قصص و روايات - نوفيلا :

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والأخير

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة جميع الفصول

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والأخير

قمة الخذلان أن تثق بأحدهم..
تقربه منك بقوة وتقدم له روحك إن أراد..
ثم يطعنك بغدره..
فيمزق قلبك إلى أشلاء، ويحرق روحك باللهيب...
فأن تخسر شخص بسبب الموت أهون من أن تخسره بسبب الخيانة...

وقتها لا نمد أيدينا لقلوبنا ونتحسس موضع الألم...
بل نتحسس حجم الصدمة التى تنتج عن سقوط قناع من نحب...
تعلمنا تلك الصدمة أنه فى النهاية...
لا أحد يستحق تلك الثقة التى نمنحها إياه...
فحتى قلوبنا ستخوننا يوما... وتتوقف عن النبض.

كان (يحيي)يقترب بخطوات بطيئة من حجرة المكتب، كاد أن يدلف إليها، حين أوقفه صوتها الذى كان يقول فى ألم:
-سيبينى من فضلك، سيبنى حرام عليك.

لتتسع عيناه بصدمة وصوت عمه يتسلل إلى مسامعه وهو يقول:
-وإنتى مش حرام عليكى النار اللى قايدة فى قلبى ومش هيطفيها غير شفايفك الحلوة دى لما تضمها شفايفي، قلتلك قبل كدة، مش هسيبك غير لما تستسلميلى ياميار.

قالت (ميار)بغضب:
-مستحيل ده يحصل، الشيئ الوحيد اللى يخليك توصلي هو إنى أكون جثة.
قال(عزام) بإبتسامة مقيتة:
-بسيطة، سيبي علية الموضوع ده وأنا أحققهولك، بس بعد ماآخد اللى أنا عايزه منك برده.

قالت (ميار)فى مرارة:
-إنت إيه ياأخى؟إيه كمية الشر اللى فى دمك دى؟!أنا إستحملتك كتير بس مش هقدر أستحمل أكتر من كدة، أنا مضطرة أقول ليحيي.
أطلق (عزام)ضحكة ساخرة، عقد على إثرها (يحيي)حاجبيه بصدمة و(عزام)يقول:
-قلتلك قبل كدة، مش هيصدقك.

فتح (يحيي)الباب فى تلك اللحظة، فوجد (عزام)يحيط (ميار)بذراعيه تحاول التملص من بينهما، إنتابت (عزام)صدمة كبيرة ليترك (ميار)على الفور وهو يتأمل (يحيي)الواقف على قدميه، بينما ينقل (يحيي)بصره بينهما فى ألم، ظهر على ملامحه كلها.

قال (عزام)مرددا فى صدمة:
-يحيي !!
دلف (يحيي)إلى الغرفة قائلا فى مرارة:
-أيوة ياعمي، يحيي.
قال (عزام )وهو يطالعه غير مصدق:
-إنت بتمشي؟!

قال (يحيي)فى مرارة وهو يطالع عيون (ميار)الدامعة قائلا:
-أيوة بمشى، بس ياريتنى مامشيت.
لينظر إلى (عزام)قائلا بعيون موجوعة:
-ياريتنى مامشيت ياعمى، صدمتي فيك كانت أصعب علية من عجزى.

أسرع إليه (عزام)يقف أمامه ثم يمسك بكتفيه قائلا:
-لأ ياإبنى، متقولش كدة، انت فاهم غلط، دى هي..هي اللى بتطاردنى فى كل مكان، هي اللى عايزة توقعنى لما يإست منك، عايزة تتجوزنى وتكوش على كل حاجة، طب والله العظيم...

قاطعته (ميار)صارخة:
-كمان هتحلف بالله كذب، حرام عليك ياأخى، إتقى الله.

نظر إليها(يحيي)فأمسك (عزام)ذقنه بيده يعيده لينظر إليه قائلا:
-بصلى أنا، أنا عمك حبيبك، عمك اللى رباك واعتبرك إبنه، عمك اللى مستحيل يعمل أي حاجة غلط، صدقنى هي اللى فضلت ورايا، تغرينى بأساليبها، بس أنا كنت دايما برفض ولما شافت إن مفيش فايدة حبت تنتقم منى وتوقع بينى وبينك، والظاهر إنها رسمت خطتها صح، وجابتك لحد هنا، بس إنت أذكى منها يايحيي، ومش هتسمحلها توقع بينا، مش كدة؟!

عقد (يحيي)حاجبيه وهو ينقل نظره بين عمه الذى يتوسل إليه بنظراته، وبين (ميار)التى ظهر الأمل بعينيها الدامعتين، ليخبو تماما وكلمات (يحيي )تصلها وهو يقول ببرود:
-إطلعى برة حياتنا يادكتورة، وياريت منشوفش وشك هنا تانى.

ظهرت نظرات الانتصار فى عيون (عزام)الذى أسرع بإخفاءها وهو يتصنع الإنكسار، بينما إقتربت (ميار)من (يحيي)دون أن تحيد بنظراتها عنه، حتى توقفت أمامه تماما، تنقل بصرها بينه وبين (عزام)الذى سمح بنظراته الشامتة أن تطفو على ملامحه، لتناظره بسخرية قائلة:
-متفتكرش إن كدة القصة خلصت وفزت من تانى ياعزام.

لتعود بناظريها إلى (يحيي)تسمح بألمها أن يطفو على ملامحها بدورها قائلة:
-مش هقدر أعمل كدة، مش هقدر أطلع برة حياتك وأسيبك ليه يبيع ويشترى فيك زي ماهو عايز، وعلى فكرة بقى أنا مش ضحيته الأولى، بس أكيد هكون الأخيرة، بنات غيرى كتير راحوا ضحية عزام القشاش..،

كل بنت كانت بتعجبه يابتستسلمله، ياالموت بيكون مصيرها، من ٣ سنين وقفت بنت مسكينة أدامه تترجاه يرحمها ويبعد عنها ويسيبها لحبيبها، وطت على رجله عشان تبوسها بس هو مرحمهاش، وهددها إنها لو مجيتلوش بمزاجها وبرغبتها، هيموتها عشان متكونش لغيره، بس هي برده رفضت تستسلم، وفضلت تقاوم لآخر لحظة، البنت دى كانت حبيبتك يايحيي.. ياسمين.

إزداد إنعقاد حاجبي (يحيي) وهو يتطلع إلى عيونها، بينما قال (عزام) بصوت مضطرب:
-متصدقهاش يايحيي، دى بتكدب، ياسمين لو كانت عايشة...
قاطعه (يحيي) وهو ينظر إليه قائلا فى صرامة:
-كانت هتقول نفس الكلام ده بالظبط ياعمى، لإن اللى واقفة أدامك دى مش ميار، اللى واقفة أدامك دى تبقى...

لينظر إلى( ميار) يطالع عينيها الحزينتين وهو يستطرد قائلا:
-ياسمين..حبيبتى اللى ماتت من ٣ سنين.
لتتسع عينا(عزام)...بقوة.

عقد (عزام)حاجبيه قائلا بإندفاع:
-ياسمين !طب إزاي، مستحيل اللى واقفة أدامى بالجمال ده كله تبقى ياسمين المشوهة.

تراجع (عزام)خطوة إلى الوراء، وهو يضع يده على فمه، يجلس على أقرب كرسي له، بينما طالعه (يحيي)بعيون مصدومة حائرة قبل أن يلتفت إلى (ياسمين)، التى هزت رأسها قائلة فى مرارة بصوتها الحقيقي:
-أيوة مشوهة، الحادثة اللى حصلتلنا خرجت منها مشوهة، وملامحى مش باينة، جالى عمك فى المستشفى وشمت فية، قاللى ان ده جزائي عشان مسمعتش كلامه، قاللى إن حبيبك اللى ضحيتى بالدنيا عشانه إتخلى عنك لما عرف إنك مشوهة، طبعا كلامه وعدم زيارتك ليا أكدولى إن حبيبى اللى حبيته من كل قلبى طلع ندل وده كان أسوأ من الموت عندى.

تذكر (يحيي)كلماتها عن حبيبها وذلك الألم الذى قطر من كلماتها وقتها وأطل من عينيها الآن..ليإن قلبه ألما لألمها، مدت يدها تمسح دمعة تسللت من عينيها وهي تقول:
-الباقى بقى إنت عارفه، حولت تخصصى فى كلية الطب لمعالجة فيزيائية وعشت حياتى أساعد الناس، كنت كل فترة بروح عند المكان اللى قابلتك فيه لأول مرة عشان أفتكر حاجة واحدة بس، إن قلبى مات بسبب الحب، ومش لازم يصحى من تانى.

غشيت عيون (يحيي)الدموع ليتهدج صوت (ياسمين)وهي تقول:
-وفى يوم كنت هناك وشفتك، مصدقتش عينية لما لقيتك قاعد على كرسي وعيونك بتبص لمكانا وبتدمع، قلبى اللى مات رجع للحياة من جديد مع أمل إتولد، الأمل فى إنك بتحبنى وإن اللى فرق بينا...

طالعت(عزام)قائلة بكره:
-عدو خسيس إستغل طيبتنا وألمنا وكدب علينا إحنا الإتنين.

طالعت (يحيي ) مجددا وهي تستطرد بحزن:
-مشيت وراك وقدرت أوصلك، شافتنى دادة فوزية وأنا براقب البيت، خافت منى فى الأول، بس حكيتلها كل حاجة، هي الوحيدة فى البيت هنا اللى أقدر أثق فيها وفى حبها ليك، إتفقت معاها على الخطة دى، إنى أدخل بإسم مزيف وأوراق مزيفة وأساعدك من ناحية، وفى نفس الوقت نراقب عمك ونحاول نثبت إنه حرامى وغشاش، بس القدر كان أرحم بكتير علينا، وخلانا نعرف عنه حاجات هتلف حبل المشنقة حوالين رقابته بإذن الله.

نهض (عزام)قائلا بحدة:
-محصلش، إنتى كدابة وحقيرة...
قاطعته قائلة بغضب:
-كنت متأكدة إنك هتنكر كل حاجة، بس المرة دى أنا معايا دليل والدليل ده هقدمه للنيابة وأوديك فى ستين داهية، إدخلى يادادة.

دلفت دادة(فوزية)ومعها رجل يسحب بيده رجل آخر مقيد بالحبال، ماإن رآه (عزام)حتى إتسعت عيناه فى صدمة بينما عقد(يحيي)حاجبيه يشعر بأن هذا الرجل المقيد يبدو مألوفا لديه، بينما قالت (ياسمين):
-ده سامى قريب دادة فوزية اللى قدر يجيبلنا توفيق، دراع عمك اليمين واللى نفذله كل أعماله القذرة، قدر سامى يخليه يعترف بكل الأعمال دى واللى من بينهم تخريب عربيتك يايحيي وإحنا فيها.

قال(عزام)صارخا:
-كدابة، كدابة يايحيي، طيب لو أنا عايز أموتك، ليه محاولتش تانى بعد الحادثة وانت أضعف من الأول بكتير.
قالت (ياسمين)بسخرية:
-لإنك إكتشفت إن يحيي كاتب كل فلوسه للأعمال الخيرية بعد وفاته.

تراجع (عزام)خطوة إلى الوراء فى صدمة، فمن أين لها أن تعرف ذلك، ليجيب سؤاله(سامى)، وهو يخرج ويعود ب(منير)المحامى مقيدا بدوره، فإستطردت (ياسمين)قائلة:
-وده يبقى إيد عمك الشمال ومساعده الشخصى فى كل صفقاته الحقيرة، واللى إعترف هو كمان ببلاويه.

قال (عزام) بإنهيار:
-كدابين يايحيي، متصدقهمش، كلهم كدابين.
هدرت (ياسمين)قائلة:
-انت اللى كداب وحقير، حاولت تقتل ابن أخوك عشان الفلوس، بس مش هستغرب حاجة منك، اللى قتل أخوه عشان الفلوس، يقدر يعمل أي حاجة.

طالعها (عزام)بصدمة، إرتسمت على ملامح(يحيي)بدورها، لتقول (ياسمين):
-عمك سلط الحيوان ده عشان يقطع طريق والدك ويقتله، ويبين ان القتل بنية السرقة.

نقل (يحيي)بصره بين (توفيق) الذى أطرق بوجهه أرضا، و(عزام) الذى يهز رأسه نفيا بقوة، ليعود المشهد إلى ذاكرته، فقد رأى بالفعل هذا الرجل يفر هاربا من مسرح الجريمة حين كان يتبع والده بسيارته ليعطيه حقيبة أوراقه التى نسيها بالشركة، لم يستطع إنقاذ والده وقتها فحين وصل إلى سيارة والده، كان والده قد مات...وقضي الأمر.

أفاق على صوت (ياسمين)وهي تقول:
-أوقات كتيرة بننضرب فى ضهرنا، بس أصعب حاجة لما نلتفت ونلاقى الضربة دى من أعز الناس على قلوبنا، ساعتها الضربة بتقتل.
قال (عزام)بحقد:
-إنتى إيه ياشيخة ؟شيطانة عايزة تفرق مابينى وبين ابن أخويا.

إشتعلت ملامح(يحيي)بالغضب ليترك عصاه ويمسك بتلابيب (عزام) قائلا:
-هي اللى شيطانة برده، انت لسة بتنكر وتكابر بعد ده كله؟ولسة فاكر إنى ممكن آآمنلك وأثق فيك من تانى؟

قال (عزام)من بين أنفاسه المختنقة:
-متصدقهاش أنا...
قاطعه (يحيي)وهو يقترب من وجهه قائلا بغضب:
-إنت أحقر مخلوق شفته ومصيرك هيكون حبل المشنقة ياعزام.

ليكيل له بعض اللكمات التى أسقطته أرضا فاقد الوعي، إختل توازن (يحيي)وكاد أن يسقط بدوره، فأسرعت (ياسمين)تسنده، طالعها بعينين محترقتين من المشاعر، بينما أسرعت دادة(فوزية)بإحضار العصا ومنحه إياها، ليجبر عيناه على الحياد عن ناظري (ياسمين)، يأخذ العصا من دادة (فوزية)، يمنحها نظرة ممتنة فإبتسمت له بطيبة، ليقول (يحيي)موجها حديثه إلى (سامى)قائلا:
-ياريت تبلغ البوليس ياسامى من فضلك.

أومأ (سامى)، يسحب هذين الرجلين خلفه للخارج، بينما تبعتهم دادة(فوزية)وهي تغلق الباب خلفها بإبتسامة حانية.
إبتعدت (ياسمين)عن محيط ذراعه، ليستند على عصاه بدلا منها، يطالعها بحيرة، فإبتسمت بحزن قائلة:
-عرفت إمتى إنى ياسمين مش ميار؟النهاردة مش كدة؟لما اتكلمت عن نزار قبانى وقلت إنه حبيبى.

هز رأسه نفيا قائلا بهدوء:
-لأ، من قبل كدة بشوية، لما خرجنا مع بعض، كنتى بتتصرفى زيها بالظبط معايا، نفس طريقتها فى اللعب، نفس ريآكشاناتها، حاجتين مبيقدرش الواحد يخفى مشاعره أو يصطنعها وقتها، فى الفرح والحزن، وانتى فرحتى فى بداية اليوم ده واتصرفتى بطبيعتك وحزنتى كمان فى آخره وساعتها مسكتى شفايفك بسنانك والحركة دى كانت بتميز حبيبتى ياسمين.

أومأت برأسها متفهمة وهي تقول:
-وعشان كدة إتجنبت الكلام معايا.
قال بحزن:
-كان شكى فيكى مجنني، ومستغرب، بسأل نفسى، إذا كنتى هي يبقى بتخبى عنى ليه؟وليه شكلك اتغير وصوتك كمان، مكنتش متأكد من شكوكى وكل الأسئلة دى من غير إجابات.

قالت بحزن:
-الشكل خدمنى لما اخترت يكون لى ملامح مختلفة وهم بيعملولى العملية، مكنتش عايزة أبص فى المراية ألاقى صورة ياسمين ادامى تفكرنى بيها وبمأساتها، اما الصوت فإنت أكيد نسيت إنى بقلد الأصوات كويس أوى، ليه بقى كنت مخبية، فده لإنى كنت متأكدة إنك مش هتصدقنى وده اللى مانعنى أقولك زمان، حبك لعمك كان عاميك عن حقيقته، ولا حتى حبنا كان ممكن يصمد ادام الوفاء اللى بيجرى فى دمك ناحيته، كان لازم يكون معايا دليل على كلامى والا كنت هتطردنى زي ماطردت ميار النهاردة.

قال (يحيي):
-يمكن معاكى حق، بس اللى سمعته النهاردة خلانى بسهولة أشوف عمى على حقيقته، طردى لميار، مكنش لانى مش مصدقها، انا طردت ياسمين وأنا بتمنى من قلبى إنها تغضب وساعتها بس هتعترفلى بالحقيقة.

نظرت إلى عمق عيناه قائلة:
-خلينا نكون صرحا يايحيي، من نظرة عيونك النهاردة ليا لما عرفت إنى ياسمين، أقدر أقولك إنك مش هتقدر تسامحنى، لإنى خبيت عليك كل ده ومقلتلكش من البداية.

قال (يحيي)بسرعة:
-الكلام ده كان قبل...

قاطعته وهي تضع يدها على فمه قائلة:
-متستعجلش، أنا متأكدة إنك من جواك زعلان منى لإنى مريحتش قلبك من العذاب اللى شفته فى عنيك ولمسته فى قلبك وانت فاكر إنى ميتة، سيبتك تتعذب مع إن كان فى إيدى أقولك إنى لسة عايشة، بس صدقنى غصب عنى، انا كنت بتألم أكتر منك وأنا شايفانى جوة عنيك ذكرى مؤلمة، كنت بموت كل ماأحس إنى واحشاك زي ماانت واحشنى ومش قادرة أقولك أنا أهو، حية أدامك يايحيي، بتمنى بس حضنك تخبينى جواه من قسوة الأيام والبشر.

ترقرقت عيناه بالدموع تزامنا مع دموعها التى أغرقت عيناها وهي تستطرد قائلة:
-دور فى قلبك كويس يايحيي، أنا صحيح متأكدة من حبك ليا، بس مش متأكدة من إنك بجد مسامحنى، خد وقتك ولو سامحتنى بجد إنت عارف هتلاقيني فين.

لتزيل يدها من على فمه، تطالع ملامحه وكأنها ترسمها فى خيالها، تدرك أنها على وشك وداعه..ربما للمرة الأخيرة، بينما يطالعها هو بعشق حزين، يدرك أنها مخطئة تماما، فلا يوجد فى قلبه لها سوى العشق، ولكنه أطاعها مجبرا، فلن تقبل بكلماته الآن وستشكك بها للأبد.

إلتفتت تغادر الحجرة بعيون أغمضتها على دموع ترقرقت على وجنتيها، لتفتح عيونها وهي تخرج من الباب ثم تغلقه... بهدوء.

عادت من رحلة الذكريات وهي تفتح عيناها، تتطلع إلى البحر مجددا، تتطاير خصلات شعرها الناعمة خلفها، تتأمل هذا المكان الذى حمل إليها ذكريات ماض هو أقرب مايكون منها، فمنذ يومان كانت معه، واليوم هي وحيدة تماما، توقن الآن من وحدتها وإنتظارها له فى هذين اليومين الماضيين دون ظهوره، أنه لم يسامحها قط.

لذا حان أوان المضي قدما فى حياتها، وتنحية الماضى تماما، لن تعود إلى هذا المكان مطلقا..
...ففى هذا المكان، بدأت قصة وفيه إنتهت تلك القصة، تثق أنها لن تنساه أبدا كما لن تنسى حبيبها، فقط ستحمل معها...مرارة الذكرى.

مدت يدها الرقيقة تمسح دموعها وهي تلتفت، تجمدت فى مكانها وهي تراه أمامها، جالسا على كرسيه المتحرك، يطالعها بحنان عاشق، طفرت الدموع من عينيها مجددا وهو يبتسم لها رافعا يديه تجاهها قائلا:
-وحشتيني.

طالعت يديه المرفوعتين تجاهها قبل أن تبتسم بسعادة من وسط دموعها، تمد يديها إليه بدورها لتتشابك الأصابع، ثم تركت يديه ومالت على كتفيه تستند عليهما بيديها، وهي تقترب من وجهه هامسة بعشق:
-انت كمان وحشتني، وحشتني أوى يايحيي.

مد يده يتلمس وجنيها، يمسح دموعها برقة قائلا:
-مش كفاية دموع ياياسمين.
تأملت عيناه العسليتان برجاء قائلة:
-سامحتني؟!

مال ثغره بإبتسامة وهو يقول:
-من يومها ياياسمين، بس خفت متصدقنيش.
قالت بعتاب:
-طب ليه سيبتنى اليومين اللى فاتوا دول؟أنا كنت خلاص يإست و مش جاية هنا تانى.

تطلع إليها برقة قائلا:
-غصب عنى ياحبيبتي، الإجراءات القانونية أخرتنى، بقيت من القسم للمحامى، مفضيتش ثانية واحدة.
قالت بعيون تتفحص ملامحه التى إختفى منها الألم وبقي فقط العشق:
-إنت كويس؟!

نهض من كرسيه فإستقامت، وهي سعيدة لشفاؤه جسديا ونفسيا..إستند على يديها بدلا من عكازه قائلا بإبتسامة:
-متخافيش علية، الضربة اللى مبتموتش بتقوي ياياسمين، وطول ماانتى جنبى، مفيش حاجة فى الدنيا هتهمنى، أنا ماصدقت لقيتك، ولو كنت جيت وملقتكيش النهاردة، كنت هدور عليكى لغاية ماألاقيكى من تانى، إنتى قلبي ياياسمين، شمسي...

إبتسمت فى سعادة وهي تطالعه بعشق قائلة:
-نجمتك اللى فى السما، مش كدة؟!
إبتسم وهو يقبل يدها برقة قائلا بعشق:
-إنتى أجمل وأرق نجمة فى سمايا ياحبيبتي.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة