قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث بقلم رضوى جاويش الفصل الختامي

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث رضوى جاويش

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثالث (رباب النوح والبوح) بقلم رضوى جاويش الفصل الختامي

انتفض عاصم من موضعه على تلك الأريكة فى احد أركان القاعة الشرقية معتقدا ان ذاك الاذان الذى يسمع هو اذان العصر فنهض لأداء الفريضة لينتبه ان الذى يصدح بذاك التكبير ما هو الا عاصم الصغير بن ولده مهران ذو السبع سنوات و الذى يقف على احد المقاعد البعيدة فى الطرف الاخر من القاعة تعلو عقيرته بالأذان..
ابتسم عاصم متذكرًا.. ما أشبه الليلة بالبارحة.. فقد كان ذاك نفسه فعل ابيه عندما كان فى مثل سنه..

هتف يشاغب الصغير:- كفاية كِده يا شيخ عاصم هيطج لك عرج..بتصرخ كيف الديك اللى بيتعلم يأذن چديد..
انفجرت زهرة مقهقهة و عاصم الصغير يعبس مدعيا الحنق هاتفا:- مش عاچبك صوتى يا چدى..؟!..
هتف عاصم معتذرا:- واااه احنا نجدر نجولوا كِده برضك يا شيخ.. بس بالراحة على حالك.. احنا عايزينك برضك..
اندفع سمير بن سندس و باسل كالصاروخ لداخل القاعة ملقيا نفسه بين احضان جده الذى انتفض لأندفاع الصبى هاتفا:- وااه يا سمير.. مش هتعجل بجى يا واد!؟.. بس هتچيبه منين العجل.. الچنان وراثة عنديكم ف العيلة..

قهقهت زهرة من جديد هاتفة تعاتب عاصم و هى تفتح ذراعيها لسمير مرحبة:- متقلش ع الواد كده.. ده زى العسل..
لحظات و ظهرت ابنة ماجد.. زهرة..تتهادى فى وداعة و رقة ليندفع اليها الغلامان يخطبا ودها و هى تتمنع فى دلال فطرى..
قهقه عاصم يغمز لزهرة فى مرح:- وااااه.. كن العركة هتجوم تانى بين التهامية و الهوارية على زهرة..
قهقهت زهرة هاتفة:- بس يا ترى مين اللى هيكسب المرة دى زهرة الصغيرة !؟..

اكد عاصم مشاكسا و هو يميل عليها فى محبة:- اللى يكسب جلبها هو اللى يكسبها.. زى ما الغول كسب جلب زهرة الكَبيرة و خطفه من جبل سابج.
ابتسمت زهرة و هى تتطلع اليه فى محبة غامرة لتهمس:- و لسه خاطفه و هيفضل خاطفه على طول..
ابتسم عاصم فى سعادة و هو يتطلع اليها و الى احفاده المتناحرين هناك على مودة زهرتهم..

اندفع ناصر باحثا عن ولده صاعدا الدرج الى السطح ليجده جالسا متأملا فى بدور ابنه الرائد حازم و تسبيح فى صمت المتبتل فى محراب مقدس.. كانت هى تجلس فى رقة تعبث ببعض الألوان وورقة أمامها تدعى انها ترسم ولده.. ابتسم فى محبة هاتفا فى لهجة مازحة:- انت فين يا واد يا نادر!؟..بنادى عليك من بدرى..

اندفع نادر زى الثمانية أعوام ممسكا بكف ابيه يهزها معترضا فى غضب طفولى يحاول ان يجز على اسنانه و هو يتكلم بصوت خفيض حتى لا يصل لملاكه الصامت بالقرب:- بس متناديش و تقول واد.. هزعل منك يا ناصر..
انفجر ناصر ضاحكا لرغبة ولده فى حفظ مركزه امام ابنه سيادة الرائد وهتف مؤكدا:- يا بنى دى حتة ميرى عالية عليك.. بص..خليك فى بنت سالم الاستورجى انزل تحت ف الحارة ألعب معاها و بلاش العالالى ده يا نادر يا حبيبى..

هتف نادر فى استنكار ممتعضا:- ايه!؟..بت سالم !؟. عايزنى ألعب مع واحدة اسمها حسن.. يرضيك يا ناصر !؟..
انفجر ناصر من جديد مقهقها و هو يمسك بتلابيب ولده مازحا:- يا واد اسمها حُسن.. حَسَن ايه بس!؟.. طب خليها تسمعك..
هتف نادر فى لامبالاة:- ما تسمعنى هو انا هخاف منها يعنى!؟..

همس نادر مبتسما:- و حياتك بكرة لتخاف لما تيجى اللى تخليك تلف حوالين نفسك زى ما امك شيبتنى..
همست شيماء خلفه وقد تسللت منذ قليل من الأسفل:- ما لها امه!؟.. حد ليه شوق ف حاجة!؟..
استدار لها ناصر متصنعا الاضطراب هاتفا:- امه.. امه دى احلى حاجة حصلت لى ف الدنيا كلها..
قهقهت فى سعادة و غمزت له بطرف عينيها فتشبث بالسور خلفه مدعيا السقوط مصابا بسهم عينيها لتقهقه من جديد..

هتف ناصر متسائلا:- امال فين نعمة!؟.. مجتش تلعب معاهم ليه !؟..
اكدت شيماء مبتسمة:- هتكون فين !؟ مع نعمة الكبيرة.. هى بتفارقها..
ثم مدت كفها لبدور الصغيرة تهبط بها الدرج لأن والداها يطلباها للاستئذان و الرحيل..أفلتها نادر متضررا وودعها فى حزن و تطلع لأبيه فى حسرة:- اهى مشيت.. ارتحت يا ناصر باشا!؟..

هز ناصر رأسه متفهما لحزن ابنه فبدور قمة فى الجمال و الرقة و رحيلها خسارة كبيرة ليهتف ناصر ناصحا:- انا بقول تنزل تلعب مع حُسن..ايه رأيك..!؟.
هز الصبى رأسه ممتعضا و مسلما امره لله هاتفا:- شكلها هترسى على كده يا بابا.. هى حَسن و خلاص بقى امرنا لله..
انفجر ناصر ضاحكا من جديد على شقاوة ولده و امسك بكفه هابطا معه الدرج لوداع ضيوفهما حضرة الرائد حازم و حرمه تسبيح و ابنتهما العزيزة..بدور...

صرخ حمزة منفعلا:- و الله ما يحصل.. انى بتى تلبس اسمه ايه دِه.. جال برمودا..
و استطرد صارخا:- جلعيها البتاع ده يا هدير انى بجولك..
هتفت هدير:- ليه بس يا حمزة ده حلو قووى عليها.. عشان خاطرى سبها لبساه..
جز حمزة على اسنانه:- هدييييير..

لتندفع هى و ابنتها من امامه كالعادة كل منهما تركض فى اتجاه الا ان الفتاة ذات الخمسة أعوام اندفعت تهبط الدرج و منه للحديقة حيث جدها زكريا يجلس فى رحاب شمس الشتاء الدافئة لتحتمى به.. ما ان وصلت اليه حتى ألقت نفسها بأحضانه ليتلقفها فى سعادة يكتم ضحكاته على عبوسها اللذيذ و تقطيبة حاجبيها الذهبيين.. و جلوسها بهذا الشكل تعقد ذراعيها امام صدرها بإعتداد..

همس زكريا مشاكسا إياها:- فيرى الحلوة زعلانة ليه !؟..
ردت فريدة فى تعال و هى تزفر فى نفاذ صبر:- بابى و مامى بيزعقوا على لبسى زى كل مرة..
و اشارت الفتاة لبنطالها القصير الذى يظهر ساقيها:- بزمتك يا جدو ده وحش.!؟..
اكد زكريا:- لاااه.. حلو جووى..

اكدت فريدة:- قول بقى لبابى.. خليه يبطل دماغ الصعايدة دى..
انفجر زكريا مقهقها و هو يسألها:- انتِ جبتى الكلام دِه منين !؟..
اشارت اليه ليقرب له أذنه هامسة بالقرب منها:- سمعت تيتة بتقولك كده
قهقه زكريا من جديد و هو يضم فريدة الى احضانه.. انها نسخة مصغرة من هدير فى مثل سنها مع بعض الصفات المستحدثة لفارق الأجيال جعلتها نسخة اصعب مراسا فهمس زكريا و ابتسامة تتسع على شفتيه:- ربنا يكون ف عونك يا حمزة يا واد اخوى..

هتفت كسبانة فى تعب و بنفاذ صبر فى ولدها حامد:- خلااااص معدتش جادرة.. شوف لك صرفة ف عيالك الجرود دوول.. ايه دِه.. معچونين بمية عفاريت..
قهقه حامد على حالها هاتفا:- ربنا يخليكى ليهم يا كسبانة و تربى..
هتفت كسبانة محذرة:- بجولك ايه !؟. انى صحتى معدتش تچيب المناهدة مع العيال.. ده ولدك الكبير من يومين جيباه هو وولاد هداية عبدالله و مؤمن من فوج السجرة اللى جرب باب الدار جال ايه بيجلدوا مش عارفة مين دِه اللى شافوه ف التليفزيون و جال هيطيروا.. عوض عليا عوض الصابرين يااارب..

قهقه حامد و شاركه يونس بدوره و الذى هتف مؤنبا إياها: چرى ايه يا كسبانة !؟.. ما تخلى العيال تلعب.. ما كل العيال على ده الحال..
هتفت تهاجمه:- اه ما انت بتجول كِده كمنك مش جاعد ف السيرك المنصوب دِه طول اليوم.. بتچرى على عشتك تجعد لحالك لما يدوشوك..
قهقه يونس و نهض مغادرا و لم يعقب على حرف مما قالته لانها اصابت كبد الحقيقة ليهتف حامد مازحا:- طب دلوجت دِه مش سيرك زعلانة ليه !؟.. اهو الواد محسن الكبير جرد و اخوه نسناس و البت المكلبظة اللى على دراعك دى و اللى امها متوصية بيها رضاعة بجت الفيل.. و ربنا يدينا الصحة و نكمل لك الچنينة..

جزت كسبانة على أسنانها فى غيظ و على وجهها نظرات اشبه بنظرات خط الصعيد قبل ارتكابه جريمة من جرائمه الشهيرة..
اثر حامد السلامة و هم بالاندفاع صاعدا لشقته لتهتف به كسبانة تستوقفه:- انت طالع فين !؟..
لاااه.. انت متطلعش فوج.. دِه انت كل ما تغيب لك شوية تنزل لى بعيل.

قهقه حامد حتى دمعت عيناه لتظهر عائشة قادمة من الاعلى هاتفة فى حياء:- سمعاكم يتجولوا عيل.. هو حامد جالك يا خالتى انى حامل !؟..
كان حامد يحاول ان يشير لعائشة حتى تلتزم الصمت و لا تخبر امه بذاك الخبر الذى يمكن ان يصيبها بصدمة عصبية.. لكن ما باليد حيلة.. سبق السيف العزل و عرفت و كان رد كسبانة الوحيد هو تناولها احدى فردتى خفها تلقيها فى اتجاه حامد الذى خرج مندفعا خارج الدار و قهقهاته تتعقبه متحاشيا صواريخ امه التى لا تخطئ هدفها ابداااا..

هتف سيد فى عجالة:- يا باشمهندس ثريا..
خرجت ثريا من الداخل عابسة و هتفت فى غيظ:- انت مش هتبطل بقى موضوع باشمهندس ده !؟.. ثم اندفعت تحمل صغيرها ذو الثلاث سنوات عندما بكى مستطردة فى دلال:- و بعدين هو فى راچل هيچيب لك واد زى الجمر كِده !؟..
قهقه مشاكسا إياها:- برضو باشمهندس..

و اقترب فى عبث مستطردا:- و احلى باشمهندس دخل حياتى.. من يوم ما شفتك و انت بتتخنقى مع سواق العربية اللى كانت بتوصلنى للنجع اول مرة اجى فيها و انا كنت عارف ان حياتى مش هترجع زى الاول ابدااا
همست فى عشق:- صحيح !؟..
اكد هو بابتسامة و قد قرر اغاظتها:- طبعا صحيح.. هو فى واحد يتجوز واحد صاحبه و تفضل حياته عااادى و زى ما كانت!؟..

قهقه على رد فعلها و ملامحها التى انقلبت للنقيض تتمنى لو تخنقه.. دخلت سيدة فى هذه اللحظة لتتطلع اليهما و تتسع ابتسامتها بدورها هاتفة بهما:- هو مفيش فايدة فيكم !.. هتفضلوا كِده جط و فار!؟..
اتجهت تحمل حفيدها من بين ذراعى ثريا عندما تطلع اليها راغبا فى الذهاب لها..
تركته ثريا بين يدى جدته و خرجت تتبع سيد الذى كان فى سبيله لمقر الشركة.. وقفت على اعتاب الباب هامسة:- خلى بالك على نفسك..

هتف مازحا:- حاضر يا ماما و هشرب اللبن..
عبست فقهقه هو و حاول ان يجذبها اليه لكن ذراعه الأيمن لم يسعفه كالعادة فما زال غير قادر على تحريكه بشكل طبيعى فهتف بها مداعباً:- انا مش قايل تفضلى دايما على الناحية الشمال!؟.. خليكى متسمعيش الكلام.. قطعتى برزقك..
قهقهت ثريا هامسة بغنج:- طب مش يمكن قصداها !؟..

همس بنبرة خطرة:- اهااا.. بتستغل نقطة ضعفى يا باشمهندس!؟.. طيب تمام..ع العموم لينا اوضة تلمنا.. و ساعتها لا هتفرق يمين من شمال.. لان الأسد اللى واقفة قدامى دى ساعتها بتقلب قطة..

قهقه مندفعا يبتعد عنها تاركا إياها تتظاهر بالغضب لكن ما ان اختفى سائقه بالعربة مبتعدا حتى انفجرت ضاحكة و هى تدرك تماما انه بدوره يعلم انه هو نقطة ضعفها الوحيدة و ان عشقها له يكبل عنفوانها و تمردها دوما.. و ان لسانها ذاك الذى وصف طوله يوما بانه اطول من ايّام الحزن.. ينعقد ما ان تكون بأحضانه ليهمس له فقط بكل ما يعتمل بصدرها منذ سنوات..

ابتسمت من جديد و هى تعود لداخل دارهما التى اشرف سيد على بنائها بنفسه ما ان بدأ يتعافى حتى تكون موضع له بين أهله و عائلته التى افتقد دفئها لسنوات عجاف مضت..

جلست زهرة فى تثاقل على تلك الأريكة فى حجرتها الخاصة بالقراءة يتبعها عاصم مستندا على عصاه الابنوسية التى لم تعد تفارقه.. جال ببصره فى الغرفة مبتسما فى حبور مستحضرا ذكريات رائعة ناهزت الثلاثين عاما و صوت ام كلثوم يتناهى منشدا فى عذوبة احدى روائعها.. تقدم بضع خطوات ليقرأ اسماء الروايات على الأرفف الموضوعة بعناية و ما ان طالعه اسم الرواية التى يبحث عنها حتى ابتسم فى مودة ومد كفه المتغضن يلتقطها ويعود بها حيث تجلس زهرته..

وقف أمامها يمد يده بروايتهما وهو يهتف بصوت عبثى:- يا اللاه اجريلى الرواية دى زى زمان..
انفجرت زهرة مقهقهة وهى تلتقط من كفه الرواية تتطلع لإسمها.. كبرياء وتحامل هاتفة:- انت لسه فاكر يا عاصم !؟..
تحرك ليجلس بجوارها قائلا فى محبة:- ولا عمرى هنسى...

ابتسمت عيناها قبل شفتيها وهى تتطلع لحب عمرها.. فتنهد هو فى سعادة و استلقى بطول الأريكة واضعا خده على فخذها لتستقبل هى رأسه بحبور و تضع كفها على قمتها فيستطرد
هو:- يا اللاه.. حكى..

و ما ان همت بتعديل منظارها الطبى على عينيها حتى اندفعت فجأة احدى الكرات لتقطع ذاك الجو الساحر بشكل صاخب حين ارتطمت بأحدى مزهريات الريحان جعلت عاصم يجفل منتفضاً وهو يصرخ فى صاحب الكرة:- تعال هنا يا واد..
وللعجب تقدم الطفل الذى لم يتخط العاشرة من عمره الى جده فى ثبات جعل عاصم ينظر اليه فى فخر فهو يعرف ان باقى احفاده يهابونه ماعاداه...وقف الطفل امام عاصم مباشرة ليسأل عاصم فى حدة:- بن مين انت يا واد!؟..

كان عاصم يدرك تماما من يكون الطفل من بين احفاده لكنه ينتشى عند سماع اسمه مقترنا بأسمائهم..
هتف الصغير فى ثقة:- عاصم مهران عاصم الهوارى..
ليقهقه عاصم تصاحبه ضحكات زهرة وهو يقول بفخر:- واد مهران وتسنيم..
ليؤكد له الصبى فى فخر مماثل:-ايوه يا چدى..

كان يتوقع ان يصبح بن مهران وتسنيم طفلا وديعا حافظا لكتاب الله.. وهو كذلك.. لكن تلك الشقاوة التى تمتزج بلون عينيه ذكرته بخاله باسل..
مال عاصم يهمس لعاصم الصغير متسائلا وهو يشير لزهرة:- ايه رايك يا عاصم فى ستك زهرة.. جمر.. مش كِده!؟..
ابتسم عاصم لجدته المقهقهة وهو يومئ برأسه ايجابا ثم يميل على جده هامساً بصوت مسموع لزهرة على الرغم من إدعائها العكس:- الظاهر يا چدى كل اللى أسميهم زهرة جمرات.

ليلتقط عاصم الخيط من الصبى ليشاكسه قائلا:- تجصد زهرة بت عمك ماچد!؟...
ليؤكد الصبى بهز رأسه لأعلى والى أسفل.. وليمعن عاصم فى مشاكسة الصبى قال هامساً:- بس احنا هنچوزوها لواد خالك باسل وعمتك سندس.. الواد سمير..
انتفض الصبى فى غضب:- لاه انى اللى هتچوزها..

ازدادت ضحكات زهرة علوا و ازداد عاصم رغبة فى مشاكسة الصبى الغاضب:- لكن هى مش موافجة.. هاتعمل ايه دلوجت..!؟.
هتف الصبى فى حسم:- هتچوزها بالعافية.. و اذا كان عاچبها..
لينفجر عاصم حينها مقهقها و ينظر للصبى فى حبور.. وألتفت ينظر لزهرة فى محبة قائلا:- عارفة لو مكنش جال كِده.. مكنش هيبجى حفيد عاصم الهوارى..
لتشاركه ضحكاته وهو يعاود سؤال الفتى:- مين بيلعب معاك يا عاصم!؟..

اكد الصبى:- انا و اختى نوارة.. و سمير و اخته سهام و ولاد عمى ماهر مؤمن و عبدالله و أختهم سمية.. و زهرة بت عمى ماچد..
ثم استطرد الصبى موضحا:- بس البنات لحالهم و احنا بنلعبوا لحالنا يا چدى..
هتف عاصم مستحسنا:- چدع.. و اشار للكرة امرا:- خد ياللاه كورتك و متچبهواش هنا تانى..
أطاع الصبى:- حاضر يا چدى..

تمدد عاصم من جديد واضعا خده على فخذ زهرة و هتف مشاغبا:- هااا.. يا اللاه حكينى.. عملت ايه البت إليزابيث مع الواد دارسى.. ابطال الرواية اللى ف يدك!؟..
عدلت من منظارها الطبى لتدفعه لأعلى انفها وهمت بفتح الرواية.. الا انها توقفت فى مشاكسة تقول:- ايه رأيك أحكيلك حكاية تانية!؟..
همس فى راحة:- وماله ميضرش.. حكى..

تنهدت فى سعادة وهى تقول:- كان فى واحد اول ما شاف واحدة عجبته قووى بس مرضيش يعترف بحبه ليها..
رد عاصم مبتسما:- غشيم.. هايوجع على چدور رجبته..
ضحكت زهرة:- ماهو وقع فعلا..
ابتسم عاصم:- يستاهل..

اكملت زهرة:- وهى كمان وقعت فيه..
ضحك عاصم:- بعد الشر عليها..
لتنفجر زهرة ضاحكة:- كان أحلى شر فى حياتها..
ليشاركها عاصم ضحكاتها:- مندمتش!؟..
لتنفى زهرة بصوت نبراته تحمل ثقة العالم:- و لا لحظة.. بس المهم ميكنش هو اللى ندم!؟..
ابتسم فى محبة:- هو ندم فعلا..
هتفت زهرة فى عتب محبب:- ايه.. بجد!؟..

ليؤكد عاصم:- ايوه ندم على كل لحظة عاشها بَعيد عنيها وهو عارف ان روحه متعلجة بيها.. هاااا وبعدين.. كملى.. باينها جصة حلوة..
ابتسمت:- بس يا سيدى.. فضلوا طول عمرهم زى القط والفار..
امتدت يد عاصم تلتقط كفها ليضمها لأحضانه وهو يستحثها لتكمل:- هاااا
لتستطرد:-ورغم كده هو كان روحه فيها.. وهى كانت بتعشقه.. وكان..

و فجأة قطعت استرسالها وهى تسمع صوت غطيطه فى النوم كالعادة.. لتمسك نفسها عن الضحك حتى لا توقظه..
انحنت تقبل جبينه فى حنو..
وام كلثوم لازالت على شدوها مترنمة:-
سنين و مرت زى الثوانى
فى حبك انت
وان كنت اقدر احب تانى
هحبك انت.

ومدت أنظارها لتلك الارض التى اصبحت جزء من كيانها.. و الى الأحفاد الذين ملاؤا الأجواء صياح وهتاف... لتبتسم فى امتنان وهى ترفع عيونها للسماء شاكرة الله عز وجل على نعمه..

ألتقطت مسبحتها الفضية التى أهداها لها عاصم فى احدى المناسبات لتبدأ فى تحريك حباتها فى تتابع وعيناها لا تفارق ذاك الرأس القابع فى حجرها و الذى لازالت تعشق صاحبه وستظل للأبد..

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة