قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الأول للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني عشر

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الأول للكاتبة رضوى

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الأول للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني عشر

اندفعت سمية متصنعة الهرولة.. حتى كادت تصدم بعاصم لولا يقظته.. ليوقفها فى الوقت المناسب..
-خبر ايه يا سمية..واخدة فى وشك..!!؟؟...
-معلش.. اصل مستعجلة يا واد عمى.. مختش بالى
-حصل خير.. بس على فين العزم ان شاء الله.. !!؟..
-راجعة دارنا.. ده حتى انا كنت لِسَّه راجعة من عنديكم..
وشوفت مرتك.. وهى رايحة نواحى إسطبلات التهامية..
-مرتى.. انتِ متوكدة..!؟..سأل متوجساً...
-أه طبعا متوكدة.. هو انا هتوه عنيها... ما تاجى تروحنى.. وتتعشى معانا.. سليم تلجاه بالبيت دلوجت.. قالت فى دلالها الممجوج..
-معلش.. مرة تانية يا سمية.. أعتذر مندفعا.. والشياطين تتبعه.. وابتسامتها أقرب ما يكون لفحيح حية رقطاء..

اندفع حسام.. فى طريقه حتى وصل لأسطبلاتهم..
كان يسرع الخطى رغبة باللحاق بابنة عمه فى الميعاد المتفق عليه.. لابد وان يكون هناك جديد لترسل له ابنة عمه رسالة تبلغه فيها رغبتها فى لقاءه.. وترغب فى ذلك بعيدا عن دارهم..و.. بعيدا عن علم عمها وتحدد له فيها الميعاد والمكان المخصص للقاء..
لقد جاء وقد ألغى كل أعماله.. ربما يتحقق أمله.. فى الزواج من سهام.. ويكون لدى زهرة الحل لمعضلة زواجهما..

دخل الاسطبلات يبحث بعينيه عنها.. ثم تذكر انها لم تأتى الى هنا الا مرة واحدة.. وبالتأكيد لا تعرف فى المكان سوى ذاك الإسطبل الذى قابل فيه سهام للمرة الثالثة..
ابتسم للذكرى.. فهو بحق يحب تلك الغلباوية التى تملك لسانا يناهز طولها مرتين.. لكنها ايضا تملك حسا فكاهيا عاليا وروحا مرحة طفولية.. لقد تغير كليا منذ عرفها.. وذلك العبوس الذى كان يكلل ملامحه.. انقلب لابتسامة دائمة..

هو نفسه لا يعلم كيف ومتى حدث ذاك التغير..!!؟.. لكنه يستشعره فى نفسه.. مثلما استشعره جميع من حوله..
قاطع صوت زهرة استرسال خواطره وهى تنادى باسمه فى خفوت... فأندفع لمصدر الصوت على عجل..
-أزيك يا داكتورة.. هتف حسام..
-الحمد لله يا حسام.. كله خير..

-أزى سهام..!؟.. سأل حسام بابتسامة كان من النادر ان ترتسم على محياه.. تعجبت منها زهرة رافعة حاجبيها..انه بحق يعشق سهام.. ان مجرد ذكرها أبدله لشخص اخر لا تعرفه..
-على فكرة هى كمان بعتالك السلام.. ابتسمت زهرة..
-صحيح.. !!.. ربنا يسلمها.. أجاب فى حبور..
-المهم انت بعتلى الرسالة ليه.. فى جديد..!؟.. سألت متلهفة
اما هو فقد اجاب عاقدا حاجبيه :- انا جلت الجديد عِندك يا داكتورة.. لان انتِ اللى بعتى الرسالة.. وحددتى المكان وزمان المجابلة..
هتفت زهرة فى تعجب :- انا مبعتش رسايل.. ده انا حتى معرفش رقمك..

نظر كل منهما للاخر مندهشاً... وقد شعرا بشكل غريزى.. ان الامر لا يخلو من ورطة ما.. لكن زهرة كانت الأسبق للخروج من حالة الدهشة تلك لتهتف متسائلة حتى يتسثنى لهما الرحيل فى عجالة:-المهم.. قولى انت ناوى على ايه فى موضوعك مع سهام..!!؟... سألت فى ترقب منتظرة أجابته.. والتى ما ان هم بنطقها... حتى سمعا صوتاً جعل الدم يتجمد فى عروقهما رعباً.. يهتف مجيباً سؤالها :- أجولك أنا يا داكتورة هو ناوى على ايه!؟... كان صوتا صارما.. قاسيا..يكسوه الغل... صوت لا يملكه الا شخص واحد فقط.. عاصم الهوارى..

كان كلاهما يقف مشدوهاً.. لم يستطع الإتيان بأى ردة فعل.. ولا حتى النطق بكلمة.. فزهرة عرفت ان هذه نهايتها.. من نظرات عينيه التى تمور بالغل والغضب القاتل.. نظرات بحدة سكين مَسنون تمزقها بلا رحمة.. اما نظراته لحسام.. فكانت تكفى لصرعه قتيلا فى لحظتها..
-عايزة تعرفى واد عمك ناوى على ايه.. !!سأل عاصم ساخرا بنبرة تقطر حقداً... ناوى على اللى انا كنت ناويه يوم ما شفتكِ يا داكتورة..

-لا يا عاصم.. انت فاهم غلط.. حسا.. اندفع اليها كالإعصار مما دفعها لتقطع كلامها فى رعب.. وها هو يصل اليها ممسكا بذراعها فى عنف.. جاذبا إياها خارج المكان وهو يهتف فى غل :- وچالك عين تدافعى عنيه كمااان..!!؟؟..
-انت مش راضى تفهم ولا تسمع حد ليه..!؟.. صرخت فى يأس وهى تحاول جذب ذراعها من يده التى تقبض عليها
بلا رحمة.. ترك ذراعها وهو يهتف بغضب هادر..

-انا مبسمعش الا صوت واحد.. صوت ده.. أخرج من جيب جلبابه مسدسه الذى يحمله دوماً.. واستطرد فى وحشية أرعبتها.. ومشيفش جدامى دلوجت غير لون الدم..
انكمشت على نفسها.. وهى ترى تطور الموقف بهذا الشكل..وها هى الان.. ترى الغول.. بشحمه ولحمه وقسوته وجبروته أمامها.. وكم أرعبتها الصورة..
هتف حسام.. لعصام محاولا امتصاص غضبه باى طريقة..
:- اسمعنى بس يا عاصم... الموضوع فيه سوء تفاهم..
فى حد عايز يوجعنا فى بعض..

هتف عاصم ساخرا..:- ها.. وايه كماااان..!!؟.. ثم تغيرت نبرة صوته بشكل وحشى صارخا :-..ما اصل انا مغفل عشان اصدج الكلام ده.. هى خلصت على كده وانتوا جبتوا آخركم معايا يا ولاد التهامية.. ورفع مسدسه لاعلى.. وأطلق عيارا ناريا فى الهواء.. جفل على اثره البهائم فى الإسطبل.. وارتفع صهيل الأحصنة..

وصرخت زهرة فى رعب واضعة كفيها تغطى أذنيها فى هلع حقيقى.. وبدأت ترتجف وهى تتذكر تلك الليلة.. التى جاء اَهلها امام سرايّ عاصم..وبدأت المعركة.. كانت المرة الاولى التى تسمع فيها صوت الرصاص الحى.. لكن هذه المرة.. التهديد الذى يحمله عاصم.. و المرسوم الان على ملامح وجهه المرعبة.. لن يظل تهديدا.. بل سيأخذ موضوع التنفيذ حالا..لكن هى.. لن تدع ذاك يحدث.. لن تدع ميراث الدم يتجدد.. وتعيش العائلتان ويلاته مرة أخرى.. لا تعرف حقا كيف واتتها الجراءة.. لتدفع نفسها..لتقف أمامه تصد بجسدها جسد حسام صارخة.. :- لو عايز تقتل حد هنا.. أقتلنى أنا بس بلاش حسام.. كفاية دم بين العيلتين يا عاصم.. كفاية دم عشان خاطرى..

هم حسام للزود عن ابنة عمه.. لكن عاصم فاجأه..
وفاجئ زهرة بدورها.. والتى كان يرمقها بنظرات مبهمة لم تستطع ثبر أغوارها.. لكن ما تعجبت له بالفعل كان ردة فعله.. فقد اخفض سلاحه ببطء شديد ولاتزال تلك النظرات التى تقفز من عينيه ترعبها.. وما أرعبها اكثر هو اقترابه منها..وميله اليها هامسا فى غل :- جلبك عليه جوووى !!!..

وماله.. هجتلك.. هجتلك بداله..وازداد همسه وحشية مؤكداً.. هجتلك بس بطريجتى..وجذبها من ذراعها خارجاً.. وهو يهتف فى وجه حسام صارخا :- أوعاك تكون مفكر ان حسابك معايا خُلص.. لاه.. لِسَّه حسابك معايا تجييييل جووووى..

اندفع حسام خلفه.. يضع جسده يسد باب الإسطبل.. مانعا إياه عن الخروج... وهى يجذب زهرة خلفه بهذه الطريقة يدفعه رعبه عليها.. ليتحدى الغول وهو على هذه الحالة التى يعميه فيها غله وحقده عن ادراك الحقيقة.. واستيعاب ما يحدث..والذى قد يصل لحد المكيدة.. فيما يجرى فهتف صارخا بدوره.. وهو يعترض طريقهما :- سيب زهرة يا عاصم.. بكفياها.. وانا جدامك أها..

انفجرت ضحكة خشنة ساخرة من اعماق عاصم بعد لحظات من الصمت يتبادل فيها النظرات بين حسام وزهرة.. والتى بدأت بحق ترى الدنيا تتأرجح امام عينيها وهو لايزل قابضا على ذراعها بقسوة :- ايه يا واد التهامى..
هاتمنعنى آدب مرتى ولا ايه.. !!؟.. ودفع بحسام بعيدا..
متعملش فيها فارس مش لايجة عليك الشهامة.. وبعدين..
ماحنا جلنا اصبر.. دورك چاى.. مستعجل ليه على رزجك..!!؟..

واندفع عاصم يجر زهرة خلفه.. ودفع بها بعنف لتصعد العربة التى صهلت أحصنتها عندما جذب لجامهما فى قسوة.. لتندفع العربة تسابق الريح.. وفجأة.. يُسمع طلق نارى مجهول المصدر.. يتردد صداه فى هدوء الليل..
ولم يكن ذلك الامر الذى يمكن ان يسترعى انتباه عاصم فى تلك اللحظات.. فذاك امرشائع لا يدعو للقلق او التساؤل.. وعاصم بعد تلك الحالة التى تلبسته عندما رأهما سوياً.. ورأى كل منهما كيف يدافع عن الاخرلم يكن ليهتم الا بتلك التى تجاوره فى العربة.. تنتفض رعبا..

وهى ترى على محياه أمرا لا تريد حتى تصديقه..
كان يجرى كالمجنون الذى تلاحقه شياطين الجحيم وقلبها ينتفض بشكل هستيرى بين جنبات صدرها..
عبرا بوابة السراىّ..وأوقف العربة بتهور.. كاد يدفعها لتنقلب بمن فيها...
نزل قافزاً وجذبها من يدها فى خشونة.. حاولت ان تقاوم.. لكن مقاومة إعصار فى تلك اللحظة.. أهون بكثير من مقاومة هذا الوحش الذى يكبل معصمها.. ويدفعها دفعا أمامه.. كأسيرة حرب.

انتفضت امه وسهام عند رؤيتهما بهذه الحالة وهما يدلفان لداخل السراىّ... لكنه قال بصوت هادئ متصنع لا يعكس إطلاقا حجم الغضب الذى يعتمل بصدره وهو يضغط على اسنانه فى غل :- محدش يدخل بكلمة.. مرتى وانا حر فيها.. حاولت امه التدخل رغم ذلك وهى ترى الذعر بادياً من عينى زهرة... واندفعت الدموع من عينى سهام لمرأها بهذا الشكل..وخاصة انها تعلم السبب فيما يحدث.. ليتها لم تستمع لكلامها وتذهب للقاء حسام.. لكن بماذا يفيد التمنى الان.. وماذا سيحدث لهذه المسكينة..!؟..

هتفت الحاجة فضيلة بشفقة وهى ترى عاصم يجذب زهرة خلفه للأعلى والتى حاولت مقاومته.. ليحملها عنوة كجوال من القطن على كتفيه قابضاً عليها بذراعه والتى حاولت التملص منها.. لكن لا فائدة..
-مش كده يا عاصم.. التفاهم ميبجاش كده.. هى عملت ايه لكل ده.. طب فهمنى... !؟..
صرخ عندما وصل لاعلى الدرج :-.. عملت اللى عملته.. محدش له صالح..

دفع باب الحجرة بقدمه فى عنف ليدلفا اليها.. لينحنى قليلا ويدفع بها بعيدا عن كتفه لتلامس قدماها الارض وهى تترنح بلا اتزان للحظات قبل ان تستعيد توازنها من جديد.. ليدفع الباب بعنف مرة أخرى مغلقا إياه..
وقف يلهث بشدة يتطلع اليها وعيناه تنصب عليها فى جزل بغيض..نظراته أشبه بنظرات ذئب جائع...
بدأت تتراجع خطوات بطيئة للخلف وهى تعلم انها هالكة لا محالة.. انه يبدو خارجاً عن السيطرة.. تراه الان يتقدم اليها كفهد يتربص بفريسته.. وفى طريق تقدمه خلع عمامته وألقى عصاه من يده..

وصل تقهقرها لنهايته عندما اصطدمت بباب الشرفة خلفها والتصق ظهرها بالحائط.. فى نفس اللحظة التى لحق بها ليأسرها بين الحائط و ذراعيه الممتدان بطولهما واللتان أسند كفهما على الحائط موازيتان لرأسها..
ليقول بصوت خفيض أجش يأتى من اعماق سحيقة :- فى نفس المكان اللى انت واجفة فيه ديه..يوم فرحنا... وعدتك انى مش ممكن ألمسك الا برضاكى.. وكنت كد الوعد.. لكن الوعد مع واحدة زيك..ميتصانش وميتبجيش عليه.. لانك مبجتيش على حاجة..ومصنتيش اى حاجة..

نظرت لعينيه الغائمة فى رعب حقيقى وهى تسأله :- قصدك ايه..!!؟..
اقترب اكثر وأكثر مقلصاً طول ذراعيه وهمسه يتخلل مسامعها مع انفاسه الحارة التى لفتحت جانبىّ وجهها كنيران الجحيم :-جصدى انى هجتلك.. بس بطريجتى يا بت التهامى..

كمحاولة اخيرة للفرار.. انحنت لتعبر من تحت احدى ذراعيه.. لتندفع مبتعدة.. لكنه كان الأسبق.. لتصل اليها ذراعه.. ليعيدها مرة أخرى لاسرها مطوقا إياها بين ذراعيه وهى تقاومه بضراوة.. جذب حجابها ليقذف به بعيدا.. وانفلت عقال جدائلها التى تثير جنونه.. ليزرع كفيه فيهما بقسوة ليمسك جدائله بكفه قابضا عليها.. ومثبتاً رأسها.. لينظر لعمق عينيها المرتعبتين حد الموت..وهو يهتف منتشياً :- شفتى كنت كريم معاكِ ازاى..!!؟؟ وحايش عنك نفسى كيف !!؟.. بس انت متستهليش أعاملك ولا الأميرة وانتِ أخرك جارية.. ياااا بت التهامى..

كانت لا تُزل تقاومه فى بسالة ولا تعرف أين ذهبت دموعها.. فقدت تحجرت تماما فى مقلتيها.. رعبا وهلعا مما يحدث.. استطاع بمهارة تكبيل كفيها خلف ظهرها..
فأصبحت لا تقاومه الا بعصيان جسدهاعن الانصياع لرغباته.. كان لسانها تعقده الصدمة.. لم تنطق بكلمة تدافع بها عن نفسها.. او حتى توصمه فيها بالعار...

لكن فجأة..وعلى غير المتوقع.. استسلم جسدها.. ولم تعد تستطيع مقاومة ذاك المارد الذى تدفعه الرغبة فيها حد الجنون..الى إذلالها بهذا الشكل الذى لم تتخيل حدوثه ولا فى اسوء كوابيسها..
ان ذراعيه حول جسدها.. تصيبها بالغثيان..
وقبلاته المتناثرة بعشوائية هنا.. وهناك.. تجلدها كالأسواط..

لا تعرف متى بالضبط... وجدت نفسها تهتف بهذا الصوت الهادر.. كانت المرة الاولى فى حياتها تسمعه يخرج من أعماقها بهذا الالم والقهر:- هو ده اللى انت عاوزه.!؟ ده اللى هايرضيك..!!؟.. توقف فجأة ينظر اليها وقد هزه صوتها وما يحمله من دلالات وكأنه يستفيق تدريجياً من غيبوبة تغشى عقله وقلبه وجوارحه عن ادراك مدى معاناتها.. كانت لاتزل فى أسرها بين ذراعيه.. يتطلع لعمق عينيها المقهورتين فى اضطراب وتشوش وهى تكمل بنفس النبرة الهادرة... خد اللى انت عاوزه وأعتقنى لوجه الله... ان كان هو ده التمن اللى يرضيك.. خده وأدينى حريتى بعيد عنك..

ابتعد عنها فى بطء غريب وذراعاه تخلصها من أسرهما وكأنه يستعيد وعيه تدريجيا. عيناه معلقتان بعينيها التى كساها الدمع.. وعرف طريقه اليهما اخيرا... نظرات عينيه تبدلت كليا.. من تلك النظرات الشهوانية التى لم تكن تحمل غير الرغبة والانتقام.. الى نظرات حائرة.. زائغة.. مضطربة..

انفجرت تجهش باكية بشهقات دامية تخرج من اعماق روحها المجروحة.. تدارى وجهها بكفيها.. وتحاول وأد شهقاتها.. لكنها لا تستطيع..
وقف كالمشدوه.. لا يعرف..ماذا فعل..!!؟؟.. وكيف يتصرف !!؟...

يكاد يقتلها الان غيظا وحقدا.. ويموت رغبة..ليأخذها بين ذراعيه.. ليقتلها هياماًوعشقاً.. انه يكاد يجن..ان لم يكن اصابه الجنون بحق.. فما كان الذى جرى بينهما منذ لحظات.. الا نوبة جنون دفعه اليها.. حقده.. وغيرته.. وغضبه.. وحمقه وعشقه.. ان رؤيتها مع بن عمها.. ودفاعها عنه بهذا الشكل جعل الحقد والغل يسيطرا عليه.. كمن تحركه الشياطين..

ما ان هم بان يتكلم.. عندما بدأت شهقات بكاءها تخمد قليلا حتى ارتفع الطرق على باب الحجرة فى قوة اجفلته..استدار مبتعدا ليفتح الباب فى آلية.. لتطالعه سهام لاهثة.. وهى تهتف :- ألحج يا خوى.. الحكومة تحت وطالبينك.. معرفش ليه..!؟...
سأل بلامبالاة..:- حكومة.. عيزنى ليه دوول..!؟؟..طب روحى.. وانا نازل لهم..

عاد لداخل الحجرة من جديد.. يتناول عباءته وعمامته الملقاة أرضا وهو يتطلع اليها بنظرات مضطربة.. لا يملك من الكلمات.. ما يمكن ان يخفف به عنها... فخرج فى صمت يلقى عليها نظرة أسف أخيرة.. ليتركها تنخرط فى نوبة بكاء جديدة..
هبط الدرج فى رتابة..ليستقبله احد الضباط.. يبادره بالسؤال :- انت عاصم مهران الهوارى..!!؟؟..
اجاب فى هدوء:- ايوه يا باشا.. خير..

-اتفضل معانا.. قال الضابط فى حزم...
قال عاصم ساخرا:- اتفضل يا باشا.. وماله.. بس على فين العزم ان شاء الله..!!؟..
هتف الضابط بنفاذ صبر :- انت مطلوب القبض عليك فى جريمة قتل..
قهقه عاصم باستهتار:- جتل مرة واحدة..!؟؟.. وجتلت مين بجى..!؟؟..

-انت متهم انك ضربت المدعو حسام التهامى بالنار..
هنا اختفت كل ملامح السخرية والاستهزاء من على محيا عاصم.. ليحل محلهما الصدمة وعدم التصديق..
فى نفس اللحظة التى انطلقت فيها صرخات مدوية من اعلى الدرج.. هاتفة باسم سهام.. التى سقطت مفترشة الارض..فاقدة وعيها..

-كنت فين من الساعة الخامسة.. للساعة الخامس والنص مساءاً..!!؟.. سأل وكيل النيابة عاصم فى حزم..
ليجيب عاصم فى هدوء :- كنت فى بيتنا سعادتك.. وحضرة الظابط لما جه ياخدنى لجانى هناك..
-يعنى مكنتش مع المجنى عليه.. لحظة وقوع الحادث..!؟..
صمت عاصم قليلا ليجيب فى هدوء مصطنع :- لاه.. مكنتش معاه..

بدأ الغضب يكتنف وكيل النيابة ليهتف فى حنق:- امال ليه فى شهود شافوك وانت خارج من نطاق إسطبلات التهامية
بالكارتة.. وبتجرى بسرعة كبيرة.. وكان معاك حد جواها.. فى نفس وقت الحادث تقريبا..
صمت عاصم ليحسب كل كلمة بميزان الذهب قبل ان ينطق قائلا :- انا كنت معدى من هناك.. وكنت مستعجل.. ادى الحكاية كلها..

لم يشأ ان يذكر القصة الأصلية.. فهذا معناه استدعاء زهرة.. والاطلاع على امور عائلية حساسة لا يجب الإفصاح عنها او ذكرها.. هو لم يطلق النار.. هى الوحيدة التى تعرف تلك الحقيقة.. هى الوحيدة التى يمكن ان تشهد بذلك.. ففى لحظة إطلاق النار كانت هى معه.. وحدث ما تبع ذلك من تداعيات جنونه.. ان الله انتقم لها.. بأسرع مما تتخيل.. او حتى تخيل هو..

اخرجه صوت وكيل النيابة النزق من شروده :- المسدس ده بتاعك.. !!؟.. وقدم له مسدس فى كيس بلاستيكى.. تطلع اليه عاصم فى تركيز.. ثم أومئ ايجابا.. :- أه يا باشا.. بتاعى.. بس جبتهوه منين..!؟.. ده عِندى فى دلابى.. مش بستخدمه بجالى فترة.. اللى معايا فى جيبى هو اللى بستخدمه و مش بيفارجنى الا لما خده حضرة الظابط منى.. والاتنين مرخصين يا باشا..

-السلاح ده هو اللى لقيناه بالقرب من موقع الجريمة.. و لقينا رصاصة.. موجودة بجوار المصاب.. والمعمل الجنائى هيحدد.. اى من السلاحين المتحرزين بتوعك.. هو اللى عملت بيه الجريمة...
تغيرت ملامح عاصم للغضب هاتفاً :- بس انا مجتلتش حد..
ومعرفش ايه اللى ودى سلاحى الجديم هناك..!!؟..

ابتسم وكيل النيابة فى سماجة :- متقلقش يا سيد عاصم.. احنا ها نعرف ايه اللى ودى سلاحك هناك وهنبلغك..
وأخذ يملى على مساعده الآتى..:- قررنا نحن وكيل نيابة..
حبس المتهم.. عاصم مهران صادق الهوارى.. أربعة أيام على زمة التحقيق.. وضغط وكيل النيابة على ذر بجواره ليندفع احد العساكر لداخل المكتب مؤديا التحية العسكرية فى صلابة.. ليأخذ عاصم لحبسه كما أمر.. وحتى إشعار أخر..

كانت تقف فى مرح مع بعض صديقاتها يتبادلن الحديث..
حتى موعد المحاضرة القادمة.. لم تكن ابدا ممن يفوت محاضراته.. مهما كانت الأسباب.. فهى بحق تستحق وعن جدارة.. ان تكون الاولى على دفعتها.. ثلاث سنوات متتالية..وهذه السنة كما تتمنى... لن تكون استثناءً... فهى ابنة الدكتور ناجى الهوارى.. على ايه حال.. وهى ورثت حب العلم عنه بكل تأكيد..

اندفعت لداخل القاعة تتخذ مكانها قبل بدء المحاضرة.. لتمر امام شابين.. اطلق احدهما صفيرا عاليا.. دلالة اعجابه بتلك الرائعة التى مرت بهما.. هى بالتأكيد رائعة.. رشيقة القد.. جميلة الوجه.. كستنائية الشعر.. جوزية العينين..

كانت فتنة متحركة خاصة بملابسها المتحررة قليلا عما هو معتاد.. وكانت تلك هى نقطة خلافها الاساسية مع اختها الكبرى زهرة.. التى لطالما لامتها عليها.. وحاولت إقناعها بارتداء الحجاب.. لكن تأثير امها.. السيدة منيرة.. كان على ابنتها.. بالتأكيد هو الأكثر وقعاً..

بدأت المحاضرة.. ليدخل استاذ جامعى جديد.. شاب فى نهاية العقد الثالث من عمره.. انه هنا فى الجامعة.. منذ عدة ايام.. الجميع يتحدث عن نبوغه فى تخصصه..
وقف الاستاذ الجامعى على منصته ليتحدث فى ثقة وابتسامة بشوشة ترتسم على محياه الأسمر.. يعدل من وضع نظارته الطبية :- انا الدكتور نبيل قدرى.. سعيد انى بينكم هنا النهاردة.. وانى هكون.. أستأذكم السنة دى.. نبدأ على بركة الله..

-واضح انه دكتور لذيذ ومش هايتعبنا.. همست احدى صديقات ندى لها.. والتى نهرتها بدورها كالعادة.. لتركز فى كل كلمة ينطق بها.. ذاك العبقرى.. والذى طارت فرحا عندما علمت انه أستاذهم المختار لهذه المادة التى يشكو من صعوبتها الجميع..
رفعت ندى يدها رغبة فى طرح احد الأسئلة التى جالت بذهنها..ليسمح لها بطرح سؤالها.. وابتسامة هادئة ترتسم على شفتيه :-.. لكن يا دكتور.. نظرية حضرتك تخالف نظرية تانية كانت بتؤكد على العكس تماما.. بانه..

بدأت هى فى سرد بنود نظريتها.. وهو يستمع فى اهتمام
لتتسع ابتسامته.. هاتفاً :- اسمك ايه..!؟..
ابتسمت فى ثقة :- ندى..
لازالت ابتسامته الواسعة تكلل شفتيه وهو يتطلع اليها والى جمالها الأخاذ.. كان يعتقد دوما ان الغبيات فقط من يسعين لابراز جمالهن بهذا الشكل الصارخ رغبة فى التغطية على ضحالة عقولهن.. لكن.. هى اثبتت العكس لتوها.. جمال فى العقل يصاحبه ابداع فى الخلقة...

اخرج نفسه من خواطره حولها.. وهو يشير لها لتجلس..
ليقول فى هدوء:- الإجابة عن السؤال القيم للانسة ندى.. هيكون عنوان محاضرتنا الجاية باْذن الله..
وانهى محاضرته.. ورحل فى هدوء.. حيث مكتبه الذى خصص لاجله عندما تم ندبه للعمل بهذه الجامعة.. فقط لهذا العام.. ليسد عجزا فى تدريس مادة تخصصه.. قبل تحضيره للسفر من اجل تلك المنحة التى حصل عليها.. ليكمل دراساته بالخارج..

انه يشعر بالحرج الشديد.. فها هو بالقاهرة.. ولم يزورعمه الدكتور ناجى التهامى للان.. فوقته مزدحم للغاية ما بين محاضراته بالجامعة.. وتجهيزه لسفره.. والعمل على بعض أبحاثه.. انه حتى لم يستطع زيارة نجع الصالح.. بعد تلك التطورات التى قصها عليه أخوه حسام.. وتجدد العداء القديم.. بين عائلته والهوارية.. والذى كان ضحيته.. بنت عمه الكبرى.. والتى لم يلتقيها يوما.. ولا حتى ألتقى عمه.. الذى كان دائم الاختباء بسبب ذلك العداء.. كان يعتقد ان عمه يبالغ فى الاختفاء هكذا.. لكن بعد ما حدث لابنته.. تأكد انه ظلمه.. وان عمه كان لديه كل الحق فيما فعل..

همس فى رغبة صادقة..:- لابد من أفرغ وقت لزيارة عمى.. حتى لا يغضب الحج قدرى علينا..
اندفعت ندى باتجاه سيارتها الصغيرة.. بعد ان أنهت محاضراتها..وما ان همت بفتح بابها.. حتى اعترض طريقها.. شابان.. كانا فى أثرها منذ خروجها من المحاضرة هتفت فى حنق لهما :- أى خدمة.. !؟...

-طبعا.. وده سؤال..!؟.. عايزين نتعرف على القمر.
قال احدهما فى لهجة سمجة.. أثارت سخطها..
هتفت فى ثورة :- طب يا الله من هنا.. بدل ما انديلكم الأمن
يمنعكوكم تدخلوا الجامعة من اساسه..
صرخ فى وجهها احد الشبان بعد ان اثارته بلهجتها الغاضبة التى تحمل بعض من التعالى :- انتِ شايفة نفسك على ايه.!!
ده انت ِ..

هتف صوت هادئ من خلفهما يحمل نبرات حازمة :- هى انسانة حرة.. على ما اعتقد.. !!؟..
نظر الشابان خلفهما.. ليواجهاه.. ليسخر احدهما :- وحضرتك بقى.. أحد المعجبين.. ولا ايه حكايتك بالظبط.!
ليبتسم نبيل فى سخرية.. ويصرخ الشاب الاخر فى صديقه:- ده الدكتور نبيل.. انت هتودينا فى داهية.. يا الله بينا..
واندفع الشابان من أمامه فى ذعر.. ليتابعهما بنظراته.. حتى تأكد من أختفاءهما.. ليعاود النظر اليها
بنفس النظرات الواثقة الرزينة:- أنتِ بخير..!!؟؟..

أومأت وهى تقف مندهشة من رد فعله الواثق.. وتصرفه الراقى.. استطرد مشيراً لسيارتها.. أركبى.. وخلى بالكِ
بعد كده.. أبقى أركنى العربية فى مكان ميكنش هادى..
عن إذنكِ.. وغادرها.. وهى كالبلهاء.. لم تستطع حتى ان تشكره على موقفه معها.. وكأن القطة أكلت لسانها
ما بهرها حقا.. ليس تعامله مع الموقف.. لكن هى عيناه..
نعم عيناه التى لم تحيد عن وجهها.. ولم تتفرس فيها.. كما يفعل الجميع بلا استثناء.. هى تعلم ان ملابسها متحررة..
لكن هى حرة.. لطالما أكدت على ذلك مع زهرة أختها..

هى حرة فيما ترتديه.. هى تُمارس حقها لا اكثر.. لما لا يدعوها فى سلام.. هم يقيمون المرأة بقدر القطع التى ترتديها.. كل الرجال تفعل ذلك.. كان هذا ظنها فى كل الرجال بالفعل.. لذا أسقطتهم من حسابها تماما.. لكن هو..

انه الوحيد الذى لم ينظر الى جسدها.. بل نظر لعقلها.. ومنحها صك الحرية الذى كانت تسعى لامتلاكه.. على الرغم من إدعاءها دوما.. بأنها تملكه بالفعل منذ ولادتها..
"هى انسانة حرة " الم يقل كذلك.. وهى بالفعل كذلك.. فلتضرب بأراء الجميع عُرض الحائط.. ما عادت تعنيها أراءهم..
يكفيها تلك النظرات التى لم تُبتذل فى تقييم ما هو دون عنقها.. لتتشبث فقط بتقييم ذاك العقل الذى يحتل تلك الجمجمة الصغيرة..

صرخ الحاج قدرى التهامى صارخاً وهو يندفع بين طرقات المستشفى التى نقل اليها ابنه حسام..:- ولدى.. ولدى.. حد يخبرنى..حصله ايه..!؟.. كان يتلفت حوله كالذى فقد عقله من شدة صدمته.. وجميع التهامية من حوله يحاولون تهدأته.. حتى عثروا اخيرا على الطبيب.. الذى استوقف الجمع المتجمهر متسائلاً:- انتوا جايين لمين كده.. ؟؟!!..
رد احد المصاحبين للحاج قدرى:- احنا بندور على حد يدلنا على حال واد عمنا حسام..

-أه اللى جه من ساعة.. مضروب بالنار..!!؟..
صرخ الحاج قدرى بصوت مرتعش:- أه.. هو يا بنى.. هو
-هو فى أوضة العمليات.. أدعوله تعدى على خير..
انتحب الحاج قدرى.. وهو يستند على احد مرافقيه..صارخا من قلب اب مفطور على ولده:-ياااارب..

رفرفت أهدابها فى بطء..و اخيراً.. فتحت سهام عينيها..
لتنتفض وهى تطالع عيون أمها الملتاعة.. والتى تجلس مجاورة لها على طرف الفراش.. وزهرة التى تتطلع اليها فى ذعر.. وخوف حقيقى.. وشخص اخر يقف بعيدا فى طرف الحجرة.. يحضر شئ ما بين يديه لم تتبن ملامحه..
لتصرخ فجأة وقد تذكرت كل ما حدث.. لتحاول الحاجة فضيلة تهدأتها..لكن لا فائدة.. وبدورها حاولت زهرة..

لكن كان رد الفعل واحد فى الحالتين.. الصراخ كان هو رد الفعل الوحيد..وكلمة واحدة.. جتله.. أخويا جتله..
ليندفع الطبيب من طرف الغرفة.. ليمسك بذراعها.. غارساً فيه محقن مهدئ حتى استكانت فى ثوان وتوقفت صراخاتها..وارتخى جسدها المتشنج..

دخل سليم السرايّ.. مندفعا.. وهو برفقة ذاك المحامى الذى يتولى كل قضايا العائلة وامورها القانونية..و الذى طلبته الحاجة فضيلة.. ليأتى اليها.. أدخله سليم لأحد القاعات..
واندفع ناحية المطبخ.. لتطالعه كسبانة.. وهى تقول فى خلاعة..:- اى خدمة ي سليم بيه..!!؟..
أشار اليها لتتبعه لأحد الجوانب المتطرفة خارج السراىّ..

ليهمس مؤكداً :- خدى اللى ليكى وغورى من هنا.. فى اى وجت ممكن يجروكى.. انا حذرتك اهو..
انتفضت وقد تغير لونه وجهها :- لكن انت جلتلى.. اعمل اللى تطلبه.. وها تتجوزنى ذى ما وعدتنى..

كان يتلفت فى قلق :- أه.. أه هايُحصل.. بس لما الدنيا تروج.. انتِ بس أخفى فى اى حتة دلوجت.. وبعدين يحلها ربنا.. وتركها.. وقبل ان يبتعد هتف :- روحى بلغى الحاجة فضيلة ان المحامى تحت معاي.. واعملى اللى جلتلك عليه..واختفى داخل السراىّ.. ليجعلها تتساءل.. هل كانت مخطئة عندما غامرت بكل شئ من اجل.. سليم الهوارى..
واندفعت بدورها.. لداخل السراىّ.. لغرفة سهام.. تستدعى الحاجة فضيلة لمقابلة المحامى..

خرجت الحاجة فضيلة برفقة الطبيب من حجرة سهام لتودعه وتركت برفقتها زهرة.. لتدخل القاعة.. فيقف المحامى وسليم احتراماً.. ويتصنع سليم الحزن هامساً:- كان مخبلنا فين ده يا حاجة فضيلة !!؟..

لتنهره الحاجة فضيلة فى صلابة :- ايه.. جلبت معددة يا سليم.. ولا ايه !!؟... عاصم برئ وميعملهاش.. وربنا هينجيه بعون الله.. وانصرفت بانظارها للمحامى وهى تسأل بغرض التأكد:- ولا أيه.. يا استاذ حامد..!!.. تنحنح المحامى فى احراج وهو يجيب :- والله يا حاجة.. انا كنت فاكر الموضوع بسيط..وكان نفسى أطمنك... لكن انا لِسَّه راجع من النيابة..

للاسف.. فى مكان الجريمة لقوا سلاح عاصم بيه.. وفى رصاصة منه كانت فى مكان الحادث.. وكمان.. سلاحه التانى.. أكدوا ان هو اللى تم بيه الجريمة..والرصاصة اللى كانت فى جسم المجنى عليه.. انطلقت منه..
انتفضت الحاجة فضيلة فى ذعر حقيقى هاتفة :- يعنى ايه الكلام ده..!؟؟.. فهمنى..

ازدرد المحامى ريقه بتوتر :- يعنى الجريمة لابسة عاصم بيه.. وخاصة مع الشهود اللى أكدوا وجود العداوة بين العيلتين.. وان عاصم بيه كان اخر واحد مع المجنى عليه قبل وقوع الجريمة..
اختفى اللون من وجه الحاجة فضيلة :- يعنى مفيش أمل..!!؟

أنا متوكدة.. وأخذت تهز رأسها بعدم تصديق... ولدى ميعملهاش.. ميعملهاش..
-لكن لِسَّه فى أمل.. هتف المحامى وهو يرى حالتها المنهارة لتتطلع اليه بكليتها.. ويعود اللون لمحياها الشاحب من جديد وهى تهتف متلهفة :- أمل أيه جوول.. ولو كان ايه.. هانعمله..!؟..

-الامل الوحيد.. فى حسام نفسه.. المجنى عليه..
هنا صرخت الحاجة فضيلة فى فرحة :- هو مماتش.. !!؟
ابتسم المحامى :- لا.. الحمد لله.. ادعيله بس ربنا ينجيه..
نجاة عاصم بيه متعلقة بكلمة منه.. لو فاق وأكد ان مش عاصم اللى ضربه بالنار.. ساعتها.. عاصم بيه يطّلع منها ذى الشعرة من العجين..

وقفت الحاجة فضيلة وقد استعادت كامل حيويتها هاتفة :- ربنا يجومه بالسلامة لأبوه الغلبان اللى تلاقيه جاتل حاله عليه دلوجت.. وربنا يجدم اللى فيه الخير..
-يا رب يا حاجة.. لحسن موقف عاصم بيه سئ جدا...
ابتسمت الحاجة فضيلة فى ثقة وهى تهمس.. كله خير.. كله باْذن الله.. خير..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة