قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

ها هي تتلقي صدمة مرة اخرى على التوالي، ولكن هذه المرة الصدمة اكبر واصعب بكثير، رمشت للحظات وهي محدقة به بصدمة ثم اقتربت قليلاً منه مرددة بصدمة..
يعني اية!، يعني انا كنت عايشة مع مجرم كل دة، كنت بأكل حرام وبلبس بفلوس حرام.

جلست على الأرض بغلب وبدأت في البكاء كعادتها، كأنه اصبح رفيقها الوحيدة ووسيلتها لتخرج كل ما بداخلها، ظلت تبكي بنحيب لدقائق او ثواني وربما اطالت كثيراً، كانت عمر يعطيها ظهره وهو يحدق بالفراغ، هتفت بصعوبة وهي مستمرة في البكاء قائلة..
حرام عليك لية ما قولتليش، طب انا آآ كنت مفكراك شخص عادى بيساعد إلى يلجأله، مكنتش مفكراك كدة
صرخت بحدة ثم اكملت بنفس الحزن والبكاء..

حرااام، انا سبت اهلي وبيتي وكنت بتعذب كل يوم، بس كنت مفكرة إني على الأقل أهون من اني اتجوز واحد زى مصطفي بس طلع مصطفي ملاك بالنسبالك يا مجرم
استدار عمر في تلك اللحظة وعيناه السوداء اصبحت حمراء من كثرة الغضب، يحدق بها بغضب شديد وعيناه تشع شرارة لم تراها من قبل، زمجر فيها بغضب قائلاً..
كفاية بقا اسكتي، انتي ماتعرفيش حاجة عني ولا تعرفي انا مريت بأية، انتي عارفة كنت هتقتل ليييية.

لم ترد شهد وانما ظلت محدقة بها ودموعها لم تكف عن الهطول، تابع حديثه ببعض الحزن الذي كاد يظهر في نبرته..
انا مريت بحاجات اصعب مما تتخيلي، انا خسرت اعز الناس ف حياتي ومع ذلك عايش، ومش هأضعف ولا هأموت إلا لما ربنا يأذن
اعاد للجمود واصبحت نبرته قاسية وهو يقول: انا كنت هأموت بسببك انتي، وانتي فعلاً كنتي ف امان وهاتفضلي ف امان لحاجة واحدة بس لانك هاتبقي مراتي يا شهد.

هبت واقفة فجأة ثم نظرت له بحدة وجمود لم يعتادهم منها من قبل واردفت بنفي واضح قائلة..
ابداً، عمرى ما هأكون زوجة لواحد زيك، اقل ما يقال عنه انه سفاح مابيخافش ربنا
جز على اسنانه بغيظ ثم زفر بضيق ظهر جلياً على وجهه..
مش هاينفع خلاص، مش هاينفع تراجع عن دة دلوقتي
كادت تصيح به مرة اخرى الا انه اشار لها بيده وصرخ فيها بصوت آمر قائلاً..

خلاااص، النقاش انتهي والموضوع ماعدش ينفع فيه كلام، انا رايح عشان اجيب المآذون جهزى نفسك
ظلت ناظرة له بلامبالاة كأنها في عالم اخر، لا تستوعب ما يقوله او غالباً لا تريد ان تستوعب، ولكنها، لن تصمت وتخضع لرأيه وكلامه كالعادة، نهضت ببطئ ثم جلست على الأريكة وهي تنظر للفراغ.

في حين استدار عمر متجهاً للخارج وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله، مسح على شعره ثم اتصل على احد الاشخاص ووضع الهاتف على اذنه، بعد ثواني رد المتصل فهتف عمر بجدية وتركيز..
اسمعني كويس يا عمار، اعمل إلى هأقولك عليه بالحرف انت ه...
وقص عمر عليه ما اراده وبالطبع كان خارج المنزل، ركب سيارته وهو ينظر على المنزل ثم تنهد بضيق وهو يفكر..

في الفندق،
وصل رجال عبدالله الاربعة امام الفندق، كان يبدو ان واحد منهم يرأسهم، ترجلوا من سيارتهم بهدوء واغلقوها ثم اتجهوا لذلك الفندق، نظر احدهم لموظف الأستقبال ثم هتف بجدية وتساؤل قائلاً..
فين اوضة مصطفي محمد
بحث موظف الاستقبال لثواني ثم اجابه بجدية معتادة: الاوضة رقم 50 على ايدك اليمين اول دور
اومأ برأسه ثم اشار لباقي الرجال برأسه وتعجب الموظف ثم صاح بتساؤل قائلاً..
هو كلكوا طالعين له كدة؟!

الرجل بصوت أجش مؤكداً: ايوة، في مانع ولا اية يا حضرت؟
هز الموظف رأسه نافياً بأرتباك بينما اتجه الرجال لغرفة مصطفي، وصلوا امام الغرفة ثم طرق الرجل الباب ليفتح له مصطفي وينصدم من رؤيتهم فجأة، حيث كانوا ذوى عضلات ويشبهوا العمالقة بدرجة كبيرة، قال بتساؤل وهو ممسك بالباب قائلاً..
هو انتوا إلى باعتكم عبدالله صح؟!
اجابه الرجل بجدية وهو يهز رأسه: ايوة، مصطفي بيه صح؟

اومأ مصطفي برأسه ثم ابتعد ليفسح لهم الطريق ليدلفوا، اغلق مصطفي الباب جيداً ثم نظر لهم واردف بخبث قائلاً..
ركزوا معايا يا رجالة ف إلى هأقوله كويس أوى لأننا هنعمل حاجة مش سهلة وممكن تبقي قتل كمان..!
لم يندهشوا ابداً لان هذا من الأساس عملهم التقليدى، هزوا برأسهم ونظروا له بأنصات ليبث هو خطته الخبيثة على مسامعهم على أمل ان ينجح ما يريده وتصبح شهد ملكه وللأبد...

منزل رضوى،
لم يتحركوا من اماكنهم منذ ذهاب عبدالرحمن وأهله، كانت رضوى تجلس في ركن بمفردها تنظر للأرضية بحزن شديد بينما والدتها تجلس على الأريكة لا تفعل اى شيئ سوى التفكير اما عن مها فهي تجلس بأبتسامة بجانب والدتها تأكل العلكة بتسالي، كادت رضوى تنهض متجهه لغرفتها ولكن مهلاً ف مها لن تتركها براحة ابداً، قالت مها بخبث..
مبرووك يا عروسة
اغمضت رضوى عيناها بضيق ثم ابتلعت ريقها وردت ببرود تعمدت اظهاره..

الله يبارك فيكي يا مها شكراً
مطت مها شفتيه بعدم رضا، لأن رضوى لم تبدى اى ضيق بل العكس اظهرت البرود، هتفت والدتهم بجدية موجهه حديثها لرضوى..
كويس يا رضوى إنك ماعملتيش إلى ف دماغك وصممتي
ابتسمت رضوى بسخرية ثم ردت بتهكم ومرارة..
اه عملتلك إلى انتي عاوزاه اهو، مبروك ليكي بقا مش ليا انا
استغلتها مها فرصة وهبت واقفة وهي تشيى بيدها بغضب مصطنع..
رضوى ياريت تتكلمي مع امك بطريقة احسن من كدة.

انا ماقولتش حاجة غلط يا مها
هتفت رضوى بتلك الجملة وهي تدلف للداخل متجاهله باقي حديث مها الخبيث والذي تفهمه رضوى بسهولة...
في نفس الوقت في منزل عبدالرحمن،
دلف عبدالرحمن خلف والديه ثم اغلق الباب ونظر لوالديه وهم يجلسوا على الأريكة بتعب، قال بحنق..
اهو عملتلكم إلى انتم عاوزينه، اى خدمة تاني؟!
زمجرت والدته بغضب وهي تجز على اسنانها بغيظ..

اتكلم بأحترام يا ولد، انت إلى تحمد ربنا ان الموضوع عدى على خير، وإلا قولي مين كانت هاتقبلك بالعيوب إلى فيك دى!
ظهر الحزن والضيق والغضب معاً على وجه عبدالرحمن، ثم صرخ بهيستريا قائلاً..
انا معنديش نقص، انا إنسان عندى ومش ذنبي ان العيب دة فيااا
صمت وقد هدئ قليلاً ثم اكمل بألم قائلاً..
افهموا بقا انا بأموت كل يوم بيعدى، ومش عارف لما هي نفسها تعرف هايبقي اية رد فعلها وهترضي بيا ولا لا.

هنا تحدث والده بعدم صمت قائلاً بتساؤل..
وهاتقولها امتي يابني؟
هز عبدالرحمن رأسه وهو يقول بهمس وحيرة: مش عااارف، مش عارف حاجة.

انطلق عمر بسيارته إلى احدى الأماكن المطلة على البحر، كان مكان هادئ لا يسمع به سوى موجات البحر الهادئة، ترجل عمر من سيارته بهدوء ووقف امام البحر مكانه المفضل، وقف ينظر للبحر وللونه الأزرق الهادئ الجميل، رغم انه غدار احياناً إلا انه يحمل هموم الكثير من الناس، كان يعتبر صديق عمر حيث كان يلجأ له كثيراً في وقت الضيق، بدأ شريط حياته يمر امام عينه، وبالأخص المشهد الذي يتكرر في احلامه يومياً، موت والدته و، وموت حبيبته.

فرت دمعه هاربة منه وهو يتذكر ذلك اليوم الذي خسر روحه فيه..
فلاش باك..

كانت فتاة ذات شعر كستنائى جميل وبشرة قمحاوية وجسد متوسط وملامح هادئة جميلة ترتدى فستان من اللون البنفسجي الطويل، تعلو الابتسامة وجهها وهي تقف في حديقة احد المنازل، كانت ممسكة بخيط مربوط بالبالونات التي تطير في الهواء، كان عمر يقف بجوارها وهو ممسك بواحدة اخرى، نظراتهم تحمل كل معاني العشق والحب والأمان، كان عمر حينها شاب عادى احبب فتاة واراد ان يتزوجها ويعمل من اجلها، فجأة قطع هدوئهم وسعادتهم صوت الطلق النارى، سقطت هند بعدما تلقت الرصاصة عند القلب تماماً، ركض عمر بأتجاهها بصدمة ونزل لمستواها ثم امسك بوجهها بين راحتي يده، كانت تلتقط انفاسها الأخيرة، نظرت له ومع ذلك كانت تبتسم وربما تلك اخر ابتسامة لها، هتفت بوهن وصعوبة..

عمر، هتوحشني اوى يا عمر
بدأت دموع عمر في الهطول ولأول مرة في حياته بعد وفاة والدته، كان يشعر ان قلبه يتقطع على رؤية حبيبته الوحيدة بين يديه وهي تموت، هتف بتنشج قائلاً..
لأ لأ انتي مش هاتموتي انتي هاتفضلي عايشة وهانقضي باقي عمرنا مع بعض
تنفست بصعوبة وهي تقول بألم..
اوعي تنساني يا عمر، بحبك اوى.

وماتت، ماتت من كان قلبه ينبض لها ومن كانت تصبره بعد وفاة والدته، كانت تهون عليه مصاعب الحياة، تربت معه منذ الصغر وتعهدوا ان يظلوا مع بعضهم حتى اخر العمر، ولكنها تتركه وحيداً الآن بعدما فقد اعز الناس إلى قلبه، صرخ بعلو صوته قائلاً..
لااااااااا هند ماتسبينيييش
باك
شعر بالألم يغزو قلبه مرة اخرى، ظهر عمر الضعيف امام الامواج فقط، بدأ بالبكاء كالطفل الصغير كلما تذكر، همس بحزن دفين بداخله قائلاً..

عمرى ما هنساكي يا هند ابداً وهأجبلك حقك اوعدك.

منزل عمر،.

نهضت شهد بعدما تأكدت من مغادرة عمر، كانت تتلفتت حولها بتوتر وارتباك لتتأكد انه لا يراها، اتجهت للأعلي بخطوات سريعة إلى حداً ما وفتحت احدى الغرف التي توضع فيها بعض الملابس لها، دلفت بسرعة وامسك بّ ( احدى الاكياس ) ثم بدأت في وضع الملابس فيها دون تفكير وكعادتها متهورة، انتهت ثم ربطته برفق واغلقت الانوار وخرجت بعدما اغلقت الباب، هبطت للأسفل وهي توزع انظارها في كل انحاء المنزل، تنهدت بضيق كبير وشعرت انها ستشتاق لعمر ولكن مهلاً، لا يمكنها ان تقضي باقي عمرها مع شخص مثل عمر وهو هكذا، كانت لا تعرف اين ستذهب وماذا ستفعل وهي لا تملك اى شيئ ولكن ايضا يستحيل ان تبقي في هذا المنزل لحظة اخرى..

خرجت من المنزل للطريق العام ثم نظرت على السيارات القادمة بحزن وسارت دون ان تنظر امامها بحرص، كانت شاردة تفكر في مصيرها وفي أهلها ايضاً وخاصة والدها، لم تفيق الا على صوت ابواق السيارة السريعة وهي تقترب منها بدرجة كبيرة فصرخت بفزع..
لاااااااااااا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة