قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والأربعون

لحظات من الصمت سادت في الاجواء، ومحسن يحدق بالطبيب غير مصدق، فوجئ من رغبة القدر بجمعهم مرة اخرى، يفكر فيما ستفعله شهد، عقله اصبح مشتت وتضاربه الكثير من الأفكار، فهو من اصبح بيده الأمر الان، أفاق على صوت الطبيب وهو يناديه بجدية قائلاً:
معايا يا استاذ؟
اومأ محسن موافقًا ثم أجابه مسرعًا بأمتنان:
اه شكرًا يا دكتور تعبناك معانا
اومأ الطبيب ثم أكمل بدبلوماسية قائلاً:.

بس لازم تخلي بالها من أكلها وتاخد الأدوية دى وتقلل الضغط شوية
ثم مد يده وأعطاه الورقة، و أستدار ورحل على عقبيه، في حين ظل محسن يجوب بنظره في المكان، وسيطرت عليه حالة من الوجوم ثم حك ذقنه بطرف إصبعه وقال بهمس:
شكلك مكتوبلك تقضلي معاه للأبد يابت ابوى.

أستدار وإتجه للغرفة التي تقطن بها شهد، ليجدها مسطحة على الفراش وقد بدى عليها الإرهاق الشديد، وتنظر للأعلي دون ظهور اى تعبير على ملامح وجهها، مط شفتيه بحزن على حالها، فمن المفترض أن تكون في أسعد حالاتها اليوم، ولكن الحظ يعاندها مرة اخرى..
لمحته بطرف عينيها فألتفتت بسرعة وسألته بتوجس قائلة:
في اية يا محسن، انا فيا اية؟

قرب احدى الكراسي من الفراش، ثم جلس عليه بهدوء، ونظر لها نظرات لم تفهمها بعد ثم تابع بهدوء حذر:
مفيش حاجة متقلقيش ياخيتي
ثم جاهد في رسم البسمة السعيدة على ثغره ليخفف عنها قليلاً واستطرد بحماس مصطنع قائلاً:
ده انا هبقي خالوو قريب
تحول لون وجهها الابيض إلى الاصفر على الفور من التوتر من شكها، ولم تفهم مقصده، او لم تريد أن تفهم، فتابعت مستفسرة بعدم فهم مصطنع:
مش فاهمة، ازاى يامحسن؟

تنهد محسن بضيق على عدم رغبتها في الفهم، فهذا سيصعب مهمته أكثر، باغتها بحركة مفاجئة وهو يضع يده بجوار بطنها، وتحولت ملامح وجهه للجدية قائلاً:
يعني هنا في طفل، وبعد 9 شهور هينور الدنيا ان شاء الله
جحظت عيناها بصدمة، كيف يحدث هذا، كيف من اللاشيئ يظهر طفل يربطها بهذا الذي يدعي عمر بسلاسل حديدية للأبد، هزت رأسها نافية بشدة ومن ثم بدأت تصيح بأهتياج قائلة:
لا لا مستحيل، حرااام اتربط بواحد خاين للأبد حرااام.

بدأت تضرب محسن بقبضتها الصغيرة على صدره وتزمجر بحدة أكثر:
وانت فرحان، فرحان عشان هتبقي خال طب وانا، انا ابني يبقي ابوه خان امه ليييية، لا لا انا مش عايزه الطفل ده
أمسك محسن يدها يرفق ولانت ملامحه شيئًا فشيئ، ونظر لها بحنان ثم هتف مهدئا:
مينفعش إلى بتعمليه ده يا شهد، ده ابنك، حرام عليكي إلى بتجوليه ده، ثم انك لسة متأكدتيش ان عمر بيخونك بالفعل.

رفعت رأسها للأعلي وقد عادت صورته في أحضان تلك الفتاة تطاردها مرة اخرى، انهمرت دموعها على وجنتيها، وهي تبكي بحرقة وبصمت، بل كان من يبكي هو قلبها ندمًا على ضياع آثره..
مد يده يتحسس خصلات شعرها الناعمة التي تساقطت على عينيها وقال بوجوم:
انا رايح اجيبلك حاجة تاكليها عشان الدكتور وصاني
اومأت بلامبالاة ولم تنظر له، في حين تأفف محسن بضيق شديد، ولكنه أردف بمزاح قائلاً:.

انا عايز الواد يطلع لخاله ياكل التيران، مايطلعش لأمه الخايبة دى
أبتسمت ابتسامة صفراء، لينهض هو متجهًا للخارج بخطوات مترددة، ثم خرج بهدوء، بينما ظلت شهد تتحسس بطنها بأبتسامة حالمة..
خرج محسن واستدار ليذهب للكافتيريا، ثم عاود النظر على الغرفة وقال بخفوت حازم:
لازم افهم كل حاجة من عمر النهاردة جبل بكره كمان.

في منزل رضوى
خرجت من والدتها شهقة مكتومة من هول المفاجأة وهي تضع يدها على فاهها لتمنع صوتها من العلو، ثم نزلت لمستواها بسرعة، ثم بدأت تضربها على وجنتاها برفق قائلة بخوف:
رضوى قومي، انتي يابت قومي
ولكن من دون جدوى، بدأت الخوف يتسلل لقلبها رويدًا رويدًا، ثم نهضت وهي تسير ذهابًا وإيابًا بتوتر، وتفرك اصابعها بقلق قائلة بهلع:
يالهوى اعمل اية اعمل اية.

وكأن عقلها بدأ يعمل الان، ركضت للداخل بسرعة متجهة لغرفة رضوى وأمسك بزجاجة العطر الخاصة بها ونزلت لمستواها مرة اخرى ورشت العطر بقرب فاهها، ولكن من دون جدوى، هنا صاحت بصوت عالي وخوف قائلة:
يالهووووى، دى مابتفوقش.

في نفس اللحظة أمام الباب الخاص بمنزلهم، يقف هو واضعًا يداه في جيب بنطاله الأسود، وقد بدى مهندمًا نفسه بمزاج، وعيناه الحادة موجهة على الباب، ويظهر بها بريق لامع حالم، منتظرًا من اعماقه تلك الصيحة، ليظهر هو البطل في الصورة فقط!

نعم، إنه شهاب ، الذئب الذي اختبئ في مخبأه يخطط ويفكر بخبث، ليخرج من مكانه في الوقت المناسب وينفذ مخططه الدنيئ، إندفع نحو الباب ورسم على وجهه تعابير القلق بمهارة، وبدأ يقرع الباب قائلاً بتوجس مصطنع:
في اية يا ست ام مها، افتحيلي الباب طب في اية مالكوا؟
ضربت والدة رضوى على وجنتها بخوف والرعب يتملكها اكثر، جاهدت في أن تبدو ثابتة وهي تسأل بصوت متهدج:
ميييين انت؟

تسللت الإبتسامة الخبيثة على ثغره ومن ثم أجابها بجدية مصطنعة:
انا جاركم شهاب، اقدر اساعدكم في حاجة يا حجة؟
نهضت موجهة نظرها على الباب بتردد، لم يكن امامها سوى ان تجعله يساعدهم، فأتجهت للباب بسرعة وفتحت الباب وهي تقول برجاء وخوف:
تعال ساعدني انقلها عشان اجيب الدكتور يا شهاب معلش
اقترب منهم بعينين متفحصتين، ثم سألها بهدوء حذر قائلاً:
هي اية إلى حصلها
حاولت أن تبدو ثابتة وهي تجيبه بتوتر لم يلحظه سوى شهاب:.

ك كنا بنتكلم وفجأة لاقيتها وقعت من طولها كدة لوحدها
اومأ بخبث دفين موافقًا وقد تأكد من نجاح خطته حينما رأى الصور الممزقة مُلقاه على الأرض، فأبتسم وقد اجتاحه شعور بالأنتصار..
بينما إتجهت هي للداخل لتتصل بطبيب العائلة، ولم تعرف أنها سمحت للذئب بتخطي كل الحصون، وتركته مع فريسته يخطط كيفية التهامها...

في مكتب أحمد
مراد يجلس على الكرسي امام المكتب الخشبي الكبير، ينظر لأحمد بحسرة وندم، بينما كان احمد يدب بقدمه على السجادة الصغيرة المفروشة على الأرضية، والغضب يسيطر على ملامح وجهه الصارمة ليزيدها خشونة وصرامة، بينما مط مراد شفتيه بعدم رضا وقال بأمتغاض:
ليه كدة يا احمد، قولت لك ماتتسرعش، استني يمكن يكون إلى فهمناه غلط
أشتعلت حدقتيه كجمرتين من نار، ثم دب بكل قوته على المكتب قائلاً بنزق:.

اية إلى فهمناه غلط، انها كانت مش متجوزة وكانت حامل، واتطلقت مني عشان تمشي على حل شعرها
تنهد مراد بضيق ثم أردف محاولاً اقناعه:
بس دى شكلها ندمانة اوى يا احمد، وغير كدة انت لسة بتحبها
أقترب احمد بكرسيه قليلاً، وقال بقسوة لاذعة:
مش دى إلى انت كنت رافضها نهائى لما قولتلك اني لسة عايزها
سارع مراد مبررًا موقفه بهدوء حذر:.

ايوة بس قبل ما اشوف حالتها، انت ماشوفتش وشها اتقلب الوان لما قولت لها انك هتاخد سيف منها ازاى
دب على المكتب بيده برفق بحركة دائرية، وتقوس فمه بأبتسامة ساخرة، واخذ يتذكر مظهرها الذي زاده قوة وتصميم، ثم تابع بأصرار غريب قائلاً:
وهو ده إلى هيحصل بالفعل، انا مستحيل اسيب ابني يتربي مع مجرمة
عض مراد على شفاه السفلية بحسرة على غباؤه وتسرعة، ومن ثم قال بصوت قاتم:.

المتهم بريئ حتى تثبت ادانته يا حضرت الظابط ولا نسيت، يعني مها لسة ما اتثبتش عليها حاجة
تأفف احمد بضيق، ثم نظر له بطرف عينيه متسائلاً بملل:
يعني انت عايز اية يا مراد من الاخر
جز على اسنانه بقوة وبغيظ من بروده حتى كادت تنكسر، ثم أجابه بنبرة غليظة:
مش عايز حاجة، عايزك تفوق للي انت بتعمله قبل ما تندم يا صاحبي، سلام.

ثم أستدار ليغادر بخطوات واثقة من اثر كلماته على احمد، هو يعرف احمد عن ظهر قلب، اكثر شخص يقتنع بكلامه هو مراد.

خرج من الغرفة بوجه غاضب واجم، بعدما انتهي من ارتداء جميع ملابسه بسرعة شديدة، عيناه حمراء كالدماء، ويده تنزف بكثرة، ولكنه لا يشعر بها، يسير متجهًا للخارج دون ان يأبه بقطرات الدماء خلفه، خرج ليجد بدر يتسطح على الأريكة وبدأ يتأثب بكسل، فتح عيناه بتثاقل ليجد عمر امامه بهذا المظهر، فزع ثم هب واقفًا ونظر لعمر بتفحص، ثم وضع يده على قلبه قائلاً بهلع:
سلام قولا من رب رحيم، مالك يا عمر واية الدم ده.

جز عمر على أسنانه بغيظ، فهو يتمثل عدم المعرفة، ولكن عمر تيقن الان فقط غرض بدر من جلبه لهذا المكان، امسكه من لياقه قميصه وصاح فيه بحدة:
بقا يا ابن الكلب تخليني اعمل حاجة غصب عني وانت عارف اني توبت
ابعد يد عمر عنه بقوة، ثم اولاه ظهره وتنهد تنهيدة طويلة حارة ثم قال ببرود:
غصبتك اية، كله كان بمزاجك يا برنس، الظاهر انك مقدرتش تمسك نفسك ادام البت لوزة، حاكم انا عارفها اية، تلين الحديد وحياتك.

لم يتحمل اكثر من ذلك، كلامه يشعر بالتقزز من نفسه، يشعره بالإهانة لكونه اصبح كما قالت له مسبقًا إنسان ضعيف شهواني، وكأن كلامه كالسكاين البارد تقطع فيه..
لكمه بكل قوته، لتكن هذه اللكمة رده على كلامه، بينما صرخ بدر متألمًا، وهوى على الاريكة من قوة لكمة عمر، ثم نظر له ببرود اكثر ولم تهتز له شعره ثم أردف بصوته الأجش:
مقبولة منك دى يا صاحبي.

أستدار متجهًا للخارج دون كلمة اخرى حتى لا يرتكب جريمة إن فقد اعصابه، فتح باب المنزل ثم ألتفت لاخر مرة وبصق في وجه بدر قائلاً بتوعد شرس:
وحياة امي ماهسيبك يا بدر الكلب حسابك تقل اووى.

ثم خرج بوجه واجم وخطوات متثاقلة وركب سيارته ثم اصبح يسير في الشوارع بلا هدف، يتخبط بأفكاره ويشعر أن الدقائق تمر وكأنها زمن، قلبه اشتعلت النيران فيه، وكان في حيرة من امره، يخبرها بما حدث ويخسرها للأبد ام يظل هكذا وشعوره بالندم يقتله ببطئ، ود لو يصرخ بأعلي صوت وينادى عليها لتركض عنده ويحتضنها ليخبأها بين ضلوعه، وعيناه السوداويتين تملؤوها نظرات الندم، ولكن هل يجدى الندم شيئ الان!

بتر شروده صوت هاتفه بأحدى الرنات معلنًا عن إتصال من محسن
تهللت أساريره، وتحولت نظراته للفرح في لحظة، وتراقص قلبه على هذه النغمات، معلنًا حالة السعادة التي غمرته، اجابه قائلاً بلهفة:
ايوة يا محسن ازيك؟
بخير الحمدلله
وشهد، شهد عاملة اية يا محسن؟
تمام، ما انا بأكلمك عشانها
خير اتفضل
لا لازم اشوفك في اجرب وجت
طبعا طبعا، حدد المكان والزمان وهتلاقيني عندك
النهاردة بليل جمب مستشفى ،
تمام تحت امرك
تسلم، مع السلامة.

سلام
أغلق الهاتف ونظر له بشرود وقد ازدادت حيرته اكثر، ترى ماذا يريد محسن بموضوع خاص بشهد..!

بجد بجد اذهلتني يا عبدو
هتفت چودى بهذه الجملة وهي تقف امام الشرفة تنفث سيكارتها بغرور وسعادة شديد تغمر كيانها، ترتدى فستان قصير يصل إلى الفخذين، يبرز معالم جسدها، وشعرها البني منسدل على ظهرها ليغطي بعضه، وتضع مساحيق تجميل لتبرز ملامحها الهادئة الخبيثة، بينما اقترب عبدو منها ووضع يده على كتفها ونظراته تعبر عن رغبته المستميتة فيها، ثم أردف بفخر:
عيب عليكي، ده انا عبدو بردو.

ثم رفع حاجبيه ونظر للشرفة وهو يتذكر كل ما حدث، وتابع بتعجب قائلاً:
بس الواد عمر ده فاجئني، طلع مش عايز يشرب ولا عايز يلين مع ان البت تلين الحجر وحياتك
أطلقت زافرة قوية بضيق شديد، ومن ثم مطت شفتاها قائلة بتهكم:
قال اية بيحب البت المفعوصة بتاعته
مد يده يتحسس ظهرها بشهوة، ثم اجابها واعصابه المرهفة ترهق صوته:
اصل الحب غلااااب
ضحكت برقة أذابت جليده على الفور، لتهمس هي بجوار أذنه بنعومه لتثيره اكثر قائلة:.

انت بس اعمل الكام خطوة الباقين وانا اديك عنياا يا بودى
بالفعل اثرت فيه وبشدة، فضغط على شفتاه ليستطع التماسك ثم استطرد كأنه مغيب يفعل ما تريد فقط:
انتي اؤمرى يا قمر
ثم امسك برأسه وهو يفكر بتعجب من امر عمر، واكمل بحيرة:
بس إلى مش قادر افهمه لحد الوقتي ازاى قدر يمسك نفسه وماجاش جمب البت لوزة خاالص...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة