قصص و روايات - نوفيلا :

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة جميع الفصول

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل السادس

بداخلى شعور يقتلني..
لم تعد عنى غريبا...
بل صرت إحتياجا يجبرني على الإستسلام...
أحتاجك كإحتياجي للماء والهواء...
كإحتياج جفاف الأرض للرواء...

كإحتياج الأزهار فى البساتين للشمس والضياء...
كإحتياج البشر للربيع بعد فصل الشتاء...
أدرك بكل ذرة فى كياني أنى أغرق وعشقك هو طوق نجاة
ولكن الذنب يقتلني، يجبرني على تجاهل العشق وإعادتك إلى خانة الغرباء.

فتح عيونه بقوة، يتجاهل ذلك الشعور الذى ينبض فى كيانه، لقد حلم بها البارحة لأول مرة، وفى حلمه تبدلت صورة حبيبته لتصير هي، تفتح ذراعيها له، تدعوه ليتقدم نحوها، ذلك الشعور الذى تملكه أجبره على النهوض من كرسيه، يخطو بإتجاهها بخطوات بطيئة تحمل مشاعر عاتية، يريد فقط أن يصل إليها...أن يضمها، وماإن فعل حتى شعر بأنه صار بالوطن.

لينتفض مستيقظا، يمسك سلسال حبيبته بقوة فى يد، بينما يمسك صورتها فى اليد الأخرى، يتمسك بذكرياته معها، يمحى تلك المشاعر التى تجتاحه، يبكى فى صمت مؤكدا لها أنه ملكها هي، وأنه لا إمرأة فى تلك الدنيا قد تحتل مكانها..

ولكنه حقا لا يدرى...
هل يؤكد لها هي أم يؤكد لنفسه تلك الفكرة التى مابات واثقا بها...البتة.
أفاق من أفكاره على صوت طرقة على الباب ثم دلوفها بملامح مشعة خطفت أنفاسه وهي تقول:
-صباح الخير.
عقد حاجبيه فى حيرة، وهو يرى إشراقة ملامحها.. لقد توقع العكس تماما، خاصة بعد تلك الكلمات التى قالها لها بالأمس، فهل كان مخطئا فى ظنه؟... ربما.

أفاق مجددا من شروده على إقترابها منه مرددة:
-هييييي..بقولك صباح الخير.
هز رأسه قائلا بهدوء:
-صباح النور.

ثم أدار عجلات كرسيه يتجه به إلى خلف المكتب قائلا:
-ممكن نلغى جلسة النهاردة، مشغو...
قاطعته قائلة فى حماس:
-إبن حلال على فكرة.

إلتفت إليها بكرسيه مجددا يطالعها بحيرة بينما تستطرد هي قائلة:
-أنا كنت جاية مخصوص عشان أقولك إن إحنا هنلغى جلسة النهاردة، عشان محضرالك مفاجأة.
عقد حاجبيه فى حيرة قائلا:
-مفاجأة !مفاجأة إيه دى؟

إبتسمت وهي تسرع إليه تمسك بكرسيه، تتوجه للخارج قائلة:
-لو قلتلك مش هتبقى مفاجأة، إصبر علية شوية وأوعدك إنك هتكون مبسوط...مبسوط جدا.
لم يستطع الرفض وصوتها الحماسي قد بعث فى روحه الحياة، يتركها تقوده إلى مفاجأتها دون مقاومة منه، يشعر بداخله برغبة قوية فى ترك مقاومته على جنب والإستسلام لمشاعره، حتى وإن كان... ليوم واحد

إتسعت عينا(عزام)قائلا ل(فوزية)بحدة:
-خرجوا؟يعنى إيه خرجوا؟إزاي يخرجوا من غير إذنى؟
قالت(فوزية)بإرتباك:
-معرفش ياباشا، أنا مشفتهمش وهما بيخرجوا، ده ماجد السواق هو اللى قاللى وقاللى كمان إن الدكتورة ميار رفضت إنه يوصلهم، وصممت إنها هي اللى تسوق.

جز (عزام)على أسنانه قائلا بغضب:
-إزاي تعمل كدة من غير ماتقولى؟ده أنا منبه عليها..يحيي مينفعش يخرج من البيت.
طالعته (فوزية )بدهشة، ليستطرد قائلا بحدة:
-انتى ناسية حادثة العربية بتاعته وإن التحريات أثبتت إنها بفعل فاعل؟وده معناه ان حياته دايما فى خطر، ومينفعش يخرج من غير حراسة.

ظهر الخوف على ملامح (فوزية)وهزت كتفيها بقلة حيلة، ليضرب (عزام)المكتب بقبضته فإنتفضت (فوزية)، طالعها بعينين مشتعلتين قبل أن يقول بصوت كالفحيح:
-أول مايوصلوا تبلغى الدكتورة إنى عايزها، مفهوم؟
أومأت برأسها قائلة بإضطراب:
-مفهوم ياباشا.

ليشير لها بالإنصراف ففرت هاربة من أمامه، بينما أمسك (عزام)تلك التحفة على شكل حصان من على مكتبه وألقى بها فى إتجاه الحائط فإرتطمت بقوة محدثة دويا شديدا وسقطت أرضا متحطمة، فلم يشعر بالراحة، ولم يهدأ قلبه الذى يشتعل الآن... باللهيب.

كان ينطلق بالكرة، بينما تنطلق (ميار) بكرسيه، يحاول أحد الشباب من الفريق المنافس أخذ الكرة منه ولكن (ميار) إستطاعت المراوغة بالكرسي فلم يستطع، لتقف فجأة هاتفة:
-سدد يايحيي، أوااام.

سدد (يحيي)الكرة بالفعل فأصاب الهدف، وإخترقت كرته السلة، لتظهر السعادة على وجه (ميار)وهي تهلل قائلة:
-فزنا يايحيي، فزنا.

ثم أسرعت تواجه( يحيي)، وهي تميل رافعة كلتا يديها ليرفعهما (يحيي)بدوره ويصفقا سويا...فتوقف الزمن فى تلك اللحظة وذكرى شبيهة تطل بالأجواء، أخفضا أيديهما وعيون (يحيي)تستقر على صفحة وجهها، تتأملها بمشاعر عجز عن إخفاؤها، بينما أشاحت (ميار)بناظريها عنه عندما اقترب منهم كابتن الفريق وهو يمد يده ل(يحيي) قائلا:
-مبارك يايحيي، الحقيقة أديت ماتش هايل، وساعدتنا فى الفوز.

سلم عليه(يحيي)قائلا:
-شكرا ياكابتن.
ترك الكابتن يده وهو يربت على كتفه قائلا:
-إحنا موجودين هنا كل يوم، لو حابب تشارك معانا فى مباريات تانية.
لينقل بصره بين (يحيي)و(ميار)مستطردا:
-انتوا اكيد مكسب لأي فريق.

إكتفى (يحيي)بإبتسامة حاول أن يخفى بها بعض مشاعر الغيرة التى إنتابته وعيون هذا الرجل تستقر على (ميار)بإعجاب، قبل أن يبتعد مرغما على مايبدو حين ناداه أحد أفراد فرقته، ليلتفت هو إلى(ميار)قائلا ببرود:
-مش هنروح بقى.

كادت ان تبتسم بداخلها وهي تشعر بذبذبات الغيرة تصلها، تريد أن تميل وتلف ذراعيها حول عنقه، تريح رأسها على كتفه هامسة له(لا تقلق..أنا لا أرى سواك ولا أريد من تلك الدنيا سوى شيئا واحد...أنت أيها الحبيب)، ولكنها إكتفت بأن قالت بهدوء:
-هنروح بس مش قبل مانعمل حاجة أنا واثقة إنها هتعجبك.

ليعقد حاجبيه بحيرة وهي تقود كرسيه وتتجه إلى هذا المكان، لتتسع عيناه... بقوة.

طرقات على الباب جعلته يفيق من شروده، أمر الطارق بالدخول، فدلفت دادة (فوزية)قائلة:
-فيه واحد برة طالب يقابلك ياباشا.

عقد (عزام)حاجبيه قائلا:
-واحد ! إسمه إيه ؟
أطل الرجل بوجهه من الباب قائلا:
-خدامك توفيق ياسعادة الباشا.

ظهر الغضب على ملامح (عزام)وهو ينهض مطالعا هذا الرجل، ليشير لدادة (فوزية )بالإنصراف، وماإن غادرت حتى بادر الرجل قائلا وهو يجز على أسنانه:
-أنا مش منبه عليك ميت مرة إنك متجيش هنا، إيه ؟!!حابب تحصل أخوك ياتوفيق.

قال (توفيق)بإضطراب:
-لأ ياباشا، أخويا إيه بس، كل الحكاية إنك إتأخرت علية، والدنيا زنقت معايا شوية، كلمتك كتير بس إنت مردتش.
ضرب(عزام)المكتب بقبضته وهو يقول:
-تقوم تجيني، إفرض حد شافك وإتعرف عليك.

قال (توفيق)بإضطراب:
-أنا آسف ياباشا، والله مادخلت غير ماأتأكدت إنك فى القصر لوحدك.
رمقه (عزام)بقسوة، فإستطرد قائلا على الفور:
-غلطة ومش هكررها تانى، إدينى الفلوس بس ومش هتشوف وشى هنا أبدا.

فتح (عزام)أحد أدراج مكتبه واخذ منه رزمة مالية ألقاها إليه قائلا بتحذير شديد اللهجة:
-إتفضل خدهم وغور من هنا، إن شفتك هنا تانى والله ياتوفيق لأرميك جنب أخوك وأهو تجمعوا مع بعض من تانى...فى زنزانة واحدة.
أخذ (توفيق)المال وهو يقول بإضطراب:
-خلاص ياباشا والله ماهكررها، أنا همشى من هنا حالا ومش هرجع تانى.

ليسرع بالمغادرة تتبعه عيون(عزام)الحانقتين، وهو يقول:
-غبي وعايز يودينا ورا الشمس، داهية لا ترجعه.
وبينما يسرع هذا الرجل بمغادرة القصر لم ينتبه لمتابعه، هذا الذى أدرك أن وراء هذا الرجل سر خطير ويجب أن يعرفه.

كانت تدرك أنه الآن يتطلع إليها، فوحدها نظراته المسلطة عليها من تشعل النار فى جسدها، رفعت عيونها إليها لتقابلها عيناه التى تأملتها بنظرة غامضة، شعرت بالإضطراب، إبتلعت ريقها قائلة:
-بتبصلى كدة ليه؟

قال لها مباشرة، دون مواربة:
-عرفتى عنى كل الحاجات دى منين يا(ميار)؟
شعرت بدقات قلبها تتسارع، ولكنها تمالكت نفسها وهي تقول:
-قصدك حبك لكرة السلة.

لتشير إلى مافى يديها مستطردة:
-وعشقك للسوبيا.
لم يجيبها فإبتسمت قائلة:
-قلتلك عندى مصادرى اللى عرفتنى عنك كل حاجة.
أصابتها نظراته بالتوتر، فنهضت قائلة:
-بتهيألى الوقت إتأخر ولازم نروح، هرجع الكوبايات ل...آاااه.

قاطعها (يحيي)وهو يسحب يدها ليختل توازنها وتجد نفسها تجلس على حجره، يحاصرها بأحد ذراعيه، ويقترب بوجهه منها، شعرت بكيانها يتبعثر إلى أشلاء، فلم تشعر بالقرب من (يحيي)منذ أن قدمت لعلاجه كما هي الآن، ولم تكن نظراته بتلك الخطورة، تلفحها أنفاسه القريبة منها وهو يقول بهمس حار:
-مش بس الكورة او السوبيا، لأ..إنتى حافظانى، عارفة عنى أدق تفاصيلي، عارفة إزاي تمتصى غضبي وإزاي تحمسيني، محدش يعرف عنى كل حاجة بالشكل ده غير اتنين، واحد فيهم مش هيعري روحى بالشكل ده أدام أي حد والتانية ماتت، ماتت ومت معاها..شبهها أوى.

ليمرر يده على وجهها، يشعل النيران فى جسدها قائلا:
-وكأنك هي، بس مش هي.
قالت فى رجاء:
-يحيي، أرجوك سيبنى.
قال بصوت تملؤه المرارة:
-مش قبل ماتريحيني، قوليلى إنتى مين؟أنا بجد تعبت.

تطلعت إلى عيونه قائلة فى ثبات:
-أنا مجرد واحدة، واحدة شبهك، شافت فيك نفسها، وحبت تساعدك وبمساعدتك بساعد نفسي، صدقني، بس لو حقيقى شايفني شبهها يبقى حاول، حاول تتعالج عشان خاطرى.

ظل يتطلع إلى عينيها للحظات، يظهر هذا الصراع الذى يجتاحه على وجهه، قبل أن يغلف ملامحه قناع من البرودة، وهو يفك حصارها لتنهض على الفور وهو يقول:
-أنا لو هتعالج يبقى هتعالج عشانها هي، متديش نفسك حجم أكبر من حجمك، انتى بالنسبة لى ولا حاجة، انتى بالنسبة لى مش أكتر من دكتورة بتعالجنى وبس، ووقت ماتخلص مهمتها هخرجها برة حياتى للأبد.

رغم أنها تدرك أن كلماته لا تعكس أبدا تلك المشاعر الرابضة بقلبه والتى تظهر أحيانا بعينيه، إلا أنها لا تنكر أن كلماته هزت كيانها بالداخل، لتمسك بأسنانها الصغيرة شفتها السفلى تكبح دموع كادت تطفر من مقلتيها، بينما عقد (يحيي)حاجبيه بشدة، وهو يطالع ملامحها للحظات قبل أن يلتفت بكرسيه، متجها إلى السيارة، تتبعه (ميار)بخطوات...بطيئة.

باقى فصلين..لو لقيت تفاعل حلو على الفصل ده هنزل باللى بعده...وهكذا...يعنى ممكن أخلصها النهاردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة