستحال وجهه إلى اللون الأسود المُخيف بل وملامحه كانت شيطانية مُرعبة. لم تأخذه الشفقة حينما صفعها ب تلك القوة الجبارة وكأنها لم تكتفِ لصفعات ذلك الحقير الذي دنسها
شهقت روجيدا لتضم چيلان إلى صدرها تُخفيها عندما عاود جاسر رفع يده ليصفعها مرةً أُخرى ولكن يد جواد أمسكت يد والده المُعلقة ب الهواء وقال ب صوتٍ قوي.
-كفاية. بلاش تمد أيدك. كفاية اللي هي فيه أبوس إيدك.
إرتعشت يد جاسر التي و لأول مرة تمتد على أولادهِ. خاصةً چيلان تلك القطعة النفيسة التي يمتلكها. أجمل ما رأت عيناه حنيما وُلدت. وحينما فتحت عيناها كانت الصدمة الأكبر. جوهرتين هذا كل ما جال ب تفكيره. أن عيناها جوهرتين نادرتين الوجود. الدليل الأوحد على عشقه لروجيدا ولعشقها له. العهد الذي تحمله ب عينيها. چيلان كانت ولا تزال تلك الهبة التي منحه الله إياها. لذلك هي من نالت الدلال والحُب.
الآن اليد التي حملتها وحمتها في كثير من الأحيان. ها هي تضربها ولكنه ليس نادمًا ف لو عاد الزمن لضربها ب قسوة أكبر. كيف لها أن تُلقب نفسها هكذا. هو من كان يتلهف ليرى عيناها مُجددًا وكأنها تُولد من جديد! قلبه يؤلمه لألمها ولكنها تستحق أكثر
أشار ب عينيهِ أن تبتعد روجيدا التي ترددت ولكنها نهضت تعلم لما جاسر هُنا الآن بل هو ب الأحرى من يعرف.
تلك الساعات التي قضتها روجيدا تُحاول إقناعه بما هو مُستحيل حتى أنها بكت وتوسلت إلا أنه لم يرضخ إلا تلك العبارة التي لا تزال تصم أُذنيه لها وهي تقول ب رجاء حار مُتمسكة ب ثيابهِ وكأنها ستغرق دونهما
-چيلان محتاجة لجاسر.
و يزن هو جاسر. يعلم ذلك جيدًا وذلك ما يقتله. حنيما حاوره أيقن أن چيلان لن تكون ب مأمن سوى معه. حتى هو لن يستطيع حمايتها كما يجب. يزن كان نقيض شهاب. على الرغم من بُغضه لتلك. الفكرة ولكنه مُتأكد كما لم يكن من قبل أنها له
الموقف صعب بل مُؤلم كيف له أن يتخلى عنها هكذا! كيف يتركها لغيرهِ يُشفي جرحها؟ إلا أن روجيدا معها كُل الحق چيلان ستنهض من جديد ب جاسر خاصتها وليس جاسر والدها.
جلس جوارها لتُخفض چيلان وجهها ف رفعه جاسر أردف ب جمود
-مش من حقك تلقبي نفسك ب حاجة زي دي
-همست ب بُكاء: بس أنا خذلتك
ضمها جاسر إليه لترتعش ب تشنج أشعل لهيب الإنتقام ب عينيهِ ولكنه أبى أن يتركها بل شدد عناقه لها ثم أردف ب حدة
-أنا اللي خذلتك. أول مرة ف حياتي أفشل كدا. فكرت إني مسيطر على كُل حاجة بس طلعت غلطان. أنا اللي خذلتك.
بكت چيلان ب قوة حتى خرج بُكاءها ك صُراخ آلم قلبه قبل أُذنيه. ليُشدد عليها أكثر وكأنه يُريد إدخالها إليه ف يحميها من دنس البشر
وضع رأسه على كتفها فوق خُصلاتهِا تمامًا ثم هتف ب شرود
-أول ما عيني وقعت عليكِ وشوفت عينيكِ إنبهرت وحسيت إن عشقي لروجيدا إتجسد فيكِ
أبتعد عنها ثم حاوط وجهها رادفًا وهو يُحدق ب عينيها
-بحب ديمًا أبص على عينيكِ. فيهم الجنة. فيهم اللي الكلام ميقدرش يوصفه.
مسح عبراتها التي تشوه وجنتيها و عيناها ثم أكمل ب صوتٍ مُنهك
-عشان كدا حاولت إني أحافظ عليكِ. عليكوا كلكوا. بس فشلت
عاودت عبراتها ب الإنسكاب ليُكمل جاسر و يبوح بما لم يقُله من قبل
-تعرفي إن روجيدا عانت زيك
نظرت إلى چيلان ب ذُعر ولكنه أومأ وأكمل. كانت نبرته حزينة بل وتحمل براكين لم يستطع الزمن إخمادها.
-وعارفة عانيت معاها بس عشان عشقتها تحملت وكانت مُهمتي إني أعالجها. أعرفها إني أمانها. إني ملاذ مش ملجأ. عشقي ليها كان أقوى من أي عقبة وقدرت بعد سنين إني أتغلب على خوفها دا. عارفة ليه!..
حركت رأسها نافية ليضمها إليها و إتكئ ب ذقنهِ إلى قمة رأسها ثم قال ب إبتسامة شاردة
-هي عشقتني ف غيرتني وأنا عشقتها ف قويتها. أكتر حاجة بندم عليها إني مكنتش جنبها وقت كسرها.
رفعت چيلان يديها لتُعانق جاسر ف أكمل هو ب إصرار على الرغم من الخواء الذي يشعر بها جراء ما سيقوله
-وأنا مش هسمح لك تنكسري وميبقاش جاسر بتاعك جنبك
شَعَرَ ب الهواء ينحسر من رئتيه إلا أنه همس ب خفوت أجش
-بتثقي فيا يا چيلان!..
لم تتردد ولِمَ تتردد وهو لم يخذلها قبلًا ليس كما يدعي. لتسمع نبرته البعيدة عن شخصية جاسر الصياد المُهيمنة
-هسلمك ب إيدي ل اللي هيبنيكِ تاني.